مقالات
اليوم العالمي للسلام سلام العالم أم سلام القوة احتفال على دماء وأنقاض غزة

بقلم د. ابراهيم الشكري
السلام ليس مجرد كلمة: اليوم العالمي للسلام وتجاهل واقع غزة
في الحادي والعشرين من سبتمبر كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي للسلام، وهو يوم مخصص لتعزيز مُثل السلام ونبذ العنف، حيث تدعو الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار والالتزام باللاعنف لمدة 24 ساعة. لكن هذا العام، وبينما يرفع العالم شعار السلام، يظل الواقع في غزة صرخة مدوية تتجاهلها معظم الأصوات.
إن الحديث عن السلام ونبذ العنف يصبح مجرد كلمات فارغة عندما يتم استثناء مناطق بأكملها من هذا المفهوم. ففي غزة، دماء تنزف وشعب مهجر ومحاصر والتصعيد لا يتوقف حصار خانق، تتحول الدعوات العالمية للسلام إلى نصوص جوفاء لا تعكس معاناة شعب يعيش تحت حصار طويل وتهديد مستمر.
غزة.. اختبار حقيقي لمصداقية السلام العالمي
إن الواقع في غزة يكشف ازدواجية المعايير التي يتبناها المجتمع الدولي. فبينما يتم التحرك بسرعة لفرض عقوبات على دول أخرى أو إدانة أعمال العنف في مناطق مختلفة، يظل الوضع في غزة محل “قلق” لا يتبعه أي عمل حقيقي لإنهاء العنف أو تحقيق سلام عادل. هذا التجاهل ليس فقط إخفاقا أخلاقيا، بل هو أيضا تهديد لمصداقية مبادئ السلام التي من المفترض أن تكون عالمية وشاملة.
إن سلام غزة لا يقتصر على وقف إطلاق النار المؤقت، بل يتطلب إيقاف نزف الدماء و إنهاء الحصار ورفع الظلم، وضمان حقوق الإنسان الأساسية للسكان. إنه سلام مبني على العدالة، وليس على التغاضي عن معاناة شعب من أجل الحفاظ على توازن القوى.
نظرة المجتمع العربي والعالمي
المجتمع العربي:
على الرغم من التضامن الشعبي الواسع مع غزة في معظم الدول العربية، إلا أن المواقف الرسمية غالبا ما تكون مقيدة، وتكتفي بالإدانات والبيانات التي لا ترقى إلى مستوى الأزمة. هذا التباين بين الشارع والقرار الرسمي يظهر حجم الضغط الذي تواجهه الأنظمة العربية، كما يعكس انقساما داخليا يؤثر على قدرة العالم العربي على لعب دور فاعل في تحقيق سلام مستدام.
المجتمع العالمي:
تتنوع مواقف المجتمع الدولي بين الداعمين للقضية الفلسطينية، والمؤيدين للطرف الآخر، والمتحفظين. ورغم أن هناك منظمات حقوقية وأصوات حرة لا تتوقف عن المطالبة بإنهاء الظلم، إلا أن القوى الكبرى غالبا ما تتخذ مواقف سياسية تتجاوز مبادئ السلام والعدالة لصالح مصالحها الخاصة. هذا التغافل ليس مجرد صمت، بل هو تواطؤ يطيل من أمد الأزمة ويزيد من معاناة أهلنافي غزة .
في هذا اليوم العالمي للسلام، يجب أن نتذكر أن السلام الحقيقي يبدأ بإنهاء الظلم، وأن أي دعوة للسلام لا تشمل غزة هي مجرد شعار أجوف. السلام ليس غاية يمكن تحقيقها بالتجاهل، بل هو عملية مستمرة تتطلب العدالة، والعمل، والشجاعة لمواجهة الواقع القاسي.
يبقى السؤال معلقا: هل يُمكن لقلب أن يحتفل بالسلام وهو يرى الأطفال يولدون تحت القصف ويعيشون في ظل الخوف؟ إن السلام ليس اتفاقيات سياسية أو معاهدات دولية، بل هو شعور بالأمان، وحق في الحياة الكريمة. ولن يتحقق هذا السلام حتى يصبح قلب العالم كله ينبض من أجل غزة.