أخبار العالم العربيالرئيسية

صخرة تيماء الغامضة: بين الوزن المعدني والسكوت المغناطيسي

 

الاحساء
زهير بن جمعه الغزال

أوضح ذلك المهندس . ماجد ابوزاهرة
عثر في مدينة تيماء الواقعة شمال غرب السعودية مؤخراً على صخرة أثارت اهتمام المهتمين بالبحث عن الصخور الفضائية. الصخرة اللافتة تتميز بوزن ثقيل يفوق التوقع بالنسبة لحجمها وبلونها الذي يتدرج بين الرمادي الداكن والبيج الرملي مع تداخلات واضحة لبقع لامعة قد تبدو ذهبية عند تسليط الضوء عليها ما.

وقد أظهرت الصور الملتقطة لها من عدة زوايا اختلافًا في النسيج من جهة إلى أخرى حيث يتسم أحد الجوانب بوجود طبقات صلبة متقاربة وفواصل بلورية بينما الجانب الآخر يبدو أكثر خشونة وفوضى في توزيع التجاويف مع بروزات بلون برتقالي أو بني خفيف ما يضفي على الصخرة مزيداً من التعقيد في تفسير بنيتها.

الصخرة تم العثور عليها ميدانياً دون حفر وهي مليئة بالثقوب الصغيرة والتجاويف المنتظمة والعشوائية وتغطي سطحها طبقة من البلورات الدقيقة التي تعكس الضوء بطريقة توحي باحتوائها على مكون معدني. لقد أجريت عليها عدة تجارب بسيطة لفهم طبيعتها حيث فحصت مغناطيسياً للتأكد من ما إذا كانت تحتوي على الحديد أو النيكل لكن لم يظهر أي انجذاب للمغناطيس وهو ما استبعد احتمال أن تكون نيزكا حديدياً أو حتى من بقايا الفلزات الأرضية ذات الخصائص المغناطيسية.

كما جرى اختبارها باستخدام الحمض (الخل) للكشف عن وجود الكربونات أو التفاعل الحمضي إلا أن الصخرة لم تظهر أي تفاعل يذكر ما يعني أنها لا تحتوي على كربونات الكالسيوم أو المواد الكلسية الشائعة.

ورغم ذلك أظهرت عند الطرق عليها صوتاً رناناً أشبه بصوت الحديد أو المعدن ما أثار فضولاً إضافياً حول طبيعتها إذ أن الصوت المعدني قد يدل على بنية كثيفة وصلبة أو احتواء على معادن غير مغناطيسية مثل السيليكا أو بعض الأكاسيد الفلزية.

وقد طرح هذا الاكتشاف عدة احتمالات أولية منها أن تكون الصخرة من نوع الصخور الرسوبية المتحولة التي تعرضت لضغط وترسيب سيليسي مكثف أو ربما تكون من أنواع الشيرت أو الفلِنت الغني بالسيليكا والذي غالباً ما يوجد في الطبقات الرسوبية القديمة. كما أن وجود لمعة بلورية ذهبية اللون في بعض مناطقها قد يشير إلى ترسّبات معدنية مثل الأكاسيد أو السيليكات والتي لا تظهر تفاعلًا مغناطيسياً لكنها تساهم في زيادة كثافة الصخرة ولمعان سطحها.

أما الصوت المعدني عند الطرق فقد يعود إلى البنية البلورية المحكمة أو التراص الداخلي الشديد الذي يجعل بعض الصخور الصلبة تصدر نغمة معدنية رغم خلوها من الحديد.

يحتمل ان هذه الصخرة نشأت عبر عمليات ترسيب معقدة في حقب جيولوجية قديمة خاصة وأن المنطقة مشهورة بتكويناتها الرسوبية المتنوعة والمنتشرة على امتداد واسع من أراضيها.

هذا الاكتشاف البسيط ميدانيا قد يتحول إلى دليل مهم على التنوع الجيولوجي العميق في السعودية وخصوصًا في المناطق الشمالية الغربية ورغم غياب معدات التحليل المتقدمة إلا أن هذه التجربة تعد بداية لمسار علمي مثير ويمكن أن تكون الخطوة القادمة أخذ عينة من الصخرة لتحليلها مخبريا باستخدام تقنيات متقدمة مثل تحليل الأشعة السينية أو فحص البلورات تحت المجهر القطبي أو حتى قياس الكثافة النوعية بدقة لتحديد تركيبها الداخلي سيوفر إجابة قاطعة حول أصل هذه الصخرة وتركيبها الدقيق.

في تيماء حيث التاريخ يلتقي بالسماء تظل هذه الأرض تحمل مفاجأت غير متوقعة في رمالها وصخورها. لطالما كانت تيماء محطة للرحالة والفلكيين وكتبة السماء واليوم لا تزال قادرة على أن تبهرنا بما تخبئه في جوفها من أسرار لم تكتشف بعد.

وبينما تتجه أعين العالم إلى استكشاف الكواكب والمذنبات فإن في كل صخرة غير مألوفة وكل حجر يصدر صوتاً غريباً فرصة جديدة لفهم قصة الأرض وربما حكاية من حكايات الفضاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى