ضمن البرنامج الثقافي لمعرض المدينة للكتاب 2025 ندوة “سلطة اللغة” تحاكي تحوّلات المعنى الشعري وموقع المتلقي

نظّمت هيئة الأدب والنشر والترجمة ندوة حوارية بعنوان “سلطة اللغة في تشكيل المعنى الشعري”، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض المدينة المنورة الدولي للكتاب 2025، قدّم ورقتها الرئيسة: الأستاذ علي عكور، وأدارها: الأستاذ علي الأمير، بحضور جمهور من روَّاد المعرض المهتمّين بالخطاب الأدبي وتحولاته.
وتناول عكور في ورقته أهميةَ اللغة في بُنية النص الشعري، مؤكّدًا أنها تمثّل المركز المنتج للدلالة، وتمتلك سلطة تتجاوز سلطة الشاعر لتشمل المتلقي أيضًا، حيث تُنتج المعنى من داخلها لا من خارجها، بفعل التّحول الدّلالي الذي ينقل الكلمة من أفقها المرجعي إلى بُعدها الجمالي، ويَمنح القصيدةَ استقلالًا تعبيريًا يُسهم في اتساع أفقها الإبداعي.
وأشار إلى التمايز بين اللغة الشعرية واليومية، موضحًا أن الأولى لا تقوم على الإفهام المباشر أو المنفعة التواصلية، بل تعتمد المجاز والانزياح لتوليد الأثر، فيما تظل اللغة اليومية مشروطة بالوضوح والاقتصاد. مبيّنًا أن دور المتلقي في هذا السياق مركزي، إذ يشارك القارئ في توسيع دلالات النص من خلال تفاعله مع أفقه وتأويلاته، وهذا يوجِد نصًّا حيًّا متعدد الطبقات.
كما تحدّث عكور عن أثر الوسائط المصاحبة في التجربة الشعرية، لافتًا إلى أن إدخال المؤثرات الصوتية قد يضفي بُعدًا مثريًا إذا استند إلى بناء لغوي متماسك، محذرًا في الوقت نفسه من انزياح الوسائط لتحلّ محل النص حين يفتقر إلى القوّة اللغوية اللازمة.
وتأتي الندوة ضمن سلسلة من الفعاليات الفكرية التي يحتضنها المعرض في نسخته الرابعة، والتي تشمل محاضرات، وورش عمل، وأمسيات شعرية، وتواقيع كتب، إلى جانب مشاركة واسعة من الجامعات والمؤسسات الثقافية، بما يعكس توجُّه الهيئة نحو تقديم محتوى ثقافي غني ومتنوّع يخاطب مختلف الفئات.
ويُعد للكتاب الحالي ثاني محطات “مبادرة معارض الكتاب في السعودية” التي تشرف عليها هيئة الأدب والنشر والترجمة، بعد معرض جازان الذي انطلقت فعالياته في فبراير الماضي. ويستمر معرض المدينة حاليًا في استقبال زوّاره يوميًا من الساعة الثانية ظهرًا حتى منتصف الليل، طوال أيامه الممتدة حتى يوم 4 أغسطس من العام الحالي؛ ليقدّم تجربةً ثقافيةً متكاملة تحتفي بالمعرفة، وتُرسّخ مكانة المدينة المنورة كوجهة ثقافية على خريطة الفعاليات الثقافية الوطنية.