الهلع من التجنيس
بعد أن قضى ثالثة عقود في إحدى الدول العربية ، انتهى عقد عمله في أحد
الدوائر الحكومية وتم إلغاء إقامة عمله وباع سيارته وأثاثه وانهى عقد إيجار
شقته الصغيرة وعاد لوطنه مع عائلته الصغيرة وهو يحمل ذكريات كثيرة ،ولقد
كان يشعر بالخوف فوطنه األم ال يعرفه فلقد تركه في بداية شبابه وذكرياته
بحلوها ومرها في الدولة العربية التي عاش فيها ، وطبعا المعاناة مضاعفة
ألبنائه الصغار فهم ال يعرفون عادات وال لهجة وطنهم الحقيقي ويحتاجون
الحتضان الكل حتى يتم إدماجهم للحياة الجديدة التي سوف يعيشونها، وكم كنت
أتمنى أن تعطى الجنسية لهذا الرجل الشهم لأنه كان مخلص لعمله ونموذج
لإلنسان الصالح المحترم .
في أوطاننا نجد الحديث عن تجنيس من يأتي إلينا للعمل أو اإلقامة أو ينصهر
معنا بالنسب يعتبر من المحرمات والكبائر و أذكر أنني شاهدت جلسة حوارية مع
نخبة من أبناء المجتمع الكويتي وما أن فتح موضوع التجنيس حتى بدأت الشتائم
واالتهامات تنهال للكل دون استثناء للرافض والمؤيد ..!!
في أغلب دول العالم األمر سهل وميسر وبسيط بل أن بعض الحكومات تقدم
جنسيتها ألي إنسان تجد أنها سوف تستفاد منه في الوقت الحاضر أو في
المستقبل، ودول عظمى وثرية تعطي جنسيتها مقابل مبلغ مادي و تعلن ترحيبها
به وإن خالف أو أخطى فالقانون له ولغيره بالمرصاد ، وجميعنا يذكر عبر وسائل
اإلعالم كيف أن أوروبا جاءتها موجة هجرة جماعية غير شرعية وعلى األخص
من السوريين والعراقيين وحينها أعلنت ألمانيا عن قرارات كثيرة الحتواء العدد
األكبر منهم وهم اآلن مندمجين ويعملون وشريحة الشباب منهم لهم مكانة
متميزة بالجامعات األلمانية .