أخبار العالم العربي

قفطان الخير يجمع التراث والأناقة لدعم مبادرات إنسانية مغربية

محمد قناوي

في إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، احتضن مقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بالرباط، السبت 22 نونبر (تشرين الثاني) حفلا فنيا وإنسانيا بعنوان “أنامل النور… قفطان الخير”، وهو حدث خصصت عائداته لدعم عمليات تصحيح البصر لفائدة الفئات الهشة. وقد جمع هذا الموعد بين البعد الإبداعي والعمل الاجتماعي في صيغة تعكس روح التضامن المتجذرة في المجتمع المغربي، مع إبراز الدور الحيوي للثقافة والفن في تقوية مبادرات العمل الإنساني.

وقد جاء تنظيم هذا الحدث بمبادرة من مجموعة عقيلات السفراء العرب والمنظمات الدولية، وبشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، في خطوة تؤكد أهمية التنسيق بين الفاعلين الدبلوماسيين والمؤسسات الحكومية لإطلاق مشاريع ذات أثر اجتماعي ملموس. وأسهمت هذه الشراكة في إضفاء بعد مؤسساتي قوي على الحفل، خصوصا وأن موضوعه يتقاطع مع الأهداف الاستراتيجية للوزارة في مجالات الحماية الاجتماعية، والنهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية صعبة، وتفعيل آليات التمكين الاقتصادي للنساء.

وشهد الحفل حضور صاحبة السمو الأميرة للا لمياء الصلح، تقديرا لجهودها الكبيرة على رأس المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين، وما تقوم به من مبادرات وطنية تهدف إلى تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وتسهيل اندماجهم في المجتمع. وقد شكل هذا الحضور إشارة رمزية قوية إلى أهمية دعم المبادرات التي تربط بين العمل الثقافي والعمل الإنساني، وتعزز صورة المغرب دولة قائمة على قيم الرحمة والتكافل. كما حضر الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، الذي أشرف على جميع فعاليات الحدث، مؤكدا دعم المنظمة لكافة المبادرات الثقافية والإنسانية التي تعزز التنمية الاجتماعية وتشجع على التكافل بين الشعوب.

افتتحت الكلمات الرسمية للحفل بدءا من وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، السيدة نعيمة بن يحيى، التي أكدت على انخراط الوزارة الدائم في دعم هذه المبادرات الخيرية، مؤكدة أن الحدث يعكس الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الداعية إلى تعزيز التكافل الاجتماعي وتمكين المرأة ودعم الفئات الاجتماعية. وتلتها الكلمات الافتتاحية لكل من السيدة رانيا عابدين الشوبكي، رئيسة جمعية عقيلات السفراء العرب ورؤساء المنظمات الدولية، والسيدة جمانة غنيمات، سفيرة المملكة الأردنية الهاشمية (ضيفة الشرف)، والدكتورة يسرى بنت حسين الجزائري، حرم المدير العام لمنظمة الإيسيسكو ورئيسة اللجنة الثقافية للجمعية، ثم السيدة غريبة الجوهري، رئيسة جمعية الأيادي البيضاء، حيث عبرت المتحدثات والمتحدثين عن أهمية تعزيز العمل التضامني بين الدول والشعوب، ودعم المبادرات الإنسانية والثقافية التي تعزز الهوية الوطنية والبعد العربي المشترك.

تم خلال الحفل عرض كبسولة بصرية توثق رحلة التمكين النسائي المغربي، انطلاقا من الخيط والإبرة والملحفة الصحراوية وصولا إلى مشاريع اقتصادية مزدهرة، بما يعكس التحول العميق الذي تعيشه النساء الحرفيات وقدرتهن على تحويل الإبداع المحلي إلى مورد للعيش الكريم. وأبرز هذا العرض الدور الحيوي للحرف التقليدية في صون الذاكرة الثقافية للمغرب وفي تطوير اقتصاد اجتماعي تضامني يعتمد على مهارات النساء وخبراتهن، مؤكدا ضرورة تمكين الاقتصاد النسائي ودور الريادة النسوية كرافعة أساسية للتنمية.

كما شهدت الأمسية حضور الفنانة المغربية سلمى رشيد، التي قدمت لوحات غنائية أعادت إحياء الروح الوطنية المرتبطة بالمسيرة الخضراء، من خلال أدائها المؤثر لأغنية “صوت الحسن ينادي”، إضافة إلى أغنية “العيون عينيا” التي عبرت من خلالها عن إحساسها العميق تجاه الأقاليم الجنوبية للمملكة، مما منح الحفل بعدا وجدانيا قويا وعزز رسالته الوطنية والإنسانية في آن واحد.

وهكذا، استطاع حفل “أنامل النور… قفطان الخير” أن يجمع بين الفن والإنسانية والوطنية في حدث واحد، مقدما نموذجا عمليا لكيفية توظيف الثقافة لخدمة قضايا الصحة والتمكين والتنمية. وقد أثبت الحدث مرة أخرى قدرة المبادرات المشتركة على إحداث أثر حقيقي، وتحويل الفعل الثقافي إلى جسر لدعم الفئات الاجتماعية وإضاءة دروب الأمل أمام من يبحثون عن استعادة نور البصر ونور الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى