المعجزة

٢٢ ربيع الاول والسابع من اكتوبر ليس لهذه المعركة من وصف يصلح لها إلا أنها (معجزة)، بكل معنى الكلمة، وبكل ايحاءاتها، اعماء المجسات والرادارات وكل الأجهزة الإلكترونية المتقدمة على الجدار، وتجاوز الجدار، واعماء كل أجهزة الاستخبارات العالمية المدعية، أنها تعلم الشاردة والواردة، حتى طغى عليها غرورها طغيانا، فقالت باستخفاف للناس اجمعين، إنها لا تخفى عليها خافية، ولا حتى النوايا، فمعهم الذكاء الاصطناعي الذي به يفتنون ويتباهون ويتفاخرون، وكذلك عدم وجود أي معلومة لدى العدو، وأعوانه واصدقائه من هؤلاء المطبوعين، وقد خفي عليهم احكام الخطة تفكيرا وتجهيزا منذ سنوات، وهي تدور أمام اعينهم، مناورات، ظنوها مجرد تفريغ نفسي، وقد ابهرتهم تنفيذا متقنا، وزاد ذلك تعقيدا، المكوث لأيام على ثرى الأرض المحررة، وما زالوا فيها لابثين ماكثين صابرين فرحين، وخلع قلوبهم، هذا العدد غير المتوقع من الأسرى، وأكثر منه من القتلى والثكلى، والعودة والدخول مرة أخرى، واستمرار المعركة في عقرهم، ويبدو أنه مخطط لهم للبقاء هنالك شهورا.
ويعترف العدو أن هناك عديدا من المناطق التي لا يزال بها مقاوموون كامنون بحفظ الله (وجعلنا من بين أيديهم سدا)، والله اعلم، أن الأهداف التي تحققت، قد فاقت في عددها وجودتها واتقانها وتوفيقها، تلك التي وضعها المخطط، وهذا، بلا ريب، لا يمكن مطلقا تفسيره الا انه بركات من الله وحده، وبركات الأرض المباركة، وبركات من قلوب الناس المباركين الصادقين المخلصين، وبركات النوايا والخبايا التي لا يعلمها الا الله، ويقينا، أن قادة العدو وجيشه وقطعان مستوطنيه، لم يتوقعوا في أكثر كوابيسهم سوادا وقتامة، أن مثل هذا الحدث الصادم القازم العازم، انه قد يحدث ذات زمن اغبر على رؤوسهم، لقد اطمأنوا غاية الاطمئنان، معتمدين على تقديراتهم وافكارهم، وخططهم، وتحليلاتهم، وقراءاتهم (الاستراتيجية).
أن غزة لا تفكر بنسبة ١٪ في المبادرة بهكذا عمل صادم عادم مباغت مفاجئ مبادر، هذا العمل، حسب اعتقادهم، لا شك، يقع في خانات المستحيلات، وما كان ذلك إلا بتوفيق الله تعالى وصدق النوايا، وإخلاص القلوب، وتضليل الأعداء والاعوان والاذهان، رغم أن غزة حسب ادعاءات وأوهام استخباراتهم ومراكز التخطيط والتفكير لديهم، هي كتاب مفتوح للمعلومات، ومكشوف، من خلال المصادر المختلف،ة الإلكترونية والفضائية والتكنولوجية والسيبرانية وغيرها، هكذا ظنوا، لكن خيب الله ظنونهم، واضل صدورهم، وختم على قلوبهم، واركسهم، واخزاهم، ذلك أنهم قوم لا يفقهون، لا يفقهون طبيعة هذا الشعب، ولا طينته ولا عجينته، ولا قدراته ولا نواياه ولا خفاياه، وظنوا أن حصار عشرين عاما قد فت عضده، وهش عظمه، واوهن عزيمته، هكذا سولت لهم انفسهم، واوهمهم غرورهم الأمني والاستخباراتي، والدعائي، وحربهم النفسية، التي انقلبت عليهم، وارتدت نحو صدورهم، اذلاء صاغرين، محزونين مكروبين، وأيم الله ما كان ذلك ليكون، لولا يد الله ومعيته، وما رميت اذ رميت، ولكن الله رمى.
أن الفرحة التي عمت قرابة المليارين من عموم المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، هي الفرحة الصادقة للنصر، التي تدخل قلوبهم للمرة الأولى، منذ قرن من الزمان ويزيد، فتخيلوا حفظكم الله تعالى كم هو الأجر الذي كسبه المقاو موون، وهم يدخلون الفرحة في قلوب المليارين ذات صباح الثاني والعشرين من شهر الربيع الاول من مولد القائد الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، السابع من الشهر العاشر اكتوبر، أن إدخال الفرحة، فرحة النصر، على قلوب هؤلاء جميعا، اهتزت لها الافئدة والعروش والضمائر وكل المخلوقات، فبذلك فليفرحوا، وليفرحوا، وليزدادوا فرحا، وهي الفرحة المنتظرة على مر العديد من السنين، لاجيال من المقهورين والمعذبين في الأرض، الحاملين هم قدسهم ومسراهم وامتهم واوطانهم، وعزتهم وكرامتهم، أنها (المعجزة المعجزة) مرة أخرى وثالثة ورابعة وعاشرة، اللهم أتمم علينا نصرك الذي وعدت، وبارك لنا فيه، واجعله (فتحا مبينا)، (اذا جاء نصر الله والفتح) ورأيتم الناس يفرحون ويفرحون، ويلهجون بالدعاء صادقين باكين دامعين، فإنها والله، لهي البشارات الأكيدة الرشيدة، ذات اليقين، بالنصر المبين، اللهم اكمل لنا وعلينا وعلى أمتنا، من عندك، فرحة النصر العظيم (وما النصر الا من عند الله)، واجعل الأعداء من الخزايا والرزايا، ولا تبق منهم يارب، في ارضنا ديارا، اللهم امين، اللهم امين، اللهم امين، يارب العالمين يا جبار السماوات والأرض يا قاهر فوق عباده يارب.
الثلاثاء ٢٥ ربيع الاول ١٤٤٥ ١٠ اكتوبر ٢٠٢٣
*****د. معين عبدالله البرش اكاديمي و باحث مقيم في أمستردام