مسرور بارزاني… قائد الإصلاح الهادئ في زمن العواصف

صفاء أحمد آغا
في زمنٍ تتزاحم فيه الأزمات، وتُختبر فيه إرادة الأمم وقادتها بقدرتهم على تحويل التحديات إلى فرص، يبرز اسم السيد مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان العراق، بوصفه أحد أبرز القادة الذين جسّدوا مفهوم القيادة المسؤولة والعقلانية في مرحلةٍ بالغة الدقة من تاريخ العراق الحديث.
من يتابع خطواته يدرك أنه لا يعرف التراجع أو التوقف؛ فبينما تُمارس بغداد ضغوطًا سياسية واقتصادية على الإقليم، نراه صباحًا في مؤتمر انتخابي بين أبناء شعبه، وبعد ساعات يفتتح مشروعًا تنمويًا جديدًا في أربيل أو دهوك أو السليمانية، ليؤكد أن البناء ليس شعارًا انتخابيًا، بل عقيدة قيادة تنطلق من الإيمان بقدرة الإنسان الكوردي على النهوض مهما اشتدت العواصف.
منذ تولّيه رئاسة الحكومة، أطلق السيد بارزاني مسارًا إصلاحيًا شاملاً أعاد الثقة بمؤسسات الدولة وفعالية إدارتها. شمل هذا المسار الاقتصاد والطاقة والتعليم والأمن والخدمات، مع تركيزٍ على بناء نموذج إداري حديث قائم على الشفافية، والتحول الرقمي، والشراكات الدولية.
وفي مشهدٍ سياسي يعاني الانقسام، قدّم نموذج القائد الشاب المتزن الذي يجمع بين إرث المؤسس الراحل مصطفى بارزاني، وحنكة والده الرئيس مسعود بارزاني، مع روح العصر التي تتقن لغة الدولة الحديثة ومفاهيم التنمية المستدامة.

لم يكن الرجل خطيبًا كثير الكلام، بل ترك الإنجازات تتحدث عنه: من مشاريع زراعية وصناعية وسدودٍ استراتيجية، إلى مراكز طبية ومدارس حديثة وإصلاح إداري غير مسبوق، وصولًا إلى مشروع الحكومة الإلكترونية الذي يضع كوردستان على أعتاب التحول المؤسسي الأكبر في تاريخها.
وبين كل هذه الإنجازات، لم يغِب الإنسان عن أولوياته، فكان يلتقي الشباب والمثقفين ورجال الأعمال، مؤمنًا بأن الاستثمار في الإنسان هو أعظم مشروعٍ وطني.
من هنا، جاء الاهتمام بتجربته ضمن المشروع الوثائقي العربي الأضخم «ذاكرة وطن – Memory of a Nation»، الذي تنفّذه شركة بلا حدود للإنتاج الفني والسينمائي في العراق، برعاية مؤسسة أبوظبي للإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة.
فهذا المشروع يسعى إلى توثيق تجربة العراق بعد عام 2003 من خلال سِيَر القادة الذين صنعوا الفارق في التاريخ المعاصر، لتبقى سيرهم منارات للأجيال القادمة في زمنٍ يحتاج فيه العالم العربي إلى قادة يجمعون بين الرؤية والعمل، بين الثبات والانفتاح.
إن توثيق تجربة السيد مسرور بارزاني في هذا الإطار ليس تمجيدًا لشخصٍ بعينه، بل احتفاء بتجربة قيادية فريدة قدّمت نموذجًا في فن إدارة الأزمات وبناء الدول وسط الاضطرابات.
لقد أثبت أن السياسة ليست ميدان صراعٍ فقط، بل ميدان إعمارٍ وصبرٍ واستشرافٍ للمستقبل، وأن كوردستان يمكن أن تنهض وتزدهر حتى في أكثر المراحل تعقيدًا.
وفي نهاية المطاف، تبقى مسيرة مسرور بارزاني شاهدًا على أن الإصلاح لا يُفرض بالقوة، بل يُصنع بالعقل والرؤية والإصرار.
وإذا كانت «ذاكرة وطن» توثّق قصة العراق الحديث، فإن فصل «قائد الإصلاح الهادئ» سيكون إحدى الصفحات المضيئة في ذاكرة الأمل والبناء… قصة رجلٍ آمن أن مستقبل الشعوب لا يُمنح، بل يُصنع
				
					








