أخبار العالم العربي

طبّ الشيخوخة في تونس… متى تتحرّك وزارة الصحّة؟

الشيخوخة: أزمة صامتة تتحوّل إلى اختبار للدولة

طبّ الشيخوخة في تونس… متى تتحرّك وزارة الصحّة؟

تتقدّم تونس بخطى سريعة نحو مجتمع يزداد شيخوخة، حيث تجاوزت نسبة من هم فوق سنّ الستين 13% من مجموع السكان، وسط توقعات رسمية بتضاعف هذه النسبة خلال السنوات القادمة.
وأمام هذا التحوّل الديمغرافي الواضح، يُطرح سؤال جوهري: هل تدرك وزارة الصحّة حجم الرهان؟ أم أن ملف طب الشيخوخة لا يزال مؤجّلًا إلى أجل غير معلوم، في انتظار أن تتحوّل الأزمة إلى عبء لا يمكن التحكم فيه؟

واقع يُحرج السياسات الصحية

رغم الخطابات المعلنة، يعكس واقع طب الشيخوخة في تونس فجوة عميقة بين التصريحات والممارسة، ومن أبرز مظاهرها:

  • عجز واضح في عدد الأطباء المختصين في أمراض كبار السن.

  • شبه غياب لمراكز عمومية متخصصة، ما يدفع العائلات إلى القطاع الخاص بكلفة باهظة.

  • تكوين جامعي محدود لا يواكب التحولات الديمغرافية ولا حاجيات المجتمع.

  • غياب استراتيجية وطنية واضحة تضمن الوقاية، العلاج، والرعاية طويلة المدى.

  • منظومة تقاعد وتأمين صحي عاجزة عن حماية كبار السن من الفقر والمرض.

هذه المعطيات تضع وزارة الصحة أمام مسؤولية مباشرة، إذ لا يمكن الحديث عن إصلاح صحي شامل دون إدماج حقيقي لطب الشيخوخة.

أسئلة مشروعة لوزارة الصحّة

من حق الرأي العام، ومن واجب الصحافة، طرح الأسئلة التالية:

  • أين هي الاستراتيجية الوطنية لطب الشيخوخة؟

  • لماذا لا يحظى هذا التخصص بالأولوية داخل كليات الطب والمستشفيات الجامعية؟

  • ما مصير كبار السن في الجهات الداخلية حيث تغيب الخدمات الصحية الأساسية؟

  • كيف تبرّر الوزارة ارتفاع كلفة العلاج مقابل معاشات تقاعدية محدودة؟

  • ومتى تتحول الوعود إلى برامج قابلة للقياس والمساءلة؟

حلول موجودة… والقرار سياسي

ترى شمس اليوم أن الحلول ليست غائبة، بل مؤجّلة، وتبدأ بـ:

  1. بعث مراكز جهوية لطب الشيخوخة متعددة الاختصاصات.

  2. مراجعة منظومة التكوين الجامعي وتحفيز التخصص في هذا المجال.

  3. إبرام شراكات دولية جدّية لنقل التجارب الناجحة.

  4. تطوير الرعاية الصحية المنزلية وتوظيف التكنولوجيا الطبية.

  5. إرساء منظومة تأمين صحي عادلة تراعي خصوصيات أمراض الشيخوخة.

  6. دعم الاستثمار في الصناعات والخدمات الموجهة للمسنين.

كل هذه الإجراءات تبقى حبرًا على ورق ما لم تُترجم إلى قرارات سياسية واضحة وجداول زمنية معلنة.

من الرعاية إلى الريادة: فرصة ضائعة؟

تمتلك تونس مؤهلات حقيقية لتصبح وجهة إقليمية في طب الشيخوخة والسياحة العلاجية، لكن السؤال يبقى مطروحًا: هل لدى وزارة الصحة رؤية تتجاوز إدارة اليومي نحو بناء قطاع استراتيجي؟
فالريادة لا تُبنى بالشعارات، بل بالتخطيط، الاستثمار، وتحسين جودة الخدمات.

طب الشيخوخة اليوم هو مرآة لمدى التزام الدولة بحقوق مواطنيها بعد سنّ العمل. والتأخير في التعامل مع هذا الملف ليس حيادًا، بل قرارًا مكلفًا اجتماعيًا وأخلاقيًا.
ويبقى السؤال المفتوح: متى تضع وزارة الصحّة طب الشيخوخة في موقعه الطبيعي كأولوية وطنية لا تقبل التأجيل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى