
يُروى أن سيدنا عيسى عليه السلام وقف على حبل شاهق، فتمثل له إبليس عليه اللعنة في صورة شيخ واعظ قائلا له يا عيسى إرم بنفسك فلن يصيبك مكروه إن لم يكتبه الله عليك.. فرد نبي الله على الفور: “اذهب لعنة الله عليك .. للرب أن يمتحن عبده..ولا للعبد أن يمتحن ربه.”
هذه اللطيفة أردت أن أسوقها لكل المستهترين بالعدو الفتاك الذي حل على الإنسانية فأحدث فيها من الذعر والخوف ما لم تحدثه الحروب.. هذا الاستهتار صحبه كذلك سخرية من أوامر أهل العزم و نصائح أهل الاختصاص ..
استهتار يستند الى عقلية ركيكة في فهم التدين والدين ومقاصد الدين فحَوّلوه الى شعوذة وحَوّلوا أنفسهم الى دراويش ..وذلك بالاستهانة بتعليمات المختصين للاخذ بالاحتياطات اللازمة والضرورية للوقاية من هذه الآفة أو غيرها من الآفات في كل مجالات الحياة بالاعتماد على تقوى مغشوشة وفي غير محلها وتنم على الجهل بدعوى انه” لن يصيبنا الا ما كتبه الله علينا”..
صدق من قال كثرة الأمان تورث الاسترخاء وكثرة الاسترخاء توَلّد الاستهتار بالثوابت.. لم يشعر سكان العالم بالهلع والذعر العام منذ الحرب العالمية الثانية مثلما هو الحال في الوقت الراهن. دول عظمى قد اعلنت حالة الطوارئ وبدأت في تنفيذ العمل بالاجراءات الاستثنائية..
وها نخن بعد سنة بالتمام والكمال يحصي العالم ضحايا الاستهتار والاهمال بين وفيات و مخلفات صحية واجتماعية حيث تقطعت اوصال العائلات حتى داخل العائلة الواحدة ..
كم اختطف لنا من أحباب وأصدقاء دون أن نحتسب لهم فراقا مفاجئا فتركوا في قلوبنا حسرة ولوعة.. اصبحنا في ذعر مستمر ووسوسة دائمة..لم يعد لنا بالإمكان ضم أي عزيز كان… سواء كان ولدا أو والدا أو والدة خوفا منهم أو خوفا عليهم..
هذا فضلا عن الازمة الاقتصادية وآثارها السلبية على الدول والافراد.. اللهم اننا ظلمنا انفسنا فلا تؤاخذنا بذنوبنا ولا بما يفعله السفهاء منا.. وارفع مقتك وغضبك عنا فنحن عبادك الضعفاء ..ارحمنا برفع الوباء وتهدئة روع قلوبنا فإنها قد بلغت منا الحناجر..
محمد العماري
باريس في 8 فيفري 2