مقالاتمنوعات

المراقبة الإلكترونية في ظل القانون الجزائي التونسي

بقلم: الدكتور جابر غنيمي
المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد
مدرس جامعي

تعتبر العقوبة البديلة من الإجراءات التي تهدف إلى تطوير منظومة القضاء الجزائي وهي عقوبة تعوض العقوبة البدنية يقع النطق بها من القاضي اختيارا في نطاق قيامه بعملية تفريد العقوبة.
و العقوبة ليست غاية في حد ذاتها بقدر ما هي وسيلة للردع وإيقاف ظاهرة العود، فقد بينت الدراسات والإحصائيات حول نجاعة العقوبات أن الصرامة الجزائية ليست شرطا لتحقيق النجاعة الجزائية.
و تكريسا لسياسة أنسنة العقوبة، اصدر المشرع في 2 اوت 1999 قانونا يمكن القاضي بإستبدال العقوبة السجنية السالبة للحرية بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة و ذلك تطبيقا للفصول 15 مكرر و ما بعده من المجلة الجزائية. 
وفي نفس السياق جاء القانون عدد 68 لسنة 2009 ليضيف عقوبة أخرى بديلة للعقوبة السجنية و هي عقوبة التعويض الجزائي و التي تهدف حسب منطوق الفصل 15 رابعا إلى إستبدال عقوبة السجن المحكوم بها بتعويض مالي يلزم المحكوم عليه بأدائه لمن ترتب له ضرر شخصي و مباشر من الجريمة، و ذلك بشروط معينة و في جرائم محددة نصًا. 
لكن لم تلقى هاته العقوبات البديلة تطبيقا شائعا لدى المحاكم التونسية حيث لا يلتجأ القضاء للحكم بالعمل لفائدة المصلحة العامة أو التعويض الجزائي إلا في مناسبات قليلة جدا
وعموما ونظرا للوضع الوبائي الذي يعيشه العالم عامة و البلاد التونسية بصفة خاصة أدخل المشرع نوع أخر من الآليات القانونية الحديثة و التي تهدف إلى التقليص من الإجراءات السالبة للحرية ، و تتمثل هاته الآلية في ما يسمى بالمراقبة الإلكترونية و ذلك بمقتضى مرسوم من رئيس الحكومة عدد 29 لسنة 2020 مؤرخ في 10 جوان 2020 يتعلق بنظام المراقبة الالكترونية في المادة الجزائية. 
ومن هنا نطرح التساؤل الآتي: ما هو مفهوم المراقية الالكترونية ؟ وما النظام القانوني الذي يحكم هذه العقوبة البديلة ؟
ومن ثم فإن هذه الدراسة تعالج موضوع المراقبة الالكترونية في ة بداية من إبراز مفهومه و تطوره )المبحث الأول(، وصولا على تحديد النظام القانوني له بتحليل شروطه و أساليب وضعه موضع التنفيذ )المبحث الثاني(
المبحث الأول: مفهوم المراقبة الالكترونية
تفتضي دراسة نظام المراقبة الالكترونية تحديد مفهومه ) الفقرة الأولى( و تطوره )الفقرة الثانية(
الفقرة الأولى: تعريف المراقبة الالكترونية
يعتبر نظام المراقبة الالكترونية أحد الأساليب الحديثة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة خارج السجنأي في الوسط المفتوح بصورة ما يعبر عنه “بالسجن في البيت”، ويقوم هذا النظام على سماح للمحكوم عليه بالبقاء في منزله،غير أن تحركاته محدودة و مراقبة بواسطة جهاز يشبه الساعة أو السوار مثبت في معصمه أو في أسفل قدمه، ومن هنا جاءت تسمية هذا الأسلوب (السوار الإلكتروني)، وهو الوصف الذي يعتمده البعض القليل من فقهاء علم العقاب.
إن مصطلح المراقبة الإلكترونية أو ما يسمى بالسوار الإلكتروني  مشتق من التعبير الفرنسي “Surveillence électronique” ، و يعني  إلزام المحكوم عليه او الموقوف تحفظيا بالإقامة بمنزله او بمكان يحدده له القضاء خلال ساعات محددة بحيث تتم متابعته، والسوار الإلكتروني من الناحية التقنية هو قطعة معدنية تحيط كاحل المحكوم عليه أو الموقوف تحفظيا، وتتكون من جزأين، الأول به شريحة هاتف نقال وأنظمة لتحديد المواقع والثاني بطارية لشحن السوار.
ويرفق السوار بلوحة تحكم منقولة تشبه الهاتف النقال يحملها المتهم معه، تتضمن تطبيقا خاصا تسهل عمل مصالح المراقبة والضبطية القضائية، من خلال تحديد المواقع المسموحة أو الممنوعة عنه، ويمكن لصاحب السوار من خلالها الاتصال بأعوان الرقابة، ويفتح السوار بصفة أوتوماتيكية عبر مفتاح مخصص لذلك.
ومن خصائص السوار أنه يبث ذبذبات إلكترونية تسمح بتحديد مكان حامله، وعند إزالته يطلق إنذارا، كما أنه مقاوم للماء في حدود 30 مترا وللحرارة بين 40 و80 درجة ومقاوم للرطوبة والغبار والاهتزازات والذبذبات والصدمات وللفتح والتمزق والقطع في حالة الربط، ومقاوم للأشعة فوق البنفسجية وللضغط إلى غاية 150 كيلوغراماً، وقابل للشحن بشاحن خاص به مضاد للحساسية به عازل مصنوع من قماش يفصله عن بشرة المتهم وتتابع مراكز المراقبة التابعة لمديرية السجون تحركات المحكوم بالدخول للتطبيق الإلكتروني الخاص بالسوار بكتابة معلوماته الشخصية، حيث يمكن تحديد موقع حامله في كل ثانية وفي أي مكان سواء كان على سيارة أو دونها، ويمكن إجراء تعديلات على البرنامج المعلوماتي للسوار عن بعد والتي ترسل إلى قاعدة البيانات.
الفقرة الثانية: تطور نظام المراقبة الالكترونية
يعتبر التشريع العقابي الأمريكي أول تشريع قام بتكريس الوضع تحت المراقبة الالكترونية في نظامه العقابي سنة 1980، غير أن التطبيق الأول لهذا النظام كان في عام 1987 في ولاية فلوريدا ، ويستخدم أسلوب المراقبة الالكترونية في التشريع الأمريكي كبديل عن الحرية المراقبة،وكأحد الالتزامات المفروضة ضمن إطار الإفراج المشروط، وكبديل عن الحبس المؤقت، وقد تطور هذا المشروع في السنوات الأخيرة حيث بلغ عدد المستفيدين منه الآن في امريكا وحدها نحو 100 ألف سجين .
بينما تم تطبيقه في أوروبا لأول مرة في بريطانيا عام 1989، إذ بلغ عدد المستفيدين منه الآن نحو 60 ألف سجين، كما انتقل بعدها إلى أغلب التشريعات الأوروبية العقابية من بينها السويد سنة 1994،هولندا عام 1995،بلجيكا و فرنسا عام 1997.
وقد أدخل المشرع الفرنسي نظام السوار الالكتروني إلى النظام العقابي من خلال القانون رقم 97_1159 الصادر بتاريخ 19 ديسمبر 1997، المتمم بالقانون رقم 2000_516 المؤرخ في 10جوان 2000،حيث خصص له المشرع الفرنسي المواد من(723 مكرر 7 إلى 723مكرر 14)من ق.إ.ج.الفرنسي ومن تم أصبح نظام السوار الالكتروني أسلوبا جديدا لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية بطريقة مستحدثة خارج أسوار السجن.
وبعد أن خطى العالم خطوة مهمة نحو تطوير وعصرنة العدالة الجنائية من خلال تبني فكرة الأخذ بالمراقبة الإلكترونية باستعمال السوار الإلكتروني نجد أن موقف العالم العربي كان محدودا ومحتثما نحو الاتجاه لهذا النظام فيما عدى الجزائر والمملكة العربية السعودية و تونس .
أولا: تجربة المملكة العربية السعودية: أصبح الأخذ بنظام الرقابة الإلكترونية باستخدام السوار الإلكتروني بمختلف استحداثياته في مجال العدالة الجنائية ضرورة تجتاح العالم اليوم فبعد أن أخذت به معضم دول الغرب الكبرى، كانت المملكة العربية السعودية “السابقة في استعمال هذا النظام على بعض المحكوم عليهم الغير الخطرين وبقدر محدود جدا، وتحديدا في حالات إنسانية تستدعي ذلك كضرورة العلاج الطبي للأمراض الخطيرة أو زيارة مريض، أو حضور مراسيم عزاء، وهذا لمدة محددة وبإشراف المباحث العامة والأمن العام، وتستهدف وزارة الداخلية للسعودية من التطبيق التجريبي لهذا النوع من الرقابة إلى تعميم التجربة، و إقرارها كعقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية و منه قامت السعودية بالأخذ بالسوار الإلكتروني .
ثانيا: تجربة الجزائر : أما بالنسبة للجزائر في بداية الأمر لتجربة نظام المراقبة الإلكترونية باستعمال السوار الإلكتروني، كاجراء بديل للحبس المؤقت بموجب الأمر رقم 15/02 المعدل والمتمم للأمر 66_155 ، والمتضمن قانون الإجراءات الجزائية في إطار تكريس واحترام حقوق الإنسان ومباديء المحاكمة العادلة وحماية الحريات الفردية التي نص عليها الدستور، وتأكيدا على الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت وتعزيزا لقرينة البراءة حيث نصت المادة 125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية على أنه يمكن لقاضي التحقيق أن يأخذ الترتيبات من أجل المراقبة الإلكترونية لتنفيذ التزامات المراقبة القضائية .
غير أنه لم تصدر أي نصوص تطبيقية لتبيان شروط وإجراءات العمل به، و تم من بعدها وبتاريخ الأحد 25 ديسمبر 2016 استخدم الوضع تحت نظام المراقبة الإلكترونية بالسوار الإلكتروني وفي إطار الرقابة القضائية، أين أصدر قاضي التحقيق للمحكمة الإبتدائية في ولاية تيبازة حيث انه كان له اول أوامر في قضية ضرب جرح بالسلاح 1 الأبيض المعروضة للتحقيق أمامه وبعدها أدخل كإجراء بديل للعقوبة، السالبة للحرية قصيرة المدة بمقتضى قانون 18_01 المؤرخ في 30 جانفي 2018 المتمم للقانون رقم 05_04 ٕ المتضمن قانون تنظيم السجون واعادة الإدماج الإجتماعي _للمحبوسين .

المبحث الثاني: النظام القانوني للمراقبة الالكترونية
يخضع نظام المراقبة الالكترونية لجملة من الشروط ) الفقرة الأولى( و لوسائل تنفيذ محددة )الفقرة الثانية( .
الفقرة الأولى: شروط تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية:
بالعودة للمرسوم عدد 29 لسنة 2020 المؤرخ في 10 جوان 2020 المتعلق بنظام المراقبة الالكترونية في المادة الجزائية يمكن أن نستنتج أن نظام المراقبة الإلكترونية في المادة الجزائية يمكن تطبيقه في صورتين. 
الصورة الأولى تتمثل في تطبيق هذا الإجراء على الموقوف تحفظيا ) ا( أما الصورة الثانية فتتمثل في تطبيقه على المحكوم عليه) ب( 
أ_ تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية على الموقوف تحفظيا: 
إن الإيقاف التحفظي هو وسيلة إستثنائية تحد من حرية الشخص ، فالأصل في الإنسان هو الحرية و الإستثناء هو التقييد من هاته الحرية وفقا للقانون ، هذا وقد جاء الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية ليؤكد هذا التصور الكوني حيث أكد أنه يمكن إيقاف المظنون فيه تحفظيا وذلك في حالتين:
أولا – في الجنايات والجنح المتلبس بها 
ثانيا- كلما ظهرت قرائن قوية ومتظافرة تستلزم الإيقاف 
والغاية من الإيقاف التحفظي ليس الحد من حرية المظنون فيه وإنما منعه من إرتكاب جرائم جديدة أو ضمانا لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث 
والإيقاف التحفظي بإعتباره إجراء إستثنائي فقد حدده المشرع بمدة زمنية مضبوطة حيث لا يمكن مبدئيا أن تتجاوز فترة الإيقاف التحفظي 6 اشهر و يكون ذلك بقرار معلل يتضمن الأسانيد الواقعية و القانونية التي تبرره.
و هاته المدة المضبوطة ب6 أشهر يمكن التمديد فيها من قبل قاضي التحقيق بقرار معلل و بعد أخذ راي وكيل الجمهورية و ذلك بشرط أن تقتضي مصلحة البحث تمديدًا في فترة الإيقاف التحفظي و يكون التمديد بالنسبة للجنح مرة واحدة لفترة لا تزيد عن 3 أشهر أما بالنسبة للجنايات فيمكن أن يكون التمديد مرتين لا تزيد كل واحدة عن أربعة أشهر 
وعموما تماشيا مع الطبيعة الإستثنائية لمؤسسة الإيقاف التحفظي مكن المشرع قاضي التحقيق من الإفراج عن المظنون فيه ، و هذا الإفراج يمكن ان يكون وجوبي و ذلك إما عند إنتهاء فترة الإيقاف التحفظي أو بعد إستنطاق المظنون فيه بخمسة أيام بشرط أن يكون له مقر معين بتراب التونسي و لم يسبق الحكم عليه بأكثر من 6 أشهر سجن إذا كان العقاب المقرر قانونا لا يتجاوز العامين سجنا فيما عدا الجرائم المنصوص عليها بالفصول 68 و 70 و 217 من المجلة الجزائية. 
كما يمكن ان يكون الإفراج إختياريا حيث يمكن لقاضي التحقيق في كل الأحوال التي يتحتم فيها الإفراج أن يأذن بالإفراج مؤقتا عن المظنون فيه و ذلك إما من تلقاء نفسه بعد اخذ راي وكيل الجمهورية أو بطلب من المظنون فيه أو محاميه أو بطلب من وكيل الجمهورية , و يجب أن يتم البت في مطلب الإفراج في ظرف أيام من تاريخ تقديمه.
عموما لا يمكن الإفراج مؤقتا عن المظنون فيه إلا بعد أن يتعهد لقاضي التحقيق باحترام التدابير التي قد يفرضها عليه كليا أو جزئيا و في هذا الإطار تدخل المشرع بموجب مرسوم 10 جوان 2020 ليضيف تدبير المراقبة الإلكترونية زيادة إلى بعض التدابير الأخرى وهي: 

  • اتخاذ المظنون فيه مقر له بدائرة المحكمة
  • عدم مغادرة المظنون فيه حدود ترابية يحددها القاضي إلا بشروط معينة
  • منع المظنون فيه من الظهور في أماكن معينة
  • إعلام قاضي التحقيق بتنقلاته لأماكن معينة
  • التزام المظنون فيه بالحضور لدى قاضي التحقيق كلّما دعاه لذلك والاستجابة للاستدعاءات الموجهة له من السلط فيما له مساس بالتتبع الجاري ضده.
    هذا و يكون وضع المظنون فيه تحت المراقبة الالكترونية لمدة أقصاها 6 أشهر غير قابلة للتمديد على أن يتولى قاضي التحقيق متابعة تنفيذ هذا التدبير بمساعدة مكتب المصاحبة الراجع له بالنظر.
    ب _ تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية على المحكوم عليه: 
    أجاز المرسوم الصادر في 10 جوان 2020 و المتعلق بنظام المراقبة الإلكترونية ، للقاضي أن يستبدل العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها بعقوبة أخرى بديلة اكثر تطورا و تناغما مع الجانب الإصلاحي و يتمثل هذا العقاب البديل في المراقبة الإلكترونية إضافة الى بعض العقوبات البديلة الأخرى كالعمل لفائدة المصلحة العامة و التعويض الجزائي ، و في الحقيقة فإن الغاية من هذا التمشي هو تفادي الزج بالمبتدئين داخل السجن و إعطائهم فرصة أخرى للتأهيل و الإصلاح و الإندماج داخل المجتمع، حيث جاء بالفصل 15 مكرر جديد م ا ج أنه للمحكمة إذا قضت بالسجن النافذ لمدّة أقصاها عام واحد أن تستبدل بنفس الحكم تلك العقوبة بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وذلك دون أجر ولمدة لا تتجاوز ستمائة ساعة بحساب ساعتين عن كلّ يوم سجن أو بعقوبة المراقبة الالكترونية.
    ولكن ليتم إستبدال العقاب المحكوم به بعقوبة المراقبة الإلكترونية يجب أن تتوفر بعض الشروط، حيث جاء بالفصل 15 ثالثا جديد م ا ج أنه يُشترط لاستبدال عقوبة السجن بعقوبة المراقبة الالكترونية أن يكون المتهم حاضرا بالجلسة وأن يتم عرضه على الفحص الطبي طبق مقتضيات الفصل 18 من المجلة الجزائية، وأن لا يكون عائدا وأن يثبت للمحكمة من خلال ظروف الفعل الذي وقع من أجله التتبع جدوى هذه العقوبة للحفاظ على إدماج المتهم في الحياة الاجتماعية.
    ولا يمكن القضاء باستبدال عقوبة السجن بعقوبة المراقبة الالكترونية إلاّ بعد عرض المتهم على الفحص الطبي وورود نتيجة مثبتة لقابلية تطبيق هذه الوسيلة. 
    هذا ولا يكون تبديل العقاب إجباريا على المحكوم عليه بل يمكن لهذا الأخير رفض ذلك وبالتالي يتم الحكم عليه بالعقوبة المستوجبة الأخرى. 
    وعموما فإن الحكم القاضي بتغيير عقوبة السجن بالمراقبة الالكترونية يُحال فورا على قاضي تنفيذ العقوبات التابع له مقر إقامة المحكوم عليه أو التابع للمحكمة الابتدائية الصادر بدائرتها الحكم إذا لم يكن للمحكوم عليه مقر إقامة بالبلاد التونسية، والذي يبادر باتخاذ الإجراءات اللازمة لانطلاق تنفيذ عقوبة المراقبة الإلكترونية.
    وعند التعذّر، يبقى المحكوم عليه على الحالة التي هو عليها عند تقديمه إلى المحكمة وذلك إلى حين اتخاذ الإجراءات اللازمة لانطلاق تنفيذ عقوبة المراقبة الالكترونية من طرف قاضي تنفيذ العقوبات المختص.
    ويتولى قاضي تنفيذ العقوبات القيام بالأعمال التالية:
  • تحديد محل تنفيذ المراقبة الذي اختاره المحكوم عليه. وإذا لم يكن ذلك المحل على ملكه أو في تصرفه فلا يمكن اتخاذ تلك الوسيلة إلا بعد الموافقة الكتابية لمالك المحل أو المتصرف فيه.
  • تحديد أماكن تنقلات المحكوم عليه وتوقيتها.
  • ضبط الالتزامات التي يرى قاضي تنفيذ العقوبات فرضها على المحكوم عليه.
    هذا وإذا تبين من أعمال المراقبة الالكترونية أن المحكوم عليه تعمد مخالفة إحدى الالتزامات المحمولة عليه أو الفرار أو التخلص أو محاولة التخلص بأيّ وسيلة كانت من المعدات والأدوات المستعملة في المراقبة الالكترونية، يتولى قاضي تنفيذ العقوبات على ضوء التقرير الكتابي المحرر في الغرض من طرف مكتب المصاحبة المختص أو قاضي تنفيذ العقوبات الواقع بدائرته مقر إقامة المحكوم عليه أو الجهات المخوّل لها معاينة الجرائم طبق التشريع الجاري به العمل، تحرير تقرير يحال فورا على النيابة العمومية.
    وفي هذه الحالة يتم احتساب المدة الواجب استكمالها ومواصلة التنفيذ باعتماد عقوبة السجن المحكوم بها بعد طرح المدة المقضاة بنظام المراقبة الإلكترونية
    وفي حالة الفرار أو التخلص أو محاولة التخلص من المعدات والأدوات المستعملة في المراقبة الالكترونية فإنّ استكمال تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها لا يحول دون تتبع المحكوم عليه من أجل جريمة الفصل 147 من المجلة الجزائية المتعلقة بالفرار من السجن.
    و قد نص الفصل 336 سادسا م ا ج على انه يمكن لقاضي تنفيذ العقوبات سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من المحكوم عليه أو محاميه أو باقتراح من مدير السجن أو مكتب المصاحبة بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية تغيير شروط المراقبة الالكترونية والالتزامات المحمولة على المحكوم عليه سواء بالتشديد أو التخفيف فيها وذلك بموجب قرار معلّل.
    الفقرة الثانية: وسائل تنفيذ نظام المراقبة الإلكترونية:
    يعتبر السوار الإلكتروني تقنية تكنولوجية جديدة جاء بها المشرع التونسي كبديل إما للعقوبات السالبة للحرية أو للإيقاف التحفظي و تعتمد المراقبة الإلكترونية على تقنيات تكنولوجية حديثة في عملها إذ يغلب عليها الطابع التقني وعلى الرغم من تنوع آلية تنفيذ الوضع تحت المراقبة الإلكترونية في العديد من الدول لابد من إتباع آلية عمل محددة، وتتمثل هذه الآليات في ثلاث أساليب تقنية وهي:
    أ_ النداء التليفوني :
    يراقب هذا النظام وجود الشخص في البيت عن طريق الإتصالات الهاتفية، أما عن طريقة سير هذا النظام فيقوم الجهاز بتسجيل نموذج لصوت المحكوم عليه ويعمل على الرقابة و التوثيق المستمر لحضور أو غياب المحكوم عليه عن البيت وذلك عن طريق المكالمات الهاتفية من قبل الحاسوب المركزي ، حيث يقوم الشخص الخاضع للمراقبة الإلكترونية بإجراء إتصال تلفوني من منزله أو المكان المحدد لإقامته إلى مركز المراقبة خلال فترات زمنية متتابعة ، ويقوم الكمبيوتر المركزي المتواجد بمركز المراقبة بمقارنة بصمة الصوت الأصلية للمحكوم عليه الذي يخضع لهذا النظام و التي تم تخزينها بالكمبيوتر المركزي وذلك قبل بداية تطبيق الوضع تحت المراقبة الإلكترونية. 
    ب_ البث المتواصل:
    تعتبر هذه التقنية الوسيلة الأكثر إستعمالا في أغلب الدول التي إختارت تطبيق الوضع تحت المراقبة الإلكترونية و ذلك نظرا لفعاليته ، وتتم هذه الطريقة بوضع السوار الإلكتروني في معصم المستفيد من هذا النظام أو أسفل قدمه ويسمح هذا الجهاز بمتابعة المحكوم عليه وذلك لتأكد من وجوده في المكان المحدد له ويقوم كذلك بإرسال إشارات محددة بشكل متقطع إلى جهاز الإستقبال الموصول بالخط الهاتفي في المكان الذي يقيم به الشخص المراقب ، ويقوم جهاز الإستقبال بدوره ببث إشارات محددة إلى الجهة التي تشرف على المراقبة و التي يمكنها من خلال هذه الإشارات التأكد من وجود المعني بالنطاق المكاني المخصص له.
     ج_ الأقمار الصناعية:
    يقوم السوار الإلكتروني بإرسال موجات مشفرة ومؤمنة حسب هوية عمل الشخص الموضوع تحت المراقبة الإلكترونية لتلتقطها الأقمار الصناعية ، وقد طبق هذا الأسلوب في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تم إستعمال جهاز مستقل يعمل على دعم قوة الموجات الصادرة عن السوار ويتم معالجتها و إعادة إرسالها بموجات طويلة مشفرة إلى الكمبيوتر المركزي بالمركز المكلف بالقيام بعملية المتابعة ومراقبة الخاضع لهذا النظام لتأكد من وجود المعني بالمكان و الزمان المحددين في مقرر الوضع، وتختلف هذه التقنية عن ما سبقتها من تقنيات أخرى في كونها مراقبة بإستمرار تقوم بتتبع موقع الشخص الخاضع للمراقبة بإستعمال نظام عالي الدقة يدعى ” G P S ” .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى