الأخبارتونس

التحرش الجنسي

إعداد: جابر غنيمي دكتور في القانون

المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد

مدرس جامعي

  •  التحرش لغة:
    التحرش : من الحرش و التحريش بمعنى إغراؤك الإنسان و الأسد ليقع بقرنه، و حرش بينهم : أفسد و أغرق بعضهم ببعض
    قال الجوهري : ” التحرش الإغراء بين القوم و كذلك بين الكلاب”.
    و في الحديث النبوي الشريف أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن التحريش بين البهائم، و هو الاغراء و تهييج بعضها على بعض، كما يفعل بين الجمال و الكباش و الديوك وغيرها، وفي الحديث أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب و لكن في التحريش بينهم أي حملمهم على الفتن و الحروب.
    أما المعجم الفرنسي لروس، فقد عرف فعل – تحرش – بأنه إخضاع شخص أو مجموعة إلى هجمات متوالية و ملحة، و قد تعمدنا إدراج تعريف المصطلح باللغة الفرنسية حتى لا يلتبس في قراءة نص المادة القانونية باللغة الفرنسية في القانون الجنائي المغربي.
    أما كلمة – جنسي – فهي نسبة إلى الجنس و هو في لسان العرب النوع من كل شيء، و ليس فيه أي دلالة على غريزة الوطء و شهوة الفرج على عكس ما يقابله في اللغة الفرنسيـة Sexuel فهو يشير بوضوح إلى ما يدل على الجماع و المضاجعة و التناسل و التوالد، و استعمال كلمة جنسي بهذا المعنى في اللغة العربية يعتبر هجينا و مستحدثا.
  • التحرش الجنسي اصطلاحا:
    أمــا إصطلاحا فالمبدأ أن التحرش الجنسي يطال النساء فقط، و هو عمل واعي مقصود يقوم فيه إنسان مهووس، له نزعة جنسية أو شهوة، يريد بأساليب مختلفة، سمعية أو بصرية، أو رمزية و أحيانا جسدية مباشرة مثل الملامسات و التقارب الجسد يبتغي به الإثارة الجنسية أو إشباع رغبة جنسية، فيقوم عادة باقتحام حميمية الآخر أو إندفاع جسدي مباشر دون رضاه، إذ بعد رفض الغير يصبح هذا العرض فرضا، و بالتالي فإستراتيجية المعتدي تقوم على إضعاف إرادة الضحية و حملها على القبول بمشاعره و هو ما يثير لدى الضحية مشاعر قرف و إرتباك و إنزعاج بحدة، و قد يتصور أن يكون هذا الإقتراب عن طريق الهاتف عندما يصبح قرينا بالإلحاح و الملاحقة.
    و الواقع أن أكثر حالات التحرش الجنسي تقع من الرجال على النساء، غير أن هذا لا ينفي العكس فقد يقع من غير الرجال على غير النساء، فلم تحدد معظم التشريعات جنس الجاني و الضحية، و ها هنا لا عجب فالقرآن الكريم تحدث عن أشهر قصة تحرش جنسي في التاريخ، كان المتحرش فيها امرأة و المتحرش به رجلا، أوردتها سورة يوسف، حيث تحرشت زوجة عزيز مصر بنبي الله يوسف عليه السلام، و الأعجب أن قصة هذا التحرش تنطبق حيثياتها مع ما يشترطه التشريع اليوم من وجود علاقة سلطة أو وصاية قائمة بين المتحرش و الضحية، و ما يشترط في إثبات الركن المادي من ممارسة الإغراء و الإكراه ” و راودته التي هو في بيتها عن نفسه و غلقت الأبواب و قالت هيت لك ” الآية (23) و المراودة تقتضي تكرير المحاولة، و النفس هنا كناية عن غرض المواقعة، فقد راودته على أن يسلم إليها إرادته و حكمه في نفسه.
    كما إستعملت الإكراه و المساومة و إصدار الأوامر و التهديد، و قد ورد ذلك في قوله تعالى ” و لئن لم يفعل ما آمره ليسجسنن و ليكوننا من الصاغرين” |و قوله تعالى ” و قالت أخرج عليهن ” (الآية 31 )، فهيت إسم فعل أمر بمعنى بادر كما أن أمرها له بالخروج عليهن كان لبلوغ غاية و مقصد في نفسها تأتى لها فيما بعد ” فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن” الآية 31 ، كما أن علاقة السلطة و الوصاية بين المتحرش و الضحية قائمة في هذه القصة القرآنية، فقد كان يوسف عليه السلام غلاما مملوكا في قصر العزيز ” و قال الذي إشتراه من مصر لإمرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ” الآية 21″ ، كما أن عبارة الذي هو في بيتها دلالة على أنه من جملة أتباع ذلك المنزل.
    و قد يقع التحرش الجنسي على الأطفال غير أنه غالبا ما يصعب وصف أفعال التحرش الجنسي بالأطفال في القانون المغربي مستقلة عن جريمة تحريض القصر على الفسق و الدعارة أو جريمة الانحراف الجنسي تجاه الأطفالLa pédophilie ، رغم أن المشرع في الدول الغربية عامة و حتى بعض دول العالم الثالث حدد إطار كل منها و عدد بعض السلوكات و الأفعال المجرمة التي تميز هذه عن تلك.
    فالتحرش الجنسي في مضمونه خطوة أولية تتمثل في أفعال مجرمة إذا بلغ المتحرش مقصده من خلالها، امتد أثرها إلى جرائم ماسة بالعرض و الآداب كهتك العرض، الاغتصاب، زنا المحارم و تحريض القصر على الدعارة
    ويذهب الأخصائيون الاجتماعيون العرب  أن ظاهرة التحرش ظاهرة حساسة في مجتمعاتنا ولذلك لا بد أن نعي أسبابها حتى نجتنب انتشارها، و بالتالي نخلص إلى مجتمع سليم و أخلاقي، فمفهوم جريمة التحرش الجنسي حسب إعتقادهم بأنه” سلوك سيء في نظر المجتمعات العربية جميعها، و هوعمل يقوم به إنسان غير طبيعي يعاني من مشاكل الإشباع لذاته الجنسية، كما أن التحرش ظاهرة عنف ضد المرأة و الطفل و أحيانا الرجل.
    و على العموم فالتحرش هو كل سلوك مشين و خلق ضعيف يدل على خلل في التربية و التوجيه و المتابعة من قبل من له ولاية على من وقع فيها، و لها قواسم مشتركة تؤدي إليها كضعف الإيمان و الفراغ والإهمال وقلة التربية و التوجيه، و عدم انشغال الشباب بالإضافة إلى كثرة خروج المرأة.
    والتحرش الجنسي هو مظهر من مظاهر النيل من كرامة الفرد وشخصه، إذ قد يلاحظ ظاهريا وفي غالب الأحيان وجود الرضا والوئام بين الأشخاص المتعايشين مع بعضهم إلا أنه في الحقيقة تخفي هذه العلاقات مشاكل عدة تتمثل في انسياق بعض الأفراد مكرهين إلى رغبات الآخر الجنسية سواء بسبب سلطة أحدهم المادية أو المعنوية أو بسبب الضعف الجسدي أو الادراك العقلي للبعض الآخر.
    وقد وضع المشرع التونسي إطارا قانونيا للتصدّي إلى هذه الظاهرة التي ما تنفك تنتشر في المجتمع دون أن يعلم الضحية بوجود نصوص قانونية بالمجلة الجنائية تحميه وتدافع عن كرامته وحرمته سواء في الشارع أو العمل أو المدرسة.
    وجريمة التحرش الجنسي من الجرائم الأخلاقية التي أضافتها المجلة الجزائية لأول مرة عام 2004 عبر الفصل 226 ثالثًا الذي وقع تنقيحه في قانون القضاء على العنف ضد المرأة سنة 2017.
    ويعرّف القانون التونسي التحرّش الجنسي بأنه ” كل اعتداء على الغير بالأفعال أو الإشارات أو الأقوال تتضمن إيحاءات جنسية تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغبات المعتدي أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغط خطير عليه من شأنها إضعاف قدرته على التصدي لتلك الضغوط”.
    وتعرف منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة التحرش الجنسي بأنه “كل سلوك له إيحاءات جنسية غير مرحب بها من قبل الطرف الآخر ويشمل أيضًا طلب خدمات جنسية أو تصرفات ذات طابع جنسي ويمكن أن يكون عبر الكلام أو النظرات أو عرض مواد جنسية في مكان العمل بحيث يراها الطرف المستهدف”.
    و جريمة التحرش الجنسي تقتضي جملة من الأركان )الفقرة الأولى( و تستوجب عقوبة )الفقرة الثانية(
    الفقرة الأولى: أركان التحرش الحنسي
    تتطلب هذه الجريمة توفر الركن المادي )أ( و الركن المعنوي )ب(
    أ- الركن المادي:
    ـ إن الإمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات هو شرط من شروط هذه الجريمة فلا يكفي أن يكون الفعل عرضيا أو عفويا بل يجب أن يكون الفعل متكررا ولغاية الوصول إلى هدف معين أي أن تتأكد نيته في تحقيق رغباته الجنسية، فالمضايقة ليست لغاية المضايقة بل تتكرر لتحقيق هذه الأهداف الدنيئة.
    ـ كما أنه لتوفر الركن المادي لهذه الجريمة لابد أن تمس هذه الأفعال كرامة الشخص وتخدش حياءه فلا تقوم الجريمة بمجرد التعبير عن عاطفة الحب أو عن نية الزواج أو عن بداية علاقة شريفة، بل يجب أن تكون دعوة واضحة إلى ممارسة الجنس ويكون ذلك بعبارات مخدشة لشعور الشخص. وهنا نشير وأنه في التطبيق قد يختلف رجال القانون في تأويل هذه العبارات وتقديرها نظرا للصبغة العمومية التي تتصف بها، إذ ما يعتبر فعلا أو قولا مخدشا للحياء عند البعض يعتبر غير مخدش لدى البعض الآخر.
    ـ ولا يشترط لقيام هذه الجريمة أن يكون التحرش بسبب علاقة تبعية بالعمل بين الفاعل والضحية أو بين رجل وامرأة وإنما يمكن أن تكون بين زميل في العمل وزميله في نفس درجة العمل أو بين شخص وشخص آخر في غير إطار العمل.
    ومرتكب جريمة التحرش الجنسي قد يكون ذكرًا أو أنثى أيضًا
    إن قيام جريمة التحرش الجنسي تتحقق بأن يلجأ الجاني إلى استعمال وسائل معينة، أهمها إصدار الأوامر، التهديد، الإكراه و ممارسة الضغوط قصد إجبار الضحية على الإستجابة لرغبات جنسية.
    و يتكون الركن المادي من عنصرين أساسيين في وصف السلوك الإجرامي و هما، إستعمال وسيلة من وسائل العنف المادي أو المعنوي، ثم الغاية من استعمال الوسيلة و هي الحصول على أغراض ذي طابع جنسي.
  • الوسائل المستعملـة:
    تتمثـل وسائل العنف المستعملة من طرف المتحرش فيما يلي:
  • إصدار الأوامر:
    يقصد به ما يصدر من رئيس إلى مرؤوس، من طلبات تستوجب التنفيذ، و قد يكون الأمر كتابيا أو شفويا، و من هذا القبيل، مدير المؤسسة الذي يطلب أو يستدعي إحدى المستخدمات أو الموظفات إلى مكتبه و يأمرها بغلق الباب أو تغليقه و خلع ثيابها مثلا
  • التهــــديد:
    تؤخذ عبارة التهديد بمعناها اللغوي ، و يتسع ليشمل كل أشكال العنف المعنوي، و يستوي أن يكون التهديد شفويا أو بواسطة محرر أو مجرد حركات أو إشارات كأن يطلب المدير من مستخدمه قبول الاتصال به جنسيا و إلا فصلها عن العمل، إذ أن الأفعال، التعاليق، الملاحظات و الطلبات ذات الطابع الجنسي التي تقع في إطار العمل تعتبر تحرشا جنسيا إذا كانت ملحة و مضايقة، أو إذا كان أثرها على المستخدمين أو الطالبين للعمل مدعاة للخضوع أو رفض الخضوع للسلوكات المذكورة أعلاه بما يؤثر على القرارات التي ستتخذ بشأنــهــم
  • الإكــــــراه:
    الإكراه اما يكون ماديا أو معنويا:
    الاكراه المادي: يقصد به العنف الممارس على جسم الشخص الخاضع للإكراه، مما يؤدي الى انعدام الارادة كليا، وقد يكون هذا العنف الممارس عن طريق استعمال القوة الجسدية، كأن يقوم الجاني بضم إمرأة غصبا عنها معتمدا على قوته، كما قد يكون الإكراه ماديا عن طريق إستعمال وسيلة مادية كالسلاح، مثلا لتلبية رغباته الجنسية
    الاكراه المعنوي:
    يعرف الاكراه المعنوي بأنه إرغام الضحية أو المجني عليها على قبول الإتصال الجنسي عن طريق تهديدها بشر أو اذى جسيم على نحو يشل إرادتها ويدفعها إلى الإستسلام كتهديدها بنشر فضيحة عنها أو سر خاص، أو بإلحاق الاذى بها أو بعائلتها، وعلى العموم فكل تهديد بإلحاق الأذى بالمجني عليها في نفسها أو مالها أو سمعتها أو نفس أو مال أو سمعة شخص عزيز عليها يتحقق به إنعدام الرضا مما يوفر الإكراه المعنوي
    وبهذا يمكن القول أن الإكراه في جريمة التحرش الجنسي يتضمن 3 عناصر لابد منها وهي:
    أن نكون أمام اكراه سواء كان هذا الأخير اكراها ماديا أو معنويا.
    أن يقع على الأشخاص،أي على حساب شرفهم وأعراضهم.
    أن يكون المراد منه ممارسة أو تحقيق أغراض أو رغبات جنسية.
    وبمفهوم المخالفة لا يعد تحرشا جنسيا إذا توفر عنصر الرضا، غير أن هذا الرضا لا يعتد به إذا تم التوصل إليه بالتهديد أو الوعد بمنصب شغل أو أي شكل من أشكال الإكراه، كما أن الصمت لا يعني بالضرورة توفر عنصر الرضا إذ أن الشخص القائم بالتحرش يعد مسئولا إذا ثبت بأن سلوكاته كانت ملحة و مضايقة.
  • الغاية من إستعمال الوسائل المذكورة:
    ربط المشرع الجنائي المغربي ممارسة الضغوط السابقة بالحصول على منافع او أغراض جنسية في أن يتم إجبار الضحية على الاستجابة للرغبات الجنسية للجاني يمكن إيجازه في الآتي:
  • إجبار المجني عليه الإستجابـــة:
    يقصد به حمل المجني عليه القبول بالطلب الموجه له، و الإجبار يفيد عدم الرضا لدى المجني عليه، فان كانت راضية انعدمت الجريمة حسبما سبق التنويه إليه، و بالمقابل يتحول التحرش إلى هتك عرض أو فعل مخل بالحياء مع استعمال العنف إن زاد عن حده و من الصعوبة بمكان رسم الحد الذي يتحول عنده الإجبار إلى عنف معنوي.
  • الأغراض الجنسية للجانــي:
    تتسع هذه العبارة لتشمل كل الأعمال الجنسية من التقبيل و الملامسة إلى الوطء، و يشترط القانون أن يكون الجاني هو المستفيد و ليس غيره

ب- الركن المعنوي:
بقصد بالقصد الجنائي أو الركن المعنوي اتجاه إرادة الجاني نحو تحقيق الوقائع المكونة لجريمة التحرش الجنسي من (تهديدات أو أوامر أو ضغوط وإكراه,,,)من أجل الوصول إلى المبتغى المنشود والذي عبر عنه المشرع بالأغراض الجنسية مع إحاطته أو علمه بأن هذه التصرفات يجرمها القانون
ونظرا لغموض جريمة التحرش لكونها تقوم على أقوال و أفعال و حركات، وتهديدات، فإن هذه الجريمة تتطلب قصدا جنائيا، بل لا يمكن تصورها بدون هذا القصد و تبعا لذلك لا تقوم الجريمة إذا إنعدم القصد الجنائي لدى الجاني كأن تتجه إرادته الى إبداء الإعجاب بالضحية ليس الا، أو أن تتجه ارادته الى الجط من قيمتها وتصغيرها امام زملائها فلا يمكن اعتبار هذه التصرفات تحرشا بالمعنى الدقيق للتحرش لأنه لا يوجد في القانون المغربي نصا يجرم هذا السلوك.
إن إثبات الركن المعنوي لجريمة التحرش الجنسي، من خلال تحديد العلاقة السببية بين الأفعال الموصوفة بالتحرش، و بلوغ الجاني النتيجة الإجرامية المقصودة و المتمثلة في تلبية رغبات جنسية أو الحصول على فضل ذي طابع جنسي، يعد من الصعوبة بمكان إن لم نقل أنه يستعصى في أغلب الأحيان، ما عدا الأفعال الموصوفة بالتحرش لفظية كانت أو جسدية و التي تحمل دلالة واضحة لا لبس فيها كعزل الضحية بالمكتب و إغراؤها أو تهديدها مقابل الرضوخ لنزوات جنسية، إذ أن أغلب الأفعال الموصوفة بالتحرش تقع تحت طائلة التلميح من خلال استعمال ألفاظ و عبارات و جمل تحمل أكثر من معنى، إذ يكون المعنى المشير للجنس الأقرب للتصور و الأكثر بداهة أو من خلال الاستعمال أو اللجوء إلى حركات و إيماءات جسدية، تختلط فيها النية المتعمدة المقصودة بمجرد سلوك قد لا يثير لغير المتحرش به أي رد فعل.
ويقع إثبات التحرش الجنسي بكل وسائل الإثبات المعلومة في المادة الجزائية على غرار الاعتراف والشهادة إضافة للإثبات عبر التصوير والتسجيل الصوتي الذي يقع معاينتهما من طرف عدل المنفذ. كما يمكن الإثبات عبر كاميرات المراقبة.
الفقرة الثانية: اجراءات التتبع والعقوبة
تقتضي جريمة التحرش الجنسي اجراءات تتبع خاصة )أ( و يرتب عنها القانون عقوبة )ب(
أ- اجراءات تتبع خاصة: ضرورة الشكاية:
تنص الفقرة الثانية من الفصل 226 رابعا أنه: «لا يجرى التتبع في جريمة التحرش الجنسي إلا بطلب من النيابة العمومية بناء على شكاية من المتضررة».
هذا الفصل يعتبر استثناء في القواعد المنظمة للاجراءات الجزائية باعتبار وأن الفصل 2 من مجلة الاجراءات الجزائية تمنح إثارة الدعوى العمومية وممارستها للنيابة العمومية وللمتضرر.
لقد خص الفصل 226 رابعا المتضرر فقط بالتتبع بناء على شكاية منه أي لا بد أن تلتقي إرادة الشاكي بإرادة النيابة العمومية وإذا انتفت رغبة المتضرر في التتبع تنتفي معه رغبة النيابة العمومية، خلاف لما هو معمول به في الجرائم الأخرى.
ولعلّ تبني المشرع لهذا الموقف هو ضمانا لجدية الدعوى وصحتها لما في رفعها من اثار سيئة على الفاعل وكذلك على الضحية نفسه.
بيد أنه قد تنقلب الصورة على الضحية في صورة الفشل في إثبات الجريمة، وهو ما يجعلها مرتكبة لجريمة الادعاء بالباطل حيث يمكن للمشتكى به قلب الاتهام بل والمطالبة بالتعويض. ويهدف هذا الخيار التشريعي لعدم إطلاق اليد لادّعاء الشاكي بحدوث الجريمة بصفة تعسّفية، حيث قد يستغلّ حقه في التتبع للانتقام من المشتكى به وتشويه صورته. وقد يكون المشتبه بتحرشّه هو في الواقع ضحيّة لعملية ابتزاز مّمن تدّعي أنها ضحيّة.

ب- عقوبة التحرش الجنسي:
يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار مرتكب التحرش الجنسي.
ويكون العقاب مضاعفا:
إذا كانت الضحية طفلا،
إذا كان الفاعل من أصول أو فروع الضحية من أي طبقة،
إذا كانت للفاعل سلطة على الضحية أو استغل نفوذ وظيفه،
إذا سهل ارتكاب الجريمة حالة استضعاف الضحية الظاهرة أو المعلومة من الفاعل.
وتجري آجال انقضاء الدعوى العمومية بخصوص جريمة التحرش الجنسي المرتكبة ضد طفل بداية من بلوغه سن الرشد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى