سماء العالم العربي تترقب المذنب المكتشف “سوان”

الاحساء زهير بن جمعة الغزال
أوضح ذلك المهندس . ماجد ابوزاهرة: تداولت بعض المصادر معلومات تفيد بأن المذنب المكتشف حديثًا C/2025 R2 (SWAN) – سوان R2 قد يتسبب في حدوث زخة شهب جديدة مطلع أكتوبر 2025 إلا أن المعطيات العلمية المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن ذلك الإحتمال غير مؤكد بل يرجح أن يكون ضعيفًا للغاية.
ما يدعم هذا الطرح هو وجود توقعات تشير إلى أن الأرض قد تمر عبر المسار المداري لبقايا المذنب خلال الفترة ما بين 4 و6 أكتوبر 2025 حيث ستكون في مستوى مداره الأمر الذي قد يتيح إمكانية رصد زخات شهب ناتجة عن مرور قطع الحطام التي خلّفها المذنب على طول مساره.
أما ما يضعف هذا الاحتمال فهو أن المحاكاة الحاسوبية ثلاثية الأبعاد تظهر أن مدار المذنب لا يتقاطع فعلياً مع مدار الأرض في تلك الفترة بل يمر فوقه على مسافة تقدر بحوالي 7 ملايين كيلومتر وهو ما يعني أن حطام المذنب لن يقترب من الغلاف الجوي للأرض بحيث يشاهد على شكل زخات شهب.
لحدوث زخة شهب مرتبطة بمذنب لا بد أن تعبر الأرض سحابة الغبار التي خلّفها المذنب على طول مداره حيث تحترق تلك الجسيمات عند دخولها الغلاف الجوي. غير أن الحسابات الحديثة تشير إلى أن المسار الفعلي للمذنب يبتعد عن نقطة تقاطع المدارات بمسافة تبلغ عدة ملايين من الكيلومترات، إضافةً إلى أن المذنب قد يطلق نسبة أكبر من الغازات مقارنةً بالغبار، وهو ما يقلّل أكثر من فرص تشكل زخة شهابية.
إضافة إلى ذلك فإن التنبؤ بسلوك المذنبات ليس دقيقاً تماماً إذ يتأثر بالعديد من العوامل مثل تفكك النواة والتغير في سرعة التبخر وتشتت الغبار ما يجعل أي توقع بحدوث زخة شهب قائماً على فرضيات قد لا تتحقق.
ومع ذلك يظل المذنب سوان R2 بحد ذاته حدثاً فلكياً بارزاً؛ إذ يتوقع أن يصل سطوعه في الفترة من منتصف إلى أواخر أكتوبر 2025 إلى مستوى قد يسمح برصده بالعين المجردة أو على الأقل بوضوح من خلال المناظير والتلسكوبات في المواقع المظلمة عند اقترابه من الأرض.
بالنسبة لنا في العالم العربي سيظهر المذنب في أوائل أكتوبر بعد الغسق في الأفق الجنوب الغربي. في الأيام الأولى سيكون المذنب منخفضاً على الأفق ما يجعل رؤيته أكثر صعوبة مقارنة بنهاية الشهر. احتمال رؤية المذنب بالعين المجردة خلال أوائل أكتوبر يقدر بين الضعيف والمتوسط ما يجعل المناظير أو التلسكوبات الصغيرة ضرورية لرصده من مواقع مظلمة.
مع اقتراب الفترة من منتصف إلى أواخر أكتوبر، يزداد احتمال رؤية المذنب بالعين المجردة إذ يرتفع تدريجياً في السماء ويصبح أكثر سطوعاً.
أفضل أيام الرصد ستكون بين 20 و23 أكتوبر 2025 بالتزامن مع اقتراب المذنب من الأرض حيث سيظهر كنواة صغيرة ضبابية أو بقعة خافتة مع احتمال ظهور ذيل ممتد خفيف. وتجدر الإشارة إلى أن ذيول المذنبات قد تمتد على طول عدة دقائق قوسية أو حتى درجات بحسب سطوع المذنب وظروف الرصد.
ولمحاولة رصد المذنب في العالم العربي خلال أوائل أكتوبر ينصح بالبحث عن موقع تكون فيه السماء الغربية مكشوفة بعد غروب الشمس ثم تحديد موقع المذنب باستخدام أحد التطبيقات الفلكية والبحث عنه باستخدام منظار مقاس 10×50 لتسهيل اكتشافه.
أما في منتصف وأواخر أكتوبر سيرتفع المذنب أعلى في السماء مما يزيد فرصة رؤيته بالعين المجردة. كما يمكن محاولة تصويره باستخدام أو كاميرا بدون مرآة مع عدسة واسعة وتركيبها على حامل ثلاثي القوائم أو استخدام تلسكوب صغير إلى متوسط للحصول على تفاصيل أفضل.
وأخيراً يجب التأكيد على أن الحسابات المدارية للمذنبات تحدث باستمرار مع دخول أرصاد جديدة إلى قواعد البيانات لذلك فإن أي معلومات قد تتغير مع توفر بيانات رصدية جديدة.
يعد ظهور المذنب سوان R2 حدثاً فلكياً مميزاً يذكرنا بجمال الظواهر السماوية وديناميكيتها المستمرة. ورغم أن التوقعات بحدوث زخة شهب مرتبطة به ما تزال غير مؤكدة فإن متابعة المذنب ورصده بالعين المجردة أو باستخدام المناظير يمنحنا فرصة للتأمل في عظمة الكون ودقة قوانينه الحركية.
إن مثل هذه الظواهر تسهم في تعزيز الثقافة العلمية لدى المجتمع وتشجع الأجيال الجديدة على الإقتراب أكثر من علوم الفضاء وتؤكد أن السماء دائماً تحمل لنا مفاجآت جديدة تستحق المشاهدة والاهتمام.