مجتمع

مسؤولية المصابين بفيروس كورونا أو المشتبه بهم الذين يتعمدون مخالفة قرار الحجر الصحي في القانون التونسي

STP LA TUNISIENNE DE PUBLICITÉ

فيروس الكورونا “كوفيد-19” هو مرض وبائي معد يسببه فيروس كورونا المُكتشف مؤخراً. ويسبّب فيروس الكورونا في ظهور أعراض تشبه أعراض الزكام، وعادة ما تكون الأعراض خفيفة إلى معتدلة الشدة، وغالباً ما تتمثل بأعراض الجهاز التنفسيّ العلويّ مثل سيلان الأنف، وصداع الرأس، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى، وتستمر هذه الأعراض في معظم الأحيان لفترة قصيرة من الزمن، وهذا لا يمنع احتمالية التسبّب في بعض الأحيان بظهور أمراض الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي ، وهذه الالتهابات أكثر شيوعاً في الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والرئة، والناس الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة ، والرضع، وكبار السن…

و قد ارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، حول العالم، إلى غاية الجمعة 13 مارس 2020،  إلى 4382 حالة جديدة مؤكدة، ليبلغ عدد المصابين 138938 شخصًا.     كما تم تسجيل 137 حالة وفاة جديدة ليبلغ العدد الإجمالي للمتوفين جراء الفيروس 5111 شخصًا.

وواصل فيروس كورونا (كوفيد 19) انتشاره ليشمل 132 دولة ومنطقة حول العالم إلى حد الآن.

وفي تونس، أعلنت وزارة الصحة  يوم الجمعة الموافق ل13/3/2020، ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في تونس إلى 16 حالة ، بعد ثبوت  3 إصابات جديدة .

و قد أثبتت الأبحاث الطبية أن انتشار وباء فيروس الكورونا سببه الرئيسي العدوى التي يسببها ناقل الفيروس إلى الغير،  و بالتالي لا بد أن يلتزم كل مشتبه به أو مصاب بالفيروس بالحجر الصحي سواء بالمنزل أو المستشفى أو الأماكن التي تخصصها الدولة للغرض.                                                                                   و قد قدمت وزارة الصحة اليوم الجمعة 13 مارس 2020، جملة من التوصيات حول الحجر الصحي الذاتي للوقاية من فيروس كورونا المستجد، وهو إجراء يخضع له الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض سريرية، أو قدموا من الخارج و خاصة بؤر انتشار فيروس كورونا وتكون الفترة بالنسبة لغير المصابين 14 يوما.                                                        و قد التزم بالحجر الصحي الذاتي العديد من الأشخاص، في حين رفض البعض الآخر الخضوع لهذا الإجراء.

و السؤال المطروح ماهي المسؤولية في حالة عدم التزام الأشخاص المشتبه بهم أو المصابين بفيروس كورونا بالحجر الصحي في القانون التونسي ؟

أن عدم الالتزام بالحجر الصحي تترتب عنه مسؤولية جزائية ( الجزء الأول) و أخرى مدنية ( الجزء الثاني)

الجزء الأول: المسؤولية الجزائية للمشتبه بإصابته أو المصاب بفيروس الكورونا عند مخالفة قرار الحجر الصحي

المسؤولية الجزائية، تعني تحمل الشخص لتبعات أفعاله الجنائية المجرمة، بمقتضى نص في القانون ، وهي تترتب على ارتكاب جريمة من الجرائم، وتؤدي إلى عقاب مرتكب هذه الجريمة. والجرائم محددة بالقانون وفق مبدأ “لاجريمة ولاعقوبة إلا بنص”.

ويترتب عن مخالفة الشخص المشتبه بإصابته أو المصاب بفيروس الكورونا لقرار الحجر الصحي الذاتي أو الاستشفائي عقوبات جزائية اقرها المشرع التونسي في المجلة الجزائية     ( الفقرة الأولى) و لكن من الضروري تطبيق النصوص الخاصة ( الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: المجلة الجزائية

1- جريمة مخالفة التحجيرات و تدابير الوقاية و المراقبة المأمور بها من طرف السلط العمومية المختصة :

و تقتضي هذه الجريمة صدور قرارات في التحجير او تتضمن تدابير وقائية او مراقبة من السلط العمومية المختصة.ويترتب عن مخالفة الشخص لقرار التحجير من الخروج من مكان الحجر الصحي ( المنزل او المستشفي او مركز مخصص للحجر..)، أو مخالفة تدابير الوقاية او المراقبة المؤذون عقوبات جزائية.  فلقد نص الفصل 312 م ج على انه ” يعاقب بالسجن مدة ستة أشهر وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا كل من يخالف التحجيرات وتدابير الوقاية والمراقبة المأمور بها حال وجود مرض وبائي”.

2- جريمة مخالفة القرارات الصادرة ممن له النظر: يترتب عن مخالفة القرار الصادر من الجهات المختصة بوضع شخص مشتبه به او مصاب بفيروس كورونا بالحجر الصحي الذاتي أو الاستشفائي جريمة مخالفة القرارات الصادرة ممن له النظر عملا بأحكام الفصل 315 م ج الذي ينص على أنه ” يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر يوما وبخطية قدرها أربعة دنانير وثمانمائة مليم  الأشخاص الذين لا يمتثلون لما أمرت به القوانين والقرارات الصادرة ممن له النظر”.

3- القتل عن غير قصد الواقع أو المتسبب عن عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين: إذا ما تسبب عن مخالفة قرار الحجر و نقل المصاب بفيروس الكورونا للعدوى للغير مما تسبب في وفاة هذا الغير يمكن تتبع المصاب بالفيروس و الناقل للعدوى من اجل جريمة القتل عن غير قصد الواقع او المتسبب عن عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبه أو عدم مراعاة القوانين تطبيقا لأحكام الفصل 217 م ج الذي ينص على انه ” يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها سبعمائة وعشرون دينارا مرتكب القتل عن غير قصد الواقع أو المتسبب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين”.

4- إلحاق أضرار بدنية بالغير عن غير قصد بسبب عدم الإحتياط أو  عدم التنبه  أو التغافل او عدم مراعاة القوانين: يترتب عن نقل العدوى من المصاب بفيروس الكورونا بسبب عدم الإلتزام بقرار الحجر إلى الغير مما ينجر عنه إصابته بإضرار ببدنه  جريمة إلحاق أضرار بدنية بالغير عن غير قصد بسبب عدم مراعاة القوانين، و ذلك عملا بأحكام الفصل 225     م ج الذي ينص على أنه ” يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها أربعمائة وثمانون دينارا كل من يتسبب بقصوره أو بجهله ما كانت تلزمه معرفته أو عدم احتياطه أو عدم تنبهه أو تغافله أو عدم مراعاته للقوانين في إلحاق أضرار بدنية بغيره أو يتسبب فيها عن غير قصد”.

الفقرة الثانية: ضرورة اللجوء إلى تطبيق القوانين الخاصة

و تتمثل في  القانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 جويلية 1992 والمتعلق بالأمراض السارية كما تم تنقيحه بالقانون عدد 7 لسنة 2007 المؤرخ في 12 فيفري 2007 و قانون الطوارئ.                     

1- القانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 جويلية 1992 والمتعلق بالأمراض السارية كما تم تنقيحه بالقانون عدد 7 لسنة 2007 المؤرخ في 12 فيفري 2007:

لقد عرف الفصل 2 من القانون المذكور المرض الساري ،  بأنه كل مرض يعزى إلى عامل خمجي محدد أو إلى إفرازاته السامة والذي يطرأ فجاة بسريان ذلك العامل أو إفرازاته من موضع معين إلى متلق سواء مباشرة بواسطة شخص أو حيوان مصابين أو بصورة غير مباشرة عن طريق تدخل وسيط حيواني أو نباتي أو ناقل من المحيط الخارجي.

و لم يتضمن المرفق الملحق بقانون 1992 المتعلق بالأمراض السارية فيروس الكورونا،    غير أن الفصل 11 (مكرّر) من القانون المذكور نص على أنه  ” يمكن بمقتضى أمر في الحالات المتأكدة، اعتبار أحد الأمراض من صنف الأمراض المنصوص عليها بالمرفق الملحق بهذا القانون وذلك إذا كان هذا المرض يكتسي طابعا وبائيا ويشكل تفشيه خطرا على صحة السكان. وتنطبق في هذه الصورة على هذا المرض وعلى المصابين به الأحكام المتعلقة بوجوبية الفحص والعلاج والاستشفاء الوجوبي بغرض العزل الإتقائي بنفس الشروط الواردة بهذا القانون. ولا يمكن أن تتجاوز مدة سريان هذا الأمر ثلاثة أشهر“.

و نظرا للطابع الوبائي لهذا الفيروس و لإيجاد إطار تشريعي واضح للفحص و الاستشفاء الوجوبي بغرض العزل الاتقائي  من المتعين عاجلا  إصدار أمر يصنف فيروس كورونا من الأمراض التي تكتسي طابعا وبائيا و يطبق فيها قانون 1992، و يتسنى بالتالي إخضاع المشتبه بهم و المصابين به الى وجوبية الفحص و العلاج و الاستشفاء الوجوبي بغرض العزل الاتقائي.

و يلاحظ أن هذا القانون يتضمن صرامة أكثر، حيث تنص أحكام الفصل 18 من القانون الذي ينص على انه:” يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاثة سنوات الأشخاص:

1- إذا رفضوا مباشرة أو متابعة العلاج المحدد لهم رغم إلزامهم بذلك مع إثباته مثلما هو منصوص عليه بالفصل 9 من هذا القانون.

2- إذا سعوا عمدا من خلال سلوكهم إلى انتقال المرض المصابين به إلى أشخاص آخرين”.

و كذلك الفصل 14 من هذا القانون الذي ينص على أنه “يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهر أي شخص وقع استشفاؤه وجوبا تطبيقا لاحكام هذا القانون ويغادر من تلقاء نفسه المؤسسة التي وقع قبوله لديها حتى ولو كان ذلك لاقصر مدة”.

2- قانون الطوارئ:  

لقد نص الأمر عدد  لسنة 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي لسنة 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ في فصله  الأول على أنه  يمكن إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو ببعضه إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام، وإما في حصول أحداث تكتسي بخطورتها صبغة كارثة عامة.                                                         فبالإضافة إلى أن البلاد التونسية الآن في حالة طوارئ فان فيروس كورونا يعتبر حدثا يكتسي بخطورته صبغة كارثة عامة.                                                                   و في هذه الصورة يخول الفصل 4 للوالي وبحسب ما تقتضيه ضرورة الأمن أو النظام العام في ما يلي:

– منع جولان الأشخاص والعربات.

– منع كل إضراب أو صد عن العمل حتى ولو تقرر قبل الإعلان عن حالة الطوارئ.

– تنظيم إقامة الأشخاص.

– تحجير الإقامة على أي شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلط العمومية.

– اللجوء إلى تسخير الأشخاص والمكاسب الضرورية لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية بالنسبة للأمة.

و يخول الفصل 7 لوزير الداخلية بالنسبة إلى كامل التراب الذي أعلنت به حالة الطوارئ وللوالي بالنسبة للولاية الأمر بالغلق المؤقت لقاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات مهما كان نوعها. كما يمكن تحجير الاجتماعات التي من شأنها الإخلال بالأمن أو التمادي في ذلك.

و قد نص الفصل 9  أن  كل مخالفة لأحكام هذا الأمر تعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنتين وبخطية تتراوح بين ستين (60 د) وألفين وخمسمائة دينار (2500 د ) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. و تقوم السلطة الإدارية بالتنفيذ الوجوبي للتدابير المتخذة بمقتضى هذا الأمر بقطع النظر عن وجود الأحكام الجنائية الواردة به.

و يتجه بالتالي للسلط العمومية المختصة اتخاذ القرارات اللازمة لمجابهة هذا الوباء العالمي في إطار قانون الطوارئ.

الفقرة الثانية: المسؤولية المدنية لمصابي فيروس كورنا الذين يتعمدون نقله للغير

يراد بالمسؤولية المدنية إلزام المسؤول بأداء تعويض للطرف المتضرر في الحالات التي تتوفر فيها شروط هذه المسؤولية و هي الخطأ و الضرر و العلاقة السببية بينهما.

فلقد اقتضي الفصل 82 من مجلة الالتزامات و العقود ” من تسبب في ضرر غيره عمدا منه واختيارا بلا وجه قانوني سواء كان الضرر حسيا أو معنويا فعليه جبر الضرر الناشئ عن فعله إذا ثبت أن ذلك الفعل هو الموجب للضرر مباشرة ولا عمل بكل شرط يخالف ذلك”.

بينما نص الفصل 83 م ا ع على أن” من تسبب في مضرة غيره خطأ سواء كانت المضرة حسية أو معنوية فهو مسؤول بخطئه إذا ثبت أنه هو السبب الموجب للمضرة مباشرة. وكل شرط يخالف ذلك لا عمل عليه. والخطأ هو ترك مــا وجب فعله أو فعل ما وجب تركه بغير قصد الضرر“.

فالشخص المصاب بفيروس كورونا و يتعمد عدم الالتزام بقرار الحجر و نقل العدوى للغير مما يتسبب في وفاة شخص او الحاق اضرار به أو إلحاق أضرار بمؤسسة، سواء بصفة عمدية او غير عمدية، يترتب عنه التعويض.

و تقوم المسؤولية المدنية للمصاب بفيروس كورونا عند توفر جملة من الشروط ( الفقرة الاولى) مما تستوجب القضاء بالتعويض ( الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: شروط قيام المسؤولية المدنية

لكى تقوم المسؤولية المدنية لا بدّ من توفّر عدة أركان ، فهناك ثلاثة أركان للمسؤولية المدنية وهي: الفعل غير المشروع والضرر والعلاقة السببيّة.

أ- الفعل غير المشروع: ويسمى أيضًا بالإضرار وهو الفعل المخالف للقانون أو الفعل الذي يحرمه القانون، ويشترط حتى يكون هذا الفعل غير مشروع أن يكون مباشرًا. و يتمثل الفعل غير المشروع في مخالفة قرار الحجر الصحي و نقل العدوى الى الغير بواسطة الاختلاط معهم في الشوارع و المقاهي و الفضاءات و المؤسسات العمومية…

ب-  الضرر: هو الأذى الذي يلحق بالشخص في ماله أو جسده أو عرضه أو عاطفته، وهو واجب التعويض مهما كان نوعه مادياً كان أم معنوياً.

1- الضرر المادي: هو ما يصيب الذمة المالية فيسبب لصاحبها خسارة مالية. ويشمل الأضرار التي تصيب الشخص في سلامة جسمه. فيعتبر ضرراً مادياً كل مساس بصحة الإنسان وسلامة جسمه إذا كان يترتب عليه خسارة مالية كالإصابة التي تعجز الشخص عن الكسب عجزاً كلياً أو جزئياً أو تقتضي علاجاً يكلف نفقات مالية معينة، وكل مساس بحق من الحقوق المتصلة بشخص الإنسان كالحرية الشخصية وحرية العمل وحرية الرأي إذا كان يترتب عليه خسارة مالية كحبس شخص دون حق أو منعه من السفر إلى جهة معينه للحيلولة دون قيامه بعمل معين يعود عليه بربح مالي أو يدرأ عنه خسارة مالية.

ويشترط أن يتحقق الضرر لنشوء وبالتالي لإمكان التعويض عن هذا الضرر المحقق. والضرر المحقق هو الضرر الذي وقع فعلاً أو الذي سيقع مستقبلاً ولكنه لا محالة واقع وهو يختلف عن الضرر المحتمل الذي لا يصلح أساساً للتعويض.

فحامل فيروس الكورونا الذي ينقلها للغير قد يسبب له ضرر مادي و معنوي و قد يؤدي احيانا الى وفاته، و على هذا الساس يمكن للمتضرر الذي نقل اليه الفيروس طلب التعويض  و كذلك الشأن لورثته عند وفاته بهذا المرض.

كما يمكن للمؤسسات التي ثبت تضررها من المصاب بفيروس كورونا بسبب عدم التزامه بالحجر الصحي طلب التعويض عن الاضرار اللاحقة بها كما هو الشأن بشركة الطيران تينيسار التي تسبب احد المصابين بفيروس كورونا الذي هرب على متن احد طائراتها الى ستراسبورغ الى تحملها خسائرة كبيرة حيث يحق لها رفع دعوى ضده في التعويض…

2 الضرر الأدبي: أو الضرر غير المالي كما يسميه البعض، يقصد به الضرر الذي لا يمس الذمة المالية وإنما يسبب فقط ألما نفسياً ومعنوياً، لما ينطوي عليه من مساس بشعور الإنسان وعواطفه أو شرفه أو عرضه أو كرامته أو سمعته ومركزه الاجتماعي.

ج- العلاقة السببية بين الفعل غير المشروع والضرر: ويعني ذلك أن يكون الضرر نتيجة الفعل غير المشروع أي لولا الفعل غير المشروع لما حصل الضرر، وفي بعض الأحيان قد تكون العلاقة السببية معقدة إلى حد ما، كأن يحصل الضرر نتيجة عدة أسباب، أو أن ينشأ عن سبب واحد عدة أضرار، فعندها يتعين على قاضي الموضوع أن يبحث عن السبب الحقيقي الذي أدى إلى حدوث الضرر كالحالة الأولى، أو أن يحدد الضرر الذي يرتبط بعلاقة سببية مع الفعل غير المشروع، ويقع عبء إثبات العلاقة السببية على المتضرر، وله أن يثبت ذلك بوسائل الإثبات كافّة.

الفقرة الثانية: التعويض
إن الغاية الأساسية منالتعويض هي جبر الأضرار الناتجة عن الفعل الضار و العمل على الوصول إلى النقطة التي ما وجدت فكرة التعويض إلا لأجلها و هي إعادة المتضرر إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الفعل الضار إذا كان ممكنا.

و التعويض يشمل التعويض عن الضرر المباشر سواء كان متوقع أو غير متوقع سواء انصرفت إرادة المسؤول لإحداثه أم لم تنصرف.

و الأصل أن يكون مقدار التعويض مساويا لحجم الضرر و على المحكمة بيان عناصر الضرر في الحكم و هذه العناصر تكون خاضعة لرقابة محكمة التعقيب.

فالتعويض قد يطالب به المتضرر من ناقل عدوى فيروس كورونا عن المضرة الحاصلة له سواء بجسده أو ماله أو ضرره المعنوي، و قد تتم المطالبة به من قبل ورثته، و قد يتم صرفه لمؤسسة، و يكون في شكل رأسمال ( مبلغ مالي ).

ان الحد من انتشار فيروس كورونا لا يكون بتطبيق القانون على المخالفين فقط، فتونس تنقصها الإمكانيات المادية و اللوجستية و المراكز الطبية المتخصصة . كما أنه تثور إشكاليات على مستوى التطبيق فتنفيذ قرار في الحجر الصحي أو تحرير محضر مخالفة ضد مصاب بفيروس كورونا أو إيقافه أو إحالته من النيابة العمومية أو إيداعه بالسجن قد يعرض أعوان الأمن و السجون و أعوان المحكمة و قضاتها إلى خطر العدوى و الإصابة بفيروس كورونا…

إنّ مجابهة انتشار فيروس كورونا مرتبط أساسا بوعي المواطن و تحليه بروح المسؤولية    و بتطبيق تعليمات الوقاية الصحيّة المتمثلة في النظافة والامتناع عن التقبيل والاكتفاء بالمصافحة، والحذر من لمس العينين أو الأنف والفم دون غسل اليدين، وضرورة استعمال مناديل ورقية عند السعال ، و خاصّة الإلتزام بالحجر الصحّي الذاتي الذي يساهم في الحدّ من انتشار هذا الفيروس ويُقلّص من العدوى.

ويجب أن يتحلّى كلّ التونسيين بالصبر والقوّة والتضامن للتعاون مع بعضهم البعض لمقاومة تفشي هذا الفيروس وتجاوز هذه الأزمة.

بقلم القاضي ..د. جابر غنيمي
المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بالمهدية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى