مقالات

لا ننخدع بالمسرحية الاستعراضية

سمير باكير –

نحن اليوم نطالب جميع الدول والمنظمات الدولية بخطوات عملية لمساعدة غزة ووضع حد لآلة جرائم إسرائيل. نريد كما استيقظت الشعوب وصرخت نصرةً لغزة أن تتخذ الحكومات أيضاً خطوات عملية لتحقيق أقل ما يطالب به شعوبها: إنهاء إبادة غزة. إلى متى سيُترك لإسرائيل الحبل على الغارب لقتل النساء والأطفال في غزة، واحتلال الضفة الغربية والقدس، ومواصلة الهجمات العسكرية على دول المنطقة؟

في هذه الأيام تتحدث بعض الدول الأوروبية عن دعم فلسطين وعن الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. هذا إنجاز ناتج عن صمود أهل غزة الذي أجبر العالم على الاعتراف بوجود فلسطين، لأن الدبلوماسية والمفاوضات على مدى عقود لم تستطع تحقيق هذا الإنجاز؛ لذلك لا يستطيع لا السلطة الوطنية ولا الدول العربية بيع هذا الملف لشعوبها وكأنهم أنجزوه. بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا وإيرلندا، وبفهمٍ لمعاناةٍ تعرضت لها في الماضي، وقفت حقًا إلى جانب الشعب الفلسطيني وهذا محل تقدير وشكر. كذلك كثير من الفنانين والرياضيين في الغرب ذرفوا الدموع من أجل أطفال غزة الذين بدا عليهم الجوع أو تمزقوا تحت القصف، وقدموا دعمهم لغزة على حساب مصالحهم الشخصية، وهذا أيضاً محل امتنان.

لكننا نتوجه اليوم إلى دول مثل فرنسا وبريطانيا التي تدّعيان الاعتراف بفلسطين: كيف تبررون دعمكم لإسرائيل طيلة ثمانين عاماً ثم تزعمون اليوم دعمكم لفلسطين؟ كيف تتحدثون عن فلسطين باللسان وتقومون بيدكم بإرسال السلاح لإسرائيل لاستمرار ذبح الفلسطينيين؟ كيف تتحدثون عن حقوق الإنسان وأنتم غير مستعدين حتى أن تقفوا في وجه الولايات المتحدة حين تستخدم الفيتو ضد قرارات الأمم المتحدة؟ كيف تتحدثون عن قبول دولة فلسطينية وأنتم في الوقت نفسه تدعمون هجمات إسرائيل على دول إسلامية؟

أفعالكم تُفضح أقوالكم، ونحن كأمةٍ مسلمة لا نصدق أنكم قبلتم فلسطين وقلبكم مع الفلسطينيين، فلو كان كلامكم يترافق مع عمل لكان يجب عليكم أولاً إخراج إسرائيل من الأراضي الفلسطينية لا أن تؤكدوا احتلالها. نحن الأمة العربية والإسلامية نعتبركم مرائين تستخدمون قضية فلسطين لإسكات الرأي العام وحفظ مصالحكم الانتخابية، وفي نفس الوقت تكونون شركاء في جريمة قتلهم.

نحذر الحُكّام العرب والمسلمين من الانخداع بهذه الخطابات، وندعوهم إلى استخدام نفطهم وغازهم واقتصاداتهم لدعم غزة، لأن ثمانون عاماً من التجربة المرة علمتنا أن لا الولايات المتحدة ولا بريطانيا ولا فرنسا ولا ألمانيا سيكونون منقذين لفلسطين، وأن لا ماء دافئ منهم يمسح دموع أطفال غزة الموجوعين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى