لماذا يعادي الاخوان بورقيبة والدولة الوطنية…
التغيير السياسي في تونس كان هبة تاريخية من السماء للشق الاخواني في تونس منحهم السلطة على طبق ذهبي بدون عناء … من سلطة استعملوا العنف في كل مراحلهم السياسية للاستيلاء عليها…
الفرصة التاريخية تحولت بسبب صلف البعض واستعجال الاخر الى ماساة سلطة وارادة تسلط احادي اربك أطيافا كبيرة من المجتمع الذي اعتقد ان تخلص من الديكتاتورية فإذا به امام شبح دولة تيوقراطية خطابا وممارسة يطبق عليها… خوف زادته العمليات الإرهابية ورابطة حماية الثورة حدة الى ان أوقفته الاغتيالات الجبانة….
بين السلطة والدولة طريق طويل وبما ان الخوف المرضي من الدولة بقي مترسخا لدى كل قيادات الاخوان فان عملية تفكيك الدولة عبر اختراقها كان الآلية الجوهرية لسنوات الترويكا بعد العجز الاجتماعي عن أخونة المجتمع اتجهوا الى أخونة الدولة عبر جملة الانتدابات وإغراق الإدارات بابناء الحركة الأوفياء وباختراق اجهزتها لانهم فقط في عرفهم غير مضمونةو ليس في يديهم ….
الدولة الديمقراطية او المدنية او الاستبدادية هي اكبر هاجس يقف حاحزا امام دولة العدل الاخوانية التي ناضلوا وسجنوا من اجلها فهم لم يسجنوا من اجل الديمقراطية والحريات بل من اجل فكرة عقدية مترسخة لديهم منذ تاسيس حسن البنا للحركة وتثبيت السيد قطب لمسارها الايديولوجي المغلق.
الدولة الوطنية هي في اللاوعي الاخواني اكبر خطر يمكن ان يهدد مشروعهم الفكري والسياسي وعليه فان معاداة الدولة بلغ اقصاه في فترة حكمهم الاولى زمن الترويكا فوجدوا أنفسهم في قلب ماكينات الدولة التي يكرهونها ويناصبونها العداء … حالة قصوى من السكيزوفرينيا والانشطار السياسي الذي اصاب العقل الاخواني المنغلق فكيف لمن يكره الدولة ان يخدمها بعد ان كان يحاربها…
اشكاليات سيكولوجية عجزت حتى القيادات الأكثر انفتاحا عن حلها وجاءت الانزلاقات اللسانية المتعددة التي انطلقت مع اعلان الخلافة الجبالية السادسة ومع انحرافات الدولة غير مضمونة ومع مقولة مورو الشهيرةبان حاجتهم لتغيير الدولة تمر عبر أخونة الأجيال اللاحقة لان الأجيال التي تربت في الدولة الوطنية لا يمكن تدجينها وتغييرها ….
عداء تواصل مع محاولات متواصلة لوضع اليد على اجهزة الدولة الأكثر حساسية أي الجيش والداخلية لانها قلب الدولة الوطنية….
عداء متواصل وان تغيرت المفاهيم خاصة التحول التاريخي من مفاهيم الدولة الكلية الشاملة التي تطبق الشريعة الإسلامية المستوعبة كل تفصيلات الشأن الإنساني في دوائره الفردية والجماعية الى مفاهيم الحاكمية كما بلوره الكاتب والمنظر الإخواني المعروف “سيد قطب”وصولا الى مفهوم الدولة المبهم اَي مفهوم الدولة الإسلامية الديمقراطية الذي بلورته قيادات الجماعة في العقدين الأخيرين دون أن تعطيه مضمونا نظرياً جلياً…
ويبقى العداء للدولة الوطنية بمفهومها المدني عصاب هوسي بالنسبة الجماعات الاخوانية …..
عجز جعلهم يخرجون من مفهوم الدولة الاخوانية الضيق الى مفاهيم اقل حدة لعلني استحضر هنا للتدليل تصور الفيلسوف المغربي البارز “طه عبد الرحمان على هذا المشروع مقولة الدولة “الديانية” التي تعني إضفاء السمات الدينية على السياسة وتحويل الدين إما إلى جهاز إيديولوجي للدولة، أو إلى ركيزة مكملة له لا قوام له دونها”ويتواصل عدائهم للدولة الى ان يتمكنوا منها او تتمكن منهم اذا تواصلت فلسفة العداء .
الدكتور شهاب دغيم