صحافة ورأي

فيروس كورونا: هل تنتهي عادة المصافحة باليد إلى الأبد بسبب الوباء؟

أصبحت الولايات المتحدة أكثر بلدان العالم تضررا من فيروس كورونا المستجد. ويلزم الناس منازلهم تجنبا للاختلاط متبعين نصائح الصحة العامة التي يصدرها مسؤولون مثل أنتوني فاوتسي، رئيس المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية. وقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن فاوتسي قوله: “لا أعتقد أنه يتعين من الآن فصاعدا المصافحة باليد أبدا”. ولو استمع العامة لنصيحة فاوتسي وطبقوها، فسيكون ذلك تحولا جذريا في السلوك البشري، إذ أن المصافحة باليد أمر أساسي في المعاملات التجارية والسياسية والاجتماعية عبر العالم، وقد أصبح هذا الوضع هو العرف السائد منذ قرابة مئة عام.

وتعود أصول المصافحة نفسها لآلاف السنين. لكن مع انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد وما أحدثه من أزمة عالمية، أصبح مئات الملايين من الأشخاص يتجنبون التواصل الجسدي لمنع انتشار الوباء، وبات مقبولا النظر في العدول عن المصافحة، وهو الأمر الذي لم يكن يخطر ببال من قبل. يقول غريغوري بولاند، خبير الأمراض المعدية بعيادة مايو كلينيك التي تعد إحدى أكبر معاهد البحث الطبي في الولايات المتحدة، إنه “حين تمد يدك لشخص ما الآن فإنك تسدد نحوه سلاحا بيولوجيا”، واصفا المصافحة باليد بأنها “عادة بالية لم يعد لها مكان في ثقافة تؤمن بانتشار الجراثيم” والمرض عبر انتقال كائنات دقيقة تغزو الجسم البشري. لكن كيف يمكننا التخلي عن عادة متأصلة كتلك؟ في البداية كان من الصعب علينا تقبل التباعد الاجتماعي، فهل يأتي اليوم الذي تختفي فيه عادة المصافحة باليد؟ وإن حدث، فما البديل؟لماذا نتصافح باليد؟تظهر صور للمصافحة باليد أو إبراز اليد مفتوحة في حضارات كثيرة، كالحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد الرافدين والإغريق، وتجسدها أعمال فنية وأدبية تعود لآلاف السنين. ويشمل ذلك نقوشا حجرية بارزة للبابليين، فضلا عما ورد بملاحم هوميروس. ولا يعرف الخبراء تحديدا جذور تلك العادة، لكن اليد الممتدة تبرهن للشخص المقابل أنها لا تحمل سلاحا، ومن ثم يجدر الثقة بها. وعلى مدار عقود درس باحثون تلك العادة ورصدوها بين رموز الفن الإغريقي والروماني، ووجدوا أنها تعكس قربا وتواصلا. وتظهر أعمال فنية كلاسيكية أخرى التصافح باليد في عقد القران، وبين الحكام، وبمواقف أخرى تنطوي على عمل مشترك وترسيخ للأواصر بين البشر.

مراد غطاس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى