*إغتيال البراهمي ومحاولة إغتيال الفرح والتّاريخ والجمهوريّة

هذه أمة تمتطي الرّياح وتركب الأمواج تلهث وهي تنام على كفّ العفاريت ..
لتغمض بعض الوقت فتحسبها تستسلم لكنّها تغفو ليلتئم الجرح لا أذكر من القائل :إنّنا نختلف عن بعضنا البعض في ما نُظهره ولكنّنا نشبه بعضنا البعض في ما نُخفيه.. ..
وهذا ما يحدث في يوم إغتيال البراهمي يوم عيد الجمهوريّة ودفن الباجي ومعه دفن نصف شيطان ليبقى نصفه الآخر يرقص مثل ذيل الوزغ ..
فحدث الإغتيال والوجع يُخفي وراءه حدثا مكبوتا في عمق اللاوعي الجمعي للتّونسيين !؟
وهو جنازة الأب المغدور (بورقيبة) التي كانت تشبه الخطيئة الجماعية والفعل المشين الذي يحاول التونسيون طمسه ونسيانه حيث أنه وقع إغتصابهم ومنع مشاعرهم…فكانت جنازة سريالية ..
وكاد الميّت أن يمُدّ لسانه تهكما ونكاية من جمهور لم ينجح في التعبير عن حرقة مشاعره …
ولم يستطع أن يمنع غولا طليقا من العبث ؟؟ ومات الغول هاربا منفيّا وكان الثمن باهضا وموجعا من الدموع ؤاللحم والدّماء ..
من الكوابيس والكبت والرّكود ..وكان الثمن باهضا من دماء الفقراء في تالة والقصرين وسيدي بوزيد …وكدنا نصدق أننا قضينا على الغول …
ولكن في غفلتنا تناسلت الغيلان وتكاثرت من حولنا حتى باتت تداهمنا في فراشنا وأحلامنا …
ولم نكن ندري أنّ الغول لا يسكن في القصر ولا في مقرّات الحكومة !!؟ الغول يسكن في في ذاكرتنا وفي عقولناوثقافتنا التي يعشش فيها الخفاش والعنكبوت وتغيب عنها الشمس والعلم والعقلانية حيث أننا لازلنا خارج العصر والظهر والتاريخ..
فهل سنلتحق غدا أو بعد غد بقاطرة التاريخ ؟ أم أنّنا سنضيع مجددا بين المحطّات ؟
رؤوف هدّاوي