أخبار العالم العربي

الأربعاء: البدر يكتمل في ظاهرة فلكية نادرة ومميزة فوق سماء الأردن والعالم

 

الاحساء
زهير بن جمعه الغزال

أوضح ذلك د. عمار السكجي
رئيس الجمعية الفلكية الأردنية
يكتمل بدر شهر حزيران يوم الأربعاء الموافق 11 حزيران 2025، عند الساعة 10:45 صباحًا ويكون تحت الافق، ومن العاصمة عمان، سيُشاهد شروق القمر في مساء اليوم نفسه عند الساعة 8:14 مساءً بتوقيت الاردن، بزاوية سمتية تبلغ 114 درجة نحو الأفق الجنوبي الشرقي، لكن ما يميز هذا البدر ليس اكتماله بحد ذاته، بل موقع شروقه المنخفض وغير المعتاد في السماء، والذي يشكل حدثًا فلكيًا نادرًا لا يتكرر إلا مرة كل 18.6 سنة، ويُعرف في الفيزياء الفلكية باسم الانقلاب القمري الرئيسي (Lunistice).
تحدث هذه الظاهرة نتيجة التفاعل المعقد بين جاذبية الأرض والشمس والقمر، إضافةً إلى ميل مستوى مدار القمر (بنحو 5 درجات عن مدار الأرض حول الشمس) ومحور دوران الأرض نفسه، تؤدي هذه الدورة الطويلة إلى تغيّر مدى ميل القمر على مدار السنوات، حيث يصل في مرحلة التوقف أو “الانقلاب القمري” إلى أقصى انحراف زاوي شمالاً وجنوبًا عن خط الاستواء السماوي، يصل إلى نحو ±28.5 درجة.
وخلال هذه الفترة، يمكن للقمر أن يشرق ويغرب من نقاط بعيدة جدًا نحو الشمال أو الجنوب على الأفق، وهي نقاط لا يصلها إلا خلال هذه الظاهرة النادرة، ويمثل عام 2025 ذروة هذه الدورة، وهي المرة الأولى التي تحدث فيها منذ عام 2006، ولن تتكرر الا بعد حوالي عقدين.
في ليلة الأربعاء 11 حزيران، وقبل عشرة أيام من الانقلاب الصيفي الذي يصادف في 21 حزيران، سيظهر البدر المعروف في بعض الثقافات باسم “قمر الفراولة”وهو اسم لا علاقة له بلونه، في موقع منخفض جدًا في السماء جهة الجنوب، بحيث سيكون ارتفاعه أقل من أدنى نقطة تصل إليها الشمس في الشتاء بنحو خمس درجات، وهو أمر نادر جدًا بالنسبة للبدر.
تقع الأردن جغرافيا في متوسط خطوط العرض، ما يجعله ضمن المنطقة المثالية لرصد هذه الظاهرة، فمن أسطح المنازل في عمّان، إلى المدينة الوردية في البتراء، مرورًا بصحارى وادي رم، والمواقع التاريخية والأثرية المنتشرة في أنحاء المملكة، سيتمكن الأردنيون من مشاهدة القمر وهو يشرق منخفضًا على الأفق نحو الجنوب، وكأنه يلامس رؤوس التلال والجبال.
وبسبب مرور ضوء القمر عبر طبقات كثيفة من الغلاف الجوي أثناء هذا الارتفاع المنخفض، يتشتت الضوء، فتظهر ألوان القمر دافئة تتدرج بين البرتقالي والأحمر، ما يمنح المنظر طابعًا جماليًا خاصًا يجذب أنظار المصورين وهواة السماء.
لطالما اهتمت الحضارات القديمة بحركات القمر ومواقعه القصوى، فقد بُنيت معالم مثل أحجار كالانيش في اسكتلندا ووادي شاكو في الولايات المتحدة وفق محاذاة دقيقة مع أقصى مواقع شروق وغروب القمر، وفي منطقتنا، بما في ذلك الأردن، شكّلت دورات القمر ركيزة في تحديد مواسم الزراعة والتقاويم ، بل وربما أثّرت على توزيع بعض المواقع الأثرية ذات التوجه الفلكي.

يمثل هذا الحدث فرصة نادرة للمجتمع العلمي، ومحبي الفلك، والمصورين لتوثيق لحظات لا تتكرر كثيرًا. وسوف تقوم الجمعية الفلكية الأردنية عن تنظيم دعوات مفتوحة لهواة التصوير الفلكي، بهدف التقاط صور توثيقية أيقونية للبدر من مواقع أثرية وسياحية في المملكة، ضمن جهودها لتعزيز السياحة الفلكية وربط السماء بالتاريخ والتراث.
وننصح المصورين بالتخطيط المسبق لرصد القمر بالقرب من الأفق، حيث يكون التأثير البصري في أقصى روعته، كما توفر هذه الظاهرة أيضًا مادة تعليمية غنية للمدارس والجامعات.
في الجانب الآخر من الكرة الأرضية، مثل جنوب إفريقيا وتشيلي ونيوزيلندا، سيرتفع البدر عاليًا في السماء الجنوبية ليضيء ليالي الشتاء الطويلة، في مشهد معاكس تمامًا لما سيُرى في الأردن، وفي أقصى الشمال، مثل آيسلندا وألاسكا، لن يظهر القمر على الإطلاق لكونه يبقى تحت الأفق.
كما تستعد مراصد عالمية مثل مرصد غريفيث في لوس أنجلوس لتنظيم فعاليات خاصة في هذه الليلة النادرة، التي تكتسب طابعًا علميًا وثقافيًا وفنيًا في آنٍ معًا.

نظرا لان عام 2025 يشهد الانقلاب القمري الرئيسي، فإن مسار القمر في السماء سيكون أعرض من المعتاد، مما يعني أنه سيصل إلى مواقع أبعد نحو الشمال والجنوب، ونتيجة لذلك، سيكون من الأرجح أن يظهر القمر في كوكبات سماوية خارج دائرة البروج التقليدية، ويعبر البدر في هذا اليوم في كوكبتي الحواء والقوس، ,وقد يظهر القمر أيضا في 18 كوكبة وبرج: الأبراج الـ13، بالإضافة إلى: السدس، والجبار، وممسك الأعنة، والباطية، والغراب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى