مقالات
ذاكرة الأشياء

بقلم د : خالد السلامي
هناك أشياء لا تنطق، لكنها تتذكّر. لا تكتب، لكنها تحفظ. صامتةٌ، ومع ذلك… تعرف أكثر مما نظن.
الكوب الذي لم يُغسل منذ يومين، المقعد الذي تغيّر موضعه قليلًا، الستارة التي خفتت ألوانها دون أن نلاحظ. كلّها تعرف. تتذكّر اليد التي لامستها، الهمس الذي عبر الغرفة، النظرة التي لم تُقَل… والرحيل الذي لم يُعلن عن نفسه، لكنه حدث.
الأشياء لا تشتكي. لا تسأل أين ذهبنا، ولا لماذا تغيّرنا. لكنها تحتفظ بنا. بطريقتنا في الجلوس، بطرف الحديث الذي قُطع، بملامح القلق في منتصف الليل، بثقل الصمت في صباح الأحد.
لا شيء حولنا جامد تمامًا. حتى الصخر، إن أمعنتَ فيه، يحفظ شكل القدم التي عبرته. والمرآة ليست مجرد سطح يعكس. هي أيضًا تتذكّر من نظر إليها وهو يضحك… ومن أخفى دموعه خلف بريقها.
الزمن لا يمرّ فقط في الساعات، بل يترسّب في ألياف الوسائد، وفي خطوط الخشب، وفي صدأ الأبواب. كأن الحياة تترك نسختها الظلّية داخل كل شيء تلامسه. وهكذا… تصبح الأشياء مثل دفاتر بلا حبر، تقرأها العين التي تعلّمت أن تُصغي للسكوت.
وحين نغادر بيتًا قديمًا، لا نترك خلفنا جدرانًا وأثاثًا فقط، بل نخلع طبقة من أنفسنا، تبقى هناك. ربما نعود يومًا ونراها… ربما لا.
ربما نحن نبتعد عن المكان، لكن الأشياء لا تبرح مواقعها.
إنها تنتظر. بلا استعجال، بلا عتاب. كأنها تعرف أن الذاكرة ليست ملكًا للبشر وحدهم. وكأنها، بهدوءٍ لا يُرى، تشاركنا الرحلة، وتحتفظ بنُسخ باهتة منّا — ليس لتُعيدها إلينا، بل لتذكّرنا أننا كنّا هنا… ذات وقت، ذات شعور.
وحين يتسلل الصمت إلى المساء، وتنام البيوت دون ضوء، تصبح الأشياء أكثر حضورًا. ينكمش الفراغ، ويكبر وقع الأثر. الكرسيّ يذكّر بالجلوس الطويل. الساعة المتوقفة عند الثالثة وخمس دقائق ترفض أن تنسى شيئًا لم نعد نعرفه.
قد نعتقد أننا ننسى، لكن الأشياء لا تنسى. النسيان رفاهية عقل بشري أنهكته الأحداث. أما المادة؟ فلها طريقة أخرى في التذكّر.
الخشب يتغيّر لونه، الحديد يصدأ، الزجاج يتكسر… لكن الأثر يبقى. ليس بوصفه شكلاً فقط، بل بوصفه معنى.
والمعاني تسكن في التفاصيل: في تلافيف الملمس، في رائحة القماش، في الخدوش الصغيرة على طرف الطاولة. كأن كل شيء يحمل سيرة مصغّرة عنّا، مكتوبة بلغة لا نُتقنها… لكننا نشعر بها.
أحيانًا، تكفي نظرة واحدة لمقبض بابٍ قديم كي يعود صوت غائب. أو رائحة جلدٍ معتّق لتبعث نبضًا رحل.
وربما لا نحتاج أن نقول شيئًا. يكفي أن نلمس تلك الأشياء بصمت… لتفهم. أننا ما زلنا نتذكّر، مثلها تمامًا.
ولا أحد يسمع الأشياء حين تتنهّد. لكنها تفعل.
المستشار الدكتور خالد السلامي ..عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وممثل عنه في دولة الإمارات العربية المتحدة
المستشار الدكتور خالد السلامي حصل على “جائزة أفضل شخصيه تأثيرا في الوطن العربي ومجتمعية داعمه ” لعام 2024
حصل المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم .
وحاصل أيضًا! على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي لعام 2023 ؛ ويعد” السلامي “عضو اتحاد الوطن العربي الدولي وعضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي .والممثل الرسمي للمركز في دولة الإمارات العربية المتحدة
كما حاصل على “جائزة أفضل شخصيه مجتمعية داعمه “وذلك لعام 2024 وعضو في المنظمه الامريكيه للعلوم والأبحاث.
ويذكر أن ” المستشار خالد “هو رئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021.