الأخبار

حماس وسيطرتها على المعابر

يارا المصري
في ظلّ واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي تشهدها غزة، وبينما يواجه مئات الآلاف من السكان الجوع، ونقص المواد الأساسية وتدهور الأوضاع الصحية، تبيّن أنّ جزءًا من المسؤولية عن منع إدخال المساعدات لا يقع فقط على الجهات الخارجية، بل أيضًا على قيادة حركة حماس. وتحديدًا، على اثنين من كبار قادتها: خليل الحية وعز الدين حداد.
وفقًا لمعلومات حصلت عليها جهات إنسانية وأمنية، فإن هذين القائدين يشكّلان اليوم العامل الرئيسي في عرقلة فتح المعابر لإدخال المواد الغذائية بكميات كبيرة. ويُشير هؤلاء إلى أنّ السبب يعود إلى رفضهما القاطع المضي قدمًا في صفقة تبادل الأسرى، والتي تعتبرها إسرائيل وبعض الوسطاء الدوليين شرطًا أساسيًا لإدخال مساعدات إنسانية واسعة.
وعمليًا، يجعل ذلك من قيادة حماس جهة مفصلية لا في المواقف السياسية والأمنية فحسب، بل أيضًا في القرارات التي تؤثر بشكل مباشر على قدرة السكان المدنيين على البقاء على قيد الحياة. إذ يسيطر القادة على مستودعات التوزيع، ومسارات النقل الداخلية، والتنسيق مع التجار المحليين، بل ويملكون القدرة الفعلية على منع دخول الشاحنات المحملة بالطحين والأرز والزيت والبقوليات والمياه.
يقول أحد ممثلي منظمات الإغاثة العاملة في جنوب القطاع: “الشاحنات جاهزة، والغذاء بانتظار الدخول، والمجتمع الدولي مستعد للإرسال، لكنّ البوابات تبقى مغلقة. وعند السؤال عن السبب، نكتشف أنّ الجواب ليس في الخارج بل في الداخل، لدى من يملكون المفتاح ويرفضون استخدامه”.
في الأسابيع الأخيرة، تزايدت الانتقادات الداخلية ضد حماس، وخاصة ضد الحية وحداد، من قبل نشطاء ومواطنين.
قال أحد النشطاء من بيت لاهيا: “لا يُعقل أن من يدّعون تمثيل الشعب يمنعون عنه الخبز والماء من أجل مصالح سياسية”.
أما في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد ارتفعت وتيرة الرسائل المباشرة التي تتهم القيادة بتجويع الناس. كتب أحدهم: “خليل الحية يُغلق باب المساعدات، ثم يتحدث عن كرامة المقاومة. وأين كرامة من يقف في طابور العدس؟”.
من جهتها، لا تُنكر حماس سيطرتها على المعابر، لكنها تُحمّل الاحتلال مسؤولية الوضع من خلال الحصار المستمر. غير أنّ جهات مدنية ترفض هذا التبرير، وتؤكد أنّه في اللحظات التي توفرت فيها فرص إنسانية حقيقية، كانت حماس هي من اختارت تجاهلها بسبب حسابات داخلية وخوف من خسائر سياسية.
الوضع الميداني يزداد سوءًا. عشرات حالات سوء التغذية لدى الأطفال تم توثيقها، مئات الآلاف يعيشون على أقل من ألف سعرة حرارية يوميًا، وفي بعض المناطق لا يجد السكان سوى المساعدات العشوائية. وكل محاولة لتنظيم توزيع موسّع وشامل – يتم عرقلتها.
ما كان يُعتبر سابقًا مجرد تقديرات، أصبح اليوم واقعًا واضحًا: قيادة حماس تحوّلت من جهة تدّعي الدفاع عن الشعب، إلى جهة تمنع عنه حقه في الحياة.
والسؤال الذي يردّده الناس: هل باسم “المقاومة” يجب أن نجوع؟ وهل باسم السياسة يُترك الناس للموت في طوابير الطعام؟ وإن كان هناك من يملك المفاتيح – فقد حان وقت المحاسبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى