إقتصاد عالميمقالات قانونية

الحق في التنقل و السفر

بقلم جابر غنيمي
دكتور في القانون

الحق في التنقل هو جق طبعي و حق دستوري و يعرف بانه حق كل فرد في الانتقال من مكان إلى آخر سواء ٍ داخل الدولة الواحدة أو من دولة إلى أخرى غير خاضع في ذلك لأي مانع أو قيد إلاّ ما يفرضه القانون ً . و عرفها البعض بانها إمكانية تغيير الفرد لمكانه وفقا ّلمشيئته والذهاب و المجيئ داخل بلده حيث شاء، والخروج منه والعودة إليه دون أن تحده عوائق، وذلك لقضاء ما يحتاجه في حياته الخاصة والعامة . وقد أسماها بعض المعاصرين بحرية الحركة، أو حرية الذهاب والإياب ، بينما أطلق عليها آخرون اسم “حرية الغدو والرواح”.
و الحق في التنقل يطرح إشكالية تتعلق بأسسه و صوره و حدوده.
و للإجابة على هذه الإشكالية سأتعرض في مبحث اول الى أسس و صور الحق في التنقل و في جزء ثان الى حدود الحق في التنقل و موقف المحكمة الادارية.
المبحث الأول: أسس و صور الحق في التنقل
الحق في التنقل له أسس قانونية ( المطلب) و يتخذ عدة صور( المطلب الثاني)
المطلب الاول: أسس الحق في التنقل:
تعتبر حرية التنقل من الحريات الأساسية ذلك أن الإنسان كائن متحرك ميزه االله بالعقل، واستخلفه في الأرض التي ذلّلها له وأمره أن يمشي في ّ بطبيعته، مي مناكبها، ويأكل من رزقه الذي بسطه له فيها، ومن ثم كانت الحركة أو التنقل قوام الحياة، ومن ضروراتها، كضرورة الماء والهواء لأن الحركة وسيلة للعمل، والعمل وسيلة للكسب، والكسب وسيلة للحياة، هذا فضلاً عن أن في الحركة والتنقل حماية لصحة الإنسان الجسدية والنفسية على حد سواء.
وانطلاقا من هذا التصوير الفطري لحرية التنقل والحركة فقد تضافرت الاسس القانونية في التأكيد على هذه الحرية ولزومها للإنسان .
و للحق في التنقل أسس قانونية دولية و وطنية.
1- الأساس القانوني الدولي:
نصت المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان على انه”
1- لكل فرد حق في حرية التنقل وفى اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة.
2- لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده.”
كما نصت المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على انه ”
1- لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته.
2-لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
3-لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد.
4- لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.”
اما على المستوى الإقليمي فقد استدرك الاتحاد الأوروبي إغفاله لهذا الحق في اتفاقية حقوق الانسان الاوروبية المبرمة في 4 نوفمبر 1950 والبرتوكول الأول الملحق بها والمبرم في 18 ماي 1954 ليتم إقراره صراحة من خلال البروتوكول الرابع والذي نص في الفقرة 1 من المادة 4 على أنه: “لكل شخص موجود على وجه مشروع في إقليم دولة الحق في حرية التنقل”.
وبالنسبة لمنظمة الدول الأمريكية فقد جاء في إعلانها لحقوق وواجبات الإنسان المبرم سنة 1948 عنوان المادة 8 : “الحق في الاستقرار والتنقل “.
أما الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب فقد نص من خلال مادته 12 (الفقرة 1) على أنه: “لكل شخص الحق في التنقل “.
وبدورها نصت الفقرة 1 من المادة 26 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان (الصادر في اطار جامعة الدول العربية عام 2004) على هذه الحرية والتي جاء فيها أنه “لكل شخص يوجد بشكل قانوني على إقليم دولة طرف حرية التنقل “.
وقد أكد كذلك إعلان حقوق الإنسان في الإسلام على هذا الحق، حيث نصت المادة 12 منه على أن: “كل إنسان الحق في إطار الشريعة في حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها.”.

2- الأساس القانوني الوطني:
إن حرية التنقل تعد من أهم الحريات الأساسية المضمونة دستوريا إذ يقتضي الفصل 30 من الدستور التونسي المؤرّخ في 25 جويلية 2022 أنّه “لكلّ مواطن الحرّية في اختيار مقرّ إقامته وفي التّنقّل داخل الوطن وله الحقّ في مغادرته.”.
المطلب الثاني: صور حرية التنقل
تأخذ حرية التنقل صورا متعددة . و تشكل هذه الصور اهم المرتكزات التي يستند عليها حق التنقل ومنها:
1- حرية الحركة واختيار محل الإقامة:
ويقصد بها حرية التنقل الداخلي في إطار الدولة الواحدة أي في نطاقها الإقليمي، فالإنسان بطبيعته كائن متحرك لا بد له من التنقل والانطلاق من مكان لآخر وفي ً ذلك حماية لصحته النفسية والجسمية معا.
كما أن اختيار الأفراد لمكان إقامتهم وعدم تحديده لهم على وجه الإلزام، يعد أحد اهم مرتكزات ً حرية التنقل، فالفرض الجبري للإقامة يعد قيدا سلبيا لحرية التنقل لان الفرد له حرية مطلقة في الإقامة بأي جزء من إقليم الدولة إلا إذا كانت هناك أسباب تسوغ ً الحرمان من الإقامة في جهة معينة على شرط ان يكون الحرمان مؤقتا.
2-حرية تنقل الأجانب:
اتفقت العهود والمواثيق والإعلانات على أن الأجنبي يتمتع بحرية التنقل خارج بلده وإن لم تكن بنفس القدر الذي يتمتع به المواطن بفعل القيود التي تفرضها الأنظمة واحتياطات الأمن لدى البلد المستقبل، فابتدأت أولاً بحقه في الدخول والخروج من وإلى بلده ، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: “لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده” ّ .
ونصت الفقرة 2 من المادة 12 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه: “لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده”. كما نصت الفقرة 4 من نفس المادة على حق الإنسان في: “الدخول إلى بلده وعدم التعسف في حرمانه من ذلك “.
أما على المستوى الإقليمي فقد نصت الفقرة 2 من المادة 1 من البرتوكول الرابع الملحق بالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان على أنه: ” لكل شخص حرية الخروج من أية دولة بما في ذلك دولته “.
وبدوره الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان نص على هذا الحق الا انه جعله مقيدا بإجراءات حماية الأمن القومي والنظام العام والصحة والأخلاق العامة حيث نصت الفقرة 2 من المادة 12 من هذا الميثاق على أنه: “لكل شخص الحق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده، كما أن له الحق في العودة إلى بلده ولا يخضع هذا الحق لأية قيود إلا إذا نص عليها القانون وكانت ضرورية لحماية الأمن القومي، النظام العام، الصحة، أو الأخلاق العامة” . كما نصت الفقرة 4 من نفس المادة على منع طرد ً الأجنبي المقيم بصفة قانونية إلاّ طبقا للقانون، حيث جاء فيها : “لا يجوز طرد الأجنبي طبقا الذي دخل بصفة قانونية إلى أراضي دولة ما طرف في هذا الميثاق إلا بقرار مطابق للقانون”، كما منعت من خلال الفقرة 5 “الطرد الجماعي للأجانب الذي يستهدف مجموعات عنصرية، عرقية أو دينية “.
أما على المستوى العربي فقد نصت الفقرة 2 من المادة 26 للميثاق العربي لحقوق الإنسان (الصادر سنة 2004) على أنه: “لا يجوز لأية دولة طرف إبعاد أي شخص لا يحمل جنسيتها ومتواجد بصورة شرعية على أراضيها إلا بموجب قرار صادر وفقا للقانون وبعد تمكينه من عرض تظلمه على الجهة المختصة ما لم تحتم دواعي الامن الوطني خلاف ذلك. وفي كل الأحوال يمنع الإبعاد الجماعي .”.
3- حق التنقل طلبا للجوء:
ضمن القانون الدولي للحقوق الإنسان الحق في طلب اللجوء إذا ما تعرض الإنسان للاضطهاد والملاحقة داخل بلده، فقد نصت المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الفقرة 1 على أنه: “لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصا من الاضطهاد”. بشرط أن لا تكون هذه الملاحقة ناشئة عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تتناقض مع مقاصد الأمم المتحدة، حيث نصت الفقرة 2 من نفس المادة السابقة على أنه: ” لا يمكن التذرع بهذا الحق إذا كانت هناك ملاحقة ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها”.
وبدورها نصت الفقرة 2 من المادة 12 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب على أنه: “لكل شخص الحق عند اضطهاده في أن يسعى ويحصل على ملجأ في أي دولة أجنبية طبقا لقانون كل بلد وللاتفاقيات الدولية “.
و قد نص الفصل 32 من دستور 2022 – على ان ” حق اللّجوء السياسي مضمون طبق ما يضبطه القانون، ويحجّر تسليم المتمتعين باللجوء السياسي”.
الجزء الثاني: القيود الواردة على حرية التنقل :
ان الحد من حرية التنقل يقتضي احترام جملة من الشروط ( المطلب الأول) و هو ما كرسه فقه قضاء المحكمة الإدارية ( المطلب الثاني)

المطلب الأول: شروط الحد من الحق في التنقل
ان حرية التنقل ليست مطلقة، بل خوّل المشرّع الدّستوري التونسي للمشرّع العادي صلاحية التّقييد والحد منها شريطة إعمال مقتضيات الفصل 55 من دستور 2022 “لا توضع قيود على الحقوق والحرّيات المضمونة بهذا الدّستور إلاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطيّ وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العامّ أو الدّفاع الوطنيّ أو الصّحة العموميّة.
ويجب ألاّ تمسّ هذه القيود بجوهر الحقـــوق والحرّيات المضمونة بهذا الدّستور وأن تكون مبرّرة بأهدافها، متناسبة مع دواعيها..”
تتمثل هذه الشروط في:
1- و جود قانون: لا بد من وجود قانون ينص على الحد من حرية التنقل.
2- شرط الضرورة: لا يد من وجود ضرورة يقتضيها نظام ديمقراطيّ وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العامّ أو الدّفاع الوطنيّ أو الصّحة العموميّة.
3-عدم المساس بجوهر الحق:
يقوم هذا الشرط الذي عبر عنه الفصل 55 من الدستور التونسي بعبارة ” و بحب ان لا تمس هذه القيود بجوهر الحقـــوق والحرّيات المضمونة “. و بقصد به عدم المساس بالحقوق الأساسية و الحريات المضمونة للأفراد .
4- شرط التناسب: يحب ان تكون الحدود أن تكون مبرّرة بأهدافها، متناسبة مع دواعيها.
المطلب الثاني: موقف فقه القضاء الاداري من مسالة الحد من حق التنقل
وبالرّجوع إلى فقه قضاء المحكمة الإداريّة منذ تأسيسها سنة 1972 إلى اليوم، يتبيّن أنّ قضائها استقرّ على جملة من المبادئ بخصوص النزاعات التالية:
1- تحجير السّفر:
جرى قضاء المحكمة الإدارية على اعتبار أنّ المشرّع أقرّ حق كلّ مواطن تونسي في الحصول على جواز سفر وتجديده أو التمديد في صلوحيته، ولم يقيّد هذا الحق إلاّ في حالة ما إذا كان من شأن سفر المعني بالأمر النيل من النظام أو الأمن العامين، على أن يكون ذلك بمقتضى قرار قضائي و طبق ما يقتضيه القانون.
فقد نص الفصل 15 من قانون عدد 40 لسنة 1975 مؤرخ في 14 ماي 1975 يتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر.
” يمكن سحب جواز السفر العادي أثناء مدة صلوحيته في الحالات التالية:
‌ج- بناء على قرار قاضي التحقيق أو دائرة الاتهام أو المحكمة المتعهدة بالنسبة إلى المظنون فيه صاحب الجواز الذي بقي بحالة سراح أو عند وقوع الإفراج عنه مؤقتا بعد إيقافه من أجل جناية أو جنحة تستوجب عقابا بالسجن لا يقل عن عام واحد.
‌د- إذا كان من شأن سفر المعني بالأمر النيل من النظام أو الأمن العامين، بشرط أن تحصل الإدارة على إذن قضائي عن طريق النيابة العمومية صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية في الغرض.”
و خول الفصل 15 مكرر من قانون 1975 ” لقاضي التحقيق في إطار قضية تحقيقية متعهد بها اتخاذ قرار في تحجير السفر على المظنون فيه. ويكون القرار معللا وينفذ فورا بعد إحالته على وكيل الجمهورية للاطلاع. ويعلم به المظنون فيه أو محاميه بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا في غضون ثلاثة أيام من تاريخ صدوره على أقصى تقدير.
و يمكن للمحكمة المتعهدة في إطار قضية جزائية جارية من أجل جناية أو جنحة تستوجب عقابا بالسجن لا يقل عن عام واحد اتخاذ قرار معلل في تحجير السفر على المظنون فيه.
وفي جميع الحالات ، يتحتم رفع تحجير السفر بانقضاء أجل أربعة عشر شهرا من تاريخ صدوره. ويكون ذلك بمقتضى قرار كتابي يتخذ من قبل الجهة القضائية المتعهدة في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ انقضاء الأجل المذكور. ولا ينتفع بأحكام هذه الفقرة كل من تعمد التخلف عن حضور إجراءات التتبع أو المحاكمة الجارية ضده.
في حالة التلبس أو التأكد، للنيابة العمومية اتخاذ قرار وقتي معلل في تحجير السفر لمدة أقصاها خمسة عشر يوما مع وجوب التنصيص بهذا القرار على أن التحجير يرفع آليا بانتهاء الأجل المذكور.
كما نص الفصل 15 (رابعا)– من قانون 1975 إذا كان من شأن سفر حامل الجواز النيل من الأمن العام ولو في غياب التتبع أو الحكم ضده، يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها محل إقامة حامل الجواز، وبطلب من الإدارة عن طريق النيابة العمومية، تحجير السفر عليه بعد استدعائه بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا بمقتضى قرار معلل للمدة التي يحددها على ألا تتجاوز في جميع الحالات ثلاثة أشهر. وعلى طالب الإذن إعلام المعني بالأمر به طبقا للإجراءات المقررة بمجلة المرافعات المدنية والتجارية في غضون ثلاثة أيام من تاريخ صدوره على أقصى تقدير.
يتم الطعن في القرار الصادر عن رئيس المحكمة طبقا للإجراءات المقررة في مادة الأذون على المطالب.
(حكم ابتدائي اداري صادر تحت عدد 139186 بتاريخ 14 جويلية 2015).
غير أنه يلاحظ بالرّجوع إلى مجمل النزاعات المطروحة أمام المحكمة الإدارية أن الإدارة قد تعمد في بعض الحالات إلى الاستناد إلى أحكام الفصل 4 من الأمر عدد 342 لسنة 1975 المؤرخ في 30 ماي 1975 المتعلق بضبط مشمولات وزارة الداخلية (منشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، السنة 118، عدد 39 بتاريخ 10 جوان 1975، ص1469-1470) المتضمّن مراقبة جولان الأشخاص بكامل تراب الجمهورية وخاصة بالحدود الترابية والبحرية ومباشرة الشرطة الجوية، وذلك بقصد التقييد من حرية التنقل دون إذن قضائي في الغرض، وذلك في إطار مهمّتها في حفظ الأمن العام، الأمر الذي يدفع المحكمة في كلّ مناسبة إلى التّشديد على أن تلك المراقبة لا يمكن أن تتعدّى المراقبة الأمنية العادية والضرورية التي يخضع لها المسافرون في الدخول والخروج إلى أرض الوطن، دون تمييز بينهم، ولا يمكن بأيّ حال أن تتحوّل إلى إجراءات استثنائية قد تصل إلى رفض تجديد جواز السفر ومنع الشخص من مغادرة أرض الوطن.
2- الإجراء الحدودي S17:
أما بخصوص ما عرف بالإجراء الحدودي S17 والذي درجت المحكمة الإدارية على تعريفه بأنه يتمثل في تعمد مصالح وزارة الداخلية اتخاذ قرار تعطيل العارض في التنقل و السفر وإخضاعه إلى إجراء الاستشارة (S17) قبل السماح له بالتنقل، فقد استقر القضاء الإداري منذ سنوات على اعتبار أنه طالما لم يتضمّن التشريع الوطني أيّ إجراء قانوني يسمّى (S17)، يُطلق يد الإدارة في الحدّ من حرية الأفراد المشتبه فيهم في التنقل دون حكم أو إذن قضائي، فإنّ وزير الداخلية يكون قد استحدث إجراء جديدا يحدّ من الحريات لم ينص عليه القانون ويكون قد حال دون وصول المواطن إلى ممارسة حقه في التنقل، عبر استعمال إجراء غير ملائم، ناهيك أنّ ذلك الإجراء يتعارض وحسن ممارسة الأفراد حريتهم في التنقل، فضلا عمّا يشوبه من تمييز بين الأفراد في ممارسة حقوقهم دون وجه شرعي (الحكمين الابتدائيّين الصّادرين عن المحكمة الإداريّة تحت عدد 155750 وعدد 155751 بتاريخ 3 ماي 2019).
الخاتمة :
– حرية التنقل في كل من القانون الدولي و القانون الوطني مظهر أساسي من مظاهر الإنسانية، وحق لصيق بالحقوق والحريات الشخصية.
– حرية التنقل كغيرها من الحقوق والحريات العامة ليست منحة من المجتمع أو الحاكم أو القانون، بل هي حق طبيعي ومظهر من مظاهر الفطرة المجسدة على الواقع الإنساني، وهبها االله للإنسان تكريما له .
. – القيود الواردة على حرية التنقل في كل من القانون الدولي و القانون الوطني إنما هي قيود واردة على الممارسة لا على أصل الحرية، وذلك منعا من تصادم هذه الحرية مع حقوق أهم منها اعتبارا وترتيبا. و لا بد ان تكون وفقا للقانون.
– المحكمة الإدارية تراقب شرعية القرارات القاضية بالخد من حرية التنقل، لذا يتعين الإذعان لقرارات المحكمة الإدارية القاضية بإلغاء قرارات الحد من حرية التنقل حيث ينص الفصل10 من قانون عدد 40 لسنة 1972 مؤرخ في غرّة جوان 1972 يتعلق بالمحكمة الإدارية :”يعتبر عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الإدارية خطأ فاحشا معمرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر”. حيث يترتب عن عدم التنفيذ قيام مسؤولية الإدارة و الزامها بالتعويض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى