مقالات

 ألون مزراحي – كاتب ومحلل إسرائيلي:لماذا يتجاهل العالم هزائم إسرائيل المتتالية؟

يوسف حسن يكتب-

من اللافت أن معظم وسائل الإعلام الغربية لا تزال تركز على تفاصيل ثانوية مرتبطة بالسياسة الأميركية، بينما تغض الطرف عن التحولات الجذرية التي يشهدها الشرق الأوسط والعالم في مواجهة إسرائيل. ففي الأسابيع الأخيرة، تعرضت إسرائيل لسلسلة من الانتكاسات السياسية والعسكرية والدبلوماسية التي تؤشر إلى مرحلة جديدة من العزلة والتراجع. فشل أمني مدوٍّ في قطرالهجوم الإسرائيلي السري في قطر، الذي كان يستهدف اغتيال قادة من حركة حماس، انتهى بفشل ذريع. لم تحقق العملية أهدافها، بل جاءت بنتائج عكسية؛ إذ تحولت قطر إلى منصة إدانة قوية لإسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة. والأسوأ من ذلك أن مصر، الشريك الاستراتيجي السابق لإسرائيل في ملفات عدة، وجهت تهديدات مباشرة، وهو ما يعكس تراجع قدرة إسرائيل على فرض أجندتها الأمنية حتى بين الدول التي كانت تميل إلى الحياد أو التعاون معها. عزلة دبلوماسية غير مسبوقةالجلسة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة أظهرت بوضوح حجم العزلة التي تعيشها إسرائيل. لقد بدا أن العالم بأسره يصطف في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، في وقت تعلن فيه دول أوروبية وازنة ـ مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج ـ اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. هذه الخطوة ليست مجرد إعلان رمزي، بل تمثل شرخاً في جدار الدعم الغربي لإسرائيل، وتعني أن مشروع الدولة الفلسطينية بات واقعاً سياسياً متنامياً على الساحة الدولية. المقاطعة الاقتصادية والتسليحيةإلى جانب الخسائر الدبلوماسية، تواجه إسرائيل ضغوطاً اقتصادية غير مسبوقة:* شركات عالمية بدأت بالفعل بسحب استثماراتها من السوق الإسرائيلي، نتيجة الضغوط الشعبية والقانونية.* دول أوروبية أعلنت وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، خشية استخدامها في جرائم حرب بحق المدنيين.* حركات المقاطعة الدولية (BDS) حققت زخماً إضافياً، حيث تتوسع حملاتها في الجامعات والشركات الغربية، ما يهدد الاقتصاد الإسرائيلي على المدى المتوسط والطويل. أزمة ثقة داخليةحتى داخل مؤسسات الدولة العبرية، تتكشف أزمة ثقة عميقة. فقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول إشراك جهاز الموساد في العملية الفاشلة في قطر، لكن الجهاز رفض تنفيذ المهمة. هذه الواقعة تعكس حجم الانقسام والتردد داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتضعف صورة الردع التي لطالما تباهت بها إسرائيل. صورة إسرائيل في العالمما يجري اليوم يثبت أن إسرائيل لم تعد اللاعب المهيمن في الشرق الأوسط كما كانت في العقود الماضية. الشعوب العربية لم تعد تخشى سطوتها، والدول الغربية باتت أكثر حذراً في التعامل معها. فالصورة التي كانت تُسوَّق عن “الجيش الذي لا يُقهر” تتهاوى أمام الوقائع: هزائم ميدانية، إخفاقات استخباراتية، وانهيار متسارع في العلاقات الدبلوماسية.الأسبوع الأخير كان بمثابة كابوس سياسي وأمني لإسرائيل، وربما هو مجرد بداية لمسار طويل من التراجع. نتنياهو وحكومته يواجهون اليوم أزمة متعددة الأبعاد: فقدان الثقة داخلياً، تصاعد العزلة خارجياً، وتآكل صورة “إسرائيل القوية” التي روّجوا لها طويلاً. وإذا كان هذا ما يحدث في مطلع سبتمبر، فإن القادم قد يكون أشد وطأة على المشروع الصهيوني برمّته.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى