فن الشارع

فن الشارع !!؟ كم تشتكي وتقول ءانّك معدم ..والأرض من حولك والسّما والأنجم .. في المناسبات التي أعبر فيها شارع بورقيبة المفعم بالرّمزية والنوستالجي يستوقفني مشهد بعض المجموعات الشبابية التي تؤدي بعض الموسيقى والعزف وسط الشارع فحاولت أن لا أكون عابرا بل متفرجا لعلي أعثر على المختلف الذي يدفع عادة بعض (الفنانين) للنزول بفنّهم إلى الشارع .
إما لإنسداد القنوات الرسمية أمامهم أو لرفضهم للثقافة النمطية والبحث عن مساحات أكثر عفوية وأكثر واقعية لطرح ثقافة تنسجم مع الشارع هذا الفضاء الطبيعي والأكثر إلتصاقا بالناس …
ولكن مع الأسف وجدت أن الموسيقيين الذين يعرضون بضاعتهم في الشارع هم أقرب إلى الشحاذ أكثر من الفنان على عكس مثلا فناني الڨرافيتي والرسم على الجدران الذين تجد آثارهم على الجدران في العاصمة حيث تجد اللمسة الفنية وتجد الموقف السياسي والثقافي في رسوماتهم مما يدل على نضج وتعبير يلامس الواقع وهموم الشباب…
فهل هذا يعني أن الموسيقيين الشبان خاصة في قطيعة مع هموم الشارع ومع التعبيرات الفنية المتمردة والفوضوية ؟والتي يمكن أن تنطلق من الشارع كما إنطلقت الفلسفة في عهد اليونان من الساحات العامة والأسواق وتركت تراثا إنسانيا كما بعض المجموعات المسرحية التي إعتمدت الشارع للتماهي مع الناس كل الناس .
يبقى الشارع ركحا هاما وخطيرا …..يتجنبه السياسي والمثقف والفنان على حد السواء فمتى يكون الشباب قادرا على إفتكاك الفضاء العام بمحتويات تقدمية وثورية متوهجة ……
هل إن الظلاميين وتجار الدين من المجموعات السلفية في وقت سابق كانوا أكثر فطنة في توظيف الفضا ء العام وغزوه إلى درجة أنهم أصبحوا يمثلون خطرا على نمط المجتمع الراكد والساكن والذي ينتظر من يرمي فيه بعض المشهدية الحاملة لرؤية ما ..؟
ولماذا لا تكون رؤية تقدمية مناضلة ..فأين القوى السياسية التي تطرح على نفسها مشروعا مجتمعيا يستهدف الشارع من منطلق إيجابي حداثي تقدمي !؟ أم أن الجميع إستسهل القاعات الخالية من الجمهور باحثا عن الثقافة المرفهة والمعلبة …. ؟
رؤوف هدّاوي