النازحون في غزة.. صراع العودة بين الأمل والمأساة

في شوارع غزة المدمرة، تتجمع عشرات الآلاف من النازحين في الشوارع الرئيسية مثل الرشيد وصلاح الدين، في مشهد يعكس مأساة لم تنتهِ بعد، يترقب هؤلاء بفارغ الصبر سماع خبر يتيح لهم العودة إلى منازلهم في الشمال أو في مدينة غزة، بعدما أجبرهم العدوان الإسرائيلي على النزوح إلى الجنوب في ظروف غاية في الصعوبة.
ومنذ أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل أسبوع، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمنع النازحين من العودة إلى بيوتهم، متشبثًا بشروط تعجيزية، منها الإفراج عن المحتجزة أربيل يهودا، وهو ما فاقم من معاناة الآلاف الذين يعيشون في العراء، في ظل أجواء باردة وغير إنسانية.
والعديد منهم قضى الليلة الماضية على شاطئ البحر في العراء، وبعضهم اضطر للنوم في السيارات أو على الطرقات، في حين نصب آخرون خيامًا بدائية للاحتماء من البرد القارس، هؤلاء النازحون، ورغم قسوة الظروف، يعبرون عن إصرارهم على العودة إلى ديارهم مهما كانت التضحيات.
وقالت سارة بكر، الحامل في شهرها السابع بكل إصرار: “سأعود إلى بيتي حتى لو اضطررت للسير مسافة طويلة، ليس لدينا خيار آخر، ” بينما أكد إسماعيل الشنباري، الذي دُمر منزله في بيت حانون، أن “الركام والخيام هما ما نملكه الآن، لكننا سنعيد بناء حياتنا، حتى لو كلفنا ذلك حياتنا.”
وذلك المشهد يعكس مأساة إنسانية ممتدة على مدار 470 يومًا من العدوان، الذي أودى بحياة أكثر من 158 ألف شخص من شهداء وجرحى، وأدى إلى تهجير حوالي 1.93 مليون مواطن، أي أكثر من 85% من سكان القطاع، ومع ذلك، تبقى المعاناة مستمرة، حيث يقيم أكثر من 1.6 مليون شخص في مراكز إيواء تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
وأثناء النزوح اضطرت العديد من العائلات لاستخدام الأخشاب التي كانت جزءًا من خيامهم لتوفير التدفئة في ظل البرد القارس، بينما تجمع البعض ممتلكاتهم البسيطة على شاحنات وعربات استعدادًا للعودة، ولكن بالنسبة لكثيرين، العودة تعني مواجهة واقع مرير، يتمثل في المنازل المدمرة والأنقاض التي أخفت العديد من الأحبة.
العديد من العائلات تصر على العودة مهما كانت المخاطر، حتى لو كان خيارهم الأخير هو “خيمة فوق الركام”، عوني شلح، الذي فقد ستة من أفراد عائلته، يروي: “اشتقنا لغزة، حتى لو كان العيش في خيمة فوق الركام، فهو أفضل من العيش في النزوح.”
وتزداد الضغوط على الجهات الدولية لتقديم الدعم العاجل لأهالي القطاع، في ظل تدمير أكثر من 80% من البنية التحتية، مع استمرار الحصار والمماطلات السياسية، تبقى العودة إلى غزة حلمًا بعيدًا، ولكن بالنسبة للنازحين، يبقى الأمل هو ما يحيي فيهم العزيمة.
بقلم: أماني يحيي