انسحاب جزئي للقوات الروسية من سوريا يثير التساؤلات

أثار القرار الروسي بسحب جزء من قواتها العسكرية من سوريا تساؤلات كبيرة بشأن مستقبل نفوذها في المنطقة، وهو النفوذ الذي تعزز منذ فترة حكم حافظ الأسد، وتوسع بشكل كبير بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في 2015 لدعم بشار الأسد.
كان هذا التدخل العسكري قد منح موسكو السيطرة على قاعدتين عسكريتين استراتيجيتين: قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، مما مكنها من تعزيز وجودها في البحر المتوسط. لكن مستقبل هاتين القاعدتين أصبح مشروطًا بمستقبل العلاقات بين موسكو والحكومة السورية.
تباينت آراء المحللين حول الانسحاب الجزئي، حيث اعتبر البعض أن ذلك يمثل خسارة لروسيا في منطقة الشرق الأوسط، بينما رأى آخرون أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من صفقة أوسع. ومع ذلك، يجمع الجميع على أن موسكو تواجه تحديات قوية، أبرزها تراجع صورتها كحامية لحلفائها في أفريقيا، مثل مالي والنيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى. ويعتقد البعض أن هذا الوضع قد يدفع بعض الدول الأفريقية إلى إعادة التفكير في التعاون العسكري مع روسيا.
لا يمكن استبعاد إمكانية سعي الغرب لاستغلال هذه الفرصة لاستعادة نفوذه في منطقة الساحل الإفريقي. كما أن الحرب في أوكرانيا قد استنزفت موارد روسيا، مما حال دون قدرتها على دعم نظام الأسد بشكل كامل، وهو ما قد يدفع الغرب للضغط على موسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط تخدم مصالحه.
يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن جمع موسكو وكييف على طاولة المفاوضات؟ خاصة وأن التحليلات العسكرية تشير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يواصل ضرب أوكرانيا بقوة أكبر لتبدد التوقعات الغربية في عدة مجالات، لا سيما على صعيد ساحة المواجهة.