الأخبارمقالات قانونية

إصلاح القضاء


الحلقة السادسة الجزء الأول
إقامة العدل
بقلم الهادي كرو

في إطار الدراسة المتعلقة بإصلاح القضاء والتي صدرت في شانها إقتراحات تضمنتها خمس حلقات خصصت على التوالي للبحث ومحطاته وللمحاكم وتركيبتها ولتوحد القضاء والمحاكم وتخصص الحلقة السادسة لضمان إقامة العدل وهذا جزؤها الأول .
إصلاح القضاء
الحلقة السادسة
إقامة العدل
بقلم الهادي كرو
في إطار الدراسة المتعلقة بإصلاح القضاء والتي صدرت في شانها إقتراحات تضمنتها خمس حلقات خصصت على التوالي للبحث ومحطاته وللمحاكم وتركيبتها ولتوحد القضاء والمحاكم وتخصص الحلقة السادسة لضمان إقامة العدل .
الجزء 1
لا يترتب عن وجود القضاء ان يتواجد العدل حتما ولا يكفي ان يقصد النظام القضائي العدل ليضمن إقامته بل لابد ان يحدد الوسيلة التي تستنبط بها المحكمة الحكم ولا يحقق الإنصاف إلا مقصده ضمان إقامة العدل وقد حدد الدستور القانون وسيلة للحكم .
إذا كان مفهوم العدل عاما فإن له مفهوم خاص حسب الوسيلة التي تضمن إقامته .
وعلى هذا الأساس يتمٌ الوقوف على وسيلة الحكم التي تضمن إقامة العدل في التشريع الإسلامي – أولا – وفي القانون الوضعي – ثانيا –

أولا – التشريع الإسلامي وضمان إقامة العدل .
حين ارسل الرسول عصلى لله عليه وسلم معاذ بن حبل الى اليمن قال له بما تقضي يا معاذ
قال بكتاب الله قال فإن لم تجد فقال بسنة رسول الله فقال فإن لم تجد قال اجتهد رايي ولا آلو
فقال الرسول الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه ويرضاه
” إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله اجران وإذا حكم فاجتهد ثم اخطا فله اجر “
يفيد الحديث الشريف بصفة لا لبس فيها ان القرأن لا توجد به كل الاحكام وان السنة مثله وان القاضي في مثل هذه الحال يقضي برايه بعد ان يبذل الجهد في الإهتداء الى الصواب .
ليس للراي قيود تمنع الحاكم من ان ينطق بالجكم بصفة حرٌة وغير مقيدة بشرط إلا ان الفقهاء إعتبرواعن دراية ولأسباب تاريخية خوفا على ضياع روح التشريع ونظرا لبعد تاويل من دخل الإسلام حديثا عنالاحكام الشرعية ضيق الفقهاء تدريجيا مجال الإجتهاد الى ان اغلقوا بابه في النهاية .
فبعد ان اشترط الفقهاء في البداية ان يكون الحكم المستنبط بالراي موافقا لروح التشريع القرأني والسني ثم صار عن دراية وإرادة لفظ الراي مرادفا للفظ الإجتهاد وتعددت أصول التشريع وطرائق الإستنباط ومنها طريقة يستنبط بها الحكم من القرأن والسنة بالقياس وهو أستنباط حكم الفرع من الأصل لإتحادهما في علة الحكم في حين يعترف الرسول صلى الله عليه وسلم صراحة وبصفة قطعية انه لا توجود في القرآن وفي السنة كل الاحكام .
إن كان لعمل الفقهاء ما يبرره في ذلك الوقت إلا انه لم يقع تداركه بعد زوال السبب فتواصل الجمود وبقي التشريع الى الآن على الحال التي وصل اليها بعد ظهور المذاهب الفقهية .
إن الإتجاه الى القانون الوضعي لا يعارضه احد لان التشريع الإسلامي يعتبر ان الاحكام لا يمكن ان يوجد كلها باصلي التشريع الاولين وهما القرآن والسنة وان الراي هو الاصل ثالث ولا يمنع التشريع الأسلامي ان يعوض القانون الوضعي اري لان الراي في الأصل قانون يضعه المجتهد.
يضمن القضاء إقامة العدل اذا كان مقاصد القانون سواء كان إسلاميا او وضعيا ضمان
إقامة العدل .

ثانيا – القانون الوضعي وضمان إقامة العدل
1 – القانون الوضعي له جذور تمتد الى دستورعهد الأمان
ما يدل على وجود القوانين الوضعية بالبلاد التونسية قبل انتصاب الحماية الفرنسية
تصريح الباي الوارد في مقدمة قانون عهد الأمان الصادر في 1857 وهو:
” كاتبنا علماء الملة الأركان وبعض الأعيان بعزمنا على ترتيب مجالس ذات أركان للنظر في أحوال الجنايات من نوع الإنسان والمتاجر التي بها ثروة البلدين وشرعنا في فصوله السياسية بما لا يصادم إن شاء الله القواعد الشرعية وهذا القانون السياسي يستدعي زمنا لتحرير ترتيبه وتدوينه وتهذيبه.
والمقصود بفصوله السياسية أي فصول القانون الوضعي
إن هذا التعبير صادق وبريئ ولا يراد به السياسي في المعني الحد
2 – اما القوانين والمجلات التي تطبقها المحاكم فقد تم نقلها من القوانين والمجلات الفرنسية التي حققت مطامح الثورة الفرنسية ستة 1789 واراء نابوليون
تطبق هذه القوانين منذ ما يزيد عن القرن وكانٌها وضعت لبلادنا لان وضعها تم على أساس معطيات إنسانية واقعية وطبيعية توجد في كل الأوطان وفي كل الازمنة رغم شدتها وصرامة احكامها فهي قواعدة عامة مجردة تحمي السلطة الحاكمة وتحفظ الامن العمومي و تفرض العقوبة على الجاني وتحقق الردع وتضمن العدل .وبقاؤها خير من إلغائها وتعويضها بقوانين مثل التي تصدر بعد الثورة لا تراعي مصلحة الشعب ولا تحترم
الطباع التي جبل عليها وتخدم المصلحة الخاصة .
على هذا الأساس لا بدٌ من المحافظة وعدم التخلي الآن عن مجلة اصادرت بالامر المؤرخ في 9 جويلية 1913 وينص الفصل الأول على ان  .
. ” لا يعاقب احد إلا بمقتضى نص سابق الوضع لكن إذا وضع قان ون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه ارفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره ” .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى