فن و ثقافة

«تمزّق».. ذاكرة جرح لم يندمل في مهرجان الرباط لسينما المؤلف 

صفاء أحمد آغا – الرباط

في عرض مؤثر ضمن فعاليات الدورة الثلاثين من مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، قدّم المخرج المغربي فؤاد السويبة فيلمه الوثائقي الجديد «تمزّق» (Déchirure)، وهو عمل إنساني عميق يعيد فتح إحدى الصفحات المؤلمة في تاريخ المغرب العربي، حين تعرّض ما يقارب نصف مليون مغربي للطرد الجماعي من الجزائر خلال عيد الأضحى عام 1975.
يختار السويبة في هذا الفيلم أن يصوّر الحدث لا بوصفه واقعة سياسية فحسب، بل تجربة إنسانية مروّعة عاشتها آلاف الأسر التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها مجبرة على مغادرة بيوتها وأرضها. ومن خلال شهادات حية، وأرشيفات مصوّرة، وصور نادرة، يستعيد الفيلم تفاصيل تلك المأساة التي خلّفت جروحًا عميقة في الذاكرة الجماعية للعائلات المغربية والجزائرية على حد سواء.
يقدّم «تمزّق» رؤية إنسانية تتجاوز حدود التوثيق، إذ يحاول السويبة أن يضع المشاهد أمام حجم الألم والاقتلاع والحنين الذي ما زال يرافق الضحايا بعد مرور خمسة عقود. وتتحول الكاميرا هنا إلى شاهد على التاريخ، وإلى وسيلة لمصالحة الذاكرة مع الذات من خلال الفن.


من خلال عرضه في مهرجان الرباط، يجد الفيلم في هذا المنبر الثقافي مناسبة لإعادة النقاش حول قضايا الهجرة، واللجوء، والذاكرة، والمصالحة بين الشعوب، في زمنٍ تتزايد فيه النزاعات وتغيب فيه مساحات الحوار. ويؤكد السويبة أن هدفه ليس إعادة إحياء الخلاف، بل التذكير بأن “التاريخ لا يجب أن يُمحى، بل أن يُروى لكي لا يتكرر”.
يمثّل «تمزّق» إضافة نوعية إلى مسار السينما الوثائقية المغربية والعربية، إذ يزاوج بين الحسّ الجمالي والبعد الإنساني، ليُبرز أهمية السينما كوسيلة لتضميد الجراح وإحياء الذاكرة، ودعوة للتفكير في المستقبل من خلال التعلّم من الماضي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى