أخبار العالم العربي

فلكية جدة… نوفمبر 2025

فلكية جدة…
نوفمبر 2025

الأحساء
زهير بن جمعة الغزال

أوضح ذلك المهندس . ماجد ابوزاهرة
مع حلول شهر نوفمبر تبدأ الليالي بالامتداد في العالم العربي وسائر النصف الشمالي من الكرة الأرضية مما يتيح لعشاق السماء البدء بالرصد الفلكي قبل الساعة السابعة مساءً في كثير من المناطق. ورغم انخفاض درجات الحرارة فإن الأجواء الباردة تمنح ظروفاً مثالية للتأمل تحت قبة السماء المرصعة بالنجوم

أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فيقترب فصل الصيف وتغري الأمسيات الدافئة بالخروج إلى الهواء الطلق للاستمتاع بروعة المشهد السماوي.

في مطلع نوفمبر يظهر القمر شبه مكتمل في اقتران مع كوكب زحل حيث تفصل بينهما أقل من ثلاث درجات. وبعد أيام قليلة وتحديداً في الخامس من نوفمبر يكتمل القمر في ظاهرة تصنف ضمن «البدور العملاقة» لاقترابه من الأرض أكثر من المعتاد وقد لا يكون الفرق في الحجم ملحوظاً بالعين المجردة إلا أن لمعانه سيكون أوضح من المعتاد.

في هذا الوقت من السنة يظهر القمر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية مرتفعاً عالياً في السماء قاطعاً قوساً طويلاً خلال الليل وهو ما يجعل من الصعب مشاهدة النجوم الخافتة بسبب سطوعه الشديد. أما في النصف الجنوبي فيبدو القمر منخفضًا قرب الأفق. ويعزى هذا الاختلاف إلى ميل محور الأرض ففي هذه الفترة يميل نصف الكرة الشمالي بعيداً عن الشمس مما يجعل القمر – الذي يقع في الجهة المقابلة للشمس في السماء – يرتفع عالياً بينما في النصف الجنوبي يكون الوضع معاكساً تماماً إذ يميل القمر نحو الأفق.

وخلال الأسبوعين الثاني والثالث من شهر نوفمبر يبتعد القمر تدريجياً عن السماء المسائية لتتحسن بذلك ظروف الرصد وتزداد فرص مشاهدة الأجرام الخافتة والعميقة في سماء الليل.

يزين شهر نوفمبر سماء النصف الشمالي من الكرة الأرضية بمذنبين لامعين هما C/2025 R2 (سوان) وC/2025 A6 (ليمون).

يُرى المذنب ليمون منذ أسابيع في سماء العالم العربي لكنه سيبدأ بالارتفاع تدريجياً في سماء النصف الجنوبي خلال هذا الشهر قبل أن يتلاشى مع نهاية نوفمبر مع حلول الشفق المسائي. يبدأ المذنب رحلته من كوكبة الحواء متجهاً نحو كوكبة العقرب ويمكن مشاهدته بالعين المجردة من المواقع المظلمة البعيدة عن أضواء المدن بينما يسهل رصده بواسطة المناظير طوال الشهر.

أما المذنب سوان فيبقى مرئياً خلال النصف الأول من الليل في سماء العالم العربي ويبدأ الشهر في كوكبة الدلو متجهاً نحو كوكبة الحوت. ويمكن استخدام كوكب زحل كمرجع لتحديد موقعه في السماء. ومع أنه لا يزال ظاهراً إلا أنه بدأ يخفت تدريجياً مما يجعل رصده يتطلب استخدام منظار أو تلسكوب صغير.

وفي النصف الأخير من شهر نوفمبر قد يتمكن أصحاب التلسكوبات الكبيرة من رصد المذنب بين النجمي 3I/أطلس منخفضا ًفي الأفق الشرقي قبيل الفجر بشرط أن ينجو من اقترابه الشمسي الذي يحدث في أواخر أكتوبر وإذا تجاوز هذه المرحلة دون أن يتفكك أو يتبخر فمن المتوقع أن يصبح أكثر وضوحاً خلال شهر ديسمبر خاصة في ساعات منتصف الليل.

أما منتصف نوفمبر فسيكون موعداً مميزاً لعشاق مراقبة الشهب إذ تصل زخة الأسديات إلى ذروتها فجر 18 نوفمبر وسيكون القمر غائباً تماماً عن السماء من منتصف الليل حتى الفجر ما يجعل الظروف مثالية للرصد. وفي المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي يمكن مشاهدة ما بين 15 إلى 20 شهاباً في الساعة وقد يرتفع العدد أحيانًا مما يجعل هذه الزخة واحدة من أبرز الأحداث الفلكية خلال شهر نوفمبر

عند التأمل في الأفق الغربي خلال أمسيات نوفمبر لا تزال بقايا كوكبات الصيف الشمالية مثل القيثارة والنسر الطائر تظهر منخفضة في السماء قبل أن تختفي نهائياً مع اقتراب الشتاء. أما في الأفق الشمالي العالي فتتألق كوكبة بيغاسوس (حصان الجناحين) ترافقها كوكبة المرأة المسلسلة (أندروميدا) التي تضم مجرة أندروميدا الشهيرة أقرب المجرات الكبرى إلى درب التبانة ويمكن رؤيتها بالعين المجردة من المواقع المظلمة إذ تبعد أكثر من مليوني سنة ضوئية وبالقرب منها تقع مجرة المثلث وهي أخفت قليلاً لكن يمكن رصدها بسهولة بواسطة التلسكوبات الصغيرة.

وفي أقصى شمال السماء يرى الدب الأكبر منخفضاً قرب الأفق بينما يتدلى الدب الأصغر فوقه بقليل وتسطع كوكبة كاسيوبيه (ذات الكرسي) بوضوح على هيئة حرف «W» مائل. أسفلها يمكن تمييز العنقود المزدوج في كوكبة برشاوش وهو مشهد بديع يُرى بالعين المجردة أو عبر المنظار ويضم نجوماً شابة تقع على مسافة تزيد على سبعة آلاف سنة ضوئية

يبزغ كوكب المشتري من جهة الشرق-الجنوب الشرقي حوالي الساعة 11 مساءً في أوائل نوفمبر بينما يظهر في النصف الجنوبي بعد منتصف الليل ويتقدم ظهوره تدريجياً خلال الشهر ليصبح مرئياً بعد الساعة الثامنة مساءً بحلول نهايته. ويعد المشتري ألمع جرم سماوي بعد القمر ويمكن من خلال المنظار مشاهدة أقماره الأربعة الكبيرة وهي تتحرك حوله ليلة بعد ليلة وفي 9 نوفمبر سيقترن المشتري بالقمر الأحدب المتناقص في مشهد فلكي رائع يستحق المشاهدة.

أما كوكب أورانوس فيمكن تحديد موقعه باستخدام عنقود الثريا كمرجع إذ يقع على مسافة نحو أربع درجات أسفل يمين الثريا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بينما يكون أعلى يمينها في النصف الجنوبي. يظهر أورانوس كلطخة خضراء باهتة عند الرصد بالتلسكوب الصغير وسيكون في أقرب نقطة له من الأرض هذا العام يوم 21 نوفمبر على بعد نحو 2.7 مليار كيلومتر.

خلال ساعات الفجر يلمع كوكب الزهرة منخفضاً في الأفق الجنوب الشرقي مودعاً دوره كـ«نجم الصباح» منذ مارس الماضي قبل أن يلتقي هلال القمر المتناقص في 18 نوفمبر في اقتران جميل.

يعد شهر نوفمبر هذا العام غنياً بالأحداث الفلكية بدءا من اقترانات القمر والكواكب مروراً بالمذنبات وزخات الشهب وصولاً إلى مجرات أندروميدا وبريق المشتري. وهو فرصة مثالية لعشاق السماء سواء كان الرصد بالعين المجردة أو باستخدام المناظير أو التلسكوبات الصغيرة للاستمتاع بروعة المشهد السماوي خلال هذا الشهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى