

إعداد: جابر غنيمي دكتور في القانون المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد مدرس جامعي
ورد المشرع التونسي جريمة القتل ضمن الكتاب الثاني “في جرائم مختلفة والعقوبات المستوجبة لها” من المجلة الجزائية وتحديدا في الجزء الثاني بعنوان “في الإعتداء على الناس.”
و يمكن تعريف القتل ب”انه اعتداء شخص على حياة شخص آخر أدى إلى وفاته ” أما اصطلاحا فله تعريفات مختلفة منها ما ذكره السيوطي أنه “فعل في محل يتعقبه زهوق روح المقتول به” وعرفه المناوي بقوله: “القتل: أصله إزالة الروح كالموت، لكن إذا اعتبر بفعل المتولي له، يقال قتل، وإذا اعتبر بفوات الحياة يقال موت” .
هناك صنفين من الجرائم تم التعرض لها في المجلة الجزائية التونسية وهما القتل العمد )الفقرة الأولى( والقتل غير العمد )الفقرة الثانية(.
الفقرة الأولى: القتل العمد:
القتل العمد من أخطر جرائم الاعتداء على الأشخاص لأنه يستهدف إزهاق روح إنسان.ويكاد يجمع علماء وأنثروبولوجيا و الإجرام على أن القتل ظاهرة من أقدم الظواهر في سلوك الإنسان الأول في المجتمعات البدائية .وهي في مقدمة القيم التي تسعى مختلف التشريعات السماوية والوضعية لحمايتها وصيانتها على مر العصور هذه الحماية التي تظهر في قسوة العقوبة المرصودة للعقاب الذي يرتكبها عمدا والتي لا تختلف فيها مبدئيا وهي الإعدام ذلك أن الشريعة السماوية عاقبت القاتل عمدا بالقتل عملا بقوله تعالى :{ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ، وقوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } ، أما بالنسبة للقانون الجنائي فتختلف ظروف ارتكاب القتل العمد من حالة إلى أخرى فقد يرتكب في صورته العادية )أ( وقد يقترن بظرف من ظروف التشديد )ب(.
أ – القتل العمد المجرد:
جاء بالفصل 205 م ج أنه ” يعاقب مرتكب قتل النفس عمدا بالسجن بقية العمر في غير الصور المقررة بالفصول المتقدمة.”
- الركن المادي:
ان السلوك الإجرامي لجريمة القتل العمد ارتكاب الجاني فعلا ماديا وإيجابيا يكون هو السبب في إزهاق روح الضحية ، ولا يهم شكل أو وسيلة العنف المادي المجرم هنا وهذا يعني ضرورة توفر ثلاثة عناصر تقليدية في الركن المادي للجريمة بصفة عامة، وتتمثل في فعل الاعتداء على الحياة يؤدي إلى نتيجة إجرامية هي وفاة المجني عليه، وقيام العلاقة السببية بين الفعل الإجرامي. - النشاط الإجرامي:
إن المشرع في أي نظام جنائي لا يعاقب على النوايا المضمرة مهما كانت خبيثة وخسيسة لئيمة ذلك أن النية الإجرامية لا تشكل لوحدها وبذاتها خطورة على الحياة العامة مادامت في ضمير صاحبها بل حتى ولو افتضحت هذه النية شفويا أو كتابيا أو بأية وسيلة أخرى وتأكدت لدى القاضي بثبوتها فإن صاحبها لا يمكن أن يتابع بجريمة القتل العمد أو بالشروع فيه مادامت في ضمير الشخص ولم تخرج إلى حيز الوجود لأن قانون العقوبات لا يريد بل وليس من حقه أن يتعمق في سبر أغوار النفس الإنسانية لأنها ليست محل عمله .
وترتيبا لذلك فالقتل يتطلب سلوكا إراديا ملموسا في العالم الخارجي من شأنه إحداث الموت فإذا تحققت النتيجة ( الوفاة) كانت جريمة القتل تامة وإن لم تتحقق لأسباب خارجة عن إرادة الجاني كانت الجريمة محاولة أو شروعا .
كما يمكن أن يكون النشاط إيجابيا أو سلبيا أي ( الامتناع) ولقد سوى المشرع المغربي بينهما من حيث ترتيب المسؤولية الجنائية للعقاب ، غالبا ما يتخذ فعل الاعتداء صورة إيجابية تتمثل في حركة عضلية تدفعها إلى وجود إرادة شخص معين ونحو ذلك : ضرب المجني عليه بعصا غليظة على الرأس أو طعنه بخنجر في صدره أو إطلاقه رصاصة عليه أو صعقة بتيار كهربائي أو حقنة بمادة سامة أو خنقه أو إغراقه ،وقد يكون الفعل سلبيا يتخذ صورة ترك أو امتناع عن إتيان فعل إيجابي يوجب القانون على الشخص أن يأتيه ونحو ذلك الممرضة التي تمتنع عن إعطاء المريض الدواء الذي وصفه له الطبيب فيموت أو امتناع المولدة عن ربط الحبل السري للولد فيموت ،فكل من يمتنع من هؤلاء عن التدخل لانقاد المجني عليه بنية قتله يسأل عن قتل العمدي.
ومتى كان نشاط الجاني كاف عادة لأحداث الموت فإنه يعتبر قرينة على وجود نية القتل ما لم يثبت المتهم العكس. - النتيجة الإجرامية:
تتمثل النتيجة الإجرامية التي تتم بوقوعها جريمة القتل في وفاة المجني عليه .
والوفاة كعنصر في الركن المادي في القتل لازم لقيام الجريمة لا تغني عنها أي نتيجة أخرى مهما كانت بليغة ويجب أن يكون المجني عليه الذي أزهقت روحه إنسانا إذ لووجه النشاط الذي أدى إلى القتل –بنوعيه-إلى حيوان فلا يمكن أن تقوم الجريمة حتى لو كان يظن الجاني أنه يقتل إنسانا وليس حيوانا.
وإذا كانت النتيجة الإجرامية في القتل لا تحقق قانونا إلا بتوقف حياة المجني عليه توقفا تاما ونهائيا فإن تحديد الأعراض التي يستنتج منها توقف الحياة تماما أمر يدخل في صميم اختصاص الطب الشرعي.
ولا يشترط حصول الوفاة عقب السلوك الإجرامي مباشرة وإنما قد يتحقق ذلك إثر النشاط وقد يتراخى تحقيقه زمنا،وفي حالة وقوع هذه النتيجة فعلا فإنه ليس ثمة ما يمنع من اعتبار الواقعة قتلا عمدا مادامت العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة قائمة ومادام قصد القاتل ثابتا.وإذا لم تقع الوفاة وثبت توافر القصد الجنائي عدت الواقعة محاولة قتل إذا أوقفت الجريمة أو خاب أثرها لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه ،فإذا أطلق المتهم عيارا ناريا على المجني عليه بقصد قتله فأصابه في غير مقتل أو لم يصبه على الإطلاق اقتصرت مسؤوليته على الشروع في القتل ،وكذلك الأمر بالنسبة لمن يطعن غريمه بسكين قاصدا قتله ولكن يتم إسعافه بالعلاج. - العلاقة السببية:
لا ينتفي صدور نشاط مؤذ من الجاني وموت الضحية لقيام الركن المادي لجريمة القتل بل يجب أن يتوفر إلى جانب ذلك وجود علاقة سببية بين ذلك النشاط وبين موت الضحية.
ويقصد بالعلاقة السببية ارتباط النتيجة الإجرامية وهي موت الضحية بنشاط الجاني ارتباط المعلول بعلته بحيث يكون ذلك النشاط هو الذي نشأ عنه موت الضحية وفقا للضوابط التي يسري عليها الوجود في هذا الكون.
والعلاقة السببية قد تكون واضحة لا يثور الجدل بشأنها كما في الحالات التي يستعمل فيها الجاني الوسائل المميتة عادة ويترتب عنها الموت فورا كقتل الضحية عن طريق الخنق أو الإغراق أو الصعق الكهربائي أو بالطعنات أو الضربات النافدة إلى القلب أو المخ…الخ، ولكنه في بعض الأحيان قد تكون هذه العلاقة غير ظاهرة إما بسبب اشتراك أسباب أجنبية مع نشاط الجاني في موت الضحية هذه الأسباب التي قد تكون سابقة على فعل الاعتداء أو لاحقة له مثل :التداوي أو الخطأ فيه، وإما بسبب طبيعة نشاط الجاني نفسه كما إذا كان هذا النشاط مجرد امتناع أو اقتصر على التأثير المعنوي على نفس الضحية أو كانت الوسيلة المستعملة في الاعتداء غير كافية لإحداث الموت حسب العادي من الأحوال ولم يثبت في نفس الوقت وجود أسباب أجنبية ساعدت على الوفاة.
والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو:
هل تقطع هذه العوامل الأجنبية عن فعل الجاني رابطة السببية بين فعله وحدوث النتيجة الجرمية (الوفاة) بعد أن تداخلت بينهما وأسهمت بدورها في أحداث النتيجة الضارة ؟ أم أن الجاني يظل مسؤولا عن النتيجة الحاصلة رغم تدخل هذه العوامل؟ وهل ثمة من ضابط أو معيار يمكن الاستعانة بت للقول بتوافر رابطة السببية أو عدم توافرها ؟
إن المشكل هنا يرتبط بحالة تعدد الأسباب وليس بحالة تسلسل النتائج الجرمية حيث تكون النتيجة الجرمية واحدة لم تتعدد ولم تتعاقب ، والأسباب أو العوامل هي التي تعددت وتداخلت في إحداث هذه النتيجة.
ولقد كانت دراسة السببية ولا سيما في حالة تعددها مبحثا لاجتهادات فقهية هامة وتتلخص الاتجاهات الفقهية السائدة في هذا الخصوص في ثلاث اتجاهات :
اتجاه (نظرية) السببية المباشرة-اتجاه السببية المناسبة أو الملائمة-اتجاه تعادل الأسباب. - اتجاه السببية المباشرة: مقتضى هذا الاتجاه ألا يسأل الجاني عن النتيجة التي حصلت إلى إذا كانت متصلة اتصالا مباشرا بفعله .
فالسببية على هذا النحو تتطلب نوعا من الاتصال المادي بين الفعل والنتيجة فهي لا تعترف إلا بالارتباط المباشر والمحقق بينهما .
ويبدو هذا الاتجاه من أكثر الاتجاهات تضييقا لنطاق السببية ومراعاة للمتهم وقد أخد عليه أنه يؤذي إلى إفلات الجاني أحيانا من عواقب أعماله إذا ما تداخلت إلى جانبها عوامل أخرى ولو بقسط يسير أو بصورة مألوفة. - تجاه السببية المناسبة أو الملائمة : هذا الاتجاه يرسم للسببية نطاق أوسع من سابقه وتنسب هذه النظرية في المقام الأول إلى الفقيهين الألمانيين”humelui-vonkries” وبمقتضاها أن الفعل الصادر عن الجاني لا يعتبر سببا لوقوع نتيجة جرمية معينة إلا إذا تبين أن هذا الفعل صالح الأحداث تلك النتيجة وفقا للمجرى العادي للأمور ويعتبر فعل الجاني سببا مناسبا أو ملائما للنتيجة التي حصلت إذا كان كافي بذاته لحصولها مادامت ظروف الحال تنبؤ بأنه قد توقعها وبصرف النظر عن العوامل الأجنبية والتي تكون قد توسطت بين فعله والنتيجة النهائية ومن تم فإن السببية الملائمة لا تكتفي بوجود رابطة طبيعية بين السلوك والنتيجة وإنما تتطلب في السلوك مواصفات خاصة وهي أن يملك الإمكانيات الموضوعية لتحقق النتيجة بحيث تبدو هذه متوقعة وفقا للمجرى العادي للأمور.
فالعبرة في هذا الاتجاه إذن هي بكون النتيجة ممكنة وعادية مع مراعاة الأمور و العوامل التي حدثت فإن تداخل في مجرى الحوادث عامل شاد أو استثنائي-انقطعت رابطة السببية كما كان موت المصاب قد حصل نتيجة إحراق المستشفى الذي نقل إليها .
وتعد هذه النظرية من أكثر النظريات شيوعا سواء في الفقه أو القضاء في تحديد السببية لكن يؤخذ عليها مع ذلك كونها لا تخلو من التحكم فاعتبار النتيجة متوقعة أم شاذة مع مراعاة الظروف التي حدثت فيها مسألة تقديرية يختلف فيها تقدير الناس ولا يصح أن تبنى أحكام القانون الجنائي على أسس تحكمية. - اتجاه تعادل الأسباب: تقوم هذه النظرية على أساس المساواة بين جميع العوامل التي ساهمت في أحداث النتيجة الإجرامية ذلك أن هذه النتيجة ما كانت لتحدث لو تخلف عامل واحد من هذه العوامل ،إذ فكل عامل من هذه العوامل سواء كان يتوقعه الجاني أم لم يكن يتوقعه وسواء كان حدوثه وفقا للمجري العادي للأمور أم كان شذوذا في مجراها العادي وتطبيقا لهذه النظرية فالجاني مسؤول عن فعله حتى ولو ساهمت معه في أحداث النتيجة عوامل أخرى طبيعية كضعف المجني عليه الصحي وإصابته بمرض سابق كان مازال يعاني منه أو من أثاره أو غير طبيعية كالخطأ الجسيم للطبيب المعالج أو إهمال المجني عليه الجسيم في علاج نفسه ذلك بأن فعل الجاني هو الذي حرك هذه العوامل الأخرى وأوجد ظروفها بحيث لولاه لما كانت صالحة لإحداث النتيجة .
بل إن العوامل الشادة وفقا لهذه النظرية لا تنقص من مسؤولية الجاني،فانقلاب السيارة التي أقلت المجني عليه وهو في طريقه إلى المستشفى لا تنفي مسؤولية الفاعل عن الجريمة ذلك أنه لو لم يقع منه الاعتداء لما ركب المجني عليه السيارة أو لما ذهب إلى المستشفى وبالتالي فإن النتيجة ما كانت لتحدث.
غير أن هذه النظرية وإن كانت تقوم على أساس منطقي إلا أن عيبها هو أنها لا تقوم على أساس عادل لأنه حقا أن النتيجة التي حدثت هي محصلة عوامل متعددة وحقا أن تخلف عامل واحد من هذه العوامل كان يمكن أن يؤدي إلى عدم حدوثها وحقا أن فعل الجاني كان هو السبب المحرك للعوامل الأخرى، ولكن دلك لا ينفي أنه يوجد من بين هذه العوامل عامل أقوى في تأثيره من الأخر، ويوجد من بين هذه العوامل عوامل طبيعية وأخرى غير طبيعية وعوامل متوقعة واخرى غير متوقعة لذلك فإذا أقمنا المساواة بين هذه العوامل جميعها فقد خرجنا على مبدأ العدالة وبالتالي أخذنا الجاني بأكثر مما يستحق وربما كان هذا السبب لقلة أنصار هذه النظرية في الفقه وإعراض القضاء عنها .
ومهما يكن هناك من آراء فقهية حول الأخذ بالسبب المباشر أو السبب الملائم والمناسب أو تعادل الأسباب وتكافئها فإننا نميل إلى القول بعدم تقييد القاضي بأي معيار من المعايير الموضوعية المجردة وانه ينبغي ترك أمر استخلاص العلاقة السببية لقاضي الموضوع يبحث فيها كل قضية حسب وقائعها وملابساتها وعليه أنه يبين الوقائع التي استنبط منها وجود أو انتقاء العلاقة السببية حتى يتأتى لقاضي النقض أن يراقب سلامة الاستنتاج الذي انتهى إليه قاضي الموضوع من الوقائع الثابتة أمامه .
وبعبارة أخرى فإن قاضي الموضوع يتثبت من الوقائع المكونة للعلاقة السببية وله أن يستعين في ذلك بكل الوسائل القانونية المفيدة وفي مقدمتها الخبرة الطبية ويرجع إلى سلطته التقديرية وإلى اقتناعه الوجداني الفاصل في ثبوت أو عدم ثبوت تلك الوقائع ولا جدال في هذا كما أنه لا جدال في ضرورة ذكر ما ثبت لديه من وقائع في الحكم لأن ذلك يدخل في التعليل الواجب الأحكام . - الركن المعنوي:
جريمة القتل العمد هي جريمة قصدية تتطلب توفر النية أو القصد الجزائي , و في هذا الصدد يقع التمييز بين القصد الجزائي العام المتمثل في إنصراف إرادة الجاني إلى إرتكاب فعل القتل مع علمه بكافة العناصر المكونة للركن المادي للجريمة أي الإرادة المتجهة إلى إرتكاب فعل مجرم مع العلم بهذا التجريم و القصد الجنائي الخاص المتمثل في إرادة تحقيق نتيجة محدد و هي الموت .
و قد جاء في قرار تعقيبي جزائي عدد 18413 مؤرخ في 30/04/1986 ” إن المراد بالقصد الجنائي هو إنصراف إرادة الجاني إلى إرتكاب الفعل مع علمه بأنه يرتكب فعلا غير جائز و أنه بالنسبة إلى جريمة القتل يتجسم في إنصراف إرادة الجاني إلى الإعتداء على إنسان بغرض إزهاق روحه أي إتجاه إرادته إلى أحداث النتيجة و هي الموت”.
ب – القتل العمد المشدد:
ترفع العقوبة إلى الإعدام إذا توفرت إحدى ظروف تشديد العقاب و المتمثلة في سابقية القصد وقتل القريب و إقتران القتل بجريمة أخرى.
* سابقية القصد:
جاء بالفصل 201 م ج أنه ” يعاقب باالإعدام كل من يرتكب عمدا مع سابقية القصد قتل نفس بأي وسيلة كانت “
و عرف المشرع سابقية القصد صلب الفصل 202 م ج كما يلي : ” سابقية القصد هي النية الواقعة قبل مباشرة الإعتداء على ذات الغير”.
و يعرف سابقية القصد لدى فقه القضاء بالإضمار.
جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 7481 مؤرخ في 27 نوفمبر 1982 أن ” الإضمار ورد بضبطه الفصل 202 م ج و هو تفكير الجاني مسبقا فيما هو قادم عليه و تقدير عواقبه و التفكير مليا في ذلك و هو هادئ البال “.
كما جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 17420 مؤرخ في 20 نوفمبر 1985 أنه ” لتوفر سابقيه القصد في جريمة القتل يجب أن يكون هنالك تصميم سابق على إرتكاب الفعل ثم هدوء بال ” .
* قتل القريب:
جاء بالفصل 203 م ج انه : ” يعاقب بالإعدام مرتكب قتل القريب , والمقصود بقتل القريب هو قتل الأصول وإن علوا. “.
إذا كان الضحية هو من أقارب القاتل و تحديدا من أصوله، فإن العقوبة ترفع إلى الإعدام , و يجب أن تتجه نية الجاني إلى قتل قريبه من الأصول أي يكون قاصدا القتل و ان يكون عالما بأن من سيسلط عليه هذا القتل هو أحد أصوله.
و الأصول هم الأب و الأم و الجد و الجدة وإن علوا.
جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 4916 مؤرخ في 9 جويلية 1980 ان ” جريمة قتل ولد لوالده هي وحدها التي تستوجب عقوبة الإعدام اما العكس أي قتل الوالد لولده لا تستوجب ذلك العقاب ” .
* إقتران القتل بجريمة أخرى:
جاء بالفصل 204 م ج أنه ” يعاقب بالإعدام قاتل النفس عمدا إذا كان وقوع قتل النفس إثر إرتكابه جريمة أخرى أو كان مصاحبا لها أو كانت إثره و كانت تلك الجريمة موجبة للعقاب بالسجن أو كان القصد من قتل النفس الإستعداد لإرتكاب تلك الجريمة أو تسهيل إرتكابها أو مساعدة فاعليها أو مشاركيهم على الفرار أو ضمان عدم عقابهم. “.
جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 48650 مؤرخ في 09 جويلية 2009 أنه ” لقيام جريمة الفصل 204 من المجلة الجزائية لا بد من توفر جريمتين مختلفتين و مستقلتين من حيث أركانهما المادية و المعنوية “.
كما جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 10068 مؤرخ في 04 جويلية 1973 ما يلي: ” حيث يؤخذ من الفصل 204 جنائي أن لا لزوم لأن تكون جريمة السرقة التابعة للقتل مرضوع تتبع مستقل و أن يحاكم الجاني عن أجلها طالما و المشرع قد إعتها ظرفا مشددا لجريمة القتل و ركنا من أركان الفصل 204 “.
* جريمة العنف الشديد المتولد عنه الموت:
وهي جريمة الضرب أو الجرح الواقع عمدا دون قصد القتل والذي نتج عنه الموت.
جاء بالفصل 208 ( نقح بموجب القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017(.
” يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب الضرب أو الجرح الواقع عمدا دون قصد القتل و الذي نتج عنه الموت، و يكون العقاب بالسجن بقية العمر: - إذا كانت الضحية طفلا،
- إذا كان الفاعل من أصول أو فروع الضحية من أي طبقة،
- إذا كانت للفاعل سلطة على الضحية أو استغل نفوذ و ظيفة،
- إذا كان الفاعل أحد الزوجين أو أحد المفارقين أو أحد الخطيبين أو أحد الخطيبين السابقين،
- إذا كانت الضحية في حالة إستضعاف مرتبطة بصغر أو تقدم السن أو بمرض خطير أو بالحمل أو بالقصور الذهني أو البدني التي تضعف قدرتها على التصدي للمعتدي،
- إذا كانت الضحية شاهدا أو متضررا أو قائما بالحق الشخصي و ذلك لمنعها من الإدلاء بشهادة أو من القيام بالإعلام عن جريمة أو تقديم شكاية أو بسبب إعلامها أو تقديمها لشكاية أو للإدلاء بشهادة.
- إذا سبق النية بالضرب و الجرح،
- إذا سبق أو صاحب الإعتداء إستعمال السلاح أو التهديد به،
- إذا إرتكبت الجريمة من مجموعة أشخاص بصفة فاعلين أصليين أو مشاركين،
- إذا كان الإعتداء مصحوبا بأمر أو متوقفا على شرط “.
وكان الفصل 208 م ج قديم ينص على ما يلي : ” يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب الضرب أو الجرح الواقع عمدا بدون قصد القتل، و الذي نتج عنه الموت، و يرفع العقاب إلى السجن بقية العمر في صورة سبق النية بالضرب و الجرح “.
في هذه الجريمة إذا كان الضرب أو الجرح الواقع عمدا لكن بدون قصد القتل و قد نتج عنه الموت فالعقاب يكون بالسجن مدة عشرين عاما.
و يرفع العقاب إلى السجن بقية العمر في حالات ظروف تشديد العقاب المنصوص عليها بالفصل 208 جديد المذكور.
جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 19604 مؤرخ في 15 نوفمبر 1986 أنه ” إذا إعتدى الجاني على الهالك بالضرب و نجم عنه الموت دون أن يقصد ذلك , فإن فعله يدخل في عداد جرائم القصد المتعدي متمثلا في جريمة الضرب المفضي إلى الموت “
الركن المادي للجريمة يتمثل في إعتداء بالضرب أو الجرح، و في حدوث القتل جراء هذا الإعتداء ,و العنصر الثاني المكون للركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في نتيجة الضرب و الجرح و المتمثلة في إزهاق نفس بشرية مما يستوجب توفير علاقة سببيه بين الضرب و الجرح و حصول الموت .
جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 6051 مؤرخ في 14 أكتوبر 1981 ” إن جريمة الجرح و الضرب الناشئ عنه الموت المنصوص عليها بالفصل 208 م ج لا تنهض قانونا إلا توفر عدة أركان من بينها يجب أن تقوم بين الضرب الصادر عن الجاني و موت المجنى عليه رابطة السببية ، و بالتالي يجب أن يثبت أن موت المجنى عليه قد حصل نتيجة للضرب المنسوب للجاني مباشرة “.
و جاء بقرار تعقيبي جزائي عدد 7667 مؤرخ في 14 جويلية 1982 أن ” جريمة العنف الشديد المتولد عنه الموت توجب في الحكم إظهار الرابطة السببية بين صدور ذلك العنف عن المهتم وإرتباط الموت بذلك العنف و تفصي ذلك من ظروف القضية و إبراز و جدان المحكمة فيه عن يقين مأخوذ مما له أصل صحيح بالملف، فالحكم على المهتم طبق الفصل 208 دون إبراز تلك العناصر فيه بصفة جلية فإن الحكم يكون قاصر التسبيب مما يعرضه للنقض ” .
اما بالنسبة للركن المعنوي ، فالعمد المقصود في هذا الفعل هو تعمد الاعتداء بالضرب والجرح لا تعمد القتل ، واذا نتج عن العنف المتعمد موت الضحية ، تكتمل أركان الجريمة و تجدر الملاحظة أن المحاولة غير معاقب عليها في هذه الجناية، ذلك لكونها لا يمكن تصورها مطلقا لإن التجريم مرتبط بحدوث القتل، و في حالة عدم توفره يتغير وصف الفعل ليصبح مناط أحد الفصول المجرمة للعنف بأنواعه الأخرى .