أخبار عالميةالأخبار

حرب العاشر من رمضان …ملحمة عسكرية اضاعتها السياسة

حفل شهر رمضان بعدو انجازات و مكاسب حققها العرب و المسلمون عبر تاريخهم و لا شك ان حرب العاشر من رمضان سنة 1973 تبقى واحدو من ابرز هذه الملاحم خاصة بالنسبة للاجيال التي لم تعش زمن قوة العرب و المسلمين . فقد شن الجيشان المصري و السوري و في نفس التوقيت يوم السبت 6 اكتوبر 1973 هجومين على القوات الصهيونية في كل من سيناء و الجولان المحتلين و استطاع الجيشان تحقيق اختراق لافت و تقدم ملحوظ على الجبهتين و حققا اول نصر في مستوى الجيوش النظامية على الجيش الاسرائيلي . فقد تقدم الجيش المصري 20 كم داخل سيناء المحتلة و دمر جدار بارليف الذي اعتبرت الدعاية الصهيومية انه من الصعب اختراقه او تدميره . اما الجيش السوري فقد استرد سهل الحولة و هضبة طبريا التي تطل على بحرية طبريا الاستراتيجية . و قد حاول الجيش الاسرائيلي الالتفاف على هذا النصر من خلال هجوم معاكس على الجبهتين و احدثت ثغرة في الدفرسوار في سيناء و استعادت السيطرة على هضبة طبريا في الجولان السوري . و قد شكلت حرب العاشر من رمضان 1973 ( حرب تشرين التحريرية حسب تسمية السوريين ) نصرا عسكريا على الجيش الاسرائيلي الذي تبنى قبلها مقولة الجيش الذي لا يقهر اذ سبق له ان انتصر على الجيوش العربية سنة 1948 و سنة 1956 و في حرب الايام الستة سنة 1967 و مثلت رد فعل مهم على هزيمة حرب 1967  التي مثلت هزيمة مذلة للجيشين المصري و السوري على الميدان و لكل الشعوب العربية فعليا . و قد تواصل الاعداد لحرب اكتوبر و في سرية تامة لاكثر من سنتين و انتهت يوم 24 اكتوبر 1973 بعد تخلات دولية و بروز دعم امريكي غير مسبوق للكيان الصهيوني مقابل بروز فتور في وقوف “الحليف السوفياتي ” الى جانب مصر و سوريا .لقد فتحت الولايات المتحدة الامريكية جسرا جويا مع تل ابيب امدتها من خلاله بما قدره 27895 طنا من المعدات العسكرية في حين لم يمد الاتحاد السوفياتي دمشق و القاهرة مجتمعين باكثر من 15000 طنا من المعدات العسكرية . و قد شاركت في حرب العاشر من رمضان عدة دول من ذلك ان الجزائر كانت اول دولة تعلن حظر البترول و اعلن رئيسها هواري بومدين انه يضع كل امكانيات الجزائر على ذمة مصر و سوريا و ارسل الى مصر 96 دبابة و 50 طائرة حديثة من طراز ميغ 17 و ميغ 21 سوخوي 7 بل انه تحول على وجه السرعة الى موسكو بعد ان تلكات القيادة السوفياتية في مد مصر و سوريا بطائرات حربية و اعلن عن استعداد الجزائر لدفع تكلفة الطائرات و بالدولار و لم يغادر موسكو الا بعد ان تاكد من شحن الطائرات الى مصر و سوريا . اما العراق فقد ارسل 60 الف مقاتل الى مصر و 700 دبابة و شاركت 24 طائرة عراقية الى جانب 200 طائرة مصرية في الهجوم الجوي الاول . من جانبها شاركت الكويت بقوة عسكرية قوامها 3000 جندي مجهزين في حماية العاصمة السورية دمشق التي حلوا بها يوم 15 اكتوبر 1973 و لم يغادروها الا يوم 25 سبتمبر 1973 و ارسلت قوة حربية الى مصر . و شاركت السودان بقوة عسكرية و ساهمت السعودية في تمويل الحرب بمبلغ قدرة 200 مليون دولار الى جانب ارسال 20000 جندي للجلهة السورية و لم تتخاف تونس عن الانخراط في حرب العاشر من رمضان اذ ارسلت كتيبة قوامها 1200 جندي بقيادة الجنزال عبد العزيز سكيك و تولت اسناد الجيش المصري و تصدت في واقعة معروفة لفرقة صهيونية بقيادة مجرم الحرب اريال شارون الذي كان يحاول التقدم في اختراق الدفرسوار . و لا ننسى موقف الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز الذي فرض حظرا على تصدير النفط و هو ما اربك الاقتصاديات الغربية . و لكن مناورات الكواليس بددت هذا النصر العسكري اذ استطاع هنري كيسنجر اختراق الصف العربي و “اقنع ” الرئيس المصري محمد انور السادات بضرورة فك الارتباط مع الحليف السوفياتي و الارتماء في احضان واشنطن و بامضاء معاهدة “سلام ” مع الكيان الصهيوني اعادت لمصر سيناء و لكنها فككت تضامنا عربيا كان بالامكان ان يحقق مكاسب اكبر في مقاومة المشروع الصهيوني و وقع طرد مصر من الجامعة العربية هذا دون ان ننسى اغتيال الملك فيصل على يدي احد امراء العائلة المالكة السعودية و المرض الغامض الذي اصاب بعد مدة الرئيس الجزائري هواري بومدين و الذي ادى الى وفاته و اخذ العرب يغرقون شيئا فشيئا في مزيد الضعف و الانقسام حتى وصلوا الى الحالة التي هم عليها اليوم و التي تؤكد ان جانبا كبيرا من مشاكلهم يكمن في انظمتهم السياسية

 شهاب التونسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى