مقالات
غادة محفوظ تكتب : السويس .. مدينة منحت اسمها للقناة وخلّدها التاريخ بالبطولة

السويس لم تكن يومًا مجرد مدينة على طرف البحر الأحمر، بل كانت دائمًا البوابة الشرقية لمصر وحارسة الوطن عبر العصور. من شواطئها خرجت الأساطيل منذ عهد الفراعنة لتصل إلى بلاد بونت واليمن والهند، وعبرها ازدهرت التجارة في العصر الإسلامي والمملوكي والعثماني، فارتبط اسم السويس بالملاحة والاتصال، وأصبحت قاعدة استراتيجية تربط مصر بالعالم، ودرعًا يحمي حدودها ضد كل غازٍ أو معتدٍ.
وحينما أُنشئت قناة السويس عام 1869، لم يكن من قبيل المصادفة أن تحمل اسم هذه المدينة العريقة. فالسويس كانت الميناء الجنوبي للقناة، ولكن الأهم أنها كانت رمزًا للتواصل بين البحر الأحمر والمتوسط، وجسرًا للتجارة العالمية. ومنح القناة اسم “السويس” لم يكن مجرد اختيار جغرافي، بل اعترافًا بمكانة مدينة خلدها التاريخ كأيقونة اتصال بين الشرق والغرب.
لكن تاريخ السويس لم يتوقف عند التجارة والملاحة، فقد كتبت هذه المدينة أعظم صفحات البطولة والفداء في تاريخ مصر الحديث. في العدوان الثلاثي عام 1956، وفي معركة أكتوبر المجيدة عام 1973، قدمت السويس ملحمة من الصمود حينما تصدى أبناؤها بصدورهم العارية لدبابات الاحتلال، فاستحقت أن تُعرف باسم مدينة الشهداء والمقاومة. لقد صنعت السويس بدماء أبنائها معجزة وطنية خالدة، وأكدت أن مصر لا تنكسر.
واليوم، تظل السويس أيقونة وطنية تحمل ذاكرة النضال، وفي الوقت نفسه تتحول إلى منصة للتنمية الاقتصادية بفضل مشروع القناة الجديدة والمنطقة الاقتصادية، لتكتب فصلًا جديدًا من الريادة المصرية. إنها السويس… المدينة التي أعطت القناة اسمها، ومنحت الوطن دماء أبنائها، لتبقى محفورة في ذاكرة التاريخ عنوانًا للبطولة ومفتاحًا للمستقبل.
ومن قلب السويس، أكتب لأقول: إن انتمائي لهذه المدينة هو وسام العمر، وشرف لا يضاهيه شرف