.. ورحل السعدني”عمدة” الدراما المصرية
محمد قناوي
غيب الموت الفنان المصري صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما، أعلن خبر الوفاة نقيب الفنانين المصريين د.أشرف ذكي على حسابه على موقع “انستغرام ونعت نقابة المهن التمثيلية الفنان الراحل وكتبت في بيانها: “تنعى نقابة المهن التمثيلية وجموع فناني مصر الفنان العظيم وإنا لله وإنا اليه راجعون خالص العزاء إلى الفنان أحمد السعدنى والأسرة الكريمة”.، وقد غاب الفنان الراحل عن البلاتوهات والأضواء والإعلام منذ عام 2013، وكان آخر أعماله التي قدمها للشاشة الصغيرة مسلسل”القاصرات”
اسمه الحقيقي “صلاح الدين عثمان إبراهيم السعدني” ومن مواليد 23 أكتوبر 1943 في كفر القرينين بمحافظة المنوفية شمال القاهرة نشأ وسط أسرة تعشق الثقافة وتهتم بالأحداث السياسية، ليخرج منها وشقيقه الكاتب الساخر محمود السعدني وهما متسلحان بمبادئ وأفكار صنعت أثرا فيما قدماه في مجالهما.
تعلق صلاح السعدني بالتمثيل منذ الطفولة، وعندما التحق بكلية الزراعة كان يؤمن أنه لن يعمل إلا في مجال التمثيل، وقادته الأقدار خلال المرحلة الجامعية للتعرف على صديق عمره ورفيق دربه الزعيم عادل أمام، الذي شجعه كثيرا على الوقوف على خشبة المسرح، ودفعه للاستمرار.
وفي مقابلة تلفزيونية تحدث صلاح السعدني عن هذه المرحلة من حياته، قائلا: “كانت مرحلة جميلة فيها تشكلت أحلامي، وأدركت أن الفن يحتاج مجهودا، ومن حسن حظي أني التقيت عادل إمام الفنان الذي يجمع بين الموهبة والإرادة”.
بدأ السعدني مشواره الفني بمسرح جامعة القاهرة، حيث كان يدرس في كلية الزراعة مع صديقه عادل إمام، وانطلق كلٌّ منهما في مسيرة مليئة بالأعمال الناجحة على مدار ما يقرب من 60 عاماً.
احترف السعدني التمثيل في منتصف الستينيات، حين شارك بدور صغير في مسرحية “لوكاندة الفردوس” التي لعب بطولتها عبد المنعم مدبولي وأمين الهنيدي، وحصل على عدد من الأدوار في المسرح والسينما والتلفزيون، قبل أن يحصل على فرصة إثبات موهبته ومساحات أكبر في الأعمال خلال فترة السبعينيات.
شارك خلال سبعينيات القرن العشرين في عدد من الأفلام المهمة في تاريخ السينما المصرية ومنها “الأرض”، “أغنية على الممر”، “الرصاصة لا تزال في جيبي”، “العمر لحظة”، إلى جانب دوره الشهير في مسلسل “أبنائي الأعزاء شكراً” مع مكتشف موهبته عبد المنعم مدبولي.
ووصل السعدني إلى قمة نجاحه بعد اعتذار سعيد صالح عن لعب شخصية “العمدة سليمان غانم” في مسلسل”ليالي الحلمية” ليذهب الدور إليه، ويصنع مع يحيى الفخراني والمؤلف أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ، واحداً من أنجح المسلسلات في تاريخ الدراما العربية.
واختار صلاح السعدني اعتزال التمثيل في صمت، قبل 10 أعوام، تزامناً مع احتفاله بعيد ميلاده السبعين
لم يكن طريق صلاح السعدني مفروشا بالورود، إذ شارك في عدد كبير من العروض المسرحية بالجامعة، وعقب التخرج طرق أبواب “الاستديوهات” بحثا عن فرصة يعبر من خلالها للجمهور، وابتسم له الحظ عندما التقى المخرج الكبير محمد فاضل، الذي رشحه للعمل في مسلسل “الضياع” إنتاج 1960، ولأن العمل لم يحقق النجاح الذي تمناه، شعر الفنان الصاعد بالإحباط وابتعد عن الساحة 3 سنوات.
لم يخرجه من عزلته إلا المخرج الكبير نور الدمرداش الذي اختاره للمشاركة في مسلسل “الضحية” 1964، وبالفعل حقق العمل نجاحا كبيرا آنذاك؛ ليكون بداية الانطلاقة الحقيقية للشاب الطموح.
توالت بعد ذلك أعمال السعدني الناجحة، لكن يظل مسلسل “أبنائي الأعزاء شكرا” 1979 للمخرج محمد فاضل، نقطة التحول الحقيقية في حياته، إذ حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه، ليصنع نجومية “العمدة
توهج “عمدة الدراما المصرية” في فترة الثمانينيات، خاصة بعدما رشحه المخرج إسماعيل عبدالحافظ للمشاركة في بطولة مسلسل “ليالي الحلمية”، حيث جسد في أجزائه الـ5 شخصية “سليمان غانم”، العمدة المحب لوطنه والساخر من كل شيء حوله.
كما تألق السعدني على شاشة السينما، شارك صلاح السعدني في عدد من الأفلام المهمة منها “الأرض”، “أغنية على الممر”، اللذان اختيرا ضمن أفضل 100 فيلم بالسينما المصرية، فضلًا عن أفلام مثل “ملف في الآداب”، “مهمة صعبة جدًا”، “الرصاصة لا تزال في جيبي”، “صراع الأحفاد”، “طائر الليل الحزين”، “زمن حاتم زهران”، “فوزية البرجوازية”، “قضية عم أحمد”، “الحلال يكسب”، “فتوة الناس الغلابة”، “جبروت امرأة”، “الغول”.
نجح السعدني في رسم بصمة مختلفة في وجدان المشاهد العربي بانتقاء الأعمال التي يقدمها لتكون ذات المحتوى الهادف، وبالفعل قدم خلال فترة التسعينيات مسلسلات لن تسقط من ذاكرة الدراما العربية، منها: “أرابيسك”، “قهوة المواردي”، “الحساب”، “درب ابن برقوق” و”الحلم الجنوبي”، فضلا عن “ليل وخونة”، “درب الرهبة” و”تحت الصفر” على شاشة السينما.
بعد 4 عقود من التألق، غافل المرض جسد “العمدة” أثناء تصويره مسلسل “القاصرات” 2013 وأجبره على ملازمة الفراش والابتعاد عن الأضواء حتى توفي اليوم الجمعة 19 أبريل عن عمر ناهز 81 عاما