مقالات
كيفية تصدى قانون العقوبات للمتسولين
كتبت سماهر خير الله
من المتعارف علية أن التسول يمثل ظاهرة مُعقدة ويعد التسول من أكثر الظواهر السلبية التي تشهدها الشوارع المصرية خاصة في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، حيث يُلاحظ إنتشار المتسولين في الشوارع والمرافق العامة وأمام المساجد والأسواق وقد تبين ذلك وفقًا لدراساتٍ حديثةٍ صادرةٍ عن المركز القومى للبحوث الجنائية والإجتماعية، فإن القاهرة تحتل المركز الأول فى أعداد المتسولين بأعداد تتراوح بين 4000 و5000 متسول، تليها الإسكندرية حيث تستوعب الآن 1600 متسول.
وبذلك قد أصبحت هذه الظاهرة تشكّل تحدياً أمام المجتمع والحكومة المصرية، وذلك لما لها من آثار سلبية متعددة على الحياة الاجتماعية والأمن العام و يخلق التسول مشاهد غير حضارية في الشوارع والأماكن العامة، مما يشوه الصورة الجمالية للمدن ويؤثر سلبًا على السياحة والاقتصاد المحلي. كما يشعر المواطنون بالاستياء من وجود المتسولين الذين يلاحقون المارة ويعتبر التسول ايضاً أحد أشكال البطالة المقنعة، حيث يعتمد المتسولون على المساعدات بدلاً من البحث عن فرص عمل منتجة. وهذا يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة الحقيقية ويؤثر سلبًا على الاقتصاد، حيث يُهدر الأفراد طاقتهم في التسول بدلاً من المشاركة في العمل والإنتاج
وتعد ظاهرة إستغلال الأطفال في التسول من أخطر الآثار السلبية، حيث يتم استغلال الأطفال والمسنين في أعمال التسول لتحقيق مكاسب مالية. هذا الاستغلال يعرض الأطفال للعنف والإساءة، ويؤثر على صحتهم النفسية والجسدية، ويجعلهم عرضة للخطر والإنحراف الي جانب أن التسول يؤدي إلى انتشار الجريمة نتيجة لانخراط بعض المتسولين في أنشطة غير قانونية، مثل السرقة أو الاحتيال، مما يولد شعوراً بعدم الأمان لدى المواطنين ويستهلك الموارد المالية التي يمكن أن توجه إلى الفئات الفقيرة عبر قنوات شرعية، مثل الجمعيات الخيرية أو برامج الدعم الاجتماعي، بدلاً من أن تذهب إلى المتسولين في الشوارع
إضافة إلى ذلك يشكل المتسولون عبئاً إضافياً على الدولة، حيث تضطر الحكومة لتخصيص موارد وميزانيات لمكافحة الظاهرة ولتوفير برامج الرعاية الاجتماعية لبعض المتضررين
ولذلك يعتبر التسول جريمة وفقًا لقانون العقوبات المصري، ويُعاقب عليها المتسولون بالحبس لفترة تتراوح من أيام إلى عدة أشهر. وفي حال تكرار المخالفة، قد تتضاعف العقوبة.
وفى ذلك الصدد يفرق القانون بين التسول الفردي والتسول المنظم الذي يكون ضمن عصابات أو شبكات. في حال كان التسول يتم بتنظيم من طرف ثالث أو بإجبار من عصابات، يُعتبر جريمة أشد خطورة ويتم التعامل معها بموجب قوانين مكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر
وحيث نصت المادة 98 من قانون العقوبات المصري على معاقبة من يُضبط متسولاً في الأماكن العامة بعقوبة قد تصل إلى الحبس. وتشمل العقوبات تغليظاً إذا كان المتسول يستخدم أطفالاً أو يمارس التسول بصورة احتيالية
يقول المشرع، إن القانون رقم 49 لسنة 1933 حدد عدة مواد لجرائم التسول، فالمادة رقم (1) : يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرين كل شخص صحيح البنية ذكرا كان أو أنثى بلغ خمس عشرة سنة أو أكثر وجد متسولا في الطريق العام أو في المحال أو الأماكن العمومية ولو أدعى أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أي شيء.���المادة (2) : يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهراً كل شخص غير صحيح البنية وجد في الظروف المبينة في المادة السابقة متسولاً في مدينة أو قرية نظم لها ملاجئ وكان التحاقه بها ممكناً.
المادة (3) : يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور كل متسول في الظروف المبينة في المادة الأولى يتصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو يستعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور.���المادة (4) : يعاقب بالعقوبة المبينة في المادة السابقة كل شخص يدخل بدون إذن في منزل أو محل ملحق به بغرض التسول.���المادة (5) : يعاقب بنفس العقوبة كل متسول وجدت معه أشياء تزيد قيمتها على مائتي قرش ولا يستطيع إثبات مصدره.���المادة (6) : يعاقب بنفس العقوبة: (1) كل من أغرى الأحداث الذين تقل سنهم عن خمس عشرة سنة على التسول. (2) كل من استخدم صغيراً في هذه السن أو سلمه لآخر بغرض التسول. وإذا كان المتسول والياً أو وصياً على الصغير أو مكلفاً بملاحظته تكون العقوبة الحبس من ثلاثة إلى ستة شهور.���المادة (7) : في حالة العود تكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بالحبس مدة لا تتجاوز سنة.���المادة ( : في جميع الأحوال التي يحكم فيها على المتسول غير صحيح البنية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون يأمر القاضي بإدخاله في الملجأ بعد تنفيذ العقوبة.
تُعدّ ظاهرة التسول في مصر تحدياً كبيراً يتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع للحد منها، عبر تطبيق القوانين بصرامة وتقديم الدعم اللازم للفئات المحتاجة. الجمع بين العقوبات الرادعة وبرامج الدعم الاجتماعي والتوعية قد يكون السبيل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة وضمان حياة كريمة للجميع.