د خالد السلامي: “برافاسي ساهيتيوتساف 2025” رسائل ملهمة حول التعلم والتوظيف والاستثمار في حياة المغتربين

علاء حمدي
في أجواء ثقافية نابضة بالحياة، اختتم مهرجان “برافاسي ساهيتيوتساف 2025” فعالياته السنوية في مسرح الفولكلور بأبوظبي، وسط حضور لافت من أبناء الجالية الهندية المغتربة، إلى جانب عدد من الشخصيات الأكاديمية والثقافية والاجتماعية، في أمسية أكدت من جديد أن الثقافة تمثل أحد أهم جسور التواصل الإنساني بين الشعوب.
المهرجان، الذي نظمته لجنة Kalalayam Samskarika Vedi، يُعد من أبرز الفعاليات الثقافية للجالية الهندية في دولة الإمارات، حيث جمع هذا العام أكثر من 85 مسابقة فنية وأدبية وثقافية، تنوعت بين المسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية، بمشاركة واسعة من الأطفال والشباب والطلبة، في مشهد عكس ثراء الهوية الثقافية وعمق الانتماء لدى الأجيال الجديدة.
وقد شكّل حضور المستشار الدكتور خالد علي سعيد السلامي بصفته ضيف شرف المهرجان، محطة بارزة في فعالياته، حيث ألقى كلمة رئيسية تناولت قضايا تمس واقع المغتربين وتحدياتهم اليومية، مقدّمًا رؤية متوازنة تجمع بين البعد الإنساني والعملي، ومؤكدًا أن تجربة الاغتراب يمكن أن تتحول إلى فرصة حقيقية للنجاح إذا ما أُديرت بوعي وتخطيط.
الثقافة بوصفها رابطًا إنسانيًا
في مستهل كلمته، عبّر الدكتور السلامي عن اعتزازه بالمشاركة في هذا الحدث الثقافي، مشيدًا بالدور الذي تلعبه المهرجانات الثقافية في تعزيز قيم التعايش والتفاهم بين مختلف الجنسيات. وأكد أن الثقافة ليست مجرد أنشطة فنية، بل هي وسيلة لحفظ الهوية، وتعزيز الانتماء، وبناء جسور الحوار بين المجتمعات.
وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم نموذجًا حضاريًا فريدًا في احتضان التنوع الثقافي، حيث يجد المغتربون بيئة داعمة تمكّنهم من الإبداع والمشاركة المجتمعية، دون التخلي عن جذورهم الثقافية.
التعلم: رحلة لا تتوقف
وتناول الدكتور السلامي في كلمته محور التعلم، مؤكدًا أن التعلم لم يعد مرحلة زمنية تنتهي بالحصول على شهادة جامعية، بل أصبح مسارًا مستمرًا يرافق الإنسان طوال حياته، لا سيما في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم. وقال: “في حياة المغترب، يصبح التعلم ضرورة لا خيارًا، فهو الوسيلة الأهم للتكيف مع بيئة جديدة، واكتساب مهارات تفتح آفاقًا أوسع للفرص المهنية والشخصية”.
وأوضح أن تعلم اللغات، وتطوير المهارات التقنية، وفهم ثقافة المجتمع المضيف، تمثل عناصر أساسية لبناء الثقة بالنفس وتحقيق الاستقرار، مشددًا على أن الاستثمار في المعرفة هو الاستثمار الأكثر أمانًا على المدى الطويل.
التوظيف: أخلاق قبل أن يكون وظيفة
وفي حديثه عن التوظيف، شدد الدكتور السلامي على أن العمل لا يقتصر على كونه مصدرًا للدخل، بل يمثل انعكاسًا مباشرًا لقيم الإنسان وسلوكه. وأكد أن المغترب، من خلال أدائه المهني، يقدّم صورة عن نفسه وعن مجتمعه ووطنه. وأضاف: “الالتزام، والانضباط، والاحترام في بيئة العمل، هي مفاتيح النجاح الحقيقي، وهي التي تصنع السمعة الطيبة وتفتح أبواب الثقة والفرص”.
وأشار إلى أن الثقة تُعد من أثمن القيم في أي مجتمع، وأنها تُبنى عبر العمل الجاد والسلوك المهني المسؤول، معتبرًا أن حسن الأداء الوظيفي يسهم في تعزيز مكانة المغترب داخل المجتمع الذي يعيش فيه.
الاستثمار: رؤية للمستقبل
أما محور الاستثمار، فقد حظي بحيز مهم في كلمة الدكتور السلامي، حيث أوضح أن المفهوم لا ينبغي أن يُختزل في الجانب المالي فقط، بل يشمل استثمار الوقت، وبناء العلاقات الإيجابية، وتراكم الخبرات العملية. وقال: “كثيرون يعودون من الغربة محمّلين بالذكريات فقط، بينما يعود آخرون بثروة حقيقية من المعرفة والتجارب والرؤية الواضحة، والفرق بين الحالتين غالبًا ما يكون في التخطيط”.
ودعا المغتربين إلى التفكير بالمستقبل منذ وقت مبكر، وإدارة مواردهم بحكمة، والاستفادة من فرص التطوير الذاتي، بما يضمن لهم انتقالًا سلسًا إلى مرحلة ما بعد الاغتراب.
رسالة إلى الشباب
وخصّ الدكتور السلامي الشباب برسالة مباشرة، دعاهم فيها إلى عدم الخوف من التحديات، والنظر إلى الاغتراب بوصفه مساحة للتعلّم والنمو، لا مجرد مرحلة مؤقتة. وأكد أن تحقيق التوازن بين التعلم المستمر، والعمل الواعي، والاستثمار الذكي، هو السبيل إلى حياة مستقرة وناجحة.
تكريم مستحق
وفي ختام فعاليات المهرجان، قامت اللجنة المنظمة بتكريم المستشار الدكتور خالد علي سعيد السلامي، حيث قُدّم له درع تكريمي تقديرًا لإسهاماته المتميزة في دعم المبادرات الثقافية والاجتماعية، ولدوره الفاعل في تمكين الشباب وتعزيز الوعي المجتمعي.
وأعرب الدكتور السلامي عن امتنانه لهذا التكريم، معتبرًا إياه حافزًا لمواصلة دعم مثل هذه الفعاليات، التي تسهم في بناء مجتمع متماسك قائم على الاحترام المتبادل والتنوع الثقافي.
ختام يحمل رسالة
واختُتم مهرجان “برافاسي ساهيتيوتساف 2025” في أجواء احتفالية مميزة، أكدت أن الثقافة تظل لغة مشتركة تتجاوز الحدود، وأن الاستثمار في الإنسان، وخاصة فئة الشباب، هو الرهان الأنجح لمستقبل أكثر إشراقًا





















