ماذا يجري في حركة النهضة

لم يفاجيء اقدام رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على حل المكتب التنفيذي للحركة المتابعين عن قرب لما تعيشه حركة النهضة منذ مؤتمرها الاخير من صراعات ظلت الى حد ما مكتومة و لكنها طفت بعد الانتخابات الرئاسية و التشريعية لاكتوبر 2019 على السطح . تحولت مؤسسات و اطر الحركة الى بؤرة صراع بين جناحين على الاقل من اجل السيطرة على مواقع القرار و توجيهه . الجناحان يمثلهما من جهة راشد الغنوشي و عدد من القيادات كعبد الكريم الهاروني و نورالدين البحيري و سيد الفرجاني و من الجهة الاخرى عبد اللطيف المكي و عبد الحميد الجلاصي اساسا.و بما ان راشد الغنوشي يملك الى جانب الشرعية التاريخية و القدرة على المناورة التكتيكية فقد استطاع ان يفرض “المحسوبين ” عليه على راس قائمات حركة النهضة في الانتخابات التشريعية و هو ما جعله “يسيطر ” على الكتلة البرلمانية للحركة و اخترق من خلال الحاق عبد اللطيف المكي بحكومة الياس الفخفاخ محور المكي – الجلاصي الذي لم يجد افضل من الاستقالة من الحركة . و يبدو ان راشد الغنوشي لا يريد التوقف عند هذا الحد خاصة و ان الكورونا قد قدمت له هدية لا تقدر بثمن و هي الالغاء المنطقي للمؤتمر العاشر الذي كان من المفترض ان ينعقد هذا العام و لكن الكورونا اوقفت مسار الاستعداد لهذا المؤتمر و منحت راشد الغنوشي امكانية تاجيله الى ما لا نهاية . و قرار راشد الغنوشي اليوم يمثل دليلا على ان الرجل لن يقف في منتصف الطريق و انه لا يبحث عن حلول توافقية مع معارضيه بل يضع امامهم حلين لا ثالث لهما و هما القبول بقيادته دون اعتراض للحركة او مغادرتها . و توقيت الاعلان عن حل المكتب التنفيذي للحركة ليس عفويا بل اتى في سياق المواجهة التي تخوضها حركة النهضة و راشد الغنوشي شخصيا ضد قيس سعيد و بدرجة اقل الياس الفخفاخ و هو ما يعني ان النهضويين سيكونون مجبرين على الاصطفاف خلف راشد الغنوشي و لو الى حين لان الاصوات الرافضة لاعتماد الغنوشي على العائلة في اتخاذ القرار لم يعد محل قبول اغلب قيادات و اطارات حركة النهضة و هو ما يعني ان امكانية “التمرد” على قرار راشد الغنوشي تبقى واردة و ان التفاعلات داخل الحركة لن تتوقف