أخبار العالم العربيسياسة

قمة بلا فلسطينيين… شرم الشيخ على مفترق شرعي وسياسي

 

بقلم: فريق التحرير ـ صحيفة شمس اليوم
التاريخ: 12 أكتوبر 2025

في وقت يتطلب فيه موقف دولي واضح يدعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة، تبدو خطوة انعقاد قمة دولية تناقش الشأن الفلسطيني من دون تمثيل فلسطيني شرعي بمثابة انزلاق خطير نحو فقدان الشرعية السياسية والأخلاقية للمبادرة برمتها. تغييب الفلسطينيين عن منبرٍ يناقش مستقبلهم ليس إغفالاً بروتوكوليًا، بل فعل له دلالاتٍ سياسية وقانونية تعمل لصالح طرف الاحتلال وتمنح خارطة طريق مريحة لمن يسعى لتقويض الحق الفلسطيني.

الشرعية أولاً: أي اجتماع يفترض أن يكون مؤطرًا بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة لا يمكن أن يقتطع من قوائم الأطراف أصحاب المصلحة الأكثر قدرة على تقرير مصائرهم. الحق في تقرير المصير ليس قضية تكميلية تُستثنى من مناقشات تتهم بالإحاطة بالمصير الفلسطيني؛ إنه حق جوهري يكفله القانون الدولي ويُلزم المجتمع الدولي ألا يتخذ قرارات تُحرم صاحب الحق من المشاركة فيها.

السياسة ثانياً: الغياب الفلسطيني عن القمة يفتح نافذة لتصدير حلولٍ جاهزة تُطابق حساباتٍ إقليمية أو دولية، وربما أميركية، تُحاول تجاوز مطالبات الدولة المستقلة، أو تضع شروطًا مسبقة لا تقبل بها القيادة والشعب الفلسطيني. مثل هذه المناورات ستُستغل سياسياً من قبل من يريد تثبيت وضع قائم أو إعادة صياغة الحقوق بما يخدم مشروع ضم وتطبيع. هذا ما يخشاه كثيرون عندما يُذكر اسم “خطة ترامب” أو مواقف إدارة واشنطن الداعمة لبعض التوجهات الإسرائيلية، وما يثير أيضاً خشية من استغلال الفراغ الفلسطيني لصالح أطراف ترفض الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقه.

الجانب الإعلامي والإنساني: غياب التمثيل الشرعي يبعث برسائل سلبية لدى الرأي العام الدولي والعربي؛ رسالة مفادها أن صوت الفلسطينيين يمكن تجاوزه أو استبداله بتمثيل خارجي. هذا يضرب ثقة الجمهور الفلسطيني أولاً، ويضعف الدعم الدولي الذي يشترط مشاركة الفلسطينيين لحلول دائمة وعادلة. كذلك يزيد من مرارة التسويف والمماطلة التي دائمًا ما تُقدّم للسلطة المحتلة وسيلة لتهدئة الضغط العالمي دون أي تقدم حقيقي على الأرض.

ماذا ينبغي أن يحدث الآن؟ أولاً، على من يُمثلون القمة أن يضمنوا مشاركة فلسطينية كاملة ومباشرة، سواء عبر القيادة السياسية أو ممثلين منتخبين ومجتمع مدني فلسطيني معترف بشرعيته. ثانياً، على الدول العربية والإسلامية، وعلى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، أن ترفع منسوب الضغط الدبلوماسي وليس الاستشاري: الشرعية تُستعاد بالموقف العملي لا بالكلام. ثالثاً، يجب على المجتمع المدني ووسائل الإعلام الدولية تسليط الضوء على أي محاولات لإقصاء الفلسطينيين واعتبار نتائج مثل هذه القمم بلا وزن سياسي أو قانوني.

الفرصة التاريخية التي أتاحها صمود الشعب الفلسطيني لا تُهدر بالتسويف. كل تأجيل أو تفويتٍ لمتطلبات العدالة سيُقوّي أطرافًا تعارض الاعتراف بوجود شعب ودولة فلسطينية. قمة بلا فلسطينيين ليست إجابة؛ هي مشكلة تُضاف إلى مشكلات الحل. آن الأوان لأن يكون للموقف الدولي صوتٌ واحد واضح: لا قرارات عن الفلسطينيين من دون الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى