تدخل البنك المركزي لتمويل جزئي للعحز في ميزانية الدولة: آن الأوان لإيقاف هذا الجدال العقيم

بعد أن صادقت لجنة المالية في مجلس نواب الشعب على قانون المالية التكميلي لسنة 2020 في نسخته المعدلة التي أقرت عجزا في حدود 11.492 مليار دينار مقابل 13.729 مليار دينار في النسخة الأصلية و حاجة للتمويل الداخلي في حدود8 مليار دينار ، طالب محافظ البنك المركزي بغطاء قانوني لتمويل ظرفي لخزينة الدولة في حدود 60%من المبلغ المستحق و هو ما يعادل 4,8مليار دينار على أن يوفر بقية المبلغ من خلال إصدار رقاع خزينة موجهة أساسا إلى البنوك و المؤسسات المالية.
على الرغم من و جاهة طلب محافظ البنك المركزي ضرورة تقنين تدخل البنك المركزي لتمويل جزئي للعحز في ميزانية الدولة لسنة 2020 ،فإنني لم أستسغ، مرة أخرى، خروج هذا الخلاف بين الحكومة و البنك المركزي إلى العلن خاصة و أنه يتعلق بمسألة تقنية قد يساء فهمها .
من الضروري أن لا ينتقل الجدال السياسي العقيم بين السياسين إلى مؤسسات الدولة التي حافظت إلى حد الآن عن دورها المحوري في الحفاظ على المكتسبات و ساهمت في إنقاذ البلاد من الانزلاقات الناجمة عن سؤ خيارات السياسيين .
لبناء علاقة ثقة و تحقيق التكامل بين السياسة النقدية و السياسة الضريبية، يتعين التأكيد ،من الجانبين ، على ما يلي :1- أن استقلالية البنك المركزي مكسب وطني لابد من دعمه و المحافظة عليه ( وهو ما أكده رئيس الحكومةعديد المرات )،
2- أن الدور الرئيسي للبنك المركزي كمستشار مالي للحكومة يقتضي دعمه لمجهوداتها في مجال الإنعاش الإقتصادي و بناء منوال إقتصادي جديد ،3
– أن مراجعة السياسة النقدية و الإستفادة من التجارب المقارنة المتعلقة بتمويل البنوك المركزية للعجز في الميزانية في شكل تسبقات, يقتضي تنقيح الفصل 25من القانون الأساسي للبنك المركزي قبل المصادقة على قانون المالية التكميلي لسنة 2020
,4- أن محاربة التضخم و تحقيق الإستقرار المالي يتطلب مزيد التنسيق بين السياسة النقدية و السياسة الحكومية ذات العلاقة و خاصة ترشيد التوريد و مقاومة الاحتكار و تأهيل مسالك التوزيع و توفير العرض من خلال مراجعة السياسات القطاعية .
5- تكوين فريق عمل “Task Force ” على مستوى رئاسة الحكومة متكون من محافظ البنك المركزي و وزراء المالية و الإستثمار و التجارة و الصناعة و الطاقة و الفلاحة يجتمع بصفة دورية لمتابعة الظرف الإقتصادي و تقديم المقترحات و الحلول .
محسن حسن خبير اقتصادي و وزير سابق