الاقتصاد الأخضر في تونس: ضرورة وطنية لتحويل التحديات إلى فرص تنموية

في ظل التغيرات المناخية، الضغط على الموارد، وتفاقم نسب البطالة والفقر، يُعدّ الاقتصاد الأخضر خيارًا استراتيجيًا لتونس لتحقيق تنمية شاملة، بيئية، اجتماعية واقتصادية.
هذا التحول ليس فقط بيئيًا، بل هو مشروع إنقاذ اقتصادي واجتماعي من خلال خلق اقتصاد مقاوم ومستدام، يوفّر فرص عمل جديدة، ويخفّض التكاليف البيئية والطاقية، ويرفع من مردودية الموارد.
1. الوضع الحالي في تونس
– موارد طبيعية هامة ولكن غير مستغلة كفاية: شمس، رياح، تنوع بيئي، ساحل يمتد أكثر من 1300 كم.
– تراجع الفلاحة التقليدية بسبب التغيرات المناخية والجفاف.
– نقص في التكنولوجيا والتمويلات الصديقة للبيئة.
– تكدّس النفايات دون إعادة تدوير فعالة.
– محدودية في تكوين الشباب في المهن الخضراء.
– تشريعات غير مفعّلة أو غير متكاملة.
2. قطاعات واعدة في الاقتصاد الأخضر
– الطاقة المتجددة (الشمس، الرياح): يمكن أن تخلق آلاف الوظائف، وتخفض فاتورة الطاقة، وتفتح باب التصدير.
– الفلاحة الذكية والمستدامة: عبر تقنيات الري بالتنقيط، الاستغناء عن المبيدات، وتثمين المنتجات البيولوجية.
– معالجة النفايات والتدوير: قطاع مهم للبيئة ومجال خصب للاستثمار والتشغيل.
– السياحة البيئية: تطوير وجهات جديدة قائمة على البيئة والتراث الطبيعي.
– النقل المستدام: مشاريع الحافلات الكهربائية والدراجات في المدن الكبرى.
3. التحديات
– التمويل المحدود.
– غياب التنسيق بين الوزارات.
– نقص الإطار القانوني.
– ضعف التكوين المهني.
– مقاومة القطاع التقليدي للتغيير.
4. الحلول التحفيزية المقترحة
أولاً: الحوافز المالية
– منح دعم مباشر للمشاريع الخضراء الناشئة.
– إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات على الشركات التي تستثمر في الطاقة النظيفة أو التدوير.
– تسهيل القروض الموجهة للمشاريع البيئية بفوائد منخفضة.
– صندوق وطني لدعم الاقتصاد الأخضر بشراكة مع البنوك والجهات المانحة.
ثانيًا: التكوين والتشغيل
– إنشاء مراكز تكوين في اختصاصات خضراء (طاقات متجددة، تدوير، زراعة بيولوجية).
– دمج الاقتصاد الأخضر في مناهج التعليم العالي والتكوين المهني.
– إطلاق برنامج “خدمة وطنية بيئية” لتشغيل الشباب في مشاريع بيئية محلية.
ثالثًا: الإطار القانوني والتنظيمي
– إصدار قانون شامل حول الاقتصاد الأخضر.
– تبسيط الإجراءات الإدارية للترخيص للمشاريع البيئية.
– تحفيز البلديات لتبنّي مشاريع صديقة للبيئة.
رابعًا: التواصل والتحسيس
– حملات وطنية للتوعية بأهمية الاقتصاد الأخضر.
– تشجيع الإعلام البيئي ودعمه بمحتوى موجه.
– إشراك المجتمع المدني في المشاريع البيئية.
5. تونس كمركز إقليمي للاقتصاد الأخضر
إذا تم تفعيل هذه الرؤية، يمكن لتونس أن تتحول إلى نموذج في المنطقة:
– لتصدير الطاقة النظيفة
– لتصنيع مكونات الطاقة الشمسية والرياح.
– لتصدير المنتجات البيولوجية والزراعية النقية.
الاقتصاد الأخضر ليس رفاهية بل هو حاجة ملحة، ومسؤولية وطنية. تونس أمام فرصة لتحويل مواردها الطبيعية إلى ثروة حقيقية، وخلق وظائف، وتحقيق السيادة الطاقية، والحد من الفقر والهشاشة.
الدولة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني مطالبون ببناء شراكة حقيقية من أجل تونس خضراء ومستقبل أكثر عدلاً وازدهارًا.