مقالاتمنوعات

عودة لموضوع العدالة الانتقالية

ماهى هذه العدالة؟

لوحظ انه اثر الهزات العنيفة التى يعيشها مجتمع معين كثيرا ما يقع تصفية الحساب بشكل عنيف كما عاشته فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية عندما وقع تصفية عشرات الآلاف من الأشخاص فى إطار ما يعرف بالقتل بالشبهة

اذ اتهم عديد الفرنسيين بالتعاون مع النازية ووقع قتلهم او وشنقهم فوق الاعمدة الكهربائية دون محاكمات ولم يقع ايقاف اعمال التقتيل الا بتدخل من الجنرال دى غول الذى دعى الى ايقاف اعمال الانتقام.

فوقع الاستجابة لذلك للمكانة الاعتبارية لدى غول فى المجتمع الفرنسي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .

تونس تجنبت ذلك عند الاستقلال وكان خطاب بورقيبة. بمنزل شاكر سنة 1956 مطمىنا.

ودعى لتفادى نزعة الانتقام ازاء من عمل مع فرنسا بل جعل من بعض التونسين اللذين عملوا بالشرطة والجيش الفرنسي نواة للشرطة التونسية والجيش التونسي ومنع كل اشكال الانتقام مقتصرا على محاكمة.

بعض الاشخاص اللذين عاثوا فسادا فى اموال المجموعة الوطنية من عائلة الباى او الوزراء الكبار بغية مصادرة املاكهم.

كمعاقبة من قتلوا الهادى شاكر فى العالم حدثت هزات عنيفة عصفت بعديد الأنظمة السياسية البغيضة وخاصة بامريكا الجنوبية وأفريقيا وكانت هنالك عقلية الانتقام

لجات بعض البلدان الى إقرار العدالة الانتقالية التى تقوم على الاعتراف بالحقيقة والاعتذار فالتعويض فالمصالحة

غاية العدالة الانتقالية تجنب الانتقام وتحقيق المصالحة وتفادى النزاعات القضائية العدلية التى قد تطول وتكرس الانتقام فى تونس طرح موضوع العدالة الانتقالية بعد الثورة بالرغم انه لم يكن هنالك داعى لذلك لانه لم نعش فى بلادنا انشراح مجتمعى اوطغيان طبقة او مجموعة اتنية على حساب أخرى.

مع ذلك وقع إقرار العدالة الانتقالية بمبادىء لم يألفها المجتمع الدولي الذى اصبح يملك مرجعية قانونية للعدالة

الانتقالية من خلال القانون الانموذجى الذى صاغته الأمم المتحدةتم على اغلب الظن تكليف مكتب محاماة اجنبى لصياغة مشروع للعدالة الانتقالية الذى اعد مشروع قانون عقد به الوضعية بالكامل بل جعل العدالة الانتقالية اقسى من العدالة العادية و أقام نظام قانونى مبنى على التشفي والانتقام

وقع إقرار العدالة الانتقالية صلب الفصل 148 من الدستور مع اعتماد مباديء ثلاث وهى مباديء تكرس عقلية الحقد والضغينة وتتعارض مع مفهوم العدالة الانتقاليةهذه المبادئ تسرى على كل الأفعال التى حصلت خلال الفترة الممتدة من جويلية 1955الى جانفى 2011وهى مبادى ء تتلخص فيما يلى

أولًا

عدم التمسك باتصال القضاء ويعنى اعادة المحاكمات السابقة وإذا كنا قد نتفهم ذلك بالنسبة للمحاكمات التى حصلت قبل الثورة بحجة عدم استقلالية القضاء فانه من غير المقبول ان نقبل ذلك بالنسبة للمحاكمات التى جدت بعد الثورة اى خلال فترة تحرر فيها القضاء من اى ضغط

ثانيًا

عدم تطبيق مبدأ عدم رجعية القانون اى انه يمكن محاكمة شخص على أساس قانون صدر بعد الفعل المنسوب له وفى هذا المجال فان الفصل 96من المجلة الجزاءية والذى وضع سنة1985 ضد موظفى الدولة اللذين يرتكبون اخلالات فى التصرف تؤدى الى الإضرار بالمال العام. يقع تطبيقه حتى على الأفعال التى حصلت قبل 1985

ثالثًا

عدم تطبيق قاعدة التقادم ففى الأصل تسقط الجناية بعد مرور عشر سنوات ولكن العدالة الانتقالية التى أرسيناها تمكن من اثارة التتبعات لأفعال حصلت حتى فى سنة1955 إبان ما يعرف بالخلاف بين بورقيبة وبن يوسف

العدالة الانتقالية هى موقته فى الزمن وقد حددت لها فترة اربع سنوات وتم صياغة قانون لهيئة الحقيقة والكرامة لتهتم بالقضايا التى تعلقت بالحريات وحقوق الإنسان والقضايا المتعلقة بالفساد المالي لم تتمكن هذه الهيئة من إنجاز مهمتها وانقضى اجل الأربع سنوات دون تحقيق اى شىء كبير.

ولكن هنالك مىات الملفات التى أحالتها هذه الهيئة على المحاكمماهو الحل القانوني للتعامل مع هذه الملفات؟هل يقع

هل يقع القبول بتعهد دواير متخصصة للحكم فى هذه الملفات كما يحصل الان؟ أ م انه من الضروري احالة هذه الملفات على القضاء العادي؟ أم يتعين صياغة قانون جديد لاستكمال مسار العدالة الانتقالية لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة ؟

مع الإشارة ان المصالحة الشاملة لا يعنى عدم المسائلة وارجاع المال العام الذى وقع الاستيلاءعليهتعددت الآراء فى خصوص الحل الأمثل الذى يمكن اتخاذه هنالك من يرى ان الدوائر المتخصصة التى توجد ب12 محكمة ابتدائية مدعوة ان تواصل تعهدها بالملفات التى أحيلت عليها.

ولكن هنالك عدة نقاط استفهام حول الأحكام التى قد تصدرها هل هى احكام حضورية ؟أم يمكن ان تكون غيابية؟هل يجوز الطعن فيها بالتعقيب ؟ لان القانون الذى بعثها نص على ان أحكامها نهائية هل ان صدور أحكامها بصفة نهائية لا يتعارض مع المبدأ الدستورى الذى يفرض ان يكون التقاضى على درجت ينهل انها تحكم بالعقوبات المالية والسالبة للحرية

أم ان أحكامها تقتصر على مبدأ الإدانة او التبراة لأغير كما اعتمدته عديد البلدان التى اعتمدت العدالة الانتقالية

اسىلة هامة يصعب ان نجد لها اجوبة نهائية وهو ما يزيد الوضع تعقيدًاللخروج من هذه الإشكاليات اقترح بعض رجال القانون احالة هذه الملفات على القضاء العدلي وتطبيق قواعد مجلة المرافعات الجزائية

والتخلى عن الاستثناءات التى ضمنت بالفصل 148والنى هى استثناءات غريبة تتعارض مع القانون الدولي الإنساني كان حسب رأى هؤلاء على واضعى دستور عدم تضمينها بنص الدستور الذى يقوم على جملة من القيم الكونية وخاصة القانون الدولي الإنساني

أما الاتجاه الثالث فانه ينادى بوضع قانون لاستكمال مسار العدالة الانتقالية.

وصولًا لتحقيق المصالحة الشاملة لكن مع توخى المراحل الأربعة وهى الاعتراف فالاعتذار فالتعويض فالمصالحةاعتقد ان الحل الثالث قد يكون اكثر قبولا فى الوقت الحالى وهو لا يعنى مطلقا ان نغض الطرف عن ما كان وراء نهب المال العام بل ان كل من استولى على هذا المال مدعو الى الاعتراف بذلك ثم الاعتذار ثم إرجاع ما استولى عليه مع خطية تضبط بالقانون وآنذاك يتحرر من كل تتبع اذا تبين لاحقا انه اخفى ماارتكبه ولم يعترف الا بجزء من الحقيقة فانه تستأنف التتبعات فى حقه

أما من اعتدى على غيره بحكم السلطة التى كان يمارسها فتسبب فى سجن او تعذيب مواطن تونسي فعليه الاعتراف بذلك والدولة تقوم بالتعويض وينتهى الأمر بالمصالحة لان التعذيب الذى مارسه كان باسم الدولة لقائل ان يقول من أين سياتى بالأموال للتعويض للمساجين السابقين او لعائلات الضحايا

الثابت ان المصالحة ستوفر أموالا قادرة وزيادة ان تغطى حجم التعويضات التى على القانون الذى قد يصدر لاستكمال مسار العدالة الانتقالية وضع معايير مظبوطة لتحديدها

الخلاصة

يتعين حسم هذا الموضوع الذى مازال يربك المنظومة القضائية بالكامل حتى يكون هنالك حل نهائي لمىات الملفات المعروضة حاليا أمام دوائرالعدالة الانتقالية و لحواليى 100رجل أعمال يعيشون منذ عقد من الزمن ضغطًا نفسيًا رهيبًا يجعلهم غير قادرين للعودة لمجال الاستثمار الداخلي الذى بدونه لن يكون هنالك استثمار خارجي وكذلك لعدد كبير من موظفى وزارة الداخلية اللذين تعلقت بهم قضايا تهم الاعتداء على الحريات وحقوق الانسان

عادل كعنيش محامي ورئيس ودادية قدماء البرلمانيين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى