حين تتغيّر قواعد اللعبة: هل تمنح إيران “أسرار إسرائيل النووية” لحزب الله؟

یوسف حسن-
لم تعد الحرب بين إسرائيل ومحور المقاومة تقتصر على الصواريخ والطائرات المسيّرة أو ساحات القتال التقليدية. ما نشهده اليوم هو تحوّل استراتيجي عميق في ميدان لا يقل خطورة: الحرب المعلوماتية. ومع إعلان إيران استحواذها على أرشيف ضخم يحتوي على أسرار نووية وأمنية إسرائيلية، تبدو ملامح معادلة الردع في المنطقة على وشك أن تُعاد صياغتها من جديد.
المسألة الآن لم تعد: هل تمتلك إيران هذه الوثائق؟ بل: ما الذي ستفعله بها؟
في هذا السياق، يبرز احتمال بالغ الأهمية: أن تُشارك إيران هذه المعلومات الحساسة مع حلفائها الأقرب على الأرض، وعلى رأسهم حزب الله اللبناني. فإذا صحّ ذلك، فإن الكيان الإسرائيلي سيواجه لأول مرة خصمًا غير دولتي يمتلك قدرة استخباراتية نوعية على مستوى استهداف مراكز نووية وعسكرية حساسة داخل العمق الإسرائيلي.
التحليل يطرح السيناريوهات التالية:
تبدّل ميزان المعلومات بين الطرفين:
تقليديًا، كانت إسرائيل تعتبر نفسها الطرف المتفوّق في الحرب الاستخباراتية، تمتلك العيون في السماء، والعملاء في الأرض، والقدرة على توجيه الضربات الدقيقة بناءً على معلومات استباقية. لكن اليوم، مع احتمال انتقال هذه الوثائق إلى حزب الله، تصبح المقاومة قادرة على تحويل المعلومات إلى قرار عملياتي. هذا التحوّل في ميزان المعلومات يعني أن الردع لم يعد فقط نارًا مقابل نار، بل معلومة مقابل معلومة.
تعزيز استراتيجية “الضرب في العمق”:
حزب الله، الذي سبق أن هدّد بمهاجمة منشآت حيوية داخل إسرائيل، قد يجد الآن نفسه في موقع أقوى، بعد امتلاكه معلومات دقيقة حول مواقع استراتيجية، خرائط تكنولوجية، وربما حتى ثغرات في البنية التحتية النووية والعسكرية الإسرائيلية. وهذا بدوره يزيد من تعقيد الحسابات العسكرية الإسرائيلية، ويقلّص من هامش المناورة لديها.
رسالة إلى الداخل الإسرائيلي:
إذا وصلت الرسالة إلى الرأي العام الإسرائيلي بأن حزب الله لا يهدد فقط بالجبهة الشمالية، بل يعرف أين يضرب في المركز، فإن ذلك يُعمّق حالة القلق والانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، ويزيد من الضغط على القيادات السياسية والعسكرية، خصوصًا في ظلّ الأزمة المستمرة منذ أكثر من 600 يوم داخل حدود فلسطين المحتلة.
محور المقاومة بوجه استخباراتي جديد:
إيران، بحوزتها هذه الوثائق، لا تحتفظ بها فقط كسلاح استراتيجي مركزي، بل قد تعمل على إعادة توزيع المعلومات ضمن محورها الإقليمي، ما يجعل من المقاومة الفلسطينية في غزة، والمجموعات المسلحة في العراق وسوريا، وحتى الحوثيين في اليمن، أطرافًا أكثر اطلاعًا وقدرة على اتخاذ قرارات دقيقة في مواجهة المشروع الإسرائيلي.
ما حدث ليس فقط تسريب معلومات، بل نقل ميزان القوة من “من يملك السرّ” إلى “من يستخدمه بفعالية”. وفي هذا المشهد الجديد، قد تجد إسرائيل نفسها لأول مرة أمام جبهة مقاومة لا تملك فقط الإرادة… بل المعلومة والهدف والخريطة.
الزمن الذي كانت فيه تل أبيب وحدها تعرف كل شيء… ربما انتهى.