القانون الإداري

القانون الإداري في 12 أفريل 2023
جابر غنيمي – دكتور جامعي- قاضي لدى محكمة الإستئناف بقابس – تونس
المقدمة:
إن محاولة التعريف بالقانون اإلداري تتطلب تحديدا لعدة مفــــــاهيم أساسية، مرتبطة بداية بالبحث عن موقعه ضمن التقسيـــــــــمات المعروفة للقانون ثم التطرق إلى مفهومه، ثم العمل على تحديد الخصائص والمبادئ التي
يقوم عليها، وأخيرا معرفة مصادره.
– أقسام القانون وموقع القانون اإلداري منها:
لقد دأبت أغلب الدراسات الفقهية التقليدية على تقسيم
القانون إلى قسمين: قانون عام وقانون خاص وإن كانت هناك محاولة من بعض الفقه على إتباع تقسيم مغاير، إال أنه وبغض النظر عن هذا االختالف ال بد من تحديد موقع
القانون الإداري من هذه التقسيمات.1
– أقسام القانون :
طبقا للفقه التقليدي ينقسم القانون إلى قانون عام وقانون خاص، إال أن هناك فقها حديثا يرى بأن القواعد
موضوعية
القانونية المشكلة للقانون على نوعين: قواعد وأخرى إجرائية.
– التقسيم التقليدي للقانون:
دأب الاتجاه التقليدي منذ عهد الرومان إلى تقسيم القـــــــانون إلى قانون عام وقانون خاص، فهذا النوع من التقسيم يرجع تاريخه إلى القــــــــانون الروماني، الذي كان يهدف إلى وضع الحــــــــــــاكم في مركز متميز عن المحكومين، وذلك بمنحه سلطات خاصة التي يتمتع بها باقي األفراد.2
1عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.24 ص ،.1991
ولقد كان الرومان ينظرون إلى القـــــانون العام على أنه قانون الدولة اعتبارها صاحبة السلطة العامة التي تسهر على تحقيق المصلحة العامة.3
أما القانون الخاص بالنسبة لهم فهو قانون المصالح الخاصة المتروكة لألفراد الذين يتمتعون بكامل الحرية فيما بينهم من أجل السعي لتحقيقها، وهذا تأكيدا للنزعة الفردية التي كانت سائدة في ذلك العهد.4
على أن الإشكال المطروح، يتمثل في معرفة معيار التمييز بين القانون العام والقــــــانون الخاص، والذي ليس باألمر السهل خاصة وأن هنـــــــــاك آراء فقهية متضاربة ومختلفة فيما بينها بخصوص هذا الشأن.
وبالرغم من كثرة المعايير التي قيلت، إلا أنه يمكن التمييز بين ثالثة منها، وذلك على النحو التالي:
أولا: المعيـــار الشكلي كأساس للتفرقة بين القانون العام والقــــانون الخاص:
يذهب هذا المعيار إلى أن أساس التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص هو النظر إلى شكل وطبيعة القواعد القانونية، فإذا كانت القاعدة القانونية آمرة ال يجوز لألفراد االتفاق على مخالفتها فالقانون هنا قانون عام، أما إذا كانت القاعدة القانونية مكملة تبيح لألفراد أن يتفقوا على مخالفتها
2 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، ج. 1، ط.
19، دار هومة، الجزائر، 2012، ص. .65
3عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.22 ،ص.1991
4 محمد سعيد جعفور، المرجع نفسه، ص. .65
بالخروج على أحكامها فالقانون هنا قانون خاص. وبذلك
يصبح الخضوع للقاعدة القانونية مرادفا للقانون العام،
وتصبح الحرية مرادفة للقانون الخاص.5
هذا المعيار على الرغم من أنه يصدق في العديد من ليس
الحاالت، إال أنه ليس صحيحا على إطالقه، كما أنه
قاطعا في التمييز بين القانون العام والقانون الخاص.
فالقــــــــــانون الخاص يتضمن هو اآلخر الكثير من القواعد اآلمرة التي ال يمكن استبعادها باالتفاق على مخالفتها، نظرا التصالها بالنظام العام واآلداب العامة، كالقواعد المتعلقة بحاالت األشخاص، والقواعد المنظمة للحقوق العينية، فهذه القواعد تعتبر قواعد آمرة، ومع ذلك فإنها ليست من قواعد القانون العام.6
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدولة ال تلجأ دائما إلى استعمال القواعد الآمرة ووسائل الإجبار والإكراه، إذ أنها تتصرف في بعض الحاالت كأحد األفراد العاديين، كما
أنها تلجأ في حاالت أخرى إلى الوسائل االتفاقية المبنية على عنصر الرضاء للتعبير عن إرادتها، بحيث تتعاقد مع األفراد إذا ما كان التعاقد محققا للغرض الذي تنشده، وهذا
ما يؤدي إلى تطبيق قواعد المساواة بينها وبين األفراد.7
وكنتيجة لهذا االنتقاد، فإن هذا المعيار تم هجره ألنه ال يصلح كأساس للتمييز والتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص.8
5محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .67
6 محمد سعيد جعفور، المرجع نفسه، ص. .67
7مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.7 .ص
8عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.23 ص ،.1991
ثانيا: المعيـــــــــــــــار الموضوعي كأساس للتفرقة
بين القانون العام والقانون الخاص:
يتلخص هذا المعيار في إرجاع التفرقة بين القانون
العام والقانون الخاص إلى اختالف طبيعة المصلحة التي
يهدف كل منهما إلى حمايتها.
وتطبيقا لهذا المعيار فإن القانون العام يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة، أما القانون الخاص فهو الذي يهدف
إلى تحقيق مصلحة خاصة.9
ما يعاب على هذا المعيار أنه غير دقيق، إذ يؤدي األخذ به إلى الخلط بين المصلحة العامة والمصلحة
الخاصة، إذ ال وجود لحد فاصل بين المصلحتين، فكل
القواعد القانونية قد وضعت من أجل حماية أو تحقيق المصلحة العامة سواء من قريب أو من بعيد، لذلك فإن هذا المعيار سوف ينتهي إلى الخلط التام بين القانون العام والقانون الخاص. فإذا كانت قواعد القانون العام تهدف إلى
تحقيق المصلحة العامة، فإنها سوف تعود بالنفع على
المصالح الخاصة. وفي المقابل إذا كانت قواعد القانون الخاص تهدف إلى تحقيق المصلحة الخاصة، فإنها سوف
تؤدي بالتبعية إلى حماية أو تحقيق المصلحة العامة.10
كما أنه ال يتصور أن يعمل القانون على تحقيق
المصالح الفردية إذا كانت هذه األخيرة متعارضة مع
المصلحة العامة التي تهم الجماعة.11
9 رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .22
10 رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .22
11 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .69
ثالثا: المعيــــــــار الشخصي كأســــــــــاس للتفرقة
بين القانون العام والقانون الخاص:
يقوم هذا المعيار على أن أساس التمييز بين القانون
العام والقانون الخاص هو صفة أشخاص العالقة في كل
من القانونين، فالحكام تسري عليهم قواعد القانون العام،
أما المحكومين فيخضعون لقواعد القانون الخاص.12
واستنادا على ذلك، فإن القانون العام يشمل القواعد
القانونية التي تنظم الهيئات الحاكمة والعالقة بين هذه
الهيئات وكذلك العالقة بين هذه الهيئات وبين المحكومين، أما القانون الخاص، فإنه يتضمن القواعد المتعلقة بحالة
األفراد والعالقة بينهم.13
ولقد أعاب بعض الفقه14على هذا المعيار أنه ليس
صحيحا في جميع األحوال، ذلك أن الدولة كثيرا ما تبرم عالقات بينها وبين األفراد، وتتجرد فيها من امتيازات السلطة العامة، بحيث تظهر كفرد عادي، وفي هذه
الحاالت ال يمكن إخضاع مثل هذه العالقات للقانون العام.
إال أنه وبالرغم من هذا االنتقاد يرى ذات الفقه15 بأن هذا المعيــــــــار هو األقرب إلى الصواب، بشرط تكملته
بالمعيار الشكلي، وذلك لتالفي العيوب الموجودة فيه.
وعلى هذا، فإن معيار التفرقة بين القانون العام
والقانون الخاص يقوم على أساس الصفة التي تتدخل بها
12عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.29 ص ،.1991
13رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .24
14 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.7 .ص
15أنظر كل من: رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق،
ص. 24؛ مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع
السابق، ص. .7
الدولة، أو أحد فروعها، طرفا في العالقة القانونية، وليس مجرد وجــــــــــــود الدولة، أو أحد فروعها، طرفا في
هذه العالقة.16
ومن خالل ما سبق، يمكن القول بأن القانون العام هو القانون الذي ينظم العالقات التي تشارك فيها الدولة باعتبارها صاحبة السلطة العامة، أما القانون الخاص فهو
القانون الذي ينظم عالقات األفراد بعضهم ببعض أو
عالقات األفراد بالدولة وسائر الهيئات العامة عندما ال
تتدخل باعتبارها صاحبة السلطة العامة.17
– التقسيم الحديث للقانون: بالرغم من أن غالبية الفقه ترى بأن تقسيم القانون
إلى قانون عام وقانون خاص هو التقسيم الرئيسي، إال أن هناك اتجاه فقهي حديث يرى أنصاره بأن القانون ينقسم إلى قانون موضوعي وآخر إجرائي أو شكلي.18 فالقانون
الموضوعي هو الذي يبين الحقوق والواجبات المختلفة.
وأما القــــــــــــانون اإلجرائي أو الشكلي فهو الذي يبين اإلجراءات واجبة اإلتبـــــــــــــــاع والكفيلة بوضع
القانون الموضوعي موضع التنفيذ.19
ويندرج ضمن القانون اإلجرائي قانون اإلجراءات المدنية والتجارية، وقانون اإلجراءات الجزائية، وقانون
اإلجراءات الجبائية، والقانون الدولي الخاص…
16محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .70
17 رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .24 18 رمزي طه الشاعر، المرجع نفسه، ص. 24؛ وهو ذات الرأي الذي يأخذ به أستاذنا مراد بدران في تقسيم القانون، لمزيد من التفاصيل أنظر: مراد بدران، محاضرات في
القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق، ص. .8
19 رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .24
أما القانون الموضوعي، حسب هذا االتجاه، فينقسم إلى قانون عام وقانون خاص. وعلى ذلك فإن تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص هو تقسيم ثانوي
إلى
الذي يقسم القانون
وتكميلي وتابع للتقسيم الرئيسي
قانون موضوعي وقانون إجرائي.20
ويندرج ضمن طائفة القانون الخاص، القانون
المدني، والقانون التجاري، وقانون االحوال األسرة،
وقانون الشغل.21
أما القانون العام فإنه ينقسم بدوره إلى قانون عام
خارجي وقانون عام داخلي.
ويتمثل القانون العام الخارجي في القانون الدولي العام. أما القانون العام الداخلي فإنه يشمل القانون
الدستوري، والقانون ، وأخيرا القانون اإلداري.
ويبدو أن هذا التقسيم منطقي لحد ما، وذلك ألن
القانون الموضوعي هو الذي ينقسم في الحقيقة إلى قانون عام وقانون خاص، أما القانون اإلجرائي فال يعتبر من القانون العام أو القانون الخاص، ألنه يضع إجراءات لخدمة القانون الموضوعي، أيا كان نوعه عاما أو خاصا.22 ومما يؤكد صحة هذا الرأي هو أن أغلبية الفقهاء يترددون فعال في تصنيف فروع القانون اإلجرائي في أحد قسمي القانون العام أو الخاص، ويعتبرون أنها ذات طبيعة
20 رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .24 21هناك جانب من الفقه من يعتبر أن قانون العمل يندرج ضمن طائفة مستقلة بذاتها من القوانين والتي يسمونها بالقوانين المختلطة mixtes) (droits التي ال تنتمي ال إلى
القانون العام وال إلى القانون الخاص، لمزيد من التفاصيل أنظر: Paris, e-thèque, droit, au Introduction DELFANTE, Christine
2003, p.p. 15 et s.
22رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .19
مختلفة ومختلطة، مما يدل على أنها غير خاضعة للتقسيم
إلى عام وخاص.23
إال أنه مهما اختلفت اآلراء الفقهية حول األخذ
بالتقسيم التقليدي أو التقسيم الحديث للقانون، فإن هذا ال
ينفي أن تقسيم هذا األخير إلى عام وخاص معترف به لدى
الفريقين، سواء منهما من يراه رئيسيا ومن يراه تكميليا.
– فروع القانون العام وموقع القانون اإلداري منها:
لقد سبقت اإلشارة إلى أن القانون العام يتفرع إلى
فرعين أحدهما خارجي وآخر داخلي، ومن ثم وجب
البحث عن موقع القانون اإلداري من كليهما.
– فروع القانون العام:
تنقسم العالقات التي تكون الدولة طرفا فيها، بوصفها صاحبة السيادة إلى نوعين: عالقات الدولة بغيرها من الدول والهيئات الدولية، وعالقتها باألشخاص العاديين
داخل إقليمها.
واستنادا على ذلك، فإن القانون العام يتفرع إلى
قانون عام خارجي (أوال)، وقانون عام داخلي (ثانيا.)
أوال: القانون العام الخارجي:
يع ّرف القانون العام الخارجي أو ما يسمى بالقانون
الدولي العام على أنه: …” مجموعة القواعد القانونية التي تنظم عالقات الدول فيما بينها في أوقات السلم والحرب
23 رمزي طه الشاعر، المرجع نفسه، ص. 19؛ مراد بدران، محاضرات في القانون
اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق، ص. .8
والحياد، كما يشمل أيضا القواعد المتعلقة بالمنظمات
الدولية المعترف بها.24“…
وانطالقا من ذلك، فإن القانون العام الخارجي يبين أشخاص المجتمع الدولي، ويعين الشروط الواجب توافرها حتى تعتبر الدولة شخصا دوليا، كما أنه ينظم المعاهدات
بينها، ويحدد حقوق
واالتفاقيات التي تبرمها الدول فيما
وواجبات كل دولة إزاء باقي الدول.25
وباإلضافة إلى ذلك، يبين القانون العام الخارجي في
حالة السلم طرق تمثيل الدول دبلوماسيا وسياسيا لدى بعضها البعض، وما يجب إتبــــــــاعه من وسائل لفض
النزاعات بالطرق السلمية.26
أما في حالة الحرب، فيتناول القانون العام الخارجي
تنظيم اإلجراءات الواجب تطبيقها، كإعالن الحروب وتحديد وسائلها المشروعة وغير المشروعة، وكيفية
إنهائها، كما أنه يحدد طريقة معاملة األسرى والجرحى.27
كما يشمل القانون العام الخارجي، األحكام المتعلقة بالمنظمات الدولية التي ظهرت عقب الحرب العالمية الثانية، كهيئة األمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، إلى
غير ذلك من المنظمات.28
24 حسن مصطفى البحيري، القانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .26
25 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .74
26 محمد سعيد جعفور، المرجع نفسه، ص. .74
27 محمد سعيد جعفور، المرجع نفسه، ص. .74
28 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .74
ثانيا: القانون العام الداخلي:
يقصد بالقانون العام الداخلي …” مجموعة القواعد
القانونية التي تحدد كيان الدولة، وتنظم العالقات التي تقوم
بين الدولة أو أحد فروعها حين تعمل بصفتها صاحبة
السيادة أو السلطة العامة وبين األشخاص الطبيعية أو األشخاص المعنوية الخاصة، أو العالقات التي تقوم بين
الدولة وأحد فروعها، أو فيما بين هذه الفروع.29“…
وبمفهوم آخر يعرف القانون العام الداخلي على أنه:
…” مجموعة القواعد القانونية التي تحكم أو تنظم شؤون
الدولة العامة الداخلية، ويطبق داخل إقليم الدولة، وال
يتعدى سلطانه حدودها.30“…
– القــــــــانون اإلداري فرع من فروع القانون العام
الداخلي:
انطالقا مما تمت اإلشارة إليه أعاله، فإن القانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العالقات التي تظهر
فيها الدولة باعتبارها صاحبة السلطة العامة. وهو بذلك
يتفرع إلى قانون عام خارجي (القانون الدولي العام) وآخر داخلي يشتمل على كل من القانون الدستوري، والقانون المالي، وقانون العقوبات وأخيرا القانون اإلداري محل
الدراسة في هذا المقياس.
فالقانون اإلداري ينتمي إلى طائفة القانون العام
الداخلي، ألنه – كما سيتو ّضح الحقا – عبارة عن مجموعة
من القواعد القانونية التي تحكم …” األشخاص االعتبارية العامة، وينظم نشاطها بما ينطوي عليه من امتيازات، وما يرد عليه من قيود غير مألوفة في القانون الخاص، ويحدد
29محمد سعيد جعفور، المرجع نفسه، ص. .79
30 حسن مصطفى البحيري، القانون الدستوري، المرجع السابق، ص. .26
اإلجراءات التي تتبع قضائيا للفصل فيما يثور عنه من
أقضية ومنازعات.31“…
– مفهوم القانون اإلداري:
إن التعامل مع القانون اإلداري يظهره ألول وهلة وكأنه ذلك الفرع من فروع القانون العام الذي يحكم وينظم
اإلدارة العامة، إال أن فهم هذه الصيغة التقريبية أو األولية،
يحتاج إلى ضبط دقيق للمفاهيم التي تتطلب في البداية
محاولة وضع تعريف لإلدارة العامة32، وتنتهي بتحليل
العالقة القائمة بينها وبين القانون.33
– ماهية اإلدارة العامة:
يجمع أغلب فقهاء القانون اإلداري على أن كلمة
في التعبير الشائع على
تدل
(Administration)
إدارة
أو مادي، والثاني
معنيين مختلفين، أحدهما موضوعي
عضوي.34
فوفقا للمعنى المـــــــــادي، يقصد باإلدارة النشاط
.(L’activité) فإدارة شيء معناها القيام بتسييره. لذلك
31محمد باهي أبو يونس، أحكام القانون اإلداري، القسم العام، د. ط.، دار الجامعة
الجديدة للنشر، اإلسكندرية، 1996، ص. .10
32 Jean RIVERO, Droit administratif, 8ème éd., Dalloz, Paris, 1977, p. 9.
33 Ibid., p. 9.
34أنظر على سبيل المثال: سليمان الطماوي، الوجيز في القانون اإلداري، دراسة
مقارنة، دار الفكر العربي، مصر، 1987، ص. 4؛ فريجة حسين، شرح القانون
اإلداري، دراسة مقارنة، د. ط.، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009، ص.
7؛ مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
ص. 10؛ عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف،
:كذلك أنظر ؛14 .ص ،1991 اإلسكندرية، Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 9 ; Gustave PEISER, Droit administratif, 7ème éd., Dalloz, Paris, 1976, p.p. 1 et s.
يقال مثال: “إنها إدارة حكيمة للمؤسسة”، ويقصد بذلك
التسيير الحسن لشؤونها.35
ووفقا للمعنى العضوي يقصد باإلدارة تلك المنظمة،
أو الهيئة، أو العضو الذي يمارس النشاط.36
وكلمة إدارة بمعنييها السابقين (المادي والعضوي)
قد تدل على إدارة خاصة (مشروع خاص) أو إدارة عامة (مشروع عام.) إال أن الشائع في لغة القانون هو أنه عندما
تستعمل كلمة إدارة لوحدها فإن ذلك يفيد معنى اإلدارة
العامة باعتبارها مجموعة من الهيئات التي تقوم بالسهر
على تحقيق وتنفيذ األعباء العامة.37
وعلى هذا يجب التمييز بين اإلدارة العامة (النشاط
اإلداري) واإلدارة الخـــــــاصة (النشاط الفردي.) ثم بين اإلدارة العامة ومختلف النشاطات العامة األخرى في
الدولة، والمتمثلة في التشريع، والقضاء.
– الفرق بين اإلدارة العامة ونشاط الخواص:
تجدر اإلشارة بداية إلى أن كل مجهود بشري يسعى
إلى تحقيق هدف معين، مستخدما في ذلك جملة من الوسائل، وهنا يكمن الفرق بين اإلدارة العامة ونشاط الخواص، ذلك أن هدف اإلدارة هو تحقيق المصلحة العامة
تستعمل امتيازات السلطة
(أوال)، كما أنه ولبلوغ ذلك
العامة (ثانيا.)
35 Jean RIVERO, Droit administratif, op.cit., p. 9.
36 Ibid.., p. 9.
37 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
ص. 10؛ أنظر كذلك:
Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 9.
أوال: إن هدف اإلدارة العامة هو المصلحة العامة:
إن نشاط الخواص نابع عن تصرف األفراد بغرض تحقيق مصالحهم الخاصة، أي البحث عن الربح والنجاح في تأمين احتياجاتهم الذاتية، في حين تهدف اإلدارة العامة إلى تحقيق المصلحة العامة، أي أنها ال تسعى إلى تحقيق المصالح المادية الخاصة، التي يتميز بها نشاط الخواص.38 لذلك يبقى تأمين الصالح العام هو الهدف
األساسي لإلدارة.
بينما يسعى النشاط الفردي إلى تحقيق المصلحة
الخاصة (الربح) بالدرجة األولى.
ثانيا: إن وسيلة اإلدارة العامة هي السلطة العامة:
إن اختالف األهداف يؤدي إلى اختالف الوسائل
المستعملة، وعليه فإن العالقة بين الخواص أساسها المساواة القانونية، أي تساوي اإلرادات. فال تعلو إرادة خاصة على إرادة خاصة أخرى، وال يجوز ألي إرادة خاصة أن ترغم إرادة خاصة أخرى على قبول أو إتباع
إجراءات رغما عنها، لذلك فإن الذي ينظم العالقة بين
الخواص هو العقد، أي توافق اإلرادات، طبقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين. بينما تسعى اإلدارة إلى تحقيق المصلحة العامة، ولن يتأتى ذلك إذا كانت اإلدارة على قدم المساواة مع األفراد. فإذا رأت اإلدارة أن هناك عدم توافق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، جاز لها أن تتدخل لتأمين المصلحة العامة عن طريق استعمالها
لوسائل السلطة العامة39 أي امتيازات السلطة العامة.40
38 Gustave PEISER, Droit administratif, op. cit., p. 2.
39 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
ص. 10؛ أنظر كذلك:
غير أن استعمال اإلدارة لهذه االمتيازات ليس
ضروريا في كل الحاالت، إذ بإمكان اإلدارة أن تلجأ إلى التعـــــــــــاقد مع الخواص، إذا ما تالقت إرادتها مع إرادة الخواص. ومع ذلك فإن التصرف المنفرد من جـــــــــانب
اإلدارة هو الصفة المميزة والغالبة لنشاط اإلدارة.41
– الفرق بين اإلدارة العـــــــــــامة وباقي النشاطات
العامة في الدولة:
إن توضيح الفرق بين اإلدارة العامة ومختلف
النشاطات العامة األخرى في الدولة، أو بين اإلدارة
ومختلف الهيئات العامة األخرى في الدولة، يتطلب تحليل المعنيين المختلفين لكلمة إدارة، أي من الناحية المادية التي تفيد النشاط (أوال)، ثم من الناحية العضوية التي تفيد معنى الهيئات العامة التي تقوم بذلك النشاط (ثانيا)، ذلك أن
العادة عندما تستعمل كلمة إدارة عامة في القانون اإلداري، فإن ذلك ينصرف إلى السلطة. ولكن معنى اإلدارة قد
ينصرف إلى العمل التشريعي، أو إلى العمل القضائي.
فما هو الفرق بين العمل اإلداري والعمل التشريعي؟
وما هو الفرق بين العمل اإلداري والعمل القضائي؟
أوال: الفرق من الناحية المادية:
للوقوف على الفرق بين اإلدارة العامة وباقي
الهيئات العامة األخرى في الدولة وفقا للمعنى المادي،
يجب التمييز بين العمل اإلداري والعملي التشريعي )1(،
ثم بين العمل اإلداري والعمل القضائي .)2(
Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p.9 ; Gustave PEISER, Droit administratif, op. cit., p. 2.
40 تتجلى امتيازات السلطة العامة في كل من القرار اإلداري والعقد اإلداري.
41 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.10 .ص
)1 تمييـــــز العمل اإلداري عن العمل التشريعي:
إن القيام بعملية التشريع معناها القيام بوضع قواعد عامة ومجردة من أجل تنظيم مجموعة من النشاطات العامة أو الخاصة. إن مهمة المشرع تنتهي بعد وضع القاعدة القانونية، أي عندما تكون القاعدة التي وضعها في غاية اإلتقان من الناحية القانونية. أما اإلدارة، فإنها تتكفل بعملية التسييــــــــــــــــــــر، ذلك أن القيام بهذه العملية
(Administrer) تعني إتمام مجموعة من األعمال-
بمرور الزمن- التي تتطلب إتباع هدف معين. ومن هنا
يمكن القول بأن العمل اإلداري يبدأ بعد وضع القاعدة
القانونية، كما أن عمل اإلدارة هو عمل مستمر وملموس.
وهاتان الصفتان في العمل اإلداري هما اللتان تميزانه عن
العمل التشريعي.42
)2 تمييز العمل اإلداري عن العمل القضائي:
إنمهمة القضاء تتمثل في الفصل في المنازعات
المعروضة عليه. والقاضي ال يفصل في المنازعات إال
بناء على طلب، كما أن مهمته تنتهي عندما ينطق بالحكم، ويبين القاعدة واجبة التطبيق على النزاع، والنتائج التي
تترتب على ذلك.
أما اإلدارة، وإن كانت هي األخرى خاضعة للقانون
عند القيام بأعمالها، فإنها مع ذلك تتدخل أو تتصرف من
تلقاء نفسها دون اشتراط قيام نزاع.43
ومن ناحية أخرى فإن القانون بالنسبة لإلدارة عبارة
عن حد وليس هدف، ذلك أنها عندما تتصرف في إطار
42 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.12 .ص
43 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.12 .ص
القانون وحدوده، فإنها ال تهدف إلى احترام القانون- كما
وإنما من أجل إشباع الحاجيات العامة
يفعل القاضي-
للمواطنين.44
ثانيا: الفرق من الناحية العضوية:
قد يكون لبعض الهيئات العامة داخل الدولة نصيب
في الوظيفة اإلدارية، ومع ذلك فإن مشاركتها في تلك الوظيفة تختلف باختالف األنظمة السياسية. والخاصية األساسية التي يمكن مالحظتها في هذا المجال تتمثل في التمييز بين هيئات التحضير والتنفيذ صاحبة العمل اإلداري البحت، والمتكونة عادة من اختصاصيين في هذا الميدان، وبين هيئات اإلدارة العليا والمراقبة، والتي يجمع أعضائها بين الوظيفة اإلدارية، ووظائف أخرى عامة. إن اختصاص هؤالء األشخاص ونظامهم يحدده الدستور، كما
أن تلك االختصاصات تختلف باختالف الدساتير.45
فالشيء المالحظ في جميع األنظمة الدستورية، أنه يوجد على رأس اإلدارة هيئات ذات طابع دستوري وأصل سياسي. إن هذه الهيئــــــــات هي التي تتنوع بتنوع الطابع الدستوري واألصل السياسي. فمثال في نظام حكومة الجمعية، الذي يتنكر لمبدأ الفصل بين السلطات، تكون الهيئات اإلدارية خاضعة للجمعية (البرلمان) التي تمارس
(La direction
وظيفة اإلدارة العليا (
– هي بنفسها-
.suprême فالسلطة التنفيذية في هذا النظام ال تعتبر شيئا مستقال ومتميزا عن السلطة التشريعية، لذلك فإن المهيمن الحقيـــــــــقي في هذا النظام وصاحب الكفة الراجحة هو
44 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .12
45 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .14
البرلمان، وهو الذي يتولى اختيار من يقومون بأعمال
السلطة التنفيذية.46
أما في األنظمة السياسية التي تعتمد على مبدأ
الفصل المرن بين السلطات، فإن السلطة التنفيذية، ممثلة في الحكومة هي التي تكون على رأس اإلدارة. ومع ذلك فإن البرلمان يلعب دورا هاما في الوظيفة اإلدارية، ألن
عمله التشريعي يمتد ليشمل القوانين ذات الطبيعة اإلدارية، والتي تبين هياكل اإلدارة وأهدافها ووسائلها. كما أن للبرلمان دور فيما يتعلق بالموافقة على الميزانية مما
يجعله في موقف المؤثر على النشاط اإلداري.47
أما بالنسبة للقاضي، فإنه يتدخل بصفة غير مباشرة
في اإلدارة، وذلك عن طريق الفصل في النزاعات التي
تعرض عليه، والتي تكون اإلدارة طرفا فيها.48
وباإلضافة إلى كل هذا، واستنادا على المعيار العضوي دائما، يمكن القول بأن العمل اإلداري متصل كأصل باإلدارة العامة، إال أنه وكاستثناء – في حال إعمال المعيار الموضوعي أو المادي – يمكن للسلطتين التشريعية والقضائية أن تقوما بأعمال إدارية إذا تعلق األمر بحسن
سير مرفقيهما، ألنه وبالرغم من تميزهما عن السلطة
التنفيذية، إال أنهما من الناحية الهيكلية يحتاجان إلى تنظيم
وتسيير عمل الموظفين التابعين لهما.
من خالل كل ما سبق، يمكن القول بأن اإلدارة
العامة تظهر باعتبارها نشــــــاط (المعيار المادي) تقوم به الهيئات العــــــامة (المعيار العضوي)، مستعملة إذا تطلب
46 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.15 .ص
47 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .15
48 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .15
منها األمر وسائل وامتيازات السلطة العامة، وذلك بهدف
تلبية حاجات ذات نفع عام.49
– عالقة اإلدارة بالقانون:
تجدر اإلشارة في البداية إلى أن هناك خالف بين
الدول حول التصور العام للقانون اإلداري، ذلك أنها
تختلف حول تحديد السبل الكفيلة لحمل اإلدارة – باعتبارها سلطة عامة – على احترام القانون، وبالتالي فرض الرقابة
القضائية على أعمالها.
فبالرغم من خضوع النشاط اإلداري للقانون ولرقابة القضاء في معظم الدول، إال أن اإلشكال المطروح يتعلق بنوع القاعدة القانونية المطبقة على هذا النشاط، فهل تخضع اإلدارة العامة لنفس القواعد القانونية المطبقة على
األفراد؟ أم أنها تخضع لقواعد خاصة بها؟ هذا من جهة. ومن جهة أخرى هل تخضع اإلدارة العامة لنفس الجهة القضائية الفاصلة في منازعات األفراد؟ أم أن لها قضاء
مختص للنظر في المنازعات التي تكون طرفا فيها؟
إن لهذين التساؤلين إجابتين مختلفتين: فإما أن تخضع اإلدارة لنفس القانون، ولنفس القاضي الذي يخضع له األفراد في عالقاتهم المختلفة، أي للشريــــعة العامة commun( droit )Le، وللنظام الموحد للمحـــــــــاكم القضائية. أو أن تخضع اإلدارة لقانون متميز عن القانون الذي يخضع له األفراد، وبالتالي لمحاكم خاصة تختص
فقط بالمنازعات التي تكون اإلدارة العامة طرفا فيها.50
49مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.15 .ص
50 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.16 .ص
والحقيقة أن هذين الحلين هما الغالبين، كما أنهما
يجدان تطبيقات في النظم اإلدارية الغربية، والمعروفين
تحت تسمية النظام األنجلوساكسوني، والنظام الفرنسي.
– النظام األنجلوسكسوني:
أن الدول األنجلوساكسونية ليس لها قانون إداري.
فهل معنى ذلك أن اإلدارة هناك ال تخضع للقانون؟ إن اإلجابة على هذا السؤال هي النفي طبعا. فخوفا من طغيان اإلدارة وتعسفها في تهديد حقوق وحريات األفراد، لم يقبل األنجلوساكونيين فكرة وجود قواعد قانونية متميزة عن قواعد القانون الخاص لتطبيقها على اإلدارة، وإنما اعتبروا
أنه وتحقيقا للحرية الفردية التي ينادي بها الفكر الليبرالي، ال بد أن يخضع األعوان العموميون لنفس القانون الذي يخضع له كل المواطنين، وهنا فقط – حسب رأيهم – يسود ” مبدأ سيادة القانون فوق الجميع بدون استثناء أو
تمييز.51“
وإذا كان المبدأ الذي سار عليه القضاء اإلنجليزي هو عدم مسؤولية اإلدارة عن أخطاء موظفيها، وما تسببه هذه األخطاء من أضرار للغير، فإن ذلك لم يكن إال انعكاسا لمبدأ دستوري مفاده ” أن الملك ال يخطئ ” المنبثق عن القاعدة الدستورية المعروفة في النظام البرلماني اإلنجليزي، والتي مؤداها أن ” الملك يسود وال يحكم ” ولذلك فال يمكن أن يخطئ. ومن ثم فال يجوز أن تتقرر مسؤولية الدولة عن أعمال موظفيها، إال إذا ارتكب
هؤالء الموظفين أخطاء أضرت بالغير.52
51مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .17
52 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.17 .ص
وتأسيسا على ما سبق لم يأخذ األنجلوساكسونيين بنظام القضاء المزدوج الذي تأخذ به فرنسا، بل أخذوا بنظام القضاء الموحد الذي يقضي بتخصيص جهة القضاء العادي للفصل في جميع المنازعات اإلدارية وغير
اإلدارية.53
وتبعا لذلك يتضح بأن الدول األنجلوساكسونية أخذت
بالمفهوم الواسع للقانون اإلداري والذي …” يشمل جميع القواعد التي تطبق على اإلدارة دون النظر إلى اعتبارها قواعد مدنية أم قواعد استثنائية.54“… ومن ثم فإن القانون اإلداري في النظام األنجلوساكسوني عبارة عن …” قانون اإلدارة الذي يبين تنظيم وسلطات وواجبات الهيئات
اإلدارية.55“…
وعليه، فإن النظام األنجلوساكسوني أو ما يعرف
كذلك بالنظام القانوني الموحد، يعني خضوع كافة العالقات والروابط القانونية في الدولة ألحكام وقواعد قانونية واحدة كأصل عام، والذي قد ترد عليه بعض االستثناءات تتعلق بمسائل تخص السلطة اإلدارية في الدولة، فتحكمها قواعد أو مبادئ مختلفة، ولكن دون أن تمس هذه االستثناءات باألصل العام وهو خضوع تلك السلطة اإلدارية لذات القوانين التي يخضع لها األفراد في
الدولة.56
53 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .17
54 ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري ، المرجع السابق، ص.
.22
55 ابراهيم عبد العزيز شيحا، المرجع نفسه، ص. .22
1، دار المطبوعات الجامعية،
56سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج.
اإلسكندرية، 1996، ص. .24
– النظام الفرنسي:
على عكس الدول األنجلوساكسونية التي أخذت بالمفهوم الواسع للقانون اإلداري، أخذت فرنسا والدول
السائرة في فلكها بالمفهوم الفني الضيق لهذا القانون، والذي مفاده أن القانون اإلداري عبارة عن …” مجموعة القواعد القانونية المتميزة واالستثنائية والمختلفة عن قواعد القانون الخاص المتعلقة بتنظيم اإلدارة العامة وتحكم
نشاطها وما يترتب عنه من منازعات.57“…
وعلى هذا، فإن النظام الفرنسي على نقيض النظام األول، حيث أنه يرتكز على وجود قانون خاص باإلدارة متميز عن القانون الخاص، وعلى قضاء خاص باإلدارة متميز عن القضاء العادي وهو القضاء اإلداري، وهنا
تكمن أصالة النظام الفرنسي .58(L’originalité)
ففرنسا تعرف حقيقة قانونا إداريا متميزا ومستقال عن القانون المدني، كما تعرف فرنسا من جهة أخرى ازدواجية القضاء، وذلك نتيجة لوجود جهة قضائية خاصة بالفصل في المنازعات اإلدارية، والمستقلة عن الجهات
القضائية العادية.
فالمبدأ في فرنسا هو أن اإلدارة تخضع لقواعد خاصة تختلف تمـــــــــاما عن القانون الخاص أو القانون المدني، وهذا هو المقصــــــــود عند التحدث عن استقاللية القانون اإلداري وأصالة قواعده، وطابعه المخالف للقانون
الخاص، إن هذا المبدأ له مظهران مختلفان أحدهما سلبي، يتمثل في عدم تطبيق قواعد القانون الخاص، وباألخص
57 عالء الدين عشي، مدخل القانون اإلداري، ج1.، دار الهدى، الجزائر، 2010، ص.
.8
58 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.17 .ص
قواعد القانون المدني على األعمال اإلدارية (القانون
المدني ال يعد الشريعة العامة بالنسبة للقانون اإلداري)، واآلخر إيجابي يتمثل في أصالة القواعد التي تخضع لها
اإلدارة (أي أن قواعد القانون اإلداري قواعد أصلية.59)
إن هذيــــــن المظهريــــــن تجسدا في قضيــــــــــة بالنكو60(BLANCO) التي فصلت فيـــها محكمة التنازع
1873، والتي كانت البداية
8 فيفري
الفرنسية بتاريخ
لتكريـــــس مبدأ استقالليـــــة القـــــــــــانون اإلداري من حيث القضاء المختص، ومن حيث القواعد المطبقة على
المسؤولية المدنية لإلدارة.61
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن القانون اإلداري بالمفهوم
الضيق الذي أخذ به النظام الفرنسي لم يصل إلى هذه االستقاللية إال بعد تطور تاريخي. فلقد كان القانون المدني
هو المرجع األول للروابط
XIXème
حتى نهاية القرن
59 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.17 .ص
60 T.C., 8 fév. 1873, BLANCO, Rec. 1er supplt, concl. David; D. 1873.3.20, concl. David; S. 1873.3.153. David; G.A.J.A., n°1.
تتلخص وقائع القضية بأن بنت السيد بالنكو أصابتها عربة تابعة لمصنع التبغ فألحقت بها أضرارا بليغة. فقام والدها برفع دعوى أمام القضاء العادي مطالبا بالتعويض، إال أن ممثل الدولة دفع بعدم اختصاص القضاء العادي. فأحيل النزاع أمام محكمة التنازع ولقد قررت هذه األخيرة أن هذا النوع من النزاع ال يمكن أن يكون من اختصاص القضاء العادي. لمزيد من التفاصيل ولإلطالع على تعليقات الفقهاء حول قرار بالنكو
:أنظر Marceau LONG et al., Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, 17ème éd., Dalloz, Paris, 2009, p.p. 1-7.
61 « … Cons. Que la responsabilité, qui peut incomber à l’Etat pour les dommages causés aux particuliers par le fait des personnes qu’il emploie dans le service public, ne peu être régie par les principes qui sont établis dans le Code civil, pour les rapports de particulier à particulier ; Que cette responsabilité n’est ni générale, ni absolue ; qu’elle a ses règles spéciales qui varient suivant les besoin du service et la nécessité de concilier les droits de l’Etat avec les droits privés ; Que, dès lors, aux termes des lois ci-dessus visées, l’autorité administrative est seul compétente pour en connaître ; … » cf., T.C., 8 fév. 1873, BLANCO, précité.
القانونية التي تنشأ بين اإلدارة واألفراد في كل ما يصدر عنها بوصفها صاحبة السيادة، ذلك أن اإلدارة لم تكن تسأل
عن أعمالها التي قامت بها باعتبارها صاحبة السلطة،
ولكن تسأل إذا ما تجردت عن تلك الصفة.62
ولكن بعد الثورة الفرنسية )1789(، ونتيجة للظروف االجتماعية الخاصة بفرنسا، فسر رجال الثورة الفرنسية مبدأ الفصل بين السلطات تفسيرا جديدا (الفصل الجامد المطلق)، والذي لم يكن مطبقا في الدول التي كانت تأخذ به آنذاك، وهي بريطانيا والواليات المتحدة األمريكية. فبعد نجاح الثورة الفرنسية، قرر رجال الثورة أن استقالل السلطة القضائية يستلزم أن تستقل اإلدارة بالفصل في منازعاتها، لذلك وضعوا النص األساسي
1790، الذي منع السلطة
أوت
24-16
الصادر في
القضائية من الفصل في المنازعات التي تكون اإلدارة
طرفا فيها.63
وعلى العموم يمكن القول بأن نشأة القضاء اإلداري
في فرنسا بمفهومه الضيق ارتبطت بالمراحل التالية:
أوال: مرحــــــــلة اإلدارة القـــــــــــــــــــــاضــية
:(l’administration-juge)
كان رجال الثورة قد استبعدوا اختصاص القاضي
العادي بالفصل في المنازعات اإلدارية، فإنهم مع ذلك لم ينشئوا القضاء اإلداري، بل عهدوا بمهمة الفصل في المنـــــازعات اإلدارية لإلدارة، ومقتضى ذلك أن تفصل
اإلدارة بنفسها في المنــــــازعات التي تكون طرفا فيها، فتصبح هي الخصم والحكــــــم في نفس الوقت. إن هذه
62 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.18 .ص
63مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .18
المرحلة هي المسمــــــــــــــاة بنظرية الوزيــــر القـــاضي
juge) ministre du théorie (la أو اإلدارة القاضية.64
ثانيا: مرحلة القضاء المحجـــــــــــــوز أو المقيد
:(la justice retenue)
عندما أصبح نابليون القنصل األول للجمهورية وضع أساس مجلس الدولة الفرنسي ومعه المحاكم اإلدارية (مجالس اإلقليم)، و في هذه الفترة أنشأ مجلس الدولة كهيئة استشارية أي أن الوزير قبل أن يفصل في النزاع يستشير مجلس الدولة، ولكن لما كان الوزير يثق في المجلس فإنه كان يأخذ في الغالب األعم برأي المجلس، على الرغم من
أن رأيه من الناحية القانونية غير ملزم.65
ثالثا: مرحـــلة القضــــــــــــــاء المفــــــــــوض
:(la justice déléguée)
عقب قيام الجمهورية الثالثة )1872-1940(، أقر
المشرع ما جرى عليه العمل، وبالتالي أصبح مجلس الدولة يتمتع باختصاصات قضائية (قضاء إداري)، وهنا تم إنشاء محكمة التنازع، كجهة مختصة بالفصل في إشكاالت االختصاص بين القضاء العادي والقضاء
اإلداري.66
رابعـــا: مرحـــــــــلة القضــــــــاء المطلـــــــــق
:(la justice absolue)
رغم تحول مجلس الدولة إلى هيئة قضائية إال أنه ظل متمسكا بنظرية الوزير القاضي، وذلك حتى أواخر
64 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.19 .ص
65 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .19
66 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .19
فالفقه والقضاء اعتبروا أن التجديدات
.XIXème
القرن
التي جاءت بها القنصلية في السنة الثامنة من الثورة، لم يقصد بها إلغاء نظام اإلدارة القاضية، وإنما مجرد إنشاء هيئات أخرى بجوار اإلدارة العامة لتختص بالنظر في المنازعات التي أعطتها إياها النصوص، لهذا بقيت اإلدارة هي الجهة القضائية ذات االختصاص العام في المنازعات اإلدارية. أما المحاكم فال تختص بالفصل في المنازعات إال إذا وجد نص يقضي بذلك صراحة. وظل األمر هكذا
حين عدل مجلس الدولة
1889
ديسمبر
إلى غاية 13
الفرنسي عن هذا التفسير، وقضى نهائيا على نظرية
الوزير القاضي بمناسبة قراره المبدئي الشهير في قضية
67)CADOT( إذ قبل الدعوى المرفوعة من طرف السيد
“كادو” مباشرة دون مروره بالوزير.68
ومن خالل ما سبق يمكن تعريف القانون اإلداري
على أنه “مجموعة من القواعد القانونية المتميزة عن قواعد القانون الخاص والتي تنظم النشاط اإلداري
لألشخاص المعنوية العامة.69“
ومع ذلك تجدر اإلشارة إلى أن هذا التعريف نسبي،
توضيحه
–كما
وذلك نظرا ألن نشاط اإلدارة يخضع
سابقا- لمزيج من قواعد القانون العام والخاص. فتخضع
اإلدارة تارة للقانون الخاص عندما تظهر بمظهر األفراد العاديين، كما تخضع في حاالت أخرى لقواعد استثنائية متميزة عن قواعد القانون الخاص في حالة استعمالها المتيازات السلطة العامة. ولذلك هناك من الفقه من يرى
67 C.E., 13 déc. 1889, CADOT, Rec., 1148, concl. Jagerschmidt ;
- 1891.3.41, concl. Jagerschmidt ; S. 1892.3.17, note Hauriou ;
« Droit », n° 9, 1989.78, J. Chevallier « Réflexions sur l’arrêt Cadot » ; G.A.J.A., n° 5.
68 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.19 .ص
69 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .19
بضرورة تكييف التعريف السابق عن طريق عدم تخصيصه فقط بالقواعد القانونية المتميزة عن القانون الخاص، بل بكل القواعد القانونية التي تنظم النشاط
اإلداري، أيا كانت تلك القواعد، وبدون أي تمييز بينها، سواء كانت من قواعد القانون الخاص، أم كانت من
القواعد المتميزة عن القانون الخاص.70
والحقيقة أنه إذا ما تم التسليم بوجهة النظر هذه، فسوف يكون من الضروري عزل بعض القواعد القانونية من مجال القانون اإلداري، طالما أنها متواجدة في التعامل بين الخواص، ولذلك يكون من غير المستساغ تسميتها
بالقواعد اإلدارية.71
وعلى هذا األساس يبقى التعريف األول على حاله، بشرط التنبيه من اآلن على أن تلك القواعد القانونية المتميزة عن قواعد القانون الخاص، ال تحكم لوحدها كل
النشاط اإلداري، بل هناك قواعد أخرى تحكم جزء من
النشاط اإلداري، وهي من قواعد القانون الخاص.72
– الخصائص والمبادئ األساسية للقانون اإلداري:
انطالقا مما تم تناوله سابقا، يتضح بأن القانون
اإلداري عبارة عن قانون أصيل ومستقل بذاته droit (le
administratif est un droit original et
autonome)، كما أن القواعد القانونية المش ّكلة له متميزة
عن تلك الموجودة في القانون المدني.
على أن هذه األصالة والذاتية والتميز التي يتمتع بها القانون اإلداري، والتي تُبرز مدى الفرق بينه وبين أحكام
70 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.19 .ص
71مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .20
72 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .20
القانون المدني، ال تظهر إالّ من خالل التطرق لخصائص القانون اإلداري ، ثم من خالل دراسة المبادئ األساسية
التي يقوم عليها هذا الفرع من فروع القانون العام.
– خصائص القــــــــــانون اإلداري:
يتمتع القانون اإلداري بجملة من الخصائص تجعله
متميزا عن باقي القوانين، خاصة القانون المدني، فهو
عبارة عن قانون حديث النشأة نسبيا مقارنة مع الشريعة
العامة ، كما أنه قانون غير مقنن ، باإلضافة إلى أنه قانون
ذو نشأة قضائية أساسا.73
– الحداثة النسبية لنشأة القــــــانون اإلداري:
تجدر اإلشارة بداية، إلى أن جذور القانون المدني ضاربة في القدم، ذلك أن أغلب مفاهيمه األساسية مستمدة من القانون الروماني، وعلى هذا فإن تطور القانون المدني واستقراره على الشكل المتعارف عليه حاليا، كان وليدا لممــــارسة قديـــــمة جدا، وهو األمر الذي يفسر المنطق الصـــارم الذي يتميز به القانون المدني، الناتج من وضوح
مفاهيمه ومبادئه األساسية، وكذا من تعريفاته الدقيقة.74
أما القانون اإلداري فقد ظهرت مالمحه، وبدأ اكتمال
شكله بطريقة بطيئة في القرن التاسع عشر ميالدي،
خاصة مع بداية الربع األخير منه،
(XIXème
siècle)
لذلك فإن كثيرا من مبادئه األساسية بقيت غير مؤكدة
73عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.28 ص ،.1991
74 « … Le droit civil est l’héritier d’une très longue tradition. Les notions fondamentales utilisées par les rédacteurs du Code civil avaient fait l’objet d’une élaboration qui remontait souvent au droit romain ; d’où leur précision, qui permet, à partir de définitions nettes, un raisonnement rigoureux. » cf., Jean RIVERO, Droit administratif, 8ème éd., Dalloz, Paris, 1977, p. 29.
.)incertaine( وباإلضافة إلى ذلك فإن نشأة القانون
اإلداري قد اقترنت بتطور سريع للحضارة الشيء الذي
ترتب عليه إعادة النظر في بعض مبادئه بدال من
استكمالها.75
ومن هنا يمكن القول بأن القانون اإلداري في
مفهومه الفني الضيق، هو قانون حديث النشأة نسبيا
كنظرية قانونية لها أصولها، وأسسها، ونطاقها.76 فالقانون اإلداري لم ينشأ كقانون مستقل ذو أسس ومبادئ، إال في
منتصف القرنالتاسع عشر(XIXème) واكتمل نسق بنائه
في القرن العشرين .(XXème) فالقانون اإلداري لم ينشأ
كنظرية، بمفهومه الفني الضيق، إال بنشأة القضاء
اإلداري.77
– عدم وجود تقنين للقـــــــانون اإلداري:
بصفة عامة وانطالقا من نظرة تقليدية لصياغة القوانين، يمكن القول بأن عملية التقنين في أغلب المواد القانونية، تفرض على واضعيها أن تكون لهم نظرة شاملة عن ذلك القانون، وذلك قصد تنظيمه في مواد دقيقة ومنسجمة. ولكن بالرجوع إلى المادة اإلدارية، يالحظ بأن المشرع الفرنسي،عادة ما كان يقتصر على تنظيم المسائل المستعجلة. لذلك ظهرت قوانين متعاقبة وجزئية، مرتبطة
75 « … Le droit administratif a lentement pris forme au XIXe siècle, et surtout à partir de son dernier quart ; beaucoup de ses notions fondamentales demeurent encore incertaines. De plus, cette élaboration a coïncidé avec une période d’évolution accélérée de la civilisation, plus favorable aux remises en question qu’aux achèvements. » cf., Jean RIVERO, Droit administratif, 8ème éd., Dalloz, Paris, 1977, p. 29.
76عمار عوابدي، القانون اإلداري، د.ط.، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
.109 .ص ،1990
77 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.21 .ص
عادة بظروف وضرورات معينة، أنشأت هيئات إدارية، وبينت بعض إجراءاتها. إن تلك القوانين نادرا ما قامت
بوضع مبادئ عامة، أو قدمت تعاريف دقيقة.78
لهذا وبالرغم من دور النصوص التنظيميةالتي
تتدخل عادة لتوضيح النصوص التشريعية الغامضة، ظهرت العديد من المشاكل األساسية في أغلبها، والتي لم تجد حال في النصوص المكتوبة. وإن كان هناك مجهود
من أجل تقنين
1948
مبذول في فرنسا ابتداء من سنة
القانون اإلداري، إال أنه اقتصر على تنظيـــــــم المواد والنصوص سارية المفعول، دون تعديلها. وهذا العمل لم
يؤد إلى إنشاء تقنين إداري.79
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن عدم تقنين القانون
اإلداري ال يرجع إلى حداثة المادة وحدها فحسب، بل إلى
طبيعة التشريعات اإلدارية بحد ذاتها، إذ لو تمت المقارنة
لتبيّن
وقواعد القانون اإلداري،
بين قواعد القانون المدني
بأن قواعد القــــــانون المدني تتميز بالثبات، وهذا خالف قواعد القانون اإلداري التي ال تتصف بالثبات بل هي سريــــــــعة التطور.80 ولكن على الرغم من أن القانون اإلداري يتميز بخاصية عدم تقنينه في مجموعة واحدة، إال
أن هذا ال يحول دون وجود بعض التقنينات ال ُجزئية
المتعلقة ببعض مواد القانون اإلداري، كقانون البلدية81،
وقانون الوالية82، وقانون االنتخابات.83
78 Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 30.
79Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p.p. 29,54.
80 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.22 .ص
81 القانون رقم 10-11 المؤرخ في 22 جوان 2011، المتعلق بالبلدية، ج.ر.ج.ج.، رقم
37، لسنة .2011 82القانون رقم 07-12 المؤرخ في 21 فيفري 2012، المتعلق بالوالية، ج.ر.ج.ج.، رقم
12، لسنة .2012
– القــــــانون اإلداري ذو نشأة قضائية أساسا:
إن النشأة األولى لمعظم نظريات القانون اإلداري،
ومبادئه، وأسسه، كانت نشأة قضائية، أي لم تكن من صنع أو وضع المشرع، وهنا تكمن أصالة، وذاتية القانون اإلداري. فعندما كانت تعرض المنازعات على القاضي اإلداري الفرنسي، لم يكن يلجأ إلى استنباط الحل من قواعد
القانون المدني، بل كان يجتهد، أي يأتي بالحلول من عنده.
ومجموع هذه االجتهادات كونت نظرية القانون اإلداري.
ولكن بعد ذلك، تدخل المشرع وتبنى النظريات القضائية، أي ضمنها في نصوص تشريعية. إال أن ما قام به المشرع هنا، ال ينزع عن تلك القواعد صفتها القضائية، ألن نشأتها
كانت باألساس نشأة قضائية.84
إن هذه الخاصية هي الخاصية األساسية للقانون
اإلداري،حتى ولو أنها أصبحت تعرف تراجعا في الوقت
الحالي، وذلك بالنظر لكثرة القواعد المكتوبة. فنظرا لاللتزام الملقى على عاتق القاضي اإلداري، والمتمثل في الفصل في المنازعات المعروضة عليه والتي لم تعالجها النصوص القانونية، فإنه وجد نفسه مضطرا إلى إنشاء القاعدة التي يطبقها على النزاع المعروض عليه.85 ولقد ترتب على هذه الخاصية األساسية التي يتمتع بها القانون
اإلداري نتائج جد هامة تمثلت فيما يلي:
)1 من النــــــاحية الشكلية:
إن العديد من قواعد القانون اإلداري مرتبطة
بالقرارات المبدئيـــــــــــة principes) de Arrêts (les
2016، المتعلق بنظام
أوت
المؤرخ في 25
10-16
83 القانون العضوي رقم
اإلنتخابات، ج.ر.ج.ج.، رقم 50، لسنة .2016
84 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.23 .ص
85 Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 30.
الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي، وبالتالي فإن معرفة
القرارات الكبرى Arrêts( grands )Les تلعب دورا هاما في دراسة القانون اإلداري، شأنها في ذلك شأن النصوص األساسية للقانون المدني التي يتعين على دارس
هذا القانون أن يلّم بها.86
)2 من الناحية الموضوعية:
باعتبار أن القــــــــانون اإلداري من إنشاء القاضي
اإلداري، فإن هذا األخير ينظر إلى المشاكل من وجهة نظره فقط. فمثال إذا كان القانون المدني يدرس مشكلة بطالن األعمال القانونية في حد ذاتها، فإن القانون اإلداري عالج هذه المشكلة لمدة طويلة بالنظر إلى المنازعات المعروضة عليه، أي ما هي الحاالت التي تسمح له بإلغاء األعمال اإلدارية المعروضة عليه؟ وبالمثل فإن كثيرا من النظريات األساسية للقانون اإلداري، لم يكن هدفها سوى معالجة اختصاص القاضي اإلداري. فمثال بمناسبة تحديد ما هي الحاالت التي تجعل من القاضي اإلداري مختصا بالنظر في نزاع يتعلق بعقد87، بدال من القاضي العادي، تم وضع تعريف للعقد اإلداري. إن هذه الهيمنة من وجهة نظر المنــــازعات، هي خاصية يتميز بها القانون اإلداري
الفرنسي.88
وأخيرا إن الروح العامة لقواعد القانون اإلداري تظهر ما مدى أصالة تلك القواعد. فالقاضي الذي وضعها
من أجل الفصل في النزاع المعروض عليه، كان يفكّر
وهو ينشئها في عدم تضييق معناها، حتى يتمكن من استعمالها في المستقبل بالنظر إلى الظروف الخاصة بكل
86 Ibid., p. 30.
87عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.27 ص ،.1991
Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 30.88
نزاع. لهذا فإن قواعد القانون اإلداري تتميز بخاصية المرونة وعدم التأكد. إن هذه الخاصية تتسع وتكثر نظرا ألن مجلس الدولة الفرنسي جرى عادة على تسبيب قراراته بأسلوب ال يفهمه العامة، لذلك ومن أجل فهمها البد من اإلحاطة بمصطلحات القانون اإلداري، وهذا ما
يؤدي إلى بناء فكري قانوني متميز.89
– المبادئ األساسية للقانون اإلداري:
نتج عن الخصائص المشار إليها سابقا، وجود تخوف من إمكانية تحول القانون اإلداري إلى مجرد قانون
ذو قواعد تفصيلية مرنة، ولكن قليلة الفعالية.90
لذلك اتجهت الجهود إلى محاولة وضع مبادئ
أساسية تمكن من تنظيم هذا القانون، بحيث تكون له فعالية، شأنه في ذلك شأن القانون الخاص. فذهبت الجهود إلى
ضرورة إنشاء محاكم إدارية بجانب المحاكم العادية. إال
أن اختصاصات المحاكم اإلدارية هذه لم تحدد، الشيء الذي يؤدي حتما إلى تداخل االختصاص بين القضاء
العادي والقضاء اإلداري.91
انطالقا من هنا، تباينت رؤى الفقهاء واختلفت
جهودهم في محاولة وضع وإيجاد معيار محدد يمكن بواسطته معرفة المسائل التي تدخل في اختصاص القاضي العادي، والمسائل التي تدخل في اختصاص القاضي اإلداري، على أنه وقبل التطرق لمختلف المعايير وجب
توضيح الغاية أو الهدف من تحديد أساس للقانون اإلداري.
89 Ibid., p. 31.
90 Ibid., p. 31.
91 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.23 .ص
– الغرض من تحديد أساس للقانون اإلداري:
إن الغرض األساسي من وراء إيجاد معيار محدد
لمعرفة نطاق تطبيق القانون اإلداري وحدوده يتمثل في
مسألتين هامتين هما: تحديد الجهة القضائية المختصة
(أوال)، ومن ثم تحديد القانون الواجب التطبيق (ثانيا.)
أوال: تحديد الجهة القضائية صاحبة االختصاص:
إن الهدف األول من محاولة وضع أساس للقانون
اإلداري هو معرفة الجهة القضائية المختصة للفصل في المنازعات التي تكون اإلدارة العامة طرفا فيها، أو بمعنى آخر يجب اإلجابة على التساؤل التالي: متى تنعقد والية االختصاص للقـــــــــــاضي اإلداري؟ ومتى تنعقد للقاضي
العادي؟
إن هذا التساؤل فرض نفسه بحدة، خاصة في فرنسا
التي كانت السباقة لتبني وتجسيد فكرة وضع قضاء
مزدوج، ومن ثم انتقل إلى الدول األخرى التي سايرتها في
نهجها الذي اتبعته، ومن بينها تونس.92
ثانيا: تحديد القـــــــــانون الواجب التطبيق:
باإلضافة إلى تحديد الجهة القضائية المختصة
للفصل في المنازعات التي تكون اإلدارة العامة طرفا فيها، تظهر أهمية إيجاد أساس للقانون اإلداري في معرفة القانون الواجب التطبيق، أو بمعنى آخر متى نطبق قواعد
القانون اإلداري؟ ومتى نطبق قواعد القانون الخاص؟
إن هذا التساؤل يفرض نفسه هو اآلخر، ذلك أن اإلدارة العامة وكما سبقت اإلشارة إليه قد تظهر في بعض
92محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري،,مركز النشر الجامعي2008،ص .55
الحاالت بمظهر األفراد العاديين حين تجردها من
امتيازات السلطة العامة.
– أهم المعايير المحددة ألساس القانون اإلداري:
تجدر اإلشارة، بأن بروز القانون اإلداري في الساحة القانونية، صاحبه جدل كبير حول تحديد األساس الذي ينبغي أن يبنى عليه، خاصة أن هذا الفرع الجديد من فروع القانون العام، يتضمن قواعد قانونية متميزة عن تلك
الموجودة في القانون الخاص.93
وعلى ذلك، ظهر معيار السلطة العامة (أوال)، ثم
معيار المرفق العام (ثانيا)، إال أن كال المعيارين لم يسلما من االنتقادات الفقهية، الشيء الذي ترتب عليه ضرورة
البحث عن معايير بديلة (ثالثا.)
أوال: معيــــــــــــــار السلطة العامة كأساس للقانون
اإلداري:
ظهر هذا المعيار في أواسط القرن التاسع عشر
XIXème، حيث حظي باهتمام فقهاء القانون اإلداري لذلك العصر، الذين حاولوا التأسيس للقانون اإلداري انطالقا من
فكرة السلطة العامة.
ويعتمد هذا المعيار في مجال تحديد نطاق القانون
اإلداري على ضرورة التركيز على صفة الجهة التي
صدر عنها العمل. وتطبيقا لذلك فإن نشاطات الدولة –
بصفة عامة- والسلطات العامة، هي التي يطبق عليها
القانون اإلداري. أما نشاطات الخواص، فيطبق عليها القانون الخاص. وبالتالي إذا كانت الدولة أو السلطة العامة
93ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
طرفا في النزاع فإن القاضي اإلداري هو الذي يكون مختصا بالفصل فيه، وبالتالي يطبق عليه قواعد القانون
اإلداري. أما إذا كان النزاع بين أشخاص القانون الخاص،
فإن القاضي العادي هو الذي يكون مختصا بالفصل فيه.94
ورغم بساطة هذا المعيار ووضوحه إال أنه يشوبه
الغموض، وعدم الدقة، ذلك أن هناك العديد من األعمال التي تقوم بها والدولة ليس بوصفها سلطة عامة، بل بوصفها فردا عاديا، مما يؤدي إلى عدم إمكانية تطبيق قواعد القانون اإلداري عليها، وبالتالي عدم اختصاص
القاضي اإلداري بها.95
ونتيجة لهذا االنتقاد قام أصحاب المعيار بتعديله، إذ اعتبروا أن القانون اإلداري ال يطبق إال على أعمال اإلدارة التي تظهر فيها كسلطة عامة (أعمال السلطة العامة publique puissance de actes )Les، أما أعمال
اإلدارة العادية (أعمال التسييرgestion de actes )Les
فإنها تخضع للقانون الخاص.96
ولكن على الرغم من هذا التعديل إال أن هذا المعيار يبقى ناقصا، ذلك أن كل من أعمال السلطة العامة وأعمال التسيير واإلدارة يصدران عن هيئة واحدة، ومن ثم فإن
مسألة وضع حد فاصل بينهما، مسألة صعبة للغاية.97
94 André de LAUBADÈRE, Yves GAUDEMET, Traité de droit administratif, droit administratif général, t. 1, 16ème éd., L.G.D.J., Paris, 2001, p.33.
95 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
:كذلك أنظر ،26 .ص André de LAUBADÈRE, Yves GAUDEMET, Traité de droit administratif, op. cit., p.33.
:ذلك إلى أشار96 Yves GAUDEMET, droit administratif, 18ème éd., L.G.D.J., Paris, 2005, p.24.
97 محمد باهي أبو يونس، أحكام القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .224
ثانيا: معيار المرفق العام كأساس للقانون اإلداري:
مع بداية القرن العشرين XXème، اهتم جانب من
الفقه بمعيار آخر مفاده أن أساس القانون اإلداري هو فكرة المرفق العام. ويرجع هذا االهتمام لصدور بعض القرارات القضائية عن القضاء اإلداري الفرنسي – خاصة
(Blanco)
القرار الصادر عن محكمة التنازع في قضية
– التي تؤكد ذلك.
فمن خالل قرار “بالنكو98” ذهب بعض الفقه أمثال
إلى القول بأن الفرق بين النشاط
99Duguit و
Jèze
الخاص والنشاط العام، يكمن في أن هذا األخير يعتمد أساسا على إشباع الحاجات العامة، وهو الشيء الذي تقوم به المرافق العامة. وعلى هذا األساس يمكن تعريف القانون اإلداري بأنه قانون المرافق العامة.فحسب هذا التصور فإن فكرة المرفق العام هي التي تبين حدود
القانون اإلداري، وبالتالي اختصاص القاضي اإلداري. فكل المسائل المتعلقة بالقانون اإلداري ال يمكن فهمها إال
إذا تم ربطها بفكرة المرفق العام.100
ولكن ابتداء من سنة 1950، بدأ بعض الفقهاء
يشككون في معيار المرفق العام، ذلك أن الميزة التي يتميز بها المرفق العام ليست إال ميزة ظاهرة ال تتحقق دائما في الواقع. وهنا ظهرت أزمة المرفق العام نتيجة لبعض
الحقائق المتمثلة فيما يلي:
-1 إن اإلدارة ال تهتم فقط بتسيير المرافق العامة،
إذ أنها تقوم إلى جانب ذلك بتنظيم النشاط الفردي في إطار
98 T.C., 8 fév. 1873, Blanco, précité.
99 أشار إلى ذلك:
Jean WALINE, Droit administratif, 25ème éd., Dalloz, Paris, 2014,
- 31.
100 Jean WALINE, Droit administratif, op. cit., p. 31.
البوليس اإلداري، والذي يعتبر جزء هاما من نشاط اإلدارة. هذا النشاط ال يعد تسييرا لمرفق عام، لذلك فإن
موضوع القانون اإلداري أوسع من فكرة المرفق العام.101
وعلى خالف ذلك، فإن تسيير المرافق العامة ال
يتطلب دائما استعمال وسائل القانون اإلداري، ذلك أن
اإلدارة بإمكانها أن تلجأ إلى وسائل القانون الخاص،
خاصة في مجال العقود.102
إن هاتين المالحظتين تؤديان في الحقيقة إلى القضاء
اإلداري
على معادلة المرفق العام التي مفادها أن القانون
دائما يساوي اختصاص القاضي اإلداري.103
-2 ابتداء من الحرب العــــــــــــــــــــــالمية األولى
)1918-1914(، وخاصة بعد التغيير االقتصـــــــــــــادي واالجتماعي، وبروز فكرة الدولة المتدخلة، ظهرت
انعكاسات على فكرة تحديد النشاطات العامة والخاصة،
والتي كانت فكرة المرفق العام األساس في التمييز بينها.
فإذا كان هدف النشاط العام – والذي يختلف عن هدف
النشاط الخاص – هو تحقيق المصلحة العامة، فإن تدخل
الدولة في النشاطات التي كانت حكرا على الخواص عن طريق المرافق العامة الصناعية والتجارية، أدى إلى استخدام أساليب مختلطة (أساليب اإلدارة العامة وأساليب اإلدارة الخاصة) في إدارة وتسيير تلك المرافق، وهذا ما جعل فكرة المرفق العام عاجزة عن منع تسرب
موضوعات القانون الخاص إلى نطاق القانون اإلداري،
ومجال اختصاص القاضي اإلداري.104
101 Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 33.
102 Ibid., p. 33.
103 Ibid., p. 33.
104Jean RIVERO, Droit administratif, op. cit., p. 33.
من خالل ما سبق يتضح بأن المرفق العام ال
يستدعي دائما قواعد القانون اإلداري، فقد يستعمل في إدارته وسائل التسيير الخاصة، أي القانون المدني والتجاري، وقد يستعمل قواعد القانون اإلداري. ومن هنا يستحيل االعتماد على معيار المرفق العام لوحده لتبيان
مجال تطبيق القانون اإلداري.105
ثالثا: الحلول المقترحة للبحث عن أســـاس القانون
اإلداري:
نظرا لقصور المعيارين السابقين في بعض
الجوانب، تمت محاولة وضع معايير أخرى كبدائل أو
حلول، تصلح لكي تكون أساسا للقانون اإلداري106.
على أن أهم هذه المحـــاوالت تمثلت باختصار شديد
فيما يلي:
)1 معيـــــار المصلحة العامة:
على أعقاب انهيار فكرة المرفق العام وظهور
األزمة المشار إليها سابقا، حاول جانب آخر من الفقه االعتماد على معيار آخر مفاده أن أساس القانون اإلداري هو المصلحة العامة أو المنفعة العامة107، وبذلك فإن سبب
وجود قواعد القانون اإلداري االستثنائية – حسب هذا
االتجاه من الفقه – يدور حول فكرة المصلحة العامة التي تبرر وجود مثل تلك القواعد، وبذلك تنطبق قواعد القانون اإلداري عندما يهدف نشاط اإلدارة إلى تحقيق المصلحة
105 Jean WALINE, Droit administratif, op., cit., p.32.
106ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
107 يعتبر الفقيه WALINE صاحب هذا المعيار، والذي عبر عنه بعد استبعاده لكل
من نظرية السلطة العامة بمفهومها التقليدي، ولنظرية المرفق العام، أشار إلى ذلك: عبد
الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .94
العامة، أما إذا كان النشاط اإلداري يستهدف المصلحة الخاصة فال مجال لتطبيق القانون اإلداري108، كما هو الشأن بالنسبة للمرافق العامة ذات الطابع الصناعي
والتجاري.
إال أن نفس الفقيه هجر هذا المعيار ألن فكرة
المصلحة العامة مبهمة وغامضة. بل أكثر من ذلك فإن فكرة المصلحة العامة هي التي أدت في الحقيقة إلى االستعانة بوسائل القانون الخاص إلدارة المرافق العامة ذات الطابع االقتصادي لكي تحقق أكبر قدر من المردودية
والفعالية.109
)2 معيار السلطة العامة في ثوبه الجديد:
حاول بعض الفقهاء العودة إلى فكرة السلطة العامة، وقالوا بأنها هي أصل ومحور القانون اإلداري وأساسه ومعياره، إذ هي التي تجعل من اإلدارة العامة باعتبارها
سلطة عامة في مركز أسمى من األفراد.
تحتّم وجود قواعد القانون اإلداري
وبالتالي
االستثنـــــائية الخاصة، وغير المألوفة في مجال القانون الخاص. كما أن فكرة السلطة العــــامة هي التي تحدد مجال تطبيق القانون اإلداري، فكل عمل أو تصرف يتضمن مظاهر السلطة العــــامة يعد عمال إداريا يدخل في نطاق تطبيق القـــانون اإلداري. إال أن هذه الفكرة ال يمكن االعتماد عليها، ألنها عاجزة لوحدها عن أن تكون الفكرة
الوحيدة لتبرير وتأسيس القانون اإلداري.
108 عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .94
109 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.29 .ص
)3 المزج بين معيــــــــاري المرفق العام والسلطة
العامة:
لقد حاول بعض الفقهاء من بينهم 110CHAPUS
التوفيق بين معيار المرفق العام ومعيار السلطة العامة.
والحقيقة أن الم ّطلع على قضاء مجلس الدولة الفرنسي
وأحكام التشريع الفرنسي ال يمكنه أن يسلم بأن ثمة معيارا
واحدا – أيا كانت صياغته – يحكم موضوع االختصاص، وبالتالي مجال تطبيق القانون اإلداري. فالحقيقة أن اختصاص القضاء اإلداري الفرنسي يتحدد وفقا لقواعد متنوعة ال يكاد يجمعها أصل واحد. ومن المفيد أن يحيط
بها من يتصدى لدراسة القضاء اإلداري.111
)4 االختصـــــــاص يتبــــــع الموضــــــــــــوع
:112(La compétence suit le fond)
إن المبدأ األساسي المتعلق بتحديد االختصاص، لم يتغير منذ حكم بالنكو. وهنا ال بد من الرجوع إلى التمييز الذي تم ذكره فيما سبق، والمتمثل في التمييز بين اإلدارة العامة واإلدارة الخاصة، وبناء عليه يمكن القول بأن طبيعة القواعد التي تطبق على الموضوع، هي التي تحدد االختصاص. ومعنى ذلك أن اختصاص القاضي يتحدد
بالنظر إلى طبيعة القواعد التي تطبق على الموضوع.
على أن تطبيق هذا التوجيه العام (االختصاص يتبع
الموضوع) يتطلب استعمال طريقة مختلفة، بحسب ما إذا كان النزاع يتعلق إما بعمل قانوني، أو بعمل مادي، أو
أشار إليه: مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية،
110
المرجع السابق، ص. .29
111 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .29
112 مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .29
بشيء مستعمل من طرف اإلدارة. وعلى أساس هذا
التمييز يمكن تحديد القواعد المطبقة حاليا فيما:
– المنازعات المتعلقة باألعمال القانونية لإلدارة:
إن األعمال القانونية لإلدارة هي األعمال التي تقوم
بها اإلدارة، وتقصد من ورائها تغيير المراكز القانونية. إن
هذه األعمال تنقسم إلى قسمين:
– أعمال قانونية صادرة بإرادة منفردة :
وتتمثل في القرارات اإلدارية. وما دام أن هذه
األعمـــــــــــــــال تصدر عن اإلدارة –كقاعدة عامة-، فإن االختصاص بشأن المنازعات المتعلقة بها يختص بها
القاضي اإلداري الذي يطبق عليها قواعد القانون اإلداري.
– أعمال قانونية صادرة باتفاق اإلرادات :
وتتمثل في العقود التي تبرمها اإلدارة. على أن هذه
العقود تنقسم إلى قسمين:
-عقود خاصة:
إن اإلدارة في هذه العقود لم تظهر كسلطة عامة، بل
تصرفت بنفس الطريقة التي يتصرف فيها الخواص في عالقاتهم الخاصة. ومن هنــــــــــــا فإن االختصاص بشأن المنازعات المتعلقة بهذه العقود تؤول الختصاص القاضي
العادي.113
113عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
..51 ص ،1991
– عقود إدارية:
وهي العقود التي تكون اإلدارة طرفا فيها ومتصلة
بمرفق عام ذو طابع إداري أو تستعمل اإلدارة فيها امتيازات السلطة العامة. إن االختصاص بشأن المنازعات
المتعلقة بهذه العقود تؤول الختصاص القاضي اإلداري.
– المنازعات المتعلقة باألعمال المادية:
يقصد بالعمل المادي لإلدارة، ذلك العمل الذي ال
تنوي اإلدارة من خالله إحداث أثر قانوني. إن النزاعات
المتعلقة بالنشاط المادي تتعلق فقط بالتعويض. أما
االختصاص فيتحدد بالنظر إلى نوع المرفق العام. فإذا اتصل النشاط المادي بمرفق عام ذو طابع إداري، فإن االختصاص يؤول للقاضي اإلداري الذي يطبق عليه
قواعد القانون اإلداري.
أما إذا اتصل النشاط المادي بمرفق عام ذو طابع صنـــــــــاعي أو تجاري، فإن االختصاص يؤول للقاضي
العادي الذي يطبق عليه قواعد القانون الخاص.
– المنازعات المتعلقة بفعل األشياء المستعملة من
طرف اإلدارة:
إن هذه المنازعات تتعلق بالتعويض فقط. وهنا لتحديد االختصاص القضائي، وبالتالي نوع القواعد القانونية المطبقة، البد من البحث في الطبيعة القانونية
للشيء المستعمل. فإن كان ينتمي للملكية العامة للدولة، فتطبق عليه أحكـــــــــــام وقواعد القانون اإلداري، ويكون االختصاص بشأنه للقاضي اإلداري. أما إذا كان ينتمي
للملكية الخاصة للدولة، فسيطبق عليه القانون الخاص، كما
أن النزاع المتعلق به يؤول للقاضي العادي.114
– مصادر القــــــــــانون اإلداري:
نظرا لتعدد القواعد القانونية واختالف التعبير عن إرادة الدولة وأفرادها، فإنه من المؤكد أن تتعدد مصادر قواعد القانون بصفة عامة ومصادر قواعد القانون
اإلداري بصفة خاصة.
والمقصود بكلمة “مصدر” ذلك األصل أو األساس
الذي تخرج منه القاعدة القانونية، فالبحث عن مصدر
القاعدة القانونية هو البحث عن السبب المنشئ لها في مجتمع معين، إذ أن القاعدة القانونية، كأي شيء آخر في الوجود، ال يمكن أن تنشأ من العدم، بل ال بد لها من
.115سبب
وتجدر اإلشارة أنه في لغة القانون يجب التفرقة بين
معنيين مختلفين لمصادر القانون، فقد يقصد بذلك …”
مجموعة العوامل التي ساهمت في تكوين القاعدة القانونية وتحديد مضمونها، سواء كانت هذه العوامل طبيعية، أم اقتصادية، أم تاريخية، أم اجتماعية116“…، وهذا ما يعرف
بالمصادر المادية للقانون.
وقد يقصد بمصادر القانون، …” الطرق أو الوسائل التي تستخدم في إخراج القواعد القانونية إلى مجال
114محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري , الطبعةالثانية , مركز النشر الجامعي
.85 ،ص.2008
115 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .125 116 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية، الوجيز في نظرية القانون، المرجع
السابق، ص. .125
التطبيق والتنفيذ 117“…، وتسمى مصادر القانون بهذا
المعنى المصادر الشكلية.
وبهذين المعنيين، فإن مصادر القانون اإلداري ال
تختلف في جوهرها عن مصادر القانون بصفة عامة،
وهذا بغض النظر عن فروعه المتعددة.
وبما أن دراسة المصادر المادية للقانون بوجه عام
والقانون اإلداري بوجه خاص، عبارة عن دراسة فلسفية
بالدرجة األولى تجد مكانا لها في مقياس “فلسفة القانون”، فسيتم استبعادها من هذه المحاضرات، مع اإلبقاء على دراسة المصادر الشكلية والتي تسمى كذلك بالمصادر
الرسمية.
على أن المصادر الشكلية (الرسمية) للقانون
اإلداري، تنقسم إلى مصادر مكتوبة وأخرى غير مكتوبة .
– المصادر المكتوبة للقـــــــــانون اإلداري:
تتمثل المصادر المكتوبة للقانون اإلداري في كل من
الدستور، والمعاهدات الدولية المصادق عليها ، والتشريع.
– الدستـــــــــور:
يعتبر الدستور أو القانون األساسي أسمى المصادر
المكتوبة للقانون عامة وللقانون اإلداري خاصة، إذ أنه يوضع عادة وفقا إلجراءات خاصة تختلف من دولة
ألخرى ومن نظام سياسي آلخر.
117 ناصر لباد، الوجيز في القانون اإلداري، ط. 2، منشورات لباد، الجزائر، 2007،
.50 .ص
ويتضمن الدستور وضع الدولة، وينظم السلطات
المختلفة المشكلة لها، كما يبين شكل الحكومة فيها بما في
ذلك اختصاصاتها التنظيمية والوظيفية.
ومن ثم فإن بعض مبادئ القانون اإلداري مستمدة
من الدستور، كالمبادئ األساسية للتنظيم اإلداري، مبدأ الفصل بين السلطات، ازدواجية القضاء، تنظيم العالقة داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية والوزير األول وتحديد مجال صالحياتهما، إلى غير ذلك من
المسائل ذات الطابع اإلداري.
وعلى ذلك، فإن اإلدارة مطالبة باحترام الدستور أثناء ممارستها ألعمالها، وإال كانت هذه األخيرة مشوبة
بعدم الدستورية.
– المعـــــــــاهدات الدولية:
يقصد بالمعاهدات الدولية تلك االتفاقيات المبرمة بين الدول، أو بين دولة وإحدى المنظمات الدولية، بهدف
إحداث آثار قانونية في عالقتهم المتبادلة.118
والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف
رئيس الجمهورية، حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور، تسمو على القانون. ومن ثم فإن اإلدارة العامة
ملزمة باحترام النصوص الواردة في المعاهدات الدولية
وإال كان عمال متسما بعدم المشروعية.119
118 ناصر لباد، الوجيز في القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .52
119عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.45 ص ،.1991
– التشريـــــــــع:
يقصد بالتشريع مجموعة القواعد القانونية الصادرة
عن السلطة التشريعية، أي تلك القواعد القانونية التي يقوم البرلمان بوضعها في حدود اختصاصه المبين في
الدستور.
وتجدر اإلشارة إلى أن التشريع ينقسم إلى فئتين اثنتين: فئة القوانين االساسية التي تكون في مسائل محددة
حصرا في الدستور وفئة القوانين العادية.
وبالرغم من أن القانون اإلداري غير مقنن، أي
ليست له مجموعة قانونية واحدة تتضمن القواعد واألحكام الخاصة به مثل بقية فروع القانون األخرى، كالقانون المدني والقانون التجاري وقانون العقوبات، فإنه توجد
العديد من القوانين التي تنظم الكثير من موضوعاته،
كقانون 1972 المنظم للمحكمةاإلدارية .
– المصـــادر غير المكتوبة للقـــــــانون اإلداري:
تتمثل المصادر غير المكتوبة في الفقه، والعرف
اإلداري، وفقه القضاء والمبادئ العامة للقانون.
– الفقـــــه:
يقصد بالفقه ” مجموعة القواعد المستنبطة من قبل
شراح القانون بعد الدراسة والبحث في مسائل معينة أو نقد نصوص موجودة أو التعليق على أحكام وقرارات قضائية 120“، وبهذا المعنى ال يعد الفقه مصدرا رسميا
للقانون اإلداري بأتم معنى الكلمة، ذلك أن اآلراء الفقهية
120 عالء الدين عشي، مدخل القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .29
مهما كانت قيمتها، إال أنها ال تتمتع بالقوة القانونية
الملزمة.121
ولكن بالرغم من ذلك، فإن للفقه في القانون اإلداري دور كبير قد يتجاوز دوره في باقي فروع القانون األخرى، وذلك راجع لحداثة نشأة القانون اإلداري من جهة، ولعدم تقنينه من جهة أخرى. وهو األمر الذي يجعله يؤدي مهمة كبيرة في إبراز األسس والنظريات العامة التي تحكم القانون اإلداري، وفي شرح المبادئ واألحكام المتفرعة عنها، وفي دراسة النصوص القانونية الصادرة عن المشرع وتبيان ما تتضمنه هذه األخيرة من ثغرات قانونية، وكذا في تحليل ونقد األحكام والقرارات الصادرة
عن القضاء اإلداري.122
كما يقوم فقه القانون اإلداري بمقارنة مبادئ وأحكام
القانون اإلداري مع تم التوصل إليه في الدول األخرى،
لكي يصل إلى أفضل الحلول المالئمة.123
وعلى ذلك، فإن فقه القانون اإلداري يلعب دور المرشد الذي يبين الحلول المالئمة لكل من المشرع
والقضاء اإلداري.124
– العرف اإلداري:
يقصد بالعرف اإلداري …” ما يجري عليه العمل
من جانب السلطة اإلدارية، في مباشرة نشاطها على نحو
121 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.36 .ص
122 عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .79
123عبد الغني بسيوني عبد هللا، المرجع نفسه، ص. .79
124 عبد الغني بسيوني عبد هللا، المرجع نفسه، ص. .79
معين وبشكل مضطرد بحيث يشكل ذلك قاعدة ملزمة
واجبة اإلتباع .125“…
وعلى هذا، لكي يصبح سلوك اإلدارة في إنجاز عمل
معين عرفا إداريا، يتعين أن يتوافر له ركنان:126 الركن
المادي (أوال)، والركن المعنوي (ثانيا.)
أوال: الركن المادي:
يتمثل الركن المادي في اعتياد اإلدارة العامة على األخذ بقاعدة متبعة وتكرار تطبيقها بانتظام وبدون انقطاع فيها، متى توافرت شروطها وهي العمومية والقدم
واالستقرار.127
وهذا يعني أن انقطاع االعتياد في اتباع سلوك معين من جانب اإلدارة يؤدي إلى عدم توافر الركن المادي
للعرف.
ثانيا: الركن المعنوي:
يتكون الركن المعنوي عندما يتولد الشعور لدى
اإلدارة العامة واألفراد المتعاملين معها بإلزامية هذه
العادة، وأنها صارت قاعدة واجبة االحترام.128
وتجدر اإلشارة إلى أنه ولألخذ بالعرف اإلداري
كمصدر من مصادر القانون اإلداري، يجب أن ال يكون مخالفا للنصوص التشريعية أو التنظيمية، ألنه إذا صدر نص قانوني مخالف للعرف اإلداري فقد هذا األخير قيمته القانونية، كما أنه يمكن لإلدارة أن تخالف القاعدة العرفية
125 ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري ، المرجع السابق، ص.
.109
126عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .65
127 سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .74
128 عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، المرجع السابق، ص. .65
القائمة بإتباع قاعدة عرفية جديدة. ومن ثم فإن العرف بصفة عامة ال يلعب في مجال القانون اإلداري نفس الدور الذي بلعبه في القوانين األخرى، إذ يبقى دوره في الحقيقة
ثانويا.129
– فقه القضاء االداري:
يعتبر القضاء أهم مصدر من مصادر القــــــــــانون
اإلداري، نظرا للدور الذي يقوم به القاضي اإلداري في
إنشاء القواعد.
فال يختلف دور القــــــــاضي اإلداري عن القاضي المدني، في أن وظيفة كل واحد منهما تنحصر في الفصل في المنازعات المعروضة عليه. وإذا كان الدستور لم يشر
صراحة إلى إمكانية قيام القاضي بوضع القواعد العامة،
فإن هذا يفترض أن تكون أمام القاضي اإلداري قواعد
قانونية تنطبق على الحالة المعروضة عليه، والتي بواسطتها يستطيع الفصل في النزاع. إال أن القاضي قد يجد نفسه دون أية قاعدة مكتوبة تنطبق على النزاع المعروض عليه. ويحدث هذا غالبا في القضاء اإلداري
نظرا لطابعه الخاص. فالقاضي هنا ملزم بالفصل في
النزاع المعروض عليه. وهنا قد يجد نفسه مضطرا إلى خلق قواعد عامة تمكنه من حل النزاع. فما هي التقنيات
التي يتبعها للقيام بتلك المهمة؟.130
– المبادئ العامة للقانون:
يقصد بالمبادئ العامة للقانون تلك …” المبادئ التي
يكشف عنها عقل اإلنسان السليم، والتي يمكن استخالصها
129 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.37 .ص
130 مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.37 .ص
من ضرورات الحياة االجتماعية مثل استمرارية المرافق
العامة، أو من مبادئ العدالة، مثل مبدأ اإلثراء بال سبب. ويترتب على مخالفتها من طرف اإلدارة تعرضها لتوقيع
الجزاء عليها.131“…
على أن دراسة المبادئ العامة للقانون يقتضي دراسة خصائصها القانونية (أوال)، ثم البحث في قيمتها
القانونية (ثانيا.)
أوال: الخصائص القانونية للمبادئ العامة للقانون:
تتمثل هذه الخصائص فيما يلي: -1 تتمتع المبادئ العامة للقانون بقوة ملزمة لكل من
هو مخاطب بها، أي أنها ملزمة لألفراد واإلدارة على حد
سواء. وعليه فإن أي عمل إداري مخالف لهذه المبادئ
يتعرض للبطالن. وفي حالة ما إذا ترتب عليه ضرر للغير، فإن ذلك سيؤدي إلى قيام المسؤولية اإلدارية. ومن هنا فإن قيمة المبادئ العامة للقانون هي نفس قيمة القانون
الوضعي.132
-2 إن القوة التي تتمتع بها المبادئ العامة للقانون ال
يمكن ربطها بأي عنصر شكلي (مكتوب وغير مكتوب)،
فهذه المبادئ تتمتع بقوة ملزمة حتى في حالة عدم وجود
نص، لهذا فإنها تستقل عن أي عنصر شكلي.133
على أن السؤال الذي يطرح، هل يمكن اعتبار
المبادئ العامة للقانون بمثابة قواعد قضائية؟
131مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .42
132مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية، المرجع السابق،
.42 .ص
133مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .42
ذهب البعض إلى القول بأن دور القاضي في المبادئ
العامة للقانون دور كاشف، وليس منشئ، أي أنه لم يقم بخلقها أو ابتكارها، وإنما قام فقط بالكشف عنها، مما يدل على أنها كانت موجودة قبل أن يشير إليها.134 إال أن المتأمل لدور القاضي هنا يالحظ بأن عمل القاضي في الحقيقة هو دور منشئ، ذلك أنه هو الذي أدخلها في عالم
القانون. فالمبدأ العام للقانون الموجود في ضمير الجماعة، لم يكن يتمتع بأي قوة ملزمة إال بعد أن أدخله القاضي في عالم القانون الوضعي. وهذا هو الدور الخالق الذي يقوم
به القاضي.135
ثانيا: القيمة القــــــانونية لمبادئ العامة للقانون:
قبل سنة 1958 كان معظم الفقهاء الفرنسيين يقولون بأن المبدأ العام للقانون له نفس قيمة التشريع. أما موقف
القضاء الفرنسي قبل سنة 1958، فلم يكن واضحا. ولكن
(صدور الدستور الفرنسي الحالي)
1958
ابتداء من سنة
اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن المبادئ العامة للقانون لها
قوة ملزمة.136
إال أن اإلشكال ظل مطروحا إلى أن عرض األمر
على المجلس الدستوري الفرنسي الذي ميز بين نوعين من المبادئ العامة للقانون:137 المبادئ المستمدة من الدستور وهذه تأخذ مرتبة الدستور، أما المبــــــادئ األخرى فتأخذ
مرتبة التشريع العادي.138
134أشار إلى ذلك: مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .43
135مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .43
136أشار إلى ذلك: مراد بدران، محاضرات في القانون اإلداري والمؤسسات اإلدارية،
المرجع السابق، ص. .43
137عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.65 ص ،.1991
138أشار إلى ذلك: مراد بدران، المرجع نفسه، ص. .43
و ستشمل الدراسات في القــــــانون االداري الضبط اإلداري {الجزء األول} و األعمــــــــال القـانونية لإلدارة
{الجزء الثاني} و الموظف العمــــــومي { الجزء الثالث} و الطعون اإلدارية {الجزء الرابع} و االثبــــات في المادة
اإلدارية {الجزء الخامس.}
الجزء األول: الضبـــط اإلداري
إن المحافظة على النظام العام في الدولة في ظل
اإلفراط من بعض المواطنين في استغالل الحيات بصفة
مطلقة و دون ضوابط حتى صار األمر ينقلب إلى ضده، أدى إلى ضرورة وجود سلطة مختصة تعمل على تحقيق أغراض الوظيفة اإلدارية في الدولة سميت بالضبط اإلداري أو البوليس اإلداري لضبط الحريات حتى ال يساء
استعمالها من اجل المحافظة على النظام العام.
و يقتضي الضبــــــط اإلداري تحديـــــد مـــــــاهيته {المبحــــــــــث األول} و أغراضـــــــــــــــه و وســــائله
و حدوده {الفقرة الثانية.}
المبحث األول : ماهية الضبط اإلداري
الضبــــــط اإلداري يقتضي تحديــــــد مفهــــومه {الفقرة األولى} وأنواعه {الفقرة الثانية} و خصــــــائصه
{الفقرة الثالثة} وهيئات الضبط اإلداري {الفقرة الرابعة.}
الفقرة األولى: مفهوم الضبط اإلداري
مشتقة من الكلمة اإلغريقية
police
كلمة بوليس
اللتان
بوليتياء
politia
والكلمة الالتينية
politeia
بوليتيا
كانتا تعنيان فن حكم المدينة ومن الكلمة اإلغريقية polis
التي تعني المدينة .
يتمثل البوليس أو الضبط في إحدى نشطات السلطة
اإلدارية فيكون الضبط اإلداري وهذا المعنى هو األهم في القانون اإلداري, ألنه يمثل إحدى النشطات األساسية لهذه السلطات وهذا النشاط هو مجموع التدخالت اإلدارية التي
تجسد في شكل التنظيمات.139
نجد في الحقيقة عدة تعاريف للبوليس اإلداري منها: حسب الدكتور عبد الغني بسيوني عبد هللا (الضبط
اإلداري يقصد به مجمــــــــــــــوع اإلجراءات و األوامر و القرارات التي تتخذها السلطة المختصة بالضبط من
اجل المحافظة على النظام العام في المجتمع .140)
ويرى الدكتور جمال مطلق الذنيات (يعرف الضبط
اإلداري بأنه مجمـــــوعة من األنظمــــة و القرارات التي يتطلبها تحقيق أهداف الجماعة بالمحافظة على النظام العام بعناصره األساسية اآلمن العام و الصحة العامة و السكينة
العامة و األخالق و اآلداب العامة.141)
وكذلك تعريـــــــــــــــــــف األستاذ جين ريفيرو بأن
(نقصد بالضبط اإلداري مجموعة التدخالت اإلدارة التي تهدف إلى فرض على حرية األفراد االنضباط المطلوب
للعيش في المجتمع اإلطار المحدد من المشرع.)
الذي جاء
أندري دي لوبادر
وكذلك تعريف األستاذ
فيه (إن البوليس اإلداري هو شكل من أشكال تدخل بعض
139محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.65
140 الدكتور عبد الغني بسيوني عبد هللا – القانون اإلداري –المعارف اإلسكندرية، ص
.68
141 الدكتور جمال مطلق الذنيات – الوجيز في القانون اإلداري –الدار العلمية الدولية
عمان 2003، ص .78
السلطات اإلدارية يتضمن فرض حدود على حريات الفرد
بغرض ضمان حماية النظام العام) .
ويمكن أن نستخلص من التعاريف السابقة أن الضبط اإلداري انه هو ذلك الضابط الذي يقوم بتنظيم وتحديد حريات األفراد بغية تحقيق المنفعة العامة و ضمان حماية
النظام العام.
الفقرة الثــانية: أنـــــــواع الضبط اإلداري
و ينقسم الضبط االداري الى ضبط اداري عام {أ}
و ضبط اداري خاص {ب.}
أ- الضبط اإلداري العام:
يهدف الضبط اإلداري العام إلى حماية النظام العام
للمجتمع و وقــــــــــايته من األخطار و االنتهــــــاكات قبل وقوعها أو وقفها ومنع استمرارها إذا وقعت, ويشمل الضبط اإلداري بهذا المعنى العام عناصره الثالثة
األساسية.
ب- الضبط اإلداري الخــــاص:
يقصد بهذا النوع من الضبط صيانة النظام العام في
أماكن معينة أوجه بصدد نشاط معين أو استهداف غرض
آخر بخالف األغراض الثالثة لضبط اإلداري العام.
-1 الضبط اإلداري الخــــاص بالمكـــان:
هو الذي يهدف إلى حماية النظام العام في مكان أو
أماكن محددة حيث يعهد بتولي سلطة الضبط في هذه
األماكن إلى سلطة إدارية معينة.
و كمثال على هذا النوع من الضبط الضبط اإلداري الخاص بالسكك الحديدية, الذي يتولى تنظمه وزير
المواصالت للمحافظة على النظام العام.
-2 الضبط الخاص بأنشطة معينة:
ويقصد به تنظم ورقابة ممارسة وجوه معينة من
النشاط عن طريق تشريعات خاصة تمنح الجهات المختصة بالضبط سلطة أكبر من سلطة الضبط اإلداري
العام.142
مثال القوانين الخاصة بالمحالت الخطرة أو المقلقة
للراحة.
الفقرة الثالثة: خصـــــائص الضبط اإلداري
يتمتع الضبط اإلداري بحماة خصائص تميزه عن غيره من النشاطات اإلدارة يمكن حصر هذه الخصائص
فيما يلي:
وصفة التعبير عن السيادة
}أ{
أ- الصفة الوقائية
{ب}والصفة التقديرية {ج} والصفة االنفرادية {د.}
أ- الصفة الوقـــــائية :
يتميز الضبط اإلداري بالطابع الوقائي فهو يدرأ
المخاطر على األفراد فعندما تبادر اإلدارة إلى سحب رخصة الصيد أو رخصة السياق من أحد األفراد فألنها قدرت أن هناك خطر يترتب على استمرار احتفاظ المعني بهذه الرخصة ، و اإلدارة حينما تغلق محال أو تعاين بئرا
142عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.37 ص ،.1991
معينا أو بضاعة معينة فإنها تقد بهذه بعملها اإلجرائي هذا
وقاية األفراد من كل خطر قد يداهمهم أيا كان مصدره .
ب-الصفة التقديــرية:
ويقصد بها أن لإلدارة سلطة تقديرية في ممارسة
اإلجراءات الضبطية فعندما تقدر أن عمال ما سينتج عنه خطر تعين عليها التدخل قبل وقوعه بغرض المحافظة
على النظام العام .143
ج-صفة التعبيــــر عن السيادة :
إن فكرة البوليس اإلداري تعتبر مظهر من مظاهر
السلطة العمومية و السيادة في مجال الوظيفة اإلدارية في الدولة حيث تجسد فكرة السيادة و السلطة العامة في مجموعة االمتيازات االستثنائية التي تمارسها سلطات الضبط اإلداري بهدف المحا فضة على النظام العمومي
في الدولة وتحد وتقيد الحريات و القيود الفردية .
د-الصفة االنفرادية:
أن الضبط اإلداري في جميع الحاالت يا خد شكل
اإلجراء االنفرادي أي شكل أوامر تصدر من السلطة اإلدارية أي القرارات اإلدارية سواء كانت هذه القرارات فردية أو تنضمية وبالتالي فال تلعب إرادة الفرد دورا حتى تنتج أعمال الضبط اإلداري آثارها القانونية فموقف
المواطن إذن اتجاه أعمال الضبط اإلداري هو االمتثال
لإلجراءات التي اتخذتها اإلدارة في هذا اإلطار و هذا وفقا
لما يحدده القانون وتحت رقابة السلطة القضائية.144
143محمد رضاء جنيح،القانون اإلداري,الطبعة الثانية,مركز النشر الجامعي 2008، ص
.58
144توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة،ص .65
الفقرة الرابعة: هيئــــات الضبط اإلداري
لعله تبين لنا أن الضبط اإلداري إجراء وان كان
القصد منه المحافظة على النظام العام إال انه يحمل
خطورة معينة بالنظر لصلته بالحريات العامة وتأثيرها عليها لذا وجب تحديد هيئاته. والتي تتمثل اساسا في رئيس
والوزراء
الجمهـــــــورية {أ} ورئيس الحكـــومة {ب}
{ج} ورئيـــــــس البلدية {د} والوالي {ه.}
أ- رئيس الجمهورية :
اعترفت مختلف الدســـــاتير لرئيـــــــس الجمهورية
بممارسته مهام الضبط , فقد خول له الدستور اتخاذ جملة من اإلجراءات كإعالن حالة الطواري والحصار وإقرار
الحالة االستثنائية …الخ
وفي جائحة كورونا صدر أمر رئاسي عدد34 لسنة 2020 مؤرخ في 2020/3/18 يتعلق بمنع الجوالن بكامل تراب الجمهورية وأمر رئاسي عدد28 لسنة 2020 مؤرخ في 2020/3/22 يتعلق بتحديد الجوالن والتجمعات خارج
أوقات منع الجوالن.
ب- رئيس الحكومة :
لم تشر األحكام الدستورية صراحة إلى سلطات
رئيس الحكومة في مجال الضبط لكن يمكن إقرارها على
أساس الوظيفة التنظيمية التي يمارسها رئيس الحكومة .
ج- الوزراء :
األصل ليس للوزراء حق ممارسة الضبط اإلداري العام ألنها صالحية معقودة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, غير أن القانون قد يجيز لبعض الوزراء ممارسة
بعض أنواع الضبط الخاص, فوزير الداخلية مثال هو اكثر الوزراء احتكاكا وممارسة إلجراءات الضبط على
المستوى الوطني سواء في الحالة العادية أو االستثنائية.
د- رئيس البلدية :
طبقا لقانون الجماعات المحلية يمارس رئيس البلدية
جملة من الصالحيات ذات العالقة بالتنظيم العام.
من مجلة الجمــــــــــاعات
266
ولقد نص الفصل
المحلية ” رئيس البلدية مكلف بالتراتيب البلدية وتسيير
الشرطة البيئية وبتنفيذ قرارات المجلس البلدي.
يتولى رئيـــــس البلدية اتخـــــــاذ التراتيب الخاصة
بالجوالن وحفظ الصحة والسالمة والراحة وجمالية المدينة والمحافظة على البيئة داخل كامل المنطقة البلدية بما تشمله
من ملك عمومي للدولة.
ه- الوالي :
يتمتع الوالي بصالحيات الضبط اإلداري.
ينص الفصل 21 من األمر العلي المؤرخ في 21
جوان 1956 المتعلق بالتنظيم اإلداري بتراب الجمهورية
“يمكن للوالي بدائرة واليته وفي نطاق التشريعات الجاري بها العمل أن يتخذ قرارات ترتيــــــــــــبية في ميدان
الشرطة اإلدارية”
ولقد نص الفصل 4 من األمر عدد 50 لسنة 1978
المؤرخ في 26 جــــــــــــانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة
الطوارئ.
يخول اإلعالن عن حالة الطوارئ للوالي في
المناطق المشار إليها بالفصل الثاني أعاله وبحسب ما
تقتضيه ضرورة األمن أو النظام العام في ما يلي:
.1 منع جوالن األشخاص والعربات. .2 منع كل إضراب أو صد عن العمل حتى ولو تقرر قبل
اإلعالن عن حالة الطوارئ.
.3 تنظيم إقامة األشخاص. .4 تحجيـــــــر اإلقامة على أي شخص يحاول بأي طريقة
كانت عرقلة نشاط السلط العمومية. .5 اللجوء إلى تسخير األشخاص والمكاسب الضرورية
والنشاطات ذات
لحسن سير المصالح العمــــــــومية
المصلحة الحيوية بالنسبة لألمة.
المبحث الثاني:
أغراض الضبط اإلداري ووسائله
و حدوده.
سيقــــع التعرض الى أغراض الضـــــــبط اإلداري {الفقرة األولى} و وسائل وأساليـــــــــــــــــــــــب الضبط اإلداري {الفقرة الثــانية} و حــــــــــــدود الضبط اإلداري
{الفقرة الثــــــالثة.}
الفقرة األولى : أغراض الضبط اإلداري
يمكن تصنيف أهداف الضبط اإلداري إلى أهداف
تقليدية وأهداف حديثة.
حيث تنحصر األهداف لدى الفقه التقليدي في إقرار النظام العمومي في الدولة وصيانة وإعادته إلى الحالة
الطبيعية أو اختل , لكن الفقه الحديث قد أوجد أهدافا جديدة ال يزال البحث فيها غير متطور ويتجلى بصورة خاصة في كل من النظام االقتصادي و النظام الجمالي أو الرونقي
للمدينة فاصبحث هذه األهداف الحديثة {ب} إلى جانب
{أ} محاال لتدخل سلطة الضبط
األهداف التقليدية
اإلداري.145
أ – األهداف التقليدية:
و هي: -1السكينة : يقصد بها على السلطات المختصة في
الضبط اإلداري المحافظة على حالة الهدوء و السكون في
الطرق و األماكن العمومية في أوقات النهار و الليل وذلك باتخاذ كل اإلجراءات الالزمة حتى ال يتعرض المواطنين لمضيقات الغير بهذه األماكن و إزعاجهم في أوقات الراحة بالضوضاء التي تسببها األصوات المقلقة مثل مكبرات
الصوت , األجراس , وضوضاء االحتفاالت …الخ….
-2األمن العام : يقصد باألمن العام استتبــــاب األمن و النظام في المدن والقرى واألحياء بما يحقق االطمئنان لدى الجمهور على أنفسهم وأوالدهم وأغراضهم وأموالهم من كل خطر قد يكون عرضة له , من أخطار الكوارث العامة والطبيعية كالحرائق و الفيضانات و الزالزل وغيرها , لدى تعين على السلطة العامة توفير كافة اإلمكانية واتخاذ كل اإلجراءات لضمان اآلمن العام
لألفراد في الضر وف العادية واالستثنائية.
-3 الصحة العمومية : ويتمثل موضوعها في
النظافة العمومية أو في صيانة الصحة العمومية بالمعنى الواسع للعبارة و يتحدد مجالها بالسهر على نظافة األماكن
145توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة،ص 6
و الشوارع العمومية وميادين العمل ومراقبة نظافة المياه الصالحة لسرب ونظافة المأكوالت المعروضة للبيع كما يتحدد مجالها في نظافة النباتات القديمة و الجديدة ونظافة المؤسسات الصناعية و التجارية ومحاربة األمراض المعدية وتحسين الضر وف الصحية و العالجية للمواطنين من سائل للتطعيم واألدوية…الخ … وكذلك إجراءات لتحقق من سالمة صحة األشخـــاص الوافدين من الخارج
و السلع المستوردة .
ب-األهداف الحديثة:
كما سبق القول فقد ارتبط مفهوم النظام العمومي بمفهوم الدولة السائد في مكان ما وزمان ما فالدولة القديمة أي الدولة الحارسة كانت قائمة على معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية خاصة تحتاج إلى نظام عمومي خاص يخدم مصالحها ويحقق أهدافها ولما
’ فقد تطور معها
الدولة الحديثة أصبحت تدخلية
تطورت
مفهوم النظام العمومي واصبح مضمونها ال يعطي فقط السكينة واآلمن العمومي والسالمة العمومية والصحة العامة, بل توسع ليشمل مجاالت أخرى مثل النظام العمومي االقتصادي واالجتماعي وكذلك النظام العمومي
الجمالي أو الرونقي للمدينة.146
الفقرة الثانية: وسائل وأساليب الضبط اإلداري
تمارس هيئات الضبط اإلداري اختصاصها في إقامة
النظام العام ووقاية من أي تهديد ، وذلك عن طريق ما تملكه من وسائل و سلطات تخولها اتخاذ تدابير ضبطية و تتمثل في القرارات التنظيمية و القرارات الفردية والتنفيذ
146توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة،ص .65
الجبري (اللجوء إلى القوة المادية) إذا توفرت شروط
إعمالها.
و تتمثل هذه الوسائل في الوســـــــــائل المادية {أ}
و الوسائل البشرية {ب} والوائل القانونية {ج.}
أ- الوسائل المادية :
ويقصد بها اإلمكانية المادية المتاحة لإلدارة بغرض
ممارسة مهام الضبط كالسيارات والشاحنة وعلى العموم
كل آلة أو عتاد تمكن اإلدارة من ممارسة مهامها.
ب- الوسائل البشرية :
وتتمثل في أعوان الضبط اإلداري المكلفين بتنفيذ القوانين والتنظيمات كرجال الحرس والشرطة الوطنيين
والشرطة البلدية.147
ج-الوسائل القانونية :
ال تتم ممارسة إجراءات الضبط من جانب اإلدارة إال وفقا لما حدده القانون وبالكيفية التي رسمها وبالضمانات التي كفلها , فرئس الجمهورية عندما يمارس بعض اإلجراءات الضبطية إنما يستند في ممارسة لهده الصالحية على الدستــــــــــــــــــور , وكذلك يباشر الوالي
إجراءات الضبط…. مهما تعددت هيئات الضبط إال أن
الوسائل القانونية يمكن حصرها فيما يلي:
147ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
-1 إصدار القرارات:
وهي عبارة عن قرارات تنظيمية تصدر عن اإلدارة في شكل مراسيم أو قرارات يكون موضوعها ممارسة الحريات العــــــامة و ينجم عن مخالفتها جزاءات تحددها
النصوص …
وتتخذ القرارات بدورها أشكـاال كثيــرة منها الحظر
أو المنع والترخيص…الخ
-2 استخدام القوة :
األصل هو امتثـــــــــــال األفراد لقرارات اإلدارة
وخضوعهم إليها ، غير أنه وفي حاالت معينة يجوز
استعمال القوة لمنع نشاط معين لم يخضع منظموه للقوانين
و التنظيمات كما لو أراد األفراد إقامة مسيرة معينة ولم
يقدموا طلبا لإلدارة بذلك أو كان طلبهم قد رفض وتعتمد اإلدارة في اللجوء إلى للقوة على إمكانيتها المادية
والبشرية لصد كل نشاط يؤدي إلى المساس بالنظام العام.
الفقرة الثالثة: حدود الضبط اإلداري
ان ترك سلطات الضبط أو البوليس اإلداري بدون
حدود يؤدي إلى المساس بحقوق وحريات األشخاص وهنا يظهر واضحــــــا الصراع ضرورات النشــــاط اإلداري ونشطات األشخـــــــاص الواجب احترامها فهو الصراع
التقليدي بين السلطة و الحرية .
وبتالي فان سلطات الضبط ليست مطلقة أي بدون
حدود بل هي مقيدة بعدة قيود تحقق في مجموعها عملية
التوازن بين سلطات الضبط اإلداري الهادفة إلى إقامة
النظام العمومي والمحافظة عليه وبين مقتضيات حماية
الحقوق و الحريات.148
و سنتعرض الى هذه الحدود في الظروف العادية
{أ} و في الظروف االستثنائية {ب.}
اإلداري في الظروف
حدود سلطات الضبط
-أ
العادية :
في الظروف العادية تتقيد سلطات الضبط اإلداري
باحترام مبداء المشروعية من ناحية وخضوعها لرقابة
القضاء من ناحية أخرى.
-1 احترام مبدأ المشروعية :
ويقصد به بمبد المشروعية خضوع سلطة الضبط
اإلداري للقانون في كل ما يصدر عنها منة تصر وفات
وما تتخذه من أعمال وقرارات وفي جميع مظاهر النشاط إلى تقوم به . ويترتب على ذلك بطالن أي تصرف أو إجراء تتخذه سلطة اإلدارة يخالف القانون أو يخرج على
قواعده الملزمة.
-2 خضوع سلطات الضبط اإلداري للرقابة :
تمارس هده الرقابة أما أمام القاضي الذي يبث في
المسائل اإلدارية سابقا أمام القاضي اإلداري حاليا أما أمام القاضي الذي يبث في المسائل العادية سابقا القاضي
العادي حاليا.
148ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.97 ص ،.1994
ب- اتساع سلطة الضبط اإلداري في الظروف
االستثنائية :
كثيرا ما تحدث ظروف استثنائية غير عادية , مثل
الحرب أو الكوارث الطبيـــــــــعية أو انتشار وباء ال تكفي السلطـــــات الممنوحة لإلدارة في الظروف العــــــــادية لمواجهتهــــــا, مما يتطلب إعطائها سلطات أوسع لمواجهة هذه الظروف, ويراقب القضاء اإلداري سلطة الضبط في أثناء الظروف االستثنائية بطريقة مختلفة عن رقابته لها
في ظل الظروف العادية.149
و رغما عن كل القيود التي يفردها الضبط اإلداري
أو البوليس اإلداري على حريات األفراد فإنه في النهاية يقوم على خدمة هؤالء األفراد بالحفاظ له على النظام العام الذي تعود فائدته على الجميع فلما كانت مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة هنا يمكن أن نقول أن الضبط اإلداري نعمة على الفرد, فحدود حريات الفرد تنتهي عند بداية حريـــــــــات اآلخرين, فالضبط اإلداري هو عصب السير
الحسن لنظام العام.150
149ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
..99 ص ،.1994
150عبد الغني بسيوني عبد هللا، القانون اإلداري، د. ط.، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
.41 ص ،.1991
لإلدارة
الجزء الثاني: األعمال القــــــانونية
تقوم االدارة بنوعين من االعمال تتمثل االولى في تصرفات مادية تسعى من خاللها الى تحقيق المصلحة العامة و ال تولد التزامات اال بصفة غير مباشرة عندما تتسبب في اضرار للغير. و تتمثل الثانية في اعمال قانونية
أوجه
تتمثل في وضع جملة من القواعد لتظيم مختلف
النشاط االداري.
و قد تصدر األعمال القانونية عن اإلرادة المنفردة
لإلدارة فينشا ما يعرف بالعمل اإلداري االنفرادي أو
القرار االداري {المبحث األول} و قد يصدر عن التقـــــاء
أو خاصة- فينشا
– إرادة عمومية و أخرى عامة
إرادتين
حينئذ ما يعرف بالعقد االداري {المبحث الثاني.}
المبحث األول: القرار اإلداري
تعتبر المهمة األساسية للدولة، هي تحقيق المصلحة
العامة، وهي وظيفة اجتماعية كبرى ال يتم بلوغها إال في نطاق دولة الحق والقانون والمؤسسات، فإذا كان دور الدولة قديما يتمثل في ضمان االستقرار واألمن داخل المجتمع، فإنها اليوم وعلى عكس دلك، وتقديرا لجسامة المهام الملقاة على عاتقها، تحتاج إلى مجموعة من الوسائل تستعين بها للقيام بهذه المسؤولية، على أحسن وجه، فهذه الوسائل قد تكون ذات طابع مؤسساتي، وقد تكون ذات طابع إنساني يتكون من مجموعة من األشخاص، وقد
تكون ذات طابع قانوني تمكنها من القيام ببعض التصرفات
واألعمال، قد تكون قرارات إدارية أو عقود إدارية.
وبعبارة أخرى فالقانون عهد للسلطة اإلدارية امتيازات هامة تتمثل أساسا في إصدار القرارات اإلدارية تنظيمية كانت أم فردية ترمي إلى تحقيق أهداف القانون
في المجتمع وهي العدالة والمصالح العامة للجماعة.
وأيضا المصالح الخاصة لألفراد حسب األحوال.
فهذه االمتيازات تخول لإلدارة درجة أعلى من الفرد وغير متساوية له بحيث تنفذ قراراتها طواعية أو إكراها كحقها في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة واالستيالء المؤقت على العقارات وحقها في االلتجاء القهري
والمباشر دون السعي إلى المحاكم وانتظار صدور حكم
باإلضافة إلى تنفيذ القوانين والمحافظة على النظام
العام.151 والقرارات اإلدارية هي األعمال القانونية التي تتدخل اإلدارة بواسطتها، وذلك بهدف تنظيم الحياة داخل المجتمع، تحدوها في ذلك غاية أسمى تتمثل في تحقيق المصلحة العامة، وتتميز هذه القرارات بكونها وسيلة تستعملها انطالقا من إرادتها المنفردة، حيث تقوم بسن أعمال بمحض إرادتها وتترتب عليها حقوق وواجبات وال يتطلب دخولها حيز التنفيذ توفر رضاء األفراد أو الجماعات المعنية بها، وذلك نظرا لكونها تقوم على أساس ما يخوله التشريع لإلدارة من صالحيات غير مألوفة في
القانون العادي.
151ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.78 ص ،1994
بيد أن أوجه تحقيق هذا النشاط ال ينحصر فقط في تلك االمتيازات التي تعطي لإلدارة الحرية في التقدير بمحض اختيارها، فالمصلحة العامة قد تقتضي تدخلها من عدمه وفي حالة تدخلها وفق أي الوسائل تقوم بذلك وتمتد كذلك لتشمل ما يفرضه المشرع على اإلدارة من قيود ترد على حريتها في تحديد أساليب ممارسة نشاطها فتحرم بعض األساليب عليها وتشترط بصدد موضوع ما اتخاذ إجراءات معينة ال تستطيع أن تحيد عليها وهي قيود يقصد المشرع منها الحد من حرية اإلدارة وسلطاتها وبين حقوق وحريات األفراد، عالوة على حماية األفراد من تحكم
اإلدارة واستبدادها وتحيزها.
وبالتالي فالقرارات اإلدارية خاضعة للسلطة التقديرية واالختصاص المقيد اللتان يجب التوفيق بينهما
لتحقيق الصالح العام.152
ويجمع الفقه في هذا الخصوص أنه ال يوجد قرار
إداري تنفرد اإلدارة بتحديد وتقدير مجمل عناصره، بل هناك بعض الجوانب التقديرية المختلفة باختالف موضوع القرارات اإلدارية الخاضعة لتقدير ورقابة القضاء، ألنه يخشى أن تتجاوز اإلدارة دائرة حدودها فتتجاوز في استخدام امتيازاتها لغير صالح األفراد، ومن هنا بدت الضرورة على مراقبة نشاط اإلدارة حتى ال تنصرف عن حدود سلطتها واختصاصاتها وذلك تأسيسا على مبدأ المشروعية الذي أصبح من المبادئ األساسية إلقامة دولة الحق والقانون، ويعتبر هذا المبدأ ضربا من ضروب
التفكير النظري المجرد ما لم تتوفر الضمانات الكفيلة
152ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.79 ص ،1994
لحمايته ومن أهمها رقابة القضاء على القرارات الصادرة
عن اإلدارة.
فالفرد عليه أن ال يلتزم الصمت عن كل قرار إداري مضر بمركزه القانوني ألن ذلك يكرس انعدام المشروعية ويشجع رجل اإلدارة الذي يعتبر المستفيد الوحيد من هذه
الوضعية في االستمرار في تعنته وشططه ولهذا فمن
مصلحة الفرد المتضرر أن يكون واعيا بحقوقه وأن يرفع دعوى اإللغاء بسبب تجاوز السلطة عندما يصاب بضرر
من شأنه إعدام القرار الغير المشروع.
ومن واجب القاضي أيضا أن يحرص كل الحرص أن تستهدف اإلدارة من وراء القرار المتخذ تحقيق المصلحة العامة بل قد يتحمل مسؤولياته في إقامة عدالة موازية بين امتيازات اإلدارة من جهة وحقوق األفراد
وحرياتهم من جهة أخرى.153
ان دراسة القرار اإلداري يقتضي تحديــــــد ماهيته {الفقرةاألولى} وأركـــــــــانه {الفقرة الثانية} و أنـــواعه {الفقرة الثالثة} و نشأته {الفقرة الرابعة} ونفــــاذه {الفقرة الخامسة} وأثاره القانونية {الفقرة السادسة} وأخيرا طرق
انهائه {الفقرة السابعة}
الفقرة األولى: ماهية القرار اإلداري
يعتبر القرار اإلداري من أهم الوسائل القانونية التي
تستخدم اإلدارة لممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها، لذا فهو يحتل مكانا بارزا في المؤلفات العامة باعتباره أحد موضوعات القانون اإلداري الهامة ومجاالت خصبا للعديد
153ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.88 ص ،1994
من األبحاث والدراسات الخاصة المتعمقة في فقه القانون العام، فالقرار اإلداري أهم مظهر من مظاهر السلطة التي تتمتع بها اإلدارة وتستمدها من القانون العام ويرجع ذلك لكون اإلدارة تمثل الصالح العام، وتهدف باألساس تحقيق المصلحة العامة، فهو يتميز بكونه وسيلة تستعملها انطالقا من إرادتها المنفردة حيث تقوم بسن أعمال بمحضر إرادتها وتترتب عليها حقوق وواجبات وال يتطلب دخولها حيز التنفيذ توفر رضا األفراد أو الجماعات المعنية بها وذلك نظرا لكونها تقوم على أساس ما يخوله التشريع
لإلدارة من صالحيات غير مألوفة في القانون العادي.154
إن هذه األعمال تهدف إلى تحقيق أغراض متعددة
منها ما يهدف إلى إلغاءه ومن تم تسميتها بالقرارات
االنفرادية أو القرارات التنفيذية.
إن الهدف من تحديد القرار اإلداري هو معرفة
طبيعة النشاط الذي تمارسه اإلدارة باعتباره عمال تلعب فيه هذه األخيرة دورا رئيسيا، فاإلدارة ال تقتصر مهمتها على القيام بنوع معين من األعمال، ذلك أن نشاطها يتنوع حسب األهداف والمجاالت، وكذلك حسب األطراف المعنية بهذا النشاط، وهذا التنوع في النشاط اإلداري
ينعكس بالضرورة على القرارات التي تتخذها اإلدارة،
وذلك من حيث طبيعتها وكذا نظامها القانوني.
و القرار اإلداري يقتضي تعريــــــفه {أ} و تحديد
مميزاته {ب.}
أ- تعريف القرار اإلداري:
154توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .96
لم يضع المشرع اإلداري تعريفا معينا للقرار
اإلداري، ولهذا كان المجال رحبا الجتهادات الفقه والقضاء اإلداريين في محاولة لوضع تعريف جامع للقرار
اإلداري.
تعددت التّعريفات الفقهية لهذا األخير حيث عرفه الفقيه دوجي“Duguit” باعتباره كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل األوضاع القانونية كما هي قائمة وقت
صدوره أو ما ستكون في لحظة مستقبلية .”
: ” إعالن
بأنّه
وعرفه الفقيه“HAURIOU“
لإلدارة بقصد إحداث أثر قانوني إزاء األفراد يصدر عن سلطة إدارية في صورة تنفيذية أو في صورة تؤدي إلى
التّنفيذ المباشر.”
بأنّه: “العمل
ّرفه األستاذ “JeanRivero“
كما ع
الذي من خالله تستعمل اإلدارة سلطتها بصفة انفرادية
لتغيير األوضاع القانونية.”
لقد استقر كل من الفقه والقضاء اإلداريين على تعريف القرار اإلداري أيا كان نوعه على أنه عمل قانوني نهائي صادر باإلدارة المنفردة والملزمة لجهة اإلدارة العامة الوطنية، بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واألنظمة، وفي الشكل الذي يتطلبه القانون، بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء حق أو التزام قانوني معين متى كان ذلك
ممكنا أو جائزا قانونا وابتغاء المصلحة العامة.155
القرار اإلداري يتميز
ويستفاد من هذا التعريف أن
بالخصائص التالية:
155ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
-1 القرار اإلداري هو عمل قانوني:
وهذا الركن يعني أن القرار اإلداري يقوم على تعبير
اإلدارة عن إرادتها بقصد ترتيب أثر قانوني وهذا األثر القانوني قد يكون : حالة قانونية جديدة أو تعديل مركز
قانوني قديم أو إلغاؤه.
وبهذا يختلف العمل القانوني الصادر من جانب
اإلدارة عن العمل المادي في محل العمل المادي يكون دائما واقعة مادية أو إجراء مثبتا لها دون أن يقصد به
تحقيق آثار قانونية معينة…
فالعمل المادي الصادر عن اإلدارة يكون في الغالب (واقعة مادية) دون أن يتجه قصدها إلى إحداث أثر قانوني
وبالتالي تعتبر مثل
–أي إنشاء حقوق والتزامات جديدة-
هذه األعمال قرارات إدارية….
ومن أمثلة األعمال المادية الصادرة من جانب اإلدارة والتي تعتبر أعماال قانونية، تسوية أوضاع الموظفين وفقا لنظام معادلة الشهادات الدراسية ألن عمل
اإلدارة هنا كاشفا وليس منشئا لمركز قانوني، وتسليم
الترخيص الصادر بممارسة نشاط معين لصاحبه بعد
صدور قرار بمنحه.156
-2 القرار اإلداري عمل قانوني من جانب واحد:
فالقرار اإلداري أيا كان نوعه هو عمل قانوني يصدر بإرادة اإلدارة المنفردة… وهذا العنصر هو أساس التفرقة بين القرار اإلداري والعقد اإلداري، ذلك أن العمل القانوني في العقد ال يظهر أثره إال إذا تالقت إرادة اإلدارة وإرادة
الفرد أو الجهة المتعــــــــاقدة معها… في حين أن العمل
156توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .97
القانوني في القرار اإلداري يظهر أثره دون تدخل من جانب األفراد وبإرادة اإلدارة وحدها رضي األفراد أو لم
يرضوا…
ويشترط لتحقيق هذا العنصر من عناصر القرار اإلداري
أن يكــــون تعبير اإلدارة عن إرادتها الذاتية وليس تنفيذا
إلرادة إدارة أو سلطة أخرى.
-3 صدور القرار اإلداري من سلطة عامة:
استقر اجتهاد الفقه والقضاء اإلداريين على أن
القرار ال يعتبر قرارا إداريا ما لم يكن صادرا عن سلطة إدارية عامة، سواء كانت هذه السلطة مركزية أم ال مركزية، وبغض النظر عن طبيــــعة النشاط الذي تتواله وعليه ال يعتبر العمل أو التصرف الصادر من سلطة عامة أخرى غير إدارية كالسلطة التشريعية أو القضائية قرارا
إداريا…
ويقتضي هذا الشرط أن تكون السلطة اإلدارية العامة التي يصدر عنها العمل أو التصرف سلطة إدارية وطنية تطبق قوانين البالد وتستمد سلطتها منها بحيث يكون التصرف معبرا عن اإلرادة الذاتية لهذه الجهة
لوصفها سلطة عامة وطنية.
-4 صدور القرار اإلداري بإرادة اإلدارة الملزمة
بمالها من سلطة:
يعني صدور القرار اإلداري ابتداء تعبير اإلدارة
عن إرادتها المنفردة والملزمة سواء اتخذ هذا التعبير أو اإلفصاح عن اإلرادة موقفا إيجابيا، فيكون القرار في هذه الحال قرارا صريحا، أو اتخذ التعبير موقفا سلبيا، فيكون القرار في هذا الحالة قرارا سلبيا أو ضمنيا وأيا كانت صيغة التعبير عن إرادة اإلدارة إيجابا أو سلبا فإن
القرارات الصريـــــــــــــحة أو الضمنية يمكن الطعن بعدم مشروعيتهــــا على حد سواء ويشترط أن تكون السلطة الملزمة التي عبرت اإلدارة عنها بإرادتها المنفردة مستندة
إلى القوانين التي منحتها السلطة.157
-5 أن يكون القرار اإلداري نهائيا:
تعتبر “نهائية القرار” من الخصائص المميزة للقرار اإلداري، فالعمل أو التصرف الذي يصدر من اإلدارة مستوفيا الشروط السابقة، يتعين أن يكون متخذا صفة
تنفيذية دون حاجة إلى تصديق سلطة أعلى.
وقد كان هذا الشرط (نهائية القرار اإلداري) محل
خالف في الفقه اإلداري، إذ اعترض البعض على
استخدامها واقتراح استعمال كلمة “تنفيذي” بدال منها.
وأيا كان الخالف حول استعمال هذا االصطالح فإن هناك حدا أدنى من االتفاق على معنى نهائية القرار اإلداري يتمثل في صدور القرار من جهة خولها القانون أو النظام سلطة البث في أمر ما بغير حاجة إلى تصديق
سلطة أعلى.
وال تعتبر قرارات إدارية وفقا لشرط نهائية القرار- األعمال التحضيرية أو التمهيدية التي تسبق صدور القرار أو األعمال الالحقة لصدوره والتي ال تحدث بذاتها أثرا
قـــــانونيا كالتوصيـــــات، واالقتراحات، واالستيضاحات،
واآلراء التي تبديــــــها الجهات االستشارية والتحقيقات،
والمنشورات والتعليمات التي يصدرها الوزراء على أثر صدور القرارات يشرحون بها للموظفين األحكام الجديدة
157توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .98
التي تضمنها، وكيفية تنفيذها، شريطة أال تتضمن قواعد
جديدة.
وهكذا يتضح بناء على ما سبق بأن القرار اإلداري
هو انعكاس الختصاص أساسي تنفرد به السلطات
العمومية هذا االختصاص الذي يمكن اإلدارة بواسطته أن تعمل على خلق أوضاع قانونية جديدة أو تعديل األوضاع القانونية القائمة أو إلغائها ومعنى ذلك أن األمر يتعلق بإنتاج آثار قانونية تتمثل في منع الحقوق أو رفض
االلتزامات.
إن هذه الخصائص التي تتوفر عليها األعمال
االنفرادية هي التي تشكل القرارات اإلدارية، إذ هي التي تعتبر المعايير األساسية التي بمقتضاها يمكن تمييز هذه
القرارات عن األعمال اإلدارية األخرى.158
ب- معايير تمييز القرار اإلداري:
-1 من حيث غيره من األعمال:
يقتضي تحديد ماهية القرار اإلداري –باإلضافة إلى تعريفه- تمييزه عن األعمال القانونية المختلفة التي تخضع ألنظمة قانونية خاصة بها، إذ أن مثل هذه األعمال ال تخضع لرقابة القضاء اإلداري لصدورها من غير السلطة اإلدارية ويترتب على تمييز القرار اإلداري عن مثل هذه األعمال القانونية، فضال عن خضوعها أو عدم خضوعها لرقابة القضاء اإلداري تحديد االختصاص للجهة التي
تصدر عنها هذه األعمال وبالتالي تحديد مسؤوليتها عنها. وسنعرض في هذا الفرع للتميز بين القرار اإلداري وغيره من األعمال اإلدارية إضافة إلى القرار اإلداري من جهة
158توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .101
وكل من العمل التشريعي، والعمل القضائي، وأعمال
السيدة من جهة أخرى، وذلك وفقا للمعيارين الشكلي والموضوعي اللذين تفاوت األخذ بهما في الفقه والقضاء
المقارن.
– القرار اإلداري والعمل التشريعي:
تردد الفقه والقضاء اإلداريين بين معيارين للتمييز
بين القرار اإلداري والعمل التشريعي هما المعيار الشكلي
والموضوعي.
▪ المعيار الشكلي :
يقوم هذا المعيار على النظر إلى الجهة التي صدر عنها العمل أو التصرف بصرف النظر عن موضـــــوع العمل ومضمونه، فاألعمال التشريعية بحسب المعيار الشكلي هي األعمال الصادرة من البرلمان، بينما تعتبر
األعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية قرارات إدارية.
وبالرغم من بساطة هذا المعيار وسهولة تطبيقه في الواقع العملي، إال أن هذا المعيار تعرض لبعض المأخذ التي تمثلت في أنه يعتمد أساسا على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقضي بتحديد وظيفة لكل من السلطات الثالث التشريعية-التنفيذية في حين أن الواقع العملي وطبيعة العمل اإلداري المرنة والمتطورة تقتضي في
أحيان كثيرة التداخل بين وظائف واختصاصات
كل من السلطتين، وخاصة في الحاالت التي تصدر
فيها تشريعات عن السلطة التنفيذية. كما أن أعمال السلطة التشريعية ال تقتصر فقط على إصدار القوانين باعتبارها
قواعد عامة مجردة وإنما يوجد إلى جانب القوانين ما
يسمى باألعمال البرلمانية، كاإلعمال المتعلقة بالتنظيم
الداخلي للبرلمان كالقرارات الخاصة بتعيين موظفي البرلمان وترقيتهم وعالواتهم، والقرارات المتصلة برقابة البرلمان للسلطة التنفيذية سواء كانت ذات صبغة إدارية أو
كانت ذات صبغة مالية….159
▪ المعيار الموضوعي :
ويقوم هذا المعيار على النظر إلى مضمون العمل أو
التصرف نفسه، فإذا كان العمل أو التصرف منطويا على قواعد مكتوبة عامة ومجردة، اعتبر عمال تشريعيا بصرف النظر عن مصدر هذا العمل والشكل أو الصورة التي تجسد فيها واإلجراءات التي اتبعت في إصداره… إال أن هذا المعيار يصعب تطبيقه في الواقع العلمي للتمييز بين العمل التشريعي والقرار اإلداري، وذلك لصعوبة التمييز بين األنظمة والقوانين، وفقا لمضمونهما، إذ أن كال
منهما يتضمن قواعد عامة مكتوبة عامة ومجردة وملزمة،
رغم اختالفهما في مصدر كل منهما، وهذا يعني العودة
إلى المعيار الشكلي الذي يقوم أساسا على النظر إلى جهة اإلصدار وإجراءاته للتمييز بين العمل التشريعي والقرار
اإلداري.
– القرار اإلداري والحكم القضائي:
اختلف الفقه اإلداري، كما تردد القضاء اإلداري في
وضع معيار للتمييز بين القرار اإلداري والحكم القضائي
وظهر في هذا المجال معيارين : معيار شكلي، ومعيار
موضوعي.
▪ وفقا للمعيار الشكلي :
159توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .105
يكون العمل أو التصرف إداريا إذا صدر عن جهة
إدارية، بينما يكون العمل قضائيا متى كان صادرا عن السلطة القضائية، بصرف النظر عن مضمون هذا العمل ومحتواه، فالمعيار الشكلي يقوم على أن حكم القضائي هو
الذي يصدر من جهة منحها القانون وألية القضاء.160
▪ وفقا للمعيار الموضوعي :
يكون العمل أو التصرف إداريا أو قضائيا بحسب محتوى العمل وفحواه وليس بحسب الجهة التي يصدر عنها هذا العمل، فالمعيار الموضوعي يقوم على أن الحكم القضائي هو الذي يصدر في خصومه لبيان حكم القانون
فيها.
– القرار اإلداري وأعمال السيادة:
يقصد بأعمال السيادة األعمال التي تتصل بالسياسة
العليا للدولة، واإلجراءات التي تتخذها الحكومة بما لها من سلطة عليا للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج وعليه فإن أعمال الحكومة العادية التي ليس لها من األهمية الخطيرة–ما يرفعها إلى مرتبة األعمال المتعلقة بالسيــــــــــاسة العليــــا للدولة فال تعد من أعمال
السيادة.161
-2 من حيث األعمال اإلدارية األخرى:
160ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
161توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .111
من المعلوم أن األعمال االنفرادية الصادرة عن
السلطات اإلدارية ال تتوفر كلها على نفس القوة الحقوقية،
ومن ثم ضرورة التمييز بين نوعين من األعمال اإلدارية، فمن جهة، هناك األعمال االنفرادية التي تأخذ صفة القرار اإلداري ألنها تترجم إرادة السلطات اإلدارية في التأثير على األوضاع القانونية القائمة، سواء بالنسبة لألفراد أو
بالنسبة للجماعات، ومن جهة أخرى، هناك األعمال
االنفرادية التي تشكل مجرد إجراءات داخلية، وهي
األعمال التي وإن كانت تصدر عن اإلدارة بشكل انفرادي، إال أنها تشكل نشاطات ال ترمي من ورائها ترتيب حقوق أو فرض التزامات، مما يجعلها تختلف عن القرارات اإلدارية بما في الكلمة من معنى، حيث أنها تظل مفتقرة لبعض الخصائص األساسية التي تميز هذه األخيرة، فهذه األعمال ال ترتب أوضاعا قانونية جديدة أي أنها حسب تعبير الفقه اإلداري ال تلحق أضرارا نتيجة المس بالحقوق
أو فرض التزامات.
ويمكن أن نطرح هذه األعمال عبر مجموعتين
رئيسيتين، المجموعة األولى، وتتعلق بمجموع اإلجراءات الداخلية التي وإن كانت تنعت بالقرارات اإلدارية إال أنها تظل مفتقدة ألهم الخصائص التي يقتضيها هذا النعت أما المجموعة الثانية فهي تهم األعمال االنفرادية التي تعتبر
مجرد إجراءات تنفيذية.162
– اإلجراءات الداخلية التي لهـــــــــا صفة القرارات
اإلدارية: هناك بعض اإلجراءات الداخلية التي يكبفها كل من االجتهاد الفقهي واالجتهاد القضائي بكونها قرارات إدارية، لكنها ال تتمتع بنفس الوضعية القانونية التي تتمتع
162توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة
للحق، ط. 2، مؤسسة الثقافة الجامعية، االسكندرية، ص .124
بها هذه األخيرة، ويرجع ذلك أساس إلى كونها أعمال انفرادية ذات طابع مزدوج فهي من جهة، قرارات إدارية ألنها تهدف إلى التأثير على األوضاع القانونية لألفراد أو الجماعات، لكن االجتهاد القضائي يعتبر أن هذا التأثير هو غير ذي أهمية، ومن ثم فهو ال يستوجب خضوع هذا النوع من القرارات للطعن، ومن أمثلة على ذلك، يمكن اإلشارة إلى القرارات التي تتخذها إدارات المؤسسات التعليمية في حق التالميذ والرامية إلى تحقيق نوع من االنضباط داخل هذه المؤسسات، وذلك كفرض زي معين
على التالميذ أو منع زي معين عليهم.
ومن جهة أخرى، فإن القرارات اإلدارية ذات الطابع
الداخلي، لها قاسم مشترك مع اإلجراءات الداخلية األخرى، إذ هي التي تهدف إلى خلق نوع من التنظيم الداخلي لإلدارات المعنية، وبهذا المعنى فهي تعمل على ضبط التفاعالت الداخلية لهذه اإلدارات حيث أنها تعكس على تعبير الفقيه موريس هوريو “نوعا من الحياة الداخلية
لإلدارة” على أساس أن الغاية منها هي تحقيق النظام
الداخلي لإلدارات المعنية والموقف الذي تبناه االجتهاد
القضائي من خالل مجموعة من القرارات.
– األعمال التحضيرية:
قبل إقدامها على اتخاذ قرار ما في موضوع معين،
مثل الترخيص أو المنع، فإن اإلدارة تلجأ إلى القيام بمجموعة من األعمال ذات الصبغة التحضيرية، وذلك كأن تقوم بمراسالت للمعنيين باألمر تخبرهم بها بما سوف تقدم عليه، أو تلجأ إلى طلب استشارات من بعض الجهات اإلدارية األخرى. فما نالحظه من هذه األعمال هو أنها مجرد أعمال تحضيرية ليس من شأنها أن تؤثر على األوضاع القانونية القائمة، ومن ثم فإن ما تحتوي عليه من اقتراحات أو استعدادات ال يمكن أن يكون موضوعا
للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة، ألنه ال يؤثر في األوضاع القانونية للمعنيين باألمر وذلك بأن يلحق أضرار
بمصالحهم.163
– األعمال الالحقة:
وهي األعمال اإلدارية التي ال تشكل في حد ذاتها قرارات إدارية، بل مجرد إجراءات داخلية تتخذها اإلدارة
لتنفيذ نشاطها، أي أنها مجموع األعمال التابعة لنشاط
أصلي تقوم به اإلدارة، وبهذا المعنى فهي ليست قرارات إدارية بما في الكلمة من معنى، ألنها ال ترمي إلى التأثير بصفة مباشرة على األوضاع القانونية القائمة، وذلك بالعمل على تغييرها أو إلغائها، ومن ثم فهي ال تخضع
للمعنى بسبب الشطط في استعمال السلطة .
– المناشير والتعليمات: إن المتاشير هي مجموع التدابير اإلدارية ذات
الطابع الداخلي التي تعمل السلطات اإلدارية بمقتضاه على
ممارسة بعض نشاطاتها، ويتعلق األمر بالنشاطات التي ترتبط بسير اإلدارة مما يجعل طبيعتها تختلف حسب األهداف التي اتخذت من أجلها، فقد يكون الهدف من ممارسة هذه النشاطات هو تنظيم المرافق العامة لإلدارة كما قد يكون هو تفسير النصوص التشريعية أو التنظيمية التي ال يكون لها أي أثر بالنسبة للمواطنين، حيث إنها ال تهم إال إدارة وموظفيها في إطار ما يسمى بالسلطة
الرئاسية.
وانطالقا من هذا التحديد يمكن القول بأن المناشير هي إحدى الوسائل القانونية المستعملة في ممارسة النشاط
163سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .85
اإلداري، لكن هذه الممارسة ترتبط أساسا بما هو داخلي، حيث إن المناشير ستكون تلك االتصاالت التي بواسطتها يعمل المسؤول اإلداري، وعلى الخصوص الوزير، على إخبار مرؤوسيه ببعض المسائل اإلدارية على المستوى الداخلي، سواء تعلق األمر بتنفيذ المرافق العمومية أو
بتفسير التشريعات أو اللوائح المتعلقة بها.
وبهذا المعنى فإن المناشير قد تتضمن مجموعة من
المعطيات التي قد تأخذ شكل أوامر أو توجيهات أو وجهات نظر يوجهها الوزراء أو رؤساء المصالح إلى مرؤوسيهم، مما يجعلها ال تهم إال ما يجري داخل المصالح اإلدارية، وال تهم العالقات القائمة بين هذه األخيرة
والمواطنين.164
انطالقا مما سبق يمكن القول بأن المناشير هي
أعمال انفرادية نظرا لكونها تصدر عن اإلدارة بمفردها،
لكنها ال تعتبر قرارات إدارية بما في الكلمة من معنى، فالمنشور يهدف إلى تحقيق مجموعة من األهداف ال عالقة
لها باألوضاع القانونية القائمة، فهما ال يمنعان حقوقا وال
يفرضان واجبات، بل كل ما في األمر أنهما يشكالن وسيلة يعمل المسؤول اإلداري بواسطتها على توجيه أوامر أو
توصيـــــات أو شروحات ذات طابع داخلي إلى المصالح
الخارجية التابعة له، مما ينتج عنه أن المنشور أو التعليم يعكسان أساسا تلك العالقة القائمة بين السلطة العليا والمصـــــــــالح التابعة لها، في إطار ما يسمى بالسلطة
الرئاسية.
الفقرة الثانية : أركان القرار اإلداري.
164سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .88
لقيام القرار اإلداري وصحته من الالزم على األقل
توفر خمسة أركـــــان أو عنـــــــاصر متصلة بالسبــــب االختصاص، الشكل، المحل، الغاية، حيث يعتبر عنصر االختصاص والشكل من األركان الخارجية، أي المتصلة بالجانب الخارجي للقرار{أ}، فيما يعد كل من السبب والمحل والغــــــاية من األركان الداخلية المرتبطة بجوهر
القرار اإلداري {ب.}
األركان الخارجية لضمان شرعية القرار
-أ
اإلداري:
يعتبر الشكل واالختصاص الذي يتم وفقه التعبير عن إرادة اإلدارة من العناصر األساسية المتعلقة بأركان القرار
الخارجية، وفيهما يتم ترجمة مشروعية القرار الخارجية.
-1 االختصاص compétence La :
تقوم فكرة االختصاص على أساس صدور القرار
اإلداري من الشخص المختص قانونيا بإصداره ال من أي شخص آخر، وذلك طبقا لمبدأ التخصص. وعلى ذلك فإن القانون يعترف باختصاصات معينة لبعض األشخاص في بعض األمـــــاكن ولفترة محددة وهذا التحديد في صالح
اإلدارة والعمــــــــل اإلداري، وهو أيضا لخير األفراد،
فتخصص رجل اإلدارة في عمل معين يزيد من كفاءته فيما يخصص له ويحدد المسؤولية داخل اإلدارة كما يساعد على توجيه المواطنين إليه ألداء أعمالهم ويجنبهم
التعسفات الناشئة من تركز السلطات في أيدي القلة.165
ويمكن تحديد فكرة االختصاص بالعناصر التالية:
165ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
..85ص ،.1994
– عنصر شخصي يتعلق بتحديد أعضاء اإلدارة،
الذين يختصون بإصدار القرارات اإلدارية المختلفة.
– عنصر زماني يتعلق بزمــــــــان إصدار القرارات
اإلدارية وزمان سرياتها.
– عنصر مكاني يتعلق بالنطاق اإلقليمي الذي تنطبق
فيه القرارات اإلدارية.166
– العنصر الشخصي في تحديد االختصاص:
القاعدة أن يتم تحديد االختصاص بقانون أو بناءا على قانون، وعلى العضو اإلداري المنوط به إصدار
القرار اإلداري أن يلتزم حدود االختصاص المرسوم، والغالب أن ينص القانون صراحة على عضو اإلدارة الذي
يملك ممارسة االختصاص، ولكنه أحيانا ينظم بعض
االختصاصات ويعهد بها إلى إدارة معينة، فيكون ممثل هذه اإلدارة أو رئيسها هو المختص بإصدار القرارات التي تدخل في تلك االختصاصات. وإذا كان من الواجب على كل سلطة إدارية أن تمارس االختصاص للمسند إليها فإن
هذا المبدأ ينبغي مع ذلك أن يترك المجــــــــــــال أمام
الضروريات العملية التي تسمح لبعض السلطات بالتخلي عن جزء من المهام الموكول إليها أمر االضطالع بها وذلك عن طريق التفويض مع العلم أن التفويض باعتباره استثناء من مبدأ الممارسة الشخصية لالختصاص يجب أن يكون مقررا أو كيفما كان الحل بين عام يعادل على األقل مستوى النص الصادر بإسناد االختصاص، والتفويض
نوعان تفويض االختصاص وتفويض اإلمضاء.
166سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .89
ويتجلى تفويض االختصاص في أن تعهد السلطة
المفوضة إلى سلطة مفوض لها بضوء من اختصاصاتها.
وهكذا يرتبط التفويض بالوظيفة بصرف النظر عن صاحبها ويعمل به حتى في حاالت الحلول محل الموظف المعين، وبهذا يكتسي تفويض االختصاص صيغة مستمرة ويبقى معموال به ما لم يقع سحبه مع العلم أن المفوض ال يجوز له خالل مجموع هذه المدة ممارسة االختصاصات المفوضة، أما األعمال التي يقوم بها المفوض له في دائرة التفويض فتبقى مرتبطة به وتحتل في تدرج األعمال مكانة تطابق مكانة المفوض له، وتجدر اإلشارة أن تفويض االختصاص أو السلطة يجب أن يكون جزئيا ذلك أنه إذا كان كليا فهو ال يعتبر تفويضا بل تنازال من جانب هذه السلطة، باإلضافة إلى هذا يجب أن يستمد تفويض السلطة من نص قانوني صريح. كما أن قرار التفويض ينبغي أن
ينشر في الجريدة الرسمية.
أما تفويض اإلمضاء أو التوقيع هو ال يغير توزيع االختصاصات، ويقتصر دوره على مجرد توقيع المفوض إليـــــــــــه أو إمضاءه على بعض القرارات الداخلية في اختصاص األصيل، ولحسابه وتحت رقابته، فهو مجرد عمل ماديا حيث يوقع المفوض إليه على وثيقة يسبق أن
أعدها األصيل.167
ويتميز تفويض االمضاء بالخصائص التالية:
– يجب أن ينطلق من قاعدة قانونية.
– ال يسمح للسلطة المفوض لها بالتوقيع على
القرارات المسندة إليها بحكم التفويض.
167سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .95
وبما أن هذا التفويض مستمد من شخص فإن العمل
به ينتهي تلقائيا متى تغير شخص المفوض أو المفوض له.
وأخيرا يعتبر تفويض اإلمضاء محدودا في مداه
حيث أنه يجوز للسلطة أن تفوض إمضاءها بالنسبة لجميع القرارات المتعلقة بالمصالح الراجعة الختصاصها باستثناء
المراسيم والقرارات التنظيمية.
وتجدر اإلشارة أن االختصاص يعتبر من الشروط
الجوهرية لصحة القرارات وإذا تخالف هذا الشرط يعتبر
القرار باطال.
وفي جميع األحوال فإن عيب عدم االختصاص
يعتبر من العيوب المتعلقة بالنظام العام لكل ما يترتب على هذا التعلق من نتائج، وبخاصة من حيث جواز الدفع به في أية مرحلة كانت عليه الدعوى، أو من حيث جواز إتارته
تلقائيا من طرف المحكمة.
– العنصر الزمني في تحديد االختصاص:
مبدئيا ال يمكن للسلطة اإلدارية أن تتخذ قرار
اإلخالل المدة التي تزاول فيها عملها الشيء الذي يمنع معه على سبيل المثال اتخاذ قرارات سابقة ألوانها أو قرارات ذات أثر رجعي أو خالل انتهاء مدة مهامها، لكنه في بعض المجاالت يعتبر انقضاء المدة القانونية غير مؤدي لزوال االختصاص بصفة نهائية. وهذا ما يمكن حدوثه أثناء استقالة الحكومة أو إقالتها بحيث تظل هذه األخيرة تزاول صالحيتها ومهامها العادية والمستعجلة
ريثما تتألف حكومة جديدة تستند إليها مأمورية تسيير
شؤون الدولة.168
– العنصر المكاني في تحديد االختصاص:
يعتبر مفهوم هذا االختصاص واضحا للغاية حيث أن السلطات اإلدارية تمارس اختصاصاتها في إطار جهوي أو ترابي معين، وهكذا نجد أن السلطات الحكومية تتمتع باختصاص على الصعيد الوطني بينما نجد أخرى كرؤساء
المصالح الخارجية تمارس اختصاصها في دائرة محدودة. ويترتب عن تجاوز السلطة اإلدارية، الرقعة الترابية المحددة لها بحكم القانون لممارسة اختصاصاتها بطالن
قراراتها.
وتبعا لذلك يمكن تعريف االختصاص بأنه “السلطة أو الصالحية التي يتمتع بها مصدر القرار في إصدار
والزمانية التي
قراره في الحدود الموضوعية والمكانية
بينها القانون.”
ومخالفة قاعدة االختصاص في إصدار القرار اإلداري تشكل عيبا مستقال وقائما بذاته. يحق بمقتضاه للسلطة القضائية المختصة إثارته والبث فيه من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصوم ألن عيب االختصاص هو
العيب الوحيد المتصل بالنظام العام.
: La Forme الشكل-2
إذا كان القرار اإلداري هو تعبير عن إرادة اإلدارة
الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني معين. فإن ذلك يجب أن يتم بالشكل الذي يتطلبه القــــــــــانون. وتحدد الشكليات
168سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .95
بالنصوص التشريعية والتنظيمية ويساهم القضاء بدوره
في وضعها مستلزما المبادئ العامة للقانون.
وتتمتع اإلدارة بسلطة تقديرية في اختيار الشكل المناسب لقراراتها اإلدارية فتكون مكتوبة أو شفوية. ماعدا في الحاالت التي ينص فيها القانون على ضرورة إصدار بعض أنواع القرارات بشكل معين. كوجوب استشارة هيئة
معينة قبل اتخاذ القرار.
ب- األركــــــــان الداخلية لضمان شرعية القرار
اإلداري:
تتمثل األركان الداخلية للقرار اإلداري في السبب والمحل والغاية، وهي عناصر تظهر فيها السلطة التقديرية على خالف األركان الخارجية التي تكون في الغالب مقيدة
وال مجال للتقدير فيها.169
: Le Motif السبب -1
يعرف الدكتور سليمان محمد الطماوي السبب بأنه : “حالة واقعية أو قانونية بعيدة عن رجل اإلدارة ومستقلة عن إدارته، تتم فتوحي له بأنه يستطيع أن يتدخل وأن يتخذ
قرارا ما.”
واشتراط السبب لكل عمل إداري قاعدة منطقية. وتمثل قيدا مهما على اإلدارة وضمانة مهمة لحماية
األفراد من تعسف اإلدارة، ذلك أنه إذا عملت اإلدارة على
إصدار قرار إداري غيره مؤسس على سبب قـــــــانوني أو مادي. كان تصرفها خاطئا في تطبيق القانون على
169سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .83
الوقائع بعيب السبب وهو عمل غير مشروع يمكن الطعن
فيه بدعوى اإللغاء.
: L’Objet المحل-2
محل القرار اإلداري هو موضوع القرار وهو األثر
القانوني الذي يترتب عليه حاال ومباشرة ويكون ذلك بالتغيير في المركز القانوني، سواء باإلنشاء أو بالتعديــــل
أو اإللغاء.
_باإلنشاء :
كصدور قرار إداري يقضي بتعيين موظف في وظيفة معينة، فمحل ذلك القرار هو وضع ذلك الموظف في الجهة التي ثم تعيينه فيها أو تخويله ممارسة مجموعة
معينة من االختصاص يحددها القانون.
_ بالتعديل :
كصدور قرار إداري يقضي بترقية موظف في
وظيفة معينة، فمحل ذلك القرار هو نقل ذلك الموظف من وظيفة معينة على درجة معينة إلى وظيفة أخرى على
درجة أقل.170
_باإللغاء :
كصدور قرار يقضي بفصل موظف من وظيفة معينة، فمحل ذلك القرار هو إلغاء العالقة القانونية القائمة بين ذلك الموظف وبين جهة اإلدارة، وكصدور قرار إداري يقضي بإغالق أحد المحالت التجــــــــــارية المقلقة للراحة العامة، فمحل ذلك القرار هو توقف نشاط ذلك
170سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .82
المحل سواء بصفة دائمة أو مؤقتة حسب ما ينص عليه
القرار.
وهكذا فمحل القرار هو جوهره بل أن األركان األخرى تعد فقط أركانا مساعدة أو معاونة لكي يخرج
المحل إلى حيز الوجود في صورته القانونية السليمة.
ويشترط في المحل أن يكون متعينا أي يكون المحل قابال للتعيين مادام قد تضمن كافة العناصر الالزمة لتحديده
كما يشترط أن يكون المحل ممكنا حيث ينبغي أن يكون
تحقيق المحل في مقدور اإلدارة، كما يشترط أن يكون
األثر القانوني للقرار اإلداري جائزا وقانونيا بحيث أن
يحترم التدرج العام للقواعد القانونية من حيث سموها الواحدة تلو األخرى فإذا صدر قرار إداري ال يراعي تلك
القواعد اعتبر باطال أي أن المحل ال يقابله شرط على أن
غير مخالفة القانون في القرار اإلداري ال يترتب عليه في غالب األحيان انعدام القرار بل عدم مشروعيته كما لو اشترط القانون شروط معينة في العامل لم تكن متوفرة في من صدر القرار بتعينه : ففي هذه الحالة يكون القرار معيبا في محله ولكنه ال يكون منعدما، فمشروعية المحل شرط من شروط صحة القرار أما وجود المحل فهو ركن
من أركان القرار.
-3الغاية But Le :
ويقصد بالغاية الهدف النهائي الذي يستهدف مصدر
القرار اإلداري تحقيقه من إصدار القرار. وعليه وعلى سبيل المثال تكون غاية القرار اإلداري التي تتخذها
السلطات المشرفة على المرافق العامة إشباع الحاجيات، وتقديم خدمات تحقيقا للمصلحة العامة، فإذا استهدفت
تحقيق ذاتي، أو مصلحة خاصة يصبح عملها اعتداءا ماديا
قابال لإللغاء أمام القضاء اإلداري.171
ومفهوم المصلحة العامة لما كان غير محدد فإن
التي
ليحدد للعاملين بالمرافق العامة الغاية
المشرع يتدخل
عليهم تحقيقها بذاتها، فالبحث عن غيرها يؤدي إلى بطالن قراراتهم بموجب إساءة استعمال السلطة بمقتضى ما يسمى بمبدأ تخصيص األهداف والغايات، واألصل أن تتمتع األعمال اإلدارية بحجة المشروعية والصحة إذ يفترض فيها جميعها السعي وراء تحقيق المصلحة العامة فكل عمل إداري يهدف إلى تحقيق غاية معينة والقرار اإلداري ما هو إال وسيلة لتحقيق هذه الغاية التي تكون
دائما مصلحة عامة أو منفعة عامة.
الفقرة الثالثة : أنواع القرارات اإلدارية
ال تعتبر القرارات التي تصدر عن مختلف األجهزة
اإلدارية من نوع واحد بل أنها رغم اشتراكها في ماهيتها
وعناصرها تختلف فيما بينها سواء مضمونها أو في شكلها. األمر الذي أدى بالفقه إلى تصنيفها إلى فئات متعددة، وليست لهذه التصنيفات أهمية نظرية بل لها أيضا أهميتها من الناحية العلمية، وذلك الختالف آثار القرارات وفق التصنيفات التي تنتمي إليها أو التقسيمات التي تدخل
فيها.172
ويقوم هذا التقسيم انطالقا من محتوى القرار
اإلداري وموضوعه وإلى طبيعة اآلثار القــــــــانونية التي تحدثها القرارات، فالتقسيــــــم ينفذ إلى جوهر القرارات
171سامي جمال الدين، أصول القانون اإلداري، ج. 1، دار المطبوعات الجامعية،
اإلسكندرية، 1996، ص .75 172محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.79
وال يتوقف عند شكلها وواجباتها الخارجية، ويمكن تقسيم القرارات اإلدارية إلى أنواع مختلفة. استنادا إلى مداها او عموميتها {أ} وإنشائها {ب} ثم من حيث خضوعها لرقابة القضاء {ج}ومن حيث تكوينها {د} وأخيرا من
حيث اثارها بالنسبة لألفراد{ه.}
أ- القرارات اإلداريــــــــــــة من حيث مداها أو
فئتين : قرارات فردية }1{،
عموميتها:
ويمكن تقسيمها إلى
وقرارات عامة .}2{
-1 القرارات الفردية:
هي تلك القرارات التي تخاطب أفراد معنيين بدواتهم
أي تتعلق بأفراد معروفيين بأسمائهم وأشخاصهم ولو تعدد هؤالء األشخاص، فمثال على ذلك القرار الذي يصدر بخصوص تعيين أو ترقية عدد كبير من الموظفين يعينهم القرار بأسمائهم والقرار الذي يصدر من أجل منح درجات لعدد كبير من الموظفين يحددهم كذلك بأسمائهم. فكل قرار من هذه األمثلة يعتبر قرار إداريا فرديا أيا كـــــانت سلطة
إصداره.
-2 القرارات العامة أو الترتيبية:
وهي تتضمن قواعد عامة ومجردة وتصدرها
السلطات اإلدارية المختصة لكي نطبق على عدد غير معين وغير محدد من األشخاص، وال يمكن معرفة من سيطبق عليهم القرار بصورة مسبقة ذلك أن العمل أو التصرف التنظيمي صدر لكي يطبق على كل ما يوجد في مركز قانوني معين اتجاه اإلدارة العامة سواء حاليا أو
مستقبال .
ب- القرارات اإلدارية من حيث مدى خضوعها
للرقابة القضائية:
تنقسم قرارات السلطة التنفيذية من حيث خضوعها للرقابة القضائية إلى نوعين من القرارات: قرارات اإلدارة
وقرارات أعمال السيادة.
-1 أعمال اإلدارة:
من المقرر وإعماال بمبدأ المشروعية أن جميع
القرارات اإلدارية النهائية على التفصيل السابق بيانه
تخضع لرقابة القضاء اإلداري سواء كانت قرارات فردية أو عامة سواء بواسطة قضاء اإللغاء أو القضاء الكامل (قضاء التعويض) وذلك حفاظا على حقوق وحريات
األفراد وتحقيقا للمصلحة العامة.
-2 أعمال السيادة:
تنفذها الحكومة باعتبارها جهة سياسية ال إدارية.
كاألعمال المتصلة بعالقة الحكومة بالبرلمان أو عالقة الحكومة بالدول األجنبية، هذه األعمال نظرا ألهميتها ولطبيعتها السياسية والدستورية فيه غير خاضعة لرقابة
القضاء اإلداري.173
الفقرة الرابعة: نشأة القرار اإلداري
ينشا القرار اإلداري بإعالن اإلدارة عن ارادتها المنفردة بإحداث تغيــــــــير في المراكز القانونية للمعنيين
باألمر.
173ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
..91 ص ،.1994
و ال تنشا القرارات األدارية اال بمراعاة االجراءات
القانونية المقررة.
}أ{
وتصدر القرارات االدارية عن سلطة مختصة
وفق شكل معين {ب.}
أ- االختصاص:
و يجب ان يصدر القرار عن السلطة المؤهلة قانونا
الصداره.174
و لكن تجدر االشارة الى ان القانون االداري يوفر
اساليب تخول التخفيف من حدة توزيع قواعد االختصاص.
و تتمثل في:
-1 حالة التخلي عن االختصاص:
في صورة التخلي عن االختصاص لسبب من االسباب يقع نقل االختصاص األصلي للسلطة المعينة
أنه ال يمكن لهذه االخيرة
عللى
اآلجال
أقرب
للحلول في
ممارسة اختصاصها اال من تاريخ عملية النقل الفعلي للسلطة، فاذا تعذر الحلول الفوري تبقى السلطة المتخلية مختصة وقتيا لمواصلة تصريف الشؤون العادية الى حين اتمام عملية النقل الفعلي للسلطة و لكن طبقا لسلطات منقوصة ال تخول لها القيام باالعمال الهامة التي قد تؤدي
الى االعتداء على سلطة الخلف.
-2 حالة الحلول:
هي الحالة التي تؤول الى تعويـــض سلطة بأخرى.
و يتم ذلك عند غياب السلطة المختصة أو حصول مانع لها
174محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.69
يحول دون ممارستها الختصاصاتها. و ال يتم الحلول اال
بتوفر شرطين: وجود نص صريح يعين السلطة المؤهلة
للحلول من جهة و توفر الحالة الواقعية التي تجيز الحلول
من جهة أخرى.
-3 حالة التعويض المؤقت:
هي الحالة التي يحصل فيها شغور يؤدي الى تدخل السلطة المختصة لتعيين السلطة المعوضة لها بصفة مؤقتة في انتظار زوال الموجب. ويقوم التعويض المؤقت بصفة
عفوية دون حاجة لوجود نص صريح.
-4 حالة التفويض:
التفويض طريقة استثنائية لممارسة االختصاص
يشترط النعقاده وجود نص تشريعي او ترتيبي يجيزه. ال
يقل قيمة عن النص االصلي لالختصاص،
و للتفويض وجهان: تفويض السلطة او االختصاص
من جهة و تفويض االمضاء من جهة اخرى.
وتفويض االمضاء ينعقد بصفة شخصية من سلطة
الى اخرى يقع تاهيلها اسميا في نص التفويض.175
و تفويض االختصاص يؤدي الى تغيير جوهري في
التوزيع االدي لالختصاص يؤدي الى تجريد المفوض من اختصاصه فال يمكن له استرجاعه اال بد انهاء التفويض
بنص صريح.
175محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.89
و التفويضايا كان نوعه يجب ان يكون صريحا و ال
ضمنيا جزئيا و ال مطلقا حيث ال يجوز الي سلطة ان
تفوض في كامل اختصاصها الى سلطة اخرى.
ب- شكل القرار االداري:
يمكن أن يكون القرار االداري صريح أو ضمني.
-1 الشكل الصريح:
تنشا القرارات االدارية عادة بموجب كتب صريح
غير ان القرار الصريح ال يتجسم بالضرورة في الشكل
المكتوب، فالقرار االداري يتولد بمجرد ان تفصح االدارة
عن ارادتها المنفردة في اصداره أي كان شكل هذا التعبير.
و اذا صدر القرار مكتوبا يكون حامال لعنوا محدد
لنوعه {أمر، قرار، مداولة}… و معرفا بالسلطة التي اصدرته و حامال لختمها و امضائها و تاريـــــخ صدوره و يكون منطوقه مقسما الى جملة من الفصول تحدد موضوعه و عند االقتضاء االحكام السابقة التي تم نسخها و السلط المكلفة بتنفيذه و تاريخ دخوله حيز التنفيذ عند االقتضاء و االذن بنشره بالرائد الرسمي اذا كان النشر اجباري و يكون مسبوقا بتوطئة تتضمن االطالعات أي جملة النصوص القــــــــــــانونية التي صدر على ضوئها
و األعمال التحضيرية التي يفرضها القانون.176
-2 الشكل الضمني:
القرار علىهذه الشاكلة ليس له اثر ملموس فالقرار االداري يكون عادة مجسما في قرار صريــــــح وما دامت
176ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
االدارة لم تفصح عن ارادتها فانه ال يترتب عن ذلك اثر
غير أنه يفترض في صورة مالزمتها الصمت حول
المطالب الموجهة لها من منظوريها أنها قد افصحت
ضمنيا عن ارادتها تالفيا لما قد يتولد من سكوتها من خطر على حقوق االفراد فينشا حينئذ قرار ضمني بالرفض او
بالقبول.177
أجل معين يتولد
أن سكوت االدارة خالل
و األصل
عنهقرار ضمني بالرفض و يعتبر اجل الشهرين من تاريخ
تقديم المطلب اجل القانون العام لنشاة القرارات االدارية.
على ان هذه القاعدة قد شهدت تحوال هاما بصدور القانون المؤرخ في 30 سبتمبر 2016 المتعلق باالستثمار الذي تضمن في فصله الرابع انه يتعين على االدارة تعليل رفض الترخيص وعيها اعالم الطالب بذلك في االجال القانونية و ان مالزمتها الصمت بعد انقضاء هذا االجل
يعتبر منها قبول ضمني.
ج- االجراءات السابقة للقرار:
لكي ينشا القرار االداري ال بدمن مراعاة القواعد
المتعلقة باالجراءات السابقة لصدوره.
وتنظيم هذه االجراءات في تونس بقي مشتتا بين
نصوص متفاوتة القيمة من الناحية القانونية اغلبها ترتيبية.
-1 االجراءات الجوهريـــــــــــــــة و االجــــــراءات
غير الجوهرية:
لقد االعتبر القــــــاضي االداري االجراء الجوهري ” هو االجراء الذي له تأثير مباشر على محتوى القرار
177محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.89
وعلى الضمانات االساسية لمنظوري االدارة178“، فعدم االعالم المسبق بعدد البقاع المتوفرة في مناظرة االنتداب من شانه ان يؤثر في قرار الترشح و في حظوظ النجـــاح
و هوما يكل اخالال باجراء جوهري.
و يعتبراجراءاالنذارالمسبق الذي يفرضه القانون في الحاالت المخصوصة من االجراءات الجوهرية لتعلقه بحقوق الدفاع و هو االتجاه التي سارت المحكمة االدارية في مجال قرارات اسقاط حق المنتفعين باالراضي
الدولية.179
و لقدميز الفصل 7 من قانون المحكمة االدارية بين
االجراءات الجوهرية و االجراءات غير الجوهرية و لكن
دون تحديد مدلولها.180
-2 اجراءات االستشارة و التشاور و المشاركة:
قد تستوجب بعض النصوص االستشارة و التشاور او االستقصاء العمومي. و من امثلة على ذلك استشارة المجالس البلدية في المشاريع التي تعتزم الدولة انجازها
في المناطق البلدية181 و التشاور مع المنظمات المهنية
االكثر تمثيال حول المسار المهني لالعوانالعموميين،و االستقصاء العمومي بخصوص مشاريع امثلة التهيئة
العمرانية.182
CE.-10er juin 1973-
syndicqtnqtionql du personnel
178
qutres-Rec.388. et nqvigqntcommerciql 179 م ا ، 7 جويلية 2000، عدد 1/6126، نورالدين بن جميع/ وزير العدل ، غير
منشور. 180محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.78
181 الفصل 242 م ج م
182 الفصل 16 م ت ت ت
-3 التعليل:
يمثل واجب التعليل طريقة مثلى القرار الشفافية
الالزمة على االعمال االدارية. و ذلك اللزام السلطة
المختصة باإلفصاح عن األسباب التي كانت وراء اتخاذها
لقرارها اي بجملة اسانيده القانونية.
و األصل أن ال تعليل بدون نص. و رغم أن أمر 3
ماي 1993 المتعلق بتنظيم العالقة بين االدارة معها الذي
أقر جملة من الضمانات لفائدة منظوري االدارة. فان هذا
االمر قد أبقى العمل بقاعدة ان ال تعليل بدون نص.
-4 مبدا المواجهة وحقوق الدفاع:
لقد اخذت المحكمة االدارية منذ قراراتها األولى بهذا
المبدا وخاصة في المجال التاديبي.183
و يهدف هذا المبدا الى تمكين منظوري االدارة من اعداد وسائل دفاعهم و االطالع على قرائن االدانة
الموجهة لهم لغاية مناقشتها و الرد عليها قبل صدور
القرار االداري، و ال يسري هذا المبدا في مجال التاديب فحسب بل يمتد الى كافة االعمال ذات الصبغة الزجرية كسحب ترخيص ممارسة نشاط تجاري او غلق محل
تجاري او هدم بناية…
الفقرة الخامسة: نفـــــــاذ القرار اإلداري
ال يكون قرار االدارة نافذا إزاء منظوريها اال اذا
علموا به باحدى وسائل االشهار المناسبة.
183 م ا، 28 اكتوبر 1985، عدد 982، أحمد الزايدي/ وزير الدفاع الوطني.
و تختلف طرق النفاذ باختالف طبيعة االعمال
االداريةالترتيبية {أ} أو غير الترتيبية {ب.}
أ- نفــــــــــــاذ القرار الترتيبي:
تكون القرارات الترتيبية نافذة من تاريخ اشهارها باحدى الوسائل المناسبة عمال بمبدا االثر الفوري للتراتيب، غير ان بعض النصوص قد تتضمن نفاذها
المؤجل.
وال تكون التراتيب نافذة ازاء منظوري االدارة اال بمراعــــاة اجراءات االشهار المنــــابة تتمثل أما في النشر
و أما في التعليق.
و ال يمكن معارضة المعنيين باالمر بالتراتيب
الوطنية اال بعد 5 ايام من تاريخ نشرها بالرائد الرسمي
للجمهورية التونسية و بعد 5 ايام من ايداع نسخة من
الرائد الرسمي بمقر والية تونس و ذلك عمال بأحكام
5 جويلية
64 المؤرخ في
من القانون عدد
الفصل 1
1993 المتعلق بنشر النصوص القانونية.
و لكن هذا االجراء لم يعد متجانسا مع مقتضيات العمل االداري و هوما يفسر مراجعته بمقتضى الفصل
الذي
2020
أفريل
االول من المرسوم المؤرخ في 14
نص على ان نشر القوانين و المراســــــــــــيم و األوامر و القرارات االخرى بالرائد الرسمي في نشرية الكترونية
مؤمنة على الموقع االلكتروني للمطبعة الرسميـــــــــــة.. ويضيف الفصل الثاني ان تكون هذه االحكام نافذة المفعول
من اليوم الموالي لنشرها بهذه النشرية و ايداها بالطريقة
االلكترونيةبالموقع المخصص لذلك بوالية تونس.184
كما تجدر لالشارة الى ان الفصل 46 م ج م يعتمد
اجال لنفاذ التراتيب المحلية يكون بمضي 5 ايام من تاريخ نشرها بالموقع االلكتروني للجريدة الرسمية للجماعات
المحلية.
ان االصل في التراتيب هونفاذها الفوري وعدم
امكانية سحبها على الماضي عمال بمبدا عدم رجعية
القرارا االدارية التي يعد من المبادئ القانونية العامة في
القانون االداري، غير أن هذه القاعدة تحتمل بعض
االستثناءا تتعلق األولى بسحب مفعولها على الماضي بمقتضى نص تشريعي صريح. و تتعلق الثانية بامكانية الغائها قضائيا واعادة ترتيب الوضعية القانونية الى ما
كانت عليه قبل صدور القرار الملغى185 و تتعلق الثالثة
بامكانية نسخها من طرف االدارة طبقا لقواعد النسخ
المشروعة. و تبقى االدارة مقيدة بمبدا األمان القانوني
أعمالها الترتيبية حيز
عليها ارجاء دخول
الذي يفرض
النفاذ ألجل مناسب حتى تتهيأ الظروف المالئمة لضمان تطبيقها دون المساس باالوضاع القانونية التي نشأت
عنها.186
ب-نفـــــــــاذ القرارات غير الترتيبة:
األصل بالنسبة للقرارات االدارية غير الترتيبية هو نفاذها يسري من تاريخ صدورها اال اذا اقتضى القانون
184 ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.86 ص ،.1994
185 الفصل 9 من قانون المحكمة االدارية
186محمد رضاء جنيح ، القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.79
خالف ذلك،اما معارضة المعنيين بها فال يسري اال من تاريخ اعالمهم بها بصفة شخصية بالنسبة للقرارات
الفردية اوالجماعية او النوعية .
و هذه الضمانة التي لها تاثير كبير على استقرار االوضاع القانونية لها اهمية قصوى في القانون االداري ذلك ان االثار التي قد تتولد عنها تتجاوز احيانا المنتفعين بها لتشمل الغير ومثال ذلك تراخيص البناء و هي من االعمال الفردية التي يقتضي االعالم بها تبليغها شخصيا
أوامر االنتزاع
أشغـــــال البناء أو
لطالبها وتعليقها بموقع
و هي من القرارات الجماعية التي يتعين اعالم المعنيين
بها شخصيا و نشرها بالرائد الرسمي أو أوامر تحديد
مناطق التدخل العقاري و هي من القرارات النوعية التي يتعين نشرها بالرائد الرسمي و اعالم المعنيين بها مبدئيا
بصفة شخصية.
وتبليغ القرار االداري يتم عادة بواسطة الرسائل
المضمونة الوصول مع االعالم بالبلوغ أوعن طريق
التسلسل االداري حيث يقع التبليغ الى المعني بالشان مباشرة عن طريق مكتب الضبط التابع للمصلحة التي
ينتمي اليها العون.
الفقرة السادسة: آثـــــــــار القرار اإلداري
تتمثل هذه اآلثار في امتياز أسبقية التنفيذ {أ} و في
امتياز التنفيذ المباشر{ب.}
أ- امتياز أسبقية التنفيذ:
يتمتع القرار االداري منذ صدوره بقرينة السالمة التي تخول للسلطة المختصة تغييـــــــر المراكز القانونية بمجرد التعبيــــــــر عن ارادتها المنفردة دون حاجة لطرق
باب القضاء،غير ان هذه القرينة تبقى بسيطة و قابلة للدحض حيث يجوز لالدارة مراجعة قراراتها بالطرق االدارية المشروعةو لقاضي االداري الغاؤها متى ثبت
مخالفتها للمشروعية القانونية.
و تجدر االشـــــــــــارة الى أن الطعن في القرارات
االدارية ال يعطل تنفيذها و هي القاعدة التي نص عليها الفصل 39 من قانون المحكمة االدارية و يستثنى من ذلك امكانية توقيف تنفيذ القراراالداري قضائيا بشرط اثبات ان
التنفيذ من شأنه أن يتسبب للعارض في نتائج يصعب
أسباب جدية في
تداركها وأن يكون المطلب ميتندا الى
ظاهرها.
هذا االثر المتميز للقرار االداري هو الذي يعبر عنه بامتياز اسبقية التنفيذ،و هو ما وصفه الفقيه هوريو بحجية
الشئ المقرر.187
ب- امتياز التنفيذ الجبري:
ان عدم االمتثال للقرارات اإلدارية يخول لإلدارة
تتبع المخالفين جزائيا اوتسليط عقوبات إدارية كما يخول لها في غياب هذه الحلول اللجوء إلى وسائل التنفيذ
الجبري.
-1 الزجر الجزائي:
فقرة أولى م ج تتبع كل من
315
يجيز الفصل
يرفض االمتثال لمقتضيات القرارات اإلدارية لغاية توقيع
العقوبة الجزائية المناسبة.
187البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس2000، ص .86
عقوبات
-2 الزجر اإلداري:
كثيرا ما تمنح القوانين لالدارةامتيازتوقيع
ادارية غير سالبة للحرية في صورة رفض منظوريها االمتثال للقوانين و التراتيب الجاري بها العمل كالغلق المؤقت للمحالت التجارية او التوقيف المؤقت عن ممارسة النشاط االقتصادي او سحب التراخيص االدارية او توقيع
الخطايا المالية…188
-3 التنفيذ الجبري:
اذا كـــــــان االلتزام ال يستوجب التدخل الشخصي
للمعني باالمر بحيث يمكن لالدارة انتقوم مقامه بما يجب
للتنفيذ فانها تتولى ما يسمى بالتنفيذ المباشر، كان تقوم
برفع عربة راسية في مكان يحجر فيه التوقف. اما اذا كان
االلتزام بالتنفيذ يقتضي القيام بعمل ال يمكن اتيانه اال من
قبل المعني باالمر كقرار تسخير يستوجب اخالء المحل
من قبل شاغليه يخول لها استخدام وسائل التنفيذ الجبري .
الفقرة السابعة: نهــــــــاية القرار اإلداري
قد ينتهي القرار االداري بعدة طرق تمثل في طرق
قضائية و طرق ادارية.
و سيقتصر تحليلنا على الطرق االدارية لنهاية
القرار االداري، والتي تتمثل في النسخ {أ} و السحـــــــب
.}ب{
188ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
أ- النسخ:
يقصد بالنسخ ازالة اثار القرار االداري في المستقبل دون محو ما تولد عنه من آثار في الماضي و لكن بشرط ان يتضمن القرار الناسخ قواعد متساوية في مرتبتا
للقواعد المنسوخة.
و يكون النسخ صريحا أو ضمنيا كليا أو جزئيا. النسخ يكون صريح اذا حدد النص الناسخ األحكام
المنسوخة.
و يكون النسخ ضمني أما بالتعارض أو باالستيعاب. يكون النسخ بالتعارض عندما يتضمن تغيير األحكام
المتعلقة بموضوع واحد حيث تكون األحكام الناسخة
متعارضة مع األحكام المنسوخة.
و يكون النسخ باالستيعاب عندما يستوعب النص
الجديد جميع احكام النص القديم.189
و يكون النسخ من طرف السلطة المختصة فاالمر ينسخ بامر و القرار بقرار والمداولة بمداولو طبقا لقواعد
توازي االختصاص و االجراءات.
و يمكن لالدارة ان تلجأ الى نسخ القرارات الترتيبية
في أي وقت اذ ليس الحد االعتراض على تغيير التراتيب.
كما يجوز لالدارة نسخ أعمالها غير الترتيبية التي لم
تتولد نها حقوقا مكسبة في أي وقت وتمتلك االدارة في هذا المجال سلطة واسعة في التقدير فايا كانت شرعية هذه
189البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .85
األعمال و أيا كانت أسباب النسخ تكون االدارة محقة في
نسخها دون قيد او شرط اال اذا اقتضى القانون خالف ذلك. و يتعلق االمر بانواع عديدة من القرارات نخص بالذكر منها قرارات التعيين في الخطط الوظيـــــــــــــفية
و قرارات رفض التراخيص العمرانية…
ب- السحب:
يتمثل السحب في مراجعة االدارة اعمالها بمفعول
رجعي فهو بمثابة االعتراف لها بحق ارتكاب األخطاء لذا
يولد السحب نفس االثار التي تترتب عن الحكم بااللغاء.
و يقوم نظام السحب على التمييز بين القرارات غير
المكسبة للحقوق و القرارات المكسبة للحقوق.
-1 سحب القرارات غير المكسبة للحقوق:
للحقوق
يحق لالدارة سحب قراراتها غير المكسبة
في أي وقت ومهما كان السبب.
و قد استقر فقه قضاء المحكمة االدارية على اعتبار القرارات غير المكسبة للحقوق االعمال التي لم تستقر اثارها بصفة نهائية و التي تكون بالتالي قابلة للمراجعة ومنها على وجه الخصوص قرارات رفض الترخيص في مجال الضبط االداري و القرارات الوقتية في مجال اشغال
الملك العمومي…190
-2 سحب القرارات المكسبة للحقوق:
تعرف الحقوق المكتسبة بانها جملة االمتيازات
المرتبطة بوضعية قانونية استقرت بصفة نهائية.
190البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .98
و لئن كانت االدارة غير محقة في سحب اعمالها
السليمة التي ترتبت عنها حقوقا مكتسبة فان هذه القاعدة ال تسري على القرارات المعيبة التي تكون قابلة للسحب ولكن طبقا لشروط مشددة اقرها فقه القضاء مراعاة لحق االدارة في تدارك اخطائها من جهة و حقوق األفراد في
استقرار اوضاعهم القانونية نت جهة اخرى.191
و يثور التساؤل بخصوص نظام السحب تلك المتعلقة باالعمال المعيبة التي تتجاوز اثارها حقوق المستفيد لتمس بحقو الغير. فهل يجوز لالدارة سحبها
أكسبت حقوقا للمستفيد و انقضى اجل
أنها قد
بالرغم من
الطعن بالنسبة اليه دون ان ينقضي بالنسبة للغيرالذي له
مصلحة في الطعن؟
و لقد استقرت المحكمة االدارية على ترك آجال
الطعن مفتوحا بالنسبة للغير طالما لم يقع اعالمه شخصيا بالقرار الذي اضر بحقوقه المشروعة وذلك بمناسبة نظرها في شرعية قرار سحب رخصة بناء اسندت الى شركة بعث عقاري معتبرة ان اجال السحب تبقى مفتوحة بسبب عدم القيام باجراءات االعالم الكافية او دم انقضائها
أو إذا وقع الطعن فيها قضائيا و ال يزال الطهن محل
.192نظر
191البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .83
192 م ا ،25 ماي 1993، عدد 2419، شركة سمبار/ بلدية اريانة.
المبحث الثــاني: العقد اإلداري
بادئ ذي بدء تجدر اإلشارة إلى إن فكرة العقود
اإلدارية أو بمعنى أدق نظرية العقود اإلدارية، لم تنشا في
فرنسا إال في تاريخ متأخر، ال يكاد يتجاوز مطلع القرن
الماضي، وذلك رغم قدم نشأة مجلس الدولة الفرنسي، ولقد كان المعيار المتبع لتوزيع االختصاصات بين جهتي القضاء يقوم على فكرة السيادة أو السلطة، فالمنازعات التي تتعلق بأعمال السيادة أو السلطة هي وحدها من
اختصاص القضاء اإلداري، وما عداها من تصرفات
عادية تبرمها الدولة أو احد أجهزتها تكون من اختصاص القضاء العادي، وذلك حتى بداية مطلع القرن الماضي، إذ بدا مجلس الدولة الفرنسي في ولوج سبيل توسيع اختصاصاتها بعقود تبرمها الدولة أو احد أجهزتها، كان
ينظر إليها حينذاك أنها من العقود ذات التصرفات العادية.
ونشأ الكثير من الجدل حول الطبيعة القانونية للعقود
التي تبرمها الدولة مع الغير ، وقد دار هذا النقاش بين قدسية االلتزامات التعاقدية وبين امتيازات الدولة التشريعية واإلدارية والتي تمارس من خالل أجهزتها لتحقيق
المصلحة العامة.
والشك أن العقد اإلداري ناتج عن توافق إرادتين
على إنشاء االلتزام، شانه شان عقود القانون الخاص، وفي هذا المعنى يتضح أن العناصر األساسية في كال العقدين
واحدة، فيجب توافر الرضـــــــا ويجب أن يكون صحيحا
وصـــــــــــادرا من الجهة اإلدارية المختصة ، وسليما من
العيوب.193
كما يتميز العقد اإلداري في أن اإلدارة تكون دائما
طرفا فيه ، وان تكوينه وان كان يتم بتوافق إرادتين ال يكون بمجرد إفصـــــــــــاح فرد معين من أعضاء السلطة اإلدارية عن إرادته وإنما يتكون من عدة أعمال قانونية
يشترك في يد واحدة.
كذلك يجب إن يتوافر السبب في العقود اإلدارية مثل
ما هو الحال بالنسبة لعقود القانون الخاص مع ضرورة إن
يكون الباعث الدافع فيه هو تحقيق المصلحة العامة.
وكما هو الشأن في عقود القانون الخاص يجب إن
يكون السبب موجودا ومشروعا وإال عد العقد باطال. من جهة أخرى يشترط في محل العقد اإلداري إن يكون محددا
آو قابال للتحديد ومشروعا.
وبسبب التشابه الكبير بين األركان في هذين العقدين لم يتفق الشراح على موقف واحد إزاء استقالل نظرية العقد اإلداري عن النظرية التقليدية لعقود القانون الخاص
وقد برز اتجاهان:
– االتجــــــــــاه األول : الذي يمثله العميـــــــــــــــــد
“ديكي”DUGIT حيث ذهب إلى انه ال يوجد فرق
أساسي بين العقد المدني واإلداري ، ألنهما متفقان في عناصرهما، فالعقد اإلداري يتمتع دائما بالخصائص نفسها
واآلثار عينها.
193البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .95
وعلى هذا األساس ال يوجد عقد إداري متميز عن
العقود التي تبرم بين األفراد ولكن يوجد اختالف في االختصاص القضائي فقط ، إذ يرفع النزاع أمام القضاء اإلداري الن اإلدارة تبرز في العقد اإلداري سلطة عامة ويقصد تسيير مرفق عام وإدارته، والفرق بين هذه العقود والعقود المدنية يشبه تماما الفرق بين العقد المدني والعقود التجارية التي تخضع للمحاكم التجارية الستهدافها أغراضا
تجارية.
– االتجاه الثاني : ويمثل هذا االتجاه الذي يختلف
عن السابق طائفة من الفقهاء منهم األستاذ ” جيــــزي
” JEZE و “دو لبدور ” LAUBADERE DE اللذان ذهبا إلى أن النظام القضائي فيالقانون اإلداري نظام خاص متنقل عن نظام القانون الخاص الختالف منابعهما
ومصادرهما القانونية األساسية ، كما أن العقود اإلدارية
تختلف هي أيضا عن عقود القانون الخاص من حيث نظام منازعتها والقواعد األساسية التي تختلف بصورة عامة عن قواعد القــــــــــــانون المدني وتناقضها أحيانا، وهذه الخصوصية تمليها متطلبات المصلحة العامة التي تهدف
العقود اإلدارية تحقيقها.194
والحق أنه ال يمكننا التسليم بما ذهب إليه االتجاه
األول وإن كان ينطوي على حقيقة مفادها وجود نقاط
توافق كبيرة بين العقود اإلدارية وعقود القانون الخاص.
إال أن هذا التوافق ال ينفي وجود نظام قانوني متميز
يخضع له العقد اإلداري، ينبذ الفكرة القائلة بوحدة العقد
سواء ابرم بين األفراد أم بينهم وبين الدولة.
194البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .81
ففي الوقت الذي تكون فيه المصالح متكافئة
والمتعاقدان متساويين في عقود القانون الخاص نجد أن المصلحة العامة في ظل عقود القانون العام تتميز باألولوية، إذ تقدم المصلحة العامة لإلدارة عن المصلحة الخاصة لألفراد ، واإلدارة بهذا الحال وبوصفها قائمة على تحقيق المصلحة العامة تتمتع بحقوق وامتيازات ال يتمتع بها المتعاقد معها تخولها حتى مراقبة تنفيذ العقد وتوجيه المتعاقد نحو األسلوب األصلح في التنفيذ ، وحق تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة دون أن يستطيع المتعاقد أن يتمسك بقاعدة إن العقد شريعة المتعاقدين . يضاف إلى ذلك بعض الحقوق واالمتيازات األخرى التي ال مثيل لها في عقود القانون الخاص التي ال تهدر مصلحة المتعاقد وإنما
تجعل مصلحته ثانوية بالنسبة للمصلحة العامة.
أما في يتعلق باألهلية فأحكامها في العقد اإلداري ليست كما هي عليه في العقد المدني الختالف أهلية اإلدارة
عن أهلية الشخص الطبيعي في الحكم.195
والعقد اإلداري يقتضي تحديـــــد ماهيتـــــــــــــــــه
{الفقــــــــرة األولى} وأصنـــــــــــــــــافه {الفقرة الثانية}
تنفيـــــذ العــقد
{الفقرة الثــالثة} و
وإبرام العقد اإلداري
اإلداري {الفقرة الرابعة} و نهايته {الفقرة الخامسة.}
195البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .85
الفقرة األولى: مــــــاهية العقــــــــــد اإلداري
أ-تعريف العقد اإلداريو خصائصه:
-1تعريف العقد اإلداري:
لقد اختلف القضاء والفقه في وضع تعريف محدد
للعقود اإلدارية، وقد حاول القضاء اإلداري في فرنسا و
تونس حسم هذا الخالف بتحديد المبادئ الرئيسية للعقود
اإلدارية، حيث عرف مجلس الدولة الفرنسي العقود اإلدارية بأنها : تلك العقود التي يبرمها شخص معنوي عام قصد تسيير مرفق عام وتظهر فيه نيته في األخذ بأحكام
القانون العام.
ويعرف العقد اإلداري بأنه العقد الذي يبرمه شخص
معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره ، وان تظهر نيته في األخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطا أو شروطا غير
مألوفة في عقود القانون الخاص.
وقد أيد جانب كبير من الفقهاء هذا االتجاه منهم
الدكتور سليمان محمد الطماوي الذي ذهب إلى أن العقد اإلداري هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه ، وتظهر في نية اإلدارة في األخذ بأحكام القانون العام ، كذلك أن يتضمن شروطا استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص أو يخول المتعاقد مع اإلدارة االشتراك مباشرة في تسيير المرفق
العام .
ويبدو أن الرأي الغالب قد استقر على أن العقد
يكتسب صفته اإلدارية إذا توافرت فيه ثالثة عناصر هي:
–أن يكون احد طرفيه شخصا معنويا.
–أن يتصل هذا العقد بمرفق عام.
–أن تختار اإلدارة وسائل القانون العام. و يختلف العقد عن شبه العقد الذي هو عقد غير
مكتمل االركان ال يتضمن تبادل االرادات.
و يعتبر من قبيـــــــل شبه العقد االثراء بدون سبب
و استرداد ما تم دفعه بدون وجه حق.196
– اإلثراء بدون سبب:
لقد اخذ القاضي اإلداري التونسي بنظرية اإلثراء
.197ع ا م 71
بدون سبب المنصــــــــوص عليها بالفصل
و أساس هذه النظرية مبدأ اإلنصاف.
– استرداد ما تم دفعه بدون وجه حق:
هذه النظرية تجد أساسها في الفصول 73 و ما بعده
من م ا ع و تخول للمتعاقدين استرداد ما قاموا بدفعه خطأ.
وقد تم تكريس هذه النظرية من قبل المحكمة اإلدارية في
عدة قرارات.198
196البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .65
197 قرار صادر عن المحكمة االدارية في 8 ماي 2010 سهيل/ المجلس الجهوي
بسوسة. 198 قرار عدد 1/12761 مؤرخ 2009/12/1، شركة اوريكا / م ع ن د في حق وزارة
العدل.
-2 خصائص العقد اإلداري:
– أن يكون شخص عمومي طرفًا في العقد :
حتى يكون العقد إداريا ال بد أن يكون شخص
عمومي طرفا في أطراف العالقة القانونية، وبناء على ذلك
فإن العقود المبرمة بين األفراد العاديين ال تعتبر إدارية،
ونظرا العتبار اإلدارة طرفا من أطراف العقد اإلداري أصبح أمرابديهيا، فإن القضاء اإلداري لم يحافظ
على تشدده بضرورة توفر شخص عام في العقد اإلداري،
وإنما يمكناالستعاضة عنه بشخص آخر بالوكالة..
– صلة العقد بالمرفق العام من حيث إنشاؤه أو
تنظيمه أو تسييره :
يشترط في العقد اإلداري خدمة مصلحة عامة أو
تحقيق هدف يخص ذلك، وال يمكن أن يكون العقد إدارياً فيحال عدم خدمته للمرفق العام، بغض النظر عن توفر
العناصر األخرى من عدمها، ويُشار إلى أ ّن اقتران
العقدبوفرة خدمة للمصلحة العامة وخدمتها تعني ارتباط
العقد بالمفهوم الموضوعي للمرفق العام ارتباطاً وثيقاً،
حيث إنّمفهوم المرفق يعتبر عضوياً، ويشير إلى األجهزة
اإلدارية، كما يرتبط المفهوم المادي بنشاط المرفق سواء
كان ذلك بالتنظيم أم اإلدارة أم االستغالل، أما فيما يتعلق
بالمفهوم العضوي فيعني ضرورة توفر العنصر اإلداريكطرف في العقد نتيجة ارتباط الفرد بالمرفق
العام.199
199البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .95
– أن تأخذ اإلدارة بأساليب وامتيازات القانون العام:
يشير هذا العنصر إلى منح أحد أطراف العقد
مجموعة من الحقــــــوق وااللتزامات غير العادية في
طبيعتها، وتختلف عن المتوفرة في العقود تحت نطاق
القانون المدني أو التجاري،حيث تعتبر الشروط االستثنائية
فيالعقود وسيلة فعالة في الكشف عما تنوي عليه اإلدارية
في اختيارها لوسائل القانون العام؛ ومن أبرز الشروط
االستثنائية التزام المشاركين في الصفقات العمومية
بعروضهم لمدة 60 يوما ابتداء من اليوم الموالي للتاريخ
األقصى المحددة لقبولها.200
– مشاركة المتعاقد في تنفيذ مرفق عام:
يكون العقد إدارياالن موضوعه يستهدف المشاركة
في تنفيذ مرفق عام.
و قد اعتبرت المحكمة اإلدارية أن بعض عقود
اإلدارة عقودا ادارية بطبيعتها او عقود ادارية صرفة مثل الصفقـــــــــــــات العمومية وعقود اللزمة و عقود االشغال
العامة….
ب-أرکان العقد اإلداري و ميار تميزه عن غيره:
-1أرکان العقد اإلداري:
العقود التي تبرمها اإلدارة سواء كانت إدارية أم
مدنية و إن كانت تخضع لنظامين مختلفين فان األحكامالضابطة للعقد بالمعنى الفني تكون واحد كضرورة توافر أركان العقد من رضــــــــــا و محل و سبب ، فالعقد اإلداريكالعقد المدني يتضمن توافق ارادتين على إنشاء
200 الفصل 54 من االمر عدد 1039 المؤرخ في 13 مارس 2014 المنظم للصفقات
العمومية.
التزامات و حقوق، و توافق االرادتين يقتضي وجود إيجاب صادرمن أحد المتعاقدين يصادفه قبول من المتعاقد
اآلخر201 .
و سنتناول األركان على التوالي:
– الرضا:
يوجد الرضا بوجود ارادتين متوافقتين و يتم العقد
–اإليجاب
أرادتهما
بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن
والقبول –مع مراعاة ما يقرره القانون من أوضاع معينة
يجب إتباعها. والرضا بالنسبة لإلدارة كطرف في العقديجب أن يكون صادرا من الجهة المختصة بالتعاقد
وفقا للنظم المقررة من حيث االختصاص والشكل...202
وإبرامالعقود باسم اإلدارة ال يملكه إال أشخاص
حددهم المشرع ووفقا للقواعد العامة ال يجوز لهؤالء
األشخاص أن يحلواغيرهم في ممارسة هذا االختصاص.
كما ال يجوز تفويض غيرهم في ممارسته إال في
الحدود وبالقيود التي يضعهاالمشرع. ومن جانب آخر ال يكفي وجود الرضا من جانب ممثل اإلدارة فحسب بل يقتضي أن يكون هذا الرضاسليما خاليا من عيوب الرضا
كالغلط والتغرير واإلكراه والغبن .
والقضاء اإلداري يسلك مسلك القضاء المدني
فيإبطال العقود اإلدارية التي يشوبها عيب من العيــــوب، و من أوضح األمثلة على ذلك حكم مجلس الدولة
201ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
202البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .81
الذي أبطل عقدا إداريا
1950
أفريل سنة
الفرنسيفي 26
…(حيث تعاقد احد ممثلي
في الغلط
بسبب الوقوع
الشركات معاإلدارة بصفته الشخصية ، في حين أن اإلدارة قد قصدت التعاقد معه بصفته ممثال للشركة.).. و لما كانتاإلدارة طرفاً في العقد اإلداري لم يعد البحث عن إرادة ممثل اإلدارة أمرا مهمــــــــــــا و ذلك الن إجراءات إبرام
العقد اإلداري كفيلة للتأكد من وجود اإلرادة ومن التعبير
عنها أو من سالمتها من العيوب.
– المحل:
يقصد بمحل العقد، العملية القانونية التي يراد تحقيقها من حيث إنشاء حقوق والتزامات متقابلة للمتعاقدينفيشترط به أن يكون موجودا أو ممكنا ، معينا أو
قابالً للتعيين ومما يجوز التعامل به.
والقضاء اإلداري يطبقالقواعد المدنية بهذا الشأن إال
ما تستلزمه طبيعة العقود اإلدارية، فمحل العقد.203
ومن أهم شروط صحة المحل شرط المشروعية
وذلك بان يكون محل العقد مما يجوز التعامل به، فإذا كان
غيرمشروع فالعقد يعد باطال لمخالفته للنظام العام.
وكذلك الحال بالنسبة لشروط صحة المحل األخرى
فأنها تخضع للقواعد العــــــــامة الواردة في مجال القانون المدني باإلضافة إلى ما تقتضيهفي بعض األحيان طبيعة
العقود االدارية.
203البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .88
– السبب:
إذا وجد الرضا كركن في العقل و كان صحيحا سالما من العيوب وانصب هذا العقد على محل جـــــــائز و ممكنفانه ال يكفي لتمام العقد ما لم يكن له سبب مشروع،و السبب سواء أكان مباشراً أم غير مباشر يفترض وجوده فيكل عقد، إداريا كان أم مدنيا.و إذا خال
العقد منه اعتبر باطال لتخلف ركن من أركان العقد.
والحقيقة أنه من النادرأن ينعدم السبب في تصرفات اإلدارة ،كما يندر أن تتعاقد اإلدارة دون سبب أو بسبب باطل وذلك الن الدوافع التيتبعث اإلدارة على التعاقد تتمثل دائما بتحقيق المصلحة العامة و في ضرورات سير
المرافق العامة.
وأحكام القضاءاإلداري الخاصة بركن السبب في
العقد اإلداري قليلة جدا و أول حكم يشير بصراحة إلى ركن السبب هو حكممجلس الدولة الفرنسي في 29 جانفي
في قضية )Michaux( وتتعلق هذه القضية
1947
سنة
بعقد تطوع ابرمه احدالفرنسيين بقصد القتال في جبهة معينة ولكنه جند في وحدة عسكرية غير مقاتلة و عندما طالب الشخص بإلغاء عقدالتطوع لفقدان ركن السبب رفض المجلس الدعوى و اعتبر أن إلحاقه في وحدة
عسكرية غير مقاتلة أمر الحقإلبرام العقد.
و بطالن السبب في العقود اإلدارية يمكن أن يتمسك به الطرفان في أية مرحلة من مراحاللدعوى و لمحكمة الموضوع إبطال العقد من تلقاء نفسها متى ما وجدت أن
للعقد سببا غير مشروع و ذلك لمخالفتهللنظام العام204 .
204البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .95
– الشكلية:
األصل في العقود أنها تتم بالتراضي و ال يشترط أن
يفرغ العقد في شكل معين إال إذا نص عليه القانون.
ولكن المالحظ أن العقـــــــــود اإلدارية تمر بمراحل متعددة كإجراءات المزايدة و المناقصةو تقتضي أنيكون
العقد المبرم مكتوبا.205
-2معاييرتميز العقد اإلداري:
تمييز العقد اإلداري عن غيره وهي ثالثة معايير:
و سنتناول هذه المعايير في ثالثة نقاط:
.1 معيار اإلدارة طرفاً في العقد.
.2 معيار ارتباط العقد بالمرفق العام.
.3 معيار الشروط االستثنائية.
– معيار اإلدارة طرفاً في العقد:
القاعدة العامة أن العقود اإلدارية ومن ظاهر التسمية توجب أن تكون اإلدارة أحد أطراف العالقة القانونيةوعليه فان العقد المبرم بين األفراد العاديين ال يمكن أن يكون عقدا إداريا حتى وان كان احد المتعاقدين هيئة أومؤسسة
خاصة ذات نفع عام.
205ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
ومصطلح اإلدارة يدل عادة على السلطة التنفيذية التي تتولى تنفيذ القوانين فضال عن إدارة مؤسسات الدولة
ومرافقها العامة.
والسؤال الذي يمكن أن يطرح هنا هو: هل إن
اختصــــــــــــــــــاص إبرام العقود اإلدارية يقتصر على
السلطةالتنفيذية وحدها دون السلطات األخرى كالسلطة
التشريعية و القضائية؟
و إذا كان وجود اإلدارة طرفا في العقد اإلداري
يعتبر أمرا بديهيا فان القضاء اإلداري لم يعديتشدد في شرط إبرام الشخص العام للعقد ذاته واخذ يقر بأمكان إبرامه من قبل شخص اخر بالوكالة. وبذلك اليكفي أن يكون احد أطراف العالقة العقدية شخصا من أشخاص القـــــــــــانون العــــــــــام لعده عقداً إداريا و إنما يستلزم
توافرالعنصرين اآلخرين أو أحدهما206 .
– معيار ارتباط العقد بالمرفق العام:
يقصد بهذا المعيار أن العقد الذي تبرمه اإلدارة مع
األفراد ال يمكن أن يكون إداريا إال إذا ارتبط بالمرفق
العامسواء وجدت معه عناصر أخرى أم ال.
وهناك قرارات قضائية أصدرها مجلس الدولة
الفرنسي اكتفت بمعيارالمرفق العام وحده لتمييز العقد اإلداري، فقد جاء في قضية الزوجين (بيرتان) الصادر في
1956/4/20 – حيثكان الزوجان مكلفين بإطعام الرعايا
السوفيات الذين جمعوا في احد المراكز إلعادتهم إلى بلدهم
ولما كانهدف العقد منح المعنيين مهمة تنفيذ
..(
– أنه
206البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .65
المرفق العام فذلك وحده يكفي العتبار العقد إداريا دون
الحاجة للبحث عناحتوائه على شروط مخالفة.)…
و ارتباط العقد بالمرفق العام يعني ارتباطه بالمفهوم
الموضوعي للمرفق العام حيث إن للمرفق مفهوماً
عضوياًيتمثل باألجهزة اإلدارية، و مفهوماً موضوعياً
يتعلق بنشاط المرفق من حيث التنظيم واإلدارة واالستغالل أوالمعاونة ، فالمفهوم العضوي للمرفق يعني أن الفرد عندما يرتبط بعقد مع مرفق عام يفيد في هذا الصدد أن اإلدارةهي طرف في العقد، و بناءا على ذلك فان فكرة
في هذا المجال بالجانب
المرفق العام يجب أن تفهم
الموضوعي.
والمتتبع ألحكام القضاء اإلداري في فرنسا و تونس
يرى أن هناك تذبذبا و عدم استقرار على معيار محدد، فبعدأن سلم بإدارية العقد بمجرد ارتباطه بالمرفق العام نجد أحكاما قضــــــــــــــــــائية توجب اقتران العقد بالشروط
االستثنائيةفضالً عن المرفق العام.207
– معيار الشروط االستثنائية:
لقد تبين أن وجود اإلدارة طرفا في العقد اإلداري لم
يعد يكفي لكي يعتبر عقدا إداريا وكذلك الحال بالنسبة
الرتباط العقد بالمرفق العام بل يلزم فوق ذلك أن يكون الطرفان قد اتبعا أسلوب القانون العام دون أسلوب القانون
الخاص.
وأهم وسيلة يعتمد عليها القضاء اإلداري للكشف عن نية اإلدارة في اختيار وسائل القانون العام هو ان يتضمن العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص
207البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .75
ومن أبرز األمثلة على ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي في
التي تبرمها
حيث جاء فيه …(أن العقود
19 يناير1973
كهرباء فرنسا تكون خاصة لنظام استثنائي وتبدو فيه
خصيصة العقد اإلداري .)…
وقد عرفت الشروط االستثنائية بأنها (تلك التي تمنح احد المتعاقدين حقوقا أوتحمله التزامات غريبة في طبيعتها عن تلك التي يمكن أن يوافق عليها من يتعاقد في نطاق القـــــانون المدني أوالتجاري) بينما عرفها آخرون ( بأنها الشروط التي تكون باطلة إذا ما وجدت في عقود القانون
الخاص لمخالفتهالنظام العام.)
و لعل التعويل على معيار الشروط االستثنائية لتمييز
العقد اإلداري ناجم عن كون هذه الشروط تعتبر من مظاهرالسلطة العامة التي ليس لها مثيل في عقود القانون الخاص وعند استعانة اإلدارة بهذه المظاهر يفهم ضمنا
ليس للقانون
بإخضاع العقد للقانون اإلداري و
نيتها
المدني208 .
والسؤال الذي يمكن طرحه هنا إذا كانت الشروط االستثنائية التي يتضمنها العقد تعتبر قرينة علىانصراف نية اإلدارة بإخضاع العقد للقانون اإلداري، وبالتالي اعتباره عقدا إداريا ، فما هو الحكم في حالة خلوالعقد من
هذا الشرط؟
لقد جرى القضاء اإلداري الفرنسي على اعتبار
العقد إداريا إذا كان من شأنه إشراك المتعاقدنفسه في تسير
المرفق العام.
208البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص.56
والحقيقة إن مجرد إشراك المتعاقد نفسه يعد في ذاته
شرطا استثنائيا غير مألوففي عقود القانون الخاص وقد
استقر الفقه على هذا األمر.
و من جانب آخر اعتبر بعض الفقهاء الشروط
االستثنائيةهي المعيار الحقيقي والفعال في تمييز العقد اإلداري، بعكس فكرة المرفق العام التي لم تعد فكرة منتجة آلثارقانونية. وهذا الرأي مغالى فيه كونه متأثر إلى حد بعيد باالتجاه الداعي إلى اعتبار السلطة العامة أساس
القانوناإلداري ومعياره الوحيد.
وإذا كانت فكرة المرفق العام قد وجهت إليها بعض االنتقادات فإنها مع ذلك مازالت تعدمن األفكار المؤسسة للقانون اإلداري فضال عن أن أحكام القضاء اإلداري التي
تجعل من الشروط االستثنائية المعيار الوحيد تعد قليلة
بالقيــــــاس إلى األحكام التي تقرن المعيارين معا، المرفق
العام والشروط االستثنائية.
الفقرة الثانية:أنواع العقــــــــود اإلدارية
تنقسم العقود االدارية الى عقودا دارية رئيسية {أ}
و الصفقات العمومية {ب.}
أ- العقود االدارية الرئيسية:
و تنقسم الى:
-1 عقود لزمة المرافق العامة:
طبقا ألحكام الفصل الثاني من قانون غرة أفريل
2008 تعرف لزمة المرفق العام بانها العقد الذي يبرم لمدة محدودة بين شخص عمومي و بين احد االشخاص العامة
أو الخاصة قصد التصرف في مرفق عام بمقابل مالي
يتقاضاه صاحب اللزمة مباشرة من مستعمل المرفق.209
-2 عقود تأجير المرافق العامة:
و تتمثل في ععقود تبرم بين االشخاص المعنوية العمومية و االفراد لمدة قصيرة قصد تمكينهم من استغالل مرافق عامة ذات صبغة صناعية و تجارية في مقابل المعلوم الذي يدفعه المستأجر الى المؤجر لغاية تمكين هذا االخير من استرداد المصاريف األولية التي بذلها لتهيئة المرفق، و تبقى مصاريف الصيانة و التجديد خالل مدة
االستغالل محمولة على المستأجر.
-3 عقود الوكالة الحرة:
و هو العقد الذي يتعلق بتكليف متعاقد و يسمى وكيل
المرفق بمهمة التصرف و الصيانة في مرفق عام في مقابل نسبة من نتائج االستغالل تحدد مسبقا على اساس الفارق بين االيرادات و المصاريف التي يتعهد بتحقيقها
وكيل المرفق لحساب االدارة.
-4 العقود المتعلقة بالملك العام:
تعتبر العقود المتعلقة بالملك الخاص لالشخاص
العمـــومية عقودا ادارية على عكس العقود المتعلقة بملكها
العام.
و ال يمكن لألشخاص العمومية التعاقد اال في حدود
اختصاصها فال تنعقد عقودها صحيــــــــحة اال اذا كان
موضوعها ينصهر في حدود اختصاصها.
209البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .65
ب- الصفقات العمومية:
الصفقة العمومية هي عقد مكتوب .و تبرم من طرف
المشتري العمومي النجاز اشغال أو القيام بدراسات أو
التزود بمواد او تقديم خدمات في مقابل الثمن الذي يدفع من المشتري العمومي لصاحب الصفقة طبقا إلجراءات
خاصة.210
و تجدر االشارة الى انه تعقد وجوبا عن طريق
الصفقات العمومية النفقات التي يتجاوز مقدارها حد ادنى
يضبط من طرف االدارة و يراجع بانتظام حسب تطور
نسبة التضخم المالي، أما الصفقات التي تقل قيمتها عن
الحد المذكـــــــــور فانها تتم عن طريق مذكرات األجور
أو الفواتير التي تقدم من طرف المتعاقد بعد االنجاز.
و تتميز الصفقات العمومية عن عقود تفويض
المرافق العامة بعنصر الثمن .
الفقرة الثالثة: طرق إبرام العقــــد اإلداري
يقع اختيار المتعاقد مع االدارة في عقود الشراء
العمومي التي تشمل عقود تفويض المرافق العامة و عقود الشركة بين القطاع العام و القطاع الخاص طبق الطرق
المستوحاة من نظام ابرام الصفقات العمومية.211
وتتمثل طرق ابرام العقود: في طلب العروض{أ}
واإلجراءات المبسطة {ب} و التفاوض المباشر{ج.}
210البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .75
211البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .81
أ- طلب العروض:
وهي آلية يقع فيها اختيار صاحب العرض من قبل المشتري العمومي بناء على جملة من المعاييـــــر المالية و الفنية كثمن الصفقة و اصل المنتوج و الضمانات المالية
و الكفــــــــــاءات الالزمة التي من شانها اقناع المشتري
العمــــــــومي باختيـــــــــــار العرض األفضل من الناحية
االقتصادية.212
و يعتبر طلب العروض القــــــانون العام في طرق
اختيار المتعاقد مع االدارة.213
و يكون طلب العروض اما مفتوح يشمل اعالن عام
أو يكون على مرحلتين تتضمن
أو مضيق
214
للمنافسة
األولى دعوة عامة و مفتوحة للترشح طبقا لكراس
العــنـاصر المرجعية تقاء الي يحدد شروط المشـــــــاركة ومقاييــــــــــس و منهجية االنتقاء و تتضمن الثانية دعوة المرشحين الذين تم انتقاءهم لتقديم عروضهم مع ضرورة عرض تقرير االنتقاء على الراي المسبق للجنة مراقبة
الصفقات ذات النظر.
و قد يكون طلب العروض مع مناظرة و تتم على
مرحلتين فيقع اللجوء اليها عند وجود أسباب فنية أو
أو تقتضي
أبحاث خاصة
إجراء
أو مالية تبرر
جمالية
اختصاص معين من قبل المترشحين.215
و تقوم لجنة فتح الظروف التابعة للمشترى العمومي
في جلسة علنية اعداد تقرير يتضمن تحديد العروض التي تستجيب لشروط المشـــــــــــــاركة في الصفقة و اقصاء
212 الفصل 67 من األمرالمنظم للصفقات.
213 الفصل 41 من األمر المنظم للصفقات.
214 الفصل 42 من األمر المنظم للصفقات.
215الفصول 43 الى 47 من األمر المنظم للصفقات.
المترشحيــــــن الذين ال تتوفر في عروضهم المواصفات
و الشروط المحددة للمشاركة.216
و تتولى لجنة التقييم بتحليل العروض المقبـــــــولة
و تقييمها من الناحيتين المالية و الفنية و اعداد تقرير
تسجل فيه منهجية عملها و مقترحاتها بخصوص اسناد
الصفقة.
واثر ذلك يقع تعليق نتائج طلب العروض تحت رقابة و نظر لجان مراقبة الصفقات العمومية ذات النظر
وفقا لسقف االختصاص الراجع لكل واحدة منها.
و تراقب هذه اللجان شرعية اجراءات اللجوء الى المنافسة و مدى مصداقية و شفـــــافية و نزاهة اإلجراءات
المتبعة.
ب- اإلجراءات المبسطة:
و هي تطبق على الصفقات التي ال يتجاوز مقدارها
حد أقصى يحدد حسب طبيعة الصفقة.
و اللجوء لالجراءات البسيطة ال يعفي المشترى
العمومي من واجب احترام المبادئ االساسية للصفقات
العمومية و احداث لجنة خاصة لدى المشترى العمومي.217
ج- التفاوض المباشر:
و هي طريقة استثنائية في اختيار المتعاقد مع
االدارة. و تجد اساسها في الفصل 49 من األمر المنظم
أنه ال
إليها في حالة
للصفقات العمومية. و يقع اللجوء
يكون باالمكان انجاز الصفقة ألسباب فنية اال من طرف
216الفصول 58 الى 62 من االمر المنظم للصفقات.
217 الفصالن 50 و 51
مقاول او مزود او مسدي خدمات واحد او اذا كانت المواد موضوع الصفقة مصنعة من طرف مزود يملك بصفة
حصرية براءة اختراع مسجلة أو كان موضوع الصفقة
أو متى اقتضت
أو بالدفاع الوطني
متصال باألمن العام
ذلك المصلحة العليا للبالد او في حاالت التاكد القصوى
اواذا لم يفض طلب العروض الي نتيجة بعد دعوتين
متتاليتين للمنافسة أو افضى الى عروض غير مثبولى
بشرط ان يؤدي ذلك الى عقد افضل أو اذا كانت الصفقة
ستبرم مع المؤسسات و المنشات ذات االغلبية العمومية
التي لم يتم بعثها في نطاق برامج التنمية الجهوية أو في
اطار اجراءات ذات صبغة اجتماعية و صفقات التزود بمواد او بخدمات التي تبرم مع المؤسسات الصغرى التي يتم بعثها عن طريق االفراق و الصفقات التي تبرم مع المؤسســـات و المنشات ذات االغلبية العمومية التي يتم
بعثها في اطار برامج التنمية الجهوية أو في اطار
اجراءات ذات صبغة اجتماعية أو الصفقات التي تعتبر
مكملة لصفقة اصلية لم يقع تحديد الحاجيات بشأنها بالدقة
الكافية .
و يمكن للمترشحين المقصيين الطعن في قرار
االسناد لدى هيئة المتابعة و المراجعة218 و ذلك في اجل
قدره خمسة أيام من تاريخ نشر قرار االسنـــــاد أو تبليغه.
االجراءات الى حين بت
و في هذه الحالة يعلق تطبيق
الهيئة في الطعن.219
و تجدر االشارة الى انه توجد كراس شروط تدمج
في العقد بمجرد ابرامه و تصبح بذلك شريعة الطرفين.
218 الفصالن 45 و 147 من االمر المنظم للصفقات.
219 الفصل .181
و تنقسم الى :
-1 الكراسات العـــــــــامة:
توجد كراسات شروط ادارية عامة تتضمن بنود
تعاقدية ذات طابع عام تتعلق بالشروط االدارية و المالية
للعقد و بطرق التنفيذ و االنهاء.، وكراسات شروط فنية عامة تحدد طبيعة الخدمات و نوعيتها و حجمها و شروط
انجازها و التراتيب الفنية المتعلقة بها.
-2 الكراسات الخــــــاصة:
وتقسم الى كراسات الشروط االدارية الخاصة التي تضبط الشروط االدارية الخاصة بالعقد و تنص وجوبا على مقتضيات كراسات الشروط العامة التي تم استثناء تطبيقها و كراسات الشروط الفنية الخاصة بالقد و تنص وجوبا على بنود الشروط الفنية العامة التي استثني
تطبيقها.
الفقرة الرابعة: تنفيذ العقــــــد االداري
تتمتع االدارة ازاء معاقدها بامتيازات ال مثيل لها في
العقود الخاصة و هذه االمتيازات قد تكون مقررة في العقد و يتم غالبا تحريرها مسبقا دون ان يكون للمعاقد رأيا في
ذلك.
تتمتع االدارة بامتيازات {أ} و ضمانات{ب.}
أ- امتيازات االدارة:
تتمتع االدارة باالضافة الى الحقوق االعتيادية
المقررة بالعقد بجملة من االمتيازات السلطوية التي تخول
لها االشراف على طريقة تنفيذ العقد.
و تتمثل في:
-1 سلطة االدارة في الرقابة و التوجيه:
و تهدف الى التاكد من ان العقد ينفذ طبقا لشروطه.
و ال تحتاج الى تنصيص صريح بالعقد النها تقوم على
االدارة مراقبة
فكرة المصلحة العامة التي تبرر تخويل
حسن تنفيذ العقد تحقيقا للمصلحة العامة.
-2 سلطة تعديل االلتزامات من جانب واحد:
تتمتع االدارة بسلطة تخول لها تعديل االلتزامات من جانب واحد و لكن بشرط ان يكون ذلك لدافع من المصلحة العامة، و قد تصل هذه السلطة الى فرض التزامات غير
مشمولة بالعقد أوالى الغاء حقوق مدرجة به.
وقد اقر مجلس الدولة الفرنسي ألول مرة هذه
السلطة في مجال عقود اللزمو حين اعترف لالدارة بحق فرض التزامات جديدة على معاقدها مسايرة للحاجات
المتغيرة للمرافق العامة.220
-3 سلطة توقيع العقوبات:
يمكن لالدارة ان توقع الجزاء المناسب كلما أخل
المتعاقد بالتزاماته و بقدر ما يكون ذلك ضروري لضمان استمرارية المرفق محل التعاقد. و تجد هذه السلطة اساسها في ضرورة ضمان تنفيذ االلتزام و استبعاد االخالل الذي
قد يحدث عن االمتناع عن التنفيذ.
و ال يمكن لالدارة استعمال هذه السلطة اال في
صورة التقــاعس الواضح و المتواصل لشروط العقد و هو
220البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .80
أمر يتم اثباته باالنذار المسبق للمتعاقد بضرورة التنفيـــــذ
و منحه أجال معقوال لالمتثال.
و تتخذهذه السلطة اشكاال مختلفة و من بينها الخطايا
المالية كخطايا التأخير التي غالبا ما تكون مقررة بالعقد .
و في حالة االخالل الجسيم بشروط العقد تملك
االدارة سلطة االنجاز المباشر للصفقة او احالل غيرها لمواصلة االنجاز بعد تنبيه معاقدها مسبقا بضرورة الوفاء و يتخذ هذا االجراء في عقود لزمة المرافق العامة شكل
وضع المرفق تحت الحراسة.
و يمكنلالدارة فسخ العقد بارادتها المنفردة دون
حاجة الى اثبات الخطا في جانب المتعاقد معها و لكن
بشرط ان يكون الفسخ ضروريا لتحقيق المصلحة العامة.
ب- ضمانات المتعاقد مع اإلدارة:
يتمتع معاقد االدارة بنوعين من الضمانات تتعلق االولى بالمقابل المالي للعقد،و تتعلق الثانية بالتوازن المالي
للعقد.221
-1 الضمانات المتعلقة بالمقابل المالي للعقد:
يستحق المتعاقد مع االدارة الحقوق المتفق عليها بين الطرفين،و التي تتمثل في المقابل المالي و المزايا االخرى
المقررة بالعقد.
و قد يتحدد الثمن في عقود الصفقات العمومية بصفة
ثابتة.222
221ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
كما قد يكون قابال للمراجعة طبقا لمعايير متفق عليه
مسبقا و يجوز تحديده في العقود طويلة االمد و اعمال
شروط التغيــــــــــــير في األسعار بسبب تغير الظروف
االقتصادية خالل التنفيذ.223
و ال تكون االدارة ملزمة بالخالص اال بعد انجاز الخدمة حيث تعتبر قاعدة العمل المنجز من القواعد
االساسية التي تحكم دفع األموال العمومية.
-2 الضمانات المتعلقة بإعادة التوازن المالي للعقد:
لتمكين المتعاقد من التعويض المناسب كلما تعرض الى ظروف استثنائية خالل التنفيذ تم اقرار قاعدة ضرورة ضمان التوازن المالي للعقد تم اقرار نظرية الصعوبات غير المتوقعة و نظرية فعل األمير و نظرية الظروف
الطارئة.
– نظرية الصعوبات غير المتوقعة:
وهي الحالة التي يعترض فيها المتعاقد لصعوبات
مــــادية استثنائية و غير عادية خــــــارجة تماما عن ارادة الطرفين لم يكن بوسع األطراف التنبؤ بها زمن ابرام العقد
و ترتب عن حدوثها اعباء غير عادية عند تنفيذه.
و تخول للمتعاقد مع االدارة الحصول على تعويض
الضرر الشامل الي لحقه نتيجة لتفاقم االعباء المحمولة عليه بمقتضى العقد دون حاجة الى البحث في مدى اخالل
االدارة بااللتزامات التعاقدية المحمولة عليها.224
الفصل 36
222
223 الفصل 37
224البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .75
– نظرية فعل االمير:
و يقصد بها كل اجراء انفرادي تتخذه االدارة خدمة
للمصلحة العامة يؤول الى احداث اضطراب كبير في
شروط تنفيذ العقد و ذلك بتحميل المتعاقد أعباء استثنــــائية و غير عادية ليس بوسعه ان يتحملها. و في هذه الحالة
يستحق هذا االخير التعويض الكامل لألضرار الالحقة به.
– نظرية الظروف الطارئة:
و تتعلق بالمخاطر االقتصادية للعقد. و تعد من صنع
و قد تبنــــــاها القاضي االداري
فقه القـــضاء الفرنسي .
التونسي…
و يشترط لتطبيق هذه النظرية:
– حدوث ظروف استثنائية ليس في الوسع توقعها
وهو ما يوجب التمييز بين المخاطر العادية و المخاطر
االستثنائية التي تخرج عن الحد المالوف.
– أن تكون أجنبية عن العقد و اال اصبحت من قبيل حاالت المسؤولية التعاقدية على فكرة االخالل بشروط
العقد.
– أن تؤدي إلى اختالل في التوازن المالي للعقد
اختالال خطيرا.
الفقرة الخامسة: نهاية العقــــــد اإلداري
قد ينتهي العقد االداري بتنفيذ االلتزامات المتفق
عليها بين الطرفين أو بحلول األجل المحدد النتهائه، و قد
ينتهي باتفاق الطرفين و هو ما يعرف باالنتهاء الطبيعي .
إنهاء العقد اما بالفسخ
و عالوة على ذلك يمكن
االداري او الفسخ القضائي.
-1 الفسخ اإلداري:
يمكن لالدارة فسخ العقجبارادتها المنفردة و ذلك كلما
تضمن العقد شرطا يسمح لها بذلك . كما يمكن لها ان تقرر الفسخ بصفة أحادية دون حاجة الى اثبات الخطا في جانب
المتعاقد لدافع من المصلحة العامة.225
و يجوز للمتعاقد طلب التعويض الكامل عما لحقه من ضرر و بما فاته من ربح في نطاق احكام المسؤولية
التعاقدية.226
-2 الفسخ القضائي:
يقضي قاضي العقود بالفسخ بطلب من احد المتعاقدين و يكون ذلك اما بناء على االخالل بالقواعد الجوهرية للعقد، و أما بناء على اضطراب الشديــــــــــد و النهاي الحاصل في التوازن المــالي للعقد كما هو الحال عند حدوث قوة قاهرة يترتب عنها استحالة مواصلة
التنفيذ.
225البشير التكاري، مدخل إلى القانون اإلداري,طبعة ثانية, مركز البحوث والدراسات
اإلدارية, تونس، 2000، ص .95
226ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
.96 ص ،.1994
الجزء الثاني: الموظف العمومي
1861إرساء نظام
أفريل
تم في اطار دستور 26
ملكي برلماني عوضا عن نظام الحكم المطلق,فتم توزيع السلطة بين الباي و وزرائه أي السلطة التنفيذية من خالل
إحداث المجلس األعلى الذي أصبح يشارك الباي في
ممارسة السلطة التشريعية و القضائية .
كما تضمن الدستور الجديد قواعد حول تنظيم االدارة والضمــــــــــــــانات والحقوق المخولة للموظفين
و واجباتهم وتصنيفهم, كما تم استحداث وظائف سياسية
كوظائف سامية : وظائف خزندار,باش كاتب ,و صاحب
الطابع….
وتم إحداث الوزارة الكبرى التي كانت تضم وزارة
العمــــــــــالة و وزارة الحرب و وزارة البحرية وكان لكل وزارة نظام خاص بها سياسي وداخلي. كما تم االعتناء باالدارة الجهوية وذلك من خالل تحديد مشموالت ” القايد”
بصفته ممثالللباي, و ضبط مشموال ته.
و خالل فترة االستعمارهيمنت السلطة االستعمارية على االدارة التونسية و حلت محلها في العديد من المواقع و ذلك بان عهدت إلى المقيم العام بمشموالت واسعة أصبح بمقتضاها يسير الدولة و لو كانت االوامر في حقيقة االمر عن الباي وأحدثت وظيفة كاتب عام الحكومة التونسية تتولى مراقبة العمل االداري كما أحدثت إدارات فنية فرنسية في القطاعــــــــــــات االستراتيجــــية كإدارة المال
العامة, و إدارة األشغال العامة,إدارة العلوم والمعارف …
و فيما يتعلق بوظيفة االعوان العموميين أصبح نظام التأجير المعهود به في االدارة التونسية مطابقا للنظام المعمول به في فرنسا ويتطور مثله مع تطبيق الثلث االستعماري,واثر ذلك تم إصدار أول نظام أساسي عام
وقد تم
1926/11/10
ألعوان الوظيفة العمومية في
إصالح هذا النظام بعد عشر سنوات أي في 7 فيفري
1936 وقد ركز هذا النظام أحكام تتعلق بشروط االنتداب وبرامج المناظرات وكيفية الترقية باالختيار أو باالقدمية بصورة متطابقة لالحكام المعمول بها للموظفين الفرنسيين
في فرنسا .
و قد مكن هذا النظام حاملي الجنسية الفرنسية من
الدخول للوظيفة العمومية التونسية, حتى أن السلطة الفرنسية خصصت حصصا للفرنسيين داخل الوظيفة
العمومية التونسية تقدر بنصف رتب صنفي “أ” و”ب”
وثلث رتب صنف “ج” وربع صنف “د “.إال أن تطور
الحياة السياسية من االستعمار إلى االستقالل الداخلي ثم االستقالل التام أنتج تحويرات عميقة على تنظيم االدارة مركزية كانت أو جهوية ,من ذلك أن معاهدة االستقالل
نصت على
1955
جوان
الداخلي الممضاة يوم 3
انه”:ترجع للحكومة التونسية انتداب االعوان المكلفين
بتسيير المصالح الموضوعة تحت سلطتها ويقع اختيار
هؤالء األعوان من بين حاملي الجنسية التونسية منذ 5
اإلعانة
أن تطلب
سنوات على األقل .وللحكومة التونسية
من الحكومة الفرنسية كلما لم تتمكن من انتداب تونسيين
للقيام بالوظائف المراد تسليمها .”
ثم تدعم هذا المنهج خالل شهر ديسمبر سنة 1955
كما يلي”:ال يمكن ألي شخص ان يوظف في االدارة أو المصالح العمومية لالدارة التونسية و كذلك في المصالح
الخارجية التابعة لها في المؤسسات و الجماعات العمومية
ما لم تكن له الجنسية التونسية منذ 5 سنوات على االقل .”
ومن ذلك التاريخ شهدت االدارة تطورا ملحوظا في
مجال تدخلها و على مستوى التنظيم حيث أصبحت منذ
بداية االستقالل تقوم بتطوير و انجاز عمليات تنموية في
جميع المجاالت االجتماعية ,االقتصادية ,الثقافية…
وإحداث عديد كتابات دولة للغرض.
– تعريف أعوان الوظيفة العمومية:
هم العـــــــاملون أو الناشطون بمصالح الدولة أو الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة
االدارية..227
واستنادا لهذا التعريف ال يمكن اعتبار االعوان التاليين خاضعين لقانون الوظيفة العمومية وهم: أعوان المنشآت العمومية,و أعوان المؤسسات العمومية غير االدارية والشركات الوطنية والشركات ذات رأس المال المشترك والدواوين وكل االشخاص الذين يقدمون خدمات
إدارية واألشخاص الذين يقومون بعملهم االداري بعنوان
أعضاء الحكومة ,المجلس البلدي ,مجلس
مهني مثــــــال:
النواب228 .
يستوجب تحديد الوضعية القانونية العوان الوظيفة
العمومية في بالدنا ذلك أن هؤالء االعوان يخضعون
لنظام الحياة المهنية خالفا لنظام الخطة.
227سامي جمال الدين، التنظيم اإلداري للوظيفة العامة، دار الجامعة الجديدة للنشر،
االسكندرية، طبعة 1990، ص .54
228سامي جمال الدين، التنظيم اإلداري للوظيفة العامة، دار الجامعة الجديدة للنشر،
االسكندرية، طبعة .1990،ص .45
و المقصود بنظام الحياة المهنية هو أن انتداب العون باالدارة يتم لكامل حياته المهنية إلى حد بلوغ سن التقاعد وفقا ألحكام وقواعد ومقاييــــــس تراعي المسار المهني لالعوان العموميين وتحرص على تحسين وضعيتهم
المالية واالدارية حسب التشريع الجاري به العمل .
أما نظام الخطة المعتمد في عديد الدول وخصوصا الواليات المتحدة االمريكية, هو نظام يعتمد انتداب العون للقيام بوظائف معينة خالل فترة زمنية محددة.ويعرف هذا
ذلك أن
system spaul
النظام خاصة بنظام الكفاءة
االنتداب يتم بالضرورة حسب مؤهالت العون و أن االجر
يحدد بمقدار العمل الذي يقوم به.229
أول نظام أساسي لتونس المستقلة صدر في 1959
1959المؤرخ في
لسنة
بموجب القـــــــــــانون عدد 12
المؤرخ
1968
لسنة
والقانــون عدد 12
1959/02/09
في 3 جوان 1968 .و القــــــــانون عدد 112 لسنة 1983
والمنقح والمتمم بالقانون
1983
12 ديسمبر
المؤرخ في
عدد83 لسنة 1997 المؤرخ في 20 ديسمبر1997 .
والينسحب هذا القانون على األصناف التالية:
▪ أعوان الدواويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن و المؤسســـــــــات العمــــومية ذات الصبغة الصناعية و التجارية‘والشركات التي تمتلك الدولة أو الجمــــــــــــاعـــــــــات العمومية
المحلية رأس مالها بصفة مباشرة.230
229سامي جمال الدين، التنظيم اإلداري للوظيفة العامة، دار الجامعة الجديدة للنشر،
االسكندرية، طبعة 1990، ص .64 230وكلية يغطيهم القانون عدد78 لسنة 1985 المؤرخ في 5 أوت 1985 المنقح والمتمم
بالقانون عدد 28 لسنة 1999 المؤرخ في 3 افريل 1999
▪ العسكريون.231
▪ قضاة الصنف العدلي.232
▪ قضاة دائرة المحاسبات.233
▪ قضاة المحكمة االدارية.234
▪ قوات االمن الداخلي.235
▪ أعوان سلك أمن رئيــــــــــــــس الجمهورية
والشخصيات الرسمية.236
▪ أعوان الديوانة.237
و سنتعرض في اطار دراسة الموظف العمومي الي
تصنيف وهيكلة أعوان الوظيفة العمومية{ المبحث األول}
واالنتداب للوظيفة العمومية {المبحث الثاني} و التسمية
والترسيــــــــــم {المبحث الثالث} وحاالت أعوان الوظيفة
العمومية {المبحث الرابع}
وواجبــــــــــات العون العمومي {المبحث الخامس} وحقوق الموظف العمومي { المبحث السادس} والتأديب
{المبحث السابع} و نهاية الحياة المهنية {المبحث الثامن.}
231ينظمهم القانون عدد 20 لسنة 1967 المؤرخ في 31 ماي 1967 وجميع النصوص
التي نقحته وتممته
1967وجميع
جويلية
المؤرخ في 14
1967
لسنة
232ينظمهم القانون عدد29
النصوص التي نقحته وتممته.
233نظمهم المرسوم عدد 6 لسنة 1970 المؤرخ في 26 سبتمبر .1970
234ينظمهم القانون عدد67 لسنة 1972 المؤرخ في 1 أوت .1972 235نظمهم القانون عدد70 لسنة 1982 المؤرخ في 6 أوت 1982 والمنقح والمتمم
بالقانون عدد58 لسنة 2000 المؤرخ في 13 جوان ..2000 236احدث سنة 1988 بموجب القانون عدد 60 لسنة 1988 المؤرخ في 2 جوان
. 1988
237ينظمهم القانون عدد46 لسنة 1995 المؤرخ في 12 ماي 1995 والمنقح بالقانون
عدد102 لينة 1996 المؤرخ في 18 نوفمبر .1996
المبحث األول:
تصنيـــف وهيكلة أعوان الوظيفة العمومية
{الفقرة األولى}
الوظيفة العمومية أصناف
ألعوان
و هيكلة{ الفقرة الثانية.}
الفقرة األولى: التصنيـــــــف
يصنف أعوان
حسب قـــــــانون الوظيفة العمومية
الوظيفة العمومية إلى أربعة أصناف:
– الموظفون.
– العملة.
– االعوان الوقتيين.
– المتعاقدون.
أ- الموظفون:
جاء بالمجلة الجزائية في فصلها 82 جديـــــــــد أنه
” يعتبر موظفا عموميا تنطبق عليه أحكام هذا القانون كل شخص تعهد إليه صالحيات السلطة العامة أو يعمل لدى مصلحة أو جماعة محلية أو ديوان أو مؤسسة عمومية أو منشاة عمومية أو غيرها من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي‘. ويشبه الموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة مصلحة عمومية او
من تعيينه العدالة للقيام بمأمورية قضائية.”
وينقسم الموظفون إلى موظفين متربصين و موظفين
مترسمين .
ب-العملة :
تم إفراد العملة بالعنوان الثالث من قانون الوظيفة
العمومية .
و لقد عرفهم الفصل 90 على النحو التالي”: ينتدب
العملة ليشغلوا خطة دائمة في حدود عدد إطارات االدارة أو الجماعة المحلية أو المؤسسة العمومية ذات الصبغة
االدارية”.
وينقسم العملة إلى عملة متربصين وعملة مترسمين.
ج-األعوان والعملة الوقتييــــن:
عرفهم الفصل 98 من قانون الوظيفة العمومية على النحو التالي”:يعتبر وقتيين االعوان الذين ينتدبون مباشرة قصد المشاركة الفعلية في تنفيذ خدمة عمومية و ذلك بصفة قابلة للرجوع فيها أما ليشغلوا خطة شاغرة بإطارات االدارة لنقص في االعوان المترسمين أو لتعويض عون لمدة محدودة أو للقيام بأعمال عرضية و
طارئة.
د- األعوان المتعــــاقدون :
تعرض لهم المشرع في العنوان الخامس من قانون
الوظيفة العمومية .
ينص الفصل 108 من القانون على ما يلي : ” يمكن
لالدارة انتداب أعوان تونسيين عن طريق التعاقد للقيام
بمأموريات خاصة لمدة محددة.”.
يخضع انتداب األعوان المتعاقدين األجانب أما
ألحكام اتفاقيات التعاون االداري والتقني أو العقود .
الفقرة الثانية:الهيكلة
سنتعرض الى الهيكلة الخاصة بالموظفيــــــــن {أ}
و تصنيف األعوان الوقتيين {ب} و تصنيـف العملة {ج.}
أ- الهيكلة الخاصة بالموظفين :
يشتمل اإلطار الهيكلي للموظفين على: السلك corps
و الدرجــــــــة
grade
و الرتبة
catégorie
و الصنف
l échelonnement و مستوى التأجيـــــــــــــــــــــــر
rémunération de niveau.
-1 السلك:
يشتمل على كل الموظفين الخاضعين لنفس النظام االساسي الخاص و المؤهلين لنفس الرتب .النظام االساسي الخاص هو مجموعة أحكام ترتيبية تتخذ بمقتضى أمر باستثناء سلك القضاة الذي يتخذ بمقتضى قانون‘وتحدد هذه األحكام الترتيبية الرتب المكونة للسلك و مشمــــــــوالتها
و شروط االنتداب و الترسيم والترقية والتدرج.
و يمكن ان نذكربعض االسالك الخاصة مثألعوان السلك الدبلوماسي وأعوان السلك االداري والتقني بوزارة الشؤون الخارجية و أعوان سلك التعليم وأعوان السلك العالي للمصـــــــالح الخارجية التابعيــــن لالدارة الجهوية و أعوان الديـــــــوانة و أعوان سلك االطباء ومن يوازيهم
و أعوان سلك مراقبي التراتيب البلدية …
و كل هذه االسالك يجب أن تتخذ األوامر التي
أنه
‘اال
تنظمها وفق ما يقتضيه قانون الوظيفة العمومية
هناك أصنـــــــاف خاصة مشتركة بين الوزارات وعددها
18 هي كاالتي:
-1 السلك االداري المشترك لالدارات العمومية. -2 سلك مستشاري المصالح العمومية
-3 سلك االعوان الوقتيين.
-4 سلك العملة.
-5 سلك االخصائيين النفسانيين لالدارات العمومية.
-6 سلك محللي و تقنيي االعالمية.
-7 سلك المتصرفين في وثائق االرشيف.
-8 السلك المشترك للمهندسين.
-9 السلك التقني المشترك.
-10 سلك معماري االدارة.
-11 سلك المهندسين المعماريين.
-12 السلك المشترك لالطباء البياطرة.
-13 السلك المشترك العوان الخدمة االجتماعية.
-14 سلك مهندسي علم طبقات االرض.
-15 سلك المكتبات والتوثيق بالمكتبات العمومية.
-16 أعوان االطارات المشتركة بالمخبر.
السلك المشترك للفنيين الساميين للصحة
-17
العمومية.
-18 السلك المشترك للصحافيين العاملين باالدارات
العمومية.
-2الصنف:
يرتب الفصل 16 من قانون الوظيفة العمومية
الموظفين حسب محتوى انتدابهم ضمن صنف معين. ويتم تصنيف الموظفين إلى أربعة أصناف حسب الترتيب التنازلي معروفة بالحروف “أ” “ب” “ج” “د “.
يشتمل الصنف “أ” على أصناف فرعية ثالثة
.” 3أ” “2أ” “1أ”:هي
و قد حددت التراتيب المستويات الدنيا الواجب
توفرها في المترشح لالنتماء الحدى هذه األصناف.
بالنسبة للتكوين المهني نظمه االمر عدد 1374 لسنة
المتعلق بضبط سلم
1994
20 جوان
المؤرخ في
1994
الوظائف الوطني وكذلك شروط تنظير شهادات ومؤهالت
التكوين المهني االساسي والمستمر .
وهذا األمر حدد عدد مستويات سلم الوظائف ب6
مستويات:
-3 الرتبة والدرجة :
يحدد النظام األســــــــاسي الخاص السلك االداري
المشترك لالدارات العمومية كما يلي :
▪ متصرف عام
▪ متصرف رئيس
▪ متصرف مستشار
▪ متصرف
▪ ملحق إدارة
▪ كاتب تصرف
▪ مستكتب إدارة
▪ عون استقبال
وتحتوي كل رتبة من الرتب المشار إليها على عدد
محدد من الدرجات ويوافق كل درجة مستوى تأجير وكل
مستوى تأجير يقابله اجر أساسي .
علما وان الموظف يتدرج بصفة آلية منذ سنة 1983 من درجة إلى الدرجة الموالية وفق المدة التي تحددها االنظمة االساسية الخاصة وهي عادة بسنة واحدة بالنسبة
للدرجــات 2 و 3 و 4 وبسنتين بالنسبة لبقية الدرجات.
ب- تصنيــــــف األعوان الوقتيين:
قياسا على الموظفين فان األعوان الوقتيين يرتبون
أصبح الموظفين
1970
بنفس الطريقة. وابتداءا من سنة
الوقتيين يخضعون لنفس المستوى التعليمي للموظفين .
ج-تصنيـــــف العملة :
يصنف العملة إلى ثالث وحدات .unités
الوحدة األولى: تتكون من ثالثة أصناف: I و IIوIII
الوحدة الثانية : تتكون من أربعة أصناف :VIو V
. IIV &و IV و
تتكون من ثالثة أصناف :
الوحدة الثالثة:
X وXIوXII
و الوحدة الثالثة اليمكن االنتداب فيها فهي مخصصة
للترقيات فقط.
المبحث الثاني: االنتدابات للوظيـــفة العمومية
االنتداب بالوظيفة العمومية يخضع الى مبدأ المساواة
والىشروط
{الفقرة األولى}
في الترشح للوظيفة العمومية
{الفقرة الثانية} و طرق {الغفرة الثالثة.}
الفقرة األولى: مبدأ المساواة في الترشح للوظيفة العمومية
هذا المبدأ يستمد مرتكزاته من الدستور وكذلك من
قانون الوظيفة العمومية الفقرة االخيرة الذي ينص على ما يلي”:وال يمكن بأي حال أن يتضمن الملف الشخصي إلى ما يشير لالفكار السياسية أو الفلسفية أو الدينية للمعني
باألمر .238“
وكذلك من خالل أحكام الفصل 11 من القانون
االنف الذكر على ما يلي”:ليس هناك أي ميز بين الجنسين في تطبيق هذا القانون باستثناء األحكام الخاصة التي
تحتمها طبيعة الوظائف والتي قد تتخذ في هذا الصدد .”
وتبعا لمختلف هذه األحكام فانه يحجر على االدارة
ما يلي: -1التمييز العنصري -2 التمييز العقائدي
238 الفصل 10
-3 التمييز السياسي -4 التمييز بين الجنسين
الفقرة الثانية: شروط االنتداب
االنتداب للوظيفة العمومية يخضع الى شروط عامة
{أ} و شروط خاصة {ب.)
أ– الشروط العامة لالنتداب بالخطط الوظيفية:
◊ الجنسية
◊ الحقوق المدنية
◊ االخالق الحميدة
◊ السن
◊ الكفاءة البدنية والعقلية والعلمية
◊ سالمة الوضعية إزاء قانون التجنيد.
1 -الجنسية :
يمكن الحصول على الجنسية التونسية باالسناد أو
باالكتساب.
المقصود باالسناد هو أن يتحصل الشخص على الجنسية التونسية بموجب النسب أو الوالدة، إما االكتساب فيكون إما عن طريـــــــــق التجنس {المعني باألمر يطلب الحصــــــــــول على الجنسية.} علما وان شروط اكتساب الجنسية تتمثل في االقامة بالبالد التونسية منذ خمس
سنوات .
– تقديم خدمات جليلة للبالد التونسية من طرف
مكتسب الجنسية. هذا وان االجانب يمكن لهم الحصول
على الجنسية عن طريق التزوج من تونسيات .
ما يجب قوله هو أن المجنسين اليمكنهم أن يشغلوا
الوظائف العمومية إال بعد مضي خمس سنوات من حصولهم على الجنسية التونسية.إال انه يمكن رفع هذا التحجير بمقتضى األمر الذي تم بمقتضاه إسناد الجنسية أو
بمقتضى أمر الحق .
عمليا لم تعد االدارة تشترط طبقا للمنشور عدد13
االدالء بشهادة
23 جوان 1984
المؤرخ في
1984
لسنة
في ثبوت الجنسية بل أصبحت تكتفي بمطالبة المترشحين
بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية.
-2 التمتع بالحقوق المدنية:
من حيث المبدأ كل مواطن يتمتع بالحقوق المدنية
وال يمكن سحب هذه الحقوق إال بمقتضى قانون أو بقرار
عدلي صادر عن المحكمة الجزائية .
و ال يمكن الشطب على الموظف إال نتيجة لعقوبة
تتخذ وفقا للفصل 5 من المجلة الجزائية تتمثل في حرمانه من ممارسة الوظائف العمومية أو بسبب فقدانه لكامل حقوقه المدنية ، وكل شخص يفتقد لهذا الحق يصبح غير
مؤهل لالنتداب للوظيفة العمومية أو البقاء فيها .
ويمكن استرداد الحقوق بطلب من المعنيين أنفسهم
بمقتضى قرار من لجنة العفو بعد 3 سنوات بالنسبة
للجنــــــايات و سنة واحدة بالنسبة للجنح. ويمكن استرجاع المحكوم عليهم بالسجن مع تأجيل التنفيذ حقوقهم المدنية
بصفة آلية إذا لم يرتكبوا خالل 5 سنوات التي تلي الحكم
عليهم لجناية أو لجنحة يعاقب عليها بالسجن .
و يمكن أن يكون العفو عام أو خاص.
▪ العفو العــــــام :
العفو العام ال يمنح إال بمقتضى قانون ، وينجر عن
العفو العام محو كل من الجريمة و العقوبة الصادرة في
شانها .
▪ العفو الخـــــاص :
يعتبر بمثابة إسقاط للعقاب المحكوم به أو الحط من مدته أو إبداله بعقاب آخر اخف .ويمارس هذا الحق رئيس الجمهورية. ويتم اتخاذ أوامر العفو الخاص بناءا على تقرير من وزير العدل و حقوقاإلنسان بعد اخذ رأي لجنة العفو. غير أن العقوبات التي يشملها العفو الخاص تبقى
مسجلة ضمن السوابق العدلية {تبقى مسجلة في بطاقة
السوابق العدلية اي بطاقة عدد }3
▪ العفو التشريــعي الخــــاص:
يعتبر العفو التشريعي الخاص إجراءا خاصا باسترداد الحقوق. يتم إقراره عادة بمقتضى قانون محدود
المفعول زمنيا ويصدر بطلب من االشخاص المعنيين به .
ينجر عن العفو التشريعي الخاص مثلما الشأن للعفو التشريعي العام محو كل من الجريمة والعقوبة الصادرة
في شأنها.
-3 حسن السيــــرة والسلـــوك:
تمارس االدارة سلطتها التقديرية للتثبت من مدى
توفر هذا الشرط في المترشحين مع مراعاة خصوصية كل وظيف ومتطلباته المهنية علما وانه تم إلغاء شهادة حسن
السيرة واألخالق واالقتصار على البطاقة عدد3 الثبات
حسن السيرة واالخالق علما وان االدارة يمكنها اعتماد
تمش آخر للتأكد من توفر حسن السيرة والسلوك.
-4 السن :
18 سنة ، أما السن
الدنيا حددها القانون ب
السن
القصوى فتحددها االنظمة االساسية الخاصة مع مراعاة التراتيب المعمول بها فيما يتعلق بحاملي الشهادات
الجامعية العليا.
-5 توفر المؤهالت البدنية و الذهنية و العلمية:
▪ توفر المؤهالت البدنية والذهنية:
االدارة تمارس سلطة تقديرية للتثبت من توفير المؤهالت البدنية والذهنية في المترشحين {سلطة االدارة مقيدة} ويتم إثبات ذلك بشهادة طبية مسلمة من قبل طبيب
صحة عمومية مسجل لدى عمادة األطباء مع مراعاة
ماي
المؤرخ في 29
1981
لسنة
أحكام القانون عدد 46
المؤرخ في
1989
لسنة
المنقح بالقانون عدد 52
1981
المتعلق بالنهوض بالمعاقين وحمايتهم
1989
14 مارس
وخاصة الفصل 13منه الذي ينص على ما يلي “:ال يمكن
أن تكون االعاقة سببا في حرمان مواطن من الحصول على شغل في القطاع العام أو الخاص إذا توفرت لديه
المؤهالت الالزمة للقيام به”.
واالدارة يمكنها القيام بعملية التثبت من توفر
المؤهالت البدنية و الذهنية إلى جانب الشهادة الطبية ‘
وهذه السلطة التقديرية تخضع لرقابة القاضي االداري .
▪ توفر المؤهالت العلمية :
طبقا للتشريع الجاري به العمل‘ حددت المستويات
التعليمية الدنيا اللنتداب في مختلف أصناف الوظيفة
العمومية وفقا لبيانات الجدول التالي :
– الصنف الفرعي “ا1 ” :
شهادة الدراسات المعمقة على االقل D O A أو
شهادة الماجستير على االقالوالشهادة الوطنية لمهندس أو
شهادة معادلة .شهادة تكوينية منظرة بهذا المستوى تسلم
من وزارة التكوين المهني.
– الصنف الفرعي “ا2 ” :
شهادة االستاذية على االقل أو شهادة معادلة أو
االجازة على االقل أو شهادة معادلة حسب نظام “أمد” منذ
سنة 2009 اوشهادة تكوينية منظرة في هذا المستوى .
– الصنف الفرعي “ا3 ” :
شهادة الدراسات الجامعية للمرحلة األولى على
االقل أو ما يعادلها أو شهادة تكوينية معادلة .
– صنف “ب:”
شهادة الباكالوريا على األقل أو شهادة معادلة أو
شهادة تكوينية منظرة في هذا المستوى .
– صنف “ج:”
كل من تابع بنجاح مرحلة التعليم االبتدائي وأتم السنة السادسة من التعليم الثانوي دون الحاجة للنجاح{. النظام القديم} او حاملي شهادة ختم التعليم األساسي وأتموا بنجاح السنة الثالثة على االقل من التعليم الثانوي دون اشتراط
النجاح اوشهادة تكوينية منظرة في هذا المستوى .
– صنف”د:“
كل من تابع بنجاح مرحلة التعليم االبتدائي و تابع
بنجاح السنة الثالثة على االقل من التعليم الثانوي أو شهادة
على االقل أو شهادة تكوينية منظرة
ختم التعليم األساسي
في هذا المستوى.
– االطار القـــانوني للمتكونين في مراكز التكويــــن
المهني :
المتعلق بضبط سلم
1994
االمر المؤرخ في جوان
الوظائف الوطنية وكذلك شروط تنظير شهادات ومؤهالت
التكوين المهني االساسي والمستمر.
يضبط هذا االلمر سلم الوظائف الوطني على النحو
التالي :
– المستوى األول:
الخطط التي تستوجب مستوى ال يتجاوز نهاية
التعليم األساسي .
– المستوى الثاني:
الخطط التي تستوجب نهاية المرحلة األولى من
التعليم الثانوي أو التي تستوجب شهادة الكفاءة المهنية التي
على االقل بعد التعليم
تتوج مرحلة تكوينية مدتها سنة
األساسي .
– المستوى الثالث:
الخطط التي تستوجب شهادة الباكالوريا أو شهادة
معادلة أو الخطط التي تستوجب مؤهل التقني المهني الذي يتوج مرحلة تكوينية مدتها سنة على االقل بعد نهاية المرحلة االولى من التعليم الثانوي أو بعد االحراز على
شهادة الكفاءة المهنية للمرحلة االولى .
– المستوى الرابع:
الخطط التي تستوجب شهادة المرحلة االولى من التعليم العالي أو الخطط التي تستوجب مؤهل التقني السامي الذي يتوج مرحلة تكوينية مدتها سنتان على االقل بعد االحراز على شهادة الباكالوريا أو على المؤهل التقني
المهني في اختصاص مماثل .
– المستوى الخامس:
الخطط التي تستوجب شهادة االستاذية أو االجازة
في التعليم العالي .
– المستوى السادس:
الخطط التي تستوجب شهادة في ختم التعليم العالي
أو شهادة مماثلة.
كل الشهائد التي تسلم وفق هذا االطار يجب أن
المهني ويتم
تخضع للتنظير من طرف وزير التكوين
مراجعته مرة كل خمس سنوات .
– وضعية المترشح إزاء قانون التجنيد :
حددت سن التجنيد بـــــــ18 سنة ومدة الخدمة
بعام.يخضع المدعون للقيام بالخدمة الوطنية إلى تكوين أساسي عسكري مدتها حاليا بــــ3 أشهر يتم على إثرها سد
.كما
التعيين حسب الحاجة
حاجيات القوات المسلحة أو
يمكن تأجيل التنزيل واإلعفاء من الخدمة الوطنية.
ب- الشروط الخاصة باالنتداب للوظيفة العمومية.
الشروط العامة يتم ذكرها وتحديد االحكام الخاصة بها على مستوى النظام االساسي العام أما الشروط
الخاصة فتحددها األنظمة األســــــاسية الخـــاصة ويتم
التنصيص عليها بمقتضى أوامر.وهذه الشروط الخاصة متعددة بتعدد االسالك الخاصة وسنذكر البعض منها كحدة البصر”المباشرة بالليل والنهار‘القامة””الترسيم بالنسبة للمهندسين‘”ّنوعية المؤهالت العلمية””السن القصوى” مع
مراعاة االسعاف العمري الوارد بالقانون عدد 75 لسنة
المتعلق بالنظام
1985
جويلية
المؤرخ في 22
1985
المنطبق على أعوان التعاون الفني واالمر عدد 1061
لسنة 2006 المؤرخ في 13 افريل 2006 المتعلق بضبط
أحكام خاصة لتحديد السن القصوى وضبط طريقة احتسابها لتمكين حاملي الشهائد العليا من المشاركة في المناظرات الخارجية اللنتداب أو مناظرات الدخول إلى
مراحل التكوين لالنتداب في القطاع العمومي40{ سنة +
إضافة 5 سنوات بالنسبة للمرسمين في مكاتب التشغيل} .
الفقرة الثالثة: طرق االنتداب.
تم على إثر التنقيح المدخل على قانون الوظيفة
العمومية بمقتضى القانون عدد83 لسنة 1997 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997 فك الربط االلي و الموحد بين االنتداب
و الترقية. وتمثل المناظرة الطريقة العادية و االسلم
لالنتداب يمكن تجسيمها حسب صيغ ثالث :
– االختبارات
– الشهائد – الملفات
وال يجوز الخروج عن هذا المبدأ إال عن طريق نص قانوني صريح وبالتالي يخصص االلنتداب للخارجين اعتمادا على مؤهالتهم العلمية مع االشارة وانه بإمكان العون المنتمي لالدارة مترسما كان أو وقتيا أو متعاقدا الترشح لالنتداب بصفة خارجي طالما أن مشاركته تعتمد شهائده العلمية وال يتم االنتداب في حدود نسبمائوية وإنما في حدود الخطط المراد سد شغورها وفق االحداثـــــــــات
و التراخيص المقررة بقانون المالية
les
créations
وتوزيعها حسب الرتب .
و من مزايا المناظرة تمكين االدارة من انتقاء أفضل
الكفاءات و ضمان احترام مبدأ المساواة بين طالبي الشغل .
في قرار فتح المناظرة ال بد من ضبط: -1 عدد الخطط المعروضة للتناظر -2 تاريخ ختم قائمة الترشحات
-3 تاريخ ومكان إجراء االختبارات.
-4 مكان إيداع ملفات الترشحات أو عناوين إرسالها
بالبريد المضمون الوصول.
يجب عالوة على نشر القرارات عمال بالتشريع
الجاري به العمل إدراج مضمون هذه القرارات أو ملخص منها بثالث صحف يومية على االقل وعند االقتضاء ببقية وسائل االعالم السمعية البصرية إلى جانب وجوبية النشر
بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية .
و يتم االنتداب عن طريــــق التسمية {أ} أو االدماج
{ب} أو التعاقد {ج.}
أ- االنتداب عن طريق التسمية :
يمكن لالدرة االنتداب عن طريق التسمية المباشرة
من بين خرجي مدارس التكوين المصادق عليها لهذا الغرض. وتجدر االشارة إلى أن المدارس المصادق عليها لهذا الغرض هي تلك التي أوكلت لها بمقتضى نص ترتيبي مهمة تكوين أعوان مدعوين إلى العمل مباشرة اثر تخرجهم و في حدود حاجيات هذه المصالح ،كما يمكن االنتداب عن طريق التسمية المباشرة لالعوان و العملة الوقتيين شرط الحصول على االذن المسبق من المصالح
المختصة للوزارة االولى.239
وطبقا الحكام النظام الساسي الخاص لالعوان الوقتيين المنظم باالمر عدد 1936 لسنة 1998 مع مراعاة أحكام القانون عدد33 لسنة 1975 و القانون عدد 11 لسنة 1989المنظم للمجالس الجهوية ينتدب االعوان الوقتيين بقرار من الوزير الذي يمارس سلطة التسلسل أو االشراف االداري بناءا على ترخيص من الوزير االول وال يصبح حسب الفصل 6 من هذا النص قرار االنتداب نافذ المفعول
239وفقا لمنشور الوزير االول عدد44 لسنة 1989 بتاريخ 11 أوت 1989 و المنشور
عدد 49 بتاريخ 28 نوفمبر 1990 .
إال بعد التأشيرة المسبقة من قبل الوزير االول وذلك حسب
مقتضيات النظام االساسي للعملة.240
ب- االنتداب عن طريق التعاقد:
يمكن لالدارة أن تنتدب أعوان تونسيين عن طريق
التعاقد وذلك للقيام بمأموريات خاصة و لمدة محدودة. والتعـــــاقد أصبح آلية من االليــــــــــات المعتمدة من قبل االدارة أكثر فأكثر نظرا لتميـــــزها بالمرونة وذلك حسب مقاييس وطنية أو جهوية حتى تؤدي هذه الطريقة االهداف المطلوبة منها انتداب االعوان المتعــــــــــاقدين يخضع أما
ألحكام اتفاقيات التعاون الفني و االداري أو لتقنية العقود .
ج- االنتداب عن طريـق االدماج :intégration
sur recrutement
يتم االدماج بالنسبة للموظفين طبقا ألحكام األمر عدد 2109 لسنة 1993 المؤرخ في 25 أكتوبر 1993 المتعلق
بضبط شروط االدماج اثر نهاية االلحاق .
ويتم االدماج أيضا بالنسبة للعملة وكذلك ضمن إطارات الموظفين . وشروط هذا االدماج يحددها األمر
عدد1216 لسنة 1985 المؤرخ في 5 أكتوبر 1985 وذلك
بعد اجتياز امتحان مهني بنجاح.
240أمر عدد 2509 لسنة 1998 وخاصة الفصل 28 منه الذي نص على ما يلي”:ينتدب
االعوان الوقتيين بمقرر من رئيس االدارة المعنية بعد موافقة الوزير االول.”.
المبحث الثالث:
التسمية والترسيــــــــم.
الموظف العمومي يتم تسميته {الفقرة األولى} ثم
يقع ترسيمه بعد ذلك {الفقرة الثانية.}
الفقرة األولى: التسمية: السلط العمومية
المؤهلة لتسمية االعوان العموميين.
يتم تسمية الموظف العمومي من رئيس الجمهورية
{أ} أو رؤساء اإلدارات المعنية {ب.}
أ-رئيس الجمهورية :
عمال بأحكـــــام الدستــــور يسند رئيس الجمهورية
الوظائف العليا المدنية و العسكرية باقتراح من الحكومة .
وعلى هذا االساس تتم التسمية في بعض الرتب بمقتضى أوامر فردية. مثال القضاة ،مستشاري المصالح العمومية، وكذلك بالنسبة إلى الخطط الوطنية والتي
تخضع للسلط التقديرية لرئيس االدارة .
ب- رؤساء االدارات المعنية:
تحدد االنظمة االساسية بالنسبة لكل رتبة السلط المؤهلة لتسمية الموظفين . وعادة ما يكون رئيس االدارة أي الوزير الذي يمارس سلطة التسلسل أو االلشراف االداري إزاء االعوان المعنيين. علما وان االسالك الخاضعة الدارتين مختلفتين تتم التسمية بها بقرار من الوزيرين. مثال أساتذة التعليم العالي للطب تتم تسميتهم
بموجب قرار من وزير التعليم العالي ووزير الصحة .
الفقرة الثانية:الترسيـــــم.
يتم ترسيم االعوان المتربصين بعد اجتياز فترة
تاهيلية تدعى تربص.ويتم ترسيم االعوان الوقتيين بعد
اجتياز اختبار مهني بنجاح ممن لديهم فترة اقدمية تقدر
بخمس سنوات على االقل .
يتم تاطير االعوان المتربصين باالعتماد على برامج
تربص يعدها ويسهر على تنفيذها موظف مؤطر يعين للغرض على ان ال تكون رتبة المؤطرين دون رتبة العون المتربص .يتعين على المؤطر تقديم تقارير دورية وتقرير
.كما يتعين على العون
حول ما قام به المتربص
نهائي
المتربص تقديم تقرير عند انتهاء التربص يدون فيه
مالحظاته .
حددت مدة التربص بسنتين حسب قانون الوظيفة العمومية. ويمكن التخفيض في هذه المدة إلى سنة واحدة أوال بالنسبة إلى االعوان الذين تمت تسميتهم مباشرة بعد
تخرجهم من مدارس التكوين المصادق عليها للغرض. وثانيا بالنسبة لالعوان الذين قضوا على االقل سنتين في
الخدمة المدنية الفعلية بصفة وقتية أو متعاقدين .
و ال يجوز منذ صدور قانون الوظيفة العمومية سنة
1983 التمديد في مدة التربص ما لم تنص االنظمة
الخاصة على خالف ذلك.و تتم استشارة اللجنة االدارية المتناصفة قبل اتخاذ قرار الترسيم وذلك على ضوء التقرير النهائي الذي يكون مرفوقا بتقرير ختم التربص المعد من قبل العون العمومي . علما وان رأي هذه اللجنة
ال يلزم رئيس االدارة .
يتم الترسيم بقرار من السلطة التي لها حق التسمية ويكون هذا الترسيم صريحا أي بمقتضى قرار أو ضمنيا
حيث يتم اعتبار االعوان مترسمين وجوبا بمقتضى القانون
بعد قضاء 4 سنوات.
المبحث الرابع:
حاالت أعوان الوظيــــفة العمومية.
محددة بأربع حاالت حسب قانون الوظيفة العمومية
وهي:المباشرة {الفقرة األولى} و االلحـاق {الفقرة الثانية} و عدم المبـــاشرة {الفقرة الثالثة} و وضعية تحت السالح {الفقرة الرابعة.} وهذه الحاالت ال تهم اال األعوان القارين
من موظفين وعملة .
الفقرة األولى:المباشرة.
يعرفها الفصل 60 من قانون الوظيفة العمومية
كاالتي”:هي حالة الموظف المرسم برتبة بصفة قانونية والمباشر فعال وظائف إحدى الخطط لهذه الرتبة. و يعتبر في حالة مباشرة العون المنتفع بعطلة مهما كان نوعها أو عند إيقافه عن العمل أو عند الرفت المؤقت من الوظيفة
وكذلك العون عند ممارسته لوظائفه بنظام نصف الوقت.”.
الفقرة الثانية:اإللحاق .
لاللحـــاق أنــواع {أ} و إجراءات {ب} و آثار{ج}
و مدة {د} و نهاية {ه.}
أ- انواع االلحاق:
االلحاق نوعان: إلحاق بطلب من الموظف وااللحاق
الو جوبي.
-1 االلحاق بطلب من الموظف :
ال يجوز االلحاق إال إذا توفرت الشروط التالية:
-1 قضاء سنتين من العمل الفعلي على االقل.
-2 ان يتقدم الموظف بطلب كتابي صريح.
أن يتحصل هذا الطلب على الموافقة من إدارته {االدارة التي ينتمي إليها} والمؤسسة التي سيتم
-3
اآلصلية
إلحاقه لديها.
-4 يجب أن تكون االدارة أو المؤسسة المزمع
االلحاق لديها مستقلة ماديا {ماليا} عن إدارته األصلية ، علما وأن اإللحاق ال يتم اال في الرتبة { ال يتم االحاق في
الخطة.}إما االدارات التي يمكن االلحاق لديها هي :
االدارات العمــــــــــومية و الجمـــــاعات العمومية و المؤسسات والشركات الوطنية و والشركات ذات الرأس المال المشترك و المنظمات الوطنية و الوكالة التونسية للتعاون الفني و االدارات التي يتم تعيين االفراد فيها بصفة
عضو حكومة او لممارسة خطة نيابية.
-2 االلحاق الو جوبي:
يمكن إلحاق الموظفين بصفة وجوبيه عند إعادة
هيكلة المصالح التي يعملون بها بتحويلها إلى إدارات أو مؤسسات مستقلة أو إلحاقها بإدارات أخرى وفي هذه الحالة ال يمكن إنهاء االلحاق الوجوبي اال من قبل االدارة
األصليةو اال من قبل االدارة الملحق لديها.
ب- إجراءات االلحاق:
يتم االلحاق بمقتضى قرار باستثناء القضاة بمقتضى
-1 الحاالت التي يتم فيها االلحاق بقرار من الوزير
أمر .
االول:
¤ االلحــــــــاق بطلب من العون لدى منظمة وطنية T T … U T I C A ’ U G أو لدى الوكالة التونسية
للتعاون الفني أو لممارسة مهمة حكومية أو خطة نيابية. يتخذ الوزير االول القرار في هذه الحاالت بعد اخذ رأي
رئيس االلدارة أو الهيئة المعنية بااللحاق.
¤ في صورة االلحاق الو جوبي : يتم باقتراح من
رئيس االدارة المعنية.
¤ االطارات العليا للسلك االداري المشترك
متصرف مستشار و متصرف رئيس و مستشار مصالح
عمومية .
-2 الحاالت التي يتم فيها االلحاق بقرار صادر عن رئيس االدارة {الوزير} التي يرجع لها الموظف بالنظر
بعد موافقة رئيس االدارة التي سيلحق لديها الموظف:
من قانون البلديات على
116
كما ينص الفصل
“:يلحق االعوان البلديون باقتراح من رئيس البلدية ويوضع حد لهذا االلحاق بنفس الصيغة بعد استشارة رئيس
االدارة المعنية.” ونفس الشيء بالنسبة للمجالس الجهوية .
ج-آثار االلحاق:
تنقسم إلى قسمين:
إزاء إدارته
آثار االلحاق على وضعية العون
-1
االصلية:
العون يواصل التمتع بكامل حقوقه في الترقية و
التدرج و له الحق في المشاركة في انتخاب ممثلي االعوان باللجنة االدارية المتناصفة الخاصة برتبته‘ ويبقى خاضعا في المجال التأديبي إلى النظام االساسي الخاص المنتمي إليه بإدارته االصلية و أخيرا يبقى خاضعا لنظام التقاعد
المنطبق على السلك الذي ينتمي إليه..
آثار االلحاق على وضعية العون إزاء إدارة
-2
االلحاق:
∙ ال يمكنه المطالبة بتسميته بخطة شاغرة
بإطارات االدارة الملحق لديها.
∙ يخضع في مدة االلحاق إلى كل االحكام
الخاصة بالوظيفة المسندة إليه.
على ميزانية االلدارة
∙ مرتباته تصرف
الملحق لديها كما تتحمل هذه االدارة مساهمة المشغل في نظام التغطية االجتماعية المنتمي
إليه.
د- مدة االلحاق:
لم يضبط المشرع حدا ادني لالحاق باستثناء االلحاق
بالنسبة للحد
لدى وكالة التعاون الفني الذي يكون بشهر.
األقصى 5 سنوات قابلة للتجديد.
بالنسبة لقوات االمن الداخلي سنة واحدة قابلة للتجديد
مرة واحدة.
يتم تجديد االلحاق حسب نفس الشروط وطبقا لنفس
االجراءات المعتمدة لفترة االلحاق االولى .
ه- نهاية االلحاق :
المبدأ ان االلحاق هو وضعية قابلة أساسا لاللغــــــاء
و بالتـــــالي يمكن لكل من العون أو الدارته األصلية أو
الدارات االلحاق المطالبة بوضع حد لفترة االلحاق قبل نهايتها{.هذا الحق ينتفي بالنسبة لاللحاق الوجوبي (.
عند نهاية فترة االلحاق يتم إرجاع العون العمومي
وجوبا إلى سلكه االصلي و يعين من جديد في خطة
تتماشى و الرتبة التي ينتمي إليها والل يمكن لالدارة
التذرع بعدم وجود شغور طالما اقتضى الفصل 64 من
قانون الوظيفة العمومية على انه”: حتى في غياب خطة شاغرة يرجع العون العمومي حتى يتم استنفاذ هذه الزيادة
حتى يتم أول شغور “.
يمكن عند نهاية فترة االلحاق إدماج العون بطلب منه في إطارات االدارة الملحق لديها بعد موافقة االدارة
االصلية وإدارة االلحاق .
الفقرة الثالثة:عدم المباشرة.
آخر خاص
و }أ{
يوجد نظام عادي لعدم المياشرة
.}ب{
أ- النظام العادي لعدم المباشرة:
االحالة على عدم المباشرة العادية بطلب من
-1
العون:
– الشروط:
– توفر شرط سنتين من العمل الفعلي. – يعرب العون صراحة عن رغبته في االحالة على
عدم المباشرة لالسباب التالية :
أوال: تعرض القرين أو احد االصول أو الفروع إلى حادث أو إصابته بمرض خطير ‘ المدة: سنة قابلة للتجديد
مرة واحدة .
ثانيا: القيام بأبحاث أو دراسات تكتسي صبغة
المدة:ثالث سنوات قابلة للتجديد مرة
المصلحة العامة ‘
واحدة .
ثالثا: تربية طفل أو أطفال سنهم دون السادسة أو تمت إصابتهم بإعاقة تتطلب عناية مستمرة ومدتها سنتين
قابلة للتجديد مرتين.
رابعا : لظروف استثنائية ومدتها القصوى 5 سنوات
غير قابلة للتجديد
باإلمكان إحالة نفسن العون على عدم المباشرة
السباب مختلفة ولعدة مرات خالل كامل حياته المهنية. كما يمكن تجزئة المدة القصوى المحددة بالنسبة لكل سبب شرط أو شريطة أن يتم ذلك من العون نفسه أو بطلب من
االدارة .
– آثار عدم المباشرة:
يبقى العون تابعا للسلك الذي ينتمي إليه بإدارته
االصلية غير انه ال يمكن له االنتفاع خالل فترة عدم
المباشرة بحقوقه في التدرج و الترقية و التقاعد ، ويحتفظ العون خالل هذه الفترة بكامل الحقوق المكتسبة بسلكه االصلي قبل احلته على عدم المباشرة. كما ال يمكنه المشاركة في انتخاب نواب أعوان اللجان االدارية المتناصفة، كما ال يمكنه المشاركة في المناظرات الداخلية للترقية وال يمكنه المشاركة في مراحل التكويــــن المستمر و ال في الترقية باالختيار ، ويبقى خاضعا لجملة من الواجبات من ذلك خضوعه لمختلف الواجبات المهنية كواجب التحفظ وواجب تحمل المسؤولية المنجرة عن االخطاء التي قد يكون ارتكابها قبل إحالته على عدم
المباشرة ، كما يخضع لمبدأ النزاهة.
وتنطبق عليه أحكام المجلة الجزائية في مادة
االرتشاء و افشاء السر المهني كما يبقى خاضعا لعدم تعاطي نشاط خاص بمقابل اذ ال يمكنه ان يمارس بنفسه او بواسطة الغير نشاطات لها عالقة بوظيفته السابقة والتي قد
تضر بمصالح االدارة.
في هذا االطار يتعين على االدارة ان تقوم بكل التحريات الالزمة للتاكد من ان وضعية العون العمومي المحال على عدم المباشرة ال تتنافى مع االسباب التي تمت
من اجلها احالته على عدم المباشرة .
– نهاية عدم المباشرة بطلب من العون:
يتعين على العون العمومي ان يطلب ارجاعه للعمل
عن طريق مكتوب مضمون الوصول يتم تقديمه في اجل
ال يقل عن شهرين بداية من تاريخ فترة عدم المباشرة.
علما وان عدم التقيد بهذه االجال يعرض العون للطرد دون
ضمانات تاديبية . ويتم ارجاع العون العمومي دون
اشتراط وجود شغور .
-2 االحالة الوجوبية على عدم المباشرة العادية :
تحضع الى جملة من الشروط:
▪ الشروط االصلية:
-1 الوضع الصحي يستوجب مثل هذا القرار.
-2 ال يجوز لالدارة احالة اعوانها وجوبا على عدم
المباشرة دون ان يكونوا قد استوفوا كامل حقوقهم في
عطل المرض المنصوص عليها باالنظمة االساسية.
▪ الشروط الشكلية:
ال بد من من استشـــــــــارة اللجنة االداريةالمتناصفة واالحالة تتم بقرار من رئيس االدارة ومدتها سنة واحدة
قابلة للتجديد مرتين..
و يترتب عنها جملة من االثار:
ينجر مبدئيا عن االحالة الوجوبية على عدم المباشرة العادية نفس االثار القانونية التي تنجر عن عدم المباشرة الوجوبية‘ غير أن األعوان المحــــــــالين وجوبا على عدم المباشرة يبقون منتفعين بحقوقهم في التقاعد والحماية االجتماعية وتتولى االدارة تحمل كامل المساهمات بما في
ذلك تلك المحمولة على العون .
في نهاية فترة عدم المباشرة تتولى اإلدارة بطلب من أما ارجاعه لعمله شريطة االداالء بشهادة طبية
العون
تقديم مطلب كتابي
تسمح له بذلك أو إحالته على التقاعد .
ب- عدم المباشرة الخاصة :
تسند في الحالتين التاليتين:
-1 االلتحاق بالقرين :
من شروطها: الشرط األول:
ومعلل. والشرط الثاني هو عدم وجود خطة شاغرة لتقريب الزوجين .في هذه الحالة لم يشترط القانون توفر شرط
اقدمية سنتين عمل فعلي .
تتم هذه الحالة بقرار من الوزير االول باقتراح من رئيس االدارة المعنية ‘مدتها سنة قابلة للتجديد لنفس الفترة
عدة مرات وبنفس االجراءات .
ويبقى العون خالل كامل الفترة متمتعا بحقوقه في
التدرج والترقية والتقاعد‘ اال انه يفقد حقه في االجر.
ويمكنه المشاركة في المناظرات الداخلية للترقية ومراحل التكوين المستمر والترقية باالختبار. اال انه يفقد الحق في المشاركة في االنتخابات لتعيين اعضاء الجنة االدارية
المتناصفة.
يبقى العون خاضعا للحماية االجتماعية وذلك
بمواصلة المشغل تسديد المساهمات المحمولة عليه فيما يتحمل العون مساهماته اما بصفة منتظمة وفي آجالها او
بصفة مسبقة وبصفة دورية.
ولالدارة الحق في انهاء عدم المباشرة الخاصة بتقريب الزوجين اذا امكن لها ذلك اذا امكن لها تقريبهما
دون ان يضر ذلك بمصلحة العمل . ويتعين على العون في اجل شهرين قبل نهاية فترة عدم المباشرة الخاصة لاللتحاق بالقرين ان يطلب من رئيس االدارة اما تجديد
الفترة او ارجاعه للعمل دون اشتراط توفر الشغور.
-2 انتخاب العون بمجلس النواب:
يتم وضع األعوان وجوبا في هذه الحالة على أن تتم
بقرار من الوزير األول باقتراح من رئيس االدارة.
الفقرة الرابعة:الوضع تحت السالح.
العون الذي يتم تنزيله لتشكيلة عسكرية للقيام بمدة خدمته الوطنية المباشرة كما نص عليها قانون التجنيد يوضع في حالة خاصة تدعى تحت السالح. وهذه الحالة ال تخص اال الموظفين والعملة المترسمين والمتربصين ومن جنس الذكور. من أهم آثارها ان العون يبقى منتفعا بكامل حقوقه في التدرج والترقية والتقاعد اال انه ال ينتفع باالجر وتصرف له خالل فترة الخدمة المنحة العسكرية الراجعة له ، وعند نهاية الخدمة العسكرية يتم ارجاعه وجوبا لسلكه
األصلي.
المبحث الخامس: واجبات العون العمومي
و تتمثل في واجبات التي لها عالقة مباشرة بممارسة الوظائف {الفقرة األولى} وواجبـــــــات لها عالقة مباشرة بممـــــــــارسة الوظائف {الفقرة الثانية} وواجبات خاصة ببعض األسالك {الفقرة الثالثة} وواجبات بعد نهاية الحياة
المهنية {الفقرة الرابعة.}
الفقرة األولى: الواجبات التي لها عالقة مباشرة بممارسة الوظائف
و تتمثل فيواجب الحضور والقيام بالوظيفة {أ}
وواجب تحمل المسؤولية المنجرة عن القيام بالوظيفة {ب} وواجب االمتثال لتعليـــــمات الرؤساء {د} وواجب
عدم تعاطي نشاط خاص بمقابل {ه.}
أ- واجب الحضور والقيام بالوظيفة:
ربط النظام األساسي العام للوظيفة العمومية دفع
ينص
أن الفصل 35
في حين
الرواتب بانجاز العمل241
على وجوب حجز جزء من المرتب في حالة غياب العون
بصفة غير شرعية. ويتم هذا الحجز وفقا الحكام الفصل
96 مجلة الحقوق العينية علما وان الفصل 25 من قانون
الوظيفة العمومية يحدد مدة العمل السنوية بين 2000
و2400 ساعة يمكن توزيعها حسب الحالة الى توقيت
خاص بشهر رمضان او نظام العمل بالدوام ااالنهال يمكن
تجاوز الحد السنوي االقصى في كل الحاالت.
و يمكن لبعض الموظفين العمل بنظام نصف الوقت
طبقا الحكــــــــام األمر عدد 839 لسنة 1985 المؤرخ في
..1985 جوان 17
واجب تحمل المسؤولية المنجرة عن القيام
-ب
بالوظيفة:
ينص الفصل 6 من قانون الوظيفة العمومية
على…”: و ال تعفيه المسؤولية الخاصة التي يتحملها مرؤوسيه من اية مسؤولية ملقاة على عاتقه وبذلك
241 الفصل 133
فالرئيس المباشر يتحمل مسؤوليات األوامر التي اسداها
الى مرؤوسيه كما يتحمل مسؤولية الحرص على حسن
تنفيذها “. فاألوامر التي يتم تنفيذها بصفة مرضية ال يتحمل مسؤولبتها سوى من اصدرها اال في صورة ما اذا كانت هذه التعليمات المشروعة بديهيا ومضرة بالمصلحة
العامة‘ في هذه الحالة يتحمل مسؤوليتها كل من الرئيس
والمرؤوس وكذلك الشان بالنسبة لالوامر التي ال تنفذ
بصفة مرضية فيتحملها الرئيس والمرؤوس.
ج- واجب االمتثال لتعليمات الرؤساء:
لم ينص قانون الوظيفة العمومية صراحة على هذا
الواجب ، اال أن الفصل 6 من القانون ينص على ان “:كل عون عمومي مهما كانت رتبته في السلم االداري مسؤول على تنفيذ المهام المناطةبعهدته‘ وكل عون مكلف بتسيير مصلحة مسؤول ازاء رؤساءه عن السلطة التي منحت له
لهذا الغرض “. {عند تنفيذ ما يصدر عنه من أوامر.}
ويتضح مما سبق ان مخالفة واجب االمتثال الوامر الرؤساء يعد خطا مهنيا يمكن ان يعرض مرتكبه لعقوبات
مهنية.
لكن واجب االمتثال له حدود ‘ ذلك ان هذا الواجب
ال يمنــــــــــــع العون من ابداء رأيه في مدى شرعية هذه التعليمات أو صالحياتها قبل تنفيذها شرط ان يتم ذلك في حدود االحترام . كما ال يمكن الزام العون باالمتثال ألوامر
ليست لها عالقة بمصلحة العمل ‘ كما يطالب العون
باالمساك عن تنفيذ األوامر التي قد ينجر عنها ارتكاب
مخـــــــــــــــــــــالفة جزائية. وبناءا عليه ال مجال للتذرع
باالكراه البدني والخشية من الرئيس المباشر للتفصي من
المسؤولية في صورة ما اذا أمر الرئيــــــــــــس مرؤوسيه
بارتكاب جريمة، وكذلك بتطبيق أو تنفيذ تعليمات بديهية ال
مشروعة ومضرة بالمصلحة العامة.
د-واجب عدم تعاطي نشاط خاص بمقابل :
-1 المفهوم:
نص الفصل 5 من قانون الوظيفة العمومية على ما
يلي”: يحجر على كل عون عمومي ان يمارس بعنوان مهني وبمقابل نشاطا خاصا مهما كان نوعه وتضبط بامر
الشروط التي يمكن فيها مخالفة هذا التحجير.
وتبعا الحكام هذا الفصل ال تحجر االنشطة الخاصة
اال اذا تم تعاطيها بعنوان مهني وبمقابل وبالتالي فان العون الذي يتعاطى نشاطا خاصا دون مقابل وكذلك العون الذي يقوم بنشاط بمقابل مرة واحدة وبصورة ضرفيةال يعتبر
مخالفا .
اال ان القيام بنشاط خاص وبمقابل له عالقة مباشرة بالمهنة ولو لمرة واحدة وبصورة ضرفية دون ترخيص
مسبق يشكل خطا مهنيا وجزائيافي نفس الوقت.
بالنسبة العوان قوات األمن الداخلي والعسكرييـــن
أي نشاط
يحجرعليهم اطالقا تعاطي
والديوانة
و القضاة
خاص.
وينطبق واجب عدم تعاطي نشاط خاص بمقابل على
اعوان الوظيفة العمومية حتى ولو كانوا في عطلة أو في
حالة الحاق او في حالة عدم مباشرة او في حالة التوقف
الوقتي عن العمل .
في هذه الحالة االخيرة يجب ان يكون التحجير له
عالقة بنظام العمل وكذلك في نظام العمل بنصف الوقت.
-2 االستثناءات لهذا الواجب :
تهم االستثناءات االنشطة التالية:
– االنشطة العلمية واالدبية والفنية والبحث العلمي.
– االختبارات واالستشارات.
– التعليم.
– االنشطة الطبية والموازية لها.
– االنشطة الدينية
-3 الشروط:
هذه االنشطة تخضع لشروط عامة وشروط خاصة.
– الشروط العامة:
-1 يجب ان ال ينجر عن تعاطي العون لنشاط خاص
اي ضرر لوظائفه االصلية.
-2 ان ال ينجر عن ذلك أي أثر على استقاللية العون
أو على مصلحة العمل.
ان يلتزم العون بواجبي التحفظ وكتمان السر
-3
المهني.
-4 ال يمكنه استعمال وسائل عمل االدارة علما وان
لالدارة كامل الحرية في تحجير النشاط الخاص اذا كانت
ممارسته تمس من مصلحتها .
– الشرط الخاص :
يتعين على العون الحصول على ترخيص كتابي مسبق من الوزير الذي يرجع اليه بالنظر . أما عن شروط
إسناد هذا الترخيص فتتمثل في:
– عدم اإلضرار بالصالح العام – أن ال يخل بمصلحة اإلدارة
– أن يندرج النشاط ضمن االستثناءات
المنصوص عليها باالمرعدد83 لسنة 1995
والمنقح
1995
16جانفي
المؤرخ في
..1997سنة
-5 واجب عدم الجمع بين الخطط العمومية.
-6 واجب عدم الجمع بين مرتب عمومي وجراية
فيما يرخصه القانون والتراتيب الجاري بها
إال
التقاعد
العمل.
عدم الجمع بين مرتب عمومي ومنحة
-7واجب
جامعية.
المحدثة بنص
اإلدارية
واجب التقيد بالشهادات
-8
فحسب.
-9 واجب الرد كتابيا على كل شكاية كتابية.
-10 واجب عدم التدخين في الفضاءات المخصصة
لغير المدخنين.
الفقرة الثانية:الواجبات العامة ذات الطابع
األخالقي.
وتتمثل في: واجب الحيــــــــــاد {أ} وواجب األمانة
والنزاهة {ب} و واجب كتمــــــــــــان السر المهني {ج}
و واجب التحفظ {د} وواجب الوالء {ه.}
– واجب المحافظة على االستقاللية.
أ- واجب الحياد :
يتعين على العون العمومي أن ال يتسم سلوكه المهني
بالتحيز أو المحاباة أو الجهويات أو المحسوبية عمال بمبدا
معاملة كافة المواطنين على قدم المساواة.
ب- واجب األمانة والنزاهة :
من أهم االخالالت بواجب النزاهة : االرتشاء “
الحصول على فوائد غير مشروعة ” اختالس األموال
العمومية أو ما يحل محلها ” الجرائم المتعلقة بالوثائق
أو لغيره بصفة
اإلدارية وتجاوز السلطة .
-1 االرتشاء:
قبول الموظف العمومي لنفسه
مباشرة منفعة في صورة عطايا أو وعود عطايا أوهدايا أو
أمر إداري
كيفما كانت طبيعتها مقابل انجاز
أخرى
منافع
أو تسهيله أو االمتناع عن انجازه.242
242 الفصل 82 م ج
-2 أخذ األموال بالباطل :
قبض ما يعرف بعدم وجوبه حتى ولو كان لفائدة
اإلدارة.
–3 الجرائم المتعلقة بالوثــــــائق اإلدارية :
أو تسليم
تدليس وثائق حقيقية
صنع وثائق كاذبة أو
وثائق لغير صاحبها.
مسكن
إلى
-4 تجــــــــــــــاوز السلطة :
االعتداء بالعنف على الغيرأوالدخول
أو التعدي على حرية الغير أو
الغير دون موجب قانوني
على ممتلكاتهم.
ج- واجب كتمان السر المهني :
واجب كتمان
إلى
أعوان الوظيفة العمومية
يخضع
أو الوقائع
المعلومة
إفشاء
السر المهني والمتمثل في عدم
إليهم
أو التي تصل
أو تسليم الوثائق التي هي بحوزتهم
اإلخالل
و ال يعتبر
لوظائفهم.
أو بمناسبة ممارستهم
أثناء
بهذا الواجب خطا إداريا فحسب بل يمكن أن يكتسي أيضا
طابعا جزائيا.
وقد تم التنصيص صراحة على هذا الواجب ضمن
نصين قانونيين‘ األول في قانون الوظيفة العمومية
وتحديدا الفصل 7 الذي نص على أن “:كل عون عمومي
ملزم بكتمان السر المهني في كل ما يتعلق بالوقائع
والمعلومات التي تصل إلى علمه أثناء ممارسة وظيفته أو بمناسبة مبـــــــــــاشرته لها “. كل اختالس أو إحالة للغير
كان
إذا
أو وثائقها محجر تحجيرا باتا
األوراق المصلحة
مخالفا للتراتيب.
أما الثاني ففي المجلة الجزائية علما بان األعوان
الخاضعين لهذا الواجب هم جميع أعوان الوظيفة العمومية دون استثناء بما في ذلك المحالين على عدم المباشرة
واالنقطاع نهائيا عن العمل.
د- واجب التحفظ والحق النقابي:
ال يجب أن يشكل واجب التحفظ عائقا لممارسة الحق النقابي اال أنه ال يمكن في المقابل للمسؤول النقابي بدعوى
أن يدوس حرمة االدارة أو
ممارسة هذا الحق الدستوري
أن يمس بسمعتها.
ه- واجب الوالء:
يوضع العون العمومي عن طواعية في خدمة المجموعة لذا يجب عليه ان يكون مواليا لوطنه وبالتالي للنظام الذي يحكمه وال يعني ذلك بالضرورة ان يكون له نفس االتجاه السياسي الذي تنتهجه الحكومة وعليه ان يكون امينا في تنفيذ سياسة الدولة بكل صدق ويكتسي هذا الواجب صبغة مطلقة بالنسبة الى االعوان الذين يعملون خارج التراب التونسي كالبعثات القنصلية والدبلوماسية
أوكلت لهم
أو الذين
واالعوان الذين يعملون بالخارج
مهمات او الحاق بالخارج يحجر عليهم توجيه اي انتقاد
لسياسة بالدهم .
الفقرة الثالثة: الواجبات الخاصة ببعض
األسالك.
وواجب
}أ{
واجب ارتداء الزي
في :
و تتمثل
الحصول على ترخيص مسبق من االدارة للزواج {ب}
وواجب التصريح على الشرف بالمكاسب {ج} وواجب
السكن {د} وواجب الحصول على رخصة مسبقة من
وواجب تسديد
آخر{ه}
االدارة قبل التنقل من مكان الى
الديون المتخلدة بذمة األعوان المقيمين بالخارج {ك.}
أ-واجب ارتداء الزي:
كالقضاة والعسكريين وقوات االمن الداخلي
والديوانة وبعض االسالك االخرى.
ب-واجب الحصـــول على ترخيــــص مسبق من
االدارة للزواج:
ذلك أن األعوان المنتمين لوزارة الشؤون الخارجية
وقوات األمن والعسكريين مطـــــــــالبون بالحصول على
ترخيص مسبق من رئيس االدارة قبل عقد زواجهم.
ج- واجب التصريح على الشرف بالمكاسب :
المؤرخ
لسنة 1987
يطالب حسب القانون عدد 17
لالعواناالتي ذكرهم بالتصريح على
افريل 1987
10 في
الشرف بامالكهم وامالك قرائنهم واطفالهم “: اعضاء
رؤساء المنشات العمومية
‘ الوالة ‘
السفراء
الحكومة ‘
واعضاء الدواوين الوزارية ‘ الكتاب العامين للوزارات ‘
المديرون العامون ومديرواالدارات المركزية ‘ القناصل
والقناصل العامون والمعتمدون االولون والمعتمدون … اعوان االدارة الجبــــــــــــــــائية وكذلك كل عون للدولة
أو الجماعات المحلية أو المؤسســـــــــــات االدارية الذين
يقومون بمهام امر صرف او محاسب عمومي …”.
د- واجب السكن :
ويهم بعض االسالك. و قد نصت المحكمة االدارية
على انه ال يمكن للسلطة االدارية الحد من حرية االقامة اال
بنص قانوني صريح .وطبقا لهذا المبدا فالقانون عدد 70
ان اعوان االمن الداخلي ملزمون
ينص على
لسنة 1982
باالقامة بالمكان الذي يباشرون فيه عملهم وال يغادرونه االباذن استثنائي من وزير الداخلية. وكذلك الشان بالنسبة
للقضاة .
كما يمكن لالدارة ان تضع على ذمة موظفيها
مساكن ادارية لالقامة في في مقرات عملهم بصفة دائمة.
ه- واجب الحصول على رخصة مسبقة من
االدارة قبل التنقل من مكان الى اخر:
هذا الواجب يهم الدبلوماسيين و الوالة… .
ك- واجب تسديد الديون المتخلدة بذمة االعوان
أعوان السلك الدبلوماسي و القنصلي
المقيمين بالخارج:
يطـــــــــــالب
بذمتهم
العاملون بالخارج ان يسددوا كل الديون المتخلدة
قبل عودتهم الى ارض الوطن.
الفقرة الرابعة:واجبات العون العمومي بعد
نهاية حياته المهنية.
يطالب العون العمومي حال انقطاعه نهائيا عن
الوظيفة العمومية تسليم االدارة كل الوثائق والتجهيزات التي كانت بحوزته، كما يطالب باحترام كل الواجبات اال
واجب مباشرة الوظيف.
المبحث السادس: حقوق الموظف العمومي
ينمتع الموظف العمومي بحقوق وضمانات جماعية
{الفقرة األولى} وحقوق وضمانات فردية {الفقرة الثانبة}
وحقوق مرتبطة بالحياة المهنية {الفقرة الثالثة.}
الفقرة األولى: الحقــــوق والضمانات الجماعية
و تتمثل فيالحق النقابي {أ} و حق اإلضراب {ب.}
أ- الحق النقابي :
هو حق دستوري كم ضمنته قوانين الوظيفة
العمومية مجتمعة243، كما ضمنته المجلة الجزائية.
ب- حق االضراب:
االضراب هو تعطيل جماعي ومدبر للعمل دفاعا عن حقوق مهنية وبالتالي كل تعطيل للعمل ال يستجيب
لهذا التعريف يعتبر خطا مهنيا يعرض صاحبه للعقوبات
المهنية ، علما وان النصوص وان نصت صراحة على الحق النقابي في القطاع العمومي اال انها لم تنص على حق االضراب في حين نصت بعض االنظمة االساسية على تحجيره بالنسبة لقوات األمن و الديوانة والقضاة
بجميع اصنافهم .
ويعتبر االضراب في القطــــــــاع العمومي شرعيا
لالعتبـــارات التالية: ان الحق في االضراب جزء اليتجزء
من المجلة الجزائية
107
من الحق النقابي حسب الفصل
243 الفصل 4 من قانون .1983
فاالضراب الشرعي ال ينجر عنه عقاب جزائي ، كذلك
وطبقا الحكام الفصل 4 من قانون الوظيفة العمومية فان
نقابات الموظفين تخضع الحكام مجلة الشغل التي تعترف
صراحة بحق االضراب .
واعتمادا على فقه القضاء فان الموظف يتمتع بحق
االضراب ما لم ينص نظامه االساسي على خالف ذلك .
ولممـــــارسة هذا الحق يجب التقيد ببعض الشروط
و منها بالخصوص:
-1 الدفاع عن حقوق مهنية وبالتالي فان االضرابات
السيـــــــاسية و العقائدية أو الضرابات التضامنية ال تعتبر
شرعية.
-2 عدم االضرار بالمصلحة العامة علما وان الدولة
يمكنها االلتجاء للتسخير في صورة ما اذا هدد االضراب مصلحة حيوية من مصالح المجموعة ويقتضي هذا الحق
االعالم المسبق بمكان االضراب و تاريخه.
–3 الحق في التجمع والمشاركة في الجمعيات
وكذلك احداث العمادات{ المهنية.}
الفقرة الثانية: الحقوق والضمانات الفردية
و تتمثل في حماية العون من نتائج أخطائه الفردية
{أ} والحماية من التهديد وهضم الجانب والشتم والثلبد
والحق في األجر{د}
وحرية التفكير والتعبير{ج}
}ب{
وحق الدفاع {ه} وحق التقاعد والحيطة االجتماعية {ك.}
أ- حماية العون من نتائج أخطائه الفردية:
الفصل 8 من ق و ع ينص على انه “: اذا وقع تتبع
العون من طرف الغير من اجل خطا وظيفي يجب على االدارة ان تتحمل ما قد يصدر ضده من احكام بجبر
الضرر” . وبالتالي يمكن للمتضرر ان يقوم بدعوة ضد
االدارة او ضد العون نفسه وفي هذه الحالة تحل االدارة محل العون عند تنفيذ الحكم والتخص الحماية سوى االخطاء الوظيفية المرتكبة عن حسن نية وال تشمل هذه الحماية جبر االضرار المنجرة عن اخطاء العون
الشخصية التي ليست لها اي عالقة بالوظيف.
الحماية من التهديد وهضم الجانب والشتم
-ب
والثلب:
يضمن الفصل 9 من ق و ع العون العمومي ضد ما
او شتم او ثلب
هضم الجانب‘
قد يتعرض اليه من تهديد‘
حيث ان االدارة ملزمة بحمايته من التهديدات أو
االعتداءات مهما كان نوعها والتي قد يتعرض اليها
بمناسبة ممارسة وظيفته وعند اللزوم تكون ملزمة
بجبررالضرر الناتج عن ذلك. وتحل االدارة محل العون المعتدى عليه في حقوقه ولها في سبيل ذلك حق الدعوى
المباشرة.
ج- حرية التفكير والتعبير :
هذا الحق ضمنه الفصل 10 من ق و ع الذي يحجر
ان يحتوي الملف الشخصي للعون العمومي ما يشير الى
أو الدينية . كما منح الفصل
أو الفلسفية
االفكار السياسية
40 من ق و ع عطلة استثنائية للمشاركة في اشغال
مؤتمرات االحزاب السياسية.
د-الحق في األجر:
13 ق و ع يضمن الحق في المرتب بعد ‘ وتكرس مجلة المحاسبة العمومية مبدا
الفصل انجاز العمل
صرف المرتب بعد انجاز العمل صلب الفصلين 41 و96 .
ه-حق الدفاع:
حقوق الدفاع للموظف مضمونة وهي: اطالعه على الملف التاديبي واالستعانة بمن يدافع عنه واستحضار الشهود. كما ان اللجان االدارية المتناصفة مؤهلة للنظر وابداء الراي في الترسيم والترقية واسناد األعداد والنقل
المباشرة الوجوبية
الوجوبية مع تغيير اإلقامة وعدم
والتاديب .
كما يمكن للعون العمومي في اطار حقوق الدفاع
تقديم مطلب تظلم العادة النظر في القرارات المتخذة في شانه كما يمكن له ان يقدم دعاوى قضائية سواءا تعلق
االمر بدعاوى االلغاء او دعاوى التعويض لغرم الضرر.
ك-حق التقاعد والحيطة االجتماعية:
تغطي حوادث الشغل و االمراض المهنية و التغطية
االجتماعية.
الفقرة الثالثة: الحقوق المرتبطة بالحياة المهنية
والتدرج والترقية
}أ{
وتتمثل فيالحق في العطل
.}ب{
أ- الحق في العطل:
يتم تصنيف العطل على النحو التالي:
الصنف اآلول :عطل االستراحة وتشمل العطل
األسبوعية والعطل السنوية وعطل األعياد الرسمية
والعطل التعويضية .
الصنف الثاني : العطل المسندة السباب صحية وهي
عطل المرض العادي وطويل األمد وعطلة الوالدة وعطلة
األمومة وراحة الرضاعة .
الصنف الثالث : هي عطلة التكوين المستمر .
الصنف الرابع: هي العطل االستثنائية والظرفية . الصنف الخامس: العطل بدون أجر
الصنف السادس: عطلة لبعث مؤسسة .
– عطلة الراحة االسبوعية:
يوم واحد في االسبوع يمنح بصفة دورية ودون ترخيص مسبق ويكون عادة يوم االحد. بالنسبة للمصالح التي تعمل بدون انقطاع يتم اسناد هذا اليوم بالتناوب كامل
االسبوع بين العاملين في هذه المصالح.
– العطل السنوية:
مدتها شهر وتمنح بطلب من العون العمومي وموافقة االدارة علما وان االدارة يمكنها توزيع هذه العطلة
بكيفية تضمن حسن العمل واستمرارية المرفق العمومي .
ثم تمنح االولوية في مدة العطلةلالعوان الذين لهم أطفال في الكفــــــــالة . يمكن ان تعقب هذه العطلة العطل
المرضية و العكس غير جائز .
ويخضع اسناد هذه العطلة الى قاعدة العمل المنجز
وبذلك فان استحقاق عطلة سنة 2021 تسند سنة 2022 . و تأجيل العطلة السنوية حالة استثنائية تقتضيها متطلبات
سير العمل .
– عطل األعياد الرسمية
:يحددها االمر عدد 1185 لسنة 1995 المؤرخ في
أيامها
عطلة مجموع
وتشتمل على 12
1995
19 جوان
14 يوما. وال يمكن أن ينجرعن هذه العطل توقيف سير
العمل بالمصالح العمومية أكثر من 48 ساعة متتالية .
– العطل التعويضية :
وهي عطلة مخصصة لتعويض ساعـــــات العمل
االضافية غير المؤجرة .
– العطل ألسباب صحية:و تتمثل في:
– عطلة المرض العادي:
تسند هذه العطلة عند االصابة بمرض يتم اثباته من
قبل طبيب مرسم بعمادة االطباء‘ والعجز عن مباشرة
الوظائف . يقدم طلب كتابي مع شهادة طبية في 48 ساعة على اقصى تقدير من تاريخ االنقطاع ولالدارة الحق في
رفض كل الشهادات الطبية الموجهة لها بعد االجال
القانونية. تسند هذه العطلة مباشرة وفي حدود الشهر االول بقرار من رئيس االدارة وال تسند بداية من الشهر الثاني
اال بعد الموافقة من قبل اللجنة الطبية ذات االختصاص .
تسند هذه العطلة المرضية بكامل االجر لمدة شهرين
‘وال تسند
10 اشهر بداية من الشهر الثالث
وبنصفه لمدة
عطل المرض العادي اال بعد مباشرة الوظائف لمدة 365
يوما على األقل.
بعد استنفاذ الحقوق في عطل المرض للموظف
الحق في االحالة لعدم المباشرة الوجوبية لمدة سنة يقع
تجديدها مرتين. يمكن لالدارة اجراء المراقبة االدارية او
الطبية للتاكد من توفر شروط االنتفاع بهذه العطلة ‘ اال ان المراقبة االدارية ال ترمي اال للتثبت من ان العون المتغيب بسبب المرض ال يستعمل عطلته اال للتداوي ، مع العلم وانه ال يجوز االستناد الى هذه المراقبة االدارية العتبار العون في حالة صحية تسمح له بالعمل وبالتالي فان مغادرة العون المتحصل على عطلة المرض العاديمحل سكناه دون استرخاص من االدارة يعتبر خرقا لقانون
الوظيفة العمومية ويستوجب العقاب .
علما بان للعون امكانية مغادرة محل السكنى شريطة
ان ياذن طبيبه الخاص بذلك .
– عطل المرض طويل األمد:
الحصول على هذه العطلة يكون اثر االصابة
باألمراض المحددة باألمر عدد 239 لسنة 1959 المؤرخ
وهي : السل ، السرطان ، الشلل
1959
اوت
24 في
واالمراض العقلية .
وال تسند هذه العطلة اال اذا كان العون في حالة
مباشرة فعلية لمهامه أو في حالة عطلة مرض عادي كما
انها ال تسند اذا تبين أن المرض ناتج عن المشروبات
الكحولية او المخدرات ‘ وتسند هذه العطلة اما بطلب من
العون أو بمبادرة من االدارة. و ال تسند هذه العطلة دون
عرض ملف العون العمومي مسبقا على رأي الجنة الطبية المختصة {وزارية أو جهوية أو الوطنية.} علما وأن رأي
اللجنة ملزم وال يجوز االقتصار على رأي الطبيب
المراقب دون عرض الملف على اللجنة الطبية المختصة.
أو على عدة
أن تسند هذه العطلة دفعة واحدة
يمكن
أمراض. وال
أوعدة
مرات وذلك بعنوان مرض واحد
يشترط لالنتفاع بهذه العطلة قيام العون بمدة نشاط معينة . االنتفاع بهذه العطلة يخضع لجميع واجبات العون باستثناء
ممارسة الوظيف ‘ كما انه ال يمكنه مغادرة تراب
الجمهورية اال بعد حصوله على ترخيص مسبق من رئيس االدارة . و تقوم االدارة بالمراقبتين االدارية والطبية حسب
نفس االجراءات المعمول بها في عطل المرض العادي.
و ال يمكن ان تتجاوز عطلة المرض طويل االمد
الخمس سنوات على اقصى تقدير منها 3 سنوات بكامل
االجر ولكن دون صرف منحة االنتاج وسنتين بنصف
المرتب .
قبل العودة للعمل يتعين على العون العمومي االدالء
بشهادة طبية 15 يوما قبل انتهاء العطلة اال ان هذه الشهادة ال تكفي الثبات شفاء العون نهائيا اذ يعتبر راي اللجنة الطبية ذات االختصاص وجوبيا والزاميا اذ ال يمكن لالدارة ان تاذن للعون باستئناف نشاطه دون موافقة هذه
اللجنة .
– العطل المسندة اثر اصابة العون بمرض مهني أو
إثر تعرضه لحادث شغل :
يمنح العون العمومي في هذه الحالة عطلة مرض خالصة األجرمهما كانت مدة عالجه ‘ كما ينتفع الموظفون والعملة اثراقدامهم بتفان على عمل من اجل الصالح العام
بعطلة خالصة األجر .
– عطلة الوالدة:
مدتها شهران مع استحقاق كامل المرتب ويمكن الجمع بينها وبين عطلة االستراحة وال تسند عند االجهاض
كما ال تسند بمناسبة التبني .
– عطلة األمومة:
اشهر الموالية مباشرة لعطلة
اقصاها 4
تسند لمدة
الوالدة ‘ علما بأن العون ال يمكنه التمتع بهذه العطلة لو
باشر عمله ولو ليوم واحد اثر عطلة الوالدة ‘ ذلك انه
يتعين على العون العمومي أن يقدم مطلبا في الغرض 15
يوما على االقل قبل انتهاء عطلة الوالدة.
أو ثالثة أو
أو شهرين
أن ينتفع بشهر
يمكن للعون
أربعة لكن دون أن يكون له الحق في تجديد المدة التي
طلبها كما يمكن لهذا العون ان يطلب استئناف العمل قبل
انتهاء المدة الممنوحة له.
للعون مختلف الحقوق ويبقى خاضعا لمختلف
الواجبات المهنية باستثناء واجب الحضور ويصرف له
االجرما عدا المنح العائلية فانها
مدة هذه العطلة نصف
تصرف كاملة .
– راحة الرضاعة:
تمنح هذه الراحة مدة ساعة واحدة لكل حصة عمل
تدوم 4 ساعات على االقل وتكون بساعتين أي ساعة عن كل حصة لما يكون العمل بنظام الحصتين ويكون مجموع
ساعاتها ال يقل عن 7 ساعات .
هذه العطلة ال تمنح االلالمهاتالالتي يرضعن
اطفالهن رضاعة طبيعية ويتعين لذلك تقديم تصريح على
أشهر التي تلي مباشرة
الشرف وال تمنح اال خالل ال6
عطلة الوالدة .
– عطلة التكوين المستمر:
تسند بقرار من رئيس االدارة وال تسند االلالعوان
المترسمين وال يمكن االنتفاع بعطلة تكوين مستمر ثانية اال
بعد مضي 3 سنوات على المرحلة االولى التي شارك فيها.
– العطل الظرفية :
و تنقسم الى 3 أنواع: – العطل االستثنائية
– العطلة بدون أجر – عطلة السراح
– العطل االستثنائية:
العطل االستثنائية هي المسندة للقيام بأحد الواجبات
التي يفرضها القـــــــانون : االدالء بشهادة لدى المحاكم ‘ أو القيام بالفحص الطبي الالزم الداء الواجب العسكري أو
الداء واجب االنتخاب.
– عطلة للقيام بمناسك الحج :
تسند مرة واحدة في الحياة المهنية مدتها شهر الداء
وال تسند بالنسبة
للمسلمين.
مناسك الحج وال تسند اال
للعمرة
– القيام بواجب عائلي ملح :
وتسند في حدود 6 أيام في السنة.
– العطل االلستثنائية التي تسند لرئيس العائلة
أيام
خالل ال10
بمناسبة كل والدة :
حددت مدتها بيومين وال تسند اال
التي تلي تاريخ الوالدة ‘ وال تخول والدة توامين اال يومين
فقط.
– العطل الممنوحة بمنـــــاسبة المؤتمرات المهنية
والنقابية:
مدتها تحدد حسب المدة المحددة باالستدعاء . وكذلك
العطل الممنوحة بمناسبة مؤتمرات األحزاب السياسية أو
المنظمات الوطنية أو منظمات الشباب
– العطل الممنــــــــوحة للمشاركة في المباريات
الرياضية الدولية ضمن الفرق الوطنية
– العطل بدون أجر:
أشهر في السنة وال
أن تتجاوز مدتها 3
ال يمكن
2003
لسنة
تحتسب ضمن الخدمة المدنية الفعلية.
– العطلة لبعث مؤسسة:
تم احداثها بمقتضى القانون عدد20
، وتسند طبقا ألحكام األمر
2003
مارس
مؤرخ في 17
2003
16 جويلية
المؤرخ في
2003
لسنة
1617
عدد
المتعلق بضبط اجراءات وصيغ اسناد عطلة لبعث مؤسسة، وتسند هذه العطلة للمترسمين من موظفين وعملة
لمدة سنة قابلة للتجديد مرة واحدة .
ويواصل العون المتمتع بهذه العطلة االنتفاع
أنه يفقد التمتع بالمرتب و التدرج
بالتغطية االجتماعية اال
والترقية .
عند بعث مؤسسة بمنـــــــــــاطق التنمية الجهوية
المؤرخ
1999
لسنة
483
المنصوص عليها باالمر عدد
في 1 مارس 1999 المتعلق بتحديد مناطق تتشجيع التنمية الجهوية يواصل العون المتمتع بهذه العطلة التمتع بالتغطية االجتمـــــــاعية وبنصف األجر اال أنه يفقد حقه في التدرج
والترقية..
ويحجر ممارسة نشاط مخالف للذي تم بعنوانه اسناد
هذه العطلة‘. وعند المخالفة يتم وضع حد لهذه العطلة
واسترجاع المبالغ الممنوحة .
المتمتع بهذه العطلة يجب ان يطلب ارجاعه للعمل
او تجديد المدة لسنة اخرى وذلك في أجل شهر على األقل
قبل نهاية العطلة برسالة مضمونة الوصول ‘واذا لم
يطالب بارجاعه في األجل المحدد وبعد التنبيه عليه يكون
قد قطع صلته بالوظيفة العمومية .
– رخصة مبدع:
2006
56 لسنة
أحدثت بمقتضى القــــــانون عدد
تسند هذه العطلة وتحدد
2006
جويلية
المؤرخ في 22
بمقتضى أمر. وينظمها األمر عدد 3275 لسنــــــة 2006
المتعلق بضبط صيغ
2006
18 ديسمبر
المؤرخ في
اجراءات اسناد رخصة مبدع لفائدة أعوان القطاع
العمـــــــــومي. و تسند هذه الرخصة وتجدد بمقتضى امر باقتراح مشترك من الوزير المكلف بالثقافة والوزير الذي
يمارس سلطة التسلسل أو االشراف االداري ازاء العون ،
وبعد أخذ راي اللجنة المكلفة بالثقافة .
تسند هذه العطلة لمدة 6 اشهر يمكن تجديدها في
صورة وجود انتاج ابداعي اوتواصله‘ يواصل العون
التمتع بكامل المرتب واالمتيازات ويحتفظ يجميع حقوقه
أنه يبقى مقــــــــابل ذلك خاضعا للواجبات
اال
كــــــاملة،
المنصوص عليها بالنظام األساسي المنطبق عليه.
يحجر ممارسة نشاط مخالف للذي اسندت له هذه العطلة، عند المخالفة يقع انهاء الرخصة واسترجاع المبالغ
بصرف النظر عن التتبعات العدلية .
يجب أن يطلب المتمتع بهذه العطلة ارجاعه للعمل
او ان يطلب التمديد في هذه العطلة في اجل شهر بواسطة رسالة مضمونة الوصول واال اعتبر منقطعا عن ممارسة
الوظيف وذلك بعد التنبيه عليه .
– عطلة السراح:
تسند للعسكريين قبل احالتهم على التقاعد عطلة
خصوصية خالصة االجر تسمى عطلة السراح تتراوح بين
شهر و6 اشهر.
ب- التدرج والترقية:
-1 التدرج:
يمثل التدرج في ارتقاء الموظف او العامل او العون الوقتي الى الدرجة الموالية وتضبط االنظمة االساسية الخاصة عدد الدرجات لكل صنف وكذلك االقدمية الواجب
قضاؤها في كل درجة لالرتقاء للدرجة الموالية .
تتوافق كل درجة مع مستوى تاجير بشبكة أجور وال
تؤخذ بعين االعتبار فترات العطل بدون أجر وفترات عدم
المباشرة العادية اال أن مدة العمل بنصف الوقت تعتبر
كاملة ‘ كما يتعين التمييز بين التدرج العادي والتدرج
االستثنائي.
التدرج العادي يتم بعد انقضاء فترة اقدمية معينة يتم
ضبطها بالنظام االساسي الخاص بالنسبة لكل درجة .غير ان التدرج االلي او العادي ال يمكن من التمييز بين العوان االكثر جدارة باعتبارها تستند الى االقدمية المكتبية في
الدرجة دون اعتبار كفاءة العون ‘ ومن هنا اقر المشرع
تدرجا استثنائيا وهو اجراء جديد ادخل على قانون
ويندرج ضمن
1996
الوظيفةالعمومية اثر تنقيح سنة
المكافاة االستثنائية ‘ اذ يمكن للعون االنتفاع بدرجة أو
عددة درجات يتم اسنادها في الحاالت التالية :
الحالة األولى:عند انجاز طريقة او ابتكار وسيلة أو
تقنية ترتب عنها ارتفاع في االنتاج او اقتصاد في التكاليف
او تحسن في نوعية الخدمات االلدارية.
الحالة الثانية : عند القيام بعمل جنب االدارة اضرار
فادحة .
الحالة الثالثة : عند التميز بدرجة عــــالية من االتقان
في اداء المهام .
-2 الترقية:
حسب الفصل 22 من ق و ع تتمثل الترقية في
ارتقاء الموظفين من الرتبة التي وقع ترسيمهم بها الى
الرتبة العليا مباشرة .
ويستنتج من خالل هذا التعريف أن الترقية ال تشمل اال االعوان المترسمين وانها ال تتم اال للرتبة العليا مباشرة وبالتالي ال يمكن لالدارة ترقية العون الى اكثر من رتبة
أن الترقية تتم في نفس السلك فال
كما
في نفس الوقت ‘
يمكن مثال ترقية متصرف الى مهندس و تتم هذه الترقية
في حالة المباشرة او في عطلة او الحاق اوعند احالة
العون على عدم المبــــــاشرة الخاصة او عند وضعه تحت
السالح .
– مختلف صيغ الترقية:
– الترقية العادية :
وتتم حسب صيغ ثالث:
– اجتيــاز بنجاح منــاظرة داخلية {أوامتحان مهني}
مفتوحة بالنسبة للموظفين او المترسمين الذين لهم على
االقل 5 سنوات اقدمية في الرتبة التي هي دون رتبة
الترقية مباشرة من تاريخ ختم الترشحات
– متابعة فترة تكوين مستمر بنجاح يتم تنظيمها وفقا
ألحكام األمر عدد 1220 لسنة 1993 في 7 جوان 1993
كما تم تنقيحه باالمر عدد 99 لسنة 1995 المؤرخ في 20
فيفري 1995
– بالنسبة للموظفين:
– الترقية للرتب التي هي في متناول الخارجيين :
تتم وفق أحكـــــــــام األمر عدد 1223 لسنة 1994
للمترشحين الذين لهم 10 سنوات في الرتبة التي هي دون الرتبة المباشرة و البالغين من العمر 40 سنة وأن ال يكون العون قد انتفع خالل حياته المهنية بالترقية باالختيار التي
يمكن انتداب خارجيين بها.
– اجراءات الترقية باالختيار :
تقوم االدارة عند كل ترقية باالختيار باعداد قائمة
كفاءة تتضمن وجوبا كل االعوان في حالة مباشرة أو
الحاق أو عدم مباشرة خاصة أو تحت السالح للذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة لهذه الترقية مع وجوب اعداد
استمارة فردية بالنسبة لكل مترشح .
ال يجوز اعداد اكثر من قائمة بالنسبة لكل رتبة وبعنوان كل سنة. و اليمكن اعداد قائمة الكفاءة اال خاالل
السنة المهنية او بعد نهايتها .
اذا كانت الترقية مرتبطة بانتداب أو عن طريق
مناظرة داخلية تعد قائمة الكفاء بعنوان السنة التي اجريت
خاللها اختبار المناظرة .
– مقاييس اعداد القائمة:
تتمثل هذه المقاييس هي:
-1 معدل االعداد المهنية الخاصة بالثالث السنوات
االخيرة التي تسبق السنة التي اعدت بعنوانها قائمة الكفاءة.
-2 مراحل التكوين التي تابعها المترشح منذ تسميته بالرتبة التي دون رتبة الترقية مباشرة والتي لم يتمكن بواسطتها من االرتقاء الى الرتبة الموالية ولتقييم هذه المراحل يسند للمترشح 1.0 نقطة عن كل شهر قضاه في مرحلة التكوين ، واذا كانت هذه المدة تقل عن الشهر فانه
يسند /300 1 نقطة عن كل يوم قضاه في التكوين.
-3 االقدمية في الرتبة التي دون رتبة االرتقاء
مباشرة تسند بنفس المعايير 0.1.{ نقطة عن كل شهر واذا
كانت المدة اقل من شهر }1/300
تقييم سن المترشحين وا قدميتهم االدارية العامة
وكذلك اقدميتهم في الرتبة الدنيا مباشرة يتم يوم اعداد قائمة
31 ديسمبر من السنة التي يقع
الكفاءة وفي اقصى االجال
بعنوانها اعداد هذه القائمة.
وللترجيح بين االعوان المتساوين في عدد النقاط المتحصل عليها يوخذ بعين االعتبار: االقدمية االدارية
العامة ‘ واذا تساوت هذه االقدمية فيكون العون االكبر
سنا، علما وان االدارة مقيدة بالمقاييس القانونية المشار
اليها اعاله وال يمكن اعتماد مقاييس اخرى .
– كيفية اعداد قائمة الكفاءة:
تحال هذه القائمة التي تعدها االدارة وفقا للمقاييس
القانونية الى اللجنة االدارية المتناصفة الداء الراي .
تقدم هذه القائمة للوزير المعني لضبطها نهائيا وله في ذلك كامل الحرية الدخال تحويرات على ترتيب التسجيل بالنسبة لالعوان المنتميــــــــــــــــن الى الصنفين
” أ ” و ” ب” ، وعلى أساس هذه القائمة النهائية التي
أعدها الوزير ‘يتم اعداد قائمة لالعوان الذين سيقع ترقيتهم
في حدود الخطط الشاغرة المخصصة للترقية باالختيار .
ويتم تجديد اسماء المترشحين الذين تمت الموافقة
على ترقيتهم حسب قائمة الكفاءة النهائية) هي التي سيقع اعتمـــــــــادها (وفي كل الحاالت تنشر هذه القائمة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية . ويجري مفعول النصوص الفردية بالنسبة لقرارات الترقية باالختيارابتداءا من تاريخ
امضائه من قبل السلطة االدارية ذات النظر.
– الترقية للرتب التي ليست في متناول الخارجيين:
يمكن للموظفين االنتفاع بالترقية باالختيار في هذه
الوضعية شريطة ان يكونوا مترسمين في الرتبة التي هي
اقل من الرتبة المراد الترقية اليها مباشرة .
قانون الوظيفة العمومية لم ينص على أقدمية دنيا أو على سن دنيا لالنتفاع بهذه الترقية اال ان النظم االساسية
الخاصة تحددها ب 8 سنوات ، كما لم يحجر للمترشع
امكانية الترقية باالختيار إلى احدى هذه الرتب اكثر من
مرة واحدة في كامل الحياة المهنية.
– الترقية بالنسبة للعملة:
الفصل 94 من ق و ع يتعلق بالترقية بالنسبة للعملة
18 ديسمبر
المؤرخ في
1998
لسنة
509
واألمر عدد
1998 يحدد شروط هذه الترقية على النحو التالي:
إطار الوحدة األولى
: في
3و 2
– بالنسبة للصنف
و5 سنوات
أقدمية في الصنف على األقل
سنوات
هي 4
بالنسبة لبقية األصناف .
– كيفية اعدادها :
– معدل االعداد المهنية للثالث سنوات األخيرة‘
مراحل التكوين ‘ األقدمية في الصنف واألقدمية اإلدارية.
– بالنسبة للوحدة الثانية : الترقية تكــــــون في نفس
إال النشر في الرائد
االختصاص وتحترم نفس االجراءات
الرسمي.
ولئن خول المشرع لجهة االدارة سلطة تقديرية الدخال التحويرات التي تراها ضرورية على قائمة الكفاءة
العداد قائمة الكفاءة النهائية فان سلطتها تبقى خاضعة لرقابة القاضي االداري والتي تشمل مراقبة صحة الوقائع التي انبنى عليها القرار المنتقد والخطا الواضح في التقدير
والخطا في القانون واالنحراف بالسلطة.
– الترقية االستثنائية:
نفس االسباب بالنسبة للتدرج االستثنائي باعتباروأن الترقية االستثنائية تندرج ضمن المكافاة االستثنائية، وتسند هذه الترقية االستثنائية بامر باقتراح من وزير التسلسل االداري أو االشراف بعد استشـــــــــــــارة اللجنة االدارية المتناصفة وعلى ضوء تقرير معلل يعد للغرض على ان تتوفر للعون الكفاءة الالزمة للقيام بالمهام الجديدة بما في
ذلك الشهادات العلمية .
– الترقية اثر الحصول على شهادة علمية:
حصول العون العمومي على شهادة علمية ال يكفي وحده لترقية العون ولتسميته في رتبة أعلى ويشترط وجود
خطة شاغرة والنجاح في مناظرة خارجية.
– آثار الترقية:
يتعين مبدئيا اسناد وظائف جديدة للعون المتحصل
أن يقبل العون ممارسة
أيضا
على ترقية ومن المفروض
هذه الوظائف الجديدة واال فانه بامكان اإلدارة اعتباره
رافضا للترقية وبامكانه تبعا لذلك أبطال مفعول قرار
الترقية بعد أخذ راي اللجنة االدارية المتناصفة .كما يمكن
ان ينجر عن ذلك تغيير مقر اقامة العون.
يخضع العون المتحصل على ترقية الى فترة تربص
باستثناء الترقية التي ليست في متناول الخارجيين.
المبحث السابع:
التأديــــــــــــب.
على عكس القانون الجزائي الذي يضبط بصورة
حصرية طبيعة المخالفات ومختلف العقوبات التي يمكن تسليطها ، لم يحدد المشرع في مادة الوظيفة العمومية قائمة في مختلف العقوبات االدارية التي يمكن على اساسها مؤاخذة االعوان العموميين وعليه فالمبدا القانوني العام الذي يقضي في المادة الجزائية بأنه ” ال عقوبة بدون نص ” ،وهذا ال ينطبق على نظام العقــــــــــوبات في الوظيفة
العمومية .
يحتوي الخطأ التاديبي على عنصرين أساسيين: – قيام أو عدم قيام بفعل محدد وثابت
– اعتبار ذلك مخالفا لواجبات العون المهنية.
-1 قيام العون اوعدم قيامه بعمل محدد وثابت:
ان العمل القضائي استقر على ان عبء االثبات في
المادة التاديبية محمول على جهة االدارة التي تكون تبعا لذلك مطالبة باالدالء بالحجج والبراهين الكفيلة باثبات االفعال المنسوبة الى العون المدان ، وعليه فال تعتبر العقوبة اال اذا ثبتت صحة الوقائع المنسوب اقترافها
للمذنب من خالل اوراق الملف .
كما أن وجود قرائن جدية ومتطابقة يكفي وحده
الثبات الوقائع المدانة ‘ وتبعا لذلك فان تقارير االدارة ال
تكفي وحدها الثبات صحة الوقائع طالما لم تكن هذه التقارير مشفوعة بوثائق تدعمها. كمـــــا ال يجوز للسلطة
االدارية التعلل باسباب امنية لعدم االدالء بما يثبت صحة
الوقائع.
-2 اعتبار هذا العمل مخل بواجبات العون المهنية:
ال يمكن مؤاخذة العون طالما لم تكن االفعال
المنسوبة اليه مخلة بواجباته المهنية ، وعند غياب احكام قانونية او ترتيبية صريحة تتولى االدارة تقدير مدى مخالفة الوقائع المنسوبة الى العون،وتخضع االدارة عند
ممارسة هذا التقدير الى رقابة القاضي االداري .
وال يمكن للسلطة االدارية ان تعتمد على الصبغة
الجزائية لالفعال المدانة طالما انه لم يقع ثبوت صحة هذه
االفعال بمقتضى حكم بات .
واذا ما تم تسليط عقوبة تاديبية اعتمادا على وقائع
معينة واخلي سبيل مرتكبها جزائيا بمقتضى حكم بات
يتعين على االدارة اعادة النظر في قرارها نظرا الى ان حكم اخالء السبيل يعتبر في حد ذاته عنصرا جديدا في القضية . كما يجب التمييز وعدم الخلط بين الخطا االداري والقصور المهني ، كما اليمكن مؤاخذة عون عما صدر عنه من افعال استجابة لتعليمات رئيسه المباشر شريطة ان ال تكون هذه التعليمات بديهية الالمشروعية ومضرة
بالمصلحة العامة في االن نفسه.
و تتمثل األخطاءالتأديبية المتداولة في:
– أخطاء تاديبية بحتة :
– عدم االمتثال ألوامر الرئيس المباشر
– عدم االمتثال للعقوبة التاديبية.
-عدم االمتثال لواجب الفحص الطبي . – امتناع العون عن القيام بوظائفه
– سوء معاملة العون للمتعاملين مع االدارة .
– سوء سلوك العون اثناء ادائه لوظائفه .
– تقديم عريضة تظلم تعدت في شكلها ومحتواها
حدود اللياقة واالحترام .
– عدم االلتزام بالتوقيت االداري.
– أخطاء ذو صبغة تاديبية وجزائية:
– االعتداء على االخالق الحميدة .
– االعتداء على األموال العمومية.
– إفشاء السر المهني .
– استعمال العنف.
– أخطاء ذات صبغة تأديبة وأخطاء تصرف: تم ضبط قائمة اخطاء التصرف بالفصل األول من
قانون عدد74 لسنة 1985 المؤرخ في 20 جويلية 1985 كما تم تنقيحه بالقـــــانون عدد 59 لسنة 1988 المؤرخ في 2 جوان 1988 . بصفة عـامة كل هي عمل تصرف يكون
مخالفا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل .
– األخطاء التي يمكن أن يعاقب عليها العون
على كرامة
العمومي رغم أنه خارج أوقات العمل:
اذا كان لهذه األفعال آثار تنعكس
الوظيـــــفة العمومية وتمس من اعتبار شاغلها ويمكن ان تكتسي هذه األخطاء صبغة تأديبية بحتة أو تأديبية وجزائية
في نفس الوقت .
– أخطاء ذات صبغة تاديبية بحتة :
– تعاطي نشاط خاص بمقابل أثناء العطل -القيام بأعمال تمس بسمعة االدارة
– التعود على شرب الخمر.
– عدم التعهد بالديــــــــون المتخلدة بالذمة بالنسبة
لألعوان العاملين بالخارج.
– أخطاء ذات الصبغة التاديبية والجزائية:
–افشاء السر المهني.
– ثلب الرئيس المباشر …
أما االخطاء المرتكبة خارج العمل والتي ليست لها
عالقة بالوظيف هي: السرقة ، التحيل كاصدار شيك بدون
رصيد ، االعتداء على االخالق الحميدة …
و سنتعرض في هذا االطار الى السلطة المختصة
في المادة التأديــــــــبية ومجال نفوذها {الفقرة األولى}
وإجراءات انعقـــاد جلسات مجلس التأديب {الفقرة الثانية}
وتنفيذ
{الفقرة الثالثة}
وشروط صحة القرارات التأديبية
قرار العقوبة {الفقرة الرابعة} ومحو العقـــــــوبة التأديبية
{ الفقرة الخامسة.}
الفقرة األولى: السلطة المختصة في المادة
التأديبية ومجال نفوذها.
التأديب يتم من طرف سلطة مختصة {أ} و لها نفوذ
محدد{ب.}
أ- السلطة المختصة:
يمارس رئيس االدارة على العون العمومي السلطة
أحد االطارات
إلى
وبإمكانه تفويض هذه السلطة
التاديبية
العليا بادارته على أن ال تقل خطته عن مدير عام ادارة
مركزية، ويتم هذا التفويض بمقتضى قرار من رئيـــــــس
االدارة المعنية ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية،
ويخص هذا التفويض عادة قرارات االحالة على مجلس التاديب والقرارات الخاصة باصدار العقوبات التاديبية دون عقوبة العزل التي تبقى من مشموالت رئيس االدارة
{الوزيــــر دون سواه.}
ب- مجــــــــال نفوذ السلطة المختصة في المادة
التأديبية:
ان االذن باجراء التتبعات التأديبية من عدمه وتسليط
العقوبات المنجرة عن ذلك من المالئمات التي تنفرد االدارة بتقديرها، وتعتبر االجراءات التأديبية مستقلة عن
االجراءات الجزائية .
وتمارس االدارة كامل الحرية في اختيــــــــار تاريخ
تتبعها بالدعوى على الصعيد االداري دون الحاجة الى التقيد بآجال معينة، كما لها كامل الحرية في تقديرها درجة خطورة الخطا واختيار العقوبة المناسبة لردع مرتكبيها ولم يقيد المشرع السلطة التأديبية بالرأي الذي يبديه مجلس
أو داللة على
أنه لم ينص صراحة
التاديب ذلك طالما
وجوب اتباع مقترحات تلك الهيئة .
– قائمة العقوبات التاديبية:
هي محددة بمقتضى القانون وذلك عمالبمبدا انه ال
يجوز تسليط اي عقوبة تأديبية ما لم يتم التنصيص عليها بنص قانوني صريح، وفي هذا االطار نص القــــــــانون
األساسي للوظيفة العمومية على درجتين من العقوبات :
▪ عقوبــــــات من الدرجة األولى وهي االنذار
والتوبيخ
▪ عقوبــــــــات من الدرجة الثانية وتتمثل في
التأخيــــــــــر في التدرج مدة تتراوح بين 3
أشهر وسنة،والنقلة الوجوبية مع تغيير مكان
اإلقامة الرفت مدة أقصــــــاها 6 أشهر مع
الحرمــــــــــــان من الرتب والعزل دون
توقيف الحق في إجراءات التقاضي .
– االجراءات التاديبية الخاصة بالعقوبات من
الدرجة االولى :
يتعين على السلطة االدارية اتباع اإلجراءات التالية: _استجواب العون المعني باألمر حسب الوقائع
المنسوبة اليه.
والهدف من هذا االستجواب تمكين العون من الدفاع
عن نفسه وشرح موقفه أمام السلطة التأديبية قبل اقرار
ادانته ، ذلك أن تسليط العقوبة دون تمكين العون من الدفاع
عن نفسه يعتبر خرقا لالجراءات.
_ تعليل العقوبة التاديبية المسلطة على العون بهدف
تمكينه الحقا من التظلم لدى السلط االدارية وكذلك السلطة
القضائية وعلى اساس وقائع معينة .
ويجب أن يكون التعليـــــل مستفيظا{دقيقا}ومنطوق
القرار{مكتوبا بالقرار} ذلك أن مجرد اإلشارة الى عبارة
اخالله بواجباته المهنية غير كاف لالدانة .
واالدارة غير ملزمة في صورة االنقطاع عن العمل باحالة العون المنقطع على مجلس التاديب اال ان اختيارها تطبيق االجراءات التاديبية يجعلها مطالبة بتطبيقها تطبيقا
. هذه االجراءات تتعلق بالعقوبات الخاصة
وسريعا
كامال
بالدرجة الثانية .
االجراءات التاديبية المتعلقة بعقوبات الدرجة
–
الثانية:
يتم وجوبا استشارة مجلس التاديب عند تسليط عقوبة
ويتعين على السلطة التاديبية اتباع
من الدرجة الثانية ‘
االجراءات التالية:
الوقائع المدانة ثم اعداد
أولي حول
– اجراء تحقيق
تقرير من قبل صاحب السلطة التاديبية،ويعتبر اعداد هذا التقرير اجراءا اساسيا يمس االغفال عنه من صحة
االجراءاتالتاديبية .
– تمكين العون من االطالع على ملفه الشخصي
وملفه التاديبي، ذلك ان الفصل 52 من ق و ع ينص على حق العون في االطالع على كامل الوثائق المضمنة
بالملف الذي تمت على اساسه االحالة على مجلس التاديب.
– التصريح بصفة تلقائية وكتابية بان العون قام بهذا االطالع او انه تنازل عن ذلك بمحض ارادته ‘ وفي غياب هذا التصريح الكتابي والتنازل عنه يعتبر مشوبا بعيب مخالفة القانون وخرق حقوق الدفاع ، ويتم التصريح على هذا االطالع امام عون من اعوان االدارة ، كما يمكن للعون اخذ نسخ من هذه الملفات . كما يجب على االدارة اعالم العون المحال على مجلس التاديب بانه بوسعه االطالع على ملفه الشخصي ويتم االطالع على عين
المكان اي بالمصلحة التي يوجد بها الملف .
العون المقيم بالخارج يمكنه االطالع على ملفه التاديبي بمقر القنصلية الراجعة اليها النظر . يمكن للعون
المسجون االطالع على ملفه بادارة السجن.
وبامكان العون تكليف شخص آخر لالطالع على
ملفه التاديبي عوضا عنه واذا سبق للعون االطالع على ملفه الشخصي فال يجوز له المطالبة من شخص آخر ان
يقوم باالطالع على ملفه مرة ثانية .
ويمكن للعون المعني باالمر االستعانة بشخص آخر
كما يمكنه
او محامي للدفاع عنه امام مجلس التاديب‘
االستعانة بشهود .
ويمكنه ايضا تقديم مالحظات شفاهية او كتابية او
االثنين معا.
تتولى اللجنة االدارية المتناصفة دور مجلس التاديب
بالنسبة للموظفين والعملة ويتعين التذكير أن هذه اللجنة
تتكون من أعضاء معينين من قبل االدارة وأعضاء
منتخبين يمثلون العمال .
يتم استدعــــــاء كل أعضاء المجلس والعون المدان والشهود لحضور اجتماع مجلس التاديب . وعدم استدعاء
العون يعتبر خرقا جوهريا وبطالنا لالجراءات.
ال يمكن لعضو مجلس التاديب الذي يشكل محل ادانة ان يشارك في مداوالت مجلس التاديبيتم استدعاء العون في مقر اقامته في صورة غيابه عن العمل ، ويتم استدعاء العون المسجون عن طريق المصالح السجنية ، ويعتبر
استدعاءه بمقر اقامته استدعاء باطل في هذه الحالة.
ويكون االستدعاء قبل 15 يوما على األقل قبل انعقاد
المجلس وهذا االجراء يعتبر من الصيــــــــغ الجوهرية ‘ ويؤدي عدم احترامه الى الغاء القرار المطعون فيه
الفقرة الثانية :اجراءات انعقاد جلسات مجلس التأديب
ال يعتبر حضور العون المدان ضروريا في حد
ذاته، شريطة ان يكون قد تم استدعاءه بصفة قانونية ، كما يمكن للعون مطالبة االدارة بتأخير اجتماع المجلس عند عدم تمكنه من حضور االجتمـــــــاع ،ولالدارة الحرية في
االستجابة أو الرفض .
ويمكن ان يلتئم مجلس التاديب دون حضور جميع
استدعاءهم بصفة قانونية
أن يكون قد تم
أعضاءه شريطة
وأن يكون قد توفر النصاب.
و ال يمكن أن يحضر اجتماع مجلس التأديب من
ليس له الصفة القانونية .
جلســـــــــــات المجلس غير علنية ويطالب أعضاءه
باحترام سر المداوالت.
بعد االستماع للعون المدان ومن تولى الدفاع عنه
وسماع الشهود عند االقتضاء يتولى المجلس المداولة في
القضية دون حضور العون . ويعبر كل عضو عن رايه خالل هذه المداوالت ويقترح العقـــــــوبة التي يراها اكثر
تالئما مع الخطا المرتكب .
يتولى المجلس اثر المداوالت ابداء رايه اما باالتفاق
ويتم
أو بالتصويت باألغلبية العادية ‘
أعضائه
بين جميع
التصويت سرا ضمانا الستقاللية األعضاء .
وعند تعـــــــــادل األصوات ال يكون صوت الرئيس مرجحا ويتعين التنصيص بمحضر الجلسة على مواقف
اعضاء المجلس ومهما كانت نتيجة المداوالت .
ويتعين على المجلس تعليل قراره واقتراح ما يترتب
عنه عند االقتضاء من اجراءات تأديبية مالئمة .
ويتم توجيه محضر الجلسة الى السلطة االدارية في
اجل شهر على اقصى تقدير يمكن التمديد فيه بشهر آخر
في صورة القيام ببحث تكميلي.
الفقرة الثالثة:شروط صحة القرارات التأديبية
تستوجب شرعية القرارات التاديبية توفر عدة
شروط تخص أصل هذه القرارات {أ} وشكلها {ب.}
أ- الشروط الخاصة باألصل:
▪ التنصيص على العقوبات التاديبية بمقتضى أحكــــــام قانونية صريحة ‘ فال يمكن تسليط عقوبة تأديـــــــــبية لم ينص عليها المشرع
صراحة.
▪ مطابقة العقوبة التاديبية لمتطلبات الصالح
العام فال يمكن للسلطة االدارية تسليط عقوبة
تأديبية ال تتماشى والصالح العام الغاية منها
اإلنتقام أوالتشفي من أحد أعوانها.
▪ عدم وجود تباين واضح بين العقوبة التاديبية
والخطا المقترف .
ورأي مجلس التاديب استشاري وال يقيد السلطة
الماسكة بحق التأديب، واالدارة لها كامل الحرية في
اختيار العقوبة التي تتالءم والخطأ المقترف .
وفي هذه الحالة يتمتع القاضي االداري برقابة دنيا على العقوبات المسلطة عند عدم التالؤم الواضح والبديهي
بين الخطا والعقاب.
▪ العوامل الشخصية عند تسليط العقوبة :
يمكن لالدارة تسليط عقوبتين مختلفتين على عونين
ارتكبا نفس الخطا وذلك على أساس اختالف وضعيتهما أو
طبيعة وظائفهما وخاصة سوابقهما التاديبية.
▪ عدم امكانية اصدار أكثر من عقوبة واحدة
بعنوان نفس الخطا فمن حيث المبدا ال يجوز
للسلطة االدارية تسليط عقوبة مزدوجة أو
عقوبات متتالية على أســــــاس نفس الخطا،
وبالتالي ال ينجر عن خطا تأديبي اال عقوبة
واحدة وتعتبر هذه القــــــــاعدة القانونية مبدا
قانونيا عاما.
فلقد استقر فقها وقضاءا
استثناءات :
ولهذا المبدأ
على اعتبار ان الخطا المهني مستقال عن الخطا الجزائي حيث انه اذا ثبتت صحة الوقائع المنسوبة الى العون وشكلت خطا مهنيا اصبح بامكان االدارة معاقبة عونها تاديبيا حتى وان سبق له وعوقب جزائيا . واذا اكتسى الخطا في االن نفسه صبغة ادارية وجزائية وخطا تصرف
فانه يجوز معاقبة الخطا على االصعدة الثالث.
والملحقين يمكن معاقبتهم في ادارة االلحاق وفي
االدارة االصلية على نفس الخطا.
▪ عدم تسليط عقوبات تأديبية بمفعول رجعي:
تعتبر العقوبات التاديبية قرارات ادارية ‘ وحيث ان هذه القرارات ال تنسحب على الوضعيات السابقة التخاذها مما يجعل القرار مشوبا بعدم الشرعية اذا تم اتخاذه
بمفعول رجعي.
ب- الشروط الشكلية للقرار التأديبي:
-1 امضاء القرار:
ال بد ان يمضى القرار من رئيس االدارة او من فوض له ذلك مع احترام مبدا عدم التفويض بالنسبة
للقرارات التاديبية الخاصة بالعزل.
-2التعليل :
القرار يجب ان ينص بدقة ووضوح على االخطاء التي عوقب من اجلها العون ، وال يجوز لالدارة االشارة الى مجلس التاديب طالما ان هذه االشارةال تقوم مقام
التعليل .
واالشارة الى اخالل العون بالواجبات المهنية ال
تكفي كتعليل.
الفقرة الرابعة: تنفيـــــذ قرار العقوبة.
تتولى االدارة اعالم العون بقرار العقوبة المسلطة
عليه فور إمضاءه ، واالثبات في مادة االعالم بالقرارات
االدارية موكول على جهة االدارة .
وتحفظ أصول القرارات التاديبية والوثائق الملحقة
بها بالملفات الشخصية للعون المدان ، ويتعين على االدارة الحرص على تنفيذ العقوبات باتخاذ االجراءات العملية
التي يقتضيها تنفيذ هذه القرارات حال ما يتم إمضاؤها
حتى ال يفقد العقاب جدواه .
ويمكن لالدارة كذلك ان تقرر نشر العقوبات التاديبية
طبقا الحكام الفقرة االخيرة من الفصل 31 من النظام
االساسي العام أعوان الدواوين الذي يقول وأنه “:يمكن ان يعلق القرار التاديبي واسبابه في اماكن الشغل التي الل
يدخلها العموم.”
الفقرة الخامسة: محو العقوبة التاديبية
محو العقوبة التاديبية يكون بمقتضى قرار صادر
عن السلطة االدارية المختصة ، فيمكن للسلطة االدارية ان تتراجع في العقوبات المسلطة على اعوانها ام بصفة تلقائية او بطلب من االعوان انفسهم او اثر صدور قرار الغاء من
قبل القاضي االداري .
أو تفاديا
أما بعنوان الصفح
يتم التراجع التلقائي
لاللغاء، ويمكن كذلك للعون المدان أن يقدم مطلبا في محو آثار القرار التاديبي الصادر في شانه وذلك اما بطلب العفو او اثر صدور حكم جزائي بات الخالء سبيله بعنوان نفس
الخطا .
كما يمكن محو آثار العقوبة التاديبية إثر صدور عفو
تشريعي عام أو عفو تشريعي خاص لفائدة العون المدان.
وال يتعين على االدارة تنفيذا لقرار االلغاء الصادر
عن المحكمة االدارية أن تعيد للموظف المشطب على
اسمه الى سالف عمله فحسب بل وعليها أن تمكنه ايضا
من جميع حقوقه في التدرج والترقية حتى يكون مساره الوظيفي حاصال بصورة وكانه لم يغادر عمله قط وأن
تمكنه من جميع رواتبه عن المدة التي تغيب فيها بسبب
التشطيب.
المبحث الثامن: نهاية الحياة المهنية
تختتم الحياة المهنية للعون العمومي بانقطاعه نهائيا عن العمل وذلك عند فقدانـــــــــــه الجنسية التونسيـــــة
{الفقرة الثانية}
أو فقدان الحقوق المدنية
{الفقرة األولى}
{الفقرة الرابعة}
أواالعفاء
أو االستقـــالة {الفقرة الثالثة}
أو التقــــــــاعد {الفقرة الخامسة.}
الفقرة األولى: فقدان الجنسية التونسية
هو شرط خاص اذ ان فقدان الجنسية يسمح لالدارة
بوضع حد وبصفة الية لبقاء العون بالوظيفة العمومية .
العون الجنسية في
وحسب التشريع التونسي يفقد
حالت ثالث:
– عند الحصول على جنسية اجنبية.
– اسقاط الجنسية التونسية فعندما يرتكب المتجنس
جناية او جنحة تمس بامن الدولة او عند قيلمه لدى دولة
اجنبية من شانها ان تلحق ضررا بمصالح العباد .
– الجنسية يمكن سحبها عند الحصول عليها عن
طريق التجنس وان يكون المتحصل عليها لم تتوفرفيه
الشروط الواجب قانونا توفرها وذلك في اجل سنتين من
بداية الحصول على الجنسية التونسية.
الفقرة الثانية: فقدان الحقوق المدنية
يعتبر التمتع بالحقوق المدنية شرطا اساسيا للدخول
والبقاء في الوظيفة العمومية وذلك طبقا للفصل 5 من
المجلة الجزائية . وفي اطار هذا الحكم يمكن تسليط عقوبة
تكميلية تحرم العون من حق ممارسة الوظائف العمومية.
الفقرة الثالثة:االستقالة
لالستفالة شروط {أ} و آثار{ب.}
أ- شروط االستقالة:
لقد حدد المشرع شروطا عديدة للتاكد من رغبة
العون الحقيقية في االنقطاع النهائي عن العمل باالستقالة
من جهة والحرص على عدم تخلي األعوان عن وظائفهم بصفة فجئية من جهة أخرى، وأول هذه الشروط هي طلبه الصريح والكتابي لالستقالة ، اذ ال تكون االستقالة اال عن طريق طلب كتابي يعبر فيه العون العمومي صراحة عن عزمه الصريح والغير مشروط على مغادرة الوظيفة العمومية بصفة نهائية اال ان هذا المطلب يخضع لعدة
شروط:
-1 أن يكون المطلب كتابيا .
-2 أن يكون هذا المطلب معبرا عن ارادة العون
بكامل الحرية . واذا كــــــــانت االستقالة نتيجة ضغوطات مسلطة على العون فإن قرار قبول االستقالة يصبح غير
قانوني. .
-3 يجب أن يكون هذا المطلب غير مشروط.
-4 يجب ان تكون هذه االستقالة ال تهدف الى تعطيل االدارة قبول االستقالة،ذلك انه ال ينجر على مطلب االستقالة اي مفعول طالما لم يقع قبوله من قبل رئيس االدارة المعنية وبالتالي فان رئيس االدارة يتولى قبول مطلب االستقالة أو رفضه ويمارس في ذلك سلطة تقديرية
تخضع لرقابة القاضي االداري ومن المفروض أن يقع
قبول االستقالة بنص له نفس المرتبة الذي وقع به تسمية
العون .
ب- آثار اإلستقالة:
يعتبر قرار قبول االستقــــــــالة من أخطر القرارات
االدارية التي تتخذ في حق العون فهو يضع بذلك حدا
لحياته المهنية ويقطع صلته باالدارة . ويتم ضبط تاريخ
مفعول االستقالة من قبل رئيس االدارة .
ال يمكن للعون أن يتراجع في استقالته بعد قبوله،
كما ال يمكن بالدارة ان تتراجع في قبول االستقالة بعد امضاء قرار قبول االستقالة ، لذلك فان االدارة والعون على حد السواء مطالبان كل فيما يخصه بالتروي قبل تقديم االستقالة وقبولها ذلك انه ال يمكن التراجع في القرار ولو
بموافقة الطرف اآلخر.
الفقرة الرابعة:اإلعفاء
يمكن لالدارة ان تتخذ قرارا في اعفاء احد اعوانها
وذلك بانهاء مهامه دون ان يكون قد ارتكب خطا مهنيا
ويتم ذلك بالخصوص عند القصور المهني للعون.
ويعتبراالعفاء من أجل القصور المهني للعون
اجراءا خطيرا جدا قد تتعسف االدارة في استعماله ، لذلك
تمت احاطته بشروط واجراءات دقيقة تتمثل في :
-1 ثبوت القصور المهني غير ان مفهوم القصور
المهني ال يخضع لمقييس محددة فاالدارة تمارس سلطة
تقديرية غير ان هذه السلطة التقديرية تخضع لرقابة
القاضي االداري حيث تتثبت المحكمة من الوقائع التي اعتمدت عليها االدارة للتصريح بالقصور المهني ومدى صحتها،وبالتالي فان دور القاضي االداري هو دور محوري في مراقبة ما استندت عليه االدارة بخصوص
ثبوت القصور من عدمه.
-2 طبيعة القصور المهني :بعتبر القصور المهني
تصرف طبيعي اليمكن للعون تعمده ذلك ان العون الذي يعتمد ذلك بعتبر مخال بواجباته المهنية كما ال يمكن من جهة اخرى ان يكون هذا القصور ناتجا عن سقوط بدني اذ في هذه الحالة يتعبن على االدارة اتخاذ اجراءات اخرى تؤول في غالب االحيان الى احالة العون على التقاعد من
اجل العجز عن العمل.
-3 عدم امكانية االدارة من تسوية وضعية العون
بطريقة اخرى : حسب هذا الشرط ال يجوز لالدارة عند ثبوت القصور المهني اعفاء العون من مباشرة وظائفه دون التثبت من عدم وجود امكانية لتسوية وضعيته كان تسعى في مرحلة اولى الى نقله الى مصلحة اخرى بعد استشارة اللجنة االدارية المتناصفة، وفي مرحلة ثانية التفكير في احالة العون على التقاعد واذا لم تتوفر شروط االحالة على التقاعد تسعى االدارة الى دمجه في رتبة ادنى واذا لم تتمكن من ذلك واستعملت كل الحلول يمكنها
االقرار باحالة العون من اجل القصور المهني .
وقرار اإلعفاء يتم اتخاذه من قبل رئيس االدارة بعد
اخذ راي اللجنة المتناصفة.
ويتم تمكين العون من كل الضمانات القانونية
المنصوص عليها بالمادة التاديبية.
وتصرف االدارة غرامة تعويضية تسمى غرامة
االعفاء تساوي قيمتها المرتب الشهري للعون عن كل سنة
12 شهرا بما
62 سنة، كم
عمل فعلي دون ان تتجاوز قيمتها مرتبات
في ذلك مختلف المنح.
الفقرة الخامسة:التقاعد
القاعدة العامة هي بلوغ العون سن
يمكن ان يرفع في السن او يخفض فيه وذلك حسب
االسالك.
الجزء الرابع:
الدعـــــاوى اإلدارية الرئيسية
تتمثل أهم الدعاوي االدارية الرئيسية في دعوى
تجاوز السلطة {المبحث األول} و دعوى التعويــــــــض
{المبحث الثاني.}
المبحث األول: دعوى تجاوز السلطة
تتولى السلطة التنفيذية مباشرة الوظيفة االدارية
وذلك بتنفيذ القوانين و إدارة المرافق العامة وميزة هذا
النشاط االداري تتمثل في تحقيق المصلحة العامة، وحتى
تتمكن االدارة من تحقيق ذلك كان ال بد من االعتراف لها بمجموعة مناالمتيازات تتمتع بها في مواجهة األفراد وهي إمتيازات السلطة العامة التي تجعلها في مركز أقوى من االفراد الذين تتعامل معهم، ولكنمعاالمتيازاتاالستثنائية المسندة للدولة ّ كان البد من تسليط رقابة عليها وذلك لفرض مبدأ أساسي وجب أن ينبني عليه التعامل داخل المجتمع وهو مبدأ سيادة القانون الذي ينجرعنها اخضاعاالدارة له، فكانت دعوى تجاوز السلطة وسيلة الخضاع االدارة في جميع أشكالها لمبدأ الشرعية وبالتالي
وتستمد دعوى تجاوز السلطة
.244
تكريس لدولة القانون
أهميّتها من أنّها تعتبر إحدى الوسائل االساسيّة لحماية حقوق االفراد إزاء االدارة في عديد الدّول التي ركزت
نظاما قضائيا مزدوجا.
244ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، ماهية القانون اإلداري،
تنظيم اإلدارة العامة، أموال اإلدارة العامة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت،
..68 ص ،1994
وتجدر اإلشارة الى أنه حتى في النظام االنقليزي
الذي ال يتضمن قاونا اداريا بمفهومه الفرنسينج امكانية الطعن في قرارات بعض اسلط االدارية في اطار ما يعبر عنه بدعوى االبطال القضائيّة. وقد تّم إقراردعوى تجاوز
السلطة كدعوى قضائيةّ في فرنسا صلب الفصل 9 ّ من
الذي ن ص على أن ينظر مجلس
1872 ماي
قانون 24
الدّولة ال بكامل السيادة في مطالب االبطال لتجاوز السلطة المو ّجهة ضدّ أعمال مختلف السلط االدارية، لكن تحديد خطوطها الكبرى وإبراز مميّزاتها يبقى نتاجا لعمل فقه
قضاء مجلس الدولة خالفا لبقيّة الدول األخرى.
أول نص متعلق
لتونس مثال استبعد
فبالنسبة
بالخصــام االداري وهو أمر ّ1888 صراحة هذه الدعوى
ولم يبق للمعني بالقرار إالّ “طريق الفضل “أي التظلم
االداري وهو طريق ال يعتمد فرض الشرعية كـدعوى تجاوز السلطة. بل يمكن أن يستنــد أيضا لقواعد االنصاف ومعطيـات الجـدوى والمالئمة أو إمكانية الدفع بعدم
الشرعية كما سبق ذكره .
يمكن القول أن أول تكريس لـدعوى تجاوز السلطة في القانون التونسي جاء صلب في ّ الفصل 57 من دستور
1881 في نسخته األصلية و الذي نص على أن ّ “يتركب
مجلس الدولة من هيئتين: االولى قضائيّة إداريةتنظر في النزاعات التي تنشأ بين االفراد من جهة وبين الدولة أو الجماعات العمومية من جهةأخرى وفي تجاوز االدارةسلطتها”…ويعكس هذا التكريس الدستوري حسب رجال القانون حرص السلطة التأسيسية على مكانة هذه
الدعوى.245
245توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة، 1995،
.78 ص
المتعلق ّ
لسنة 72
وبعد صدور القانون عدد 40
بالمحكمة االدارية والذي كرس دعوى تجــــــاوز السلطة
و أشارصلب الفقرة الثانية من الفصل 3 قديم لتحصين
االوامر ذات الصبغة الترتيبية منها فأثيرت مسألة ّ مدى
دستورية هذه الفقرة التي اقرت جدا تشريعيّا لمؤسسة
إعادة صياغة
1976
دستورية. فتمت أثناء تنقيح ّ سنة
الفصل 57 منه الذي اصبح الفصل 69 و غابت فيه المكانة الدستورية لـدعوى تجاوز السلطة، وذلك إلى حين صدور
دستور 2014 الذي نص في فصله 116 على أن”يختص
القضاء االداري بالنظر في تجاوز االدارة سلطتها، وفي النزاعات االدارية”… وهي صياغة تتسم بعدم الدقة أرادت من خاللها السلطة التأسيسية إعادة دسترة دعوى تجاوز السلطة بنفس الصيغة التي وردت بدستور.1959وقد أضافت الفقرة االخيرة من نفس الفصل أن يضبط القانونتنظيم القضاء االداري واختصاصاته واالجراءات
لسنة
عدد40
المتبعة لديه، وهو ما يكرسه حاليا القانون
1972 والذي ال يزال يشكو عدة نقائص رغم التنقيحات
العديدة التي عرفها والتي سعت لترسخ مكانة هذه الدعوى وتحدّد كل من شروط قبولها وحاالت الطعن بااللغاء وآثار الحكم فيها .ولئن لم يعرف المشرع التونسي صلب النص
المتعلق بالمحكمة
1972
لسنة
األصلي للقانون عدد 44
االدارية دعوى تجاوز السلطة فإنه حدد الغاية منها في فصله الخامس حيث نص هذا الفصل على أنه “تهدف دعوى تجاوز السلطة إلى ضمان احترام المشروعيّة من طرف السلط التنفيذية وذلك طبقا للقوانين والتراتيب
الجاري بها العمل والمبادئ القانونية العامة “.ويمكن
تعريف دعوى تجاوز السلطة بأنها دعوى بين طرفين االدارة من جهة واألفراد من جهة أخرى وتهدف إلى إلغاء قرار غير شرعي، فالفرد فيها يمثل مصلحة مجردة من أية سلطة أو امتياز يقف وجها لوجه أمام االدارة التي تمثل بدورها مصلحة عامة محضة بأساليب وامتيازات السلطة
العامة، التي من خاللها تقوم بواجباتها باالشراف على حسن سير المرافق العامة،لذلك يجب أن تقوم الدعوى االدارية على إجراءات خاصة ومتميزة تختلف عن االجراءات في المنازعات العادية وبالتالي فإن دعوى تجاوز السلطة هي”دعوى موضوعية يقع القيام بها من الطالب نتيجة وجود إخالالت شكلية أو أصلية حفت بأصل المقرر االداري أو الجهة التي اتخذته فيؤدي ذلك إلى الحكم بإلغاء هذا المقرر .وهذا الحكم له نفوذ مطلق.” فهذه الدعوى إذن هي دعوى موضوعيّة، أي أنها تهدف إلى إلغاء قرار إداري غير شرعي على عكس الدعوى في القضاء الكامل التي تهدف إلى طلب التعويض عن حق شخصي نتيجة تضرر المدعي من عمل االدارة واعتبرت المحكمة االدارية عبر فقه قضاء مستقر أن هذه الدعوى هي “وسيلة دائمة لتحقيق المشروعية تمتّد إلى رقابة كل
القرارات االداريّة.246“
ويكتسي مبدأ الشرعية أهمية خاصة في القانون االداري باعتبارأنه يمثل القاعدة التي تقتضي أن السلطات االدارية تكون ملزمة في أعمالها باحترام القانون بالمعنى الواسع لهذه العبــــــــــارة سواء مصادر الشرعية الفوقية {الدستور، المعــــــاهدات الدولية، القانون، المبادئ العامة للقانون، فقه القضاء} أو مصادر الشرعية التحتية و هي جملة القواعد التي تصدر عن مختلف السلطات االداريـــة
العليا
و التي تكون فيها القاعدة السفلى خــــاضعة للقاعدة
و القاعدة الخاصة خاضعة للقاعدة العامة.
وفي هذا المستوى من التحليل يمكن اإلشارة إلى أن
مصطلح قضاء االلغاء ومصطلح دعوى تجاوز السلطة، جرت العادة على استعمالهما للداللة على نفس المعنى رغم
246توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة، 1995،
.96 ص
أنه يمكن التمييز بينهما، ذلك أن “قضاء االلغاء، أو البطالن، في المادة االدارية، يشمل الدعوى التي ترمي إلى الحصول على بطالن عمل أو قرار إداري أحادي من قبل القاضي، مهما كان القاضي المختص ومهما كانت
االجراءات المتبعة .وبالتالي، ولئن كان الطعن بتجاوز
السلطة يمثل أوسع بابا في قضاء االلغاء، فإنه بعيد على أن
يستنفذه.”
ولئن كان أمر 1888/11/27 يمثل االنطالقة الفعلية
الرساء رقابة قضائية على عمل االدارة، فإن هذه الرقابة اقتصرت على قضاء التعويض.فقد وقع استبعاد قضاء االلغاء بمقتضى التحجير الوارد بالفصلين الثالث والرابع
من االمر المذكور.
فقبل هذا التاريخ كان الباي هو صاحب السلطة القضائية في كل الميادين و خاصة في الميدان االداري حتى و إن كانت محكمة الوزارة مختصة إلى حد ما بالنظر في القضايا االدارية فإن القرار يرجع في آخر
االمر إلى الباي.
ويمكن اعتبار أنه تّم إدخال دعوى تجاوز السلطة
بصفة جزئية في فترة ما بين الحربين، وذلك من خالل
والذي يتعلق بالطعن
1926/11/10
االمر المؤرخ في
بتجاوز السلطة في مجال الوظيفة العمومية لكن أهمية هذا
ّهم باالساس الموظفين
النصتبقى محدودة النها كانت ت
الفرنسيين .
فدعوى تجاوز السلطة لم يقع تكريسها بصفة فعليّة
إالّ من خالل القانون عدد 40 لسنة 1972المؤرخ في 1
المتعلق بالمحكمة االدارية بحيث يصفه
1972
جوان
االلستاذتوفيقبوعشبة بكونه قانون دعوى تجاوز السلطة
بالدرجة االولى. لكن رغم هذه االهميّة التي أوالها هذا
القانون لهذه الدعوى فإنه ظل يشكو من ثغرة هــــــــــــامة و المتمثلة في غياب االستئناف في هذه الدعوى، بما أن
االحكام كانت تصدر بصفة ابتدائيّة نهائية.247
وتتميز دعوى تجاوز السلطة عن غيرها من
الدعاوى االدارية أو العدلية بجملة من الخصائص التي
تفسر تفردها وأهمية الدور الذي أوكله لها المشرع، ومن
أهم هذه الخصائص:
– أن دعوى تجاوز السلطة هي دعوى مكتوبة
وبالتالي فإن أطراف الدعوى مطالبون بتحرير دعواهم كتابة وكذلك ملزمون بتبادل تقارير مكتوبة لتبادل الدفوعات، ومن جانب آخر فإن القاضي االدارى في إطار نظره في دعوى تجاوز السلطة ملزم بالتعامل فقط مع الملحوظات المكتوبة وهذا يعني أن ما يقدمه الخصوم من
مالحظات ودفوعات شفاهية الل يعتد به .
– أعطى المشرع في دعوى تجاوز السلطة أهمية
بارزة لطور التحقيق وما يستتبعه من إستقصاء وتنقيب،
ويحدد القاضي إجراءات التحقيق الالزمة ويحرص على إستيفاء عناصره بإعتماد كافة وسائل االثبات الممكنة قانونا ويمكن للقاضي االداري أن يطالب االطراف ضمن أحكام تحضيرية بأي وثيقة من شأنه أن تساعد في حلحلة النزاع االداري كما يمكنه من تلقاء نفسه أن يقوم بمعاينات ميدانية، وهو ما يذكرنا بالدور االستقصـــــــــائي لقاضي التحقيق الجزائي وربما يرجع ذلك الرتباط دعوى تجاوز
247توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة، 1995،
.78 ص
السلطة بالنظام العام والى الصبغة الموضوعية لهاته
الدعوى المرتبطة أساسا بالصالح العام248 .
– وتتميز دعوى تجاوز السلطة أيضا بالدور
الموكول للقاضي االداري في تحديد أطراف النزاع،
ويتجلى ذلك خاصة من جواز توجيه النزاع االداري لجهة
إدارية معينة عوضا عن الجهة التي يحددها العارض،
وهذه االمكانية نص عليها صراحة الفصل 41 جديد في
فقرته الثانية الذي ذكر أن ..” للمحكمة بمبادرة منها، أو بطلب من أحد االطراف أن تأمر بإدخال الغير في القضية
إذا رأت ذلك مفيدا للفصل في النزاع.”
– تنقسم الجلسات أمام المحكمة االدارية الى جلسات
مرافعة وجلسات مفاوضة وجلسات تصريح باالحكام، وقد
ينص
1972
كانت الجلسات في ظل قانون غرة جوان
على مبدأ ال علنية الجلسات إال أن المشرع خير التنقيح
3 جوان
وإكساء الجلسات بالصبغة العلنية في تنقيح
. 1996
– تتميز دعوى تجاوز السلطة ببساطة إجراءاتها ذلك
أن العارض غير مقيد بإحترام إجراءات معينة في عريضة الدعوى عدى، اللغة العربية، ويمكنه في تقاريره الالحقة أن يوجهها عبر البريد أو عن طريق االيداع
المباشر بمكتب الضبط دون لزوم االستعانة بعدل تنفيذ، وتحرر هذه المكاتيب على ورق عادي دون لزوم توجيه نسخة منها للخصم بل أن المحكمة هي التي تتولى هاته المهمة، هذا فضال على أن العارض غير ملزم بترجمة الوثائق المحرر باللغة الفرنسية والتي يقدمها كمؤيدات في
دعواه، كما ال يشترط أن تكون الوثائق المقدمة مطابقة
248محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي.2008، ص
.85
لالصل، هذا فضال على أن الفصل 35 جديد قد أعفى
العارض من وجوبية تكليف محامي وهو إمتياز تتمتع به
االدارة كذلك.
– تتميز دعوى تجاوز السلطة أيضا بمجانية
إجراءاتها وهي خاصية تنجلي من خالل عدم إشتراطتسبقة
أو أداء مصاريف قانونية، كما أن تسجيل االحكام مجاني، هذا فضال عن عد االضطرار للتبليغ عن طريق عدل تنفيذ
وكذلك عدم وجوبية تكليف محامي .
– تتميز أيضا دعوى تجاوز السلطة بكونها ال توقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ذلك أنه ولئن كانت دعوى تجاوز السلطة تهدف اللغاء مقرر إداري فإن رفعها ال
يؤول الى إيقاف تنفيذ القرار وذلك إستنادا الى مبدأ
مشروعية قرارات االدارة، وإستثناءا لهاته القاعدة يجوز للعارض تقديم مطلب اليقاف تنفيذ المقرر االداري وال يقبل مطلبه اال إذا كان مبنيا على أسباب جدية وله نتائج
يصعب تداركها..
– تتميز أيضا دعوى تجاوز السلطة بعدم إمكانية
الطعن بالتعقيب، ورغم أنه ال شيء يبرر عدم الطعن بالتعقيب في هذه االحكام مادام ” المشرع لم يحرمه صراحة كما هو لم ينظمه وتبقى الكلمة االخيرة في هذا المجال إلى المحكمة االدارية العليا المختصة بالنظر تعقيبا
في القرارات الصادرة في المادة االدارية.”
ويبدو أن موقف المحكمة االدارية كان مخالفا لهذا
االتجاه الفقهي بما أنها لم تقبل الطعن بالتعقيب في مادة
تجاوز السلطة.
لكن بالرغم من هذا الموقف فإن هذا الجدل برز من
جديد خالل مناقشات مشروع القانون األساسي عدد 39
لسنة .1996
وقد توجهت لجنة التشريع العام بسؤال لممثل
الحكومة عن سبب منع التعقيب في مادة تجاوز السلطة فكانت إجابة الحكومة أن دعوى تجاوز السلطة من حيث طبيعتها هي رقابة قانونية بالدرجة األولى ويكفي بالتالي حصول هذه الرقابة ابتدائيا واستئنافيا وكذلك لتجنب إطالة
آجال التقاضي.249
ومهما يكن من أمر فإ ّن المشرع قد بأن منع بصفة ّ حسم هذا الجدل نهائيا صريحة تعقيب االحكام االستئنافية الصادرة في مادة تجـــــــاوز السلطة من خالل الفصل 66
{جديد} من قانون 1972 الخاص بالمحكمة االدارية .
ولدراسة موضوع دعوى تجاوز السلطة وجب بداية
التطرق الى شروط قبول هاته الدعوى {الفقرة األولى}
ومن ثم االنطالق لدراسة آثارها {الفقرة الثانية.}
الفقرةاألولى: شروط قبول دعوى تجاوز السلطة
إن البحث في شروط دعوى تجاوزالسلطة يتطلب دراسة شروطها الشكلية {أ} وصور القيام بدعوى تجاوز
السلطة{ب.}
249محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.68
أ- الشروط الشكلية:
إن النظر في قبول دعوى تجاوز السلطة شكال
يفترض بعد أن تتثبت المحكمة من مدى اختصاصها في الدعوى و قبل التعرض لموضوعها أن تبحث في مدى توفر الشروط لالزمة لقبول الدعوى و التي تهم بالنسبة
لدعوى تجاوز السلطة إما العارض نفسه)1) أو القرار
المطعــــون فيــه }2{ أو إجراءات و آجال لرفع الدعوى
فقه القضاء من شرط عدم وجود طعن
}3{أو ما أضافه
مواز.}4{
-1الشروط التي تتعلق بالعارض :
خالفا للفصل 15 من مجلة المرافعات المدنية
والتجارية الذي يشترط الحق والصفة والمصلحة واالهلية فإنهيكفي توفر المصلحة للطعن في قرار إداري و ال حاجة الثبات حصول ضرر منه وهو ما يمكن استنتاجه من
الذي اقتصر على شرط
1972
من قانون
الفصل 6
المصلحة فقط ،لكن فقه قضاء المحكمة االدارية تجاوزه
ليتعرض لشرطي االهلية و الّصفة .
– شرط االهلية:
لم يتعرض قانون 72 لشرط األهلية ربما العتباره
مرتبط آليا بالتمتع بالشخصية القانونية و لكن المحكمة االدارية تعرضت له مثــــــــال في قرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق االنسان ضد وزير الداخلية في 21 ماي
.1996
و يقصد باألهلية ” القدرة أو الصالحية العامة للتمتع
بالحقوق و تحمل االلتزامات و التقيد بها .”
و نشير إلى أنه ال فرق مبدئيا بين القواعد العامة
لالهلية في المنازعات العدلية أو االدارية فكل من يتمتع بالشخصية القانونية تتضمن بصفة مبدئية تمتعه باالهلية بما في ذلك أهلية االداء أمام القضاء و ذلك سواء تعلق االمر باالشخاص الطبيعية إذ تكتسب األهلية عند بلوغ سن الرشد القانوني و انعدام الموانع الصحية و القانونية لذلك .و يتم تمثيل القصر و معدومي االهلية من طرف أوليائهم
بصفة قانونية آلية 250 .
و يجوز للعارض أن يرفع بنفسه دعوى تجاوز السلطة التي أعفاها الفصل 35 من قانون 72 من وجوبية
المحامي باستثناء الطعن في االامر الترتيبية.
أما بالنسبة للذوات االعتبارية فقد نزلهم الفصل5 من
م.إ.ع. منزلة الصغير قانونا وبالتالي اليجوز لهم من حيث المبدأ التقاضي إال بواسطة من يمثلهم أمام القضاء سواءا
كانوا ذوات معنوية عامة أو خاصة .
فبالنسبة للذوات العامة نص الفصل 33 جديدمن
قانون 72 على أنه يتم في إطار دعوى تجاوز السلطة
تمثيل الدولة من قبل الوزراء المعنيين .
كما يتم تمثيل الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية من قبل رؤسائها و يمكن لجميع هذه السلطات االدارية تفويض من يمثلها في الغرض طبقا للقوانيـــــــن
و التراتيب الجاري لها بالعمل” .
وبينت المحكمة االدارية في القرار االستئنــــــــافي
وزير الصناعة والتكنولوجيا
2011/4/7
الصـــادر في
أن” ورود الفصل 33 سالف الذكر ضمن األحكام العامة
250محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي.2008، ص
.75
يجعله منطبقا على دعاوى تجاوز السلطة في الطور االبتدائي وعلى مختلف الطعون التي يمكن رفعها في شأن االحكام الصادرة في هذه المادة وذلك كلما لم تنص االحكام الخصـــوصيـة المتعلقـة بهذه الطعــــــون على أحكــــــــام
مخالفة…”
و قد جاء هذا الفصل كاستثناء للقاعدة التي أقرها قانون 7مارس 1988 لتمثيل الدولة لدى القضاء من طرف
المكلف العام بنزاعات الدولة.
أما بالنسبة للذوات الخاصة فتحدد النصوص
الخاصة بها المكلف بممارسة حق التقاضي و نذكر مثال
الفصل 244 من مجلة الشغل بالنسبة للنقـــــابات المهنية
و الفصل 8 من قانون الجمعيات .
ونشير إلى أنه طرح تساؤل هام حول مدى اعتبار
االهلية شرطا لقبول الدعوى أو شرطا لمباشرتها فقط ؟
فإذا اعتبرت شرطا لقبولها أي شرطا لصحة القيام وجب توفّر شرط االهلية منذ رفع الدعوى و ال يجوز مبدئيا تصحيح الخلل أثناء نشر القضية أما إذا اعتبرت شرطا لمباشرة الدعوى أي النعقاد الخصومة فقط فإذا كان هذا الشرط منقوصا أثناء رفع الدعوى أمكن لالطراف
المعنية تفادي الخلل أثناء نشر النزاع.251
و أمام سكوت النص تعرضت المحكمة االدارية
لالجابةسواءا بالنسبة للذوات الطبيعية أو المعنوية
واعتبرته ” شرطا لمباشرة الدعوى ال لقبولها .252“
251محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي،2008، ص
.75
252قرار 7 جويلية 1989 نقابة البنك المركزي ضد محافظ البنك المركزي.
– شرط الصفة:
يشترط في القائم بالدعوى أن تكون له مصلحة القيام، وتكون هذه الصفة متوفرة خاصة في الطرف
المعني بالقرار المراد إلغاؤه .
و يمكن القول أن الصفة تعتبر أساسا سلطة ممارسة
حق التقاضي أي سلطة استعمال الدعوى و مباشرتها و يمكن أن يقوم الشخص بصفته أصيال عن نفسه أو وكيال عن غيره شرط أن يكون له حجة تثبت ذلك أو ممثال قانونيا، واعتبرت المحكمة االدارية في قرار أفريل 2011 أن “الصفة من متعلقات النظام العام تثيرها المحكمة ولو تلقائيا…” وقضت برفض الدعوى نظرا الن الموظف الذي ينوب الوزير المعني بناءا على تفويض إمضائه له قد فقد صفته تلك بعد أن انتهى مفعول التفويض بصفة آلية بانتهاء مهام الوزير وتعيين وزير آخر لم يجدّد له التفويض “.
– شرط المصلحة:
لشرط المصلحة أهمية كبرى في دعوى تجاوز السلطة فرغم حرص المشرع على أن تكون هذه الدعوى الوسيلة العادية في الطعن في القرارات االدارية فقد سعى الى أن ال تتحول هذه الدعوى الى دعوى شعبية يجوز
القيام بها من كل من يرغب في الطعن في أي قرار يريده.
ورغم أن قانون 1972 لم يعرف شرط المصلحةإال
أن القاضي االداري لعب دورا هاما في تحديد مفهومه و إبراز خصائصه إذا أكد على القاعدة المنطبقة على كل الدعاوى و القائلــة أن ” ال دعوى بدون مصلحة و ال
طعن بدونها “.
وتعرف المصلحة بأنها ” الفائدة القانونية التييسعى
المدعي لتحقيقها من كل دعوى‘‘.253
ويمكن أن تكون المصلحة فردية تهم شخصا طبيعيا أو معنويا أو أن تكون مصلحة مشتركة، كما قبلت المحكمة االدارية الدعوى القائمة على مصلحة جماعية أي تلك التي تأسس شخص معنوي من اجل تحقيقها حسب نظامه االساسي كالجمعيات و النقابات المهنية بشرط أن ال تؤول الدعوى للمطالبة بحقوق فردية إذ جاء بالحكم الصادر عن
الغرفة الجهوية
2011
30نوفمبر
المحكمة االدارية في
للمستشارين الجبائيين بنابل ضد وزير العدل أ ّن” الجمعيات المهنية تسهر على حماية مصلحة المهنة …لذلك
فهي تتوفر على المصلحة التي تمنحها الصفة للطعن “…
ويجب أن تكون المصلحة شخصية أي أن يكون المدعي
في وضعية قانونية أثر فيها القرار المطعون فيه تأثيرا شخصيا فال يقبل مثال أن يحل الورثة بصفة آلية محل مورثهم إذا مات مورثهم قبل صدور الحكم فيها فال يقبل منهم ذلك إال إذا كانت لهم مصلحة شخصية و مميزة عن مصلحة المورث. كما يجب أن تكون المصلحة ّ مباشرة أي ملموسة و كذلك مشروعة و أن تكون محققة أي قائمة و حال وقت الدعوى، إال أن فقه القضاء توسع في هذا الشرط و قبل الدعوى بناء على فكرة المصلحة المحتملة
في بعض الحاالت 254 .
253محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي،2008، ص
.75
254محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي،2008، ص
.56
-2الشروط المتعلقة بالقرار المطعون فيه :
ال يحدد القانون الشروط التي يجب توفرها في
القرار القابل للطعن بااللغاء باستثناء ما جاء بالفصل 3 من
قانون 72 لكن فقه القضاء استوجب ليكون القرار
قابالللطعن أن يكون عمالقانونيا آحاد يا {أ} صادرا عن سلطة إدارية وطنية في المادة االدارية {ب} و أن يكون
نهائيا تنفيذيا {ج} و مؤثرا تقريريا {د.}
– أن يكون عمال قانونيا انفراديا:
يجب أوال أن يكون عمال قانونيا أي ” يهدف إلى
إحداث تغيير في المراكز القانونية لالفراد” و يؤدي هذا الشرط القصاء االعمال المادية لاللدارة من دعوى تجاوز
السلطة 255 “
يجب ثانيا أن يكون العمل القانوني عمال انفراديا آحاديا أي صادرعن االرادة المنفردة لالدارة وهو ما يؤدي
إال
االدارية التي تستوجب توافق إدارتين.
القصاء العقود
أن فقه القضاء أقر حدا لهذا القول و ذلك بإعمال ما يسمى بنظرية القرار المنفصل الذي قبلت المحكمة االلدارية الطعن فيــــــه رغم ما يتراءى من عالقة بينه و بين العقد و ذلك شرط أن تستند إالدارة عند اتخاذه على مخالفة القــــــانون ال على بنود العقد و أن يؤسس العارض دعواه أيضا على مخالفة القانون حتى ال تؤول الدعوى للنظر في
جوهر العقد و في مدى احترام االلتزامات التعاقدية.
255قرار محمد الطيب وزير الفالحة 15 أفريل 1985 .
– أن يكون القرار إداريا:
و يقصد بذلك ضرورة أن يكون صادرا عن سلطة
إدارية و لتحديد مفهوم السلطة االدارية اعتمد الفصل 3
من قانون 72 في صيغته األصلية معيارا عضويا تبّنته
المحكمة االدارية في بداية االمر إذ أولت هذا الفصل
تأويال ضيّقا و رفضت الطعون الموجهة ضد قرارات
صادرة عن مؤسسات عمومية ذات صبغة صنـــــــــاعية و تجارية ألنها لم ترد بالفصل المذكور و نذكر مثال قرار
12 ديسمبر 1981
في STEG
الكيالني الشريف ضد
لكن سرعان ما تبين لها قصور هذا المعيار من ناحيتين :
أوال: النهال يمكن اعتبار كل ما يصدر عن السلط
المذكورة بالفصل 3 قرارات إدارية النها تتصرف أحيانا
تصرف الخواص أو في ملكها الخاص و ال يمكن اعتبار قراراتها في هذا المجال إدارية بل تخضع لرقابة القاضي
العدلي .
ثانيا لوجــود هيـــــــاكل أخرى غير واردة بالفصل
3 تتصرف تصرف السلطة العامة و تصدر قرارات
إدارية وهي هياكل يتزايد عددها باستمرار أمام تطور طرق تسيير المرافق العامة لتشمل مثال المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية و التجارية أو الهيآت المهنية أو حتى الهيآت الخاصة كالجامعات الرياضية مثال قرار أحمد شرف الدين ضد رئيس الجامعة التونسية لكرة
السلة 20 فيفري 2001 .
ثانيا: كما يجب أن يكون القرار صادرا عن سلطة
وطنيـة سواء تواجدت داخل الدولة أو خارجها إال أن الموظف التونسي الجنسيـة الذي يتبع إدارة أجنبية أو دوليــة فال يمكن اعتبار قراراتـه قابلة للطعن أمــام
المحكمة االدارية حتى و إن كان مقر عمله بتونس .
كما يجب أن يصدر القرار في المادة أي أن يتعلق بتحقيق مرفق عام باستعمال
ثالثا:
االدارية256
امتيازات السلطة العامة وهو ما يدفعنا الستبعاد األعمال الصادرة في المادة التشريعية أو القضائية أو السياسية فقد اعتبرت المحكمة االدارية في قرارها الصادر في المادة
أن “قرار حل
مثال
مارس 2011
بتاريخ 10
االستعجالية
مجلسي النواب والمستشارين الواقع االعالن عنه صراحة من قبل الحكومة المؤقتة يكتسي طابعا ّ صرفا ويخرج بطبيعته تلك عن دائرة كل رقابة قضائية مما يجعل عمل سياسيا المحكمة مقصورا على معاينة وجوده واستخالص النتائج القانونية والواقعية المترتبة عنه “.
وقداعتبرت المحكمة صلب نفس القرار أن” إسناد المنح واالمتيازات البرلمانية التندرج في إطار الوظيفة البرلمانية بل يتنزل في نطاق الجانب التنظيمي لها
ويكتسي بالتالي صبغة إدارية .”
– أن يكون القرار نهائيا تنفيذيا :
يعتبر القرار نهــائيا حسب المحكمة اإلدارية ” إذا ما
استكمل عناصر وجوده و أصبح صالحا بذاته للتنفيذ فإذا لم يستكمل القرار مراحل إصداره فإنه ال يكون نهـــــــائيا
و اليقبل بالتالي التنفيذ و ال يجوز الطعن فيه بااللغاء.257
و يكتسي القرار النهائي الطابع التنفيذي الذي يجعله
يتمتع بقوة التنفيذ مباشرة و بأثر حال منذ صدوره دون أن
يكون قابال للمراجعة من سلطة إدارية أخرى.
256عدنان عمرو، مبادئ القانون اإلداري، ط. 2، منشأة المعارف، اإلسكندرية، 2004،
.81 ص
2، منشأة المعارف، اإلسكندرية،
257عدنان عمرو، مبادئ القانون اإلداري، ط.
.79 ،ص.2004
– أن يكون القرار مؤثرا تقريريا:
و يمثل هذا الشرط أهم خاصية تميز بين القرارات
القابلة و الغير قابلة للطعن النهال يقبل الطعن في قرار
إداري إال إذا كان ” يولد آثارا قانونية بذاته “ .258
و يقصي هذا الشرط من دعوى تجاوز السلطة كل االعمال القانونية الغير تقريرية كالبيانات و االرشادات
التي تقدمها االدارة و األعمال التحضيرية و األعمال
الداخلية كالمناشيرو كذلك القرارات التفسيرية أو التأكيدية .
إال أن فقه القضاء وضع حدودا لهذا االقصاء يتمثل إجماال في أنه يمكن لهذه القرارات أن تتضمن بين طياتها قرار مؤثرا يجعلها من جديد قابلة للطعن في حدود ذلك
الجزء المؤثر كالمناشير الترتيبية.259
-3 الشروط المتعلقة برفع الدعوى :
ربط المشرع دعوى تجاوز السلطة بجملة من الشروط الشكلية واالجرائية وقد شهدت هذه الشروط تغيرات جوهرية بمناسبة التنقيح المجرى على قانون
المؤرخ في 3
المحكمة االداريةبمقتضى القانون عدد 39
جوان 1996 .
إلى تبسيط إجراءات دعوى
سعى تنقيح 96
لقد
تجاوز السلطة و إلى الضغط على آجال رفعها.
258قرار فاطمة حشانة72نوفمبر .1987 259فريجة حسين، شرح القانون اإلداري، دراسة مقارنة، د. ط.، ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر، 2009،ص .45
– إجراءات رفع دعوى تجاوز السلطة:
نشير أوال إلى هذه االجراءات تتمتع بعدة مميزات تتمثل أوال في أن أغلبها نابع عن اجتهاد القاضي االداري أي له أساس فقه قضائي ، ثم في طابعها الكتابي إذ يتح تّم على المتقاضين تقديم إدعاءاتهم و دفوعاتهم بمقتضى مذكرات مكتوبة يتم تبادلها عن طريق كتــــــابة المحكمة و ثالثا في طابعها التحقيقي االستقصائي خالفا للطابع
االتهامي الذي يميز القضاء المدني .و تتعلق أهم هذه
االجراءات بالمطلب المسبقو بالعريضة االفتتاحية.
– المطلب المسبق:
يمكن لمن أصابه الضرر من قرار إداري معيّن، أن يقدم مطلبا مسبقا لدى السلطة المطلقة للقرار، وينتظر المدعي مدة شهرين، بعد تقديم المطلب، فإن لم ترد السلطة المختصة، يعتبر ذلك رفضا ضمنيا، يخول للمعني باالمر
أن يتم ذلك في ظرف
اللجوء إلى المحكمة االدارية، على
الشهرين المواليين لالجل المذكور .
ويبقى الهدف من تقديم المطلب المسبق، تمكين
االدارة من العلم بوجود خالف محتمل، يمكن أن ينتج عنه
نزاع.
بعد إصالح 3 جوان 1996 ،أصبح المطلب المسبق
غير وجوبي، وحسب مقتضيات القرار االداري في 18
فإنه ” تكون بمثابة المطلب المسبق
،1979
جويلية
الرسالة التي تعترض االدارة ببلوغها إليها، مهما كانت طريقة إيصالها إليها، على شرط أن يكون محتواها يستند إلى القرار المطعون فيه”، وال يعتبر الطاعن قائما بالتظلم عن طريق المطلب المسبق، إال إذا اعترفت االدارة بتسلمها لذلك المطلب، واعتراف االدارة بتقديم المطلب
المسبق يغني العارض عن تقديم الحجة، وتبعا لذلك رأت االدارة بذلك، مثال ضمن محضر عدل تنفيذ. وفي حال تكرار المطالب المسبقة، فإن ذلك ال يغيّر من أجال الطعن أو يمس بها، وتحتسب المحكمة أجال الطعن من المطلب
المسبق األول، وال تعتبر وال تعتمد المطالب الموالية .
يمكن الطعن في القرار الصادر، إما عن طريق
إتباع االجراء االختياري، وهو تقديم المطلب المسبق، أو عن طريق تقديم طعن مباشر في القرار المثار، أمام
قاضي تجاوز السلطة، في مدة ال تتجاوز الشهرين، وتنطلق آجال الطعن ضد المقررات االدارية منذ تاريخ االعالم بها، وذلك بسعي من االدارة، ويقع العلم عن طريق االعالم مباشرة بالنسبة للقرارات الفردية، والنشر فيما يتعلق بالقرارات الترتيبية، أي القرارات العامة التي تهم أشخاصا، ويقع النشر بالرائد الرسمي للجمهورية
فإن أجال
.إذا لم يتم إعالم الطاعن بالقرار،
التونسية
الطعن تحتسب إبتداء من تاريخ وقوع العلم بها، وإذا
تجاوزت مدة 60 يوم على االعالم بالقرار، ولم يقع
الطعن، فإن الطعن الواقع بعد هذه المدة يؤدي إلى سقوط الدعوى شكال، وذلك لفوات االجال غير أنه يوجد حالتان
يمكن فيهما للمحكمة االدارية، أن تقبل الطعن بعد فوات
االجال، في الدعاوى التي تنعدم فيها االرضية القانونية، وللمحكمة أن تلغي ذلك القرار تلقائيا بدون طعن صريح ضده، وفي الدعاوى ذات المفعول المستمر التي أقرت
المحكمة فيشأنها أنه يجوز الطعن فيها ما استمر مفعولها،
وهذا ما يخص جوازات السفر، التقاعد أو المطالبة بشهادة .
و نالحظ أوال أن هذا الفصل لم يحدد شكال معينا
للمطلب المسبق و اعتبرت المحكمة االدارية انه يمكن أن يكون في شكل مكتوب عادي أو ان يتم استجواب االدارة عن طريق عدل تنفيذ أو حتى أن يكون شفا هيا إذا لم تنكره
االدارة و كان له تاريخ محدد كما لم يحدد الفصل 31
مضمون المطلب المسبق الذي اشترط فقه قضاء المحكمة االدارية أن يتضمن تحديدا للقرار المطعون فيه و أن يشتمل انتقاد هذا القرار و بيان أوجه عدم شرعيته دون ضرورة ذكر كل المطاعن التي سترد بالعريضة و أن تستدعي عباراته االجابة من قبل االدارة بالرفض أو
بالموافقة على اقتراحات العارض و التعبير عن نيته في
اللجوء للقضاء .
كما يطرح التساؤل حول الجهة التي يجب أن يقدم
إليها المطلب المسبق و لئن تبدو االجابة واضحة من خالل الصيغة الجديدة للفصل:”…31إلى السلطة المصدرة له”…إال أن فقه القضاء تجاوز التأويل الضيق لهذا النص
الذي يحصر المطلب المسبق في التظلم الوالئي المقدم
لنفس السلطة التي أصدرت القرار و قبل المطلب المسبق المقدم لسلطة مرتبطة ارتباطا عضويا بالسلطة صاحبة القرار سواء كانت أعلى أو أدنى منها درجة و تكون هذه
االخيرة ملزمة بإحالة المطلب على السلطة المعنية .
كما قبلت المحكمة االدارية المطلب المقدم لسلطة
غير مرتبطة عضويا بصاحبة القرار بشرطين أن تكون قد إحالته عليها رغم أنها غير ملزمة بذلك و أن يتم احتساب االجل ابتدءا من إحالة المطلب على الجهة المختصة. كما أقرت المحكمة أنه ال يعتد بالرفض الصادر عن سلطة
إدارية غير مختصة .
و نظرا الهمية االثار الناتجة عن تقديم المطلب
المسبق و المتمثلة أســــاسا في اعتباره “قاطعا سريان أجل
فقد حرص فقه
}31
فصل
القيـام بالدعــوى” {فقرة 2
القضـاء على مسألـة إثبات توجيـه المطلب المسبق لالدارة
و على إثبات تاريخ ذلك .
– الشروط المتعلقة بعريضة الدعوى :
نص الفصل 36 إلى أنه يجب أن ” تحتوي عريضة
الدعوى على اسم ولقب و مقر كل واحد من األطــــــراف و على عرض موجز للوقائع و على المستندات و الطلبات و تكون مصحوبة بالمؤيدات و ترفق العريضة المتعلقة بدعوى تجاوز السلطة بنسخة من المقرر المطعـــــون فيه وبالوثيقة المثبتة لتاريخ توجيه المطلب المسبق إلى االدارة
في صورة حصول هذا التوجيه “.وإن حصل نقص في
هاته العناصر فإن القاضي يمكن أن يطالب المدعي بتصحيح قيامه كما يمكنه أن يبادر بإستكمال العناصر
الناقصة .
وتجدر االشارة إلى أنه ال يمكن في عريضة واحدة
أن يتم الطعن في قرارين منفصلين بإستثناء الحاالت التي
يبرز فيها ترابط واقعي وقانوني بين القرارين .
كما تتعين المالحظة أنه لمصلحة سير القضاء ولتفادي تضارب األحكـــــــــام يمكن للقاضي ظم القضايا المتحدة في الموضوع واالطراف والسبب والقضــــاء فيها
بحكم واحد .
– الشروط المتعلقة بآجـــــــــال رفع دعوى تجاوز
السلطة :
ال تقبل دعوى تجاوز السلطة إال إذا استجابت
لآلجال القانونية المنصوص عليها صلب الفصل 31
والذي اختصر االجال الواردة بالنص القديم قبل سنه قانون 1996 في الفصل 04كما جعل شرط تقديم المطلب المسبق شرطا اختياريا بعد أن كان وجوبيا و تتمثل هذه اآلجال في وجوب رفع الدعوى في ظرف الشهرين المواليين لنشر المقرر االداري أو االعالم به. على أنه إذا اختار العارض
تقديم مطلب مسبق لالدارة، يروم فيه طلب مراجعة وضعيته، فعليه تقديمه قبل انتهاء االجال المذكورة و يعتبر المطلب المسبق إجراءا ّ قاطعا لسريان االجل أي يسقط المدة التي سرت قبل ذلك و يعاد احتساب أجل جديد من
تاريخ االعالم بإجابة االدارة.
أ ّما إذا فضلت االدارة السكوت فإن مضي شهرين
على تقديم المطلب المسبق دون أن تجيب يعتبر رفضا ضمنيا يخول للمعني باالمر اللجوء إلى المحكمة االدارية
لتقديم دعواه في ظرف الشهرين الموالين لألجل المذكور .
و نشير إلى أنه إذا انقضى أجل الطعن يصبح
القرارمحصنا حتى و إن كـــــان غير شرعي260، و ذلك باستثناء القرار المعدوم و القرار المبني على غش من قبل
المعني به الذي يجوز الطعن فيه دون التقيد باآلجال.
-4 شرط عدم وجود طعن موازي:
لم تشر النصوص القانونية لهذا الشرط فهو شرط
فقه قضائي لعب القضــــــاء االداري دورا هاما في نشأته
و تحديد مفهومه، ثم في تحديد أوجه تكريسه و تطوره .
– مفهوم هذا الشرط :
يقصد بشرط عدم وجود طعن موازي “أن دعوى تجاوز السلطة ال تقبل إذا كان للطاعن في القرار االداري إمكـــــــانية الحصول على نفس النتيجة التي يؤدي إليها
االللغا ّء باللجوء إلى طريـــــــقة قضـــــــــائية أخرى غير
طريق دعوى االلغاء .” فهو يخضع إذا لعدة شروط:
260قرار أحمد عمار ضد الوزير االول 31 نوفمبر 1978 .
– ال يقبل الدفع بوجود طريق الطعن الموازي إال إذا كانت هذه الطريق ذات طبيعة قضائية. فال يعتبر مواز مثال إمكانية القيام
بتظلم.
– يجب أن يتمثل طريق الطعن الموازي في دعوى قضائية مباشرة و ليس في مجرد دفع في إطار منازعة أخرى معروضة على
القضاء. – يجب أن تكون ” النتــــــائج التي يؤدي إليها طريق الدعوى الموازية مســـــــــاوية عمليا
لالثار التي تحققها دعوى االلغاء .
– أوجه تكريس هذا الشرط و تطوره:
تطبيقا لهذا الشرط أقرت المحكمة االدارية عدم
اختصاصها كقاضي إلغاء في العديد من الحاالت نذكر
منها:
– القرارات المتعلقة بالمادة الجبائية و الخاضعة
للقاضي الجبائي سواء بالنسبة للمادة القمرقية وبالنسبة
لالداءات المحلية .261
– القرارات التعاقدية الراجعة إلى قاضي العقود . -القرارات المتعلقة بالملكية حسن بن بركة ضد
وزير التجهيـــــــزو االسكان 27 ماي 1988 – القرارات
المتعلقة بالهيئات المهنية و غيرها لكن رغم هذا التكريس فقد عرف هذا الشرط بعض الحدود التي تحد من اللجوء
إليه و يمكن اعتبارها استثناءا له و هي:
261قرار / SNCFTبلدية صفاقس /28 ..1976/6
– اللجوء إلى نظرية القرار المنفصل.
– قبول دعوى تجاوز السلطة بالنسبة للقرارات التي
تتضمن طلبات مالية بشرط أن ال يقصد من الدعوى جعل
االدارة مدينة و طلب التعويض .
و نالحظ أخيرا أن هذا الشرط ال يتمتع عمليا بنفس
االهمية التي يتمتع بها بقية الشروط.
ب- حاالت الطعن بااللغاء:
نص الفصل السابع من قانون المحكمة االدارية على
أربعة حاالت يجوز فيها الطعن في قرار إداري إذ جاء فيه أن “الحاالت التي يمكن القيام فيها بدعوى تجاوز السلطة
هي :
– عيب في االختصاص .
– خرق صيغ شكلية جوهرية.
– خرق قاعدة من القواعد القانونية.
-االنحراف بالسلطة أو باالجراءات ومن الواضح
من خالل هذا الفصل أن المشرع سعى لضبط مداخل
دعوى تجاوز السلطة وبسطها مجمعة في فصل واحد .
ومن الواضح أن ضبط هذه المداخل يمكن أن ينطلق من طبيعتها إذ أن المدخلين االولين يتعلقان بالشرعية الخارجية أو الشكلية فيما يتعلق المدخالن
اآلخران بالشرعية الخارجية.
-1 حاالت الطعن المتعلقة بالمشروعية الخارجية
للقرار:
تشمل هذه الحاالت ما جاء بالفقرتين عدد 1 و عدد
2 من الفصل 1 أي عيب االختصاص و عيب خرق
الصيغ الشكلية الجوهرية.
– عيب االختصاص:
نذكر أوال أن قاعدة توزيع االختصاص بين مختلف الهياكل هي قاعدة ملزمة آمرة فال يمكن بالتالي الي سلطة
أن تتعدى سلطاتها و ال أن تمتنع عن القيام بها و يقصد
بعيب االختصاص ” العيب الذي يتصل بالقرار االداري حين يصدر عن سلطة غير السلطة أو الهيئة التي منحها
التشريع االختصاص باتخاذه .”
و يعتبر هذا العيب من أخطر العيوب وهو يهم
النظام العام ” إذ يمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه حتى إن لم يتفطن إليه الطاعن كما يمكن لهذا األخير إثارته في أي طور من أطوار القضية . و يمكن أن يتخذ هذا العيب عدة صور و أشكال إذ ميز الفقه وفقه القضاء بين 3 صور
أساسية وهي:
– عيب االختصاص الموضوعي أو المادي :
و يعني صدور القرار ممن ال يملك سلطة إصداره في مسألة معينة تدخل في اختصاص سلطة أو هيئة أخرى و األصل في هذا السيـــــــــــاق أن تمــــارس كل سلطة اختصاصاتها بصفة شخصية إال إذا نص التشريع على
إمكانية التفويض أو الحلول أو التعويض و يتخذ عدم
االختصاص الموضوعي درجة من الخطورة262 .
تتمثل األولى فيما يسمى بعيب االختصاص البسيط
و المتمثل في اعتداء سلطة إدارية على اختصاصات سلطة إدارية أخرى تكون إما موازية أو مساوية لها كوزير على وزير أو أدنى منها درجة كاعتداء سلطة رئاسية على اختصاصات مرؤوسها أو السلطة المركزية وممثليها على اختصاص السلطة المركزية أو أعلى منها درجة كاعتداء
موظف إداري على اختصاصات رئيسه االداري .
كما يمكن أن تكون هذه الصورة نتيجة لصدور قرار
بناء على تفويض أو حلول مخالف للقانون.
أما الدرجة الثانية فهي أكثر خطورة وهو ما يسمى بعيب االختصاص الجسيم أو عيب غصب السلطة و يتمثل في أن تأخذ سلطة إدارية مقررا في موضوع هو من
اختصاص السلطة القضائية أو التشريعية أو أن يعتدي
بصفة جلية و خطيرة على اختصاص سلطة إدارية أخرى أو يصدر عن شخص ليست له أية عالقة باالدارة و يكون القرار في هذه الحاالت معيبا بعيب جسيم ينحدر به إلى حد العدم فيصبح قرارا معدوما قابال للطعن حتى بعد فوات
االجال القانونية.
– عيب االختصاص الترابي:
اي أن يمارس صاحب االختصاص سلطته أو
السلطة المفوضة إليه خارج حدود منطقته الترابية.
262محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، د.ط.، منشورات الحلبي
الحقوقية، بيروت، 2005، ص .45
-عيب االختصاص الزماني :
وتتمثل في أن تمارس سلطة إدارية اختصاصها إما قبل أن تتسلم مهامها بصفة قانونية رسمية أو بعد انتهاء فترة تعيينها أو فترة ممارستها الختصاصها عن طريق
التفويض.
-عيب خرق الصيغ الشكلية الجوهرية:
نالحظ أوال أن المشرع التونسي قد عبر عن عيب الشكل المعتمد في فرنسا بعيب الصيغ الشكلية الجوهرية مكرسا بذلك التطور الذي عرفه فقه القضاء في التمييز بين الشكليات الجوهرية التي يترتب عن إهمالها بطالن المقرر االداري و الشكليات غير الجوهرية التي ال يترتب عن
مخالفتها بطالن القرار.263
و قد بيّن الفقهاء أنه ال يوجد معيار قاطع للتمييز
بينهما لكن يمكن اعتبار الشكلية جوهرية في حالتين إما إذا نص على وجوب احترامها أو إذا كانت الشكلية تمثل ضمانة لحقوق االفراد أو من الممكن أن تغير في ماهيّة القرار المطعون فيه و ذلك حتى إن لم يوجب النص احترامها وذلك كإجراء حقوق الدفاع في القرارات التأديبية
مثال .
كما نالحظ أن فقه لفقهاء المحكمة االدارية ذهب إلى
اعتبار أن عبارة ” خرق الصيغ الشكلية الجوهرية ” الواردة بالفصل 1 تهم على السواء خرق ال ّصيغ الشكلية الجوهرية و كذلك خرق الصيغ االجرائية الجوهرية بل
نراه يركز أكثر على هذه االخيرة.
263محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، د.ط.، منشورات الحلبي
الحقوقية، بيروت، 2005، ص .64
و هذا ناتج عن الخلط الفقهي بين الشكليــــــــــــات و االجراءات رغم أن االولى تهم المظهر الخارجي للقرار
و الثانية تهم مختلف مراحل اتخاذه .و نذكر من ضمن
االجراءات التي اعتبرتها المحكمة جوهرية : ضرورة صدور االقتراح من جهة معينة أو ضرورة استشارة جهة
اتخاذ بعض
أخرى أو ضرورة االعالم المسبق قبل
القرارات,
أما بالنسبة للشكليات الجوهرية فنذكر خاصة
الصيغة الكتابية لبعض القرارات و خاصة شكلية تعليل
البعض االخر .
و نذّكر أن المبدأ هو أن تراعي الجهة المختصة بإصدار القرار الشكليــــات المحددة و االجراءات المقررة
و إال فإن قرارها يصدر معيبا و حريا بااللغاء,
إال أن فقه الفقهاء الفرنسي و التونسي أقرا بعض
االستثناءات لهذا المبدأ يتم التغاضي فيها عن هذا و نذكر منها أوال الحالة التي تهم عدم احترام شكلية معينّة وضعت
لصالح االدارة ال لصالح األفراد، و ثانيا حالة ما يسمى
بالشكليات المستحيلة و يقصد بها االستحالة المادية الحقيقية
التي يدوم أمدها بدرجة يتعذر معها إتمام الواجب قانونا.264
و يشترط أن ال تصدر االستحالة عن االدارة نفسها بل يمكن أن تنتج عن ظروف خارجية كضرورة استشارة هيئة لم توجد بعد أو لم يعد موجودة أو تنتج عن منظوري االدارة أنفسهم كاالدالء بعنوان شخصي خاطئ يحول دون
احترام االدارة لشكلية االعالم المسبق مثال .
264محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، د.ط.، منشورات الحلبي
الحقوقية، بيروت، 2005، ص .56
أما الحالة الثالثة فتتمثل في الظروف االستثنـــــائية
و حاالت االستعجال و التي تؤثر عامة على مبدأ الشرعية لكن بشرطين أن يكون القرار الذي سيتم اتخاذه ضروريا
و أن يكون احترام الشكليات العادية مستحيال .
حاالت الطعن المتعلّقة بالمشروعية الداخلية
-2
للقرار:
و تشمل هذه الحـــــــــاالت ما جاء بالفقرتين عدد3
أي عيب خرق قاعدة من القواعد
من الفصل 1
و عدد4
القانونية و عيب االنحراف بالسلطة أو باالجراءات.
– عيب خرق قاعدة من القواعد القانونية:
تعتبر هذه الحالة أكثر أوجه االلغاء استعماالو أقلها
وضوحا و تحديدا سواء في القانون التونسي أو الفرنسي.
و يمكن القول أنها حالة تشمل كل المخالفات القانونية الغير مدرجة في الحاالت األخرى الواردة بالفصل 1 و قد عرفت تطورا هاما إذ ظهر في أول األمر
عيب مخالفة القانون الذي ينصب أساسا على محل القرار
أي مضمونه ثم تولد عنه عيب مراقبة أسبــــــــاب القرار و الذي ينصب أساسا على مراقبة الركن المتعلق بسبب
القرار و رغم أن الفصل 1 لم يشر لهذا األخير صراحة
فقد كرسه فقه قضاء المحكمة االدارية بصفة مستقلة عن
مطعن مخالفة القانون.
-عيب مخالفة القانون:
نشير أوال أن عبارة القانون تشمل كل القواعد القانونية و ربّما هذا ما دعا بالمشرع التونسي الستعمال عبارة خرق قاعدة من القواعد القانونيةسواء كانت مكتوبة
أم ال .
و يتخذ خرق القانون صورا مختلفة:
– المخالفة المباشرة لنصوص القانون: وتتمثل في
تجاهل االدارة للقاعدة القانونية كليا أو جزئيا أو في
االمتناع عن القيام بما تفرضه من التزامات.265
– الخطأ في تفسير القانون: أي أن تستند االدارة عند
و تعطيها معنى غير
اتخاذها القرارعلى قاعدة قانونية
المقصود بها .
– الخطأ في االسناد القانوني : أي أن تتخذ االدارة
قرارا مستندة على قاعدة قانونية ال تنطبق على موضوع القرار أي أن الوقائع التي انطلقت منها ال تبرر اتخاذ ذات
القرار لعدم استيفاءها للشروط القانونية الواردة به.
– مراقبة أسباب القرار:
توجب القاعدة أن يقوم كل قرار إداري على جملة
من المعطيات تمثل االسباب الواقعية و القانونية الرامية
التخاذه و تمتد رقابة القاضي لكل منهما:
– مراقبة االسباب القانونية:
وهي رقابة يتمتع بها القاضي االداري في كل الحاالت حتى صورة ممارسة االدارة لسلطتها التقديرية وهي تهم مراقبة خرق االدارة لمجال تطبيق القاعدة
القانونية.
265محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، د.ط.، منشورات الحلبي
الحقوقية، بيروت، 2005، ص .45
– مراقبة االسباب الواقعية :
يعتبر القاضي االداري في إطار دعوى تجاوز
السلطة ّ قاضي شرعية ال يراقب مبدئيا الوقائع إال أنه تخلى عن ذلك بدرجات مختلفة إيمانا ل منه أنه ال يمكن رقابة الشرعية دون التثبت بوجه أو بآخر من الوقائع التي أنبنى عليها القرار. فبدأ بمراقبة مادية الوقائع ثم الوصف القانوني لها، ثم و في بعض الحاالت حتى مدى مالءمتها
مع القرار .
– الرقابة على الوجود المادي للوقائع أو ما يسمى
بصحة الوقائع:
أي أن يبسط رقابته على البحث في مدى صحة
وجود الوقائع التي استندت إليها االدارة التخاذ قرارها:
▪ .الرقابة على الوصف القانوني: أو التكييف
القانوني للوقائع: أي أن التثبت من وجود الوقائع ال يكفي العتبار القرار سليما بل ال بد أن تكون هذه الوقائع من
شأنها أن تبرر من الناحية القانونية القرار الواقع اتخاذه.
*رقابة مالئمة القرار مع الوقائع إن سمح القاضي
االداري لنفسه كقاضي شرعية بالتثبت من وجود الوقائع
ومن وصفها القانوني فقد اعتبر ذلك ضروريا للتأكد من سالمة تطبيق القانون لكنه تجاوز هذا الحد في بعض الحاالت االستثنائية ليراقب المالئمة بين القرار و السبب المبني عليه و ذلك خاصة في مادتين: المادة االولى تهم مجال الضبط االداري و ذلك لخطورة هذه المادة على الحريات العامة و الفردية بل ذهب القاضي االداري لحد اعتبار المالئمة في هذا المجال عنصرا من عناصر الشرعية. أما المادة الثانية فتهم مادة السلطة التأديبية التي ال يمكن للقاضي االداري أن يراقب بخصوصها المالئمة
إال إذا وجد خطأ فادح في أي إذا كان عدم التالؤم بين
االفعال المرتكبة و العقاب المسلط واضحا وبديهيا وغير
مستوجب الجتهاد خاص قصد استجالءه.
– عيب االنحراف بالسلطة أو باالجراءات :
يتصل هذا العيب بركن الغاية من اتخاذ القرار
اإلداري،و التي يجب أن تكون في كل الحاالت: خدمة
المصلحة العامة.
و يقصد باالنحراف بالسلطة أو باالجـــــــــراءات استخدامها في غير الغرض الذي منحـــــــت من أجله.وهو عيب قصدي يبحث في نيّة صاحب القرار و مقصده من
اتخاذ القرار مما يصعب معه إثباته ويجعله عيبا ثانويا.266
و ال يهم هذا العيب إال مجــــــال السلطة التقديرية
لإلدارة .
و نالحظ أن بعض الفقهاء يعتبرون االنحراف
باالجراءات أحد أصناف االنحراف بالسلطة .
– االنحراف بالسلطة:
و يقصد به استخدام السلطة في غير الغرض الذي
منحت من أجله. و نميز بين صورتين * : الصورة
االولى ت ّهم حالة االنحراف عن المصلحة العامة: إذا كانت
الغاية من كل أعمال االدارة سواء المادية أو القانونية هي المصلحة العامة فإن حيادها عن هذا الهدف يجعل قرارها مشوبا بعيب االنحراف بالسلطة. و يمكن أن يكون ذلك لخدمة مصلحة شخص معين أو الهداف سياسية أو قصد
انتقام شخصي.
266محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، د.ط.، منشورات الحلبي
الحقوقية، بيروت، .2005، ص .54
*أمـــــــا الصورة الثـــــــــــانية فتهم ّمخالفة قاعدة
تخصيص األهداف أي االنحراف عن الهدف الذي حدّده
المشرع و يعتبر القرار معيبا حتى إن كان الهدف من القرار يرمي لتحقيق مصلحة عامة اخرى مثل اتخاذ قرار
الضبط االداري لتدعيم الموارد المالية للبلدية.
– االنحراف باالجراءات:
و يقصد به لجوء االدارة إلى إجراء لتحقيق هدف من أهداف المصلحة العامة في حين كان عليها أن تستخدم إجراءا آخر وضعه المشرع لمثل تلك الحالة . مثال أن تصدر االدارة قرار في التحوز الوقتي للعقار في حين كان عليها انتزاعه الن هدف استعمالها ليس وقتيا .هذه إذا هي العيوب التي يمكن أن يستند إليها العارض في عريضة دعواه طعنا في مقرر إداري و يكون القاضي ملزما بالتعرض لكل المطاعن المثارة و االجابة عليها واحدة بواحدة إذا قضى برفض الدعوى . أما إذا قضى بإلغاء القرار فيمكنه االستناد إلى مطعن واحد دون النظر في
البقية.267
الفقرة الثانية: آثار الحكم في دعوى تجاوز السلطة
يمكن أن تنتهي دعوى تجاوز السلطة برفض
الدعوى إستنادا الى عدم إختصاص المحكمة االدارية أو الى عدم إختصاص الدوائر االبتدائية للبت فيها كما يمكن أن تؤول الى الحكم بإنعدامما يستوجب النظر في الحاالت التي ينتفي فيها موضوع الدعوى أثناء التحقيق {راجع اآلدارة كليا عن قرارها}، كما يجوز للعارض أن يتخلى
267محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون اإلداري، د.ط.، منشورات الحلبي
الحقوقية، بيروت، 2005، ص .45
عن دعواه وال يقبل في هذا االطار اال التخلي الصريح
عمال بالفصل 32 جديد من قانون المحكمة االدارية، كما
يمكنه أن يقدم طلبا في طرح القضية وفي هذه الحالة يمكنه
اعادة رفع دعواه من جديد، وال تطرح هذه المواضيع
إشكاالت خاصة، كالتي تؤول فيها الدعوى الى الرفض شكال أو أصال {أ} أو الحاالت التي تؤول الى الغاء القرار
المنتقد {ب.}
أ- حاالت الرفض:
يمكن أن ترفض دعوى تجاوز السلطة السباب شكلية أو أصلية ويختلف النظام القانوني بحسب أسباب
الرفض .
-1 حاالت الرفض شكال:
ان االحكام القاضية بالرفض شكال تتمتع بالحجية النسبية للشيء المقضي وهو ما يعني أن القرار الذي صدر فيشأنه حكم برفض الدعوى لم يتحصن نهائيا بل يجوز للغير أن يطعن فيه بااللغاء، كما يجوز للمدعي الذي وقع رفض طعنه السباب شكلية أن يقدم طعنا جديدا شريطة أن يتم ذلك في االجال القانونية وعمليا ال يكون ذلك مستمرا
اال في حالة الحقوق المستمرة268 .
-2 حاالت الرفض أصال:
إن االحكام القاضية بالرفض أصال شأنها شأن االحكام القاضية بالرفض شكال تتمتع بالحجية النسبية
للشيء المقضي و يجوز للغير أن يطعن فيه بااللغاء .
268توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة،، ص
.42
غير أنه خالفا للطعن شكالال يحق للطاعن الذي
رفض طعنه أصال أن يعيد الطعن في نفس القرار إستنادا لنفس االسباب وهو ما يعني أنه في صورة توفر أسباب
جديدة فال مانع من رفع الدعوى من جديد .
ونظر القاضي في أصل النزاع وإنتهاؤه الى رفضه
أصالال يعني خلو القرار من أي عيب يؤول الى االلغاء بل يعني أنه ال يوجد في المطاعن التي تمسك بها المدعي مطعن يمكن إعتمادهاللغاء القرار، كما أن المقرر المذكور ال يحتوي على عيب من عيوب النظام العام التي يجب
على القاضي اثارتها من تلقاء نفسه وال يقيده في ذلك ما
يرد في عريضة الدعوى والتقارير الالحقة .
ب- حالة االلغاء:
في صورة القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فإن الحكم يتمتع بالحجية المطلقة وهو ما يعني أن قرار االلغاء
يكون حجة على الكافة.269
.ويعتبر القرار الملغى كأنه لم يصدر بتاتا أي أن
االدارة تطبق حكم المحكمة بصفة رجعية من خالل إرجاع الوضعية القانونية الى الحالة التي كانت عليها قبل صدور
القرار الملغى وذلك تنفيذا لمقتضيات الفصل 8 من قانون
المحكمة االدارية الذي نص أن ” إن المقررات االدارية الواقع إلغاؤها بسبب تجاوز السلطة تعتبره كأنها لم تتخذ إطالقا”، ولمقتضيــــــــــات الفصل 5 الذي نص على أنه ” يوجب قرار االلغاء على االدارة إعادة الوضعية القانونية التي وقع تنقيحها أو حذفها بالمقررات االدارية
الوقع إلغاؤها الى حالتها األصلية بصفة كلية.”
269توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة، ص .41
-1 تنفيذ الحكم بااللغاء:
أي التزامها بتحقيق مضمون الحكم الصادر و ما يفرضه عليها من التزامات و اتخاذ االجراءات الالزمة لذلك بصفة تلقائية النهال يمكن التنفيذ جبريا على االدارة بل هي ملزمة بذلك وفق إلزام تشريعي : الفصل 9 و عمال
بتقيدها بقوة اتصال القضاء .
وقد أقرت المحكمة االدارية في قرار نزيـــــــــــــهة
” ( وحيث أن
1991
فيفري
وزير المالية 22
الغربي/
تنفيذ االحكام القضائية لئن كان موكوال إلى االدارة إال أن هذه تخضع في هذا المضمار لرقابة القضاء و تتحمل من
ثمة تبعة تصرفاتها الخاطئة و العمدية ” .
و تتمثل هذه الرقابة القضائية في صورتين :االولى: عن طريق رقابة قاضي االلغاء: إذ اعتبرت المحكمة االدارية أن حجية قرار االللغاء تمثل عنصرا من عناصر الشرعية التي يمكن على أساس مخالفتها الطعن ثانية في قرار االدارة القاضي برفض االمتثال لحكم االلغاء
األول270.
الثانية : عن طريق قاضي التعويض إذ نص الفصل
10 ” يعتبر عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة
االدارية خطأ فاحشا معّمرا لذّمة السلطة االدارية المعنية
باالمر ”
و قد بينت المحكمة االدارية أن لعبارة “المقصود”
معنا عاما يقتصر على معاينة تقاعس االدارة في تنفيذ حكم المحكمة بعد ثبوت إعالمها و أقرت مبدأ التعويض عن
ذلك .
270توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة،،ص.39
و لكن إلى جانب الحلول القضائية توجد حلول
إدارية كإمكانية تدخل رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة بعد رفع التقرير السنوي لنشـــاط المحكمة االدارية إليهما
أو إمكانية تدخل الموفق االداري .
غير أنه تجدر االشارة الى أن إعادة الحالة الى ما
كانت عليه من شأنه أن تطرح إشكاالت عويصة في الحاالت التي يقع فيها إستهالك نتائج القرار أو في الحاالت التي تكون الوضعية قد إستقرت فيها بشكل يصعب معه تنفيذ قرار االلغاء، أو أن يكون قرار االلغاء قد رتب عديد القرارات والوضعيات المتشعبة ومن ذلك إلغاء المناظرات في قرار نزيهة الغربي / وزير المالية 22 فيفري 1991 ” ( وحيث أن تنفيذ االحكام القضائية لئن كان موكوال إلى االدارة إال أن هذه تخضع في هذا المضمار لرقابة القضاء
و تتحمل من ثمة تبعة تصرفاتها الخاطئة و العمدية ” وما
يترتب عن ذلك من مراجعة الوضعيات القانونية لكل
االعوان الذين شملتهم المناظرة الملغاة.
ولكن قد يكون عدم تنفيذ القرار بااللغاء في بعض األحيان ناتجا عن تعنت االدارة التي تكون محمولة قانونا على تنفيذ أحكام المحكمة المحالت بالصبغة التنفيذية عمال
بالفصل 55 من قانون المحكمة االدارية .
ورغم أن عدم التنفيذ يعد خطأ فاحشا وفق لمقتضيات الفصل 14 من قانون المحكمة االدارية إال أن االحصائيات
تتحدث عن 84 % من االحكام االدارية غير منفذة .
-2 المعدومية:
نشير في النهاية الى وجود مآل آخر في حالة االلغاء وهو إعتبار القرار الملغى قرارا معدوما وال أثر له ويكون ذلك في الحاالت التي تكون فيها أوجه خرق القانون في
القرار المنتقد فاحشة اومتعددة بحيث أنه من غير الجائز تمتيع القرار المنتقد بالحصانة التي تتولد عن انتهاء اجال التقاضي أو الناجمة عن خطأ العارض في إجراءات
القيام.271
لذلك فإن إعتبار القرار معدوما يترتب عنه الطعن
فيه دون التقيد بآجال التقاضي أو حتى ممن ال تتوفر فيه شروط المصلحة والصفة وااللية، كما يمكن الطعن فيه حتى لدى القاضي العدلي حماية للمتقاضين من القرارت
االدارية المشتملة على تعسف فاحش من االدارة.
المبحث الثاني: المسؤولية اإلدارية: التعويـــــض
لقد كانت الدولة قبل القرن التاسع عشر ال تسأل،
وكان مبدأ عدم مسؤوليتها هو السائد، ولقد ظل هذا المبدأ طويال والسبب في ذلك يعود إلى الفكرة السائدة آنذاك وهي أن الملك ال يخطئ ألنه خليفة هللا في األرض، ولما كان الملك صاحب السيادة ال يخطئ فالدولة إذا ال تخطئ
واليمكن أن تسأل عن أعمالها وأعمال موظفيها الضارة.
إال أنه في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن
العشرين بدأ المفهوم المطلق لعدم مسؤولية الدولة يندثر وبدأت الدولة تعترف بمسؤوليتها وذلك مع التقدم وارتفاع درجة الوعي و انتقاد الرأي العام والفقهاء لهذا المبدأ على أساس أن األخذ به يعد مساسا لمبدأ المساواة بين المواطنين الذي ال يتحقق إال بإلزام الدولة بدفع تعويضات عن
األضرار التيتسببها بأعمالها.
271توفيق بوعشبة،مبادىء القانون االداري التونسي، المدرسة القومية لالدارة، ،ص
.36
لقد حدث هذا التحول بفضل مجلس الدولة الفرنسي الذي قرر في البداية مسؤولية الدولة عن أعمال االدارة العادية دون أعمال السلطة والسيادة، ثم قرر مسؤولية الدولة عن أعمالها المتصلة بمرفق الشرطة، ثم تواترت أحكامه لتقرير مسؤولية االدارة عن أعمالها في كافة ما
تقوم به من أنشطة وما تضطلع به من أعمال.272
وقد قام مجلس الدولة الفرنسي بتأسيس نظرية
متكاملة بشأن المسؤولية اإلداريةمنذ أن أصدر حكم
1855، والذي كرس فيه
6 ديسمبر
“اروتشيرد” بتاريخ
رفضه لتطبيق قواعد المسؤولية المعروفة في القانون المدني على المسؤولية االدارية، ثم أكدت ذلك االتجاه محكمة التنازع الفرنسية عندما أصدرت حكم “بالنكو”
الشهير سنة 1873، وما تلي ذلك من أحكام وقرارات
قضائية إلى درجة أن أصبحت اليوم مسؤولية الدولة
مبدأعاما و االستثناء هو عدم مسؤوليتها.
وفي بداية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين أسس مجلس الدولة الفرنسي نظرية المسؤولية اإلدارية على أساس الخطأ، واستوحى ذلك من قواعد المسؤولية
التقصيرية في القانون المدني.
و تقوم المسؤولية االدارية على أساس الخطأ على
ثالثة أركان وهي: وقوع الخطأ من جانب االدارة ينتج عنه
ضرر وتربطهما عالقة سببية
وبعد ذلك حدث تطور كبير على مستوى نظرية
المسؤولية االدارية في قضاء مجلس الدولة الفرنسي، حيث ظهر نوع آخر من المسؤولية االدارية وهي تلك التي تقوم
272عبد العزيز عبد المنعم خليفـة ،مسؤولية اإلدارة عـن تصـرفاتها القانونيـة: القـرارت
والعقـود اإلدارية ، منشاة المعارف ، مصر ، سنة .2007،ص .55
بدون خطأ وذلك على أساس المخاطر، كما في حالة
اإلشغال العمومية .
والقرار المؤسس لهذه المسؤولية هو قرار مجلس
189في قضية
جوان
الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 2
“الكام”، حيث تتعلق هذه القضية بإصابة يد عامل في أحد مصانع الدولة ليس بسبب خطأ العامل وليس بسبب خطأ اإلدارة، فارتكز مفوض الحكومة “روميو “إلى خصوصية مسؤولية الدولة وألزمها بالتعويض على أساس المسؤولية بدون خطاالمبنية على المخاطر، فيما لم يكن بعد القاضي المدني قد أعمل هذه النظرية رغم المساعي الفقهية المختلفة التي حاولت إقناع كل من المشرع والقضاء بتبني
هذهالنظرية273 .
إن القضاء اإلداري الفرنسي عندما أخذ بالمسؤولية اإلدارية على أساس المخاطر لم يأخذ بها إال كوسيلة مكملة للمسؤولية القائمة على الخطأ، أي أنه يعتبر هذه المسؤولية هي األساس في التطبيق، وال يلجأ إلى تطبيق المسؤولية القائمة على المخاطر إال بعد أن يثبت له عدم كفاية
المسؤولية األصلية في توفير حل عادل للحالة المعروضة.
وكما هو الحال في فرنسا فإن لقضاء اإلداري
التونسي هواألخر يأخذ بنظرية المسؤولية اإلدارية على
أساس المخاطر.
– تعريف المسؤولية اإلدارية:
المسؤولية لغة : تعني تحمل التبعة أي أنها الحالة
القانونية أو األخالقية التي يكون فيها اإلنسان مسؤوال عن
أقوال وأفعال أتاها إخالال بقواعد وأحكام أخالقية وقانونية.
273عبد العزيز عبد المنعم خليفـة ،مسؤولية اإلدارة عـن تصـرفاتها القانونيـة: القـرارت
والعقـود اإلدارية ، منشاة المعارف ، مصر ، سنة .2007،ص.66
و اصطالحا المسؤولية اإلدارية باعتبارها مسؤولية قانونية ونوع من أنواع المسؤولية القانونية تنعقد وتقوم في
نطاق النظام القانوني اإلداري ، وتتعلق بمسؤولية الدولة
واإلدارة العامة عن أعمالها الضارة ، لكن يمكن تحديد معناها بالمعنى الضيق ، بأنها ” الحالة القانونية التي تلتزم فيها الدولة أو المؤسسات والمرافق والهيئات العامة اإلدارية نهائيا بدفع التعويض عن الضرر أو األضرار التي سببت للغير بفعل األعمال اإلدارية الضارة سواء كانت هذه األعمال اإلدارية الضارة مشروعة أو غير مشروعة وذلك على أساس الخطأ المرفقي أو الخطأ اإلداري أساسا وعلى أساس نظرية المخاطر وفي نطاق
النظام القانوني للمسؤولية اإلدارية ومسؤولية الدولة.
األصل أن مسؤولية السلطة اإلدارية قائمة على
الخطأ ، ألنه ال يمكن إجبار اإلدارة على تعويض الضرر
أو جبره إال بناءا على خطئها ، غير أنه في بعض الحاالت تكون بصدد مسؤولية بدون خطأ إما لكون الضرر صادر عن فعل اإلدارة بالرغم من كونها لم ترتكب خطأ وتكون آنذاك بصدد وجود إخالل بمبدأ المساواة أمام األعباء العامة أو لكون نشاط اإلدارة ذو مخاطر خصوصية والذي تنتج عنه أضرار ال يمكن أن تبقى دون تعويض ، فبما أن اإلدارة تستفيد من ذلك النشاط فإنها في مقابل ذلك تتحمل
التعويض عن األضرار الناشئة عنه.
من الطبيعي أن تكون مسؤولية السلطة العامة مبدئيا
مسؤولية خطيئة بمعنى ال تقوم إال إذا كان الفعل الضار
مخطئا فإذا كانت هذه المسؤولية (على أساس الخطأ) هي المسيطرة في القانون اإلداري إال أنه منذ سنة 1895 وجد نوع آخر من المسؤولية وهذه األخيرة إنها تقوم من ولو
غاب الخطأ ، وهي مسؤولية بقوة القانون بسبب الضرر
الحاصل.274
– مراحل تطور المسؤولية اإلدارية:
لقد مر تطور المسؤولية اإلدارية بمراحل وهي مرحلة عدم مسؤولية اإلدارة عن أعمالها ثم تدخل القضاء وأقر مسؤولية اإلدارة ابتداء من القرن التاسع عشر، ومنذ
ذلك والمسؤولية االدارية في توسع مستمر.275
– مرحلة عدم المسؤولية:
لم تكن المسؤولية االدارية معترف بها في األنظمة
اقانونية القديمة، فكانت المحاكم ترفض االعتراف بمسؤولية الدولة عن االضرار الناجمة عن نشاطها باعتبار الملك ال يخطئ في الدولة الملكية وأنه ولي القانون االلهي حسب القاعدة القديمة “الملك ال يسيء صنيعا “. وباالنتقال من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري لم يغير ذلك من عدم االعتراف بمسؤولية الدولة حيث أن العصمة من الخطأ الملكي قد انتقل نوعا ما إلى البرلمان الذي يحوز السيادة وبذلك الشكل إذا تجسدت فكرة ال مسؤولية للدولة وأضيف أيضا بأن القواعد الموجودة التي تحكم المسؤولية
الخاصة ال يمكن تطبيقها على الدولة.
ويمكن حصر االسباب والعوامل التي أدت وساعدت
على سمو مبدأ عدم مسؤوليةالدولة فيما يلي :
-1 طبيعة الدولة قديـــــــــما وظروفها االجتماعية،
السياسية، االقتصادية إذ كانت في معظمها دول دكتاتورية
274عبد العزيز عبد المنعم خليفـة ،مسؤولية اإلدارة عـن تصـرفاتها القانونيـة: القـرارت
والعقـود اإلدارية ، منشاة المعارف ، مصر ، سنة .2007،ص .43
–275 رشيد خلوفي، قانون المسؤولية اإلدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
بدون سنة نشر.،ص.45
بوليسية ال تخضع لمبدأ الشرعية وال لرقابة القضاء وهو ما ساعد على انتشار وتوسيع دائرة عدم مسؤولية االدارة
عن أعمالها غير المشروعة والضارة.
-2 طبيعة العالقة القانونية التي كانت تربط الموظف بالدولة والتي عرفت بالتعـــــــــــاقدية السيما في النظام االنجلوسكسوني وبالتــــــــــــالي فإن االدارة ال تسأل عن
االضرار التي يسببها موظفوها للغير على أساسا أن هذه
االضرار تعد خارجة عن نطاق حدود العقد المتعلق
بالوظيفة ويتحملون المسؤولية المدنية أمام القضاء العادي.
-3 االهتمام بقضايا حقوق االنسان والدولة القانونية
والعدالة االجتماعية بصفة نظرية بغض النظر عن أساليب
وفنيات تطبيقه.
-4 انعدام األساليب القــــــانونية واالجرائية الالزمة
الخضاع االدارة للرقابة القضائية.
-5 عدم بروز وبلورة فكــــــــــرة التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ونظرية المخاطر وهو ما ساعد
على عدم تحديد الخطأ االداري.
-6 سمو مبدأ سيادة الدولة إذا كان ينظر إليه على انه
يتنافى مع مبدأ المسؤولية ، فالدولة شخص معنوي تتمتع بكـــافة الحقوق واالمتيازات وأساليب السلطة العامةوتتمتع بالسيادة وبالتالي فإنه ال يمكن مساءلتها من أعمال سلطاتها
بما فيها التنفيذية .
– نظام المسؤولية المدنية لألشخاص العمومية:
و هو يقوم على مبدأ مساءلة األشخــــاص العمومية و لكن طبقا للشروط التي تخضع لها االعمال الضارة
لالفراد276 .
و قد نشأ هذا النظام في الواليات المتحدة األمريكية
الذي يعرف بالقانون االتحادي
1946
بمقتضى قانون
للمسؤولية، و في انقلترا بمقتضى قـــــانون 1947 المتعلق
بمسؤولية التاج.
– مرحلة المسؤولية االدارية لألشخاص العمومية:
إن مسؤولية الدولة أو االدارة لم تظهر إال حديــــــثا
وبالضبط في نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين ، قد
نصت عليها بعض القوانين ، واعترف القاضي بها من خالل الحكم على االدارة بإصالح الضرر، وأول نقطة لظهور مسؤولية الدولة واالدارة جاءت سنة 1789 والذي نصت المادة 58 منه “إن الملكية هي حق ال ينتهك ومقدس وليس الحد أن يحرم منه إال إذا دعت لذلك طبعا ضرورة
عادل
بشرط تعويـــــــض
عامة مثبتة قــــــــــانونا وذلك
ومسبق.”ومن هناك بدأت المسؤولية االدارية في تطو ر
مستمر متزايد إلى أن تدخل القضاء االداري وأقر
مسؤوليتها بعد “قضية بالنكو” والتي أجمع الفقهاء أن حكم
بالنكو الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية في -2-8
1873 يعد نقطة أساسية لالنطالق في وضع قواعد وأسس المسؤولية بعد سيادة مبدأ عدم المسؤولية االدارية لمدة
زمنية طويلة وتحديد الجهة القضائية في تقريرها .
–276 رشيد خلوفي، قانون المسؤولية اإلدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
بدون سنة نشر.،ص.74
وتتمثل وقائع القضية أن عربة تابعة لمشغل عائد للدولة “لمصنع التبغ” دهست بنتا مسببة في ذلك بعض الجروح فرفع والدها دعوى التعويض أمام القضاء العادي وأمام منازعة االدارة الختصاص القاضي العادي في هذا النزاع فإن األمر قد رفع إلى محكمة التنازع وللتعويض
عن الضرر .
ومن بين ما جاء في إحدى حيثيات الحكم ما يلي:
-1 إن مسؤولية الدولة عن األضرار التي تلحق
األفراد بسبب تصرفات األشخاص الذين تستخدمهم في المرفق العام ال يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقرها
القانون المدني للعالقات فيما بين األفراد.
-2 إن هذه المسؤولية ليست بالعامة والبالمطلقة بل
لها قواعدها الخاصة التي تتغير حسب حاجات المرفق العام وضرورة التوفيق بين حقــــــــــــوق الدولة والحقوق
الخاصة.
-3 إن االختصاص في الحكم على مسؤولية المرفق
العام “اإلدارة” قد ترك للمحاكم االدارية للفصل فيها277 .
– نظام المسؤولية اإلدارية في تونس:
ترجع فكرة المسؤولية االدارية الى عهد الحماية حيث صدر امر 27 نوفمبر 1888 الذي وضع في فصله االول نظاما للمسؤولية غير التعاقدية لالدارة يخول للمحاكم المدنية التعويض عن المضارالناجمة عن االشغال التي اذنت فيها او من جهة أي عمل صدر عنها بغير حق
و أضر بالغير.
–277 رشيد خلوفي، قانون المسؤولية اإلدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
بدون سنة نشر.،ص .56
و قد تضاربت مواقف المحاكم الفرنسية و التونسية
حول مدى استقاللية القواعد التي يتعين تطبيقها على مسؤولية االشخاص المعنوية، ففيما استبعدت األولى
85 من م ا ع الصادرة
و 84
االحكام الواردة بالفصلين
قد الغى
1907
30 جوان
معتبرة ان امر
1906
سنة
اعتمدت المحاكم المدنية التونسية
العمل بها ضمنيا، فقد
حال مغايرا.
الذي احدث
1972
و قد حسم قانون غرة جوان
المحكمة االدارية المسألة بمقتضى الفصل 2 حيث اعلنت المحكمة االدارية منذ قراراتها االولى ان المسؤولية المحمولة على االشخاص العمومية ال تخضع لقواعد
القانون المدني و انما للقواعد الخاصة بالقانون االداري.
و يتميز نظام المسؤولية االدارية في تونس بثالث
خصائص جوهرية تتمثل في أنه نظام ذو مصدر فقه
قضائي باألســــــــــــاس، و هو نظام يعتمد مبدأ الجمع بين المسؤوليات الذي يخول للمتضرر مساءلة االدارة حتي في صورة حصـــــــــــول الضرر نتيجة الخطا الشخصي الذي ارتكبه مستخدمها، و هو نظام يتسم بتوسع
مستمر في حاالت المسؤولية االدارية.
– خصائص المسؤولية االدارية:
تتميز المسؤولية االدارية بعدة صفات وخصائص ذاتية تنبع من طبيعة هذا النوع من المسؤولية القانونية
ومن طبيعة النظام الذي يحكمها.278
–278 رشيد خلوفي، قانون المسؤولية اإلدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
بدون سنة نشر.،ص.78
ومن أهم خصائص المسؤولية االدارية أنها قانونية
وغير مباشرة وذات نظام قانوني مستقل وخاص كما أنها
مسؤولية حديثة جدا.
– المسؤولية االدارية مسؤولية قانونية:
المسؤولية االدارية مسؤولية قانونية بالمعنى الدقيق
والضيق والصحيح للمسؤولية القانونية و لذلك يتطلب فيها
توفر شروط ومقومات المسؤولية القانونية .
– المسؤولية االدارية مسؤولية غير مباشرة:
إن المسؤولية القانونية تكون مسؤولية مباشرة إذا كانت مسؤولية شخص عن أفعاله الشخصية الضارة
مباشرة في مواجهة الشخص المضرور. أما المسؤولية
فعل
القانونية من
القانونية غير المباشرة فهي المسؤولية
كما هو الحال في مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة ومسؤولية الدولة واالدارة العامة ألعمال موظفيها
وأعمالها الضارة .
– المسؤولية اإلدارية ذات نظام قانوني مستقل
وخاص بها:
المسؤولية اإلدارية ليست عامة ومطلقة ولها نظامها القانوني الخاص يستجيب ويتفق مع أهدافها وحاجاتها ويتالءم مع عملية التوفيق والتوازن بين المصلحة العــامة و حقوق وحريات األفراد في العالقات االدارية بصفة
عامة وفي حالة المسؤولية القانونيةاالدارية بصفة خاصة.
279
–279 رشيد خلوفي، قانون المسؤولية اإلدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
بدون سنة نشر.،ص .46
فإذا كانت المسؤولية القانونية المدنية مثال تقرر مبادئ وقواعد عامة ومجردة في تقرير وتنظيم المسؤولية المدنية مثل مبدأ وقاعدة أن كل شخص سبب بفعله الشخصي أو بفعل من يسأل عنهم يتحمل عبئ رفع التعويض للشخص المتضرر الصالح الضرر الذي ينسب له بفعل ذلك فإن قواعد النظام القانوني للمسؤولية االدارية تمتاز بالمرونة والواقعية والقابلية للتغيير والتبدل بتغير
وتبدل الظروف والمالبسات المحيطة باإلدارة العامة.
– المسؤولية اإلدارية حديثة وسريعة التطور:
تمتاز المسؤولية اإلدارية بأنها مسؤولية حديثة جدا ومتطورة بالقياس إلى أنواع المسؤولية القانونية األخرى فالمسؤولية اإلدارية أو مسؤولية الدولة لم تنشا وتظهر إال
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .
وما زال النظام القانوني للمسؤولية اإلدارية في
حالة حركة وتطور وبناء لحد اآلن في بعض تفاصيله.فهكذا كان في بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر يسود مبدأ عدم مسؤولية الدولة واإلدارة العامة ألسباب وعوامل عديدة ومختلفة ثم مبدأ مسؤولية
الدولة عن كل خطأ إداري مرفقي يسيرا أو جسيما ثم
ظهرت وازدهرت مسؤولية الدولة واإلدارة عن أعمالها الضارة بدون خطأ وعلى أساس نظرية المخاطر كما أن األساليب والتقنيات القانونية للنظام القانوني للمسؤولية
مرت بتغيرات وتطورات كثيرة.
و دراسة المسؤولية اإلدارية تقتضي التعرض الى
أنواعها {الفقرة األولى} ونظام التعويض {الفقرة الثانية.}
الفقرة األولى: أنواع المسؤولية اإلدارية.
تنقسم المسؤولية االدارية الى مسؤولية مبنية على
الخطأ {أ} و مسؤولية بدون خطا {ب.}
أ- المسؤولية اإلدارية على أساس الخطأ:
تقوم المسؤولية االدارية المبنية على الخطا على
جملة من أركان و تقتضي إثباتها.
-1 اركان المسؤولية اإلدارية:
البد من توفر ثالثة أركان أساسية في المسؤولية على أساس الخطأ وهي الخطأ أو الفعل، الضرر والعالقة
السببية بينهما.
– الخطأ:
يعتبر الخطأ بمثابة كل فعل غير شرعي أو غير
مبرر يمكن أن ينتج عنه ضرر، سواء كان هذا الفعل
إيجابيا أو سلبيا، عمديا أو غير عمدي، جسيما أو عاديا ، لصيقا بشخص الموظف أو بطبيعة عمل المرفق العمومي وهو ما يجعله تارة خطأ شخصيا وتارة أخرى خطأ
مرفقيا.
الخطا الشخصي المنفصل على المرفق هو الخطا
الذي يرتكبه العون العمومي خارج الخدمة العمومية.280
و يتفق فقهاء القانون االداري على أنه من الصعب
حصر مفهوم الخطا المرفقي فالخطا المرفقي يتخذ اشكاال
280لشعب محفوظ،، المسؤولية االدارية في القانون االداري، ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر، بدون سنة نشر.، ص.57
مختلفة ال تحتمل الحصر و هي تشمل كل ما يصدر عن االدارة من اعمال سواء اكتسبت صبغة القرارات االدارية
غير الشرعية او صبغة التصرفات المادية.
ويمكن تعريف الخطا المرفقي بانه الخطا الذي يبرز
خلال في تنظيم المرافق العامة او في سيرها و يؤدي الى استبعاد المسؤولية الشخصية لمستخدم االدارة و احالل
محلها مسؤولية االدارة المستخدمة.
– ركن الضرر:
يعتبر الضرر أثرا سلبيا مباشرا أو غير مباشر لقيام الدولة أو إداراتها بأعمالها سواء بفعل خطأ أو بدونه يترتب عنه مسؤولية إدارية توجب التعويض، ويكون المتضرر ملزما بأن يثبت بكافة الوسائل الضرر الذي
لحقه، و يمكن االستعانة بتقارير الخبراء في هذا المجال ، و يشترط في الضرر أن يكون ناتجا مباشرة عن فعل اإلدارة، و قد يكون ماديا يصيب المتضرر في ماله، أو معنويا يصيب الفرد في شرفه أو سمعته أو كرامته أو
عواطفه:
– الضرر المادي:
كالضرر الذي يصيب جسم اإلنسان ويلحق به عجزا دائما أو مؤقتا، أو يصيبه في أمواله، أو وظيفته، و يشترط
فيه أن يكون:
– مباشرا أو غير ناتج عن سبب أجنبي.
– حاال و ليس محتمال أي محقق الوقوع.
– يمكن تقديره ماديا.
– أن يكون خاصا و ليس عاما.
– أن يخل بمركز يحميه القانون. و يمكن للقاضي أن يستعين برأي الخبراء، إذا لم
يتوفر على العناصر الكافية لتقدير الضرر.
– الضرر المعنوي:
و هو الذي ال يلحق المصلحة المالية للمتضرر، بل
يمس المشاعر و العواطف و ال يمكن تقويمها بالمال ، فمع ذلك استقر القضاء على منح بعض التعويضات للمصاب
بالضرر المعنوي و يتم تقديره بشكل جزافي.281 ال يمكن منح أي تعويض إذا لم يكن هناك ارتباط بين نشاط المرفق والضرر الحاصل، فسواء كانت المسؤولية خطيئة أو مسؤولية على أساس المخاطر، فإن العالقة السببية ضرورية لجبر الضرر. فإن كان الفعل المتسبب في الضرر خارجا عن النشاط اإلداري، فال يمكن إثارة مسؤولية اإلدارة بل ينبغي إعفاء الشخص العمومي من المسؤولية، كما هو الشأن في حالة القوة القاهرة أو نتيجة
خطأ الضحية، أو بفعل واقع من الغير.
وعادة ال يثير اكتشاف هذه العالقة أية صعوبة، إال إذا تعددت األفعال المتسببة في الضرر إذ ينبغي توزيع المسؤولية على العوامل المساهمة في إحداثها كل بقدر
نصيبه.
وإذا ساهم الضحية بخطئه في الضرر الذي لحق به،
فإنه يتحمل نصيبا من هذه المسؤولية تكون بحسب مساهمته فيها، لكن بعد دخول قانون المحاكم اإلدارية
281لشعب محفوظ،، المسؤولية االدارية في القانون االداري، ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر، بدون سنة نشر، ص ..65
بالمغرب حيز التنفيذ فإن الجمـــع بين الخطئين الشخصي
و المرفقي أصبح غير ممكن.
-2 إثبات الخطأ المرفقي:
يعتمد فقه القضاء االداري نظام الخطأ المثبت و في
بعض الحاالت نظام الخطأ المفترض.282
– الخطأ المثبت:
االصل في نظام المسؤولية التقصيرية االدارية هو ان عبئ االثبات يقع على المتضرر الذي عليه اقامة الدليل على وجود الخطا المرفقي و العالقة السببية بينه و بين
الضرر.
– الخطأ المفترض:
لقد أدى التطور العلمي و التكنــــــــولوجي الى جعل وسائل االثبات التقليدية قاصرة على تحديد المسؤوليات بشأنها، لذا اصبح القـــــاضي االداري ال يتردد في اعتماد
الخطا المفترض.
و قد تم اقرار الخطأ المفترض في مجال المضار
العرضية لالشغال العامة الالحقة بمستعملي المرفق . كما تم اقرار الخطا المفترض في مجال التعفن السريري داخل
المستشفيات العمومية .
282لشعب محفوظ،، المسؤولية االدارية في القانون االداري، ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر، بدون سنة نشر،ص ..65
ب- نظام المسؤولية بدون خطأ:
ان لقضية ” بالنكو” الشهيرة دور في تحديد
المسؤولية اإلدارية حيث أكدت أنه ال يمكن أن تحكمها
المبادئ التي يقررها القانون المدني بين األفراد.283
وبالتالي فهي ليست عامة وال مطلقة كما سبق
اإلشارة إليها من قبل، وعليه فالمسؤولية اإلدارية بدون خطأ هي من وضع القاضي اإلداري واجتهاده وكذا صيغتها وسبب وجودها راجع لتلك الحركة الفقهية التي هاجمت بقوة النظرية التقليدية القائمة على عدم مسؤولية
الدولة، أو – مسؤولية الدولة على أساس الخطأ-
فالي جانب المسؤولية المبنية على الخطأ يكرس
القانون االداري نظام مسؤولية موضوعي ينتفي فيه
الخطأ.
و يشمل هذا النظام:
-1 نظام المسؤولية اإلدارية بدون خطا من اجل
مضار األشغال العامة:
لم يعرف المشرع االداري مفهوم االشغال العامة. و قد اعتبر القاضي االداري ان االشغال العامة هي
االشغال العقارية التي يتم انجازها لحساب شخص عمومي
تحقيقا للمصلحة العامة.
و يمكنان مضار االشغال العامة عرضية تحصل
عند وقوع حوادث تكون نتيجة قيام أو عدم قيام االدارة
بهذا النوع من األشغال كانهيار مبنى عمومي أو خلل في
283لشعب محفوظ،، المسؤولية االدارية في القانون االداري، ديوان المطبوعات
الجامعية، الجزائر، بدون سنة نشر،ص ..68
أو الماء الصالح للشراب أو
الشبكات العمومية للطرقات
الغاز الطبيعي أو التطهير..
و يعفي هذا النظام المتضررمن اثبات الخطا.
و يمكن ان تكون مضار االشغال العامة مستمرة.
وهي تلك التي متوقعة دون امكانية تفادي حصولها بحكم ارتباطها البديهي بطبيعة االشغال و منها ما تنتهي اثارها
بانجازها ومنها ما تتواصل بعد االنجاز.
-2 نظام المسؤولية بدون خطا المبني على
المخاطر المحدثة:
و تدخل ضمنها:
– المخاطر االستثنائية:
تعتبر المخاطراالستثنائية للجوار اول تطبيقات نظرية المخاطر في القانون االداري. و تعني ان االدارة تكون مسؤولة عن االشياء التي تمثل خطراعلى سالمة االفراد وممتلكاتهم عندما تتجاوز المضار الناتجة عنها الضررالعادي الذي تفرضه الحياة في المجتمع كالمتفجرات التي يشكل وجودها خطورة استنائية على
المناطق المجاورة المفتوحة للعموم.284
– األشياء الخطرة:
– تعتبر المحكمة االدارية في هذا المجــــــال” ان
السالح الناري الذي تضعه االدارة بين ايدي اعوانها من االشياء الخطرة التي يترتب عن االضرار العرضي الناتجة عنها للغير انعقاد مسؤولية االدارة المبنية على
284محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008،ص
.45
المخاطر طبقا لمقتضى الفصل 17 جديد من قانون
المحكمة االدارية.285” و قد قضت بالتعويض لورثة عون
امن كان ضحية حادث طلق ناري من طرف زميله خطا.
اعتمدت المحكمة االدارية نفس الفكرة عند نظرها في قضايا التعويــــض عن المضــار الناتجة عن التجمهر
و احداث الشغب بالطرق و الساحات العمومية.
– الطرق الخطرة:
كما تندرج في نفس النظام المظار الناتجة عن
الطرق الخطرة للغير ، لذا جرى العمل على تعويض االضرار الناجمة عنها دون اشتراط الخطا في جانب االدارة . و من بين هذه الطرق تلك التي اصبحت تتوالها
الهياكل االستشفائية و االصالحية286 ….
و قد اعتمدت المحكمة االدارية هذه الفكرة بخصوص مسالة التعويض للمتضررين من اجل االصابة
بفقدان المناعة نتيجة تزويدهم بالدم الملوث.
-3 المتعاون المجاني مع المرفق:
و قد طرحت مسالة وضع المتعاونين المجانيين مع
بمنـــاسبة مدهم يد
المرافق عندما يتعرضـــون لضرر
المساعدة لالدارة.
و قد اعترف فقه القضاء اإلداري للمتعاون المجاني
أساس المسؤولية الموضوعية
بالحق في التعويض على
بدون خطا.
285 م ا ، 23 فيفري 2001،عد 1/6720، ورثة هنيدة/ م ع ن د في حق وزارة
الداخلية، غير منشور 286محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.45
و لقد اصبح القاضي االداري يكتفي بتوفر شرط
أن يكون
أن يشترط
الضرورة في التدخل للمتعاون دون
ذلك نتيجة الموافقة الصريحة لالدارة.
-4 المسؤولية بدون خطا من أجل اإلخالل بمبدأ
المساواة أمام األعباء العامة:
يقصد باالخالل بمبدأ المساواة امام االعباء العامة ان
على االدارة ان تدفع التعويض المناسب عندما تؤول أعمالها الى تحميل شخص اومجموعة محدودة من االشخاص اعباء جسيمةو غير عادية ال طاقة لهم على
تحملها بمفردهم.287
و يتعلق مجال التعويض عن المضار الناجمة عن
القرارات االدارية الشرعية و عن المضار النتتجة عن امتناع االدارة من استعمال سلطاتها لدافع من المصلحة
العامة.
– المسؤولية بدون خطا من اجل األعمال اإلدارية
الشرعية:
اذا تسبب عن تنفيذ القرارات االدارية الشرعية
تحميل أحد االفراد اومجموعة منهم عبئا ثقيال يحق لهم
طلب التعويض.
و قد استقر فقه القضاء االداري على قبول دعاوى
أجل األعمال االدارية غير
المسؤولية بدون خطا من
الشرعية.
و قد وردت أولى تطبيقــــــــــــاتها في قرار “نيوني بروديسون” الصــــــادر عن المحكمة االدارية سنة 1989
287محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008،ص
.56
و التي اعتبرت فيه” على فرض ان االدارة كانت محقة في اتخاذ قرارها فان ذلك ال يغنيها عن تعويض الخسارة االستثنائية التي تخرج عن طاقة ما يمكن تحمله في صالح
المجموعة.288“
– المسؤولية بدون خطا من اجل رفض تنفيذ
األحكام القضائية:
في حالة رفض االدارة تقديم يد المساعدة للمحكوم له الذي يستنجد بها لتنفيذ أحكامه يحق له مطالبتها بالتعويض
دون حاجة الثبات الخطأ في جانبها.
الفقرة الثانية: النظام القانوني للضرر: التعويـــــــــض
يقتضي التعويض وجود الضرر {أ} و يتم بعدة
طرق {ب.}
أ- وجود الضرر
يجب أن يكون الفعل الضـــــــــار مسند إلى االدارة و ثابت أو محقق الوقوع و شخصي و مباشر و خـــــاص
و غير عادي.289
-1 الفعل الضار المسند الى االدارة:
يجب أن يكون الفعل الضار مسندا إلى اإلدارة حتى
يتسنى للمتضررالمطالبة بالتعويض.
288 م ا، 12 جوان 1989، شركة ن. بروديسون/ م ع ن د في حق وزارة الشؤون
الثقافية. 289محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008،ص
.45
-2 الضرر الثابت أو محقق الوقوع:
الضرر الثابت هو الذي يصيب المتضرر في حقوقه او في ماله سواء حاصال بصفة نهائية او كان محقق
الوقوع في المستقبل، اما الضرر المحتمل فال يعتد به.
-3 الضرر الشخصي و الضرر المباشر:
ال يمكن التعويض اال لمن تضرر شخصيا من الفعل
الضار. كما يجب ان يكون الضرر مباشر اي يجب ان تكون هناك رابطة مباشرة بين الضرر و بين الفعل
الضار.
-4 الضرر الخاص و الضرر غير العادي:
الضرر الخاص هو الضرر الذي يلحق بفرد واحد
او بعدد محدود من األفراد.
أما الضرر غير العادي فهو الضرر الفادح و الجسيم
الذي يتجاوز حجمه ما يمكن ان يتحمله المتضرر.
و يشمل التعويض عن الضرر المـــادي و المعنوي
و الجمالي.290
-5 العالقة السببية:
يجب على المتضرر اثبات الفعل الضار في جانب
االدارة و تسببها مباشرة في حصول الضرر. و يعفى المتضرر من اثبات الخطأ في حالة المسؤولية المبنية على
الخطأ المفترض.
290محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.43
أن السبب
اذا ثبت
و تعفى االدارة من التعويض
المؤدي للمضرة أجنبي مثل القوة القاهرة أو مجهول مثل
األمر الطارئ أو أنه ناتج عن خطا المتضرر أو عن فعل
الغير.
ب- طرق التعويض:
يجب أن يكون التعويض مالي و شامل و نهائي.
-1 التعويـــــض المالي:
أن يحكم بالتعويض أن يكون في شكل
ال يمكن للقاضي االداري
العيني. و التعويض المالي يمكن
راسمال أو في شكل جراية عمرية .
كما توظف على المبالغ المالية فوائض قانونية
تحتسب من تاريخ الحكم291 .
-2 التعويـــــض الشامل:
يجب ان يشمل التعويض جميع أوجه الضرر.
تقضي
أن المحكمة ال
إلى
و لكن تجدر االشارة
بالتعويض اال في حدود طلبات القائم بالدعوى، كما أنها ال تعوض اال في حدود الضرر الفعلي و الحقيقي الحاصل
للمتضرر.
و يراعي القاضي االداري في تقديره القيمة الزائدة
التي قد تحصل للمتضرر من العمل االداري.292
291 الفصل 1100 م ا ع.
292 م ا، 8 جويلية 1982، قضية عدد 166 ، بلدية قليبية/ محمد صالح خوجة.
-3 تعويض نهائي:
يتسم التعويض بصبغته النهائية فال يجوز مراجعته
أن يكون ذلك راجع
اال في حالة تفاقم الضررو بشرط
للسبب األصلي المؤدي للمضرة.
و يقع تقدير الغرامة في تاريخ القيام بالدعوى.293
293 م ا، 18 مارس 1976، قضية عدد 29، الحليوي/ م ع ن د في حق وزارة الصحة.
الجزء الخامس:
اإلثبــــــات في المادة اإلدارية
يتميز القانون االداري بحداثة نشأته خاصة إذا ما
قورن بفروع القانون االخرى كالقانون الجنائي و القانون المدني و القانون التجاري، ففي فرنسا التي هي الموطن
األم للقانون
االداري بمعناه الفنيالكامل لم يظهر هذا القانون إال
في أواخر القرن الثامن عشر و لم يتماسك بنيانه اال خالل القرن التاسع عشر ثم خالل النصف األول من القرن العشرين مع استمراره في النمو بعد الحرب العالمية
الثانية.
و يعتبر القانون االداري التونسي المعتمد انطالقا
من النموذج الفرنسي قانونا مستوردا من أساسه و الذيتم تركيزه في تونس بصفة تدريجية إلى أن تدعم و تركز
بصورة متينة بعد االستقالل294 .
فالقانون اإلداري بمفهومه الواسع هو مجموعة
القواعد القانونية التي تحكم االدارة العامة سواء كانت هذه
القواعد منتمية إلى القانون العام أو إلى القانون الخاص، بل يمكن أن تكون هذه القواعد منتمية فقط إلى القانون
الخاص، أما في مفهومه الضيق فهو مجموعة القواعد
القانونية المتميزة أو المختلفة عن قواعد القــــانون الخاص و التي تحكم االدارة العمومية من حيث تنظيمها و من
حيث نشاطها بما يترتب علىهذا النشاط من منازعات .
294محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.78
وفي هذا االطار يشكل القضاء االداري أحد
الموضوعات االساسية للقانون االداري الذي و كما عرفناه ليس فقط القانون الذي يحكم تنظيم االدارة و نشاطها و إنما أيضا القانون الذي يحكم جوانب عدة في المنازعات التي
تنشأ بين االدارة و االفراد.295
و يمكن تعريف القضاء االداري بأنه القضاء الذي يختصبالمنازعات االدارية التي تكون االدارة طرفا فيـــها و التي في اغلب االوقات نجدها محتلة مركزا أقوى من الطرف منظورها نضرا لما تتمتع به من امتيازات السلطة العامة في حيــــن أن الطرف االخر يحتل مركز الضعف و نضرا لهذا التفاوت الـــــــصاخب بين المتقاضين فان
القاضي االداري و خالفا لما هو عليه.
القاضي العدلي فإننا نجده محتكما لما له من سلطات
واسعة للبحث و االستقراءالستجالء الحقيقة بوضوح متخل بذلك عن الحياد المفروض للقاضي العدلي متخذا كل التدابير للبحث عن الحجج و تقديرها متجاوزا لمبدأ البينة على من ادعى و ذلك من خالل مطالبة االدارة و التي غالبا ما تكون في إطار النزاع االداري في مركز المدعى عليه، بإثبات الوسائل التي تفند اتهامها و يمكن للقاضي االداري أيضا إن ادعى ذلك االمر االذن بإجراء أبحاث
يرى أنها ضرورية الستكمال البحث .
و على هذا االساس فان القضاء االداري هو قضاء غير مقيد بالقوانين الواردة بقانون المرافعـــــــات المدنية و التجارية و ما يحتويه من إجراءات استقصائية بما يفسح
للقاضي االداري مجاال واسعا للتعامل مع وسائل االثبات
تفتيشيا كالذي يتوخاه القـــــــاضي الجزائي
كشفيا،
تعامال
295توفيق بوعشبة ، مبادئ القانون االداري التونسي ، الطبعة الثانية منقحة ومزيدة
تونس، ص .52
منعرجا بالنزاع في إطار القضاء االداري من النظام
االتهامي إلى النظام االستقرائي .
و تكمن بالتالي أهمية االثبات في انه يمكن أحد
طرفي الخصومة من كسب الدعوى فالمحكمة المتعهدة بالنزاع تقضي لصالح أحد االطراف بعد أن تمحص أدلة االثبات المقدمة إليها و هي في ذلك تجتهد لترجح االدلة
المقدمة إليها لتأخذ بوسيلة إثبات دون أخرى296 .
و على هذا االساس يمكن تعريف االثبات بكونه
إقامة الدليل أمام القضاء على وجود واقعة قانونية تعدأساسا لحق مدعى به و ذلك بالكيفية و الطرق التي يحددها القانون.و في تعريف آخر مشابه لهذا فاالثبات هو إقامة الدليل على حقيقة أو صحة أمر فهو تأكيد شيء بأي برهان أو دليل، و االثبات القضائي هو تأكيدحق متنازع
فيه باالدلة التي يجيزها القانون297 .
و تجدر االشارة أن االثبـــــــات في النزاع االداري و خالفا للنزاع المدني بدأ ينعرج من صبغته الموضوعية و القائمة على مبدأ البينة على من ادعى إلى صبغته الذاتية المرتكزة على قناعاته الشخصية و الخاضعة لوجدانه الخالص و ذلك الثبات جهة الحق التي تتوقف على تقديم الخصوم ما لهم من أدلة مثبتة الصل الحق ذلك أن الشخص الذي يعجز عن تقديم الدليل على ما يدعيه يخسر دعواه، لذلك تتفق النظم على أنالحق الذي لم يقم عليه دليل
هو و العدم سواء298 .
296محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.79
297توفيق بوعشبة ، مبادئ القانون االداري التونسي ، الطبعة الثانية منقحة ومزيدة
تونس، ص .54 298محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.81
و لئن دأب المشرع التونسي منذ إصدار مجلة المرافعات المدنية و التجارية من خالل مختلف التنقيحات التي أتت عليها من تحديد بكل دقة للنظام القانوني لالثبات في المادة المدنية بان أتى على حصرها و بين منظومتها فأتى على تبيان من تحمل عليه البينة وتحديد سلطات القاضي فان هذا االمر بدا مخالفا لما هوعليه في النزاعات االدارية الذي و أمام غياب منظومة متكاملة لالثبات قد أتى على اعتماد نظام قانوني مستقل به حيث يعتمد على االثبات الحر الذي أقصى كل ما من شأنه أن يعطل كشف الحقيقة.إال أن القاضي االداري رغم تمتعه بنوع من الحرية و االستقاللية في اعتماد القوانين الواردة بالقانون المدني فانه يجد نفسه أحيانا ملزما باالخذ بها و ذلك نظرا النها تخدم النزاع و تعمل على إثبات الحق وهو ما يخلق تكامال بين هذين الصنفين من القضاء العدلي و االداري الذي يتجسد أساسا في االزدواجيةالقضائية التي تخلق مسألة تنازع االختصــــــــاص بين جهتي القضاء العدلي و االداري التي حسمها المشرع من خالل إصدار قانونين أساسيين و هما القانون عدد38 لسنة 1996 المؤرخ في 3
المتعلق بتوزيع االختصاص بين المحاكم
1996
جوان
العدلية و المحكمة االدارية و إحداث مجلس تنازع
المتعلق
1996
لسنة
االختصاص و كذلك القانون عدد39
بتنقيح و إتمام القـــــانون عدد40 لسنة 1972 المؤرخ في
المتعلق بالمحكمة االدارية و ذلك بإعادة
1972
1 جوان
تنظيم االختصاص الراجع إلى كل من المحـــــاكم العدلية و المحكمة االدارية بخصوص النزاعات التي تكون
االدارة طرفا فيها.299
أن جوهر التكامل بين هذين الصنفين من القضاء في الحقيقة يرجع إلى حداثة القانون االداريفهو قانون حديث
299توفيق بوعشبة ، مبادئ القانون االداري التونسي ، الطبعة الثانية منقحة ومزيدة
تونس، ص .55
نسبيا لم يلق العناية الفائقة لتحديد قوانين تشريعية لقواعد إثبات خاصة به مثلما كان عليه االمر في القانون الخاص هذا إلى جانب التسليم بانطباق المبادئ العامة للقانون الخاص على جميع النزاعات االدارية إذن فهذه االستقاللية ال يمكن أن تحجب عنا حقيقة العالقة الجدلية و التي مفادها التكامل بين هذين الفرعين من القانون و لجوء القاضي االداري إلى مجلة المرافعات المدنية و التجارية أو غيرها من القوانين االجرائية عند الحاجة و لمصلحة القضاء وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن النظام القانوني لالثبات المعتمد
لدى القاضي االداري ؟ .
لذلك سنتطرق إلى مبحثين أساسيين سنحاول في المبحث االول بسط خصوصية وسائل االثبات المعتمدة لدى القاضي االداري و في مبحث ثاني إلى الصالحيات
المخولة له .
المبحث األول:
خصوصية وسائل اإلثبات لدى القاضي
اإلداري.
إن مسألة تنظيم القضاء االداري التونسي تدعو إلى النظر في مؤسسة المحكمة االدارية التي هي جهة القضاء االداري العليا بالنسبة للدولة التونسية والتي يجسد وجودها في استقالل القضاء اإلداري عن القضاء العدلي. إال أننا نجد القضاء اإلداري غير منظم في إطار هيكل قضائي متكامل وبما أن الجهة القضائية اإلدارية األساسية تنحصر في مؤسسة المحكمة االدارية وإن كانت محاكم النواحي والمحاكم االبتدائية العدلية تتقمص ثوب القاضي االداري عندما تنظر ابتدائيا في المنازعات االدارية ومع وجود بعض الهيئات أو اللجان التي تعد في حكم الجهة القضائية
االدارية فإن دراسة تنظيم القضاء االداري يجبأن ترتكز
خصوصا على مؤسسة المحكمة االدارية .
وفي هذا االتجاه يمكن القول بأن المحكمة تمثل منظومة قائمة بذاتها نظرا لما يرتبط بها من اختصاصات ونظرا لما تلتزم به من إجراءات قضائية مميزة للقضاء
االداري ونظرا أيضا لنوعية االعضاء الذين يؤدون في
نطاقها وظيفة الفصل في المنازعات االدارية بما معناه وجود قضاء إداري مستقل عن القضاء العدلي الخاص بحيث تكون المحكمة االدارية مختصة لوحدها بنزاع تكون االدارة طرفا فيه معتمدة الثبات الحق فيه بين متنازعين متفاوتين أي نظام قانوني خاص باالثباتال يعتمد مبدأ إثبات موحد بينه وبين القضاء العدلي الخاص بل نظام له خصوصية مستندا إلى وسائل أثبات يعتمد فيها القاضي
االداري إلى االثبات الحر.300
إال أنه ورغم تأكيد المشرع على مبدأ االزدواجية
القضائية في ظل تنقيحاته المتتالية على قانون غرة جافي 1972 نالحظ وأن هذه االستقاللية لم تأت مطلقة301، إذ في كل مرة نجد المشرع مؤكدا على منهج توزيع االختصاص بين الهر ْمين القضائيين االداري والعدلي ليضيف نوعا من التكامل بينهما لذلك فإننا نجد القاضي االداري على عكس القاضي العدلي معتمدا على وجدانه وقناعته لتحقيق العدالة والحفاظ على المصلحة العامة وذلك بتكريس مبدأ حرية االثبات {الفقرة األولى} إال أنه تجدر االشارة أنه بالرغم من استقاللية القضاء االداري عن القضاء العدلي فإن القاضي االداري يبقي دائما في حاجة إلى القواعد القانونية
300مصطفى صخري ، المرافعات المدنية والتجارية واالدارية والجبائية : دراسة نظرية
وتطبيقية لقانون التونسي والقانون المقارن : الطبعة االولى تونس ، .2001، ص .69 301مصطفى صخري ، المرافعات المدنية والتجارية واالدارية والجبائية : دراسة نظرية
وتطبيقية لقانون التونسي والقانون المقارن : الطبعة االولى تونس ، .2001، ص .70
المدرجة بالقانون الخاص مما يخلق تكامال بين القضاء االداري والقضاء العدلي من حيث وسائل االثبات المعتمدة من قبل القــــاضي االداري والقــــــاضي العدلي {المبحث
الثاني.}
الفقرة األولى : تكريس مبدأ حرية اإلثبات
رغم تأثر القانون االداري بمبادئ القانون الخاص
إال أنه يتمتع باستقالله الذاتي وقد ترجمت هذه االستقاللية وهذه الخصوصية من خالل تفريده بنزاعات خاصة وذلك بتحديد اختصاص جهة القضاء االداري بالنسبة لبعض االصناف من النزاعات بقوانين خاصة وذلك باالعتماد على وسائل إثبات تعكس مبدأ االثبات الحر التي تعود إلى عدة ممرات تاريخية وأخري موضوعية {أ} التي تمظهرت على صعيد االختصاص الكلي للمحكمة االدارية
وعموما في مجال القضاء الكامل {ب.}
أ- مبررات مبدأ حرية االثبات:
على عكس القاضي العدلي الذي يخضع أثناء فصله
في النزاع المتعهد به إلى النظام القــــــــانوني المقنن والمفروض عليه في النطق بأحكــــــام القانون الخاص فإن القاضي االداري أتي على تجاوز هذا النوع من النظام القانوني وذلك من خالل ما تميز به القانون االداري منذ نشأته }1{ وذلك الن القانون اإلداري على عكس القانون الخاص يجمع دائما بين خصمين متفاوتين تكون فيها االدارة دائما طرفا قويا في كل نزاع إداري نظرا لما تتمتع به من خصائص السلطة العامة والتي تكون في أغلب
االحيان بمركز الطرف المدعى عليه .}2{
-1 حداثة نشأة القانون االداري:
ينفرد القانون االداري ببعض الخصوصيات التي
تميزه عن فروع القانون االخرى فهو فضال عن كونه حديث النشأة فهو قانون قابل للتطوير وإذا نظرنا في مراحل تركيز القانون االداري في تونس وهذا من خالل التطور التاريخي لهذا االخير المكاننا مالحظة أن هذا النوع من القانون تم إدخال شيئا فشيئا ثم وقع تدعيمه وتركيزه بصورة متينة في القضاء التونسي وذلك بوضع نظام رقابة يعتمد على جهاز موحدأسند فيه للمحاكم العدلية
اختصاص النظر في النزاعات التي تنشأ بين االدارة
1959
واالفراد في إطار قضاء التعويض .
ثم وبعد االستقالل اكتفي دستور غرة جوان
بالنص على المحكمة االدارية جاعالمنها إحدى هيأتي مجلس الدولة دون أن يحدد اختصاص أو اختصاصات هذه المحكمة فكان من الطبيعي تحديد ذلك موكوال للمشرع الذي أتى على سن القوانين االلزامة لذلك، فكان أن أتى
بالتنصيص على اختصاص
1972
قانون غرة جوان
وطرق عمل هذه المحكمة لكنه لم يأت على تحديدها بكل دقة أما في خصوص االثبات ونظامه القانوني فإن المحكمة غالب ما اعتمدت في قضائها ما أتت عليه مجلة
المرافعات المدنية والتجارية.302
غير أن هذه المرحلة من االستقاللية التامة لقضاء
المحكمة االدارية في اعتماد نظام خصوصي لالثباتيتماشي وطبيعة النزاع لديها. و قد أتى عليه قانون 3 جوان 1996 بأن وضع له حدودا نظرا لما فرضه من تقنين لالجراءات لديه من جهة ومن جهة أخرى لما وقع من استكمال
302مصطفى صخري ، المرافعات المدنية والتجارية واالدارية والجبائية : دراسة نظرية
وتطبيقية لقانون التونسي والقانون المقارن : الطبعة االولى تونس ، .2001، ص .79
ألجهزتها القضائية ، ولقد تم تنقيح القانون المتعلق بها
ومراجعته بصورة كاملة بالقانون االساسي عدد 39 لسنة
وذلك ليجعل من
1996
جوان
المؤرخ في 3
1996
القضاء االداري قضاءا مستقال بذاته يكون في غنى عن اللجوء إلى مجلة المرافعات المدنية والتجارية من خالل خلق فقه قضاء يساعد على فهم نصوص القانون االساسي وبالتالي فإذا كان فقه القضاء يتمثل أساسا في الحلول التي يتوصل إليها القاضي االداري عند فصله في المنازعات االدارية فإن فقه القضاء االداري هو الذي يعلن عن المبادئ العامة للقانون والتي تشكل بدورها مصدر منمصادر القانون االداري ويتميز بالتالي بقابليته للتطوير وذلك بحسب مستجدات ومتطلبات األوضاع ووفق ما
تقتضيه المصلحة العامة .
إن حداثة نشأة القانون االداري مقارنة ببعض فروع
القانون االخرى كالقانون الجنائي أو القانون المدني أو القانون التجاري جعلت من قواعده غير مدونة في نص تشريعي واحد يكون شامال لجميعالقواعد الكلية والجزائية التي تحكم تنظيم االدارة العامة ونشاطها ومنازعاتها على نحو يبرز انسجام تلك القواعد في إطار نظرية عامة متناسقة فما نجده في مجال القانون االداري هو مجموعة
من النصوص 2 التشريعية المتناثرة تضاف إليها نسبة
ملحوظة من القواعد القانونية غير المكتوبة .
وهو ما جعله يتميز عن بقية فروع القانون الخاص مستقال عنها ولكن هذا االستقالل النسبي للقانون االداري لم يكن في الحقيقة إال بسبب ما أثبتته التجربة وكون بعض نصوص القانون المدني ال تتالءم مع المستلزمات الخاصة بسير المرافق العمومية وليس هناك من شك في صعوبة تطبيقها في إدارة العالقات بين المرافق العمومية واألفراد
وذلك لتباين الحاالت بينهما .
يخضع بالتالي االطراف المتنازعة التي لم يحددها ولم يحصرها القانون إلى اعتماد وسائل إثبات حرة تهدف
إلى توسيع قناعة القاضي االداري فتخضع بالتالي إلى
رقابته وتقديره لمدى جدية تلك الوسائل المقدمة من قبل االطراف سعيا منه الثبات الحق المتنازع فيه لذلك فإنها تتميز عن تلك الوسائل المقننة والمنحصرة في القانون الخاص لتنتقل بذلك من نظام االثبات المقنن إلى نظام
االثبات المعنوي.303
هذه الحرية في االثبات التي يتميز بها القانون
االداري أتت بغاية إعادة التوازن بين أطراف النزاع المثار التي غالبا ما تكون غير متساوية إذ تكون االدارة الطرف االقوى بينما يكون مركز منظوريها في مرتبة أقل وذلك لالعتبارات المتأتية من خصوصية مركز االدارة وما تتمتع به من امتيازات السلطة العامة لذلك فان القضاء االداري نجده غير مقيد بوسيلة معينة من وسائل االثبات
يكون قد نص عليها القانون الخاص .
ويمكن أن نذكر في هذا السياق بأن المحكمة االدارية
كانت قد أ ّكدت في قرارها الصادر بشأن القضية عدد 43
مرزوق ضدّ الدولة التونسية
1977
7 جويلية
بتاريخ
ممثلة في شخص المكلف العام بنزاعات الدولة ، أن في مادة القضاء االداري عامة يجوز اااللتجاء إلى جميع طرق االثبات دون التقيد بأحكام مجلة المرافعات الدنية
والتجارية » وحيث أن محكمة البداية أخطأت لما ثبتت
أحكام الفصل 12 من م م م ت لالمتناع عن سماع بينة
المستأنف بعلة أن هذا االجراء يعد من باب تكوين حجة
للمدّعي ذلك أنه في مادة الخصام االداري من الجائر أن يقع االلتجاء إلى جميع طرق االثبات دون التقيد بأحكام
303مصطفى صخري ، المرافعات المدنية والتجارية واالدارية والجبائية : دراسة نظرية
وتطبيقية لقانون التونسي والقانون المقارن : الطبعة االولى تونس ، .2001، ص .89
مجلة المرافقات المدنية والتجارية وفقا الحكام الفصل
»إلى
1888
27 نوفمبر
الثاني من االمر المؤرخ في
جانب ما يتمتع به القضاء االداري من خصوصية على
مستوى وسائل االثبات المعتمدة الخاضعة لمبدأ االثبات الحر المتأتية من طبيعة النزاع القائم من االدارة التي يتأرجح مركزها بين مدعية ومدعي عليها وبين الطرف االخر منظورها فإنها بالتالي أصبحت تتمتع كذلك
باستقاللية قضائها االداري حيال القضاء العدلي الخاص .
-2 طبيعة النزاع االداري:
طالما وأن خصوصية وطبيعة النزاع االاري تقتضي اختصاص المحكمة االدارية بكل أطوار التقاضي بها ، تكون االدارة فيها أحد متقاضيها السيما وأن القانون االداري هو جملة تلك القواعد القانونية المتميزة والمختلفة عن قواعد القانون الخاص والتي تحكم االدارة العمومية من حيث تنظيمها ومن حيث نشاطها بما يترتب على هذا النشاط من منازعات تكون متماشية مع طبيعتها و مع وظائفها ومع مقاصدها التي تتخلص في تحقيق المصلحة العامة األمر الذي يفرض أال تعامل االدارة كما يعامل
االفراد304 .
1996
38 لسنة
وبصدور القانون االساسي عدد
المتعلقة بتوزيع االختصاص
1996
3 جوان
المؤرخ في
بين المحكمتين العدلية واالدارية وإحداث مجلس تنازع
االختصاص وكذلك القانون عدد 39 المنقح بقانون
المحكمة االدارية حيث أصبحت هذه االخيرة ذات اختصاص شامل في بعض الدعاوى والنزاعات االدارية وذلك ابتدائيا واستئنافا كذلك تعقيبيا مما جعل وسائل
304مصطفى صخري ، المرافعات المدنية والتجارية واالدارية والجبائية : دراسة نظرية
وتطبيقية لقانون التونسي والقانون المقارن : الطبعة االولى تونس ، .2001، ص .99
االثبات المعتمدة لدى القاضي االداري تخضع إلى نظام
االثبات الحر .
إن قواعد القانون االداري هي قواعد متغيرة وغير مثبتة إذ هي قواعد مرنة تطور حسب المستجدات وطبق ما تتطلبه المصلحة العامة مما يجعله مختلفا نوعيا عن فروع القانون الخاص بحيثيرتكز باالساس على فكرة عدم التوازن بين أطراف النزاع من ذلك أن االدارة تتواجد في مرتبة أعلى من األطراف منظوريها في النزاع مما يكسبه خصوصية لما لالدارة من سلطات في اتخاذ قرارات نافذة
.
إذا كان النزاع االداري نزاع حول المرافق العامة
ويكتسي نشاط االدارة حسب فقه قضاء المحكمة االدارية صبغة مرفق عام إذا ما تعلق بهدف المصلحة العامة تديرها هيئة مكلفة بإدارة شخص معنوي تابع للقانون العام تتمتع بصفتها بمميزات غير مألوفة بالقانون الخاص وإذا ما توفرت تلك الشروط وجد المرفق العام. غير أن هذا ال يكفي حتى تعود النزاعات المتعلقة بالمرفق موضوع النزاع إلى نظام القانونالعام أي يكون النشاط ، نشاط السلطة العامة وبتوفر تلك المعايير يصبح مقتضاها ذلك النزاع مقيدا بقوانين إجرائية خاصة وعليه يحتكم القاضي االداري لفض النزاع إلى أحكام مجلة المرافعات المدنية والتجارية كمبادئ عامة وفقط في صورة عدم وجود نص خاص بالقانون االداري، طالما لم تتعارضنصا وروحا مع
ما جاء به من قواعد وأحكام خاصة305 .
وبالتالي فإن القاضي االداري غير ملزم بااللتجاء
إلى أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية إذ أنه ال
305عياض بن عاشور ، القضاء االداري وفقه المرفقات المرافعات االدارية في تونس،
سيراس للنشر، ص .78
يلجئ إليها باعتبارها ملزمة له وإنما باعتبار أن تلك االحكام نفسها تقتضيها طبيعة القضاء االداري وبالتالي فإن على القاضي االداري أن يستوحي مبادئ القانون االداري وعالقات وروابط القانون العام لتحديد الحلول المناسبة التي تتماشي مع ما هو معروض عليه في النزاع
القاضي في استعمال نظام إثبات
وذلك من خالل حرية
دون غيره.
إن النزاع االداري الذي يقتضي دوما أن يكون أحد
طرفيه شخصا معنويا عاما ويمثله بصفته هذهالتي تبيح له بعض مظاهر السلطة العامة التي سواء تمثلت في مقدرته على التزام الغير بإرادته المنفردة عن طريق ما يصدره
من قرارات إدارية والتي يمكن أن تنفذ مباشرة دون
الحاجة إلى استصدار أحكام قضائية، أو ما يتمتع به من سلطة االستيالء ونزع الملكية من أجل المصلحة العامة أو تضمين مايبرمه من عقود إدارية شروط استثنائية غير مألوفة في أحكام القانون الخاص، فهذا النزاع االداري يدور موضوعه حول حق من الحقوق االدارية يكفلها المشرع لالشخاص لحماية حقوقهم من خالل التعهد بمهمة الفصل فيها إلى قاضي متخصص وذلك المكانية مواجهة
االدارة عن طريق القضاء306 .
ب- مظاهر مبدأ حرية االثبات:
إن المنازعات االدارية كغيرها من المنازعات
االخرى ال يمكن للقاضي أن يتدخل فيها من تلقاء نفسه
وإنما ال بدّ من تحريكها من أحد أطراف الخصومة ويكون المدّعى عادة وذلك ليفصح عن إرادته فيااللتجاء إلى القضاء لحماية مركز قانوني له ضدّ اعتداء أو تعسف
306عياض بن عاشور ، القضاء االداري وفقه المرفقات المرافعات االدارية في تونس،
سيراس للنشر، ص .79
االدارة ويبرز ذلك إما من خالل تجاوز االدارة لتلك السلطة التي بعهدتها أو عدم مطابقة أو مالئمة القرار المتخذ من قبل االدارة لالحكام القانونية الموضعية أو االجرائية المنبثقة عن الدستور أو االتفاق الدولي أو القانوني أو المبدأ العام للقانونأو من القرارات االدارية االعلى منه درجة في سلم القرارات االدارية أي سلم
الشرعية الداخلي307 .
وبالتالي يكفي أن يكون للطاعن مصلحة ما في إلغاء القرار االداري حتى يكون طعنه مقبوال من حيث شروط المصلحة إذ يعتمد القضاء االداري مفهوما واسعا مرنا للمصلحة في التقاضي كلما تعلق االمر بدعوى تجاوز السلطة }1{ كذلك يمكن إذا ما ثبت الضرر الذي تكون االدارة قد ألحقته بأحداالشخاص أو بمجموعة من االشخاص الحصول على تعويض في شكل مبلغ مالي
جبرا للضرر وذلك عن طريق دعوى التعويض .}2{
-1 على مستوى دعاوى االلغاء:
يتبلور مبدأ االثبات الحر من خالل االختصاص الكلي للمحكمة االلدارية على مستوى دعوى تجاوز السلطة التي ركزها المشروع التونسي انطالقا من القانون
المتعلق
1972
جوان
بتاريخ 1
1972
40 لسنة
عدد
بالمحكمة اإلدارية التي عرفها بأنها الدعوى التي ترفع إلى المحكمة االدارية بهدف الحصول على إلغاء قرار صادر عن إحدى السلط االدارية بناء على ادعاء بأن هذا القرار جاء مخالفاللمشروعية وعليه فإن المدعي يكفي له إثبات وجود مصلحة للقيام بالطعن دون تكون هناك صلة
307محمد رضاء جنيح ،القانون اإلداري,الطبعةالثانية,مركز النشر الجامعي2008، ص
.74
مباشرأو شخصية بين المصلحة و القرار تبقى في الحقيقة
متعلقة بتقدير القاضي .
كذلك تقدير مدى إثبات المدعي منظور االدارة
لتوفير الشروط الالزمة للقرار المطالب إلغاءه وذلك من
كونه أحديا، موجودا وقابال للتنفيذ وأن يكون له أثر ثابت
على مصالح أو حقوق الغير وأن ال يكون خاضعا لنظام قضائي آخر منفصل عنه وأخيرا بإثبات كونه قرار غير شرعي مضرا بمصلحته ال سيما وأن القرار االداري مبني على قرينة الشرعية أي أنه مفترض فيه احترام للقوانين ينتج عنه سالمة مبناه المادي أي شرعية الوقائع التي تأسس عليها القرار وكذلك سالمة مبناه القصد بما معناه الهدف الذي حمل االدارة على اتخاذ هذا القرار السيما وأن يفترض في القرار غير المسبب أنه قائم على سببه الصحيح وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على
. 308ذلك
أن دعوى تجاوز السلطة ليست دعوى يتقابل فيها
طرفان بل هي دعوى تتميز بكونها تبرز طرفا واحدا وهو القائم بالدعوى من جهة وقرار إداري صادر عن سلطة إدارية من جهة أخرى لذا نجد أن فقه القانون االداري أخذ منذ مدّة في إدخال تعديل على المقولة التي بمقتضاها ينظر إلى دعوى تجاوز السلطة كقضية مرفوعة على قرار إداري وليس على السلطة االدارية ذاتها ويعتبر جانب من الفقه أيضا أن دعوىتجاوز السلطة تضع في العالقة طرفين
تبرزهما القضية المعروضة على القاضي االداري .
ويسعى القاضي االداري ضمن هذا الصنف من
الدعاوي إلى إلغاء أو نقض القرار االداري دون أن تكون
308عياض بن عاشور ، القضاء االداري وفقه المرفقات المرافعات االدارية في تونس،
سيراس للنشر، ص .88
له السلطة التقديرية لتقدير الوقائع وال حتى تقييم السلطة التقديرية الراجعة لالدارة وإنما له فقط أن يعتمد وسائل االثبات المقدمة من االطراف منظوري االدارة والبحث في مدى قدرتها على إثبات جانب التعسف باتخاذها ذلك القرار بحيث تكون الوسائل المقدمة متعلقة فقط بشرعية القرارات االدارية ومخولة لرفع دعوى االلغاء في حاالت معينة قد
حصرها المشرع في الفصل السابع من القانون غدد 40
لسنة 1972وهي أن تكون االدارة طرفا مدعي عليها غير
مختصة أو خرقت الصيغ الشكلية الجوهرية أوأخطأت في تطبيق قاعدة من القواعد القانونية وإما أن تكون قد
انحرفت بالسلطة أو باالجراءات .فيكون بذلك على
االطراف المدعية منظوري االدارة إثبات وجود ذلك
القرار المخدوش فيه وكذلك إثبات المصلحة للقائم بها، وبالتالي فإن كل احتجاج أمام المحكمة االدارية بانحراف االدارة بالسلطة يجب أن يكون معلال أي على مدعيه إثباته
وعلى المحكمة االدارية استنتاج وجوده من أوراق ملف
القضية ومن خالل عملها االستقرائي للدعوى المرفوعة لديها وذلك باعتماد القاضي االداري للمنهج االستقصائي يرتكز على مذهب االثبات الحر وتتأكد هذه الحرية باعتماد وسائل غير تلك التي يعتمدها القاضي العدلي الثبات النزاع االداري وهو ما أتي على تحجيره الفصل 3
3 جوان
1996المؤرخ في
لسنة
من القانون عدد 38
1996 الذي نص أنه “ليس للمحاكم العدلية أن تنظرفي
المطالب الرامية إلى إلغاء المقررات االدارية أو االذن بأي وسيلة من وسائل لتعطيل عمل االدارة أو تعطيل سير
المرافق العمومية309. ” .
وقد تم تنقيح هذا القانون بالقانون عدد 1 لسنة 2002
المؤرخ في 4 فيفري 2002 والذي جاء ليؤكد منطوق ذلك
309عياض بن عاشور ، القضاء االداري وفقه المرفقات المرافعات االدارية في تونس،
سيراس للنشر، ص .79
القانون بصيغة جديدة مفادها وان المحكمة االدارية تختص بالنظر في دعاوى تجاوز السلطة التي ترفع اللغاء المقررات الصادرة في المادة االدارية بحيث يختص القاضي االداري فقط بنزاع يهدف إلى إلغاء مقرر إداري ينتهج فيه منهج البحث واالستقرار، طالما وأن هذا الصنف
من الدعاوي يعود باالختصاص الكلي للمحكمة االدارية .
-2 على مستوى دعاوى التعويض:
ان دعوى التعويض والمتمثلة أساسا في دعوى
المسؤولية تهدف إلى الحصول على تعويض في شكل مبلغ مالي جبرا للضرر الذي تكون االدارة قد ألحقت بأحد االشخاص أو بمجموعة من االشخاص وما من شك أن دعوى التعويض هي أحد أبرز الدعاوي في ميدان القضاء
االداري إلى جانب دعوىتجاوز السلطة .
ولقد كان منشأ دعاوى التعويض أمر 27 نوفمبر
1888 والذي وقع نسخه بالقانون عدد 39 والمؤرخ في 3 جوان 1996 مؤكدا على أن هذا النوع من الدعاوى يهدف في حقيقة االمر إلى استرجاع الحقوق وتنفيذ االلتزامات وهي دعاوى يرجى من ورائها االعتراف بما للمتقاضي في القضاء االداري منحقوق والتزامات أو امتيازات سواء
أم كانت
كانت عقدية أو شبه عقدية أو مترتبة عن جنح
أحادية310 .
إن القضاء الكامل هو قضاء حقوقي يتعين فيه على
القاضي أن يوازن بين طرفين متنازعين في حقوقهما إذ يستوجب نظره في الواقع وفي القانون أي النظر في مدى إخالل االدارة الحد التزاماتها التعاقدية أو أضرارها التي ألحقتها بالمدعي بسبب أشغالها العمومية التي أذنت بها أو
310سليمان مرقس ، أصول االثبات وإجراءاته في المواد المدنية من القانون المصري
مقارنا سائر البالد العربية ، عالم الكتب القاهرة 1981، ص .96
بمناسبة أعمالها االدارية غير الشرعية، ثم يكون العمل القضائي والبحث في النصوص القانونية الواجبة التطبيق
على موضوع النزاع بحسب االحوال وطبيعة النزاع، فالوقائع لها تأثير خاص وحاسم على تطبيق القانون وذلك
لالثبات والقاضي يكتشفها بمقتضى منهجيته التي تعتمد
شتّى وسائل االثبات المادية والغير المادية الوقائع التي هي عبارة عن االحداث التي تشكل مالبسات القضية التي انبنى عليها خطأ االدارة وذلك لتحقيق تحكيم حصول ذلك الخطأ وأوصافه ليستند عليها القاضي االداري لتحقيق
تحكيم شامل من حيثالوقائع ومن حيث القانون .ومنه فان
على المدعي في إطار القضاء الكامل إقامة الدليل على الوقائع أما ما صعب منها فهو غير ملزم بها ويبقى
للقاضي االداري مهمته النظر في ذلك .
و نظرا وان القضاء الكامل هو أوال وبالذات قضاء حقوقي مزدوج الطبيعة يعتمد على جانب إقصائي كنتيجة لتفاوت طرفي النزاع من جهة وهو اتهامي لطبيعته الحقوقية من جهة أخرى وبالتالي يتعين على القضاء أن يوازن بين طرفيه المتفاوتين. ومن ذلك فان االدارة تعتبر تلقائيا كطرف أعلى من الفرد. وفكرة علوية االدارة على أفراد المجتمع تشكل جوهر الفلسفة التي يقوم عليها القانون االداري الذيبني عليها ضرورة توفير قانون خاص باالدارة حتى ال يقع إخضاعها لذات القانون الذي يحكم عالقاتاالفراد وسائر أشخاص القانون الخاص فيما بينهم .لذلك فان حرية االطراف في اللجوء إلى حرية االثبات في القضاء االداري هي حرية كاملة نظرا لغياب عنصر تقنين تلك الوسائل من جهة وغياب تقيد القاضي االداري بحدود من جهة أخرى وبالتالي فإنه على العارض أن يثبت في إطار دعوى التعويض ارتكاب االدارة للخطأ إذا كانت المسؤولية المثارة غير مبنية على خطأ أو إذا كانت هذه المسؤولية متمخضة عن أضرار مرتبطة بأشغال عمومية
فان المتقاضي المتقدم بدعوى في التعويض ال يطالب
بإثبات خطأ ما ارتكبته االدارة وإنما عليه فقط أن بين وجود عالقة بين الضرر الحاصل وعمل أو فعل أو تصرف االدارة وبصورة عامة ومهما كانت الحالة فان االثبات يمكن أن يتم في مادة دعوى التعويض بجميع الوسائل وللقاضي أن يتدخل أيضا من أجل التواصل إلى إثبات المطلوب كما للقاضي أيضا أن يلجأ إلى االختبار إذا اقتضت الحالة ذلك311 .وقد أكدت المحكمة االدارية في هذا
الصدد في قرارها الصــــــــــــادر بشأن القضية عدد 43
مرزوق ضدّ الدولة التونسية
1977
7 جويلية
بتاريخ
ممثلة في شخص المكلف العام بنزاعات الدولة أن في مادة القضاء االداري عامة يجوز االلتجاء إلى طرق االثبات دون التقيد بأحكام م مم ت “وحيث أن عملية الهدم المذكور هي بعكس العقود من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بجميع الوسائل … “وحيث أن المتناع عن سماع بينة المستأنف بعلة أن ّ محكمة البداية أخطأت لما تبنت أحكام الفصل 12 من م م م ت بعلة ان هذا االجراء يعد من باب تكوين حجة المدعي، ذلك انه مادة الخصام االداري من الجائز أن يقع االلتجاء إلى جميع طرق االثبات دون التقيد بأحكام م مم ت وفقا ألحكام الفصل الثاني من األمر
المؤرخ في 27 2188 .
ولكن رغما عن االختالف بين نظريات ومفاهيم
القانون االداري عن القانون العدلي الخاص وذلك من حيث اعتماده لنظرية االثبات الحر فان ذلك ال يحول دون وجود عالقة بين هاذين الهرمين االداري والعدلي حيث استوعب فيها القانون االداري بعض القواعد القانونية
المتعلقة بالقانون الخاص وكذلك منخالل لجوء القاضي
المدني إلى الحلول المعتمدة من قبل القاضي االداري لذلك
311سليمان مرقس ، أصول االثبات وإجراءاته في المواد المدنية من القانون المصري
مقارنا سائر البالد العربية ، عالم الكتب القاهرة 1981، ص .97
فانه من الواضح وجود تكامل على عدة مستويات بين
هذين الصنفين من القانون .
الفقرة الثانية : تكامل وسائل االثبات بين القضاء االداري والقضاء العدلي
إن االزدواجية القضائية بما معناه وجود محكمة إدارية بصورة موازية للمحاكم العدلية على اختالف درجاتها ال يحول دون اختصاص هذه االخيرة بالنزاعات التي قد تنشأ بين األفراد واإلدارة وهو ما يدعو القاضي االداري بدوره إلى التدخل في بعض النزاعات المدنية من جهة واللجوء إلى بعض الوسائل المعتمدة في القانون المدني الستقراء الحقيقة والتحقيق في الدعوى المعروضة عليه في إطار القضاء االداري ومنه فان التكامل بين القضاء االداري والقضاء العدلي ال يترتب بالضرورة عن وجود قانون عام منفصل عن القانون الخاص ولو نظريا وجود هيئة قضائية إدارية منفصلة عن الهيئة القضائية
العدلية.312
نجد أن القاضي االداري بصدد تطبيق إما النص
الخاص إن وجد وإما االلتزام بتطبيق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتبارها الشريعة العامة في االجراءات القضائية فان وجد النص القانوني فعليه تطبيقه وإن افتقد للنص فمن حقه بل من واجبه االجتهاد باختيار الحلول وإرساء النظريات الجديدة في مجال االجراءات القضائية وبالتالي ليس عليه أن يرجع إلى نصوص المرافعات بل له أن يستأنس بها وان يعتنقها إذا رأى صالحياتها لتطبيقها على النزاع المعروض أمامه وإذا اقتنع أيضا أنها تتعارض مع طبيعة أو جوهر ذلك النزاع
312سليمان مرقس ، أصول االثبات وإجراءاته في المواد المدنية من القانون المصري
مقارنا سائر البالد العربية ، عالم الكتب القاهرة 1981، ص .98
بحيث ال يكون رجوع القاضي االداري إلى قواعد
المرافعات المدنية و التجارية اال بمثابة االستثناء و ليسس على سبيل االلزام.و بالتاليفاننا نجد القانون االداري و القنون المدني مرتبطان من حيث االختصاص {أ} وكذلك من حيث وسائل االثبات المعتمدة من قبل القاضيين
االداري والعدلي {ب.}
أ- من حيث االختصاص:
يقصد باالختصاص هنا هو االختصاص الوظيفي الذي يتمثل في توزيع العمل بين مختلف الهيئات القضائية في الدولة ويمكن أن نميز في تونس بين القضاء العادي العدلي والقضاء االداري إال انه ورغم تأكيد هذا االخير على استقالليته ورغم تأكيد المشرع من خالل تنقيح
39 على االختصاص الكلي
و 38
بالقانونين عدد
1996
للمحكمة االدارية في مادّة النزاعات االدارية فإن ذلك لن يحول دون إسناد بعض من ذلك االختصاص إلى المحاكم العدلية للنظر فيها ابتدائيا }1{ مما جعل االختصاص
للمحكمة االدارية استئنافيا وتعقيبيا.}2{
-1 اختصاص المحاكم العدلية بالنزاعات االدارية:
لقد استقرت التقاليد الفقه قضائية على جعل بعض االصناف من المنازعات االدارية من اختصاص القاضي العدلي و من الضروري االشارة في هذا الخصوص إلى استئثار القاضي العدلياالداري بأصناف معينة من
المنازعات إالدارية313 .
وقد أتى التنقيح الجديد للقانون االساسي عدد 10
بفصله الثاني
2003
فيفري
المؤرخ في 15
2003
لسنة
313سليمان مرقس ، أصول االثبات وإجراءاته في المواد المدنية من القانون المصري
مقارنا سائر البالد العربية ، عالم الكتب القاهرة 1981، ص .93
فقرة أخيرة جديدة ناصا على االختصاص للمحاكم العدلية بالنظر في جميع ما ينشأ من نزاعات بين صناديق الضمان االجتماعي ومستحقي المنافع االجتماعية والجرايات والمؤجرين أو االدارات التي ينتمي إليها االعوان في شأن تطبيق االنظمة القانونية للجرايات والضمان االجتماعي باستثناء المقررات القابلة للطعن من اجل تجاوز السلطة والدعاوى المرفوعة ضدّ الدولة في مادة المسؤولية االدارية المنصوص عليها بالفقرة االولى من الفصل االول
من هذا القانون .إلى جانب ذلك تختص المحاكم العدلية
بالبت في دعاوى التعويض ضدّ االدارة إذ نجد محكمة الناحية مختصة بالبت في دعاوى التعويض عن حوادث الشغل و االمراض المهنية وذلك عمال بأحكام القانون عدد
والمتعلق
1995
28 جوان
المؤرخ في
1995
56 لسنة
بالنظام الخاص بالتعويض عن االضرار بسبب حوادث
الشغل واالمراض المهنية في القطاع العام314 .
ولقد تعرض المشرع صلب القانون المذكور
للنزاعات القضائية إذ ورد
إلى 47
بالفصول من 43
بالفصل 43 المشار إليه أن قاضي الناحية يختص بالنظر
في النزعات الناتجة عن حوادث الشغل واالمراض المهنية وجبر االضرار الناجمة عنهامهما كان مقدار الطلب أو
موضوع الدعوى .ب واالضافة إلى ذلك يختص القاضي
العدلي بالبت في الدعاوى المتعلقة بالتعويض عن حوادث العربات والوسائل المتحركة مهما كان نوعها الراجعة لالدارة حسب تعبير المشرع بالفقرة الثانية من الفصل
المؤرخ في 3
1996
لسنة
االول من القانون عدد 38
المتعلق بتوزيع االختصاص بين المحاكم
1996
جوان
العدلية والمحاكم االدارية وإحداث مجلس لتنازع االختصاص وبالتالي فان المحاكم العدلية هي التي تبت في
314سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
المعهد االعلى للقضاء .1992-1991تونس،ص .65
دعاوي التعويض سواء كان ابتدائيا أو استئنافيا أو تعقيبيا . وبالتالي فان المحاكم العدلية موكل لها النظر في الدعاوى المرفوعة للحصول على تعويض عن العقارات المنتزعة للمصلحة العامة وتستمد المحاكم العدلية هذا االختصاص
ابتدائيا من أحكام الفصل 30 من القانون عدد 85
لسنة1976 والذي ورد به ما يلي ” يكون النزاع ابتدائيا
من اختصاص المحكمة االبتدائية التي توجد بدائرتها
االمالك واستئنافيا وتعقيبيا لدى المحاكم االدارية طبق
1972
لسنة
أحكام الفصل الثاني من القانون عدد 40
المؤرخ في غرة جوان 1972 المتعلق بالمحكمة االدارية .
أما في خصوص القضايا المتعلقة بكف شغب االدارة فان
االختصاص الكلي للمحاكم العدلية بالنظر في مثل هذه
الدعاوى يعتريه بعض الغموض وذلك بالرجوع إلى فقه قضاء المحكمة االدارية فنالحظ هنا إن هذه المحكمة لم تعتمد موقفا واضحا بخصوص مدى اختصاصها في مادة كف شغباالدارة حيث تعتبر هذه المحكمة أن مثل هذه الدعاوى يعود إلى اختصاص القاضي االداري بالنظر وخصوصا في تلك الدعاوى التي تتصرف فيها االدارة تصرفا ماديا يستهدف النيل من الملكية الفردية والحريات
من مجلة الجباية يضبط
.
كما نجد الفصل 26
العامة
اختصاص المحكمة العدلية ابتدائيا الصادرة بالقانون عدد 1 لسنة 1997 والمؤرخ في 3 فيفري 1997 إذ نصت انه يمكن لكل طالب مطالب بالمعلوم تقديم طلب مراجعة المعلوم لدى محكمة الناحية المختصة ترابيا خالل اجل مدته ستون يوما ابتداء من تاريخ االعالم عن ختم عمليات االحصاء المشار إليه بالفصل التاسع من هذه المجلة أو انتهاء االجال المحددة البالغ قرارات لجنة المراجعة
بالنسبة لالعتراضات الواردة خارج عمليات االحصاء
المشار إليها بالفصل الخامس والعشرون من ذات المجلة .
ويستخلص مما تقدم أن حقيقة التكامل بين هذين الصنفين المتباينين من الصنف من القضاء هو اعتماد القاضي العدلي منهجية االثبات المقررة بمثل هذا الصنف من النزاعات إذ نجده لم يعد له االبقاء على فكرة عدم التوازن بين االطراف بل يتولد عن تعهده بالنزاع االداري إلى اختصاصه العدلي أنيحكمه النظام القانوني لالثبات المفروضة على النزاعات العدلية بحيث نجد االدارة تارة طرفا مدعيا وتارة أخرى مدعى عليها فيكون محمول عليها خطر عبء االثبات أمام القضاء العدلي بالرغم من
تمتعها بامتيازات السلطة العامة .ومع العلم فان هذا
التكامل بين القضاء العدلي و القضاء االداري ال يتضح فقط من خالل االختصاص الممنوح للقضاء العدلي لبعض النزاعات االدارية وذلك ابتدائيا واستئنافيا بعد أن اختصت
1996
3 جوان
كليا فلقد جاء التشريع الصادر بتاريخ
المتعلق بإعادة تنظيم القضاء االداري إذ نجده يضبط اختصاص المحاكم العدلية ابتدائيا وذلك في النزاعات
المتعلقة باالنتزاع من أجل المصلحة العامة315 .
-2 اختصاص المحاكم االدارية بالنزاعات المدنية:
وفقا للفصل االول من القانون عدد 38 لسنة 1996
المتعلق بتوزيع االختصاص
1996
جوان
المؤرخ في 3
بين المحاكم العدلية والمحكمة االدارية وإحداث مجلس لتنازع االختصاص فان المحكمة االدارية تختص بالنظر في دعاوى مسؤولية االدارة المنصوص عليها بالقانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخة في 1 جوان 1972 بما في ذلك الدعاوى المتعلقة باالستيالء على العقارات وكذلك مسؤولية الدولة التي تحل محل أعضاء التعليم العمومي في نطاق التشريع الجاري به العمل. كما نصت الفقرة الثانية
315سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
المعهد االعلى للقضاء .1992-1991تونس،ص .66
من الفصل الثاني من القانون عدد 38 السابق الذكر على
أن المحكمة االدارية تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بأعوان المنشآت العمومية الخاضعين للنظام االساسي العام للوظيفة العمومية أوالراجعين لنظر المحكمة االدارية
بمقتضى القانون .
إضافة لذالك فالمحكمة اإلدارية تختص بالنزاعات الناشئة عن الصندوق القومي للتقاعد والحيطة االجتماعية ومنخرطيه في مادة الجرايات والحيطة االجتماعية ويمكن
أن نستخلص أن أحكام الفصول من 2إلى 13 من القانون
1972
المؤرخ في غرة جوان
1972
40 لسنة
عدد
المؤرخ في غرة جوان 1972قد ضبطت اختصاصات
المحكمة االدارية ابتدائيا واستئنافيا وتعقيبيا .
لسنة
17 من القانون عدد 40
وقد حدد الفصل
1972 المؤرخ في غرة جوان 1972 مرجع نظر المحكمة االدارية ابتدائيا وذلك بان خص الدوائر االبتدائية بالنظر في دعاوى تجاوز السلطة التي ترفع اللغاء المقررات االدارية الصادرة في المادة االدارية وكذلك في الدعاوى
المتعلقة بالعقود االدارية .وتختص أيضا في الدعاوى
الرامية إلى جعل االدارة مدنية من اجل أعمالها االدارية غير الشرعية أو من اجل االشغال التي أذنت بها أو من اجل أضرار غير عادية ترتبت عن احد أنشطتها الخطرة كما تنظر في جميع الدعاوى ذات الصبغة االدارية
باستثناء ما اسند منها لمحاكم أخرى بقانون خاص316 .
أما في ما يتعلق باالختصاص الحكمي للمحكمة
االدارية استئنافيا فقد حدّد ذلك االختصاص الفصل 19من
المؤرخ في غرة جوان
1972
40 لسنة
القانون عدد
316سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
المعهد االعلى للقضاء .1992-1991تونس،ص .67
1972 الذي خص المحكمة االدارية بالنظر في : استئناف االحكام الصادرة عن الدوائر االبتدائية للمحكمة االدارية كما يعهد لها النظر في استئناف االحكام االبتدائية الصادرة عن المحاكم العدلية في المادة اإلدارية في نطاق اختصاص مسند لتلك المحاكم بقانون خاص وذلك ما لم ينص القانون المذكور صراحة على اختصاص المحاكم العدلية بالنظر استئنافيا في تلك االحكام . وكذلك تختص بالنظر في استئناف األذون واالحكام االستعجالية الصادرة في المادة االدارية المنصوص عليها في هذا القانون
لقد نظم المشرع التونسي إحكام الطعن بالتعقيب أمام المحكمة االدارية بالفصول من (67 جديد (إلى (76 جديد(
المؤرخ في غرة جوان
1972
لسنة
من القانون عدد 40
1972 المتعلق بالمحكمة االدارية والذي نص على أن
الطعن بالتعقيب يرفع بمقتضى مطلب يحرره محام لدى التعقيب ويقدم لكتابة المحكمة في اجل ثالثين يوما من تاريخ االعالم بالحكم المطعون فيه كما يجب أن يتضمن المطلب على أسماء االطراف وألقابهم ومقراتهم وعرض
الحكم
موجز لوقائع القضية والمطاعن الموجهة إلى
المطعون فيه.
ومنه فان مرجع نظر المحكمة االدارية تعقيبيا يكون في عدة طعون و منها الطعن الموجه ضد االحكام النهائية المتعلقة بتوظيف االداءات والمعاليم الراجعة للدولة و الجماعات المحلية وكذلك االحكام النهائية المتعلقة باسترجاع تلك االداءات والمعاليم وهوما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 11 ( جديد ( من القانون عدد 40
. وكذلك عمال
المنظم للمحكمة االدارية
1972
لسنة
39 لسنة 1996 المؤرخ في
11 من القانون عدد
بالفصل
فان المحكمة االدارية تتعهد بالنظر في
1996
3 جوان
الطعون المسلطة على االحكام النهائية الصادرة في مادة
االعتراضات على البطاقات التنفيذية المتعلقة باستخالص ديون الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية المخول لها قانونا استخالص ديونها بمقتضى بطاقة
تنفيذية.
وباالضافة إلى ذلك فان هذه في الطعن في قرارات
لجنة المنافسة وذلك حسب ما خوله الفصل 13 مكرر من
القانون عدد 40 االخيرة تبت بالتعقيب في الطعن الموجه
ضدّ قرارات المحاكم االستئنافية والمتعلق بالنزاعات في مختلف الهيئات المهنية وذلك عمال بأحكام الفصل 13 من
وأخيرا نجدها تنظر تعقيبيا
1972
لسنة
عدد 40
القانون
وكذلك النظر في الطعون الموجهة ضدّ
1972
لسنة
االحكام النهائية طبقا لما نص عليه الفصل 21 من القانون
عدد 40 لسنة 1972 2المنقح بالقانون االساسي عدد 79
.ورغم ما
2001
24 جويلية
المؤرخ في
2001
لسنة
توصل إليه القاضي االداري و رغم سعي المشرع إلى تحديد اختصاص كل من هيكلي القضاء االداري والعدلي بنزاعات يتفرد بها كل منهما إال أن وجود االزدواجية القضائية المتجسدة في وجود قضاء إداري بجوار جهة القضاء العدلي فانه يصعب في بعض االحيان معرفة ما إذا كان االختصاص منعقدا لجهة القضاء االداري أو لجهة
القضاء العدلي لذلك فقد جاء القانون عدد 38 لسنة1996
لتدارك هذا التداخل في
1996
جوان
المؤرخ في 3
االختصاص بمناسبة إعادة تنظيم القضاء االداري الحداث مجلس تنازع اللختصاص للنظر في النزاعات الناشئة بين المحكمتين وذلك باعتماد آليتين تتمثل االلية االولى وانه ” يمكن للمكلف العام بنزاعات الدولة وللجماعات المحلية والمنشآت العمومية في القضية التي يكونون طرفا فيها أن يدفع وفي مذكرة مستقلة ومعللة بعدم اختصاص إحدى المحاكم العدلية للنظر في هذه القضية استنادا إلى رجوع النظر فيها إلى المحكمة االدارية وتقدم المذكرة بعد اطالع
االطراف االخرى عليها، وال تقبل بعد حجز القضية للمفاوضة وتصدر المحكمة المتعهدة حكمها معلال يقضي بإرجاع النظر في القضية وإحالة ملفها على مجلس التنازع وال يقبل هذا الحكم أي وجه من أوجه الطعن ولو
بالتعقيب وال يمكن تقديم الدفع أمام محكمة التعقيب 317 .
وتسعى االدارة بهذه الصورة إلى أن تحقق امتيازها
القضائي بجعل المنازعة القائمة بينهما وبين الغير من اختصاص المحكمة االدارية وليس من اختصاص القضاء العدلي. أما اآللية الثانية فمفادها أن القرارات التي يصدرها مجلس تنازع االختصاص واجبة االتباع من قبل سائر
10 من القانون عدد 38
.طبقا ألحكام الفصل
المحاكم
المتعلق بتوزيع
1996
جوان
المؤرخ في 3
1996
لسنة
االختصاص بين المحاكم العدلية والمحكمة االدارية وإحداث مجلس تنازع االختصاص فان المجلس المذكور يتولى البت في مسألة االختصاص المعروضة عليه في اجل أقصاه شهران من تاريخ تعهده بالقضية وهذا االجل
المنصوص عليه بالفصل 10 من القانون المذكور يعد
أجال قصيرا ويهدف المشرع من وراء ذلك عدم تعطيل نظر المحاكم المتعهدة بالخصومة متى أثيرت أمامها مسألة
تتعلق باالختصاص.
ب- من حيث وسائل االثبات المعتمدة:
إن للقاضي االداري سلطات استثنائية ايجابية
مستمدة من الصفة االيجابية لالجراءات وبالتالي فانه يقوم بدور ايجابي في الدعوى االدارية بصفة عامة و في مجال االثبات بصفة خـــــاصة فالقـــــاضي هو الذي يحدد طرق االثبات المقبولة بحرية كاملة ويقدر مدى قوتها في
سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
.69 تونس،ص.1992-1991
المعهد االعلى للقضاء
317
االلثبات وبذلك يقوم نظام االثبات في القانون االداري على مبدأ االقتناع المطلق أو حرية االقتناع كما هو الحال أمام القضاء الجنائي وذلك من حيث االقتناع بالدليل ولكنه يزيد عنه من حيث جمع الدليل وتقديمه إذ يعتبر القانون االداري
أكثر حرية من القانون الجنائي بخصوص إقامة الدليل.318
على تحديد لوسائل
المشرع التونسي
لم يأت
ولئن
االثبات المعتمدة لدى القاضي االداري فإننا نجد هذا االخير غير مقيد باعتماد وسيلة معينة دون أخرى وإنما نجده معتمدا لوسائل االثبات الواردة بالقانون المدني خاصة في غياب ما يضاهيها بالقانون االداري والتي
تتماشى وطبيعة النزاع االداري فال شيءيمنع القاضي
االداري من اعتماد النصوص القانونية الواردة بالقانون الخاص لذلك فإننا نجد القانون العام والقانون الخاص يقتربان من بعضهما البعض ولكن في ظروف يعمل فيها القانون العام على حساب وبالتالي فان القاضي االداري القانون الخاص أو بعبارة أحسن على حساب ما يعبر عن مميزاته الخاصة ال يلجأ إلى اعتماد وسيلة إثبات دون أخرى إال متى عجزت االولى عن إقامة الدليل على ثبوت الحق .بناءا على ما حدده الفص 427 من مجلة االلتزامات والعقود فان القاضي االداري نجده تارة مستندا في دعواه إلى اعتماد كلي للوسائل المكتوبة نظرا لما لها قوة ثبوتية القامة الدليل على وجود جهة الحق }1{ وتارة أخرى محترزا في اعتماده لبقية الوسائل االخرى المذكورة بالفصل السابق بحيث يحدد اعتماده بحسب قدرتها على ترسيخ قناعة القاضي االداري ومدى أهميتها في إثبات
الحق المتنازع فيه .}2{
318سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
المعهد االعلى للقضاء .1992-1991تونس،ص.75
-1 اعتماد كلي للوسائل المكتوبة:
تعد وسائل االثبات المكتوبة وسائل إثبات هامة بما
أنها موثوقة تترك أثرا ماديا.319 ويمكن االحتجاج بها عند الحاجة الثبات المعامالت لما تتضمنه عادة من دقة في بيان االلتزامات ومنه فانه في إطار االدلة الكتابية يجب أن
نفرق بين الحجج الرسمية والحجج غير الرسمية. إال انه
يمكن الجزم أن وسائل االثبات المكتوبة هي من أنجع الوسائل المعتمدة في المادة االدارية لما توفره من دقة ووضوح تغني القاضي االداري عن اللجوء إلى وسائل
غيرها .وتختلف الحجج الكتابية من حيث قوتها الثبوتية
فإما أن تكون حججا رسمية وهي التي عرفها الفصل 442 من مجلة االلتزامات والعقود بأنها الحجة التي يتلقاها المأمورون المنتصبون لذلك قانونا في محل تحريرها على الصورة التي يقتضيها القانون ويستخلص من تعريف الحجة الرسمية أو السند الرسمي انه من المحتم توفر الشروط الثالثة حتى تعد الحجة كذلك إذ يجب تلقيها أو صدورها من موظف أو من في حكمه قانونا و أن تكون ضمن اختصاصه إلى جانب ذلك يجب تحرر الحجة وفقا لنص القانون .وبالتالي متى استوفت الحجة للشروط الثالث فهي تعد رسمية تلزم الكافة وال يمكن الطعن فيما احتوته إال بالزور مثلما ورد بفقه القضاء في ذلك المعنى “إن
الحجة الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من
أمور قام بها محررها في حدود مهمته دون حاجة إلى
االقرار بها ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا .
أما في ما يخص الحجج غير الرسمية فلم يعرفها المشرع التونسي عكس نظيره اللبناني الذي عرفها بالمادة
150 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تقول
319سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
المعهد االعلى للقضاء .1992-1991تونس،ص .69
“السند العادي هو السند ذي التوقيع الخاص ويعتبر صادرا عمن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط
أو توقيع أو بصمة إذاكان يجهل التوقيع .
وفي تعريف آخر للحجج غير الرسمية قد يكون أكثر
دقة من غيره يعرفها أحدهمبالقول : المحررات العرفية
هي المحررات الصادرة من االفراد دون أن يتدخل
موظف عام في تحريرهاوهي نوعان : محررات عرفية معدة لالثبات ومحررات عرفية غير معدة لالثبات
.وبالنسبة للحجج الرسمية المعدة لالثبات فقد عرفها
العالمة السنهوري بأنها أوراق أعدت مقدما لالثبات فهي أدلة مهيأة ولذلك تكون موقعة ممن هي حجة عليه . في حين أن الحجج العادية غير المعدة لالثبات من حيث االصل هي تلك التي ال تحمل عادة توقيع من صدرت عنه
ورغم ذلك فإنها تعد أدلةإثبات يمكن اعتمادها.
ولعل للكتب أهمية بالغة في اغلب المواد القانونية ففي مادة النزاع الجبائي حيث نجد القاضي االداري مؤكدا على ضرورة الكتب الثبات الصفقات العمومية المبرمة بين الدولة واالطراف بحيث يعتمد الكتب كشرط صحة
1989
لسنة
442
وكشرط إثبات إذ جاء باالمر عدد
محددا لمفهوم الصفقات
1989
22 أفريل
المؤرخ في
العمومية بالفصل 48 فعرفها بكونها “عقود كتابية تبرم من
طرف الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات
العمومية ذات الصبغة االدارية والمنشآت العمومية قصد إنشاء أشغال أو التزويد بمواد أو خدمات أو دراسات” وحيث وضع النص حدا لحرية االدارة في التعاقد بان فرض عليها إبرام صفقات عمومية في شأن طلبات
أو خدمات التي يفوق
االشغال والنقل والتزويد بمواد
مبلغها العشرون ألف دينار.320
إن الصفة الكتابية تغلب على االجراءات االدارية وال يعني ذلك انعدام الشفاهية أمام محاكم القضاء االداري إذ يسيطر مبدأ الشفاهية على المرافعات المدنية بحيث يسمح بتحقيق االتصال المباشر بين القاضي وأدلة االثبات ويقتصر دور الكتابة فيها على أعداد وتهيئة الدعوى
وتقديم صفتها أو ما يتطلب 4بتقديمه من سندات أو وثائق
أو مذكرات أو عند التدوين في محاضر الجلسات ، فاعتبرت خاصية الكتابة في االجراءات االدارية ذات صبغة آمرة ملزمة للقاضي بحيث ال يستطيع الخروج عنها إال إذا كان هناكنص صريح يبيح الشفاهية أمامه وحتى في حالة وجود مثل هذا النص فإنه يعد بمثابة استثناء ال ينبغي
التوسع فيه كي ال تفقد االجراءات االدارية طابعها الكتابي . كما أنه وفي المادة التجارية حيث نص الفصل 461 من م ا ع أنه يجب على التاجر وفي إطار ممارسته لتجارته أن يمسك بدفاتر حسابات يسجل فيه أرقام معامالته والتي
يمكن استعمالها كوسيلة إثبات321 .
من نفس المجلة أنه إذا
461
كذلك نص الفصل
تضمنت دفاتر التاجر تقييدا أو اعترافا بالكتابة من الفريق االخر أو وافق ذلك نظيرا بيده كان ذلك حجة تامة له وعليه إن الوسائل المكتوبة وفي هذا االطار حجية جوهرية ال يعتد لغيرها لدحض الوقائع لما لها من قوة ثبوتية مطلقة ترفع عن القاضي االلتجاء والبحث في غيرها من وسائل االثبات القانونية وهو نفس ما أنتهجه
320سمير الجبنوني ، االثبات بالشهادة في المادة المدنية والتجارية ، رسالة تخرج من
المعهد االعلى للقضاء .1992-1991تونس،ص.68
321مصطفى صخري ، المرافعات المدنية والتجارية واالدارية والجبائية ، دراسة نظرية وتطبيقية لقانون التونسي والقانون المقارن : الطبعة االولى تونس 2001، ص
.74
القاضي االداري بمناسبة نزاع بين أحد منظوري االدارة
وهذه االخيرة في مسألة تعلقت بمادة العقود االدارية فما
عدى مميزاته العضوية والشكلية والشروط الخاصة به وااللتزامات الخاصة المنجرة عنه فإن العقد االداري يخضع تماما لنظرية العقد في القانون المدني في تعريفه وتأويله وشروط تكوينه ومحل االلتزام الناشئ عنه وسبب االلتزام وجزاء االخالل بالشروط الوجوبية وأثار العقد الملزمة وكذلكجزاء عدم الوفاء بالعقد وخاصة بالمسؤولية العقدية واستثناءات المسؤولية كالقوة القاهرة أو فعل الدائن فنعت العقد بأنه إداري يتعلق باالختصاص الفضائي أكثر منه بمضمون العقد فإذا تقرر إختصاص القاضي االداري يتعين عليه أن يطبق على النزاع جملة االحكام المتعلقة به مهما كان نوعها فيأخذ بالقواعد المدنية واالستثناءات المنصوص عليها بالنصوص المقررة بفقه القضـــــــــــاء و باألحكام المدرجة فيالعقد ومنه فإنه حسب مقتضيات