السفير رخا أحمد حسن يكشف أسرار المشهد الإقليمي.. ماذا ينتظر غزة ومصر؟

السفير رخا أحمد حسن دبلوماسي مصري بارز، شغل منصب مساعد وزير الخارجية الأسبق، وهو عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، يتمتع بخبرة واسعة في العلاقات الدولية والدبلوماسية، وشارك في العديد من الملفات الإقليمية والدولية المهمة، كما يُعرف بتحليلاته العميقة للأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقات المصرية الدولية.
1) كيف ترى الوضع الحالي في غزة والأزمة الفلسطينية بشكل عام؟ وهل ترى أن هناك حلولًا قريبة؟
يعيش قطاع غزة وسكانه مأساة إنسانية بشعة ومؤلمة نتيجة ممارسة إسرائيل الإبادة الجماعية والتدمير والتجويع والحصار والقتل أثناء حربها على القطاع على مدى 15 شهرًا.
وتعمل إسرائيل على إفشال اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه، ولا تريد إكمال مرحلتيه الثانية والثالثة، مكتفية بالمرحلة الأولى، كما تفرض، بمساعدة أمريكية، شروطًا جديدة، من بينها تهجير سكان القطاع، وهو ما أعلنه وتبناه الرئيس الأمريكي ترامب، ولقى رفضًا فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، لأنه ضد القانون الدولي وضد حقوق الإنسان، ويعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
لذا، فإن احتمالات إنهاء الحرب على غزة وبدء العمل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة تزداد صعوبة وتعقيدًا، إلا إذا حدث اختراق مفاجئ يتبناه الرئيس ترامب لتحقيق رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام.
2) في رأيك، كيف ستؤثر الأوضاع في غزة على الاستقرار الإقليمي في المنطقة بشكل عام؟
إذا لم يتوقف القتال في قطاع غزة، ولم يُعد إعمار القطاع، ولم يُمنع تهجير سكانه، ولم يُفتح أفق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فلن يتحقق الأمن والاستقرار والسلام، لا لإسرائيل ولا لمنطقة الشرق الأوسط.
3) هل ترى أن هناك تغيرات في التوجهات الدولية تجاه قضايا الشرق الأوسط بعد الأحداث الأخيرة في غزة؟
مصر دولة إقليمية مهمة سواء في المنطقة العربية والشرق الأوسط أو في أفريقيا أو البحر المتوسط أو في منظمة الدول الإسلامية وحركة عدم الانحياز، لذا فهي تؤثر وتتأثر بكل القضايا والأزمات في هذه المناطق والدوائر، وتتفاعل مع المتغيرات والتحديات الدولية، خاصة في المرحلة الحالية التي تتسم بالسيولة وعدم اليقين.
4) رأيك في العلاقات الدولية وتأثيرها على مصر
مصر نقطة ارتكاز مهمة في الشرق الأوسط، ولها دورها وتأثيرها وخبراتها في تناول القضايا والأزمات المختلفة، لذا، فإن أغلبية الدول، كبيرة كانت أو متوسطة أو صغيرة، ترحب بالعلاقات الجيدة والتعاون المستمر مع مصر، حتى وإن اختلفت الرؤى والمسارات في بعض القضايا والأزمات.
كما أن مصر ذاتها تحرص على تنوع علاقاتها مع مختلف القوى الإقليمية والدولية، وتساير وتتأقلم مع كل ما يستجد من متغيرات، وما يطرأ من تحديات يتم تجاوزها بالتعاون مع الجميع.
5) في ضوء الأحداث الجارية، كيف ترى تأثير السياسة الأمريكية على مصر والعلاقات المصرية الأمريكية؟
الولايات المتحدة الأمريكية قوة كبرى عالمية، ولها تأثير كبير في الشرق الأوسط، خاصة مع تبنيها لإسرائيل وسياساتها اليمينية المتطرفة، وفي الوقت نفسه، توجد بين واشنطن والقاهرة علاقات مهمة للغاية في كافة المجالات، كما توجد موضوعات وقضايا محل خلاف بينهما.
فمصر قوة إقليمية، والولايات المتحدة الأمريكية قوة عالمية، ومن ثم قد لا يلتقيان في بعض القضايا والأزمات، دون أن يحول ذلك دون استمرار التعاون بينهما فيما هو متفق عليه، والحوار حول ما هو مختلف عليه، وتدرك واشنطن مدى أهمية دور مصر في عملية السلام مع إسرائيل، وفي كثير من قضايا الشرق الأوسط.
6) هل تتوقع تحولات في موقف القوى الدولية الكبرى تجاه مصر في المستقبل القريب؟
تطرح مصر دائمًا مسارات للتعاون مع كل الدول التي تتجاوب مع هذا الطرح، ولديها بدائل تتيح مجالات لمواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية، كما أن الشعب المصري من الشعوب التي لديها قوة وعزيمة لاجتياز المراحل الصعبة بالعمل والتحمل والصبر، من أجل المحافظة على أمن واستقرار وسيادة مصر وسلامة أراضيها.
7) ما هو دور مصر في التصدي للضغوطات السياسية والاقتصادية في ظل التغيرات العالمية الأخيرة؟
تتمتع مصر بدبلوماسية عريقة منتشرة في الأغلبية العظمى من عواصم العالم والمنظمات الإقليمية والدولية، ولديها دائمًا مبادرات لمواجهة كل المتغيرات بالتعاون مع الآخرين الراغبين في التعاون.
كما أن لديها خبرات طويلة وعميقة في مواجهة واجتياز أزمات بالغة الصعوبة سبق أن مرت بها، مما أكسبها خبرة وصلابة وحصانة تحمي فاعليتها في مواجهة كل التحديات والأزمات المستجدة واجتيازها.
8) تأثير الأحداث على الدبلوماسية المصرية
دور مصر المحوري في المنطقة مطلوب من الآخرين على المستويين الإقليمي والدولي، حتى قبل أن تسعى مصر إلى القيام به، وهذا يمثل واجبًا عليها فرضه موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وحضارتها، وخبراتها المكتسبة، وقوتها الشاملة كقوة إقليمية رئيسية، ومن ثم، فإن دور مصر مستمر ومطلوب.
9) كيف ترى قدرة مصر على الحفاظ على دورها المحوري في المنطقة في ظل الضغوطات السياسية والدبلوماسية؟
السياسة المصرية تنطلق أساسًا من اعتبارات الأمن القومي المصري والمصالح المشتركة مع الآخرين، والعمل على التوفيق بينهما في إطار العمل الثنائي والجماعي المشترك، واحترام القانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام الخصوصية الثقافية للشعوب.
وبناءً على هذه الأسس، توائم مصر بين مصالحها الحيوية والمتغيرات الإقليمية والدولية، وبما لا يكون له تأثير سلبي على المقومات الأساسية لسياستها ومصالحها القومية.
10) في رأيك، هل السياسة المصرية تتعامل بمرونة كافية مع التحولات الإقليمية والدولية؟ وهل ترى أنه يجب اتخاذ خطوات إضافية لمواجهة التحديات الحالية؟
مصر تسعى دائمًا إلى التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية بما يحقق مصالحها الوطنية، دون المساس بثوابتها الأساسية، كما أنها تمتلك رؤية استراتيجية طويلة المدى تمكنها من مواجهة التحديات المختلفة، مع استمرار الحاجة إلى تقييم مستمر للسياسات المتبعة، واتخاذ ما يلزم من خطوات إضافية للحفاظ على استقرارها وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
بقلم: أماني يحيي