أخبار العالم العربي

تحول تاريخي في الأمم المتحدة: تأكيد أولوية خطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية من قبل مجلس الأمن

مراكش – صفاء أحمد آغا

نسيم جديد يمر على ملف الصحراء. ففي يوم الجمعة، بمقر الأمم المتحدة، اعتمد مجلس الأمن قراره السنوي بشأن القضية، وقد شكل هذا النص نقطة تحول كبيرة. للمرة الأولى، وبكل وضوح، يتم وضع خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية في صلب العملية السياسية الهادفة إلى إيجاد حل نهائي. بعد عقود من الجمود، تغيرت الديناميكية بشكل جذري.

تصويت يتحدث عن نفسه: 11–0–3

القرار واضح: 11 صوتًا لصالح، 0 ضد، 3 امتنعوا عن التصويت – الصين، روسيا، باكستان. هذا التصويت يعكس قصة بسيطة وقوية. بدون أي معارضة، ومع غالبية كبيرة بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، يوافق المجلس على رؤية أصبحت سائدة في المجتمع الدولي: المبادرة المغربية “جادة وقابلة للتطبيق” وتُعتبر الأساس الذي يجب أن يُبنى عليه الحل في المستقبل.

عدم وجود أي تصويت سلبي، بما في ذلك بين الأعضاء الدائمين، ليس مجرد تفصيل تقني. إنه يشير إلى عزلة متزايدة للنهج التي كانت تحاول في السابق الدفع بأفكار قديمة. إنها الاعتراف العلني بأن الطريق الواقعي قد يهيمن على المواقف الثابتة.

نهاية الطريق المسدود وبداية نموذج جديد

أكثر من خمسين عامًا من النزاع المجمد أدت إلى تجميد أجيال كاملة في انتظار الحل. هذه القرار يغير الوضع. إنه يدعو الأطراف إلى الانخراط دون شروط مسبقة، ويأخذ بشكل صريح خطة الحكم الذاتي المغربية كأساس للمفاوضات. هناك رسالتان رئيسيتان تبرز من النص:
• الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية: يقر المجلس بأن هذه الخطة هي “الطريقة القابلة للتنفيذ” للوصول إلى حل سياسي مقبول من جميع الأطراف.
• استبعاد الاستفتاء على الاستقلال: غياب أي إشارة إلى الاستفتاء الذي يتضمن خيار الاستقلال يعني، من الناحية الواقعية، التخلي عن آلية كانت تعرقل العملية..بعبارة أخرى، انتصرت العقلانية. الأمر ليس مجرد تعديل لغوي، بل تغيير حقيقي في الإطار.

نكسة لأعداء المغرب

بالنسبة للجزائر وجبهة البوليساريو، فإن الساعة مريرة. محاولاتهم لتعديل القرار وإعادة إدراج الأفكار القديمة لم تنجح. فضل المجلس التمسك بخط واضح أصبحت تشاركه غالبية الدول: التقدم بحل واقعي، قابل للتنفيذ، ويهدف إلى المصالحة. فكرة أن القضية يمكن أن تظل معلقة إلى الأبد في نفس المأزق بدأت تتلاشى. أما الإجماع الدولي، فقد أصبح أكثر وضوحًا.

هذه اللحظة تمثل أيضًا تتويجًا لعمل دبلوماسي طويل الأمد. على مر السنين، حافظ المغرب على ثباته، مقتنعًا بالجوهر، وصبورًا في الشكل. اليوم، يترجم هذا الثبات إلى أعلى مستوى متعدد الأطراف.

ما الذي يتغير بشكل ملموس؟

بعيدًا عن الرمزية، يُعيد القرار رسم ملامح الساحة. بالنسبة للمغرب، يوفر إطارًا قانونيًا معززًا للمضي قدمًا في تنفيذ خطته تدريجيًا. بالنسبة للأطراف الأخرى، يخلق التزامًا سياسيًا: الجلوس، الاستماع، الاقتراح، ولكن دون شروط مسبقة وفي احترام للإطار الذي تم توضيحه.

من الناحية العملية، يفتح ذلك الطريق إلى:
• مناقشات تركز على معايير قابلة للتطبيق، بدلاً من المواقف المبدئية.
• جدول زمني للعمل يركز على الحكم الذاتي كأفق للتسوية.
• مناخ مواتٍ للثقة، وهو أمر أساسي للتعامل مع القضايا الحساسة مثل الحكم المحلي، والتمثيل، وآليات الضمان.

لا شيء سيكون تلقائيًا، كل شيء ما زال قيد البناء، ولكن الاتجاه أصبح واضحًا.

الكلمات ومعانيها

في الدبلوماسية متعددة الأطراف، كل غياب يساوي نفس أهمية كل إضافة. التصنيف المستمر للمبادرة المغربية على أنها “جادة وقابلة للتطبيق” في كل قرار من قرارات المجلس يُكتسب اليوم معنى جديدًا في ضوء هذا التصويت. بالمقابل، فإن غياب أي إشارة إلى استفتاء الاستقلال ليس مجرد إغفال: إنه يغلق فصلًا طالما كان بمثابة سراب وعذر للجمود.

هذه الخطوة لا تلغي تعقيدات الواقع ولا الأبعاد التاريخية للقضية. لكنها تقدم “قواعد لغة سياسية” واضحة، قادرة على تحويل المعارضة المباشرة إلى مفاوضات بناءة.

وماذا بعد؟

اعتماد هذا القرار ليس نهاية، بل بداية. إنه يدعو إلى الواقعية، والاحترام المتبادل، والبدء في التحرك. الآن يتعين:
• تأسيس آليات حوار منتظمة ومنتجة.
• بناء جسور اقتصادية واجتماعية تجعل من الحكم الذاتي أمرًا ملموسًا للسكان.
• تعميق ثقافة الثقة والمسؤولية المشتركة في الحياة اليومية.

المغرب، الذي يعزز هذا الإشارة القوية، لديه فرصة لتحقيق تقدم سريع في تعزيز مشروعه، وتعاون الفاعلين المحليين، وتحقيق مبادئ الخطة. أما الأطراف الأخرى، فالرسالة واضحة: إغلاق صفحة الصراعات العقيمة، واختيار البناء بدلًا من الجمود.

لقد وضع مجلس الأمن خريطة الطريق، والآن يأتي دور العمل لتحقيق الفارق.. عاش المغاربة الأحرار، وعاشت الدبلوماسية المغربية، وعاش الملك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى