الرئيسيةتونسمقالات

الأرض تشهد ….والمرأة الريفية تزرع الامل الاحتفال باليوم العالمي للمراة الريفية  

  • الدكتورة عقيلة المليتي حرم بالطيب وتنجم تحط صورتي

في كل سنة يسطع نور 15 أكتوبر كتذكير عالمي بالمرأة الريفية التي تحمل على كتفيها عبء الأرض والاسرة ولقمة العيش .تزرع الامل في الوسط الريفي رغم كل الصعوبات وقلة الإمكانيات .هي عاملة في الحقول ،وحافظة للقيم والاصالة وصامدة أمام قسوة الطقس والحياة اليومية، لكنهاغالبا ما تواجه المتغيرات وتتنقل عبر وسائل النقل الغير آمنة ما يعرضها الى مخاطر الطريق .

اليوم العالمي للمرأة الريفية ليس مجرد احتفال شكلي بل فرصة للحكومات للتقدير الحقيقي ولتاكيد على أهمية حماية المراة الفلاحة ودعمها في كل المجالات من التعليم والرعاية الصحية والنفسية .انه يوم لالقاء الضوء على جهودها الصامدة المضنية والبطولية  وللتذكير بان دورها محوري وريادي في الأقطاب الريفية وركيزة لا غنى عنها في الاقتصاد الوطني للشعوب.

المراة الريفية بين العطاء والمخاطر :

في مثل هذا اليوم يجب ان نثمن مجهودات المراة الريفية الرافعة والدافعة  للتنمية وهي الركيزة لتأمين الامن الغذائي الوطني .تزرع وتحصد ،منحنية الظهر غير عابئة بالبرد القارس ولا بلسعة أشعة الشمس ،في خاطرها تؤمن قوت عائلتها ، تعمل بهمة ونشاط وتدرك انها قد لا تعود الى بيتها .خصوصا وانها تعلم انها تتنقل في وسائل النقل القديمة والمتهالكة وتعرف كذلك انها معرضة في كل يوم الى حوادث الطرقات ، فالسفر يبدأعلى طرق وعرة  من الساعة الرابعة صباحا .طرقات ملتوية بين سهل وجبل وحجر تترنح الشاحنة المعبئة بالنساء والفتيات آمن ان العمل هو الحياة وان الحياة هي الموت يسافرن كل يوم لتوفير قوتهن معرضات للحوادث في أي لحظة .وكلنا نتذكر حادثة تاكلسة من ولاية نابل لسنة 2024 ام وابنتها خرجتا في نفس الشاحنة تموت الفتاة وتعيش أمها  .اما الاخريات بين جريحات وبين ناجيات هذا الحادث يتكرر في كل الولايات .بين فاجعة وفاجعة تموت النساء وغالبا يغيب تامين حياة النساء ..والسؤول من يتكفل بأبناءها بعد الفناء ….تكفكف النساء دموعهن  لتعود من فجر الغد الى شاحنة الموت .هو القدر هو الفاعل والنساء مفعول بهن .

تتنقل النساء وسط وسائل النقل غاب فيه التامين عن الحوادث واصبحت هذه الوسائل رمزا للمخاطر اليومية التي تواجهها النساء والفتيات في كل دقيقة وفي كل يوم وفي كل ساعة دون ان ننسى لدغات الحيوانات السامة وخروج الحيوانات المفترسة. تشتغل النساء في بيئة غير آمنة وغير مجهزة غابت فيها وسائل الوقاية والحماية وتنعدم فيها خدمات الإسعاف والاسعافات الأولية .ان اليوم نؤكد ان تحسين وسائل النقل وضمان سلامة العاملات الفلاحات لم يعد ترفا، بل هو حق انساني وضرورة وطنية .

 شهادات من الواقع :

أمينة احدى العاملات في الوسط الريفي بولاية نابل تقول :

“نسافر كل يوم في شاحنة مهترئة ،واحيانا انظر الى صديقاتي يتعرضن لحوادث طرقات قبل ان يصلن الى الحقول رغم كل هذا ،نستمر في العمل لأننا نريد ان نؤمن لقمة عيش أطفالنا ،لكننابحاجة الى حماية فعلية وحياة اكثر امانا”

المرسوم الرئاسي لشهر مارس2025 خطوة مهمة نحو الحماية  :

اصدر سيادة الرئيس الأستاذ قيس سعيد في مارس 2025مرسوما رئاسيا لتفعيل منظومة وطنية لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف والاقصاء بما في ذلك النساء الريفيات .هذا المرسوم جاء لتعزيزالقانون الأساسي عدد58 لسنة 2017 ويوفر اطارا لحماية المراة من كل اشكال التهديد .

رغم أهمية هذا  المرسوم فان تطبيق الفعلي ما زال محدودا وضعيف ، والمراة الريفية ما زالت تعيش المخاطر اليومية  ما يجعل الاحتفال باليوم العالمي يبقى شعارا وندوات جوفاء تقام بإحدى النزل   نحن نريده مناسبة للتفكير في سبل جديدة وعمل جدي من الوزرات ذات العلاقة والنزول الى الميدان والاستماع لاحتياجات المراة في الوسط الريفي .واعادة روح جديدة للمجامع الريفية التي شهدت تراجع كبير في مردودها جراء توقف برامج وزارة الاسرة والمراة والطفولة وكبار السن في الدعم والمرافقة  .فبعض المجامع  اضمحلت وبعضها تشتغل في مقرات غير آمنة ومهددة بالسقوط .

 

الرسالة والواجب الوطني :

ان تكريم المراة في الوسط الريفي وتسليط الضوء على المخاطر اليومية التي تعيشها وتفعيل المرسوم الرئاسي على أرض الواقع هو واجب وطني وأخلاقي.

و الواجب الوطني اليوم يحتم علينا تطبيق منظومة حماية النساء والفتيات ونشرها على أوسع نطاق والنزول الى ميدان الموت من هذا المنطلق يصبح الاحتفال بالمراة الريفية ليس مجرد رمزا بل هو فرصة لتقييم السياسات وتعزيز الحماية وتحقيق التنمية المستدامة في الوسط الريفي.

فالمراة الريفية صمود على  الأرض والأرض تشهد ..والمراة الريفية تصنع الامل و الحياة .

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى