اكتشاف أثري في المغرب يعيد كتابة تاريخ الزراعة في إفريقيا
شهدت قرية واد بهت بإقليم الخميسات، وسط المغرب، اكتشافًا أثريًا غير مسبوق، تمثل في العثور على مركب زراعي يعود لما قبل التاريخ، يُعد الأقدم والأكبر من نوعه في القارة الإفريقية، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم أعمق للتاريخ الزراعي في المنطقة.
وجاء هذا الاكتشاف نتيجة أبحاث قادها عالم الآثار المغربي يوسف بوكبوط، الأستاذ في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة، ويؤكد الباحثون أن هذه النتائج ستحدث تحولات جوهرية في التصورات العلمية السائدة بشأن تاريخ المغرب وشمال إفريقيا.
وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن المجتمعات الأمازيغية في شمال إفريقيا ظلت بدائية حتى وصول التجار الفينيقيين من شرق المتوسط، كشفت هذه الأبحاث عن وجود مجتمعات محلية متقدمة، مارست الزراعة وتربية الماشية، وارتبطت بتبادل تجاري وثقافي نشط مع شعوب البحر المتوسط والصحراء الكبرى.
كما يشير الخبراء إلى أن هذا الكشف يعكس مستوى حضاريًا متقدمًا للسكان المحليين في فترات ما قبل التاريخ، خاصة خلال العصرين النحاسي والبرونزي، الممتد بين 4400 و2900 سنة مضت.
ويؤمن الفريق البحثي المغربي بأن هذه المعطيات الجديدة تستدعي إعادة قراءة تاريخ المنطقة من منظور محلي، بعيدًا عن الرؤى التقليدية التي استندت إلى دراسات أجنبية، فهذه الاكتشافات تثبت أن المغرب كان له دور محوري في الحوض الغربي للبحر المتوسط، وساهم في بناء وتطور الحضارة في شمال إفريقيا.
كما تركزت الأبحاث الأثرية في موقع “كاش كوش ظهر المودن” بمنطقة وادي لاو شمال البلاد، حيث عُثر على دلائل تؤكد وجود استيطان بشري بالمنطقة بين عامي 2200 و600 قبل الميلاد، ويقع الموقع فوق نتوء صخري يطل على الحوض السفلي لوادي لاو، في موقع استراتيجي قرب مضيق جبل طارق.
وتوضح المكتشفات أن السكان المحليين كانوا يتمتعون باقتصاد زراعي متطور، ما يفند الادعاءات التي ربطت تطور المنطقة بوصول الفينيقيين، إذ تشير الأدلة إلى وجود علاقات تجارية وثقافية بين السكان المحليين وشعوب البحر المتوسط قبل هذه الفترة بفترة طويلة.
هذا الاكتشاف العلمي يفتح الباب أمام مقاربات بحثية جديدة لفهم تطور المجتمعات الزراعية في شمال إفريقيا، ويعيد النظر في الدور الذي لعبه المغرب في التاريخ الحضاري للمنطقة.
بقلم: أماني يحيي
