الأخبار

سوريا.. بين صراع جديد وتصفية حسابات

كتبت/ آية رضا عبد الحميد

تشهد الأزمة السورية تطورات متسارعة تعيد تشكيل خريطة التحالفات وتبرز تناقضات المصالح بين القوى الفاعلة، وعلى رأسها إيران وروسيا وتركيا. هذا الثلاثي، الذي يجمعه إطار تفاهم أستانا، يجد نفسه أمام تحديات جديدة تهدد استقرار تحالفه وتعيد ترتيب أولوياته الاستراتيجية.

الموقف الروسي

روسيا، الشريك الأساسي للنظام السوري، تتسم تحركاتها بنوع من الغموض. الباحث السياسي يفغيني سيدروف يرى أن موسكو لم تكن مستعدة بشكل كافٍ للهجوم الأخير في شمال سوريا، حيث كانت تراهن على قدرة القوات السورية على احتواء التصعيد. لكن مع تفاقم الوضع، وجدت روسيا نفسها مضطرة للتدخل العسكري رغم انشغالها بالأزمة الأوكرانية.

يشير سيدروف إلى أن روسيا تفاجأت بعدم إبلاغها مسبقًا بتفاصيل العمليات العسكرية التركية، مما زاد من الشكوك حول نوايا أنقرة. ورغم التوترات، تحاول روسيا الحفاظ على دورها المحوري في سوريا، إلا أن انشغالها بجبهات أخرى قد يضعف من قبضتها على هذا الملف.

الموقف الإيراني

تنظر إيران إلى الأحداث الجارية في سوريا كجزء من محاولات خارجية لإعادة رسم خريطة المنطقة، في إطار “سايكس بيكو جديدة”، كما وصفها الدبلوماسي الإيراني السابق عباس خامه يار. ورغم حضورها القوي في الملف السوري، تُعد إيران من أبرز الخاسرين مؤخرًا نتيجة للاستهدافات الإسرائيلية المتكررة لمواقعها وعناصرها العسكرية.

تعكس طهران استياءً متزايدًا من أفعال شركائها في الترويكا، خصوصًا تركيا، التي ترى إيران أنها اتخذت مواقف غير واضحة بدعمها للمجموعات المسلحة، مما أثار انتقادات واسعة داخل الأوساط الإيرانية. زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق جاءت في محاولة لاحتواء الموقف والوقوف على تطورات الأحداث، في ظل إحساس إيراني بتراجع تأثيرها في المعادلة السورية.

الموقف التركي

تثير التحركات التركية تساؤلات حول أجندتها الحقيقية في سوريا. هناك اتهامات لأنقرة بتسهيل عبور الأسلحة للمجموعات المسلحة، وتقاعسها عن ضمان الاستقرار في مناطق خفض التصعيد.

يرى مراقبون أن تركيا تسعى إلى إعادة ترتيب الأوراق بما يخدم مصالحها الإقليمية، مع الحفاظ على توازن دقيق بين تحالفاتها مع روسيا والغرب، فضلاً عن علاقاتها مع الفصائل المسلحة.

تداعيات المشهد السوري ومستقبله

التوتر المتزايد بين إيران وروسيا وتركيا يعكس أزمة ثقة عميقة تهدد مستقبل تفاهمات أستانا. إيران تشعر بخيبة أمل من تراجع دور الترويكا، وروسيا تواجه تحديات مزدوجة بين سوريا وأوكرانيا، وتركيا تخاطر بلعب دور مزدوج قد يعقد الأوضاع الإقليمية.

يبقى السؤال: هل ستتمكن الأطراف الثلاثة من تجاوز خلافاتها والحفاظ على تحالفها، أم أن التطورات الأخيرة ستقود إلى تفكك هذا المحور الثلاثي في الملف السوري؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى