سياسة

رهانات ترامب الخطرة وصمود الفلسطينيين

منذ اللحظة التي عاد فيها دونالد ترامب إلى الساحة السياسية، وهو يتبنى سياسات تصعيدية لا تستهدف فقط خصومه التقليديين، بل تطال الحلفاء والمؤسسات الدولية، في محاولة لإعادة رسم المشهد العالمي وفق مصالح الولايات المتحدة وحدها.

وفرض ترامب نهجًا منفردًا على مدار أربع سنوات مضت، متجاهلًا التحالفات التاريخية والاتفاقيات الدولية التي شكلت لعقود أساس النظام العالمي، محاولًا فرض إرادته عبر الاقتصاد والقوة العسكرية، وحتى بالتهديد باستخدام الترسانة النووية الأمريكية إذا لزم الأمر.

كما يقدم ترامب نفسه كقائد قادر على قلب الموازين، معتبرًا أن سياساته التصعيدية هي الحل لإعادة الولايات المتحدة إلى ما يراه “مكانتها الطبيعية”، غير آبه بتداعيات قراراته التي تهدد الاستقرار الدولي وتفاقم الأزمات.

ولم يكن الشرق الأوسط بمنأى عن طموحات ترامب، حيث واصل تقديم الدعم المطلق لإسرائيل، متجاهلًا القوانين الدولية، بدءًا من الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، مرورًا بإضفاء الشرعية على سيطرتها على الجولان، وصولًا إلى طرح مخططات خطيرة تتعلق بقطاع غزة والضفة الغربية.

كما يرى ترامب أن الوقت قد حان لفرض حل جذري للقضية الفلسطينية، وذلك بعد حرب استمرت لأكثر من عام على غزة وهو ما دفعه لطرح سيناريو تهجير سكان القطاع إلى دول مجاورة كجزء من مخطط إعادة الإعمار، متوقعًا أن يتم تنفيذ ذلك خلال عقد من الزمن.

لكن الرهان على قبول الفلسطينيين بهذا السيناريو أثبت فشله منذ اللحظة الأولى، حيث رفضت كل من مصر والأردن أي محاولات لفرض واقع جديد عبر الضغط الاقتصادي والسياسي، مؤكدة أن هذا الطرح يشكل تهديدًا للأمن القومي للمنطقة بأكملها.

كما يرى ترامب أن بإمكانه فرض أجندته بالقوة، متناسيًا أن الفلسطينيين، الذين واجهوا عقودًا من الاحتلال، لن يقبلوا بمثل هذه السيناريوهات التي تمس وجودهم وحقوقهم التاريخية، وأن مخططاته لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد والمواجهة.

وأما على الأرض، فقد أثبتت الأحداث أن الفلسطينيين قادرون على إعادة بناء حياتهم بإرادتهم، بعيدًا عن إملاءات القوى الكبرى، حيث يبقى التحدي الحقيقي أمامهم هو كسر الحصار المفروض على غزة واستعادة حقوقهم، في مواجهة الضغوط السياسية والعسكرية المتزايدة.

رهانات ترامب الخطرة قد تعيد تشكيل خريطة الصراع، لكنها بالتأكيد لن تقضي على صمود الفلسطينيين، الذين أثبتوا مرارًا أن الأرض بالنسبة لهم ليست مجرد مساحة جغرافية، بل هوية وتاريخ ووجود لا يمكن اقتلاعه بقرارات فوقية أو سياسات قسرية.

 

بقلم: أماني يحيي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى