مقالات قانونية

الجرائم الانتخابية

بقلم: الدكتور جابر غنيمي

المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد

مدرس جامعي

يعد الانتخاب من أهم أسس و مبادئ النظام الديمقراطي. و يرى البعض أن لا قيمة للديمقراطية ما لم يكن الانتخاب وسيلة لاختيار الحكام ، أما إذا شاب الانتخابات تلاعب أو تزوير و الذي يشكل مساس بالعملية الانتخابية فيطلق على هذه الأفعال جرائم انتخابية.
والجرائم الانتخابية تعد من الجرائم ذات الطبيعة الخاصة والمرحلية كونها تمس جوهر العملية السياسية وما ينتج عنها من نظام سياسي، لذا أحاطها المشرع بعدة ضمانات للحد من وقوعها ووضع الجزاء لمن يخالفها.
والجرائم الانتخابية تقع في فترة زمنية محدودة خلال مرحلة الانتخابات سواء في المرحلة التحضيرية او مرحلة الانتخاب أو مرحلة العد والفرز وإعلان النتائج، وهي تقع من المرشح أو الناخب على الأغلب أو من أي شخص آخر.
و نلاحظ إن اغلب التشريعات الانتخابية لم تورد تعريفا للجريمة الانتخابية و اكتفت بذكر صورها.
و قد أورد الفقه عدة تعريفات للجريمة الانتخابية فعرفها البعض بانها ” جرائم وقتية ذات طبيعة خاصة ترتكب بصدد العملية الانتخابية بكافة مراحلها بدء من القيد في الجداول الانتخابية مرورا بحملات الدعاية و التصويت ثم الفرز و إعلان النتائج”.
و عرفها آخرون بأنها ” أفعال من شانها المساس بالعملية الانتخابية في مراحلها المختلفة” . و عرفها البعض الأخر بأنها” كل عمل او امتناع يترتب عليه اعتداء على العمليات الانتخابية و يقرر القانون على ارتكابه عقابا”.
و عرفها ناجي البكوش بأنها” جريمة سياسية تستهدف النيل من سلامة السير و السليم للعملية الانتخابية التي هي مصدر سلطة المنتخبين”.
و قد ضبط القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات و الاستفتاء المنقح بمقتضى المرسوم عدد 5 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 الأفعال التي تمثل جرائم انتخابية.
و يمكن تقسيم هذه الجرائم إلى جرائم متصلة بالتحضير للعملية الانتخابية { المبحث الأول} و جرائم متصلة بمرحلة سير العملية الانتخابية { المبحث الثاني}
المبحث الأول: الجرائم المتصلة بالتحضير للعملية الانتخابية
تتمثل الجرائم المتصلة بمرحلة التحضير للعمليات الانتخابية في جرائم متصلة بالمرحلة السابقة للحملة الانتخابية { الفقرة الأولى}، و جرائم متصلة بمرحلة الحملة الانتخابية { الفقرة الثانية}
الفقرة الأولى: الجرائم المتصلة بالمرحلة السابقة للحملة الانتخابية
و تشمل الجرائم المتعلقة بالاعتراض على القائمات الانتخابية {أ} و بمطلب الترشح سواء للانتخابات الرئاسية أو التشريعية أو البلدية {ب}
الجرائم المتصلة بالاعتراض على القائمات الانتخابية:

  • تعمد تضمين بيانات كاذبة في مطلب الاعتراض على القائمات الانتخابية:
    تضبط الهيئة قائمة الناخبين في كل دائرة انتخابية بالنسبة إلى كلّ بلدية وكلّ معتمدية أو عمادة بخصوص المناطق غير البلدية. كما تتولى الهيئة بإعانة البعثات الدبلوماسية أو القنصليّة التونسيّة بالخارج، ضبط قائمات الناخبين ومراجعتها بالنسبة إلى التونسيين بالخارج، طبق الشروط والإجراءات القانونية الصادرة عن الهيئة.
    وتوضع قائمات الناخبين على ذمة العموم بمقرّات الهيئة ومقرّات البلديات أو المعتمديات أو العمادات ومقرّات البعثات الدبلوماسية أو القنصليات التونسيّة بالخارج. وتنشر هذه القائمات بالموقع الإلكتروني الخاص بالهيئة، أو بأي طريقة أخرى تضمن إعلام العموم.
    وتضبط الهيئة آجال وضع قائمات الناخبين على ذمة العموم، ومدة نشرها، وتعلن عن حلول هذه الآجال بواسطة وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والمرئية مع الحرص على توفير مترجمين مختصين في لغة الإشارة.
    و يقع الاعتراض أمام الهيئة، على قائمات الناخبين المتعلقة بدائرة انتخابية، إلى شطب اسم أو ترسيمه أو تصحيح خطأ في قائمة ناخبين.، خلال 48 ساعة الموالية لتاريخ انقضاء أجل وضع القائمات على ذمة العموم، بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا.
    و يعاقب كل من أورد عمدا بيانات كاذبة في مطلب الاعتراض على القائمات الانتخابية بالسجن 6 أشهر وبخطية قدرها ألف دينار.
    ب- الجرائم المتصلة بمطلب الترشح:
    و يشمل مطلب الترشح سواء الترشح للانتخابات الرئاسية أو التشريعية او البلدية.
    و تتمثل هذه الجرائم في:
  • تعمد تضمين بيانات كاذبة في مطلب الترشح:
  • انتحال اسم أو صفة أو الادلاء بتصريحات أو شهائد مدلّسة أو اخفاء حالة حرمان نص عليها القانون:
    و يترتب عن تلك الجرائم عقوبة بالسجن 6 أشهر وبخطية قدرها ألف دينار.

الفقرة الثانية: الجرائم الانتخابية المتعلقة بالحملة الانتخابية
و تضم جرائم متعلقة بمخالفة المبادئ المنظمة للحملة الانتخابية {أ}و جرائم متعلقة بتنظيم العملية الانتخابية {ب}و جرائم متعلقة بتمويل الحملة الانتخابية {ج}
الجرائم المتعلقة بمخالفة المبادئ المنظمة للحملة الانتخابية:
و تشمل الجرائم التالية:

  • توزيع وثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالإدارة والمؤسسات والمنشآت العمومية، من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها:
  • توزيع وثائق أو نشر شعارات أو خطابات متعلقة بالدعاية الانتخابية أو بالاستفتاء وذلك مهما كان شكلها أو طبيعتها بالمؤسسات الخاصّة غير المفتوحة للعموم، من قبل رئيس الإدارة أو الأعوان العاملين بها أو منظوريها أو الموجودين بها :
  • الدعاية الانتخابية والمتعلقة بالاستفتاء بمختلف أشكالها، بالمؤسسات التربوية والجامعية والتكوينية وبِدُور العبادة، و إلقاء خطب أو محاضرات أو توزيع إعلانات أو وثائق أو القيام بأي نشاط دعائي بها:
    و عقوبة هذه الجرائم خطية مالية من ألفين إلى خمسة آلاف دينار.
  • استعمال الوسائل والموارد العمومية لفائدة قائمة مترشّحة أو مترشّح أو حزب:
  • الدعاية الانتخابية أو المتعلقة بالاستفتاء تتضمن الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز:
    ويعاقب عن هذه الجرائم بالسجن من ستة أشهر إلى سنة.
  • الإشهار السياسي: و يترتب عنها خطية مالية من 5 آلاف إلى 10 آلاف دينار.
  • تعمد مترشّح النّيل من عرض مترشّح آخر أو كرامته أو شرفه أو من انتمائه الجهويّ أو المحليّ أو العائليّ: ويُعاقب بالسّجن من سنتين إلى خمس سنوات، ويُمكن للهيئة في حال ثبوت ذلك إلغاء الأصوات التي تحصّل عليها .
  • تخصيص رقم هاتف مجاني بوسائل الإعلام أو موزع صوتي أو مركز نداء لفائدة مترشّح أو قائمة مترشّحة أو حزب: و يترتب عنه خطية مالية قدرها 3 ألاف دينار.

ب- الجرائم المتعلقة بتنظيم الدعاية الانتخابية:
و تشمل الجرائم التالية:

  • استعمال علم الجمهوريّة التونسيّة أو شعارها في المعلقات الانتخابية والمتعلقة بالاستفتاء:
  • تعليق خارج الأماكن التي تخصصها البلديات و المعتمديات و العمادات لوضع المعلقات لكلّ قائمة مترشّحة أو مترشّح أو حزب. وفي الأماكن المخصّصة لبقية القائمات المترشّحة أو المترشّحين أو الأحزاب:
  • إزالة معلّقة تم تعليقها في المكان المخصّص لها أو تمزيقها أو تغطيتها أو تشويهها أو جعل قراءتها غير ممكنة بأي طريقة كانت أو بشكل يؤول إلى تغيير محتواها:
    و يترتب عنها خطية مالية من خمسمائة دينار إلى ألف دينار.
  • استعمال وسائل إعلام أجنبيّة: ويترتب عنها خطية مالية من ألفين إلى خمسة آلاف دينار.
  • الدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي: ويترتب عنها خطية مالية من 3 آلاف دينار إلى 20 ألف دينار.
  • بث ونشر نتائج سبر الآراء التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات والاستفتاء والدراسات والتعاليق الصحفيّة المتعلقة بها عبر مختلف وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء وخلال فترة الصمت الانتخابي: ويترتب عنها خطية مالية من 20 ألف دينار إلى 50 ألف دينار.
    ج- الجرائم المتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية:
  • تمويل الحملة بمصادر أجنبيّة بما فيها الحكومات والأفراد والذوات المعنوية او مجهول المصدر: ويُعتبر تمويلاً أجنبياً المال الذي يتخذ شكل هبة أو هدية أو منحة نقدية أو عينية أو دعائية مصدرها أجنبي وفق التشريع الجبائي، مهما كانت جنسية الممول.
    ويُعاقب بالسّجن لمدّة خمس سنوات، ويُحرم وجوبًا من الترشّح لأيّ انتخابات قادمة من تاريخ صدور الحكم بالإدانة.
     وإذا ثبت لمحكمة المحاسبات أنّ المترشّح أو القائمة المترشّحة أو الحزب قد تحصّل على تمويل أجنبيّ أو مجهول المصدر لحملته الانتخابيّة، فإنّها تحكم بإلزامه بدفع خطيّة ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التّمويل الأجنبيّ أو مجهول المصدر.
    ويفقد المترشّح المتمتّع بالتّمويل الأجنبي أو مجهول المصدر عضويّته بالمجلس المنتخب.

المبحث الثاني: الجرائم الانتخابية المتعلقة بسير العملية الانتخابية
و تصنف الى جرائم متعلقة بالتأثير على الناخبين والتصويت غير المشروع { الفقرة الأولى} و جرائم متعلقة بالإخلال بإنتظام عملية التصويت ونتائجها {الفقرة الثانية}
الفقرة الأولى: الجرائم االإنتخابية المتعلقة بالتأثير على الناخبين والتصويت غير المشروع:
و تشمل:

  • تقديم عطايا نقديّة أو عينيّة قصد التّأثير على النّاخب:
  • حمل النّاخب على الإمساك عن التصويت سواء كان ذلك قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده:
    ويعاقب عن تلك الجرائم بالسجن مدة سنة وبخطية قدرها ألفا دينار.
    وتقضي المحكمة وجوبا بفقدان المترشّح لعضويّته بمجلس نوّاب الشّعب وحرمانه من حق الترشّح مدى الحياة. كما تقضي بحرمان النّاخب المستفيد من العطايا من حقّه في الانتخاب لمدّة عشر سنوات كاملة بداية من صدور الحكم النّهائي بالإدانة:
  • الاقتراع بأكثر من مكتب اقتراع:
    و يترتب عن تلك الجرائم عقوبة بالسجن 6 أشهر وبخطية قدرها ألف دينار.

الفقرة الثانية: الجرائم الإنتخابية المتعلقة بالإخلال بإنتظام عملية التصويت و نتائجها :

  • تعمّد إفشاء سر يتعلق باختيار الناخب المعاق من طرف مرافقه: و يُعاقب بخطية قدرها 500 دينار .
  • تخلف رئيس مكتب اقتراع أو عضو مكتب اقتراع دون عذر شرعي عن الالتحاق يوم الاقتراع بمكتب الاقتراع:
  • تسبّب عضو من أعضاء مكتب الاقتراع دون عذر شرعي في تأخير انطلاق عملية الاقتراع في الوقت المحدّد لذلك أو أوقفها دون مبرر قبل الوقت المقرّر لانتهائها أو تباطأ في اتخاذ أي إجراء من الإجراءات المقرّرة في الغرض قصد إعاقتها أو تأخيرها:
    ويعاقب عن تلك الجرائم بخطية قدرها ألف دينار.
  • امتناع رئيس مكتب اقتراع عن فتح صندوق الاقتراع أمام الحاضرين من ممثلي المترشّحين أو ممثّلي القائمات أو الأحزاب أو الملاحظين قبل انطلاق عملية الاقتراع للتأكّد من أنه فارغ: ويعاقب بالسجن مدة شهر وبخطية قدرها ألف دينار.
  • تعمد القيام داخل مركز أو مكتب الاقتراع أو بمحيطه خرق سريّة الاقتراع أو المس بنزاهته أو الحيلولة دون إجراء الاقتراع:
  • الاعتداء على أعضاء مكاتب الاقتراع أو الفارزين بالسّب أو القذف أو التهديد أثناء تأديتهم لعملهم أو بسببه مما ترتّب عنه تعليق عملية الاقتراع أو الفرز:
    ويعاقب عن تلك الجرائم بالسجن مدة سنة وبخطية قدرها ألفا دينار.
  • تعمّد شخص عرقلة أيّ ناخب لمنعه من ممارسة حقّه الانتخابي:
  • تسريب أوراق التّصويت خارج مكتب الاقتراع:
    و يعاقب عن تلك الجرائم بالسّجن من سنتين إلى خمس سنوات وبخطيّة ماليّة من ألفين إلى 5 آلاف دينار.
  • الاعتداء على حرية الاقتراع باستعمال العنف أو التهديد به سواء مباشرة على الناخب أو على أقاربه أو بالتهديد بفقدان وظيفته أو عرّض الناخب في شخصه أو ممتلكاته إلى ضرر:
  • تعمّد إحداث الفوضى والشغب داخل مكاتب الاقتراع أو في محيطها أو أقدم بواسطة تجمّعات أو مظاهرات على إحداث الفوضى والاضطرابات في سير عملية الاقتراع:
    ويعاقب عن تلك الجرائم بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات وبخطية مالية من 3 آلاف إلى 5 آلاف دينار.
  • قيام عضو مكتب اقتراع أو أيّ من الفارزين بتدليس أوراق التصويت أو محضر الاقتراع أو محضر الفرز أو أوراق تجميع النتائج أو تعمّد قراءة ورقة التصويت على غير حقيقتها أو بخلاف ما ورد فيها:
  • اختلاس أو اتلاف أو حجز محاضر أو صناديق الاقتراع أو أوراق التصويت:
  • تعمد كسر صندوق الاقتراع وإتلاف الأوراق والوثائق المضمّنة به أو إبدال الأوراق والوثائق التي يحتويها بأوراق تصويت ووثائق أخرى أو بأيّ أعمال أخرى ترمي إلى تغيير أو محاولة تغيير نتيجة الاقتراع والنيل من سرّية التصويت:
  • تسخير او استءجار أشخاص قصد تهديد الناخبين أو الإخلال بالنظام العام:
  • اقتحام مكاتب الاقتراع أو مراكز الجمع أو المكاتب المركزية باستعمال العنف لتعطيل عملية الاقتراع أو الفرز:
    ويعاقب عن تلك الجرائم بالسجن لمدة 6 سنوات وبخطية مالية قدرها 5 آلاف دينار.
    ويرفّع العقاب إلى السجن لمدة 10 سنوات إذا كان المقتحمون أو من حاولوا الاقتحام حاملين لأسلحة.
    وتجدر الإشارة إلى انه يمكن تسليط على جميع الجرائم الانتخابية – علاوة على العقوبات الأصلية المقررة للجرائم الانتخابية- عقوبة تكميلية تقضي بالحرمان من الحق في الاقتراع لمدّة لا تقل عن سنتين ولا تتعدى ستّ سنوات على مرتكب إحدى الجرائم الانتخابية التي سُلطت عليه بمقتضاها عقوبة بالسجن لمدّة سنة أو أكثر.
    ويعاقب كل من الشريك أو الوسيط أو المحرض على ارتكاب أي من الجرائم الانتخابية بالعقوبة المقررة للفاعل الأصلي.
    والمحاولة موجبة للعقاب.
    و تسقط بالتقادم الجرائم الانتخابية إثر انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى