تناقضات محيط الفخفاخ …هل يتسع الفتق على الراتق

اثار الاعلان عن تعيين القياديين بحركة النهضة عماد الحمامي و اسامة بن سالم كمستشارين لدى رئيس الحكومة الياس الفخفاخ ردود فعل غاضبة في مستوى عدد من الاحزاب السياسية و ايضا في شبكات التواصل الاجتماعي . الانتقادات اتجهت اساسا الى ان هذا التعيين يتناقض مع منطق التقشف الذي يحث الياس الفخفاخ التونسيين و التونسيات على اتباعه في هذا الظرف و يخلو الى حد كبير من منطق الكفاءة خاصة في حالة اسامة بن سالم الذي لم يتقلد قبل هذا التعيين اي منصب في الدولة او في المؤسسات و يضاف الى ذلك انه يدير قناة تلفزية تعتبر من وجهة النظر القانونية خارج القانون . و بالعودة الى سياقات تاسيس حكومة الياس الفخفاخ فان تعيين عماد الحمامي و اسامة بن سالم في قصر الحكومة بالقصبة يمثل استجابة لما تضمنه اشتراط منح الثقة من اعتماد المحاصصة في اسناد المسؤوليات سواء في عضوية الحكومة اوفي المستشارين و في ما بعد في المهام الادارية في ادارة المؤسسات العمومية او الاشراف على الولايات و المعتمديات و ما نالته حركة النهضة من مواقع التزاما بهذا الاتفاق ستناله حركة الشعب و التيار الديمقراطي و ايضا تحيا تونس . و لكن هذا “الاتفاق” بقدر لا يحرج الاحزاب السياسية التي لم تعد تتحرج من الدفاع عن اخضاع كل مؤسسات الدولة لمنطق المحاصصة و تعتبره من مكاسب الثورة و نتائج الانتخابات بقدر ما يمثل في هذا الظرف بالذات احراجا اخلاقيا من الدرجة الاولى لرئيس الحكومة الياس الفخفاخ الذي تعهد في خطاب منح الثقة باعتماد التقشف و بالحد الى اقصى حد من عدد اعضاء حكومته و مستشاريه و يزداد هذا الاحراج في سياق الحرب على الكورونا و التي دعا فيها الياس الفخفاخ التونسيين و التونسيات الى التضحية و اشار الى ان عليهم انتظار الاجراءات المؤلمة . و لا شك ان الاحراج لا يقف عند هذا الحد لان منطق المحاصصة الحزبية غالبا ما يكون على حساب منطق الكفاءة و الاكيد في هذا الصدد ان لحركة النهضة على سبيل الذكر لا الحصر من هم افضل في مستوى الكفاءة و الالمام بملف الشباب مثلا من هم افضل من اسامة بن سالم . و لا يمكن عزل “الحرج ” الذي يشعر به الياس الفخفاخ عن كيفية ادارة جيش من المستشارين الذين يحركهم منطق الانتماء الحزبي و يجعلهم عاجزين عن تشكيل فريق متناغم حول رئيس الحكومة بل ان تغليب المنطق الحزبي قد يجعل بعضهم “رقيبا ” على رئيس الحكومة و هو ما قد يجعله يهمشهم ليكونوا عبئا ثقيلا على رئاسة الحكومة و على دافعي الضرائب . و يضاف الى ذلك ما يتاكد من وجود مشاعر “ريبة متبادلة ” بين الاحزاب المشكلة للتحالف الحكومي و هو ما تجلى في تصريحات من قيادات حركة النهضة حول دور خفي و متنامي لمهدي بن غربية في محيط الياس الفخفاخ و احتجاج وزير الدولة للنقل و اللوجستيك انور معروف في اجتماع الحكومة على الصلاحيات التي منحت لوزير مكافحة الفساد و الاصلاح الاداري محمد عبو .تناقضات الاحزاب الحاكمة و تفكير الجميع في امكانية فشل الحكومة مع ما يعنيه ذلك من استعداد لاستحقاقات اساسها التنافس و غياب سند سياسي ذاتي لالياس الفخفاخ الذي فشل فشلا ذريعا في الانتخابات التشريعية و تداعيات الصراع الصامت و المتواصل بين راشد الغنوشي و قيس سعيد على تموقعه يمكن فهم ما يعرفه الياس الفخفاخ من تقلص يومي في هامش المناورة و هو ما قد ينعكس سلبيا على موقعه في القصبة
هشام