أخبار العالم العربي

بمشاركة سعودية وعربية سماء 2026 تزخر بالظواهر الفلكية والمهمات الفضائية

 

الاحساء
زهير بن جمعة الغزال

أوضح ذلك المهندس. ماجد أبو زاهرة
يشهد عام 2026 واحدة من أكثر اللوائح الفلكية تنوعاً وإثارة في السنوات الأخيرة مع سلسلة من الأحداث السماوية التي تتراوح بين الكسوفات والخسوفات واقترانات القمر بالكواكب وتعامدات الأجرام السماوية على الكعبة المشرفة وصولاً إلى زخات الشهب المثيرة والظواهر النادرة التي تزين سماء الليل.

يفتتح العام في 3 يناير بقمر بدر وهو قمر عملاق يطل بالقرب من كوكب المشتري بعد غروب الشمس مما يمنحه سطوعاً وحضوراً لافتين في السماء بداية الأسبوع الأول من العام.

بعد بضعة أيام في 10 يناير يصل كوكب المشتري إلى حالة التقابل مع الأرض وهي اللحظة التي يكون فيها الكوكب العملاق في أقرب مسافة من الأرض ما يجعله أكثر إشراقاً ووضوحاً طوال الليل.

في نهاية شهر فبراير تشهد سماء المساء تجمع ستة كواكب قريبة من الأفق الغربي بعد الغروب حيث يظهر كوكبي الزهرة والمشتري وزحل وعطارد في تشكيلة فريدة يمكن رصدها بالعين المجردة في السماء المنخفضة.

يقدم 3 مارس أحد أهم أحداث العام الفلكية وهو خسوف كلي للقمر حيث سيظهر بالقمر بلون نحاسي مميز وتحدث هذه الظاهرة عندما تكون الأرض تماماً بين الشمس والقمر مما يجعل القمر يكتسب تدريجياً توهجًا برتقالياً بسبب انكسار ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض وهو غير مشاهد في السعودية والعالم العربي.

وبنهاية الشهر في 20 مارس يأتي الاعتدال الربيعي في نصف الكرة الأرضية الشمالي الذي غالباً يقابل نشاطاً قويًا للأضواء الشمالية (الشفق القطبي) بسبب ميل محور الأرض وتفتح الظروف المغناطيسية في الغلاف الجوي العلوي.

تشهد سماء الصيف في 8 و9 يونيو اقتراناً رائعاً عندما يقترب كوكبا الزهرة والمشتري من بعضهما البعض ظاهرياً في الأفق الغربي بعد غروب الشمس. ويضيف كوكب عطارد أيضاً لمسة بصرية رائعة بالقرب من المشهد ليشكلوا معاً لوحة فلكية يمكن رؤيتها دون معدات خاصة.

يتبع ذلك في 7 أغسطس يحدث ما يعرف فلكياً بالاحتجاب حيث سيمر القمر أمام عنقود الثريا حيث تختفي النجوم تدريجياً وتعاود الظهور لاحقا وهي ظاهرة تثير اهتمام علماء الفلك لأنها تساعد في دراسة الحركة الدقيقة للأجرام السماوية إلا أنها تشاهد كاقتران فقط في السعودية.

يعد الكسوف الكلي للشمس في 12 أغسطس الحدث الأبرز في العام حيث يحجب القمر قرص الشمس بالكامل في مسار ضيق يمتد عبر المحيط القطبي الشمالي وغرينلاند وأيسلندا وشمال إسبانيا مطلقا لحظة ليل وسط النهار وإمكانية مشاهدة الهالة الشمسية المدهشة وتعد هذه أول مرة منذ عام 1999 تشهد فيها أوروبا كسوف كلي للشمس إلا أنه لن يكون مشاهد في السعودية او العالم العربي.

خلال ليالي 12 و13 أغسطس تبلغ زخة شهب البرشاويات ذروتها أثناء ظروف القمر الجديد ما يجعل السماء أكثر ظلمة وأفضلية لرصد الشهب السريعة والساطعة والتي قد تصل في أماكن مظلمة إلى نحو 90 شهاباً في الساعة خلال ذروة النشاط.

في المقابل ستتاح فرصة لرصد الخسوف القمري الجزئي صبيحة يوم 28 أغسطس 2026 من اجزاء من السعودية والعالم العربي إذ يبدأ القمر دخول جزء من ظل الأرض قبل شروق الشمس مما يسمح بمشاهدة المرحلة المبكرة من الخسوف بالعين المجردة ومع تقدم الوقت يغيب القمر عن الأفق قبل انتهاء جميع مراحل الخسوف ما يعني أن الرصد سيكون محدوداً على المراحل الأولى للظاهرة.

يطل قمر عملاق آخر في 25 نوفمبر متزامناً مع غروب الشمس ما يمنحه سطوعاً ملفتاً في الأفق وفي 23 ديسمبر ينتهي العام بأكبر قمر عملاق في 2026 يليه مشهد لكواكب متعددة تشمل المشتري والمريخ وزحل ونيبتون مع القمر في سماء الليل.

كما يمتد الاصطفاف الكوكبي ليشمل فينوس وعطارد في مشهد آخر قبل الفجر ما يجعل أواخر ديسمبر واحدة من أجمل الفترات لمتابعة كواكب المجموعة الشمسية جنباً إلى جنب في الليل.

يتوقع أن يشهد عام 2026 استمرار فترة ما بعد الذروة لدورة النشاط الشمسي الخامسة والعشرين بعد أن بلغت ذروتها بين أواخر عام 2024 وأوائل 2025 ومع اقتراب الشمس من نهاية مرحلة الذروة ستنخفض تدريجياً أعداد البقع الشمسية وتواتر التوهجات والانبعاثات الكتلية الاكليلية مع بقاء بعض المناطق النشطة قادرة على إطلاق أحداث قوية من حين لآخر.

وعلى الرغم من انخفاض النشاط العام فإن الشمس لا تزال نشطة نسبيا مما يعني أن التوهجات الشمسية القوية قد تحدث وإن كانت أقل تكراراً مقارنة بفترة الذروة وقد تتسبب بعض هذه التوهجات في عواصف جيومغناطيسية تؤثر على الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء إذا كانت متجهة نحو الأرض.

يشير العلماء إلى أن هذه العواصف الشمسية المحتملة ستزيد من فرص ظهور الشفق القطبي في خطوط عرض غير معتادة مما يمنح هواة السماء فرصة لرؤية ظاهرة ضوئية طبيعية رائعة على الرغم من انخفاض النشاط الشمسي العام. كما يظل النشاط الشمسي في هذا العام ذا أهمية كبيرة للاتصالات والأقمار الصناعية والطيران إذ يمكن للانبعاثات الشمسية القوية أن تسبب اضطرابات مؤقتة في الإشارات وأنظمة الطاقة في خطوط العرض العالية.

بكلمات أبسط يمثل عام 2026 فترة ما بعد ذروة النشاط الشمسي حيث يقل إجمالي عدد البقع الشمسية لكن الشمس لا تزال قادرة على إطلاق أحداث قوية بشكل متقطع ما يجعل متابعة السماء الليلية والاستفادة من فرص رؤية الشفق القطبي تجربة مثيرة لكل هواة الرصد الفلكي.

إلى جانب الظواهر الفلكية المعروفة، قد يحمل عام 2026 مفاجآت لمحبي رصد المذنبات. أبرزها C/2025 R3 (بان ستارز) الذي يتوقع أن يكون ألمع مذنب في العام وقد يصل سطوعه إلى ما يسمح برؤيته بالعين المجردة من مناطق مظلمة بعيدًا عن التلوث الضوئي خصوصاً خلال أواخر أبريل وأوائل مايو. ومع ذلك تبقى هذه التوقعات غير مؤكدة بشكل نهائي إذ يمكن أن تتغير شدة سطوع المذنب مع اقترابه من الأرض وحركته في مدار الشمس. أما المذنبات الأخرى المتوقعة في 2026، مثل 24P/شاوماسي وC/2024 E1 (فيرزخوس)، فهي ضعيفة نسبياً وستكون واضحة فقط باستخدام المناظير أو التلسكوبات الصغيرة

لا يقتصر تميز عام 2026 على الظواهر الفلكية المرصودة من الأرض بل يمتد إلى نشاط فضائي مكثف يعكس تسارع استكشاف الفضاء خلال هذا العقد. إذ من المتوقع أن يشهد العام عدداً من المهمات الفضائية البارزة في مقدمتها مهمة أرتميس 2 التابعة لوكالة ناسا وهي أول رحلة مأهولة تدور حول القمر منذ أكثر من خمسين عاماً وتهدف إلى اختبار أنظمة المركبة أوريون وصاروخ نظام الإطلاق الفضائي تمهيداً للعودة البشرية إلى سطح القمر خلال السنوات القادمة.

كما ينتظر أن يستمر الحضور التجاري في المشهد القمري مع إطلاق مهمات هبوط قمرية غير مأهولة تقودها شركات خاصة بالتعاون مع ناسا في إطار برنامج الخدمات القمرية التجارية لدعم الأبحاث العلمية واختبار تقنيات الهبوط والاستكشاف.

وتخطط الصين لإطلاق مهمة تشانغ-إي 7 نحو القطب الجنوبي للقمر في خطوة علمية مهمة للبحث عن الجليد المائي ودراسة بيئة المناطق القطبية القمرية إلى جانب استمرار الرحلات المأهولة إلى محطة تيانغونغ الفضائية عبر مركبات شنتشو وتيانتشو.

على المستوى العربي يشهد عام 2026 حضوراً مهماً في مجال استكشاف الفضاء إذ تساهم البحرين ومصر بمشروع علمي ضمن مهمة تشانغ‑إي 7 الصينية إلى القمر يهدف لتحليل تركيبة التربة في المناطق القطبية القمرية مما يمثل خطوة نوعية في مشاركة العرب في المهام العلمية القمرية. كما تتطلع الإمارات لإطلاق مهمة المستكشف راشد 2 وهي مركبة روبوتية صغيرة لاستكشاف الجانب البعيد من القمر في خطوة تعكس نمواً متسارعاً لقدرات المنطقة العربية في علوم الفضاء. بالإضافة إلى ذلك تم توقيع اتفاق بين وكالة ناسا والسعودية لنقل قمر صناعي صغير “كيوب سات” ضمن مهمة أرتميس 2 حول القمر حيث سيقيس معلومات عن الطقس الفضائي والإشعاع الشمسي والجسيمات المشحونة والمجالات المغناطيسية في المدار لتكون هذه أول مشاركة سعودية مباشرة في استكشاف الفضاء العميق.

كما يتوقع أن يشهد عام 2026 إطلاق أو تشغيل مراصد فضائية جديدة مخصصة لرصد الظواهر عالية الطاقة والنجوم المتغيرة ما يضيف بعداً علمياً مكملًا لما يرصد من الأرض ويعزز فهمنا لتطور الكون والظواهر العنيفة فيه.

بهذا يجمع عام 2026 بين جمال السماء الليلية المرئية للهواة
مثل الاقترانات الكوكبية وزخات الشهب و الظواهر النادرة مثل الكسوف الكلي والخسوف القمري وفرص مشاهدة ظواهر مثل الشفق القطبي في أوقات غير معتادة والخطوات العملية الكبرى في استكشاف الفضاء ليكون عاماً استثنائياً يربط بين الرصد الفلكي والإنجازات الفضائية على حد سواء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى